
رويترز: مصر توقف إنتاج الأسمدة بعد تعطل واردات الغاز من إسرائيل
قالت مصادر لوكالة رويترز إن شركات الأسمدة المصرية اضطرت إلى وقف عملياتها اليوم الجمعة، نتيجة انخفاض واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل.
وأوضحت المصادر للوكالة أن حقول الغاز الإسرائيلية الرئيسية أوقفت عملياتها عقب الهجمات العسكرية التي شنتها إسرائيل على منشآت نووية ومصانع صواريخ داخل إيران.
وفي بيان رسمي، أعلنت وزارة البترول المصرية أنها فعّلت خطة الطوارئ الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعي، والتي تتضمن "إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية".
وأضاف البيان أن الوزارة سترفع "استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة"، مع التنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار، وذلك في إجراء احترازي للحفاظ على استقرار شبكة الغاز الطبيعي وتفادي تخفيف أحمال شبكة الكهرباء.
ووفقا للمصادر، لم تحدد وزارة البترول موعدا متوقعا لعودة إمدادات الغاز إلى وضعها الطبيعي.
وقد أُغلق حقلا ليفياثان وكاريش -وهما من أكبر حقول الغاز الإسرائيلية- صباح اليوم الجمعة، في حين أفاد محلل في قطاع الغاز لوكالة رويترز بأن الحقل الثالث "تمار" لا يزال يعمل.
من جهتها، أكدت وزارة الطاقة الإسرائيلية لرويترز وجود اضطرابات في الإمدادات المنتظمة للغاز الطبيعي، مما أدى من بين تداعيات أخرى إلى تعليق مؤقت للصادرات.
وأضافت الوزارة أنها "ستبذل قصارى جهدها لاستئناف الإمدادات في أقرب وقت ممكن".
وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن القاهرة تتابع عن كثب تطورات الوضع في الشرق الأوسط، وتسعى إلى زيادة مخزونها الإستراتيجي من السلع المختلفة، وذلك قبيل اجتماعه مع كبار مسؤولي قطاع الطاقة والبنك المركزي.
وفي بيان منفصل، صرح وزير البترول كريم بدوي بأن الوزارة تعمل على ضمان استقرار إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء، وقد تعاقدت بالفعل على شحنات غاز، كما خزنت كميات من المازوت، ويجري حاليا العمل على تشغيل سفن لنقل الغاز.
وأوضح بدوي أن مصر تسلمت 3 سفن لنقل الغاز، لكن واحدة منها فقط بدأت في ضخ الغاز إلى الشبكة القومية، في حين يتم تجهيز الوحدتين الأخريين وتوصيلهما بالموانئ.
كما أشار مدبولي إلى أنه بمجرد تشغيل سفن نقل الغاز الثلاث "ستصل طاقتها الاستيعابية إلى 2250 مليون قدم مكعب يوميا مقارنة بنحو ألف مليون قدم مكعب فقط في العام الماضي"، مضيفا أن الحكومة تعمل كذلك على تجهيز سفينة رابعة لنقل الغاز احتياطيا.
يذكر أن مصر أصبحت تعتمد بشكل متزايد على واردات الغاز من إسرائيل منذ بدء تراجع إنتاجها المحلي في عام 2022.
وتشير بيانات "مبادرة بيانات المنظمات المشتركة" (جودي) إلى أن الغاز الإسرائيلي يشكل ما بين 40 و60% من إجمالي وارداتها من الغاز، ويغطي نحو 15 إلى 20% من إجمالي استهلاكها.
وقد وقّعت مصر هذا الأسبوع اتفاقيات عدة مع شركات طاقة وتجارة لشراء ما لا يقل عن 150 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، في أكبر عملية استيراد تقوم بها على الإطلاق، والتي ستتجاوز تكلفتها 8 مليارات دولار وفق الأسعار الحالية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
وزير تركي: لا نتوقع مشكلات في إمدادات النفط والغاز إثر صراع إسرائيل وإيران
قال وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار إن تركيا لا تتوقع حدوث مشاكل في إمدادات النفط والغاز لتلبية الطلب المحلي وسط التصعيد بين إسرائيل وإيران على الرغم من أن أسعار الطاقة قد تستمر في الارتفاع. وأضاف بيرقدار في تصريحات للصحفيين في وقت متأخر أمس الاثنين أن تركيا ستحتاج إلى استبدال الخام الخليجي -الذي يمثل 20% من إجمالي إمدادات تركيا – في حال توقف محتمل للشحن عبر مضيق هرمز. لكنه أكد أن أنقرة لا تتوقع أي مشكلات في تأمين إمداداتها من النفط والغاز الطبيعي. والسبت الماضي، حذر فؤاد حسين نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية العراقي من أن استمرار المواجهة بين إيران وإسرائيل وإغلاق مضيق هرمز قد يؤديان إلى اضطرابات اقتصادية خطيرة واحتمال ارتفاع أسعار النفط إلى ما بين 200 و300 دولار للبرميل. ويقع مضيق هرمز بين سلطنة عمان وإيران، ويشكل بوابة إستراتيجية تربط الخليج العربي بخليج عُمان وبحر العرب، ويعد أهم ممر نفطي في العالم، وتعبر من خلاله كميات ضخمة من صادرات النفط يوميا. ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، بلغ متوسط تدفق النفط عبر المضيق في عام 2022 نحو 21 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل نحو 21% من إجمالي الاستهلاك العالمي للنفط، مما يعكس أهميته الحيوية لأمن الطاقة العالمي. وذكرت تقرير لوكالة رويترز أن خُمس استهلاك النفط والمكثفات والوقود العالمي (نحو 20 مليون برميل يوميا يمر عبر المضيق).


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
مصر تبحث عن بدائل عاجلة للوقود بعد توقف إمدادات الغاز من إسرائيل
في ظل تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران تسابق الحكومة المصرية الزمن لتأمين بدائل عاجلة للوقود، لتجنب انقطاعات كهربائية شاملة قد تضرب البلاد هذا الصيف، وذلك عقب توقف إمدادات الغاز الطبيعي الإسرائيلي بشكل كامل. وذكرت وكالة بلومبيرغ نقلا عن مصادر مطلعة قولها إن الحكومة المصرية تستعد لطرح مناقصة هذا الشهر لاستيراد ما يصل إلى مليون طن من زيت الوقود، على أن تبدأ عمليات التسليم في أغسطس/آب المقبل. وتأتي هذه الخطوة بعد مناقصة سابقة للغرض نفسه، في إطار خطة شاملة لتغطية احتياجات محطات توليد الكهرباء، في ظل التوتر العسكري المتصاعد الذي يهدد استمرارية تدفق الغاز. توقف حقل "ليفياثان" يشعل الأزمة ووجهت إسرائيل يوم الجمعة الماضي بوقف العمل في اثنين من حقولها الكبرى لإنتاج الغاز -من بينها حقل " ليفياثان"، وهو الأكبر لديها- بسبب مخاوف أمنية عقب شنها ضربات ضد إيران، وردود التهديدات الإيرانية اللاحقة. ونتيجة لذلك توقفت إمدادات الغاز التي تعتمد عليها مصر بشكل كبير، حيث كانت تغطي ما بين 800 مليون إلى مليار قدم مكعب يوميا من إجمالي العجز البالغ 3.5 مليارات قدم مكعب يوميا، مما اضطر القاهرة لتقليص الإمدادات الموجهة إلى قطاعات صناعية عدة استهلاكها كبير، لضمان استمرار تشغيل محطات الطاقة. منع انقطاع الكهرباء وفي مؤتمر صحفي متلفز يوم السبت الماضي قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي "نعمل بكل جهدنا للوفاء بوعدنا بعدم قطع الكهرباء، لكن ما حدث أمس (الجمعة) له تداعيات مباشرة على جزء كبير من إمدادات الغاز لمحطات التوليد". ودعا المواطنين إلى ترشيد استهلاك الكهرباء، معتبرا أن ذلك "أمر أساسي لتجنب انقطاعات التيار خلال الصيف". وكانت مصر حتى وقت قريب مصدّرة للغاز الطبيعي المسال، لكنها أصبحت الآن مستوردة صافية، مما كلف البلاد عشرات مليارات الدولارات من العائدات التصديرية. وبحسب بلومبيرغ، تضاعفت فاتورة صافي واردات الطاقة المصرية أكثر من الضعف خلال عام 2024 لتبلغ 11.3 مليار دولار، مما ساهم في رفع عجز الحساب الجاري إلى 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي ، مقابل 3.2% في العام السابق. ويتوقع أن ترتفع فاتورة الطاقة الشهرية لمصر هذا الصيف إلى نحو 3 مليارات دولار بدءا من يوليو/تموز المقبل مقارنة بملياري دولار فقط العام الماضي، وفقا لتقديرات سابقة. إجراءات تقشفية مؤقتة وأفادت بلومبيرغ بأن السلطات المصرية قررت السبت الماضي تعليق إمدادات زيت الوقود والديزل لبعض الصناعات لمدة أسبوعين، لتوفير ما يصل إلى 9 آلاف طن من الديزل يوميا لصالح محطات الكهرباء، في انتظار وصول شحنات الغاز المسال المستوردة. وإلى جانب المناقصات الجارية عقدت مصر اتفاقات ضخمة لاستيراد الغاز المسال من شركات مثل "هارتري"، و"فيتول"، و"أرامكو"، وتخطط لإضافة وحدات عائمة جديدة لتخزين الغاز، وتُجري محادثات مع قطر بشأن عقود طويلة الأجل. إنتاج محلي لا يلبي الطلب يبلغ إنتاج مصر المحلي من الغاز الطبيعي نحو 4.2 مليارات قدم مكعب يوميا، في حين يبلغ الطلب المحلي قرابة 6.2 مليارات، ويصل إلى 7 مليارات في أشهر الصيف. وتوقعت وزارة الصحة المصرية وصول درجات الحرارة في القاهرة إلى 38 درجة مئوية خلال هذا الأسبوع، مما يزيد الضغط على منظومة الكهرباء، خصوصا بسبب زيادة استخدام أجهزة التكييف. وقال مدير مشروع شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ريكاردو فابيني إن "المشكلة الحقيقية هي أن مصر أصبحت مستوردة صافية للغاز، ومن غير المرجح أن يتغير هذا في المدى القريب، مما يجعل الغاز الإسرائيلي مكونا أساسيا في مزيج الطاقة المحلي". وأضاف أن الحكومة تحاول تشجيع الشركات الأجنبية على الاستكشاف وزيادة الإنتاج، لكن هذه المساعي معقدة ونتائجها غير مضمونة، وقد تستغرق سنوات لتظهر آثارها.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
كيف تؤثر الضغوط الاقتصادية على موقف ترامب من التصعيد بين إسرائيل وإيران؟
تدخل منطقة الشرق الأوسط مرحلة جديدة من التوتر المتصاعد، في أزمة مفتوحة على احتمالات متعددة، قد تُلقي بتداعياتها على العالم أجمع، بغضّ النظر عن مآلاتها أو مدى اتّساعها. وبينما يتصاعد النزاع بين إيران وإسرائيل، يتصدر الاقتصاد كعادته المشهد، بوصفه المحرّك الأول لقرارات الدول ومواقفها. ومن العراق إلى أفغانستان، لم تكن مغامرات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ذات نتائج ناجحة، بل كانت باهظة الكلفة اقتصاديًا، ومُنهكة سياسيًا. أما اليوم، فتبدو الصورة أكثر تعقيدًا: خصوم واشنطن باتوا أكثر قدرة وتنظيمًا، في وقت تزداد مؤشرات الوهن الداخلي الأميركي. وإذا قررت الولايات المتحدة الانخراط المباشر في هذا الصراع، فلن تقتصر التداعيات على الجانب الجيوسياسي، بل ستتفاقم الكلفة الاقتصادية في وقتٍ يعاني فيه الاقتصاد الأميركي من تصدّع في ركائزه، وتراجع في الثقة الدولية، لاسيما بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وهذا المقال يرصد كيف تتحول الحرب الخارجية إلى كُلفة اقتصادية داخلية، وكيف يمكن لارتفاع أسعار البنزين، وتضخم القروض، وتآكل الثقة بالدولار، أن يدفع الإدارة الأميركية إلى إعادة حساباتها. ففي نهاية المطاف، قد لا يكون صندوق الاقتراع أقل حساسية من برميل النفط، ولا الداخل الأميركي أقل تأثيرًا من الخارج. 1- أسعار النفط والبنزين.. فتيل الغضب الشعبي وتنتج منطقة الشرق الأوسط ما يقارب 26% من إنتاج النفط العالمي، أي نحو 27 مليون برميل يوميًا، وتشكل مصدرًا رئيسيًا للغاز الطبيعي المسال. ويُعد مضيق هرمز شريانًا إستراتيجيًا، تمرّ عبره ما بين 20 و21 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل أكثر من 30% من تجارة النفط البحرية العالمية. وأي تعطيل في هذا الممر أو استهداف للبنية التحتية النفطية، يؤدي فورًا إلى تقلبات عنيفة في الأسواق. ورغم انخفاض اعتماد الولايات المتحدة على نفط الخليج بشكل مباشر، فإن التأثير غير المباشر لا يزال كبيرًا. فوفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تستورد واشنطن نحو 500 ألف برميل يوميًا من الشرق الأوسط من إجمالي وارداتها البالغة 5.8 ملايين برميل، معظمها من كندا والمكسيك. وبما أن تسعير النفط يتم عالميًا، فإن أي ارتفاع في الأسعار العالمية ينعكس تلقائيًا على أسعار البنزين داخل السوق الأميركية. وفي ولايات مثل كاليفورنيا، ارتفع سعر الغالون إلى 4.8 دولارات، بفعل الضرائب البيئية المرتفعة وتقلبات السوق. وإذا تجاوز سعر برميل النفط عتبة 100 دولار، فقد يصل سعر الغالون إلى 6 دولارات، مما يفاقم الأعباء المالية على الأسر الأميركية ويزيد من الاستياء الشعبي. وفي هذه الأجواء، يُصبح الغضب الشعبي أمرًا حتميًا، خاصة إذا وُجّهت أصابع الاتهام إلى إدارة ترامب بوصفها مسؤولة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، عن إشعال هذا الصراع. ومع تآكل القدرة الشرائية، وارتفاع تكاليف النقل وأسعار السلع، يتحوّل الضغط الاقتصادي إلى نقمة سياسية، وقد تجد الإدارة نفسها مضطرة إلى التحرك، ليس انطلاقًا من الحرص على السلام، بل خوفًا من "فاتورة الغضب" المتصاعدة وسط تراكُم أعباء الحرب التجارية والسياسات المالية المتوترة. 2- اختناق سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار السلع وفي حال استمرار التصعيد بين إيران وإسرائيل، قد يتوسع نطاق التوتر ليطال شرايين التجارة العالمية: البحر الأحمر ومضيق باب المندب، اللذان يمرّ عبرهما ما بين 12% إلى 15% من التجارة البحرية العالمية، فهما يشكلان معبرين إستراتيجيين لنحو 30% من حركة الحاويات المرتبطة بقناة السويس. وتُقدّر القيمة السنوية لهذه المسارات التجارية بأكثر من تريليون دولار. وخلال هجمات الحوثيين أواخر عام 2023 وبداية 2024، اضطرت شركات الشحن العالمية إلى الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح، متجنبة البحر الأحمر لأشهر. أما في حال توسع النزاع الحالي، فقد تمتد دائرة الاشتباك إلى خليج عدن والمحيط الهندي، جنوب اليمن وشرق أفريقيا، مما قد يُعرقل الوصول إلى مواد خام أساسية، ويعزل أكثر من نصف القارة الأفريقية بحريًا. وفي هذه الحالة، سيزداد تعقيد الحصول على السلع، مما يؤدي إلى ارتفاع كلفتها عالميًا، وهو ما ينعكس على الداخل الأميركي في شكل تضخم مستورد، يرهق الفئات المتوسطة والفقيرة في بيئة اقتصادية أصلًا هشّة بسبب الحروب التجارية المتكررة والتضخم المستمر. 3- صراع الشرق الأوسط يمتد إلى قلب الاقتصاد الأميركي اندلاع حرب شاملة بين إيران وإسرائيل سيكون له أثر مباشر على الاقتصاد الأميركي الذي يعاني أساسًا من ضغوط متراكمة بسبب التضخم المرتفع والديون المتضخمة. وستواجه الأسر الأميركية صعوبة متزايدة في تأمين احتياجاتها الأساسية مع ارتفاع الأسعار وتراجع الإمدادات. أبرز التداعيات المتوقعة تشمل: تآكل مدخرات التقاعد والاستثمارات الشخصية: يعتمد الملايين من الأميركيين على حسابات التقاعد المرتبطة بسوق الأسهم. ومع تراجع المؤشرات، فقدت بعض الصناديق أكثر من 8% من قيمتها خلال أيام، مما عمّق القلق الشعبي. تراجع الثقة وتجميد الاستهلاك: في ظل حالة عدم اليقين، تؤجل الأسر قرارات الشراء الكبرى، في حين تُقلّص الشركات خطط التوسع والتوظيف، مما يزيد من احتمال الركود. ضغوط على سوق العمل: تباطؤ الاستهلاك يضغط على إيرادات الشركات، ويدفعها إلى تسريح العمال أو تجميد التوظيف، مما يرفع البطالة. اهتزاز الثقة الدولية بالأسواق الأميركية: مع انخفاض الاستهلاك وتراجع أرباح الشركات، يرتفع الضغط على البورصات التي كانت تعاني أساسًا من تبعات السياسات الاقتصادية الداخلية. انكشاف الدولار: تراجعت حصة الدولار من احتياطي النقد الأجنبي العالمي من 71% عام 2000 إلى 57.8% بنهاية 2024. وفي يونيو/حزيران 2025، أعلنت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) خطة لتعزيز العملات المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار، مما يُهدد مكانته العالمية. 4- ضغط الميزانية الأميركية وتصاعد الدين الوطني ومع اشتداد الصراع بين إيران وإسرائيل، قد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى ضخ أموال إضافية لدعم تحالفات عسكرية أو عمليات مباشرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضغوط مالية خانقة. وتجاوز الدين العام الأميركي حاجز 36 تريليون دولار، أي ما يعادل نحو 124% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما بلغ عجز الميزانية السنوي حتى أبريل/نيسان 2025 نحو 1.05 تريليون دولار، بزيادة تقارب 23% عن العام السابق. وإذا استمر التصعيد، فقد نشهد: رفع ميزانية الدفاع من 850 مليار دولار إلى تريليون دولار سنويًا. ارتفاع كلفة الفوائد على الدين العام إلى ما يزيد على تريليون دولار، وهو رقم يقارب مخصصات وزارة الدفاع. تمويل دعم خارجي قد يتطلب إصدار سندات جديدة بمليارات الدولارات، مما يزيد عبء الدين العام. أما المواطن الأميركي، فقد يلمس هذه التداعيات في شكل: زيادة الضرائب أو خفض الخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية. خطر خفض التصنيف الائتماني ، مما يرفع كلفة الاقتراض على الأفراد والدولة. وبالنظر إلى الارتفاع الحاد بعوائد السندات وتكاليف الفائدة، فإن الاقتصاد الأميركي لم يعد يحتمل مزيدًا من الإصدارات. ويزداد هذا المأزق تعقيدًا مع سعي إدارة ترامب لخفض الضرائب، مما قد يقلص الإيرادات العامة بنحو 700 مليار دولار سنويًا. وفي حال انخرطت واشنطن بعمق في الحرب، فستكون أمام معادلة صعبة: كيف تموّل التصعيد العسكري دون خنق الاقتصاد أو استفزاز الداخل الأميركي؟ 5- الركود التضخّمي الخطر المركّب الذي يهدد الاقتصاد الأميركي في ظل تراكم العجز وتضخم الدين وتباطؤ النمو، يواجه الاقتصاد الأميركي ضغوطًا متزايدة منذ أشهر، وسط فشل نسبي في احتواء التضخم رغم سياسة الفائدة المرتفعة التي اعتمدها مجلس الاحتياطي الفدرالي. ومع تزايد احتمال تصاعد النزاع بين إيران وإسرائيل، وما يرافقه من اختناق في سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة والسلع، يُرجّح أن يدخل الاقتصاد الأميركي مرحلة الركود التضخمي ، وهي من أسوأ السيناريوهات الاقتصادية الممكنة. ففي الربع الأول من عام 2025، سجّل الاقتصاد انكماشًا حقيقيًا تراوح بين -0.2% و-0.3%، مما يعني أن وتيرة النمو لم تكن كافية لتعويض أثر التضخم. وقد بلغ مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المقياس المفضل "للفدرالي" نحو +3.6%، متجاوزًا المستهدف الرسمي. وهذا المزيج من تراجع الناتج وارتفاع الأسعار يجسّد الركود التضخمي، وهو وضع يصعّب من خيارات صانعي السياسات، إذ تصبح أدوات السياسة النقدية والمالية مقيدة في آنٍ واحد. كيف يتأثر المواطن الأميركي؟ ترتفع الأسعار بينما تبقى الأجور والدخول شبه ثابتة، مما يُضعف القدرة الشرائية للأسر. الفوائد المرتفعة تُثقل كاهل الأميركيين الذين يعتمدون على القروض العقارية وقروض التعليم وبطاقات الائتمان. سوق العمل يتجمّد، ويتراجع التوظيف، مما يرفع القلق حيال الاستقرار الوظيفي. الثقة العامة تتراجع، ويزداد الميل إلى الادخار بدلاً من الإنفاق، مما يبطئ الدورة الاقتصادية. الغضب الشعبي يتصاعد، وتتجه الأنظار إلى الإدارة السياسية باعتبارها مسؤولة عن تدهور المعيشة. هذا الضغط المركّب يعمّق من التحدي السياسي أمام إدارة ترامب، إذ يجد المواطن نفسه يدفع ثمن حرب لم يخترها، بينما تتآكل مدخراته وترتفع كلفة معيشته يوماً بعد يوم. ويُخشى أن يتحول الركود التضخمي من أزمة اقتصادية إلى أزمة شرعية سياسية. 6- رفع الفائدة ضريبة خفية يدفعها الأميركيون ومع تصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران، تتعرض قطاعات حيوية في الاقتصاد الأميركي لضغوط شديدة، أبرزها قطاع الطاقة والسلع الاستهلاكية. وهذه الضغوط قد تدفع بالأسعار نحو الارتفاع مجددًا، مما يعيد شبح التضخم إلى الواجهة. وفي هذا السياق، يجد مجلس الاحتياطي الفدرالي نفسه أمام خيار صعب: هل يرفع الفائدة مجددًا لكبح التضخم المستورد، أم يتريث خوفًا من خنق النمو المتباطئ أصلًا؟ ورغم أن وتيرة النمو الاقتصادي تباطأت خلال النصف الأول من 2025، فإن احتمال رفع الفائدة يبقى قائما، لا لسبب داخلي بل بسبب موجة تضخم خارجية تُفرض على الاقتصاد الأميركي من خلال سلاسل التوريد وأسعار الطاقة العالمية. وهكذا، يتحول رفع سعر الفائدة من أداة تقليدية للسيطرة على التضخم إلى ضريبة اقتصادية خفية تطال حياة المواطن الأميركي بشكل مباشر. تأثير هذه الضريبة على الأسر الأميركية: بلغت ديون الأسر الأميركية 18.2 تريليون دولار بالربع الأول من عام 2025، منها 12.8 تريليونا قروضا عقارية، أي ما يمثل حوالي 70% من إجمالي الدين. كل نقطة مئوية تُضاف إلى معدل الفائدة تعني مئات الدولارات شهريًا من الأعباء الإضافية على أصحاب القروض العقارية والطلاب وأصحاب بطاقات الائتمان. الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد العمود الفقري للتوظيف، تواجه صعوبات تمويلية متزايدة، مما يؤدي إلى تجميد التوظيف وتأجيل الاستثمار. الفئات المتوسطة والفقيرة، التي تعتمد على الائتمان لتغطية نفقاتها اليومية، تُصبح الأكثر تضررًا من رفع الفائدة. وهذه "الضريبة الخفية" لا تُفرض عبر تشريعات، لكنها تُستخلص من جيب المواطن عبر الفائدة الشهرية المتزايدة، ومن عرق العامل الذي لا يستطيع مجاراة تكاليف المعيشة. وإذا استمر التصعيد العسكري، فإن تداعيات هذه السياسة النقدية قد تمتد إلى كل منزل أميركي، وتُحوّل الاستياء الشعبي إلى أزمة سياسية تتجاوز الاقتصاد. 7- ورقة الضغط الاقتصادي هل تجبر ترامب على التراجع أو التدخل؟ حين أطلق ترامب حربه التجارية في أبريل/نيسان الماضي، لم يكن تراجعه لاحقًا نتيجة ضغوط دبلوماسية أو سياسية، بل بسبب صدمة اقتصادية موجعة ضربت الداخل الأميركي. فقد انهارت مؤشرات وول ستريت، وارتفعت عوائد السندات بشكل حاد، وتراجع الدولار، وبدأ ما يُعرف اقتصاديًا بـ"بيع أميركا" أي فقدان الثقة في الأصول الأميركية بوصفها ملاذًا آمنًا. وكانت تلك الهزات الاقتصادية أقوى من أي خطابات سياسية، وأجبرت الرئيس على التراجع خطوة إلى الوراء، تحت ضغط داخلي قبل الخارجي. واليوم، وبينما تتصاعد نُذر الحرب بين إيران وإسرائيل، وتتوسع آثارها تدريجيًا نحو الداخل الأميركي، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، لكن في سياق أشدّ تعقيدًا. فارتفاع أسعار البنزين، وعودة التضخم، وتزايد كلفة القروض، وتآكل مدخرات التقاعد، كلها تتحول إلى ضريبة حرب خفية تجبر المواطن الأميركي على دفعها دون أن يكون طرفًا في قرار الحرب. ومع تزايد الغضب الشعبي، خصوصًا في الولايات المتأرجحة، قد تتحول هذه الموجة إلى تهديد مباشر لشعبية ترامب، لا سيما بين أوساط الطبقة الوسطى والمزارعين وهم نواة قاعدته الانتخابية. وتبدو ملامح هذا التحوّل في المشهد السياسي واضحة: انقسام متصاعد داخل الحزب الجمهوري بين جناح متشدد يدعو للمواجهة، وآخر براغماتي يرى في الكلفة الاقتصادية تهديدًا للمكاسب السياسية. مؤيدو شعار "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا" بدؤوا يُعبّرون عن قلقهم من التورط في حرب لا مردود لها، ويطالبون بضبط النفس. ضغط متزايد من رجال الأعمال والشركات الكبرى في قطاعات التكنولوجيا والنقل والبنوك لتفادي الانزلاق العسكري الذي قد يهدد استقرار الأسواق. وهكذا، قد تجد إدارة ترامب نفسها مضطرة -حتى ولو تكتيكيًا- إلى تهدئة التصعيد أو القبول بتسوية محدودة، لا بدافع السلام، بل تحت وطأة الداخل الأميركي.