
تحقيق: هل تتلاعب مجموعة زين الكويتية بنتائج عمليات زين العراق المالية؟
ورغم ضخامة قطاع الاتصالات في العراق واتساع قاعدة المستخدمين فيه، الا ان التقارير المالية الصادرة عن المجموعة تكشف ان هنالك تفاوتًا صارخًا بين ما يُفترض أن تحققه 'زين العراق' من إيرادات وارباح، وبين ما يُعلن عنه رسميًا. فالسؤال الذي يفرض نفسه، هل يتم إخفاء والتلاعب بملف الايرادات والأرباح الحقيقية؟ وهل يشكّل ذلك نموذجًا ممنهجًا لتحويل الأرباح وتهريبها خارج النظام المالي العراقي؟
سوق ضخم… وأرباح لا تُقاس بحجمه
في هذا التحقيق الاولي والمراجعة السريعة التي قامت به 'المستقلة' تشير البيانان المالية المعلنة إلى أن 'زين العراق' تمتلك أكبر قاعدة مستخدمين داخل مجموعة زين الإقليمية بعدد مشتركيت يتجاوز الـ 18 مليون مشترك، ومع ذلك تُظهر التقارير أن العائد الفردي لكل مستخدم في العراق (ARPU) يعد من أضعف الأرقام داخل المجموعة، الامر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة حول طريقة احتساب الإيرادات وتوزيع الارباح.
وبمقارنة مباشرة مع 'زين الأردن'، تتضح الصورة اكثر؛ فبينما يتفوق العراق من حيث عدد السكان ومتوسط الدخل الكلي، لكن الأرقام تظهر أن عائد المستخدم الأردني (ARPU) يسجل 11 دولار متجاوزا نظيره العراقي بأكثر من الضعف، والذي يسجل 5 دولار، كل هذا وبحسب البيانات المنشورة على موقع مجموعة زين للاتصالات الكويتية.
ومع أن العراق يفترض أن يكون السوق الأكثر ربحية بالنسبة للمجموعة، ورغم ان إيراداته المعلنة تتفوق على الأردن باكثر من الضعف، الامر الذي يفتح الباب واسعا أمام حقيققة وجود شبهات وعمليات ممنهجة في آليات الإفصاح المالي.
ضعف الرقابة: البوابة الذهبية للتلاعب
تؤكد التجارب الى ان هنالك تباين في دقة الإفصاحات المالية في الأسواق حسب شدة الرقابة التنظيمية. ففي الأردن، تخضع شركات الاتصالات لرقابة صارمة، وتلتزم بالإفصاح الدقيق عن أرباحها، مما يُعزز الشفافية ويوفر حماية للمستثمرين والدولة.
أما في العراق، فيُعاني القطاع الاتصالات من ضعف رقابي مزمن، إذ تتراخى آليات المحاسبة، وتتغاضى الجهات الرقابية عن مطابقة الإيرادات الفعلية مع عدد المشتركين أو قيمة السوق الحقيقية. وهذا ما يتيح للشركات إمكانية خفض الأرباح المسجّلة محليًا، ونقلها عبر دفاتر حسابات خارجية أو كيانات شقيقة داخل المجموعة.
تهريب الأرباح: ضياع للمال العام وتضليل للمستثمر
تشير مؤشرات متقاطعة إلى أن 'زين العراق' قد تُستخدم كأداة لتحويل الأرباح داخل مجموعة زين من خلال آليات مالية معروفة تشمل تضخيم المصاريف التشغيلية وتسجيل الإيرادات في كيانات خارجية ونقل الأرباح عبر خدمات مشتركة مسعّرة داخليًا ما يؤدي إلى حرمان الدولة العراقية من حصتها الحقيقية من الضرائب والإيرادات السيادية ويقوّض قدرة وزارة الاتصالات على تقدير العائدات الفعلية من السوق كما يُضلل المستثمرين بصورة غير دقيقة عن الأداء المالي ويضرب بيئة الأعمال العراقية في عمقها عبر إضعاف المنافسة العادلة وتشجيع الممارسات الالتفافية والغير شفافة.
غياب دور الجهات الرقابية
تقع المسؤولية المباشرة على عدد من المؤسسات الرسمية في مقدمتها هيئة الإعلام والاتصالات العراقية وديوان الرقابة المالية ووزارة المالية ووزارة الاتصالات حيث يُفترض بهذه الجهات أن تبادر بمراجعة شاملة لعقود التشغيل وآليات تقاسم الإيرادات والعمل على مطابقة عدد المشتركين الفعلي مع الإيرادات المعلنة من قبل الشركة كما تفرض خطورة المؤشرات الحالية فتح تحقيق مستقل ومراجعة دقيقة لآليات التقييم المحاسبي التي تعتمدها المجموعة الأم لضمان الشفافية وحماية المال العام.
هل يستدعي الملف تحقيقًا دوليًا؟
إذا ثبت وجود ممارسات منهجية لإخفاء الأرباح أو تحويلها خارج العراق، فإن القضية تتجاوز نطاق الخلل المحلي لتلامس انتهاكات محتملة لقوانين الضرائب الدولية واتفاقيات الشفافية المالية، كما تشكّل خرقًا مباشرًا لقواعد الإفصاح المالي والحوكمة المعتمدة في الأسواق التي تُدرج فيها مجموعة زين الكويتية أسهمها، مثل بورصة الكويت أو أي أسواق إقليمية ودولية ذات صلة.
هذا النوع من التلاعب، إذا ما تأكد، قد يُصنّف ضمن ما يُعرف بـ'التحايل الضريبي المتعمد' أو 'التهرب المالي العابر للحدود'، وهو ما يستوجب تدخّل جهات رقابية خارجية مثل هيئات سوق المال الدولية، أو منظمات مختصة بمكافحة غسل الأموال والتهرب الضريبي، وقد يتطلب أيضًا الاستعانة بتدقيق محاسبي مستقل من طرف ثالث لا يتبع للمجموعة لضمان نزاهة النتائج.
كما أن الجهات العراقية الرسمية، وفي مقدمتها ديوان الرقابة المالية وهيئة الإعلام والاتصالات، ستكون مطالَبة بمخاطبة المنظمات الدولية المعنية، مثل المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات لأغراض ضريبية، والبنك الدولي، في حال توفرت أدلة على نقل أرباح بصورة غير مشروعة تؤثر على إيرادات الدولة وحقوق المستثمرين.
التحقيق الدولي لا يُعد خيارًا سياسيًا بل أداة رقابية مشروعة تستند إلى مبدأ الشفافية والمساءلة العابرة للحدود، خاصة عندما يتعلق الأمر بأموال عامة وسوق حيوية بحجم سوق الاتصالات في العراق.
نزيف الإيرادات بصمت… والمسؤولية مشتركة
ما تكشفه مؤشرات هذا التحقيق لا يمكن اعتباره مجرد خطأ محاسبي عابر، بل يُعبّر عن نمط مالي مقلق يعكس ممارسات تؤدي إلى تجريد الدولة من حقوقها القانونية والمالية، وتُقوّض الثقة في مناخ الأعمال، وتُلحق الضرر بالمواطنين والمستثمرين في آنٍ معًا.
مجموعة زين الكويتية مطالبة اليوم بتقديم توضيحات دقيقة وشفافة حول الفجوات في بياناتها المالية المتعلقة بعملياتها في العراق، لا سيما في ظل اتهامات تشير إلى تحويل أرباح خارج النظام المالي المحلي.
كما أن الجهات العراقية المعنية تتحمّل مسؤولية مباشرة في تفعيل أدوات الرقابة والمساءلة والتدقيق، بما يكفل حماية المال العام، واستعادة الثقة في بيئة استثمارية عادلة تُحاسب من يتحايل وتكافئ من يلتزم بالقانون والشفافية.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التحقيق لم يكن الأول من نوعه الذي تنشره 'وكالة الصحافة المستقلة' بشأن شبهات التلاعب في البيانات المالية التي تعلنها شركات الاتصالات ومنها مجموعة زين الكويتية عن عملياتها في العراق، إذ سبق للوكالة أن قدّمت تقارير مفصلة بهذا الخصوص إلى هيئة الإعلام والاتصالات، كما قامت في إحدى المرات بتزويد عدد من أعضاء مجلس النواب، من بينهم السيد محمد شياع السوداني – رئيس الوزراء الحالي – حينما كان نائبًا في الدورة البرلمانية السابقة وكان يتابع عن كثب ملف الاتصالات.
ورغم تكرار التحذيرات وتوفّر المؤشرات، كانت كل محاولة لفتح تحقيق تنتهي بالإغلاق الملف دون الوصول إلى نتائج واضحة أو كشف الحقيقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 7 ساعات
- وكالة أنباء براثا
ترامب يعلن التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد، عن التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي. وقال ترامب في كلمة له، "فتح أسواق جميع دول الاتحاد الأوروبي أمام المنتجات الأمريكية". وأضاف "الاتحاد الأوروبي سيشتري طاقة من الولايات المتحدة بقيمة 150 مليار دولار"، كاشفا "توصلنا لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي وسنفرض رسوما جمركية بقيمة 15%". ومنذ كانون الثاني الماضي، اعتاد العالم على إعلان الرئيس ترامب للرسوم الجمركية ثم التراجع عنها، أو سحبها في اللحظة الأخيرة، أو تعليقها بعد وقت قصير من بدء تنفيذها.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 8 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
كريستيانو رونالدو في قائمة المليارديرات بفضل عقده مع النصر السعودي
المستقلة/-في خطوة غير مسبوقة بعالم الرياضة كشفت مصادر عن أن النجم البرتغالي كريستيانو رونالد أصبح أول لاعب كرة قدم في التاريخ يحقق صافي ثروة يتجاوز مليار دولار من أرباحه فقط. وتصدر خبر رونالدو جميع الصحف والمجلات العالمية والمواقع الإخبارية في الوطن العربي عقب تجديد تعاقده مع النصر السعودي بـ 936 مليون دولار، وهذا ما يجعل مكانته كواحد من أعظم الرياضيين في التاريخ من حيث الإنجازات المالية والرياضية. وكانت تقارير عام 2020 مغلوطة عندما أشيع أنه قد حقق 'مليار دولار' بالفعل لأنه حقق 105 ملايين دولار خلال عام واحد فقط من الرواتب والإعلانات مما رفع دخله المهني التراكمي إلى أكثر من مليار دولار فقط، لكن في الوقت الحالي تغيرت المعادلة تماما بفعل عقده الجديد مع نادي النصر. وبجانب قيمة العقد الاستثنائي الذي تم توقيعه مع النجم رونالدو تم الاتفاق على أن يتضمن امتيازات أخرى غير مسبوقة حيث نال رونالدو ملكية 15% من أسهم نادي النصر تقدر بنحو 42 مليون دولار إضافة إلى تغطية نفقات طائرة خاصة بمبلغ 5 ملايين دولار مع تحمل النادي لرواتب الموظفين بالمنزل الخاص بكريستيانو رونالدو وعددهم 16 موظف، وحوافز إضافية بقيمة 20 مليون دولار وعقود دعائية ورعاية بقيمة 76 مليون دولار سنويا. وفي إنجاز يضاف إلى سجل رونالدو الذهبي الحافل بالبطولات الفردية يصل اليوم إلى مرحلة تاريخية بثروة صافية تؤهله للقب 'الملياردير' رسميا ويضعه في قمة هرم نجوم كرة القدم عالميا.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 9 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
الدولار يستقر في بغداد وأربيل مع إغلاق البورصة
المستقلة /- شهدت أسواق صرف الدولار في العاصمة بغداد وأربيل، عصر الأحد، استقراراً ملحوظاً في الأسعار، وذلك بالتزامن مع إغلاق البورصات المركزية في البلاد. وبحسب مصادر محلية، فقد استقرت أسعار صرف الدولار في بورصتي الكفاح والحارثية ببغداد عند 139,200 دينار لكل 100 دولار أمريكي، وهي نفس المستويات التي تم تسجيلها خلال تداولات صباح اليوم. أما في أسواق الصرافة المحلية داخل بغداد، فبلغ سعر البيع 140,250 ديناراً، في حين سجل سعر الشراء 138,250 ديناراً لكل 100 دولار، ما يعكس استقراراً نسبياً في السوق دون وجود تقلبات تُذكر. وفي أربيل، عاصمة إقليم كوردستان، حافظ الدولار أيضاً على استقراره، حيث بلغ سعر البيع 138,950 ديناراً، وسعر الشراء 138,850 ديناراً لكل 100 دولار أمريكي، وسط حركة تداول معتدلة. يأتي هذا الاستقرار في أسعار الصرف وسط متابعة حذرة من قبل المتعاملين في السوق، خاصة مع استمرار الضغوط التي يتعرض لها الدينار العراقي بسبب العوامل الاقتصادية والسياسية الداخلية، إضافة إلى الإجراءات الرقابية التي يتخذها البنك المركزي للحد من المضاربات