المملكة المتحدة تسجل فصل الربيع الأكثر دفئا على الإطلاق
شهدت المملكة المتحدة هذا العام فصل الربيع الأكثر دفئا على الإطلاق، كما كان هو الفصل السادس الأكثر جفافا منذ بدء التسجيل، حسبما أعلن مكتب الأرصاد الجوية اليوم الاثنين.
وأظهرت الأرقام المؤقتة أن متوسط درجة حرارة هذا الربيع البالغ 9,5 درجة مئوية كان أعلى من المتوسط المناخي طويل الأجل بمقدار 1,4 درجة مئوية، مما يجعله الأكثر دفئا منذ بدء التسجيل في عام 1884.
وقال المكتب إن ثمانية من فصول الربيع من أكثر 10 فصول دفئا في المملكة المتحدة حدثت منذ عام 2000، وجاءت أكثر ثلاثة فصول ربيع دفئا منذ عام 2017.
منذ أكثر من 100 عام
كما كانت المملكة المتحدة على الطريق لتسجيل أكثر فصول الربيع جفافا منذ أكثر من 100 عام في منتصف مايو/أيار الماضي، غير أن هطول الأمطار في الأسبوعين الماضيين جعله سادس فصول الربيع جفافا منذ عام 1836، حسبما ذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي ايه ميديا).
ومع تسجيل هطول بمعدل 128,2 مليمتر فقط من الأمطار، كان هذا الربيع أقل بنسبة 40% من المتوسط على المدى الطويل والأكثر جفافا في أكثر من 50 عاما.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة سيدتي
منذ ساعة واحدة
- مجلة سيدتي
أجنحة عربية تحلّق في بينالي البندقية 2025
انطلقت، بدايةَ مايو، النسخةُ الـ 19 من المعرضِ الدولي للعمارة، بينالي البندقيَّة 2025، وتستمرُّ إلى 23 نوفمبر المقبل بمشاركةِ 65 جناحاً دولياً، بما فيها أجنحةٌ فاعلةٌ لعددٍ من الدولِ العربيَّة. ويشهد المعرضُ تميُّزاً وتفوُّقاً لجناحِ مملكة البحرين، إذ حصدَ جائزةَ «الأسد الذهبي» خلال حفلِ الافتتاحِ الرسمي. إعداد:إيلين الرشماني يجمعُ المعرضُ، الذي يُنظَّم في موقعَين رئيسَين، هما Giardini ، وAsenale، إضافةً إلى 15 جناحاً، تنتشرُ وسطَ مدينةِ البندقيَّة في إيطاليا، أكثر من 750 مشاركاً، يُشكِّلون فرقاً متعدِّدةَ التخصُّصات ومتعدَّدةَ الأجيال، ما يجعلُ منه المعرضَ الأكبر في تاريخ البينالي. ويبحثُ المشاركون في الحدثِ مجموعةً من الموضوعاتِ المتنوِّعة، من بينها الذكاءُ الاصطناعي. وتضمُّ الفعاليَّةُ مشاركاتٍ للمهندسين المعماريين، والمهندسين الداخليين، وعلماءِ الرياضيَّات، وعلماءِ المناخ، وغيرهم من المتخصِّصين للجمعِ بين وجهاتِ نظرٍ عدة حول مسؤوليَّةِ الهندسةِ المعماريَّة للتكيُّفِ مع عالمٍ متغيِّرٍ حيث سيتمُّ تسليطُ الضوءِ على المفهومِ التقليدي للتأليفِ المعماري. 9 أجنحة عربية يشتملُ المعرضُ الدولي للعمارة، بينالي البندقيَّة ، على 65 جناحاً دولياً، وتسعة أجنحةٍ لبلدانٍ عربيَّةٍ، هي البحرين، ومصر، والكويت، ولبنان، والمغرب، وعمان، وقطر، والمملكة العربيَّة السعوديَّة، والإمارات العربيَّة المتَّحدة. طريقة تكيّف العمارة مع المستقبل يدورُ الموضوعُ الرئيسُ للمعرضِ الدولي للعمارة، بينالي البندقيَّة 2025، حول التكيُّف مع تغيُّرِ المناخ، فيما سيتعمَّقُ بالسيناريوهات المحتملة، مع الأخذِ في الاعتبارِ الظروفَ المناخيَّةَ المتوقَّعةَ في البندقيَّة خلال القرنِ المقبل، والتحوُّلاتِ السكَّانيَّة. ومن بين الموضوعاتِ التي تمَّ تناولها الفيضاناتُ الاصطناعيَّة، وتأثيرُ ديناميكيَّاتِ السكَّان على مدننا، والتداخلاتُ بين التخطيطِ الحضري وعلمِ الجراثيم. كذلك، يُسلِّط البينالي الضوءَ على أساليبِ استخدامِ الذكاءِ الاصطناعي في التخطيطِ الحضري، ويوضحُ كيفيَّةَ مساعدته في اكتشافِ النفاياتِ التي يمكن إعادةُ استخدامها في جهودِ إعادةِ البناء، وتحويلِ المدينةِ إلى مكانٍ للتعدين الحضري. المملكة العربية السعودية المشروع: «مدرسة أم سليم: نحو مفهوم معماري مترابط» The Um Slaim School: An Architecture of Connection المفهوم: يستعرضُ الجناحُ مبادرةَ «مختبر أم سليم» البحثيَّةِ في حي أم سليم وسطَ الرياض ، الذي يُجري فيه «مكتب سين معماريون» بحوثاً ميدانيَّةً، تُعنى بدراسةِ أساليبِ العمارة المحليَّةِ والتحوُّلات التي تشهدها العمارةُ النجديَّة. ويحملُ الجناحُ صيغةَ الأرشيف، وتتنوَّعُ المعروضاتُ فيه ما بين الصورِ الفوتوجرافيَّة التي تُوثِّق مناطقَ في العاصمةِ الرياض، تُظهِرُ حياةَ المجتمعاتِ السكَّانيَّة المختلفة، والخرائطِ التي تُسجِّل الأماكنَ التراثيَّةَ الباقية. المفوض: لجنة الهندسة المعماريَّة والتصميم، وزارة الثقافة القيِّم: بياتريس لينزا، بالتعاون مع القيِّمة المساعِدة سارة المطلق العارضون: «مكتب سين معماريون» ممثَّلاً بالمعماريتين سارة العيسى ونجود السديري الموقع: Arsenale يمكنك أيضًا الاطلاع على لأول مرة في الخليج.. استضافة حفل جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية 2025 في متحف اللوفر أبوظبي البحرين تفوز بـ «الأسد الذهبي» للمرة الثانية في يومِ الافتتاح، نُظِّمَ حفلٌ رسمي لتوزيعِ الجوائز، وقد منحت لجنةُ تحكيمٍ دوليَّةٌ مختارةٌ عديداً منها، بما في ذلك «الأسدُ الذهبي» لأفضلِ مشاركةٍ وطنيَّةٍ، و«الأسدُ الذهبي» لأفضلِ مشاركٍ في معرضِ Intelligens. Natural. Artificial. Collective، و«الأسدُ الفضي» لمشاركٍ شابٍّ واعدٍ. وفازَ جناحُ البحرين «موجة حر» بجائزةِ «الأسدِ الذهبي» عن فئةِ المشاركاتِ الوطنيَّة في المعرض، تسلَّمها الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة، رئيسُ هيئةِ البحرين للثقافةِ والآثار والمفوَّضُ العامُّ للجناح، في حضورِ عددٍ من أعضاءِ الفريق المُشارِك، من بينهم المهندسةُ نورة السايح، نائبةُ المفوَّض العام، والتي ستكون القيِّمةَ الفنيَّةَ على بينالي تصميم الدوحة 2026. وتعدُّ هذه المرَّةَ الثانيةَ التي تفوزُ فيها البحرين بجائزةِ «الأسدِ الذهبي» في البينالي، إذ كانت الأولى عامَ 2010. البحرين المشروع: «موجة حر» Heatwave المفهوم: يُقدِّم الجناحُ مقترحاً معمارياً لمواجهةِ التحدِّياتِ الناتجةِ عن ارتفاعِ درجاتِ الحرارة العالميَّة عبر نظامِ تبريدٍ خارجي سلبي مستوحى من تقنيَّاتِ التبريدِ التقليديَّة في البحرين. ويهدفُ المشروعُ إلى تعزيزِ القدرةِ على التكيُّفِ البيئي، وتحقيقِ الاستدامة، خاصَّةً في المناطقِ التي تشهدُ موجاتِ حرٍّ متزايدةً. ويعتمدُ التصميمُ على تركيبِ هيكلٍ معماري، يستخدمُ بئراً حراريَّةً، ومدخنةً شمسيَّةً لربطِ الرطوبةِ الأرضيَّة بالهواءِ الخارجي، ويُقدِّم نموذجاً قابلاً للتطبيقِ في بيئاتٍ حضريَّةٍ مختلفةٍ. المفوض: الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة، رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار المنسِّق: Andrea Faraguna العارضون: إيمان علي، عبدالله جناحي، ألكسندر بوزرين، كيتلين مولر، إدواردو جاكسون ألفاريز، جوناثان بريرلي، ليلى الشيخ، لطيفة الخياط، ليزلي نورفورد، ميثم المبارك، مريم الجميري، محمد سالم، باريس بيزانيس، فيولا تشانج ووفاء الغتم. كما شارك في تصميمِ هيكلِ الجناح كلٌّ من ألكسندر بوزرين، وماريو مونوتي. الموقع: Arsenale مصر الكويت المشروع: «كينونة» Kaynuna المفهوم: يستكشفُ المشروعُ التناقضَ بينَ الفضاءِ والزمانِ والمادةِ في تشكيلِ البيئاتِ، ويرغبُ في توضيحِ الجوانبِ الاجتماعيةِ والسياسيةِ والاقتصاديةِ. ويقترحُ إطارًا لتحقيقِ التوازنِ بينَ القيمِ الثقافيةِ والمنهجيةِ المستدامةِ، ويربطُ بينَ النظريةِ والممارسةِ لتحقيقِ تنميةٍ مرنةٍ ومحليةٍ. المفوض: عبدالعزيز المزيدي، رئيس قسم التصميم والتخطيط في المركز القيِّمون: حمد الخليفي، وناصر عاشور، ورباب ريس كاظم، ومحمد قاسم العارضون: أحمد المطوع، علياء علي، بتول عاشور، دلال الدايل، دانة المثقور، دانة الحسن، دانة المدهون، عيسى الفرحان، فاطمة الزيد، فاطمة السليمان، حسن المطروق، هيا الفضلي، هيا النيباري، حسين الكاظمي، خالد العنجري، خالد محمد، نور الخضر، قتيبة بويابس، سكينة مقيم، زينب مرتضوي، ديمة العتيبي، فاطمة الأربش، طيبة الزايد الموقع: Arsenale قطر المشروع: «بيتي بيتك» My home is your home المفهوم: يجسّدُ المشروعُ قيمَ الضيافةِ والصمودِ، ويعكسُ الأحلامَ المشتركةَ، فهو ليس مجرّد مبنَى معمارياً، بل مكاناً يحتضنُ الحوارَ، ويثيرُ الدهشةَ، ويفتحُ نوافذَ للعالمِ للمشاركةِ في حواراتٍ تسهمُ في تعزيزِ قيمِ السلامِ وتلهمُ مساراتِ التبادلِ الثقافيّ. المفوّض: الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيسُ مجلسِ أمناءِ متاحفِ قطر القيّمة: المعمارية اللبنانية لينا الغطمة الموقع: Giardini لبنان المشروع: «الأرض تتذكر» The Land Remembers المفهوم: إحياءُ الذاكرةِ الجماعيةِ حولَ أهمّيةِ الأرضِ أي الجذورُ والترابُ، وضرورةِ التجديدِ دائماً لكلّ ما يتعرّضُ الى التدميرِ لأنّ البشرَ في حاجةٍ ماسةٍ إلى رسالةِ أملٍ تعيدُ الأرضَ إلينا عبرَ التضامنِ بينها وبين البيئةِ، الطبيعةِ، الزراعةِ، الإنسانِ والعلومِ و العمارةِ والتنظيمِ المدنيّ لتضميدِ جروحِ الأرضِ وعودتِها إلى الناسِ. المفوض: جاد تابت، وزارة الثقافة القيِّمون: جمعية «كال»، وهي مجموعةٌ شبابيةٌ تضمّ 4 مهندسين معماريين: إدوار سعيد، شيرين دمر، الياس تامر، ولين شمعون الموقع: Arsenale عُمان الإمارات العربية المتحدة المشروع: «على نار هادئة» Pressure Cooker المفهوم: يستكشفُ المشروعُ كيف يمكن للعمارةِ أن تستجيبَ لتحدِّياتِ الأمنِ الغذائي في دولةِ الإمارات العربيَّة المتَّحدة ، خاصَّةً في البيئةِ الصحراويَّة، ما ينتجُ عنه مستقبلٌ قريبٌ، يدمجُ بين هذه التصاميمِ المبتكرة، والبيئةِ المعماريَّة، والحياةِ اليوميَّة. المفوض: مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان إشراف وتقييم: المعماريَّة عزة أبو علم، الأستاذة المساعدة بكلية الفنون والصناعات الإبداعيَّة في جامعة زايد الموقع: Arsenale


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
نجمة الاستعراض الفرنسية نيكول كرواسي تغادر الحياة عن 88 عاماً
لعلَّ كثيرين ما عادوا يذكرون اسمها، لكن أجيالاً من الفرنسيين يحفظون صوتها الهامس وهي تُصاحب موسيقى فيلم «رجل وامرأة» للمخرج كلود لولوش وتُدندن «دا با دا با دا...». إنها المغنّية والراقصة نيكول كرواسيّ نجمة الاستعراض التي رحلت، الأربعاء، عن 88 عاماً. وُلدت في حيّ باريسي راقٍ، وكان أبوها منظِّماً للرحلات ووالدتها عازفة بيانو هاوية. وقد نشأت الطفلة الوحيدة على سماع الموسيقى الكلاسيكية، وحلمت منذ صباها بالعمل في الفنّ رغم أنّ أباها عارض رغبتها. وفي سنّ البلوغ، اكتشفت مقاهي حيّ «السان جيرمان» ونوادي الجاز، وقالت في مقابلة معها إنها شعرت بأنها وُلدت مع تلك الموسيقى. استمالها سحر المسرح الاستعراضي الراقص منذ شبابها (أ.ف.ب) أخذت الصبية ذات الشعر الأشقر القصير دروساً في التمثيل مع مارسيل مارسو، نجم الفنّ الإيمائي، والتحقت بفرقته للقيام بجولة فنّية في أميركا الجنوبية، عام 1957، ثم في الولايات المتحدة، 1960. وهناك وقعت الممثلة الشابة تحت سحر المسرح الاستعراضي الراقص وانبهرت بالنجمات جودي غارلند، ومارلين ديتريش، وشيرلي ماكلين. كما تمكنت من الحصول على عقود عدّة للعمل هناك. لكن فرصتها الحقيقية جاءتها عند عودتها إلى باريس ولقائها بالمخرج كلود لولوش، عام 1966، الذي دعاها إلى أداء الأغنية الخاصة بفيلم جديد كان يصوّره، ولقي نجاحاً كبيراً، ونال سعفة مهرجان «كان» الذهبية. لقد حقَّقت الأغنية التي وضع موسيقاها فرنسيس لاي دوياً بفضل سهولة ترديدها واقتصارها على إيقاعات صوتية قليلة، فكان الشبان والبنات يدندنون «دا با دا با دا» في كل مكان. كان الشبان والبنات يدندنون «دا با دا با دا» في كل مكان (أ.ف.ب) لم تكتفِ نيكول كرواسيّ بالغناء، وإنما مثَّلت ورقصت وشاركت في استعراضات زملائها، وكانت مثل طائر الحجل الذي ضيَّع المشيتَيْن. وقفت مرات على مسرح «أولمبيا» العريق في السبعينات من القرن الماضي، وكانت تشجّع المواهب الجديدة؛ وفي إحدى حفلاتها فرضت وجود المغنّي المُبتدئ لويس شديد، ابن الأديبة الفرانكوفونية المصرية الأصل أندريه شديد. لكن نجمها خبا مع حلول الثمانينات، واقتصرت حفلاتها على تقديم موسيقى الجاز والأغنيات المُصاحبة للأفلام، يسمع المشاهدون صوتها ولا يرون صورتها. أدَّت كرواسيّ مختلف الأنواع الموسيقية، ولم يعرف لها الجمهور لوناً معيّناً. لم يكن لها مدير أعمال ولا منتج ولا شركة أسطوانات تحتكر نتاجها. وقد واصلت العمل حتى سنّ الـ83، وكان آخر استعراض كبير لها على مسرح «كازينو دو باري» عام 2014. وعام 2020، عاودت الظهور في مسرحية «لا تصغِ إلى السيدة» للمؤلّف والمخرج ساشا غيتري أمام المغنّي ميشيل ساردو. وفي مطلع 2023، ودَّعت جمهورها في مسرحية بعنوان «ليلة الإحباط».


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
ما معنى أن يكون الإنسان إنساناً؟
لكي نفهم بقدر كافٍ ما يُمكن أن تعنيه هذه الجملة الخالدة، لا بد من الرجوع إلى خلفية هذا السؤال الوجودي. فقد اعتادت الفلسفة التقليدية، من أفلاطون إلى ديكارت إلى كانط، أن تتعامل مع الإنسان من زوايا متعدّدة: مرة، بوصفه كائناً عاقلاً، ومرة بوصفه حيواناً ناطقاً، ومرة ذاتاً معرفية تدرك العالم من خارجه. لكن الألمعي العبقري هايدغر رأى أن كل هذه الرؤى تفصل الإنسان عن عالمه، وتختزله في وظيفة أو خاصية، بينما تتجاهل السؤال الأكثر جذرية: ما معنى أن يكون الإنسان موجوداً في العالم؟ هنا يطرح هايدغر مشروعه البديل، ويجيب عن هذا السؤال من خلال تحليل كينونة الإنسان ككل، لا بوصفه نوعاً بيولوجياً أو ذهناً مفكراً. كل الفلاسفة «نسوا» الوجود وهذا ينطبق على المؤسسين من أمثال أفلاطون وأرسطو، وعلى عظماء المتأخرين من أمثال ديكارت وكانط وهيغل، ونيتشه نسي الوجود بدوره، رغم أنه كان قاب قوسين أو أدنى من لمسه. المقصود بنسيان الوجود عند هايدغر هو أن الفلسفة الغربية، منذ أفلاطون وحتى نيتشه، انشغلت بالكائنات (الأشياء) لا بالكينونة، أي أنها ركزت على «ما هو موجود» الأشياء، الأجسام، الأفكار، الله، النفس، الطبيعة، لكنها لم تسأل عن معنى أن يكون الشيء موجوداً أصلاً. الفلاسفة كانوا يسألون: ما هو الحق؟ ما هو الخير؟ ما هو الجسد؟ ما هي النفس؟ لكنهم لم يسألوا السؤال الأسبق: ما هو «أن يكون»؟ أو ما معنى الكينونة التي تسمح لتلك الأشياء بالظهور والوجود؟ بهذا المعنى، الوجود لم يُنفَ أو يُنكَر، بل تم افتراضه ضمنياً دون أن يُسأل عنه. وهذا هو «نسيانه»: الوجود ظلّ الخلفية الصامتة التي تقف عليها كل أسئلة الفلسفة، دون أن تصبح هي نفسها موضوعاً للسؤال. هايدغر يرى أن هذا النسيان ليس مجرد سهو تاريخي، بل هو طريقة في الوجود نفسه، أي أن الكينونة تُخفي نفسها، وتدع الموجودات تتصدر المشهد، ولهذا ظنّ الإنسان أن فهم الأشياء يغنيه عن مساءلة الوجود. لكن نتيجة هذا النسيان هي أننا أصبحنا نتحرك داخل عالم من المعاني الجاهزة، والأنظمة التقنية، والمفاهيم الثابتة، دون أي انفتاح حقيقي على الكينونة بوصفها إمكاناً لا يُختزل. هايدغر لا يريد أن يردّنا إلى ماضٍ ميتافيزيقي، بل يريد أن نستيقظ من نسياننا الطويل، ونطرح من جديد السؤال الذي نسيه التاريخ: ما معنى أن يكون هناك وجود؟ لماذا لم يكن عدماً بدلاً من الوجود؟ وكيف يكون الإنسان هو الكائن الذي يستطيع أن ينفتح على هذا السؤال؟ «الإنسان المهموم بوجوده»، هو الوحيد القادر على الانفتاح على الكينونة، وأن يطرح سؤال: ما معنى أن يكون هناك كائن أصلاً؟ هذا الإنسان لديه مزايا تختلف عن بقية الكائنات، فهو راعي الوجود، وهو من يسكن العالم بطريقة فريدة. الإنسان لا يوجد «إلى جانب» العالم كما يوجد الحجر أو الحيوان، بل يعيش في العالم كعالم له. ألقي به من دون رغبته في عالم مليء بالأشياء والآخرين واللغة. يتفاعل مع العالم بما يسميه هايدغر: «الاهتمام»، وهذا «الاهتمام» هو ليس مجرد علاقة عقلية، بل علاقة وجودية: العالم ليس أمامي فقط، بل أنا منخرط فيه، منشغل به، معنيٌ به. هذا الإنسان يعيش الإمكان لا الثبات. من صفة هذا المهموم بوجوده ألا يكون هو/ هو في لحظة معينة، بل هو دائماً مشروع مفتوح على المستقبل. في فكر هايدغر، الإنسان ليس ما هو، بل ما يمكن أن يكونه. يسير نحو ذاته الممكنة، نحو ما يستطيع أن يكونه. إنه ليس كتلة موجودة، بل سيرورة وجودية نحو الإمكان. هذا المهموم بوجوده، عليه أن يكون ذاته دائماً. ما الذي يكشف معنى الإنسان؟ إنه الموت. في مركز تحليل هايدغر للوجود، يقف الموت لا كحادثة في نهاية حكاية الحياة، بل كإمكان دائم يرافق الإنسان منذ لحظة وجوده. الإنسان يعرف أنه سيموت، وهذه المعرفة تفرده عن كل الكائنات. عليه أن يعترف بموته كأفق لحريته. ألا يهرب من القلق، بل يجعله طريقاً للمعنى. هذه المعرفة ليست نظرية فقط، بل تفتح أمامه الأبواب مشرعة ليظهر عمق حريته. الوعي بالموت يجعله مسؤولاً عن اختياراته، عن أن يكون ذاته بصدق. هذا الإنسان يمكن أن يوجد بطريقتين: وجود أصيل، عندما يواجه موته، ويعيش إمكاناته بصدق، ويتخذ موقفاً من وجوده. ووجود مزيف «سقوط» عندما يذوب في الناس، ويعيش حياتهم، ويهرب من قلق الموت والمسؤولية. هذا هو «الانغماس في القطيع». هل رأيت ثيران الساقية يوماً؟ يدور الواحد منها ويدور، ثم في النهاية يموت، لم يرَ من الدنيا الشاسعة إلا قفا أخيه، لم يذهب لحظة ليرى ما وراء الأفق، لم يغامر قط باستكشاف ما وراء تلك التلال، ولم يسر يوماً صوب الشمس. الإنسان هو الكائن الذي يستطيع أن يسأل عن معنى الوجود في النهاية، خصوصية الإنسان تكمن في أنه الكائن الذي، لا يكتفي بأن يوجد، بل يتساءل عن وجوده. يحمل الهمّ الوجودي، ويعيش القلق. ينفتح على الكينونة ولا يكتفي بالكائنات. وكلما انفتح على معنى الكينونة، أصبح أكثر إنسانية. * كاتب سعودي