
بيروت "تزف" زياد الرحباني وفيروز تتجرع الكأس المرة
ولما أنهت هذا "اللقاء" الأخير بزياد خرجت ثم انتحت زاوية في القاعة الكبرى جالسة بصمت متقبلةً العزاء في حال من الوجوم، وعلى عينيها نظارة تخفي حزنها العميق. وبين قاعة الكنيسة وصالة التعزية ارتفعت الصلوات والأناشيد الأرثوذكسية وترتيلة "أنا الأم الحزينة" بصوت فيروز.
5
لبنان يودع زياد الرحباني
لبنان يودع زياد الرحباني
1/5 نعش زياد الرحباني محمولاً على الأكتاف (ا ف ب)
نعش زياد الرحباني محمولاً على الأكتاف (ا ف ب) 2/5 حمل اللبنانيون صور الموسيقار الكبير في وداعه (ا ف ب)
حمل اللبنانيون صور الموسيقار الكبير في وداعه (ا ف ب) 3/5 السيدة فيروز في وداع ابنها (ا ف ب)
السيدة فيروز في وداع ابنها (ا ف ب) 4/5 حشود شعبية في وداعه ونثر للورود (ا ف ب)
حشود شعبية في وداعه ونثر للورود (ا ف ب)
5/5 الوداع الأخير داخل كنيسة في منطقة بكفيا (ا ف ب)
وكانت بيروت شيَّعت عند التاسعة صباحاً زياد عند خروج جثمانه في التابوت من مستشفى خوري في منطقة الحمراء، بحضور حشد كبير من أصدقاء الفنان ورفاقه ومحبيه، عطفاً على ممثلين وموسيقيين ومطربين تجمعوا أمام باب المستشفى ليودعوه ويرافقوه في "مشواره" الأخير في قلب الحمراء التي عاش وأقام فيها معظم سنوات حياته، بدءاً من عام 1976 عندما قرر هجر بيت أهله في بلدة أنطلياس (شرق بيروت) منتقلاً إلى ما يسمى بيروت الغربية.
بدا تجمع الأصدقاء الذين وفدوا من كل المناطق أشبه بتظاهرة فنية وشعبية ضمت مواطنين من كل التيارات السياسية والمدنية، وفيها ارتفعت صور لزياد. وفي وسط الحشد اختلط البكاء بالتنهيدات وعبارات الوداع والهتافات باسم زياد. وعندما أقلعت السيارة الحاملة للنعش وسط الجموع انهال الورد وحبوب الرز كما لو أن الأصدقاء يزفون زياد ولا يودعونه. ولم يتمكن الموكب من اختراق الصفوف بسهولة، نظراً إلى الازدحام البشري الشديد.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولئن حشدت بيروت والحمراء مثل هذا الجمع الغفير في وداع زياد، فإن مدخل بكفيا، بلدة الرئيس أمين الجميل، خلا من المستقبلين، لكن جمعاً من الأصدقاء وأبناء رعية الكنيسة في المحيدثة، كانوا ينتظرون وصول الموكب إلى الباحة الخارجية ليستقبلوا الجثمان بالصلوات والبخور. وبدا المشهد مختلفاً كل الاختلاف بين الحمراء وبكفيا، وهو اختلاف ذو دلالات عدة.
وراحت تتوافد بالتوالي إلى صالة التعزية، شخصيات سياسية وإعلامية وفنية من كل المناطق، مقدمةً أحرَّ التعازي إلى الأسرة، بينما مكثت فيروز جالسة والإعياء بادٍ عليها. أما أقسى ما في المشهد المأساوي، فهو تدشين زياد المقبرة الجديدة التي بنتها السيدة فيروز لعائلتها، في قرية متاخمة لبلدة المحيدثة، ولدراتها الصيفية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة هي
منذ 4 ساعات
- مجلة هي
أجمل لقطات حفل زفاف حفيدة الفنانة المصرية الراحلة فيروز "الطفلة المعجزة" بحضور نيللي ولبلبة
عادت سيرة الفنانة المصرية الراحلة فيروز، والملقبة بـ"الطفلة المعجزة"، وذلك بعد ظهور أسرتها من جديد، في احتفال زفاف حفيدتها بحضور النجوم، وحضر حفل الزفاف العديد من النجمات وكشفن عن أجمل اللقطات في الحفل. حفيدة فيروز "الطفلة المعجزة" تحتفل بزفافها بحضور النجمات ونشرت الإعلامية بوسي شلبي العديد من اللقطات من حفل زفاف نور حفيدة الفنانة المصرية الراحلة فيروز، الشهيرة بـ"الطفلة المعجزة"، وشاركت بوسي شلبي العديد من الفيديوهات والصور من حفل الزفاف، وكشفت عن حضور العديد من النجمات لحفل الزفاف وعلى رأسهن النجمة ماجدة زكي، وذلك في ظهور خاطف ونادر لها في المناسبات الاجتماعية العلنية، وكذلك الفنانة لبلبة، وعلقت بوسي شلبي على الصور قائلة: "فرح نور حفيدة فيروز وبدر الدين جمجوم". حفيدة الفنانة المصرية الراحلة فيروز في حفل زفافها كما تواجدت النجمة القديرة نيللي في حفل الزفاف، وهي شقيقة الفنانة الراحلة فيروز، وجدة العروس أيضاً، وتداول الجمهور أيضاً العديد من الفيديوهات المبهجة لها في حفل الزفاف، وعلق البعض على الشبة بينها وبين العروس أيضاً، وعادت سيرة الفنانة الراحلة فيروز إلى الواجهة بعد حفل زفاف حفيدتها نور مؤخراً. ماجدة زكي ولبلبة في حفل زفاف حفيدة الفنانة المصرية الراحلة فيروز نيللي تحتفل بزفاف ابنة شقيقتها الراحلة فيروز وكانت حفيدة الفنانة الراحلة فيروز قد ظهرت قبل سنوات في برنامج "معكم" مع الإعلامية منى الشاذلي، وكانت وقتها في فترة مراهقتها، وتحدثت عن ذكرياتها مع جدتها الراحلة فيروز، وظهرت برفقة والدها أيمن بدر الدين جمجوم، ابن الراحلة فيروز، وكذلك مع ابن عمتها إيمان، وتحدثت الأسرة عن تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة فيروز بعد اعتزالها التمثيل، وقال إبنها أن والدته قررت بعد زواجها التفرغ لحياتها الأسرية ودورها الجديد كأم، وقال إن والدته كانت أم عظيمة مثلما كانت فنانة عظيمة في طفولتها، وأن دورها في الأسرة كان أكثر أهمية أيضاً. حفل زفاف حفيدة الفنانة المصرية الراحلة فيروز وتربط الفنانة الراحلة فيروز بالفنانة لبلبة صلة قرابة أيضاً، حيث أنها ابنة خالها، وكشف ابن فيروز أن والدته ظلت تحب الفن للغاية إلى نهاية حياتها، وكانت تتابع الأعمال الفنية وتنقدها ولكن لم تعد إلى الشاشة بسبب التزامها الأسري، وكانت تحب البقاء مع أسرتها، أما حفيدتها نور فقالت إنها كانت تتمنى أن تواصل جدتها الراحلة التمثيل لفترة أطول بعد شهرتها في طفولتها، ورحلت الفنانة فيروز في عام 2016، ويذكر أن اسمها الحقيقي بيروز آرتين كالفيان، وتعود أصولها الى أسرة أرمينية من مدينة حلب السورية، ولكنها ولدت في القاهرة عام 1943، وشقيقتها الفنانة الاستعراضية نيللي. الفنانة نيللي في حفل الزفاف واكتشفها الفنان الكوميدي المصري من أصل سوري، إلياس مؤدب، وكان أحد أصدقاء والدها، وكان يزورهم في منزلها، وقد رآها خلال أداء حركات راقصة في منزلها، فاصطحبها معه في إحدى الحفلات وعرض عليها فرص كثيرة، وجمعها بالفنان أنور وجدي ليوقع مع والدها عقد احتكار وتبناها فنيا، وقام بتغيير حرف الباء في اسمها إلى فاء، ليصبح فيروز بدلا من بيروز، وبدأ عهد جديد في حياة الثنائي والذي كتب له التخليد في السينما المصرية لغاية اليوم حيث ظهرت فيروز في العديد من الأفلام التي مثل فيها أو أنتجها، وتميزت بقدرتها الفائقة على الاستعراض والغناء والتمثيل في سن صغيرة، وعملا معا لمدة 3 سنوات. فيروز مع مديحة يسري وأنور وجدي أبرز أعمال "الطفلة المعجزة" فيروز وحققت فيروز نجومية واسعة في طفولتها في الخمسينيات واشتهرت بلقب "الطفلة المعجزة"، وقدمت في السابعة من عمرها أول فيلم لها بعنوان "ياسمين" عام 1950، ولاقى الفيلم نجاحاً باهراً، وقدمت بعده فيروز فيلم من بطولتها بعنوان "فيروز هانم" عام 1951، ثم فيلم "صورة الزفاف" عام 1952 ثم فيلم "دهب" عام 1953 وهو أشهر أفلام الثنائي أنور وجدي وفيروز، وشبهها الكثيرون بـ"شيرلي تمبل" الممثلة الأمريكية التي اشتهرت بتمثيل أفلام للأطفال في فترة الثلاثينات، ورغم أن فيروز وصلت لقمة نجاحها مع أنور وجدي، شهد عام 1953 الانفصال بين الثنائي بعد ثلاث سنوات من أول تعارف بينهما حيث قرر والدها الانفصال عن الأخير ورفض تجديد العقد معه على أن يقوم هو بإنتاج أفلامها وانتج مباشرة فيلم "الحرمان" في 1953، وظهرت فيه فيروز إلى جانب شقيقتها الفنانة نيللي. ابنة الراحلة فيروز مع بوسي شلبي وماجدة زكي وبعد عام 1955 خرجت فيروز من رداء الطفلة الصغيرة فقدمت عدة تجارب كفتاة شابة لكن لم يكتب لها النجاح مثل: "عصافير الجنة" و"إسماعيل ياسين للبيع" عام 1957، وآخرهم "بفكر في اللي ناسيني" مع شكري سرحان عام 1959. وتوقفت فيروز عن التمثيل وهي في سن 18 عاما تقريبًا، ثم اعتزلت الفن لتختم مسيرتها الفنية التي لم تتعدى 10 سنوات، وتزوجت الفنان بدر الدين جمجوم وأنجبت منه أيمن وإيمان ورفضت كل العروض المغرية للعودة للفن، وتركت العديد من الأغاني الشهيرة التي قدمتها في طفولتها وعلى رأسها أغنية "معانا ريال" و"شوف يا عزيزي" و"مكانش العشم يا حسين" وغيرها. الصور من أعمال الراحلة فيروز وحساب بوسي شلبي على انستقرام.


مجلة سيدتي
منذ 5 ساعات
- مجلة سيدتي
حفيدة فيروز تحتفل بزفافها بحضور نيللي ولبلبة ونجوم الفن
احتفلت نور حفيدة الفنانة المصرية الراحلة فيروز ، بزفافها ليلة أمس على شاب من خارج الوسط الفني، وسط حضور عدد من المشاهير. زواج حفيدة فيروز نشرت الإعلامية بوسي شلبي مجموعة صور ومقاطع مصورة من الحفل كشفت عن حضور الفنانة نيللي شقيقة جدتها الراحلة فيروز ولبلبة وماجدة زكي وياسر جلال وغيرهم من المشاهير الذين ظهرت عليهم ملامح السعادة، وقدموا تهنئة خاصة للعروسين. تم تداول الصور بشكل كبير، وقدم رواد مواقع التواصل الاجتماعي التهاني الخاصة للعروسين والأسرة، وتمنوا لها حياة سعيدة ومستقرة، وطلب البعض من نور أن تتواصل مع الجمهور لتعرفهم شخصيتها، وهل تمتلك مواهب فنية ورثتها عن جدتها. من هي نور حفيدة فيروز نور هي حفيدة الفنانة فيروز والفنان بدر الدين جمجوم، من نجلهما أيمن، وظهر خلال الزفاف علامات الفرح على وجه الفنانة نيللي، شقيقة الراحلة فيروز؛ إذ إنها تعتبر في حكم جدتها، وتتميز نور بأنها بعيدة تماماً عن الأضواء والسوشيال ميديا، ولم تتأثر بالشهرة التي عاشتها جدتها في بداية حياتها. وتزوجت فيروز بالفنان بدر الدين جمجوم، حيث تعرفت إليه أثناء مشاركتها مع فرقة إسماعيل ياسين المسرحية في أحد الاحتفالات بعد اتخاذها قرار اعتزال التمثيل، وأنجبت منه "أيمن وإيمان". فيروز عانت كثيراً من مشاكل صحية في الكلى والكبد، وأصيبت بالتهاب رئوي كان سبباً في دخولها غرفة العناية المركزة قبل وفاتها، حتى رحيلها عن عالمنا 30 يناير 2016 عن عمر يناهز 72 عاماً. لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا « إنستغرام سيدتي ». وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا « تيك توك سيدتي ». ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» « سيدتي فن ».


Independent عربية
منذ يوم واحد
- Independent عربية
دانيال داي لويس: النجم الذي هرب من الأضواء
ربما يأتي يوم، إن شاءت الأقدار، يصنع فيه فيلم عن كواليس تصوير "الخيط الخفي" Phantom Thread للمخرج بول توماس أندرسون الصادر عام 2017. قد يكون عملاً وثائقياً أو درامياً، مأساة شكسبيرية أو مهزلة فوضوية، لكنه سيكشف لنا ما جرى خلف الأبواب في منزل بلندن، حيث فقد ممثل عظيم رغبته في الاستمرار. استغرق التصوير وقتاً أطول مما ينبغي، كانت الظروف مرهقة، والمتعة الخالصة في الأداء اختفت تماماً. وما إن انتهى دانيال داي لويس من تجسيد شخصية مصمم الأزياء الرفيع "رينولدز وودكوك"، حتى أعلن اعتزاله. قال وقتها، وهو في الـ60 من عمره "أحتاج إلى أن أؤمن بقيمة ما أفعله". ثم أضاف بصراحة أنه لم يعد يشعر بذلك خلال الفترة الأخيرة. وعند إعلان وفاة الرئيس الأميركي كالفين كوليدج، علقت دوروثي باركر ساخرة "وكيف عرفوا؟" من السهل أن نطرح نفس السؤال عن اعتزال داي لويس، نظراً إلى ندرة ظهوره على الشاشة خلال الأعوام الأخيرة. منذ مطلع الألفية، لم يقدم سوى سبعة أفلام، ويقال إنه كان يعيد التفكير في مستقبله الفني بعد كل واحد منها، وأنه من أكثر نجوم السينما هشاشة وتردداً وبعداً عن بريق الشهرة، غير أن المفارقة تكمن في كون هذا بالضبط جزءاً من هالته الغامضة. إن لم يكن في وسعنا مشاهدة عمل جديد لداي لويس هذا الصيف، فلدينا في الأقل فرصة لاستعادة أحد أعماله القديمة، الذي أعيد اكتشافه وإطلاقه مجدداً. في فيلم "مغسلتي الجميلة" My Beautiful Laundrette الصادر عام 1985، يؤدي داي لويس دور "جوني"، شاب بريطاني يتبع ثقافة الـ"بانك" العبثية ويتبنى أفكار الفاشية الجديدة (نيوفاشية)، ويصبغ شعره بالأشقر الفاتح جداً. يجد الشاب الخلاص عبر علاقة حب صادقة مع رجل طيب (زميله في الدراسة "عمر"، ذي الأصول الأنغلو-آسيوية). كان هذا الدور نقطة التحول الكبرى في مسيرة الممثل الشاب آنذاك، إذ وصل إلى صالات السينما البريطانية قبل وقت قصير من ظهوره اللافت في فيلم "غرفة ذات إطلالة" A Room with a View من إخراج وإنتاج الثنائي جيمس آيفوري وإسماعيل ميرشنت. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما في فيلم "مغسلتي الجميلة" الذي أخرجه ستيفن فريرز عن نص لـحنيف قريشي، يأتي داي لويس ثالثاً في استعراض الأسماء في الشارة، كجزء من الخلفية لا كمركز الصورة، مجرد عنصر في النسيج لا نجم يتصدر العمل. كان العمل بمثابة سرد خشن، صريح (وربما مسرحي قليلاً) لأحلام المهاجرين جنوب لندن خلال عهد مارغريت تاتشر. ومن منظور اليوم يبدو العمل تحفة عتيقة آسرة، فهو لا يوثق فقط بريطانيا الماضية، بريطانيا المعاطف الثقيلة، وسلال القمامة المعدنية، والمظلات المخططة فوق أبواب المتاجر، بل يكشف أيضاً عن عالم شجي ضائع سبق شهرة داي لويس، حين كان لا يزال شاباً على أعتاب النجومية. يدرك داي لويس تماماً كيف يراه الجمهور "مجنون بحق" -بحسب وصفه هو نفسه- يعيش في عالم مواز، وتستحوذ عليه قوة التقمص حتى يصبح التحضير للدور أسطورياً بقدر الأداء نفسه. ولا يكتفي الرجل بتأدية الشخصية بل يصر على أن يتحول إليها بالكامل. خلال تصوير فيلم "قدمي اليسرى" My Left Foot (1989)، بقي على كرسي متحرك طوال الوقت، وفي فيلم "باسم الأب" In the Name of the Father (1993)، عاش على وجبات المساجين، أما في "آخر سلالة الموهيكان" The Last of the Mohicans (1992)، فقد قام بسلخ الحيوانات داخل الغابات بنفسه. هذه الطريقة المتطرفة في الأداء أتت أكلها، فقد حصد ثلاث جوائز أوسكار في فئة أفضل ممثل في دور رئيس -وهو رقم غير مسبوق- عن أفلام "قدمي اليسرى" و"ستسيل الدماء" There Will Be Blood (2007) و"لينكولن" Lincoln (2012). ومع ذلك، لا ينكر داي لويس أن هذه المنهجية جعلت صحبته مرهقة، وعبئاً حقيقياً على عائلته في المنزل، وعلى طاقم التصوير الذي يتحمل تبعات هذا التفرغ المطلق للدور. تخيل مثلاً أن تعمل طوال النهار في موقع تصوير فيلم "عصابات نيويورك" Gangs of New York (2002) تحت إدارة مارتن سكورسيزي، ثم تجد نفسك مجبراً على تناول الغداء إلى جانب "بيل الجزار"، بعينه الزجاجية ونظرته القاتلة. التقيت دانيال داي لويس مرة واحدة قبل أعوام، وكان إنساناً متأملاً ودوداً بعيداً تماماً عن صورة "المجنون" التي يروجها بعض عنه. شرح لي سبب قبوله قليلاً من الأدوار، قائلاً إنه لا يريد أبداً أن يشعر بأنه يؤدي عملاً رتيباً أو يعمل بدافع العادة فحسب. وأضاف أن التمسك بالبقاء في الشخصية طوال فترة التصوير ساعده على الحفاظ على تركيزه وسط وتيرة التصوير المتقطعة، إذ يقول "بهذه الطريقة لا يحدث الانقطاع كلما توقفت الكاميرا، ولا تشعر فجأة بوجود الكابلات والمعاطف السميكة، أو تسمع أصوات أجهزة اللاسلكي". واعترف بصراحة أن هذا قد يكون مجرد وهم ذاتي، لكنه في النهاية أسلوب فعال بالنسبة إليه. أتساءل إن كان فيلم "الخيط الخفي" نقطة الانهيار الحاسمة، ذلك الإنتاج الذي دفع الممثل إلى تجاوز حدوده الطبيعية. كانت هذه المرة الثانية التي يتعاون فيها أندرسون وداي لويس، بعد فيلم "ستسيل الدماء". يتناول الفيلم قصة حب مظلمة وصراع قوة تدور أحداثه خلال الخمسينيات، بين مصمم أزياء متسلط ونادلة أجنبية متواضعة جسدتها فيكي كريبس. الفيلم نفسه يضيق الخناق على المشاهد، وكان التصوير كذلك. خلال مارس (آذار) 2017، انتقل طاقم العمل إلى العنوان "3 فيتزروي سكوير"، من أجل القيام بتصوير "غير مرئي"، إذ استخدم المنزل كموقع للمسرح ومسكن ومخزن في آن واحد. وفي أعمال سابقة، كان داي لويس قادراً على الحفاظ على مسافة بينه وعملية التصوير، أما هنا فوجد نفسه محاصراً في شخصية رينولدز وودكوك المتقلبة، يتصبب عرقاً وهو يواجه الكاميرات التي تسجل لقطات مقربة له، أسبوعاً تلو الآخر، أثناء التصوير وبعده. وصف التصوير بأنه كان "فظيعاً" وكابوساً لوجيستياً، بينما كانت شخصيته تثير توتر الجميع باستمرار. وقال بصراحة "من الصعب أن تعمل مع طاقم يكرهك حقاً". إذا كان هناك درس يمكن استخلاصه من هذه القصة الحزينة عن معاناة الممثلين، فهو أن لا طريقة تبقى مضمونة للجميع، وأن لكل شخص حدوده الخاصة. حتى لو كان عبقرياً، وحتى لو كان يزين رفوف منزله بثلاث جوائز أوسكار. بالنسبة إلى داي لويس، كثيراً ما كانت الحال المثالية هي الانسياب الكامل، الانغماس التام، والسعادة المستمرة للإبداع المتواصل بلا انقطاع. لكن في المنزل الذي استضاف تصوير "الخيط الخفي"، فجأة لم يعد قادراً على تجاوز مسارات الكاميرات والكابلات وأعضاء الطاقم المتذمرين. حققت الشخصية نجاحاً باهراً وأكسبته ترشيحاً جديداً للأوسكار، لكن الأهم من ذلك -بل والمصيري- أنه لم يعد يؤمن بنفسه. مصير النجوم المشهورين أحياناً يجعل حتى قرار الاعتزال يبدو وكأنه أداء تمثيلي آخر، كأنه وقفة درامية تحمل بعض الغموض والانتظار. ومن يذكر أن داي لويس لم يسهل على نفسه الأمور بهذا الخصوص، فقد اعتزل مرة سابقة بين عامي 1997 و2001، وكما كسر حديثاً عهده الأخير بالمشاركة في فيلم من إخراج ابنه البالغ من العمر 26 سنة. الفيلم المقبل الذي سيصدر خلال أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام ويحمل عنوان "شقائق النعمان" Anemone، يصنف كدراما عائلية ببطولة جماعية، تدور أحداثها في المملكة المتحدة، ويشارك فيه داي لويس إلى جانب شون بين وسامانثا مورتون. وربما سيجعله هذا الفيلم جزءاً بسيطاً من طاقم العمل مرة أخرى، تماماً كما كان منذ أربعة عقود في فيلم "مغسلتي الجميلة". للممثل حق في تغيير رأيه، وداي لويس حر في الاعتزال والعودة متى شاء. ومع ذلك، من المرجح أن يكون "شقائق النعمان" آخر إطلالة هادئة له في عالم السينما، وليس بداية لنهضة جديدة. قد ينجح الفيلم أو لا، لكن لغاية موعد صدوره -وربما حتى بعد ذلك- سأظل أعتبر فيلم "الخيط الخفي" الوداع الحقيقي لداي لويس على الشاشة. ربما يكون دوره فيه هو الأهم في مسيرته، الدور الذي حاصره وكسره وأعاده إلى الواقع. فشخصية رينولدز وودكوك تنتهي مريضة وفي حاجة للآخرين، سجينة في منزلها بلندن. أما داي لويس، فكان محظوظاً، إذ استطاع الخروج والعودة إلى بيته. يعاد عرض فيلم "مغسلتي الجميلة" في دور السينما داخل أنحاء المملكة المتحدة وإيرلندا بدءاً من الأول من أغسطس (آب) الجاري.