
ما زالت سوريا في «الفترة الانتقالية».. !
عندما يزاح الرئيس الديكتاتور، رأس النظام، في أي بلد، تدخل البلد المعني في ما يسمى بـ«المرحلة الانتقالية»... حيث تكون سلطة انتقالية «مؤقتة» (مجلس حاكم)... تدير البلاد، لمدة محددة، لا تقل غالباً عن سنة واحدة، ريثما يتم فيها إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة، وتقام حكومة جديدة. لهذه السلطة المؤقتة؛ ممثلةً في مجلس سيادي أعلى، أهمية مرحلية بالغة. فمستقبل البلد المعني يعتمد على ما تقرره حقيقة، وما تفعله أثناء توليها. لذا، تصر قيادات الهبات الشعبية على أن يكون المجلس الانتقالي الأعلى مكوناً من هذه القيادات، وعدد أقل مناسب -في حالة الانقلابات العسكرية- من قياديي العسكريين، حتى لا يطغى العسكر على سياساته وقراراته. وبالنسبة لسوريا، لم يكن للعسكر أي دور في ما حصل. فالجيش النظامي، تبعثر، وتفكك، بعد تولي الشرع السلطة، وبعد تحطيم إسرائيل حوالي 80% منه.
أما في الانقلابات العسكرية، التي تحصل في الدول النامية المختلفة، من وقت لآخر، فما حصل بسوريا ليس انقلاباً عسكرياً. وفي الانقلابات العسكرية، غالباً ما يصر العسكر على تشكيل كامل المجلس الانتقالي، أو السماح لعدد أقل من المدنيين (قادة الأحزاب والمجموعات السياسية) في عضويته. فهذا المجلس سيشرف غالباً على وضع دستور جديد للبلاد، وإقامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي سيتمخض عنها نظام سياسي جديد، قد يحدد مصير البلد المعني لسنوات، أو عقود قادمة.
أما في سوريا، فقد تولت مجموعة الشرع السلطة، وبدأت تتصرف كمجلس انتقالي. وليس ذلك العمل إلا مشروعاً ومقبولاً في مجال السياسة. ويعامل كانقلاب عسكري، أو كانقلاب. ومعروف أن الانقلابات السياسية قد تكون عسكرية، وقد تكون غير ذلك، كانتصار مجموعة مقاومة معينة، والسيطرة على السلطة، كما حصل بسورية..
****
إن السلطة الانتقالية المؤقتة، ممثلة بالمجلس السيادي الأعلى، في الانقلابات العسكرية، وفي غيرها، ستفعل، في هذه المرحلة، أحد أمرين:
- إما أن تعيد إنتاج النظام السابق، بشكل أو آخر، أو:
- تحرص على عمل نظام سياسي جديد، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة... تنتج عنها حكومة ممثلة للشعب فعلاً، ومستجيبة لرغبات غالبيته.
وبالتأكيد، فإن حكومة الشرع، قد جنحت للخيار الثاني.
في حالة الانقلابات العسكرية، كثيراً ما يجنح العسكر للخيار الأول، حيث يرشح بعض قادة العسكر -خاصة بعض رموز النظام السابق- أنفسهم، ويتولى أحدهم الرئاسة، بعد أن يخلع البزة العسكرية. ويتم «ترتيب» الانتخابات، بما يضمن فوزه ورفاقه. هنا يكون البلد قد استبدل ديكتاتوراً بآخر. وسيعمل الرئيس الجديد على أن يكون لديه برلمان طوع بنانه... وتنسى الهبة الشعبية، وينسى الانقلاب. ولأن كل دول العالم الديمقراطية الحالية ترفض الحكومات العسكرية الصريحة، تبذل الحكومة الجديدة قصارى جهدها لتظهر بأنها مدنية، تمثل شعبها، لا القلة العسكرية فيه فقط؟!
أما إن حرص الجيش على تسليم السلطة للمدنيين (الشعب) كما يتوجب، وكما تريد غالبية الشعوب المنتفضة، وعمل على ضمان إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية سليمة، ثم عاد إلى ثكناته، مقره ومكانه الطبيعي، فإنه يكون بذلك، قد أبدى نزاهة ووطنية، ومهنية رفيعة، ونقل بلاده لنظام تقبله غالبية الشعب المعني، ويضمن للبلاد الأمن والاستقرار الحقيقي، في المدى الطويل، وحتى لا تتكرر (بعد حين) الهبات الشعبية باهظة الثمن والتضحيات، حتى لو كانت سلمية... ويندر القادة الذين يؤثرون مصلحة شعبهم على بريق السلطة.
****
وهناك ما يسمى بـ«الطب السياسي» (أو الإجراءات الإصلاحية السياسية الحكيمة) التي بواسطتها تعالج الدول المضطربة سياسياً، أو الدول المريضة سياسياً، إن تمكن إخضاعها للعلاج. وتداوى تلك المهددة بانهيار وشيك، أو اضطراب سياسي حاد، أو «حرب أهلية» في الأفق، أو ما شابه ذلك. وهذا ما يفترض من موضوع التنمية السياسية القيام به. ومن صور «الطب السياسي»، المشار إليه: قيام منظمات، أو دول أخرى، أو شخصيات ذات خبرة وتأثير، من داخل وخارج تلك البلاد، باستخدام كل ما يمكنها استخدامه من جهود واتصالات، لوقف ذلك العناء، وإعادة الحياة الطبيعية للبلاد المعنية، إلى ما كانت عليه، أو أحسن... عبر: الوساطة (النزيهة) بين الفرقاء المعنيين. وإن كان «علم السياسة» يقدم «تطبيباً» لـ«الجراح والأمراض السياسية» المختلفة، فإن من أبرز صور هذا التطبيب هي ذلك المسعى، أو ما يسمى بـ«التدخل السياسي الحميد»، إن حسنت نياته بالفعل، والذي كثيراً ما ينتج عنه شفاء أمراض سياسية عضال مختلفة، وإعادة الاستقرار إلى بلاد افتقدته.
والواقع، أن التنمية السياسية الإيجابية تضمن الحفاظ على «صحة الدولة»، أية دولة، وضمان استقرارها السياسي، وتوحدها. في الحالة السورية، لا يبدو أنهم بحاجة لوساطة، سواء عربية، أو أجنبية. ولكنهم بحاجة لمزيد من التأييد الشعبي. وهذا لا يمكن الحصول عليه إلا بتمثيل كل فئات الشعب السوري، بمن فيهم الأكراد، وحتى الدروز، وغيرهما. ولهذا الحديث صلة.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 17 دقائق
- الشرق الأوسط
معطيات عن هجوم مسلح على قاعدة «حميميم» الروسية في سوريا
تناقلت منصات إعلامية بعضها مقرب من وزارة الدفاع الروسية معطيات عن تعرض قاعدة «حميميم» الروسية بالقرب من اللاذقية إلى هجوم مسلح صباح الثلاثاء أسفر عن وقوع قتلى بين الجنود الروس. ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجانب الروسي يؤكد أو ينفي صحة المعطيات، كما تجنبت وسائل الإعلام الحكومية الإشارة إلى الخبر في تغطياتها. ونقل موقع «ستارغراد» المقرب من المؤسسة العسكرية معلومات عن المراسل الحربي أوليغ بلوخين، الذي قال إن مجهولين نفذوا هجوماً مسلحاً على القاعدة الجوية أوقع قتلى بين العسكريين الروس من دون أن يحدد عددهم. ووفقاً للمراسل فقد وقع الهجوم قرابة الساعة الخامسة صباحاً، وحاولت مجموعة مسلحة يقدر تعداد أفرادها بأربعة أو خمسة متشددين اقتحام نقطة أمنية قرب القاعدة، ووقع اشتباك مسلح أسفر عن قتل أربعة من المهاجمين. وأوضح المراسل أن سلطات القاعدة أطلقت عملية لملاحقة مهاجم واحد على الأقل ربما فرّ في أثناء المواجهة، وأطلقت نظام تشويش الاتصالات في المنطقة باستخدام أنظمة الحرب الإلكترونية. وأشار بلوخين إلى أن الوضع بالقرب من القاعدة «عاد إلى الهدوء بعد ذلك ولا توجد أي معلومات أخرى عما حدث». في رواية أخرى شبيهة نشرت قناة «ماش» على «تلغرام» تفاصيل عن الهجوم، تحدثت عن إحباط الهجوم وقتل ثلاثة مهاجمين على الأقل. ووفقاً للمنصة التي تنقل أخبار العسكريين الروس في سوريا فقد «نجح الجيش الروسي في إحباط هجوم إرهابي على قاعدة حميميم الجوية». وزادت أن «أربعة انتحاريين حاولوا اقتحام منشأة محروسة. وردت قوات الأمن بسرعة، فقُتل ثلاثة مهاجمين في تبادل إطلاق النار، وهرب آخر». وذكرت مصادر أن الجيش استخدم قاذفة قنابل يدوية مضادة للدبابات ضد المسلح الذي لاذ بالفرار، إلا أن المصير الدقيق للهارب لا يزال مجهولاً. وقد تم التعرف على هويات القتلى؛ وبحسب المعلومات الأولية فإنهم جميعاً من أوزبكستان وينشطون في سوريا ضد السلطات الجديدة. وكان لافتاً أن مصادر أخرى تحدثت عن سقوط قتيلين روسيين خلال المواجهة، لكن المصادر الروسية لم تتطرق بالتفصيل إلى هذا الموضوع واكتفى بعضها بإشارة عامة إلى وقوع إصابات غير مؤكدة. ولم تصدر وزارة الدفاع الروسية أي تعليق على تلك المعطيات.


الشرق الأوسط
منذ 18 دقائق
- الشرق الأوسط
إعلام سوري: مدير أمن البوكمال يعلن ضبط أسلحة متجهة من العراق إلى لبنان عبر سوريا
ذكر «تلفزيون سوريا»نقلاً عن مصطفى العلي مدير أمن مدينة البوكمال في شرق البلاد، اليوم الثلاثاء، أن السلطات ضبطت أسلحة كانت متجهة من العراق إلى لبنان عبر الحدود السورية. وأضاف العلي أنه تم ضبط أسلحة كانت متجهة إلى منطقة الساحل. وقال: «نحاول ضبط الحدود العراقية السورية وهي حدود طويلة وكبيرة»، مشيراً إلى أن هناك قنوات تواصل مع العراق في العمليات التي تتم على الحدود. غير أنه ذكر أن التنسيق مع العراق يشوبه بعض التأخير «نتيجة الظروف السياسية».


الشرق الأوسط
منذ 19 دقائق
- الشرق الأوسط
ريش لـ «الشرق الأوسط»: على اللبنانيين التخلص من «حزب الله»
دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش، اللبنانيين، إلى «إضعاف قبضة (حزب الله)»، والعمل على «التخلص منه نهائياً»، مشدداً على أن لدى الزعماء اللبنانيين الجدد «فرصة لاستعادة سيادة لبنان وبناء مستقبل مزدهر لشعبه». وعدّ ريش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لبنان يمر بمرحلة حرجة»؛ لأنه «بعد عقود من قبضة إيران الاستبدادية على بيروت، لدى الشعب اللبناني فرصة للتحرر». وأوضح: «يجب على الحكومة الجديدة تنفيذ إصلاحات للقضاء على الفساد في لبنان والتخلص من وجود (حزب الله) نهائياً»، منبّهاً إلى أن «سيطرة الحكومة على الجمارك والمطار والطرق المؤدية إلى لبنان ومنه، أمر بالغ الأهمية لضمان استمرارنا في إضعاف قبضة الحزب».