logo
بين الميزانية الضخمة والواقع المرير: كيف يهدر النظام الصحي في المغرب حقوق المواطن وكرامته؟

بين الميزانية الضخمة والواقع المرير: كيف يهدر النظام الصحي في المغرب حقوق المواطن وكرامته؟

المغربية المستقلة : سيداتي بيدا
رغم الميزانية الضخمة التي تُنفقها الدولة على الصحة العمومية في المغرب، لا تزال جودة الخدمات في المستشفيات الجامعية العمومية تعاني من تدهور واضح يُهدر حقوق المواطنين وكرامتهم. ففي الوقت الذي يتكلف فيه النظام الصحي المغربي حوالي 7000 درهم سنويًا لكل مواطن، وهو مبلغ تم حسابه بقسمة ميزانية الصحة الوطنية على عدد السكان البالغ حوالي 36 مليون نسمة، فإن أغلب المغاربة لا يلجؤون إلى المستشفيات إلا في حالات نادرة. وهذا يعني أن شخصًا زار المستشفى مرة واحدة خلال 40 سنة، تُحتسب له تكلفة تقدّر بحوالي 280,000 درهم، مقابل خدمة صحية رديئة، لا تحترم أدنى شروط السلامة والجودة، وتنكّر كرامة المرضى.
يأتي هذا التدهور بالرغم من التوجيهات الملكية السامية التي يؤكد فيها جلالة الملك محمد السادس في خطاباته المتعددة، على أن 'الصحة حق أساسي من حقوق الإنسان، ولا بد من ضمان جودة الخدمات الطبية لكل مواطن، بغض النظر عن مكان إقامته أو وضعه الاجتماعي'، وهو ما يتطلب 'مقاربة شاملة تعتمد على الحكامة الجيدة، والشفافية، والمحاسبة الصارمة لضمان استغلال الموارد العمومية بكفاءة'.
على الصعيد القانوني، ينص الدستور المغربي في الفصل 31 على أن 'المؤسسات العمومية ملزمة بتوفير خدماتها وفق شروط الجودة والمساواة'، كما تفرض مدونة الصحة العمومية على المرافق الصحية احترام معايير السلامة، وحماية كرامة المريض، والتزامها بقواعد الأخلاق الطبية. إلا أن الواقع الميداني يعكس انفصالًا واضحًا بين النصوص القانونية والتطبيقات العملية، حيث تستمر حالات الفساد وسوء التسيير والتمييز في كثير من المستشفيات الجامعية.
في المقابل، تقدم العديد من الدول النامية نموذجًا مغايرًا، حيث تمكنت من تحسين جودة خدماتها الصحية رغم محدودية الموارد المالية، بفضل حوكمة رشيدة، شفافية في التسيير، ومشاركة مجتمعية فعالة. من أبرز هذه النماذج تجربة رواندا، التي نجحت في تحقيق قفزات نوعية في الصحة العامة عبر نظام تأمين صحي شامل يغطي أكثر من 90% من السكان، مع استثمار مكثف في تدريب الكوادر الصحية وتحسين البنية التحتية، خصوصًا في المناطق النائية. نتج عن هذه الإجراءات انخفاض ملحوظ في معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة، وتحسن التغطية بالتطعيمات، والحد من الأمراض المعدية، مما يؤكد أن الكفاءة الإدارية والمراقبة المجتمعية يمكن أن تعوض جزئيًا عن ندرة الموارد المالية، وتوفر خدمات صحية عالية الجودة وكرامة للمريض.
أما في المغرب، فلا يزال المواطن يعاني من مظاهر متعددة للفشل في تدبير القطاع الصحي العمومي، خاصة على مستوى المستشفيات الجامعية التي تشهد اختلالات جسيمة تمس بجوهر الخدمة الصحية وكرامة الإنسان. من أبرز هذه المظاهر، ما يُلاحظ من هيمنة عناصر الحراسة الخاصة على مفاصل هذه المؤسسات، بحيث تتجاوز أدوارهم الأمنية إلى التدخل في الشؤون الإدارية والتنظيمية، أحيانًا بشكل يتسم بالتعسف والابتزاز. وقد تحوّل بعض هؤلاء الأعوان إلى سماسرة يفرضون 'إكراميات' مقابل توفير الكراسي المتحركة أو تسهيل الولوج إلى أقسام المستعجلات، دون أي رادع من الإدارة.
ولعل مستشفى محمد السادس الجامعي بمراكش يقدم نموذجًا واضحًا لهذه الانتهاكات، حيث تعج مواقع التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات تظهر مرضى ينامون على الأرض في الممرات، ويُعلّق لهم السيروم في الحائط بدل أن يُنقلوا إلى أسرّة طبية، في مخالفة صريحة لأبسط شروط الصحة والسلامة. يُترك المريض لساعات في صالة مزدحمة، ثم يُنقل إلى صالة أخرى للانتظار مجددًا، قبل أن يُحال إلى فحوصات غالبًا ما تنتهي بإعادته إلى نقطة البداية. الأسوأ من ذلك، أن هذه المعاناة لا تكون استثناءً بل نمطًا متكررًا، يُواجه به المواطنون بشكل يومي، بينما تغيب الرقابة الفعلية وتستمر نفس الممارسات دون مساءلة.
وفي مشاهد صادمة أصبحت مألوفة، يُترك المريض في ظروف تفتقر لأدنى شروط النظافة وسط ضجيج وازدحام، دون تدخل فوري من الممرضين أو الأطباء كما هو معمول به في المستشفيات المحترمة. بل يُعامل المرضى أحيانًا بازدراء، ويُتجاهل حقهم في المعلومة والتوجيه، مما يزيد من إحساسهم بالإهانة والإهمال.
كل هذه الانتهاكات موثقة بالصور والفيديوهات المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي، دون أن تتحرك الجهات المعنية لإجراء إصلاح جذري ينقذ هذا القطاع الحيوي. ويزداد الوضع حرجًا حين يتزامن وجود أجانب أو سياح داخل هذه المستشفيات، فيصدمون بما يشاهدونه، ما يسيء لصورة البلاد ويُضعف ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
هذه الفجوة بين الميزانية والنتائج الصحية في المغرب تستدعي تحقيقًا عاجلًا، وإعادة نظر جذرية في السياسات الصحية العمومية، لتصبح مبنية على حوكمة رشيدة، شفافية في صرف الأموال، واحترام حقوق المرضى في تلقي خدمة صحية كريمة وذات جودة عالية، بعيدًا عن أي ممارسات تعزز الفساد أو تهدر الموارد.
المطلوب هو إصلاح حقيقي وعميق، يعيد الثقة بين المواطن والنظام الصحي، ويضمن أن تكون الموارد المالية الكبيرة التي تُصرف على الصحة العمومية فعلاً في خدمة صحة الإنسان، لا أداة لتغطية الفساد وسوء التسيير، تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية، وامتثالاً لما ينص عليه الدستور والقوانين ذات الصلة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حصري.. استهلاك المخدرات الصلبة يقود إلى توقيف موظف بوزارة الصحة بمراكش
حصري.. استهلاك المخدرات الصلبة يقود إلى توقيف موظف بوزارة الصحة بمراكش

هبة بريس

timeمنذ 6 ساعات

  • هبة بريس

حصري.. استهلاك المخدرات الصلبة يقود إلى توقيف موظف بوزارة الصحة بمراكش

محمد ضاهر – هبة بريس نجحت عناصر الشرطة القضائية الولائية بمراكش نهاية الأسبوع الماضي في توقيف موظف يعمل بوزارة الصحة بالرباط في حالة تلبس باستهلاك المخدرات الصلبة. وحسب مصادر الجريدة، فقد جرى وضع الموقوف رهن تدابير الحراسة النظرية وتم إعداد محاضر البحث التمهيدي لمعرفة مصدر المخدرات. وبعد استكمال الأبحاث، أُحيل الموظف يوم أمس الاثنين على النيابة العامة بابتدائية مراكش، التي قررت متابعته في حالة سراح مقابل كفالة مالية قدرها 2000 درهم، وإحالة القضية على الغرفة الجنحية التلبسية للنظر فيها.

مراجعة شاملة للعاملين في الحراسة والنظافة والاستقبال بالمستشفيات لتحسين معاملة المغاربة.. وجهة طنجة النموذج
مراجعة شاملة للعاملين في الحراسة والنظافة والاستقبال بالمستشفيات لتحسين معاملة المغاربة.. وجهة طنجة النموذج

طنجة 7

timeمنذ 12 ساعات

  • طنجة 7

مراجعة شاملة للعاملين في الحراسة والنظافة والاستقبال بالمستشفيات لتحسين معاملة المغاربة.. وجهة طنجة النموذج

أكد أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، خلال لقاء نظمه الحزب، عن اعتماد إصلاح شامل في قطاع الصحة. يتضمن هذا الإصلاح مراجعة دفاتر التحملات الخاصة بالعاملين في الحراسة والنظافة والاستقبال بالمستشفيات. الوزير أكد أن هذه المراجعة تهدف إلى التعاقد مع شركات تحتمم أولا العمال والحد الأدنى للأجور. كما أنها توفر عاملين يحسنون معاملة المغاربة ويستقبلون المرضى بشكل لائق. الوزير شدد بأن هذه الإصلاحات تتماشى مع توجيهات للملك محمد السادس. في إطار رؤية شاملة لتعزيز العرض الصحي وتحسين البنية التحتية. وتعمل أيضًا على رقمنة القطاع وتقليص الفوارق المجالية في الولوج إلى الخدمات الصحية. مع إيلاء أهمية خاصة للحكامة القوية كركيزة أساسية لنجاح هذا الورش الوطني. حكامة قوية: حجر الزاوية لإصلاح القطاع الصحي شدد التهراوي على أن أي إصلاح صحي لا يمكن أن ينجح دون حكامة قوية وشفافة. وفي هذا السياق، أشار إلى مراجعة دفتر تحملات الخدمات المساندة في المستشفيات والمراكز الصحية، مثل الحراسة والنظافة والاستقبال. أكد أن الشركات المتعاقدة يجب أن تلتزم بتوفير خدمات ذات جودة عالية، مع ضمان ظروف عمل إنسانية للعاملين، والتقيد بالحد الأدنى للأجور. تهدف هذه الخطوة إلى تحسين تجربة المرضى وتعزيز كرامتهم أثناء تلقي العلاج. كما تحرص على ضمان بيئة عمل محفزة للعاملين في القطاع. تحسين استقبال المرضى وتوحيد مسارات العلاج أبرز الوزير جهود الوزارة في تحسين استقبال المرضى والعناية بهم داخل المؤسسات الصحية. ومن بين المبادرات البارزة، العمل على توحيد مراحل العلاج في كل جهة من خلال اعتماد الملف الطبي المشترك. يهدف هذا النظام إلى تسهيل تتبع الحالة الصحية للمرضى وتقليص المدة بين التشخيص والعلاج. كما يساهم في تحسين كفاءة الخدمات المقدمة. أكد التهراوي أن هذه الإصلاحات ليست مجرد حلول ترقيعية، بل جزء من استراتيجية شاملة. تهدف الاستراتيجية إلى إعادة هيكلة المنظومة الصحية بأكملها. تعزيز البنية التحتية الاستثمارية كشف الوزير عن تخصيص استثمارات ضخمة بقيمة تفوق 40 مليار درهم لتأهيل البنية التحتية الصحية. تشمل هذه الاستثمارات بناء مستشفيات جامعية وجهوية وإقليمية، إضافة إلى مراكز صحية قريبة من المواطنين. كما يتم العمل على تجهيز هذه المؤسسات بأحدث المعدات الطبية لضمان تقديم خدمات ذات جودة عالية. وأشار التهراوي إلى أن هذه المشاريع تهدف إلى تقليص الفوارق المجالية وتوزيع عادل للخدمات الصحية عبر التراب الوطني. معالجة الخصاص في الموارد البشرية أحد التحديات الكبرى التي تواجه القطاع الصحي هو الخصاص في الموارد البشرية. لمواجهة هذا التحدي، أعلن الوزير عن مضاعفة عدد مقاعد التكوين للأطباء والممرضين. كما يتم توسيع شبكة المعاهد والكليات الصحية في مدن مثل طنجة، كلميم، الداخلة، وزاكورة. تم إدخال إجراءات تحفيزية مثل الأجر المتغير حسب الجهة، تعويضات عن العمل في المناطق النائية، وتحسين بيئة العمل. كل ذلك لجذب الأطر الصحية والحد من هجرتها. رقمنة القطاع الصحي والملف الطبي الإلكتروني تعتبر رقمنة القطاع الصحي من الأولويات الرئيسية في إصلاحات الوزارة. أوضح التهراوي أن الوزارة تعمل على توحيد الأنظمة المعلوماتية بحلول عام 2026. كما يتم تحويل وثائق العلاج إلى صيغة إلكترونية بالتعاون مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. يتم تطوير الملف الطبي الإلكتروني لضمان تتبع دقيق للحالات الصحية وتحسين جودة الخدمات. المجموعات الصحية الترابية: نموذج طنجة كبداية أحد المشاريع الاستراتيجية التي أطلقتها الوزارة هو إحداث المجموعات الصحية الترابية. تهدف هذه المجموعات إلى منح الجهات استقلالية إدارية ومالية في تدبير الشأن الصحي. بدأت التجربة كنموذج أولي في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، مع خطة لتعميمها تدريجياً على باقي جهات المملكة. من خلال هذه المجموعات، تسعى الوزارة إلى تقريب الخدمات الصحية من المواطنين. كما تهدف إلى تلبية احتياجات كل جهة حسب خصوصياتها وتعزيز الحكامة المحلية. إحداث هيئات جديدة لدعم المنظومة الصحية أعلن الوزير عن إنشاء هيئات جديدة مثل وكالة الدم ووكالة الأدوية ووكالة الصحة. تهدف هذه الهيئات إلى تحسين إدارة الموارد الصحية وضمان جودة المنتجات الطبية. تلعب هذه الهيئات دوراً محورياً في تنظيم القطاع وتعزيز فعاليته. هذا واختتم التهراوي تصريحاته بالتأكيد على أن هذه الإصلاحات تندرج ضمن رؤية الملك محمد السادس لإرساء منظومة صحية وطنية منصفة وشاملة. من خلال تعزيز الحكامة وتحسين البنية التحتية ورقمنة القطاع، وإحداث المجموعات الصحية الترابية، تسعى الوزارة إلى تحقيق نقلة نوعية في جودة الخدمات الصحية. كما تسعى لضمان ولوج عادل لجميع المواطنين. يبقى التحدي الأكبر في تنزيل هذه الإصلاحات بفعالية وشفافية، لتلبية تطلعات المغاربة وتعزيز ثقتهم في المنظومة الصحية. لمتابعة أخبار طنجة7 على منصات التواصل الاجتماعي، يمكنكم الاشتراك على صفحتنا بموقع فيسبوك. أو منصة إنستغرام إضافة لمنصة X

في مستشفى محمد السادس..يشفى الألم بالبكاء وتستخرج المواعيد بالدعاء
في مستشفى محمد السادس..يشفى الألم بالبكاء وتستخرج المواعيد بالدعاء

المغربية المستقلة

timeمنذ 16 ساعات

  • المغربية المستقلة

في مستشفى محمد السادس..يشفى الألم بالبكاء وتستخرج المواعيد بالدعاء

المغربية المستقلة : سيداتي بيدا في قلب المغرب النابض، وتحديدًا من عاصمة السياحة والحرارة المرتفعة والضياع الإداري المدروس، مراكش، تبرز مؤسسة صحية من المفترض أنها 'منارة طبية' في جهة مراكش-آسفي، لكنها في الواقع تُشبه كل شيء إلا المستشفى. مستشفى محمد السادس بمراكش، حيث يلتقي الطب بالبيروقراطية، وتتصافح الإنسانية مع المحسوبية، في مشهد يُحاكي العبث… لكن على نفقة المواطن. تدخل المستشفى فتظن لوهلة أنك في طريقك لحضور ندوة دولية، حراس أمن بصدور منتفخة، يملكون صلاحيات تفوق صلاحيات المدير نفسه: يُقرّرون من يدخل ومن ينتظر ومن 'يرجع غدا'. هؤلاء لا يكتفون بحراسة الأبواب، بل يحرسون أيضًا أسرّة المرضى والكراسي المتحركة وحتى الأمل في الاستشفاء، وكأنك في مؤسسة مالية تُوزع القروض لا في مرفق صحي يُفترض أنه عمومي. أما إذا قررت أن تسلك طريق الإدارة، فعليك أن تجهّز نفسك برحلة داخل دهاليز بلا منطق، وموظفين بلا شفقة. تحاول أن تشرح وضعك فتُقابل بجملة 'سِيرْ دُورْ'، في إشارة خفية إلى أن الاستسلام أسرع طريق لتجنّب الذل. وموعد مع الطبيب؟ تلك أسطورة من أساطير المستشفيات المغربية، قد يتحقق بعد موسم أو موسمين، أو إن كنت من المحظوظين الذين 'يعرفون أحدا يعرف أحدا'. في ردهات المستشفى، تنتشر حالات مرضية متروكة للصدفة: رجل طاعن في السن مكسورة رجله، فتاة شابة تبحث عن طبيب العظام، أم تحتضن رضيعها في طابور لا ينتهي. الجميع ينتظر، لا ليتلقى العلاج، بل لينال شرف الاعتراف بوجوده كمريض. وتحت كل هذا، تنشط السوق الموازية: وساطة، تسهيلات، إكراميات، و'معارف'، بينما تتحول الممرضة إلى سيدة قرار، يُهمس لك أنك إن أردت فحصك بسرعة، فعليك أن 'تُقدّر المجهود'. الحالات كثيرة، والألم متنوع، لكن القاسم المشترك بينها جميعًا هو أن الاستفادة من أبسط الخدمات تمر عبر حواجز غير طبية: من حارس الأمن إلى السمسار الطبي، من موظف الاستقبال إلى 'صيدليات الظل' المتواجدة قرب الباب الرئيسي، حيث يمكنك اقتناء القضبان الحديدية للعملية التي يُفترض أن تكون بالمجان، فقط لأن شخصًا ما قرّر أن يكون الأمر 'خارج النظام'، علنًا وبدون خجل. ووسط كل هذا، يستعد المغرب لاحتضان تظاهرات رياضية عالمية، بملاعب تليق بالقرن الحادي والعشرين. لكن هل من المناسب أن نُجمّل الواجهة ونحن نعلم أن الصحة في الداخل لا تزال تعاني من أعطاب القرن الماضي؟ ألا نتذكر الحادثة المؤسفة التي وقعت في ورزازات عندما أُصيب ممثل أمريكي بوعكة صحية أثناء تصوير لقطة من مسلسل Prison Break، فوجد نفسه وسط مرفق صحي أشبه بمتحف طبي لما قبل العصر الحديث؟ الحادثة جعلت البعض يقول: 'الصحة عندنا ما زالت تعيش في عهد ما قبل الإسعاف'. نحن لا نكتب لننتقد، بل نكتب لأن الضمير لا يشفى بالصمت. نكتب لأننا نحب هذا الوطن، ونخاف أن نظل نُزيّن السطح بينما الأساس ينهار. نكتب لأن جلالة الملك نصره الله وأيده، الذي يطلق المشاريع الكبرى طموحًا في مغرب مزدهر، لا يرضى لمواطنيه الذل في ممرات المستشفيات العمومية. لسنا ضد الاستثمارات، ولا نُعارض التظاهرات العالمية، لكننا فقط نُذكّر: قبل أن نستقبل ضيوف العالم، لِنُعالج أبناءنا. قبل أن نرفع الراية في الملاعب، لِنُخفض من نسبة الإهانات في المستشفيات. فقط… لنحفظ ماء وجه وطن يستحق أن نعيش فيه بكرامة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store