logo
هَلِ الْبَشَرُ أَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ مِنَ اللَّهِ بِقَلَمِ البَاحثَةِ فاطمة اسكيف

هَلِ الْبَشَرُ أَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ مِنَ اللَّهِ بِقَلَمِ البَاحثَةِ فاطمة اسكيف

الكنانةمنذ 2 أيام

هَلِ الْبَشَرُ أَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ مِنَ اللَّهِ؟
فِي زَمَنٍ كَثُرَ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُونَ بِاسْمِ الدِّينِ، وَتَعَدَّدَتْ فِيهِ الْمَرَاجِعُ، وَتَضَخَّمَتْ فِيهِ سُلْطَاتُ الْبَشَرِ، نَرَى ظَاهِرَةً خَطِيرَةً تَتَمَثَّلُ فِي إِضْفَاءِ قَدَاسَةٍ مُطْلَقَةٍ عَلَى أَشْخَاصٍ بِعَيْنِهِمْ (رِجَالُ الْدِيْن) ، فَيُمْنَحُونَ حَقَّ الْفَتْوَى وَالتَّشْرِيعِ، وَكَأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ حَصْرِيُّونَ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ.
وَهُنَا يَبْرُزُ سُؤَالٌ جَوْهَرِيٌّ:
هَلْ أَصْبَحَ الْبَشَرُ أَحَقَّ بِالْعِبَادَةِ مِنَ اللَّهِ؟
فَحِينَ نُقِرُّ بِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ هُمُ 'الْأَعْلَمُ'، ثُمَّ نُسَلِّمُ لَهُمْ حَقَّ الْتَفْسِيرِ ، وَتَحْدِيدِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَفَرْضِ الْوِصَايَةِ عَلَى عُقُولِ الْآخَرِينَ، فَإِنَّنَا نَنْتَقِلُ مِنَ الْإِيمَانِ بِوَحْيِ اللَّهِ، إِلَى الْخُضُوعِ لِفَهْمِ الْإِنْسَانِ. وَهَذَا فِي جَوْهَرِهِ انْحِرَافٌ عَنِ التَّوْحِيدِ ، فالْعَقْلُ أَسَاسُ الدِّينِ، لَا نَقِيضَهُ ، ولَقَدْ خُوطِبَ الْإِنْسَانُ فِي الْقُرْآنِ بِعَقْلِهِ، وَقُدِّمَتْ لَهُ الْبَرَاهِينُ، لَا الْأَوَامِرَ الْعَمْيَاءَ ، فَاللَّهُ سُبْحَاْنَهُ لَمْ يَطْلُبْ مِنْ عِبَادِهِ تَعْطِيلَ عُقُولِهِمْ وَ إِتِّبَاْعِ عِبَاْدٍ آخَرِين ، بَلْ اسْتَعْمَلَ أَلْفَاظًا مِثْلَ:
'أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟'
'أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ؟'
'أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ؟'
وَهَذِهِ إِشَارَاتٌ تُؤَكِّدُ أَنَّ الدِّينَ الْحَقَّ لَا يَتَنَافَى مَعَ الْعَقْلِ، بَلْ يَقُومُ عَلَيْهِ.
أَمَّا حِينَ يُجْعَلُ لِفِئَةٍ مِنَ النَّاسِ سُلْطَةٌ تَفْسِيرِيَّةٌ لَا تُنَاقَشُ، وَيُقَدَّمُ قَوْلُهُمْ عَلَى نُصُوصِ الْوَحْيِ، فَإِنَّنَا نَقَعُ فِي فَخِّ تَأْلِيهِ الْبَشَرِ مِنْ حَيْثُ لَا نَشْعُرُ.
فَالَّذِينَ يُقَدِّمُونَ فَتْوَى فُلَانٍ عَلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ يُعَطِّلُونَ فَهْمَهُمْ لِأَنَّ 'الْعَالِمَ قَالَ'، فَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ كَمَا يَنْبَغِي، بَلْ يَعْبُدُونَ صُورَةً بَشَرِيَّةً.
فَالْعِبَادَةُ لَيْسَتْ إِلَّا خُضُوعًا خَالِصًا لِلَّهِ فِي التَّلَقِّي، وَفِي الْقَبُولِ، وَفِي الِاتِّبَاعِ، وَكُلُّ خُضُوعٍ لِغَيْرِ اللَّهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ مِنَ اللَّهِ، هُوَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْانْحِرَافِ الْعَقَائِدِيِّ، مَهْمَا تَجَمَّلَ بِلِبَاسِ التَّقْوَى.
خِتَامًا،
إِنَّ الِاعْتِرَافَ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَأَنَّ الْفَهْمَ الْبَشَرِيَّ نِسْبِيٌّ، فَهَذَا هُوَ أَوَّلُ الطَّرِيقِ نَحْوَ تَصْحِيحِ عِلَاقَتِنَا بِدينِ الله .
الشَّرْعُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالْحَاكِمِيَّةُ لَهُ وَحْدَهُ، وَ الْتَحْرِيْمُ لَهُ وَحْدَهُ ، وَالْعَقْلُ هِبَةٌ إِلَهِيَّةٌ لِفَهْمِ دِينِهِ، لَا لِتَقْدِيسِ غَيْرِهِ، وَلَا لِإِبْطَالِ كَلَامِهِ بِرِوَايَاتٍ عَنْعَنِيَّةٍ .


Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هَلِ الْبَشَرُ أَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ مِنَ اللَّهِ بِقَلَمِ البَاحثَةِ فاطمة اسكيف
هَلِ الْبَشَرُ أَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ مِنَ اللَّهِ بِقَلَمِ البَاحثَةِ فاطمة اسكيف

الكنانة

timeمنذ 2 أيام

  • الكنانة

هَلِ الْبَشَرُ أَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ مِنَ اللَّهِ بِقَلَمِ البَاحثَةِ فاطمة اسكيف

هَلِ الْبَشَرُ أَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ مِنَ اللَّهِ؟ فِي زَمَنٍ كَثُرَ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُونَ بِاسْمِ الدِّينِ، وَتَعَدَّدَتْ فِيهِ الْمَرَاجِعُ، وَتَضَخَّمَتْ فِيهِ سُلْطَاتُ الْبَشَرِ، نَرَى ظَاهِرَةً خَطِيرَةً تَتَمَثَّلُ فِي إِضْفَاءِ قَدَاسَةٍ مُطْلَقَةٍ عَلَى أَشْخَاصٍ بِعَيْنِهِمْ (رِجَالُ الْدِيْن) ، فَيُمْنَحُونَ حَقَّ الْفَتْوَى وَالتَّشْرِيعِ، وَكَأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ حَصْرِيُّونَ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ. وَهُنَا يَبْرُزُ سُؤَالٌ جَوْهَرِيٌّ: هَلْ أَصْبَحَ الْبَشَرُ أَحَقَّ بِالْعِبَادَةِ مِنَ اللَّهِ؟ فَحِينَ نُقِرُّ بِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ هُمُ 'الْأَعْلَمُ'، ثُمَّ نُسَلِّمُ لَهُمْ حَقَّ الْتَفْسِيرِ ، وَتَحْدِيدِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَفَرْضِ الْوِصَايَةِ عَلَى عُقُولِ الْآخَرِينَ، فَإِنَّنَا نَنْتَقِلُ مِنَ الْإِيمَانِ بِوَحْيِ اللَّهِ، إِلَى الْخُضُوعِ لِفَهْمِ الْإِنْسَانِ. وَهَذَا فِي جَوْهَرِهِ انْحِرَافٌ عَنِ التَّوْحِيدِ ، فالْعَقْلُ أَسَاسُ الدِّينِ، لَا نَقِيضَهُ ، ولَقَدْ خُوطِبَ الْإِنْسَانُ فِي الْقُرْآنِ بِعَقْلِهِ، وَقُدِّمَتْ لَهُ الْبَرَاهِينُ، لَا الْأَوَامِرَ الْعَمْيَاءَ ، فَاللَّهُ سُبْحَاْنَهُ لَمْ يَطْلُبْ مِنْ عِبَادِهِ تَعْطِيلَ عُقُولِهِمْ وَ إِتِّبَاْعِ عِبَاْدٍ آخَرِين ، بَلْ اسْتَعْمَلَ أَلْفَاظًا مِثْلَ: 'أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟' 'أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ؟' 'أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ؟' وَهَذِهِ إِشَارَاتٌ تُؤَكِّدُ أَنَّ الدِّينَ الْحَقَّ لَا يَتَنَافَى مَعَ الْعَقْلِ، بَلْ يَقُومُ عَلَيْهِ. أَمَّا حِينَ يُجْعَلُ لِفِئَةٍ مِنَ النَّاسِ سُلْطَةٌ تَفْسِيرِيَّةٌ لَا تُنَاقَشُ، وَيُقَدَّمُ قَوْلُهُمْ عَلَى نُصُوصِ الْوَحْيِ، فَإِنَّنَا نَقَعُ فِي فَخِّ تَأْلِيهِ الْبَشَرِ مِنْ حَيْثُ لَا نَشْعُرُ. فَالَّذِينَ يُقَدِّمُونَ فَتْوَى فُلَانٍ عَلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ يُعَطِّلُونَ فَهْمَهُمْ لِأَنَّ 'الْعَالِمَ قَالَ'، فَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ كَمَا يَنْبَغِي، بَلْ يَعْبُدُونَ صُورَةً بَشَرِيَّةً. فَالْعِبَادَةُ لَيْسَتْ إِلَّا خُضُوعًا خَالِصًا لِلَّهِ فِي التَّلَقِّي، وَفِي الْقَبُولِ، وَفِي الِاتِّبَاعِ، وَكُلُّ خُضُوعٍ لِغَيْرِ اللَّهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ مِنَ اللَّهِ، هُوَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْانْحِرَافِ الْعَقَائِدِيِّ، مَهْمَا تَجَمَّلَ بِلِبَاسِ التَّقْوَى. خِتَامًا، إِنَّ الِاعْتِرَافَ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَأَنَّ الْفَهْمَ الْبَشَرِيَّ نِسْبِيٌّ، فَهَذَا هُوَ أَوَّلُ الطَّرِيقِ نَحْوَ تَصْحِيحِ عِلَاقَتِنَا بِدينِ الله . الشَّرْعُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالْحَاكِمِيَّةُ لَهُ وَحْدَهُ، وَ الْتَحْرِيْمُ لَهُ وَحْدَهُ ، وَالْعَقْلُ هِبَةٌ إِلَهِيَّةٌ لِفَهْمِ دِينِهِ، لَا لِتَقْدِيسِ غَيْرِهِ، وَلَا لِإِبْطَالِ كَلَامِهِ بِرِوَايَاتٍ عَنْعَنِيَّةٍ .

«فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 23 مايو 2025
«فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 23 مايو 2025

الأسبوع

timeمنذ 3 أيام

  • الأسبوع

«فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 23 مايو 2025

خطبة الجمعة القادمة احمد خيال موضوع خطبة الجمعة يهتم الكثير من المسلمين في محافظات مصر بالسؤال عبر محركات البحث جوجل، عن عنوان خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف التي سوف توافق تاريخ 23 مايو 2025. وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة 23 مايو 2025 م، الموافق 25 من ذي القعدة 1446 هـ، تحت عنوان: "فَـَتَـرَاحَـمُـوا"، وتهدف إلى توعية الجمهور بمخاطر وآثار العنف الأسري على الفرد والأسرة والمجتمع، بينما تتناول الخطبة الثانية خطورة الوصم الاجتماعي وآثاره السلبية. وتؤكد وزارة الأوقاف، على جميع الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة القادمة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير. عناصر الخطبة الجمعة القادمة 23 مايو: ثلاثيةُ الحياةِ الزوجيةِ: «السَّكنُ - المودةُ - الرحمةُ». - حسنُ الخُلقِ، واحتمالُ الأذَى مِن أعظمِ وجوهِ التراحمِ بينَ الزوجينِ. - العنفُ الأسرِي، أسبابُهُ، وآثارُهُ، وعلاجُهُ. - الوصمُ الاجتماعِيُّ وآثرُهُ على الفردِ والمجتمعِ. الأدلة من القرآن الكريم: -قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِيذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. -قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}. الأدلة من السنة النبوية: حديث: 'خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ'. حديث: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فَلَانَا فَاحِبُوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ". نص خطبة الجمعة القادمة 23 مايو 2025: الخطبة الأولى الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، الحَمْدُ للهِ غَافِرِ الذَّنْبِ، وَقَابِلِ التَّوْبِ، شَدِيدِ العِقَابِ، ذِي الطَّوْلِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ، ونَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، ونَشْهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، صَاحِبُ الخُلُقِ العَظِيمِ، النَّبِيُّ المُصْطَفَى الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ: فَإِنَّ الأُسْرَةَ هِيَ الـْمَأْوَى الَّذِي نَلْجَأُ إلَيْهِ مِنْ قَسْوَةِ الْحَيَاةِ، وَالـْمَلَاذُ الَّذِي نَسْتَمِدُّ مِنْهُ الدِّفْءَ وَالْحَنَانَ، الأُسرَةُ هِيَ الرَّوْضُ النَّدِيُّ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ بُذُورُ المَحَبَّةِ وَالوِئَامِ، وَلِذَلِكَ وَصَفَهَا اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ أَبْلَغَ وَصْفٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. عِبَادَ اللهِ، تَأَمَّلُوا مَعي هَذِهِ الْآيَةَ الكَرِيمَةَ الْبَدِيعَةَ، والْكَلِمَاتِ الرَّبَّانِيَّةَ الْعَذَبَةَ: {لِتَسْكُنُوا إلَيْهَا}، أَيُّ سَكَنٍ هَذَا؟! إنَّهُ سَكَنُ الرُّوحِ إلَى الرُّوحِ، وَاطْمِئْنَانُ النَّفْسِ إلَى النَّفْسِ، إِنَّهُ الْأَمَانُ الَّذِي يُوَاجِهُ بِهِ الزَّوْجَانِ تَقَلُّبَاتِ الْحَيَاةِ وصُعُوبَاتِها، إِنَّهُ الْحضْنُ الدَّافِئُ الَّذِي يَمْحُو تَعَبَ النَّهَارِ، وَيَكُفُّ دَمْعَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْحَقُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْنَا بِجَمَالٍ آخَرَ: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، لَيْسَتَا مُجَرَّد كَلِمَتَيْنِ عَابِرَتَيْنِ، بَلْ هُمَا عَمُودَا الْخَيْمَةِ الَّتِي تَقُومُ عَلَيْهَا سَعَادَةُ الأُسْرَةِ وَاسْتِقْرَارُهَا، الْحُبُّ الـْمُتَدَفِّقُ، وَالْحِرْصُ عَلَى إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ الشَّرِيكِ، الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَالِابْتِسَامَةُ الصَّادِقَةُ، وَالْهَدِيَّةُ الرَّائِقَةُ الَّتِي تَحْمِلُ أَصْدَقَ الْمَعَانِي. أَيُّهَا النَّاسُ، امْلَأُوا بُيُوتَكُمْ سَكَنًا وَمَوَدَّةً وَرَحْمَةً «وَتَرَاحَمُوا»، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ التَّجَاوُزُ عَنْ الزَّلَّاتِ، وَتُحْمُّلُ الْأَخْطَاءِ، وَالْإِنْصَاتُ بِقَلْبٍ مَفْتُوحٍ لِلشَّكْوَى، وَتَقْدِيمُ الْعَوْنِ وَالسَّنَدِ فِي أَوْقَاتِ الضَّعْفِ، الرَّحْمَةُ هِيَ أَنْ تُشْعَرَ بِأَلَمِ شَرِيكِكَ كَأَنَّهُ أَلَـمُكَ، وَبِفَرَحِهِ كَأَنَّه فَرَحُكَ، هِيَ أَنْ تَكُونَ لَهُ لَيِّنًا فِي الْعِتَابِ، رَفِيقًا فِي الشِّدَّةِ، مُعِينًا عَلَى نَوَائِبِ الدَّهْرِ. عِبَادَ اللهِ، «فَترَاحَمُوا» فَكَمْ مِنْ بُيُوتٍ تَحَوَّلَتْ إلَى سَاحَات لِلنِّزَاع؟! وَكَمْ مِنْ قُلُوبٍ تَبَاعَدَتْ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ يَوْمًا أَقْرَبُ مَا تَكُونُ؟! وَكَمْ مِنْ أَطْفَالٍ شُرِّدَتْ، بِسَبَبِ غِيَابِ هَذَا الَّتِرَاحُمِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ دِينُنَا الْحَنِيفُ؟! «فتَرَاحَمُوا» أَيُّهَا الْأَزْوَاجُ، تَنَازِلُوا عَنْ بَعْضِ الْحُقُوقِ طَوَاعِيَةً، فَالصُّلْحُ خَيْرٌ، تَغَافَلُوا عَنْ الصَّغَائِرِ، فَالْحَيَاةُ أَقْصَرُ مِنْ أَنَّ نَقْضِيهَا فِي تَتَبُّعِ الْعَثَرَاتِ، تَبَادَلُوا كَلِمَاتِ الْحُبِّ وَالثَّنَاءِ، فَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَلَهَا فِي الْقَلْبِ أَثَرٌ لَا يُمْحَى، وَلَا تَنْسَوا «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ». أيها الكرام «فتَرَاحَمُوا» فِي تَرْبِيَةِ الْأَبْنَاءِ، كُونُوا قُدْوَةً حَسَنَةً لَهُمْ فِي الِاحْتِرَامِ وَالتَّقْدِيرِ الْـمُتَبَادَلِ، عَلِّمُوهُمْ لُغَةَ الْحِوَارِ الْهَادِئِ، وَكَيْفِيَّةَ الِاعْتِذَارِ عِنْدَ الْخَطَأِ، وَكَيْفُ يَكُونُون سَنَدًا لِإخْوَتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ، تَرَاحَمُوا فِي تَدْبِيرِ شُؤُون الْمَنْزِلِ، تَقَاسَمُوا المَسْؤُولِيَّاتِ بِرُوحِ الْفَرِيقِ الْوَاحِدِ، فَكُلٌّ مِنْكُمْ لَهُ دَوْرٌ لَا يَقِلُّ أَهَمِّيَّةً عَنِ الْآخَرِ فِي بِنَاءِ عُشِّ الزَّوْجِيَّة السَّعِيد. أَيُّهَا النُّبَلَاءُ، «فَتَرَاحَمُوا» فَإِنَّ الْعُنْفَ الْأُسَرِيَّ آفَةٌ تُهَدِّدُ نَسِيجَ مُجْتَمَعِنَا، وَتُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى تَرْبِيَةِ أَبْنَائِنَا، وَعَلَى اسْتِقْرَارِ أُسَرِنَا، وَعَلَى تَقَدُّمِ أُمَّتِنَا، فَكَمْ مِنْ طِفْلٍ نَشَأَ فِي بِيئَةٍ عَنِيفَةٍ فَأَصْبَحَ مُعَقَّدًا نَفْسِيًّا، أَوْ جَانِحًا مُنْحَرِفًا؟! وَكَمْ مِنْ امْرَأَةٍ عَاشَتْ عُمُرَهَا فِي خَوْفٍ وَقَلَقٍ، تَحْمِلُ فِي قَلْبِهَا جُرُوحًا لَا تَنْدَمِلُ؟! وَكَمْ مِنْ أُسْرَةٍ تَفَكَّكَتْ وَتَشَتَّتْ بِسَبَبِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ الْـمُشِينَةِ؟! فَدِينُنَا الْإِسْلَامِيُّ الْعَظِيمُ يَدْعُونَا إِلَى الَّتِرَاحُمِ وَالإِكْرَامِ، إِلَى الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، إِلَى الْقَوْلِ اللِّينِ وَالْفِعْلِ الطَّيِّبِ، قَالَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ نَتَعَامَلَ مَعَ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْنَا بِالْقَسْوَة وَالْعُنْفِ؟ أَيُّهَا المُكْرَمُون، فَلْنَجْعَلْ مِنْ بُيُوتِنَا وَاحِاتٍ مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ، وَحَدَائِقَ غَنَّاء بِالْحُبِّ وَالْإِحْسَانِ، لِنَزْرَعَ فِي القُلُوبِ بُذُورَ السَّعَادَة وَالِاطْمِئْنَانِ، ولِنَحْصُدَ ثَمَرًا طَيِّبـًا فِي الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ. -الخطبة الثانية. الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، والصَّلَاةُ والسلامُ على خَاتَمِ الأنْبِياءِ والمُرْسَلينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّىَ الله عليهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجْمَعِينَ، وبَعْدُ: فإنَّ الْوَصْمَ الِاجْتِمَاعِيَّ سُمٌّ قَاتِلٌ يَفْتِكُ بِالْقُلُوبِ الضَّعِيفَةِ، وَيَدْفَعُ الْـمُتَعَافِينَ إلَى الِانْتِكَاسِ، وَيُحْبِطُ التَّائِبِينَ، أَيُّهَا الكِرَامُ، لِنَكُنْ سَنَدًا وَعَوْنًا لِإِخْوَانِنَا، لَا عِبْئًا عَلَيْهِمْ، لَنَمُدَّ إِلَيْهِمْ يَدَ الْعَوْنِ وَالْمَحَبَّةِ، لَا يَدَ الشَّمَاتَةِ وَالنَّبْذِ، ولَنَنْظُرْ إلَيْهِمْ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ وَالْإِنْسَانِيَّة، لَا بِعَيْنِ الْخَوْفِ وَالِاشْمِئْزَازِ، فَكُلُّنَا خَطَّاءُ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ! فَيَا مَنْ تَصِمُونَ النَّاسَ بِأَلْقَابٍ رَدِيئَةٍ، (مَرِيض نَفْسِي، مُدْمِن…) تَأَمَّلُوا هَذَا النَّهْيَ الإِلَهِيَّ البَالِغَ الأَكِيدَ: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ}. ويَا مَنِ ابْتُلِيتَ بِمَرَضٍ نَّفْسِيٍّ أَبْشِرْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرَضَ ابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ، فكَمْ مِنْ نَبِيٍّ مَسَّهُ الضُّرُّ فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ فَكَانَتْ لَهُ الْعَاقِبَةُ خَيْرًا، لَا تَجْعَلْ نَظْرَةَ نَابِيَةً، أَوْ كَلِمَةً جَارِحَةً تَهُزُّ ثِقَتَكَ بِنَفْسِكَ، أَنْتَ لَسْتَ وَصْمَةَ عَارٍ، بَلْ أَنْتَ إنْسَانٌ لَكَ حَقُّ الْعَيْشِ بِكَرَامَةٍ وَتَقْدِيرٍ وَاحْتِرَامٍ. ويَا أَيُّهَا الْـمُتَعَافي مِنْ الْإِدْمَانِ، يَا مَنْ انْتَفَضَتْ مِنْ بَرَاثِنِ الظَّلَامِ، وَكَسَرْتَ قُيُودَ الْوَهْمِ، لَا تَلْتَفِتُ إلَى الْوَرَاءِ، وَلَا تَدَعْ شَبَحَ الْمَاضِي يُخَيِّمُ عَلَى حَاضرِكَ وَمُسْتَقْبَلِكَ، وَاعْلَمْ أَيُّهَا الحَبِيبُ أَنَّ التَّوْبَةَ الصَّادِقَةَ تَمْحُو مَا قَبْلَهَا، وَأَنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ يَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، فاثْبُتْ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ، وَاجْعَلْ مِنْ تَجْرِبَتِكَ نُورًا يَهْدِي التَّائِهِينَ! وَيَا كُلَّ مَنْ أَفَاقَ مِنْ غَفْلَتِهِ، وَنَبَذَ جَرَائِمَهُ، أَرَاكَ مَهْمُومًا، مُكَبَّلًا بِنَظَرَاتِ الشَّفَقَةِ المَمْزُوجَةِ بِالرِّيبَةِ، أَرَاكَ تَتَوَارَى خَجَلًا، تَخْشَى أنْ تَكْشِفَ عَنْ جُرْحِكَ الَّذِي بَدَأَ يَلْتَئِمُ، لَا تَيْأَسْ، قِفْ عَلَى بَابِ الْكَرِيمِ الْأَكْرَمِ، أَصْلَحْ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ يُصْلِحِ اللهُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَك الْقَبُولُ، ويَكْفِيكَ هَذَا النِّدَاءُ الْإِلَهِيُّ الْمُدَاوِي لِحَالِكَ «يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ». اللَّهُمَّ طَهِّرْ نُفُوسَنَا، وَاجْعَلْنَا عَوْنًا لِإِخْوَانِنَا عَلَى نَوَائِبِ الدَّهْرِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

خطباء الجوامع السعودية يؤكدون عدم جواز الذهاب للحج بلا تصريح، وأن التقيد بتعليمات تنظيم الحج من تعظيم شعيرة الحج.
خطباء الجوامع السعودية يؤكدون عدم جواز الذهاب للحج بلا تصريح، وأن التقيد بتعليمات تنظيم الحج من تعظيم شعيرة الحج.

النهار المصرية

time١٦-٠٥-٢٠٢٥

  • النهار المصرية

خطباء الجوامع السعودية يؤكدون عدم جواز الذهاب للحج بلا تصريح، وأن التقيد بتعليمات تنظيم الحج من تعظيم شعيرة الحج.

حذرو من الفتاوى المضللة التي تدعوا للحج بلا تصريح مؤكدين أن مخالفة ولي الأمر معصية لله عزوجل توحدت اليوم خطب جوامع المملكة بمختلف المناطق والمحافظات لبيان عدم جواز الذهاب إلى الحج بلا تصريح وذلك إنفاذاً للتوجيه الصادر من معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد رئيس اللجنة العليا لأعمال الوزارة بالحج والعمرة والزيارة الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ للحديث عن هذا الموضوع وبيان الأحكام الشرعية المتعلقة به. وقد تناول الخطباء خلال الخطبة التأكيد على وجوب الالتزام بالتعليمات والأنظمة الصادرة لتنظيم الحج وتيسيره للناس، وبيان أن التقيد بهذه التعليمات والأنظمة التي وُضعت لخدمة الحجاج وحمايتهم هو من تعظيم هذه الشعيرة، مستدلين بقول الله عز وجل (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ). كما بين الخطباء عدم جواز الذهاب إلى الحج بلا تصريح، لأن في ذلك مخالفة لأمر ولي الأمر الذي أصدر هذه التعليمات لتحقيق المصالح العليا في الحج التي قررها ولاة الأمر في هذه البلاد التي اختصها الله برعاية شؤون الحرمين الشريفين. كما ذكر الخطباء المصلين بأن من المحاذير العظيمة في الحج بلا تصريح أنه لا يقتصر ضرره على المخالف، بل يتعدى إلى غيره، فيسبب الزحام في المشاعر، ويؤذي الحجاج، ويعيق الخدمات، ويُشغل الجهات الأمنية والصحية، مبينين ذلك من الضرر المتعدي المحرم شرعاً . وحذر اصحاب الفضيلة الخطباء من الفتاوى المضللة التي يروج لها بمخالفة التعليمات المنظمه للحج والعمرة والتي اتخذتها المملكة تحقيقاً لما يخدم ضيوف الرحمن ويوفر لهم الأجواء المناسبة لتأدية مناسكهم بكل يسر وطمأنينة، لافتين إلى أن هذه الفتاوى لا تراعي المصلحة العامة التي يجب الالتزام بها والتي قررها ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة التي شرفها الله تعالى باحتضان الحرمين الشريفين وتقديم الخدمات لقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار. تجدر الإشارة إلى أن هذا التوجيه الذي أصدره معالي الوزير الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ يأتي في اطار الجهود التوعوية والإرشادية االتي تبذلها الوزارة من خلال تفعيل دور منبر الجمعة لتوجيه الناس وتنبيههم لما فيه مصلحة لدينهم ووطنهم ودنياهم خاصة هذه الأيام التي تتزامن مع قرب موسم حج هذا العام 1446هـ، وما تشهده هذه الشعيرة العظيمة من تنظيم دقيق وسعي حثيث من القيادة الرشيدة لتيسير أداء النسك لضيوف الرحمن بأمان ويسر وانتظام .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store