logo
ترامب وقناة 'بن غوريون' وانكشاف مصر الاستراتيجي! ايهاب شوقي

ترامب وقناة 'بن غوريون' وانكشاف مصر الاستراتيجي! ايهاب شوقي

ساحة التحرير١٠-٠٥-٢٠٢٥

ترامب وقناة 'بن غوريون' وانكشاف مصر الاستراتيجي!
ايهاب شوقي
في أعقاب مصادقة 'الكابينيت' على توسيع الحرب على قطاع غزة، وما يشمله من احتلال للمزيد من المناطق والبقاء فيها، واستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لهذه العملية الموسعة، صرح نتنياهو بأن الجيش لن ينسحب من مناطق يدخل إليها. وقال 'بتسلئيل سموتريتش': 'إننا لم نكن ندخل غز حتى نخرج منها، وهو ما يوفر شواهد إضافية لخطط أوسع تتعلق بالإقليم وبمشروع 'جيو- استراتيجي' و'جيو-اقتصادي' أميركي صهيوني، تتزامن معه تسريبات بخصوص قناة السويس وقواعد أمريكية في جزيرتي تيران وصنافير.
إذ نقلت، مؤخرًا، وسائل إعلام لها موثوقة، عن مصادر رسمية مصرية، أن المملكة السعودية عرضت على الولايات المتحدة إقامة قواعد عسكرية في جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة، في إطار مقترح أميركي يهدف إلى توسيع النفوذ العسكري في البحر الأحمر. وهو عرض يتزامن مع تصريحات مريبة للرئيس ترامب تدعي أن اميركا تحمي قناة السويس؛ فيحق لها المرور مجانًا من دون رسوم، وهو تزامن يوحي بأن تصريحات ترامب تأتي في سياق التهديد لقناة السويس، وليس مجرد ابتزاز.
يكتمل مشهد التهديد، هنا إذا، ما رُبط بالأحداث في مشروع قناة 'بن غوريون'، والتي يوفر احتلال غزة لها حظًا وافرًا للتنفيذ بسبب تقليل الكلفة وسهولة وسرعة شقها، والذي تعطل كثيرًا بسبب وجود مقاومة في غزة يمكنها تهديد القناة وإغلاقها، وبسبب طرقها الالتفافية للوصول إلى عسقلان؛ وهذا ما يشكل كلفة كبيرة وصعوبات جغرافية.
في هذا الصدد؛ نحن أمام مشهد متكامل من التهديد لدول المنطقة كافة، ومنها ما يعرف بمحور 'الاعتدال'، وأكبر المهددين هي مصر وأمنها القومي، سواء عبر الانكشاف الاستراتيجي لسيناء أم عبر الانكشاف الاقتصادي بسلبها أهم شريان للعملة الأجنبية، وقطع الطريق عن مشروعاتها الاستثمارية، وسلبها أوراق القوة والردع كافة.
هذه الأمور بحاجة إلى بعض التفاصيل؛ لبيان مدى جدية المشهد الراهن وخطورته:
أولاً- بخصوص جدية احتلال غزة
يصعب تصور هذا الحشد الصهيوني، وهذا الغطاء الأميركي الشامل للغطاء العسكري والسياسي والاقتصادي، وحتى والتدخل الفعلي عسكريًا بالعدوان على اليمن والتهديد لإيران، أنه مجرد ضغط سياسي لتحرير الأسرى، أو للضغط على تخلي المقاومة عن الحكم في غزة؛ بل هو مشهد تصفية وتطهير عرقي وتهجير تحت مرأى العالم ومسمعه والمؤسسات الأممية. تاليًا؛ إن العائق الوحيد هو صمود المقاومة في غزة وجبهات الإسناد النشطة؛ مثل اليمن، والصابرة والمنتظرة للأوامر مثل لبنان.
لكن فعليًا ينفّذ مشروع التهجير والقتل والإبادة وتوسيع الكيان لمناطق سيطرته مستغلاً الظرف السوري، والصمت والعجز والتخاذل العربي الرسمي. وهذا الاحتلال لن يكون مجرد احتلال استيطاني، المخطط هو أن يكون احتلالاً للثروات، وعلى رأسها آبار الغاز في حقل غزة مارين، وتنفيذ حلم الكيان منذ الستينيات بشق قناة 'بن غوريون' لإنهاء مشروع قناة السويس، في جوانبه الاستراتيجية والاقتصادية.
ثانيًا- قناة 'بن غوريون' والممر الهندي
مشروع قناة 'بن غوريون' هو مشروع أميركي بامتياز؛ لأن أميركا لا ترغب في ممرات دولية مشتركة ومتوازنة بين أطراف الصراع الدولي، بل ترغب في ممرات تخضع بالكامل للسيطرة الأمريكية. واللافت أن الولايات المتحدة درست اقتراحًا، في العام 1963، باستخدام 520 قنبلة نووية لصنع بديل لقناة السويس يمر عبر 'إسرائيل' ، وفقا لما نشرته صحيفة 'بيزنس إنسايدر'، نقلاً عن مذكرة رفعت عنها السرية في العام 1996. ومشروع قناة بديلة عن قناة السويس يكفل لأميركا الربط مع مشروع الممر الهندي لتحويل مجرى الاقتصاد العالمي، من الهند إلى أوروبا، بعيدًا عن الممر الصيني. وهذا ما أكدته تصريحات سابقة لنتنياهو؛ أوضح فيها أن 'إسرائيل' في محور مشروع دولي غير مسبوق سيربط البنية التحتية من آسيا إلى أوروبا، وأن الممر الجديد 'سيؤتى ثماره لرؤية طويلة الأمد ستغير وجه الشرق الأوسط و'إسرائيل'.
إزاء ذلك؛ يكفي معرفة أن التجارة بين الهند وأوروبا اعتمدت، بشكل كبير، على قناة السويس، ولكن بعد استحواذ 'كونسورتيوم' بقيادة 'مجموعة أداني' الهندية على ميناء حيفا، ثاني أكبر ميناء في'اسرائيل'. إذ المخطط هو تحويل حيفا إلى منشأة عالمية المستوى، يمكن أن تكون طريقًا بديلاً، إلى جانب تحدي بصمة الصين المتنامية في المنطقة.
بالعودة إلى تفجير مرفأ بيروت؛ يكتمل المشهد لبتضح مسار الخطط الصهيونية والأميركية في تخريب المرافئ، والتي تمثل مشتركات لجميع الأطراف، وتطوير المشروعات التي تخدم الأجندة الاقتصادية الأمريكية وحلفاءها حصرًا. وهنا؛ يتمثل البديل الاقتصادي الأساسي لقناة السويس في إنشاء قناة 'بن غوريون'، بين إيلات والبحر الأبيض المتوسط، ما يستوجب الاستيلاء على قطاع غزة كاملاً، لأن أرض غزة فقط هي التي تسمح بحفر القناة بخلاف أراضي المنطقة الصخرية الأخرى.
ثالثًا- القواعد الأمريكية في تيران وصنافير
تزامن تسريب الأخبار عن اتفاق سعودي- أميركي في إقامة قواعد عسكرية في تيران وصنافير، والتي تنازلت مصر عنها على الرغم من الاعتراضات الشعبية وأحكام القضاء المصري ببطلان التنازل عنها، مع الإعداد لزيارة ترامب إلى السعودية في أيار/مايو الجاري. وتزامنت، أيضا، مع تصريحات وقحة لترامب تدعي أن أميركا تحمي القناة؛ فيحق العبور المجاني للسفن العسكرية والتجارية.
يمكن أن يفهم التصريح أنه تهديد بالربط مع سياق الإعلان عن بدء مفاوضات استثمارية ضخمة لمصر مع الصين، وكذلك تنفيذ أول مناورات عسكرية مشتركة بين الجيشين المصري والصيني تحت اسم 'نسور الحضارة'. ومصدر التهديد هنا نابع من أن قناة السويس، بالنسبة إلى أميركا، ليست مجرد ممر مائي، بل ركيزة استراتيجية في أي خطط تمتد من المتوسط إلى الخليج، وتاليًا التلويح بقواعد أمريكية تشرف على سيناء والعقبة هو تهديد مزدوج لمصر، حيث يعني في جانب منه تهديدًا للقناة، وفي الجانب الآخر حماية ودعمًا لإنشاء القناة البديلة.
لقد حدثت تسريبات إعلامية تؤكد هذه الفكرة، فقد نقل عن مسؤولين أوروبيين ومصريين وإقليميين أن ما تريده واشنطن وتناقشه مع حلفائها الإقليميين هو تغيير جذري في منظومة الأمن في البحر الأحمر، ما يضعها في طليعة القوى المراقبة للممر البحري. وممّا لا شك فيه أن تنازل مصر عن الجزيرتين أفقدها ورقة إغلاق الملاحة في وجه السفن الإسرائيلية في حال أي حرب يمكن أن يشنها الكيان الصهيوني على مصر، لأنه بموجب التنازل أصبح ممرًا دوليًا، وأصبح إغلاقه في حال الحرب عدوانًا بعد أن كان حقًا مكفولاً لمصر.
هذا يعني أن 'إسرائيل' لو تمادت في عدوانها ومخطط التهجير، واندلع بسبب إصرارها أي اشتباك مع مصر، فإن أوراق القوة المصرية تراجعت، والأخطر أن أميركا راعي الكيان قد تتمركز على حدود سيناء لتشرف على مخطط التهجير، وربما على العدوان على سيناء.
مما لا شك فيه أنها مخططات كابوسية؛ ولعل مصر تفطن حاليًا إلى الخطأ التاريخي بتنازلها عن دورها في الصراع وتخليها عن المقاومة، وما تبعه من تفريط في أوراق القوة والدخول إلى هذا المنزلق من الانكشاف الاستراتيجي.. ولكن؛ ربما هناك مجال للعودة واللحاق بالبقية الباقية من الأمن القومي، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، شريطة توفر الإرادة السياسية واتباع خطوات استراتيجية حقيقية، لا مناورات شكلية لتحسين شروط التبعية.
‎2025-‎05-‎10
The post ترامب وقناة 'بن غوريون' وانكشاف مصر الاستراتيجي! ايهاب شوقي first appeared on ساحة التحرير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هرباً من الضغط والتهديدات.. استقالات جماعية لموظفي الحكومة الأمريكية
هرباً من الضغط والتهديدات.. استقالات جماعية لموظفي الحكومة الأمريكية

وكالة أنباء براثا

timeمنذ ساعة واحدة

  • وكالة أنباء براثا

هرباً من الضغط والتهديدات.. استقالات جماعية لموظفي الحكومة الأمريكية

قالت نقابات وخبراء وموظفون إن عشرات الآلاف من العاملين بالحكومة الأمريكية فضلوا الاستقالة على تحمل ما يعتبره كثيرون عذاب انتظار تنفيذ إدارة ترامب لتهديداتها بفصلهم. وقع الرئيس دونالد ترامب أمرا تنفيذيا عند توليه منصبه لخفض حجم وإنفاق الحكومة بشكل كبير. وبعد أربعة أشهر، لم تتحقق بعد عمليات التسريح الجماعي للموظفين في أكبر الوكالات حتى الآن وأبطأت المحاكم سير العملية. اختار معظم موظفي الخدمة المدنية الذين غادروا أو سيغادرون بحلول نهاية سبتمبر/ أيلول برنامجا للتقاعد المبكر أو حوافز أخرى للاستقالة. وقال بعضهم لرويترز إنهم لم يعودوا قادرين على تحمل الضغط اليومي انتظارا لطردهم بعد تحذيرات متعددة من مسؤولي إدارة ترامب بأنهم قد يفقدون وظائفهم في الموجة التالية من تسريح الموظفين. ونتيجة لذلك، تمكنت إدارة ترامب والملياردير إيلون ماسك المشرف على إدارة الكفاءة الحكومية من خفض ما يقرب من 12% من القوى العاملة المدنية الاتحادية البالغ قوامها 2.3 مليون موظف، وذلك إلى حد كبير من خلال التهديدات بالإقالة والاستقالات وعروض التقاعد المبكر، حسبما خلصت مراجعة رويترز لعمليات الاستقالة من الوكالات. لم يستجب البيت الأبيض لطلب التعليق على هذه القصة. ويقول ترامب وماسك إن البيروقراطية الاتحادية متضخمة وغير فعالة وتساهم في الهدر والاحتيال. لم يقدم البيت الأبيض حتى الآن إحصاء رسميا لعدد من سيغادرون القوى العاملة الاتحادية. وقال إن 75 ألف شخص قبلوا العرض الأول من عرضين للتسريح، لكنه لم يذكر عدد من قبلوا العرض الثاني الشهر الماضي. وبموجب الخطة، سيحصل موظفو الخدمة المدنية على رواتب ومزايا كاملة حتى 30 سبتمبر/ أيلول، مع عدم اضطرار معظمهم للعمل خلال تلك الفترة. ومن المقرر إجراء تخفيضات حادة في عدد من الوكالات، بما في ذلك أكثر من 80 ألف وظيفة في وزارة شؤون قدامى المحاربين و10 آلاف وظيفة في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية. ومنذ يناير/ كانون الثاني، يتحدث كثير من الموظفين الحكوميين عن العيش في خوف من الطرد من العمل. وأرسلت العديد من الهيئات رسائل بالبريد الإلكتروني بشكل منتظم إلى الموظفين تحثهم على قبول برامج الاستقالة أو مواجهة احتمال التسريح. كما أنهم يعانون من تكدسهم في المكاتب بعد أن أمر ترامب جميع العاملين عن بعد بالعودة إلى مقر العمل، إلى جانب الخلل الوظيفي داخل الوكالات بسبب رحيل الموظفين ذوي الخبرة. وقال دون موينيهان الأستاذ في كلية فورد للسياسة العامة في جامعة ميشيغان "من غير المناسب اعتبارها استقالات طوعية. فالعديد من هؤلاء الموظفين يشعرون أنهم أُجبروا على الاستقالة". وقبلت شارلوت رينولدز (58 عاما) عرض التقاعد المبكر وتركت وظيفتها كمحللة كبيرة للضرائب في دائرة الإيرادات الداخلية لتحصيل الضرائب في 30 أبريل/ نيسان. وقالت "أخبرونا أننا لسنا منتجين وليس لنا فائدة. كرست 33 عاما من عمري للعمل في مصلحة الضرائب وعملت بجد. أصابني ذلك بشعور فظيع". قال إيفريت كيلي رئيس الاتحاد الأمريكي للموظفين الحكوميين، وهو أكبر اتحاد للعمال الاتحاديين ويضم 800 ألف عضو "منح الرئيس سلطة لأشخاص مثل إيلون ماسك وفريقه في إدارة الكفاءة الحكومية لمضايقة الموظفين الاتحاديين وإهانتهم ونشر الأكاذيب بشأنهم وعملهم وإجبار عشرات الآلاف منهم على ترك العمل". وقال أحد الموظفين في إدارة الضمان الاجتماعي، طلب عدم الكشف عن هويته خشية إلغاء عرض الاستقالة المبكرة، إن التوتر دفعه إلى السهر لوقت متأخر وشرب المزيد من الكحوليات وتقليل ممارسة الرياضة. وطعنت عشرات الدعاوى القضائية في قانونية مساعي إدارة ترامب لفصل العمال الاتحاديين. ومنع قاض اتحادي في كاليفورنيا في التاسع من مايو/ أيار تسريح العاملين في 20 وكالة وقال إنه يجب إعادتهم إلى وظائفهم. وتطعن الإدارة الأمريكية في الحكم الذي نص على أن ترامب لا يمكنه إعادة هيكلة الوكالات الاتحادية إلا بتفويض من الكونغرس.

الاستجابة والصحوة والأسئلة الصعبة!محمد السعيد إدريس
الاستجابة والصحوة والأسئلة الصعبة!محمد السعيد إدريس

ساحة التحرير

timeمنذ ساعة واحدة

  • ساحة التحرير

الاستجابة والصحوة والأسئلة الصعبة!محمد السعيد إدريس

الاستجابة والصحوة والأسئلة الصعبة! د. محمد السعيد إدريس لم يعد خافياً على أحد كم ونوع التحديات الهائلة التى تواجه الأمة . وعندما نقول الأمة فيجب أن نكون على اتفاق فى الوعى بالمعنى، الذى نريده ونقصده بمصطلح الأمة، استباقاً لأى اشتباك قد يفرض نفسه حول المفاهيم . نعنى بالأمة، فى مقامنا الراهن بداية «الوطن المصرى» باعتباره جزءاً أصيلاً من أمته العربية. فمصر أضحت «فى قلب العاصفة» التى تجتاح معظم الدول العربية الشقيقة. هى، كما يقول الأعداء «جائزتهم الكبرى» التى يحلمون بها. يجب أن نعى كمصريين أن مصر فى خطر، والعدو الصهيونى، مدعوماً بقيادته الأمريكية، لن يتردد لحظة فى الوثوب على مصر، إن استطاع ذلك، أو إن أتاحت له تداعيات الأحداث تحقيق هذا الحلم اقتناعاً بأنه لا مستقبل ناجح للمشروع الصهيونى قبل القضاء ونهائياً على أى خطر مصرى محتمل. ونعنى بالأمة هنا أيضا «أمتنا العربية» كما تتجسد تاريخياً على أرض وطننا العربى الممتد من الخليج العربى إلى المحيط الأطلسى ، وهو الوطن الذى يتعرض الآن لأخطر تحدياته، حيث تجرى ثلاث عمليات استئصالية فى هذا الوطن فى وقت واحد: تجرى أولاً عملية تفكيكه وإعادة تقسيمه إلى دويلات عرقية وطائفية ودينية، لتكون هذه الدويلات مُهيأة للخضوع والتبعية للقيادة الإقليمية الإسرائيلية. وتجرى ثانياً عملية القضاء النهائى على قلبه النابض وموازن توحده، وأعنى فلسطين . هذه المرة، غير ما حدث بعد عدوان يونيو 1967 لا يكتفى الإسرائيليون باحتلال الأرض التى احتلوها عام 1967، بل إنهم حريصون على تصحيح ما يعتبرونه خطأ فادحاً ارتكبوه عقب حرب 1967، وهو تفريغ الأرض من الشعب، لأن بقاء الشعب على الأرض اكتشفوا أنه الخطر الأكبر الذى يولد موجات المقاومة تلو الأخرى. هم الآن يعملون على تفريغ فلسطين من شعبها بالقتل والطرد، حتى لا يبقى وجود لفلسطين. أما العملية الثالثة فهى استئصال الهوية الحضارية وعمقها الإسلامى. فى مرحلة من المراحل كانت «العروبة» هى المستهدفة، وعملوا على إسقاط مشروع النهوض العروبى للأمة، الذى قاد نضاله الزعيم جمال عبدالناصر.. والآن جاء الدور لاستئصال «الإسلام» حتى لا يبقى للأمة مرتكز هوية بالقضاء نهائياً، كما يأملون على الإسلام اعتقاداً منهم أنهم قضوا على العروبة. رأس الحربة فى هذه العمليات الاستئصالية هو تبنى الولايات المتحدة، فى ظل إدارة رئيسها الحالى دونالد ترامب مشروع «إسرائيل الكبرى». ويعى الإسرائيليون أن تحقيق هذا الطموح يتم من خلال مبدئين أساسيين استراتيجيين صاغهما «أوديد إينون» مستشار أرييل شارون رئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلى الأسبق فى وثيقة أعدها عام 1982 تحت عنوان «استراتيجية إسرائيل للثمانينيات». هذان المبدآن هما: العمل أولاً على تحويل إسرائيل إلى قوة إقليمية إمبريالية، والعمل ثانياً على تحويل المنطقة برمتها إلى دويلات صغيرة عن طريق تفكيك جميع الدول العربية القائمة حالياً. وتضمنت هذه الاستراتيجية تخطيطاً لتفكيك الدول العربية إلى كيانات طائفية وعرقية ودينية صغيرة، بهدف ضمان تفوق إسرائيل الإقليمى من ناحية، والقضاء من ناحية أخرى على العروبة كهوية حضارية جامعة للأمة العربية، وركزت بشكل خاص على سوريا، مشيرة إلى ضرورة تقسيمها إلى دويلات : علوية وسنية ودرزية. هذه الاستراتيجية هى جوهر استراتيجية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته . فإذا كان ترامب قد أعطى الضوء الأخضر لرئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو لتفريغ قطاع غزة من شعبه، والترويج لعمليات تستهدف نقل مليون فلسطينى من أهالى غزة إلى ليبيا، فإن ترامب استهدف فى جولته الخليجية الأخيرة, تهيئة الأرضية لإنجاح استراتيجية إسرائيل بشقيها: أن تتحول إلى قوة إقليمية كبرى مسيطرة دون منافس إقليمى، وتفكيك الدول العربية وإنجاح مخطط التقسيم، وإعطاء الأولوية لسوريا، مع تجهيل متعمد لجرائم «العرقبادة الإسرائيلية» (التطهير العرقى والإبادة الجماعية) فى قطاع غزة، وقبل هذا وذاك توجيه ضربة موجعة للأمة بمفهومها الحضارى العربى – الإسلامى، بإعطاء توجيهات إلى ضرورة انخراط دول المنطقة عموم الدول العربية فيما يسميه «السلام الإبراهيمي» وهو المشروع المزدوج النصل: نصله الأول فرض التطبيع القسرى مع إسرائيل، ونصله الثانى اعتناق «الديانة الجديدة التلفيقية التى يريدها ترامب وإسرائيل لنزع الهوية الحضارية الإسلامية عن الوطن العربى وجواره الحضارى، كى لا يبقى فى هذه المنطقة الواسعة التى تحمل اسم «الشرق الأوسط» من رابط يحمى ويجسد وحدتها، بانتزاع الإسلام كدين وكهوية حضارية. إذا كانت هذه هى عناوين تلخيصية للتحديات والمخاطر التى تواجهنا فليس أمامنا غير خيارين: إما خيار المواجهة والدفاع عن الذات ، الدفاع عن الأوطان والدفاع عن الأمة بامتدادها التاريخى من الخليج العربى إلى المحيط الأطلسى ، والدفاع عن الهوية الحضارية العربية – الإسلامية للأمة، وهذا هو خيار البقاء ، وإما الاستسلام والخضوع للمشروع الأمريكى – الإسرائيلى وهذا هو خيار الفناء. وإذا كان القانون العلمى للحركة يقول إن «لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى الكتلة ومضاد له فى الاتجاه» فإن الاستجابة العربية للمخاطر والتحديات إما أن تكون بحجم وقوة تلك المخاطر والتحديات كى تكون «استجابة بقاء» وإما أن تكون دون ذلك وعندها ستكون «استجابة فناء». القمة العربية الدورية رقم 34 التى استضافها العراق يوم السبت الفائت (17/5/2025) تدفع الأمة دفعاً للقبول الطوعى بـ «استجابة فناء» فهى قمة دون التحديات التى تواجه الأمل وخلت من أى قدرة على الفعل، وتؤكد بما لا يدع أى مجال للشك أن الاستجابة التى نريد هى استجابة صحوة قادرة على أن تجيب عن أسئلة النهوض التاريخى للأمة مهما كانت صعوبتها ، لأننا بكل المعايير .. نستطيع. ‎2025-‎05-‎20

البنتاغون ينشر نتائج التحقيق بالانسحاب "الكارثي" من أفغانستان
البنتاغون ينشر نتائج التحقيق بالانسحاب "الكارثي" من أفغانستان

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 3 ساعات

  • وكالة أنباء براثا

البنتاغون ينشر نتائج التحقيق بالانسحاب "الكارثي" من أفغانستان

أعلن وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، اليوم الثلاثاء، (20 أيار 2025)، أن النتائج الأولية للتحقيق في عملية انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان قد تُعلن بحلول يوم غد الأربعاء. وقال وزير الدفاع الأمريكي، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، إنه "على الرغم من أن هذه المراجعة تستغرق وقتًا، إلا أن جميع المعنيين بالانسحاب الكارثي من أفغانستان يتحملون المسؤولية". وأضاف أنه من المتوقع صدور بيان عن تقدم عمل فريق التحقيق "إن لم يكن في وقت لاحق من اليوم، فغدًا الأربعاء"، بحسب تعبيره. وأشار هيغسيث إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تُحقق تقدمًا ملموسًا في جمع المعلومات وإجراء المقابلات مع المسؤولين، مع الإشارة إلى أن بعض التفاصيل تتطلب وقتًا أطول بسبب السرية المحيطة بالعملية "وقد يستغرق التحقيق حتى عام 2026"، بحسب الوزير. وأكد أنه اختار أعضاء فريق التحقيق "بعناية"، ومن بينهم ستيوارت شيلر العامل حاليًا في البنتاغون، واصفًا إياه بأنه "الشخص الوحيد الذي طُرد بسبب قوله الحقيقة حول ما كان يحدث في أفغانستان". وبعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بدأ البنتاغون عملية جديدة للتحقيق في انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. وانتقد ترامب وفريقه إدارة سلفه جو بايدن مرارًا حول طريقة الانسحاب من أفغانستان في صيف 2021، والتي أدت إلى سيطرة طالبان على البلاد. على الرغم من عدم تبني ترامب سياسة واضحة تجاه أفغانستان حتى الآن، إلا أنه ركز بشكل خاص على استعادة الأسلحة والمعدات العسكرية المتبقية هناك، والتي تبلغ قيمتها أكثر من 7 مليارات دولار. لكن هذا الأمر رفضته حركة طالبان، حيث قال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حكومة طالبان، في وقت سابق، إن "من يريد الأسلحة عليه أن يأتي إلى هنا (أفغانستان) ويأخذها"، في إشارة إلى عدم التنازل عنها إلا بالقتال. من جهة أخرى، أعرب الرئيس الأمريكي عن اهتمامه الكبير بقاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، مؤكدًا أهميتها الاستراتيجية لقربها من الصين، وزعم في تصريحات عدة بأن القاعدة أصبحت الآن "تحت سيطرة الصينيين".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store