logo
إيجيترانس ونافذ إنترناشونال تتعاونان مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (SCZone) لإحداث ثورة في عمليات الشحن بميناء غرب بورسعيد

إيجيترانس ونافذ إنترناشونال تتعاونان مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (SCZone) لإحداث ثورة في عمليات الشحن بميناء غرب بورسعيد

الدستور٠٩-٠٢-٢٠٢٥

القاهرة- مصر – وقّع تحالف يضم شركة إيجيترانس، وهي شركة رائدة في مجال النقل والخدمات اللوجستية في مصر، وشركة نافذ إنترناشونال، المتخصصة في تقديم الحلول اللوجستية المبتكرة، عقدًا مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس (SCZone) لمعالجة الازدحام والتحديات التشغيلية في ميناء غرب بورسعيد. حيث تركز الشراكة على تطوير ساحة تنظيم الشاحنات (TMY) المتطورة وتنفيذ حلول أتمتة متقدمة من خلال شركة مشتركة جديدة تُسمى نافذ مصر. تهدف هذه المبادرة إلى إحداث ثورة في عمليات الشحن، وتعزيز كفاءة سلسلة التوريد، ووضع مصر كمركز للخدمات اللوجستية الحديثة.
دور نافذ إنترناشونال في الشراكة
وسوف تقدم شركة نافذ إنترناشونال، وهي لاعب رئيسي في التحالف، خبرتها الواسعة في التحول الرقمي والابتكار اللوجستي إلى المشروع. حيث تأسست الشركة في عام 2007، ولديها سجل حافل في تقديم حلول متطورة في أمريكا الشمالية والشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا. مع تركيز قوي على نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) والبناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT)، نجحت نافذ في تنفيذ مشاريع لوجستية كبيرة في الأردن والعراق وعُمان، حيث تعالج أكثر من 12,000 رحلة شاحنة يوميًا وتدير أكثر من 7 ملايين معاملة لوجستية سنويًا.
وتمثل هذه الشراكة مع إيجيترانس والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس علامة فارقة لشركة نافذ إنترناشونال حيث توسع وجودها في مصر. والشركة المشتركة الجديدة، نافذ مصر، تحت التأسيس تقوم على رأسمال يبلغ 60 مليون جنيه مصري، حيث تمتلك نافذ إنترناشونال 70% من الأسهم بينما تمتلك إيجيترانس الـ 30% المتبقية. وستركز هذه الشركة على رقمنة وتحسين تدفقات الشاحنات من وإلى الموانئ والمراكز اللوجستية المصرية، مستفيدة من الحلول التكنولوجية المتقدمة التي تقدمها نافذ.
رؤية لميناء غرب بورسعيد
يعد ميناء غرب بورسعيد، وهو نقطة محورية في شبكة الموانئ المصرية، منشأة حيوية تتعامل مع طاقة استيعابية سنوية تبلغ 13 مليون طن و900,000 وحدة مكافئة (TEU). ومع ذلك، يمكن للميناء وضع منظومة رقمية لوجستية متكاملة وذلك لتجنب مشكلة الوصول المحدود عبر طريق رئيسي واحد.
ستقوم نافذ مصر بتطوير ساحة تنظيم الشاحنات (TMY) على بعد 2 كم فقط من الميناء. تمتد الساحة على مساحة 114,000 متر مربع، وهي مصممة لتبسيط حركات الشاحنات، وتقليل التأخيرات، وتحسين الكفاءة العامة. سيتم أيضًا تقديم نظام مجتمع الخلفية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس (SCZone Hinterland Community System)، وهو منصة رقمية تعمل على أتمتة عمليات دخول الشاحنات وخروجها ومعالجة التصاريح، مع تعزيز التواصل وتكامل البيانات بين أصحاب المصلحة.
حلول نافذ التكنولوجية
ستكون الخبرة التكنولوجية لشركة نافذ إنترناشونال محورية في نجاح المشروع. وستقوم الشركة بنشر منصاتها المتقدمة، بما في ذلك NFLOW وNCheck وNControl، لتحسين العمليات اللوجستية. تشمل الميزات الرئيسية للمشروع:
1. بوابات آلية بتقنيات RFID وOCR: ستتيح هذه الأنظمة التعرف والتتبع السلس للشاحنات والقطارات والحاويات والبضائع المختلفة، مما يقلل من الأخطاء اليدوية ويسرع أوقات المعالجة.
2. التعرف الذكي على الحاويات: ستضمن التقنيات المتقدمة تتبعًا دقيقًا للبضائع، مما يحسن الشفافية التشغيلية والكفاءة.
3. أنظمة تشغيل المحطات المبسطة (Lite Terminal Operating Systems): ستُبسّط هذه الأنظمة عمليات الميناء، مما يتيح أوقات استجابة أسرع للشاحنات والبضائع.
4. مركز القيادة والتحكم: سيراقب هذا المركز المركزي ويدير حركات الشاحنات في الوقت الفعلي، مما يضمن عمليات سلسة وحل سريع للمشكلات.
5. المسجل المركزي للميناء: ستُدير هذه المنصة الرقمية تسجيلات المركبات والسائقين وأصحاب المصلحة، مما يحسن التنسيق والامتثال التنظيمي.
سيؤدي نظام NFLOW من نافذ دورًا محوريًا في تحسين عمليات ما قبل الوصول. من خلال التحقق من وصول الشاحنة الصحيحة إلى المكان والوقت المناسبين مع الوثائق المطلوبة، سيقلل NFLOW من التأخيرات ويحسن الدقة التشغيلية. سيتم الوصول إلى النظام عبر الويب وتطبيقات الهاتف المحمول، مما يضمن عمليات استلام وتسليم أكثر سلاسة للبضائع، مما يعزز الكفاءة العامة لعمليات الميناء.
الأهمية الاستراتيجية للشراكة
تتماشى هذه الشراكة بين نافذ إنترناشونال وإيجيترانس والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس مع الرؤية الأوسع لجمهورية مصر العربية لتحديث بنيتها التحتية اللوجستية وتعزيز موقعها كمركز عالمي للتجارة. حيث أكد المهندس وليد جمال الدين الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، على أهمية دمج التقنيات المتقدمة لمعالجة التحديات طويلة الأمد ووضع ميناء غرب بورسعيد كرائد في الخدمات اللوجستية الحديثة للموانئ. وأشار إلى أن هذا المشروع جزء من خطط التطوير الأوسع للميناء، والتي تشمل ترقية رصيف عباس وتعزيز محطات الحبوب والبتروكيماويات لتعزيز قدراتها ووضعها كمركز لوجستي عالمي.
وأكدت الرئيس التنفيذي لشركة نافذ انترناشونال نورة مهيار على الإمكانات التحويلية للشراكة، قائلة: "تعاوننا مع إيجيترانس والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس يؤكد رؤيتنا المشتركة لتحديث العمليات اللوجستية وتعزيز كفاءة البنية التحتية الرئيسية مثل ميناء غرب بورسعيد. من خلال الاستفادة من أنظمتنا الرقمية المثبتة وحلول إدارة الخدمات اللوجستية، نهدف إلى تحقيق تحسينات كبيرة في الكفاءة والاستدامة والقدرة التنافسية."
وأشارت مهيار أيضًا إلى سجل نافذ الناجح في مناطق أخرى، وخاصة في الأردن، حيث نفذت الشركة نظام التحكم في الشاحنات (TCS) ونظام مجتمع الخلفية على مستوى وطني. تُظهر هذه الإنجازات قابلية وفعالية حلول نافذ، مما يوفر أساسًا قويًا لمشروع غرب بورسعيد.
التأثير الاقتصادي والبيئي
من المتوقع أن يكون للمشروع فوائد اقتصادية وبيئية بعيدة المدى. من خلال تبسيط عمليات الشحن وتقليل التأخيرات، سيتم خفض التكاليف التشغيلية للشركات وتعزيز القدرة التنافسية للموانئ المصرية. كما أن تحسين الكفاءة سيساهم في تقليل انبعاثات الكربون، مما يدعم أهداف مصر في مجال الاستدامة.
سيؤدي تكامل التقنيات المتقدمة إلى إنشاء نظام لوجستي أكثر شفافية وقائم على البيانات، مما يتيح اتخاذ قرارات أفضل وتخصيص الموارد بشكل أكثر فعالية. لن يعود ذلك بالفائدة على عمليات الموانئ فحسب، بل سيعزز أيضًا موقع مصر كلاعب رئيسي في التجارة العالمية.
نبذة عن نافذ إنترناشونال
نافذ إنترناشونال هي شركة رائدة في تقديم حلول برمجية مبتكرة لصناعة الخدمات اللوجستية. منذ تأسيسها في عام 2007، بنت الشركة وجودًا قويًا في العديد من المناطق، حيث تقدم حلولًا قابلة للتطوير وآمنة وفعالة. لعبت منصات نافذ، بما في ذلك NCheck لإدارة الجسور القاعدية، وNFlow لنقل الشاحنات، وNControl لعمليات سلسلة التوريد، دورًا محوريًا في تقليل الازدحام، وتعزيز كفاءة التجارة، وتحديث البنية التحتية اللوجستية.
مع براءات اختراع دولية في تقنية RFID وأنظمة وزن البضائع، تظل نافذ ملتزمة بدفع عجلة التحول اللوجستي على المستوى الوطني وتبسيط عمليات التجارة العالمية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصر.. قرار حكومي بوقف مصانع كبرى مؤقتا بعد تحرك إسرائيلي
مصر.. قرار حكومي بوقف مصانع كبرى مؤقتا بعد تحرك إسرائيلي

جو 24

timeمنذ 3 أيام

  • جو 24

مصر.. قرار حكومي بوقف مصانع كبرى مؤقتا بعد تحرك إسرائيلي

جو 24 : في خطوة أثارت قلقًا في الأوساط الصناعية المصرية أعلنت الحكومة تعليق إمدادات الغاز الطبيعي لمصانع بنسبة 100% لمدة أسبوعين بسبب أعمال صيانة دورية في خطوط تصدير الغاز من إسرائيل. ويأتي هذا القرار الذي يهدد بتعطيل إنتاج الأسمدة وإمداداتها للسوق المحلية في ظل اعتماد مصر المتزايد على الغاز الإسرائيلي منذ عام 2020، وسط نقاشات مستمرة حول البحث عن بدائل مثل استيراد الغاز من قطر. وكشف مصدر مسؤول في قطاع الأسمدة المصري أن الحكومة المصرية أخطرت الشركات والمصانع بوقف إمدادات الغاز الطبيعي بالكامل لمدة أسبوعين، بدءًا من 18 مايو 2025، وفقًا لما نشرته صحيفة "الشروق" المصرية. وأوضح المصدر أن هذا القرار جاء نتيجة أعمال الصيانة الدورية التي تجريها إسرائيل على أحد خطوط تصدير الغاز إلى مصر، مما سيؤدي إلى توقف جميع المصانع خاصة الحكومية عن الإنتاج خلال هذه الفترة. وأشار إلى أن المصانع ستستغل هذه الفترة لإجراء أعمال صيانة سنوية، لكن ذلك سيؤثر سلبًا على توافر الأسمدة في السوق المحلية. ويُعد الغاز الطبيعي المكون الأساسي لإنتاج الأسمدة بنسبة تزيد عن 85%، حيث تتحصل المصانع المصرية على الغاز بسعر مدعوم يبلغ 5.75 دولار للمليون وحدة حرارية لتلبية احتياجات السوق المحلية، بينما يُورد الغاز للأسمدة المُصدرة وفق معادلة سعرية تحددها الحكومة. وأبدى المصدر قلقه من أن هذا التوقف قد يتسبب في نقص حاد في الأسمدة بالسوق المحلية، مما يهدد بإشعال السوق السوداء وارتفاع أسعار الأسمدة، خاصة مع التزام منتجي الأسمدة بتوريد 55% من إنتاجهم إلى الجمعيات التعاونية التابعة لوزارة الزراعة بسعر 4500 جنيه للطن، و10% للسوق الحرة، وتصدير 35% المتبقية. وأفادت تقارير إعلامية عربية نقلاً عن مصادر أن الجانب الإسرائيلي أبلغ السلطات المصرية بخفض صادرات الغاز الطبيعي بنسبة 20% من يونيو إلى سبتمبر 2025، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك المحلي في إسرائيل. ويأتي هذا التخفيض في وقت تعاني فيه مصر من تحديات في إمدادات الطاقة، حيث شهدت البلاد انقطاعات متكررة للكهرباء خلال الصيف الماضي بسبب نقص الغاز وارتفاع الطلب. وبدأت مصر استيراد الغاز من إسرائيل عام 2020 بموجب صفقة قيمتها 15 مليار دولار بين شركة "نوبل إينرجي" (التي استحوذت عليها "شيفرون") و"ديليك دريلينغ"، بهدف تشغيل مصانع الإسالة في إدكو ودمياط لتصدير الغاز المسال إلى الأسواق الخارجية. ومع تراجع إنتاج الغاز المحلي خاصة من حقل "ظهر" أصبحت مصر تعتمد بشكل متزايد على الغاز الإسرائيلي لتلبية احتياجات السوق المحلية، مما أثار انتقادات داخلية وإقليمية بشأن الاعتماد على مصدر غير مستقر. في سياق متصل كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أن مصر تبحث استيراد الغاز من قطر كبديل محتمل للغاز الإسرائيلي، وذلك في إطار زيارة وزير البترول المصري كريم بدوي إلى الدوحة بدعوة من نظيره القطري. وبحسب بيان صادر عن وزارة البترول المصرية، تُجري القاهرة مناقشات لتوقيع عقود طويلة الأجل لاستيراد الغاز الطبيعي من قطر، بهدف تنويع مصادر الطاقة وتأمين احتياجات قطاعي الكهرباء والصناعة، في خطوة ينظر إليها كمحاولة لتقليل الاعتماد على إسرائيل، خاصة في ظل التقلبات المرتبطة بالصيانة الدورية وتخفيضات التصدير. المصدر: RT والشروق المصرية تابعو الأردن 24 على

هل خسر الأردن فرصة استراتيجية ؟
هل خسر الأردن فرصة استراتيجية ؟

عمون

timeمنذ 4 أيام

  • عمون

هل خسر الأردن فرصة استراتيجية ؟

في خطوة تُعد من أبرز مفاصل الأمن المائي في الأردن، قررت الحكومة إحالة تنفيذ مشروع الناقل الوطني لتحلية ونقل المياه من العقبة إلى عمان إلى تحالف أجنبي، بدلاً من تأسيس شركة وطنية تتولى هذه المهمة. ورغم أهمية المشروع الحيوية، فإن القرار يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول ما إذا كان الأردن قد فوّت على نفسه فرصة استراتيجية كان يمكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا على المستويات الاقتصادية، الاجتماعية، الفنية، والسيادية. كان من الممكن، بل من المنطقي، أن تُنشئ الحكومة شركة وطنية لهذا المشروع، بالشراكة مع القطاع الخاص المحلي، وصناديق الاستثمار، والبنوك الوطنية، وحتى مستثمرين مغتربين. شركة كهذه لم تكن ستنفذ المشروع فحسب، بل كانت ستؤسس لمرحلة جديدة من التمكين الاقتصادي والسيادي في قطاع المياه. المشروع، بحجمه وعوائده، كان قادرًا على أن يكون محفزًا لتحريك السوق، وتكوين نموذج وطني في إدارة الموارد الحيوية، يشبه النماذج الناجحة في قطاعات الطاقة المتجددة والاتصالات. تأسيس الشركة كان سيضمن بقاء الأرباح داخل الدورة الاقتصادية المحلية، ويوفر أدوات تمويل مستدامة مستقبلية لمشاريع أخرى، بدلًا من رهن التحكم والتشغيل لشركات أجنبية لفترة تمتد لعقود. هذا القرار، الذي يُبرر غالبًا بضيق الوقت أو ضعف الإمكانيات، جاء رغم وجود كفاءات وطنية أردنية بخبرات دولية كان يمكن أن تقدم خبراتها على طبق من ذهب، وتشارك في تأسيس نموذج وطني تنفيذي وتشغيلي متكامل. ولكي لا يُساء فهم هذا الطرح، فإن الاعتراف بواقع الأردن المائي المؤلم ضروري. فالأردن من أفقر دول العالم مائيًا، ويواجه عجزًا مائيًا سنويًا متصاعدًا، وهو ما يجعل تنفيذ المشروع ضرورة استراتيجية لا تقبل التأجيل. لكن هذه الحقيقة، رغم قسوتها، لا تبرر استبعاد فكرة الشركة الوطنية، بل على العكس، قد تكون دافعًا لإنجاز المشروع بروح وطنية مسؤولة، وضمن نموذج تشاركي يجمع بين الكفاءة والالتزام، ويُبنى على أسس علمية واقتصادية رشيدة. فالتنفيذ من خلال شركة وطنية لا يعني بالضرورة التأخير أو المغامرة، بل قد يكون فرصة لتقديم نموذج وطني مختلف قائم على الشراكة والاستثمار طويل الأجل. ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن التحالف الأجنبي المنفذ حصل على قرض مجمّع من بنوك أردنية بقيمة 770 مليون دولار لتمويل المشروع، بحسب ما أُعلن رسميًا. وإلى جانب ذلك، تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم قدره 700 مليون دولار، مقسم إلى 300 مليون كمنح و400 مليون كقروض استثمارية ميسّرة. كما أُعلن عن تعهدات مالية أخرى من جهات دولية متعددة، ليبلغ إجمالي التعهدات التمويلية للمشروع حوالي 1.83 مليار دولار. هذه الأرقام تعني أن معظم مصادر التمويل كانت متاحة من داخل الأردن أو من داعميه، وهو ما يدفع للتساؤل: إذا توفرت القروض والمنح، فلماذا لم تُنشأ شركة وطنية لتكون هي الجهة المنفذة والمستفيدة؟ ولماذا ذهبت هذه التدفقات إلى شركة أجنبية ستحتفظ بعائدات المشروع لعقود قبل أن تعيده للدولة؟ إسناد التنفيذ لشركات أجنبية يعني أن الأرباح الناتجة عن المشروع، والتي يُتوقع أن تكون مستمرة لعقود، ستتجه إلى الخارج، مما يحرم الاقتصاد الوطني من دورة مالية كانت ستنشط قطاعات عديدة لو أُنشئت شركة وطنية. كما أن نموذج (BOT) المستخدم في الاتفاقية، والذي يمنح الشركات حق تشغيل المشروع لعشرات السنين قبل أن تعود ملكيته للدولة، يضعف من قدرة الأردن على الاستفادة الفورية من المشروع على صعيد الإيرادات والتشغيل الذاتي. وعلى الصعيد الاجتماعي والفني، فإن غياب شركة وطنية عن تنفيذ مشروع بهذا الحجم يترتب عليه حرمان الكفاءات الأردنية من الانخراط في بيئة عمل متقدمة تتيح لها اكتساب خبرات في مجالات التحلية والنقل والتشغيل والصيانة الحديثة. مثل هذه المشاريع تمثل مختبرات حقيقية لبناء القدرات المحلية، وتُعد من أهم أدوات تمكين المهندسين والفنيين، وهو ما فُقد بإسناد المشروع لشركات أجنبية ستعتمد غالبًا على فرقها الفنية الخاصة أو شركات متعاونة معها، في حين ستقتصر المشاركة الأردنية غالبًا على أعمال غير تخصصية. أما من الناحية السيادية، فإن منح التشغيل والإدارة لجهات أجنبية في مشروع بهذا الحجم ولفترة طويلة يقلل من فرص بناء استقلالية تقنية وتشغيلية وطنية في قطاع المياه. وعلى الرغم من أن المشروع يخضع لتصميم ومواصفات هندسية واضحة، إلا أن غياب الدور المحلي المباشر في التنفيذ والإدارة منذ البداية قد يُبقي الأردن معتمدًا تقنيًا على خبرات خارجية لفترة أطول مما ينبغي، وهو ما يتناقض مع هدف بناء قدرات وطنية استراتيجية في هذا القطاع الحيوي. في المجمل، كان بإمكان الأردن، رغم التحديات، أن يؤسس شركة وطنية بالشراكة مع القطاع الخاص والمستثمرين المحليين لتنفيذ هذا المشروع التاريخي، الأمر الذي كان سيعزز الاقتصاد الوطني، ويفتح مجالات لتشغيل العقول والخبرات الأردنية، ويضع الأساس لتأسيس صناعة وطنية في مجال تحلية المياه والطاقة المتجددة. ومع أن المشروع لا يزال قيد التنفيذ، فإن ما فُقد في مساره من فرص سيبقى شاهداً على ضرورة مراجعة نماذج الشراكة المعتمدة، وإعادة التفكير في مفهوم الاعتماد على الذات في أكثر الملفات حيويةً واستراتيجية.

الدكتور طلال ابو غزالة : قناة السويس... شريان العالم واستحقاقات المستقبل
الدكتور طلال ابو غزالة : قناة السويس... شريان العالم واستحقاقات المستقبل

أخبارنا

timeمنذ 6 أيام

  • أخبارنا

الدكتور طلال ابو غزالة : قناة السويس... شريان العالم واستحقاقات المستقبل

أخبارنا : تمثل قناة السويس- منذ افتتاحها عام 1869- أحد الأعمدة الأساسية في منظومة التجارة العالمية، إذ يمر عبرها نحو 12% من حركة التجارة الدولية. وفقًا لأرقام هيئة القناة، وهي ليست مجرد ممر اقتصادي، بل رمز لسيادة وطنية تحققت بإرادة مصرية خالصة حين أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميمها في 1956 متحديًا ثلاثًا من أقوى الإمبراطوريات الاستعمارية، يومها أكدت مصر العروبة أن المصالح الكبرى لا تُدار بالوصاية، بل تُحمى بالسيادة. واليوم، وفي ظل عالم يتغير بوتيرة متسارعة وتحديات متتالية تفرض على القناة أن تواكب تحولات العصر، من خلال تبني البرمجة التفاعلية المسماة بالذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء لمراقبة حركة الملاحة، وتفادي أزمات مشابهة لحادثة «إيفر غيفن»، إلى اعتماد الطاقة الخضراء وتقنيات التوسع الذكي لمجاراة تطور أحجام السفن. وأرى أن الرؤية المنشودة يجب ألا تقتصر على تعميق وتعريض المجرى الملاحي، بل تتجه نحو بناء ممر اقتصادي متكامل: مناطق لوجستية حديثة، مراكز صيانة متقدمة، مستودعات تعتمد البلوك تشين، وشبكات بيانات فائقة السرعة تربط القناة بالعمقين الأفريقي والآسيوي خفض زمن العبور بنسبة لا تقل عن 15%، مع توفير حوافز لوجستية جاذبة لشركات الشحن الجديدة. إن قناة السويس هي مشروع حضاري يخدم الإنسانية جمعاء، ويشكل ركيزة استراتيجية للعالم العربي بأسره، كجسر يربط الشرق بالغرب ويعزز التكامل الاقتصادي بين الشعوب، وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال الدور المحوري الذي تقوم به مصر في تطوير الممر الحيوي، خصوصًا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي جعل من تطوير القناة أولوية وطنية ومشروعًا استراتيجيًا ضمن رؤيته لبناء دولة حديثة ذات حضور فاعل على الساحتين الإقليمية والدولية. فمن خلال مشروع التوسعة في 2015، وما تلاه من خطوات متواصلة لتحديث البنية التحتية وتوسيع قدرات القناة اللوجستية، ترسخ التزام الدولة المصرية بتحويل قناة السويس من مجرد ممر ملاحي إلى مركز عالمي للتجارة والخدمات البحرية، وهذه الجهود المقدرة لا تُقرأ فقط في سياق التنمية الاقتصادية، بل أيضًا كرسالة واضحة بأن مصر تضع مقدراتها في خدمة النظام التجاري العالمي، وتسعى لتعزيز التكامل العربي والدولي عبر هذا الشريان. إن تطوير القناة مسؤولية تتجاوز الجغرافيا والتاريخ، وهي اليوم أمانة بين أيدينا تفرض علينا التفكير خارج الأطر التقليدية. وربما يكون إنشاء صندوق استثماري دولي مخصص لتحديث القناة أحد أكثر الخيارات جرأة وواقعية، لضمان استمرار هذا الشريان في ضخ الحياة في جسد الاقتصاد العالمي، وحمايته من رياح التغيير والتنافس الجيوسياسي المتسارع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store