logo
صورة الجسد تتشكل بداية من سن السابعة

صورة الجسد تتشكل بداية من سن السابعة

الشرق الأوسط١٣-٠٣-٢٠٢٥

كشفت أحدث دراسة تناولت صورة الجسد (body image) ونُشرت في مطلع شهر مارس (آذار) من العام الحالي في مجلة علم النفس التجريبي للأطفال (the Journal of Experimental Child Psychology)، عن احتمالية أن تكون بداية إدراك صورة الجسد وتكوين انطباع عنه تتشكل في مرحلة عمرية مبكرة جداً من عمر الإنسان، قبل أن يبلغ فترة المراهقة، وتحديداً في السابعة من العمر.
تصورات الطفولة
أوضحت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة درهام (Durham University) بالمملكة المتحدة، أن صورة الجسد تتأثر بشكل أساسي بالتعرض البصري للأوزان المختلفة لأجسام المحيطين بالطفل، سواء الأقران أو البالغين، حسب التصورات المسبقة لمجتمعه عن النموذج الذي يمكن اعتباره (صورة مثالية) للجسد. والأمر نفسه ينطبق على بقية تصنيفات كل الأوزان والأحجام، بداية من التصور عن الشكل الجيد، ومروراً بالشكل المقبول، ونهاية بالشكل غير المقبول تماماً.
وقال الباحثون إن صورة الجسد مرنة للغاية، وتخضع إلى حد بعيد للفكر الجمعي للبيئة المحيطة بالطفل، بمعنى أن صورة الجسد غير المقبولة في مجتمع معين قد تكون صورة جيدة أو حتى مثالية في مجتمع آخر.
وتأتي أهمية الدراسة التي تُعد الأولى من نوعها في كونها اختبرت مرونة تصورات وزن الجسم في الأطفال؛ لأن معظم الدراسات السابقة كانت تركز بشكل أساسي على البالغين فقط.
وأجريت الدراسة على أكثر من مائتي فرد مختلفين من إنجلترا، معظمهم من ذوي البشرة البيضاء (80 في المائة) والبقية من ذوي البشرة السمراء واللاتينيين والآسيويين والأعراق الأخرى، تتراوح سنهم بين 7 سنوات وسن البلوغ. وأشارت إلى الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في التأثير على الأطفال بالدرجة نفسها التي تؤثر بها على البالغين، بدءاً من الطفولة المبكرة واستمراراً في فترة المراهقة بشكل خاص، وصولاً إلى سن الرشد. ولهذه الوسائل القدرة على تغيير نظرة الأطفال والمراهقين للوزن نفسه وحجم الجسد نفسه من النقيض للنقيض.
عرض الباحثون مجموعة رسوم لصور ملونة لأجسام أنثوية ذات مؤشر كتلة جسم معروف (BMI) تم تصويرها في وضع موحد وملابس رمادية اللون، مع وجوه مغطاة بشكل بيضاوي أسود. وتتكون كل مجموعة من 10 أجسام تتدرج في متوسط مؤشر كتلة الجسم من الأقل إلى الأكبر حجماً، وبعد ذلك طلبوا من جميع المشاركين تقييم كل جسم بدرجة معينة من 1 إلى 7؛ حيث يشير الرقم واحد إلى نقص الوزن الشديد، ويشير رقم 7 إلى زيادة الوزن الشديدة.
وعُرضت على نصف المشاركين 20 صورة مختلفة الحجم (بحيث تكون هناك صور كبيرة الحجم وأخرى صغيرة بغض النظر عن المرسوم داخلها) لأجساد تتميز بمؤشر كتلة جسم يتراوح بين النحافة والوزن المتوسط، ثم تم عرض صور أخرى لأجساد من فئة الوزن الأقل مكررة 4 مرات بينما عُرض على نصف المشاركين الباقين 20 صورة لأجساد تتميز بمؤشر كتلة جسم يتراوح بين الوزن المتوسط والبدانة. وكانت الصور المكررة لأجسام من فئة الوزن الأكبر.
انطباعات وتقييمات
لاحظ الباحثون وجود عدة عوامل تتحكم في تقييم صورة الجسد، مثل الوقت الذي تم عرض الصور فيه، بمعنى أن إطالة عرض صورة معينة يغير الانطباع البصري عنها مع الوقت، وأيضاً سن الطفل (كان متوسط السن بالنسبة للأطفال 12 عاماً).
ولكن الأطفال في سن السابعة كانوا قادرين على تقييم الصور، وأيضاً وجدوا أن حجم الصورة نفسه يلعب دوراً في تقييم صورة الجسد؛ حيث تم تقييم الصور الكبيرة على أنها الأثقل وزناً.
وتبين أيضاً أن العامل الأكثر أهمية في التقييم كان المقارنة، بمعنى أن تتابع عدة صور لوزن معين مع صورة واحدة فقط لوزن آخر، قادر على تغيير التقييم. وكان هذا الغرض الأساسي من تكرار بعض الصور؛ لأن بعض الأطفال الذين وصفوا شخصاً معيناً بالنحافة قاموا بتغيير وصفهم عند عرض نفس الصورة، بعد مشاهدة تتابع صور أخرى لأشخاص أقل حجماً.
أكد الباحثون أن وسائل التواصل تركز عمداً على طيف ضيق فقط من الأوزان، وتعدها مثالية من خلال تكرارها بصورة مبالغ فيها، مما يرسِّب في الأذهان التصور المراد ترسيخه. وخلافاً للاعتقاد السائد أن تأثير هذا التكرار يبدأ في المراهقة والبلوغ، أوضحت الدراسة أنه يبدأ في وقت مبكر جداً من الحياة، من خلال الإلحاح البصري. وبهذه الطريقة يمكن تعديل أفكار الأطفال تماماً حول ما هو بدين أو نحيف إذا تعرضوا باستمرار لنوعية أجساد محددة يتم وصفها بالنموذجية.
ومن المعروف أن أفكار البالغين حول التصور المثالي لوزن الجسم أو الكتلة العضلية تتأثر بحاسة النظر. وعلى سبيل المثال تبعاً للدراسات السابقة: المجتمعات التي يتوفر فيها التلفاز بسهولة في المنازل تختلف صورة الجسد فيها بشكل واضح عن المجتمعات النائية التي لا يتوفر فيها التلفاز في كل الأسر. والأمر نفسه ينطبق على بقية الوسائل المرئية. ووُجد أن النساء ذوات البشرة البيضاء في المجتمعات الغربية اللاتي لديهن تقدير أقل لصورة الجسد، يواجهن ضغوطاً نفسية عنيفة مقارنة بالنساء ذوات البشرة السمراء أو النساء الآسيويات في جميع الفئات العمرية، بداية من الفتيات الصغيرات وصولاً للبالغات.
في النهاية، أوصت الدراسة الآباء بضرورة مراقبة المواد الإعلامية التي يتعرض لها الأطفال، وترسِّخ في أذهانهم تصورات خاطئة عن الجسد، تؤثر بالسلب على صحتهم العضوية والنفسية.
* استشاري طب الأطفال.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السِمنة تهدد الأطفال بأمراض الكبار
السِمنة تهدد الأطفال بأمراض الكبار

الوئام

timeمنذ يوم واحد

  • الوئام

السِمنة تهدد الأطفال بأمراض الكبار

قال المعهد الاتحادي للصحة العامة بألمانيا إنه يتم تشخيص السِمنة لدى الأطفال والمراهقين إذا كان مؤشر كتلة الجسم (BMI) لديهم يبلغ 30 أو أعلى. أمراض مزمنة وأوضح المعهد أن السِمنة تشكل خطرا جسيما على الأطفال والمراهقين؛ حيث إنها ترفع خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة مثل مرض السكري وهشاشة العظام وأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية. كما ترفع السِمنة خطر الإصابة بالكبد الدهني وحصى المرارة وحتى أنواع معينة من السرطان مثل سرطان الثدي أو سرطان القولون أو سرطان البنكرياس، فضلا عن الأمراض النفسية مثل الاكتئاب. سبل المواجهة ولتجنب هذه المخاطر الجسيمة، ينبغي مواجهة السِمنة لدى الأطفال والمراهقين على وجه السرعة، وذلك من خلال اتباع نمط حياة صحي يقوم على التغذية الصحية والمواظبة على ممارسة الرياضة والأنشطة الحركية. وإذا لم يفلح تغيير نمط الحياة في محاربة السِمنة، فيمكن حينئذ اللجوء إلى الأدوية وجراحات السِمنة. وقد ترجع السِمنة أيضا إلى أمراض نفسية مثل اضطراب نهم الطعام 'Binge Eating'، والذي يتميز بتناول كميات كبيرة وغير اعتيادية من الطعام وبسرعة كبيرة وحتى في حال عدم الشعور بالجوع، والشعور بالذنب أو الاشمئزاز أو الاكتئاب بعد الإفراط في تناول الطعام. وفي هذه الحالة ينبغي اللجوء إلى العلاج النفسي، كالعلاج السلوكي المعرفي، والذي يتعلم فيه المريض استراتيجيات لمواجهة الإفراط في تناول الطعام.

السِمنة لدى الأطفال.. خطر صامت يتطلب تدخلاً عاجلاً
السِمنة لدى الأطفال.. خطر صامت يتطلب تدخلاً عاجلاً

الوئام

timeمنذ يوم واحد

  • الوئام

السِمنة لدى الأطفال.. خطر صامت يتطلب تدخلاً عاجلاً

حذّر المعهد الاتحادي للصحة العامة في ألمانيا من المخاطر الصحية الجسيمة المرتبطة بالسِمنة لدى الأطفال والمراهقين، مشيرًا إلى أنه يتم تشخيص الحالة عندما يبلغ مؤشر كتلة الجسم (BMI) 30 أو أكثر. وأوضح المعهد أن السِمنة في هذه الفئة العمرية لا تقتصر فقط على زيادة الوزن، بل ترتبط بارتفاع احتمالات الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، هشاشة العظام، وأمراض القلب والشرايين، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية. اقرأ أيضًا: نظام نور.. دليلك الشامل لتسجيل الطلاب ومتابعة نتائجهم التعليمية كما حذر الخبراء من ارتباط السِمنة بزيادة خطر الإصابة بالكبد الدهني، وحصى المرارة، وأنواع متعددة من السرطان، من بينها سرطان الثدي والقولون والبنكرياس. وأكد المعهد أن التأثيرات لا تتوقف عند الجانب الجسدي، إذ تشمل أيضًا اضطرابات نفسية كالاكتئاب. وشدد التقرير على ضرورة التدخل المبكر لمكافحة السِمنة من خلال تبني نمط حياة صحي يعتمد على التغذية السليمة وممارسة الرياضة بانتظام. وفي حال عدم فعالية هذه الإجراءات، يمكن اللجوء إلى خيارات علاجية مثل الأدوية أو جراحات السِمنة. وأشار المعهد إلى أن بعض حالات السِمنة تعود لأسباب نفسية، مثل اضطراب نهم الطعام 'Binge Eating'، الذي يتسم بتناول كميات كبيرة من الطعام بسرعة ودون شعور بالجوع، يتبعها شعور بالذنب أو الاشمئزاز أو الاكتئاب. وفي هذه الحالات، يُوصى بالعلاج النفسي، وعلى رأسه العلاج السلوكي المعرفي، الذي يساعد المريض على تطوير استراتيجيات فعالة للتحكم في السلوك الغذائي.

المضادات الحيوية المبكرة تزيد خطر السمنة لدى الأطفال
المضادات الحيوية المبكرة تزيد خطر السمنة لدى الأطفال

الوئام

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • الوئام

المضادات الحيوية المبكرة تزيد خطر السمنة لدى الأطفال

في دراسة علمية جديدة أجراها باحثون من جامعة أولو في فنلندا، تم اكتشاف أن التعرض المبكر للمضادات الحيوية خلال أول عامين من عمر الطفل يمكن أن يزيد من احتمال إصابته بالسمنة بحلول سن الثانية عشرة. وقد تم عرض نتائج هذه الدراسة في مؤتمر الجمعيات الأكاديمية لطب الأطفال 'Pediatric Academic Societies' لعام 2025، الذي عُقد في نهاية أبريل في هونولولو، هاواي. كشفت الدراسة أن استخدام المضادات الحيوية في الأشهر الأولى من الحياة يؤدي إلى زيادة ملحوظة في مؤشر كتلة الجسم 'BMI' مقارنة بالأطفال الذين لم يتعرضوا لهذه الأدوية. ووفقًا للباحثين، فإن ما يقرب من 68% من الأطفال الذين شملتهم الدراسة تناولوا المضادات الحيوية خلال أول 24 شهراً من حياتهم، مما يعكس الاستخدام المفرط لها في حالات قد لا تكون فيها فعالة. أظهرت الدراسة أن الأطفال الذين تعرضوا للمضادات الحيوية في سن مبكرة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسمنة بنسبة تصل إلى 9% مقارنة بمن لم يتعرضوا لهذه الأدوية، واستمر هذا الارتباط حتى بعد تعديل الباحثين للعديد من العوامل المؤثرة، مثل الجنس ووزن الطفل عند الولادة. فيما يخص تأثيرات المضادات الحيوية قبل الحمل أو أثناءه، أظهرت الدراسة أن هذه العوامل لم تكن مرتبطة بزيادة في وزن الأطفال لاحقًا، مما يبرز أهمية الحد من استخدام المضادات الحيوية في المراحل المبكرة من العمر، وبينما تظل المضادات الحيوية علاجًا ضروريًا في بعض الحالات، حذر الباحثون من الإفراط في استخدامها لكونه يشكل تهديدًا طويل الأمد على الصحة العامة. تستمر مشكلة سمنة الأطفال في التفاقم على مستوى العالم، حيث تم تشخيص أكثر من 159 مليون طفل في عام 2022 كأشخاص مصابين بالسمنة، ومع تنوع أسباب السمنة، بما في ذلك العوامل الوراثية والعادات الغذائية، تشير الدراسة إلى أن التقليل من استخدام المضادات الحيوية في مرحلة الطفولة المبكرة قد يكون عاملًا قابلًا للتعديل يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بالسمنة. وقد أكدت الدراسة على ضرورة توخي الحذر من قبل الأطباء في وصف المضادات الحيوية للأطفال خلال العامين الأولين من حياتهم، حيث يمكن أن يساعد الحد من استخدامها في تقليل المخاطر الصحية على المدى الطويل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store