
الدرونز الأوكرانية... وموقف بوتين المُحرج
شكّل خبر هجمات الدرونز الأوكرانية على قواعد عسكرية جوية روسية قبل أيام مفصلاً مهماً في سياق الحرب بين الدولتين.. كانت جولات محادثات السلام التي عقدت مرّة إثر مرّة غير مجدية، فيما أعد استراتيجو الحرب في أوكرانيا، وربما بمساعدةٍ حاسمةٍ من أطراف أخرى، العدّة لهجوم صاعق في العمق الروسي ليستهدف أهم قطاعٍ من قطاعات الحرب والذي لطالما استخدم ضد أوكرانيا. شارك سلاح الجو الروسي منذ صبيحة اليوم الأول في غزو أوكرانيا، وكانت القوات الروسية قد نشرت ثلاثمائة طائرة مخصّصة للقتال هناك، ونشرت في بيلاروسيا، الدولة الحليفة، طائرات أخرى مساندة، لتنفذ طلعات جوية شمال أوكرانيا، وعلى مقربة من العاصمة كييف. على مدار الحرب التي قطعت منذ أشهر سنتها الثالثة، قصفت الطائرات الروسية بعنف البنية التحتية في معظم المدن الأوكرانية. وبحلول نهاية العام 2023، كان نصف الشعب الأوكراني من دون كهرباء بسبب ضراوة الهجمات الجوية الروسية، وتقصّدها ضرب منشآت حيوية تؤدّي خدمات مدنية عادية، وقد جرى استخدام طائرات قاذفة سو 34 لتقصف من مسافات بعيدة، خشية الاشتباك المباشر مع مضادّات أرضية قوية. ومع نهاية العام الماضي، كانت الطائرات الروسية قد نفّذت عشرين ألف طلعة لم يدخل منها المجال الجوي الأوكراني سوى ثلاثة آلاف، وهي طريقة شديدة الحذر لتفادي الوقوع في المصائد التي يمكن أن تنصب في أوكرانيا، وحفاظاً على سلامة الأسطول الجوي الروسي.
قاد دور سلاح الجو الروسي الرئيسي في الحرب إلى التفكير في تحييد جزء منه، وخصوصاً المشارك في الحرب مباشرة، والمخصص للقصف البعيد الذي يؤدّي إلى مزيد من تعطيل شبكات البنية التحتية. وقد قال الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، إن التحضير لعملية "شبكة العنكبوت" استغرق أكثر من 18 شهراً، استخدمت فيها طائرات محلية الصنع بسيطة التركيب وخفيفة الوزن، ولا تزيد حمولة كل منها عن ثلاثة كيلوغرامات، وجرى نقل عدد كبير منها إلى الداخل الروسي على دفعات، وعلى شكل أجزاء. وفي الداخل تم تجميعها مرّة أخرى. وفي اللحظة المناسبة وضعت تلك الطائرات على مقربةٍ من أهدافها، وأديرت بالتحكّم عن بعد، ثم أطلقت لتدمّر طائرات في خمس قواعد جوية روسية، وقد شملت الأهداف طائرات قاذفة استراتيجية، وطائرات إنذار مبكر. جرى الهجوم بدقة عالية، حيث استهدفت الدرونات نقاطاً ضعيفة في تلك الطائرات، كخزّانات الوقود الموضوعة في الأجنحة: وقد نُشر شريط يظهر بوضوح كيف اقترب الدرون من الجناح كثيراً، ومن المثير الذي أظهرته الأشرطة المسجلة كان كتل اللهب الكبيرة التي انبعثت من الطائرات، بما يعني أن خزّاناتها كانت مليئة. وظهر بوضوح أن الطائرات كانت مجهّزة بالصواريخ، ومستعدّة للانطلاق. أُعلنت حالة طوارئ مباشرة في موسكو بإشارة إلى خطورة الوضع الذي نشأ بعد الهجوم. وبحسب مصادر أوكرانية، ألحقت الضربات أضراراً بثلث حاملات الصواريخ الاستراتيجية، وقدّرت قيمتها بسبعة مليارات دولار، وقد أصيبت قدرة روسيا على الضرب من بعيد بقوة، ما سيشلّ حركتها جزئياً.
قوة هذه الضربة التي تشير إلى ثغرة أمكن النفاذ إلى العمق الاستراتيجي الروسي من خلالها تظهر أهمية الدرون الذي كان عنصراً أساسياً في الضربة، وهو جهاز طائرة زهيد التكاليف، ويتيح استخدامه بذكاء إلحاق أكبر الأذى بالخصوم. وإذا ما قورنت كلفة عمليةٍ من هذا النوع بحجم الدمار المادي والمعنوي الذي حققته، تُعتبر الكلفة ضئيلة للغاية، الأمر الذي يطرح تساؤلاً عن أهمية إنتاج مثل هذه الطائرات الضخمة التي تتكلف أموالاً كثيرة، فيما لا يكلف تدميرها شيئاً، في مقابل استثمار أوكراني في الدورنات جاء ناجحاً بشكل لافت، وحقّق نصراً مؤقتاً ينفع سياسياً، ولا سيما والمفاوضات جارية بضغوط مكثفة من الولايات المتحدة التي يرغب رئيسها بمشاهدة ستارة الختام على هذه الحرب، فيما يراوغ بوتين وقواته تُحرز بعض التقدّم على الأرض، وسيحاول الرد على هذه الضربة القاسية. وبما أنه لا يملك الكثير عملياً، فقد يلجأ إلى هجوم تقليدي آخر على البنية التحتية الأوكرانية بما بقي لديه من طائرات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
أوكرانيا وروسيا تتبادلان الضربات.. قتلى بكييف واستهداف مطارين روسيين
تبادلت أوكرانيا و روسيا الضربات ليل الخميس الجمعة، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى، في أحدث تصعيد تشهده الحرب بين الطرفين على خلفية الضربة الأوكرانية التي استهدفت قاذفات استراتيجية داخل عمق الأراضي الروسية في الأيام الأخيرة. وقتل أربعة أشخاص وأصيب نحو 20 آخرين بهجوم جوي روسي على العاصمة الأوكرانية كييف في وقت مبكر اليوم الجمعة. وأكد مسؤولون أن أوكرانيا تتعرض لهجوم روسي مستمر بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة منذ وقت مبكر من اليوم. وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن أربعة أشخاص قُتلوا وأصيب 20 آخرون في هجوم جوي روسي على العاصمة الأوكرانية ليلاً. وكتب كليتشكو أن 16 من المصابين نقلوا إلى المستشفى. فيما أكد تيمور تكاتشينكو، رئيس إدارة مدينة كييف، أنه سُمع دويّ انفجارات متعددة في العاصمة، حيث تسببت الشظايا المتساقطة في اندلاع حرائق في عدة أحياء، بينما حاولت أنظمة الدفاع الجوي اعتراض الأهداف القادمة. أحداث الغزو الروسي لأوكرانيا 24 فبراير 2022 وذكر مسؤولون محليون أن عدداً من الأشخاص أُصيبوا، وحثوا السكان على التوجه إلى الملاجئ. وكتب تكاتشينكو على تطبيق "تليغرام": "إن طواقم دفاعنا الجوي تفعل كل ما بوسعها. ولكن يجب علينا حماية بعضنا بعضاً – ابقوا آمنين". وأفادت السلطات بوقوع أضرار في عدة أحياء، وقد استجاب عمال الإنقاذ في مواقع متعددة. من جانبها، أعلنت أوكرانيا أنها قصفت "بنجاح" مطارين عسكريين روسيين خلال ليل الخميس الجمعة، بعد أقل من أسبوع على هجوم بالمسيّرات استهدف قاذفات استراتيجية في قواعد عسكرية داخل روسيا. وأفادت هيئة أركان الجيش الأوكراني في بيان بأن ضرباتها أصابت ثلاث مخازن للوقود في قاعدة إنجلز بمنطقة ساراتوف، وطاولت أيضاً قاعدة دياغيليفو في منطقة ريازان. إلى ذلك، قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الجمعة، إن الدفاعات الجوية أسقطت 174 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل. من جانبه، دعا فولوديمير زيلينسكي حلفاءه، الجمعة، للرد "بشكل حاسم" على الضربات الليلية التي شنتها روسيا على أوكرانيا، وقال إنها نفذت بأكثر من 400 طائرة مسيّرة و40 صاروخاً. وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: "تجب محاسبة روسيا. علينا التحرك بشكل حاسم. إن لم يمارس أي طرف الضغوط، ما يطيل أمد الحرب للقضاء على أرواح إضافية، فهو متواطئ ومسؤول"، مضيفاً: "يمكن لأميركا وأوروبا والعالم الآن وقف هذه الحرب من خلال الضغط على روسيا". أخبار التحديثات الحية تقديرات أميركية: أوكرانيا أصابت 20 طائرة روسية ودمرت عشراً وندد زيلينسكي الصورة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ولد فولوديمير زيلينسكي في 25 يناير 1978 جنوب شرق أوكرانيا، وحصل على ليسانس القانون من جامعة كييف الوطنية عام 2000، وعمل في المجال الفني حتى 2019، حيث ترشح لرئاسة البلاد في في 31 ديسمبر 2018، وفاز في الانتخابات في 21 أبريل 2019 لمدة 5 سنوات. ، يوم الخميس، بالدمار الذي لحق بمدينة خيرسون الساحلية جراء القصف الروسي. وقال زيلينسكي في خطابه الليلي إن الضربات الروسية دمرت مبنى الإدارة الإقليمية. وأضاف: "ليست هذه هي المرة الأولى التي يهاجمون فيها هذا المبنى، لكن ضربة اليوم كانت واضحة ومعبرة. لم يكن هناك أي منطق عسكري وراءها على الإطلاق". وتابع زيلينسكي أن موسكو "مهووسة بالحرب، تلتهمها الكراهية والرغبة في تدمير حياة الأمم الأخرى". وأكد: "لا يمكنك هزيمة مثل هؤلاء إلا بالقوة - قوة الدبلوماسية، والعقوبات، والأسلحة، والتكنولوجيا". وقال زيلينسكي إن هناك أيضًا ضربات على خاركيف، وعلى مناطق سومي ودونيتسك ونيكوبول، وفي منطقة زابوريجيا. واختتم زيلينسكي حديثه قائلا:"هذا هو الواقع اليومي لما يجري السماح للروس بفعله، للأسف. العالم، للأسف، يسمح لهم بفعل ذلك". وقبل أيام، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1952، أي بعد 7 سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، التي فقد فيها شقيقه الأكبر وأصيب فيها والده، عمل 16 عامًا في جهاز الاستخبارات الروسي، ثم رئيسًا للوزراء عام 1999، ورئيسًا مؤقتًا في نفس العام، وفاز في الانتخابات الرئاسية: 2000، 2004، 2012، 2018، 2024 أبلغه خلال مكالمة هاتفية، الأربعاء، بأن موسكو سترد على هجوم أوكرانيا بطائرات مسيّرة على مطارات روسية نهاية الأسبوع. وأوضح الرئيس الأميركي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "كانت محادثة جيدة، لكنها ليست محادثة من شأنها أن تؤدي إلى سلام فوري". وتعد هذه المكالمة، التي استغرقت ساعة و15 دقيقة، الأولى المعروفة بين ترامب وبوتين منذ 19 مايو/ أيار. إلى ذلك، تعهّد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بتقديم "دعم غير مشروط" لروسيا في كل المجالات، بما في ذلك في الحرب التي تخوضها في أوكرانيا، بحسب ما أعلنت بيونغ يانغ. وقالت وكالة الأنباء الرسمية في كوريا الشمالية إنّ كيم أبلغ سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو أنّ بيونغ يانغ "ستقدّم دعماً غير مشروط لموقف روسيا وسياساتها الخارجية في كل القضايا السياسية الدولية الحاسمة، بما في ذلك القضية الأوكرانية". (أسوشييتد برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
تواصل المواجهات في لوس أنجليس وترامب يأمر بنشر الحرس الوطني
ذكر البيت الأبيض اليوم الأحد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقع مذكرة لإرسال 2000 من الحرس الوطني إلى لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا التي يديرها الديمقراطيون، على خلفية تواصل المواجهات لليلة الثانية بين رجال أمن فيدراليين ومتظاهرين احتجاجاً على مداهمات وكالة الهجرة والجمارك ضد المهاجرين. واستخدم مسؤولو إنفاذ القانون القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين بينما قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنهم استخدموا الرصاص المطاطي. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن "الرئيس ترامب وقع مذكرة رئاسية بنشر ألفي عنصر من الحرس الوطني للتصدي للفوضى التي سُمح لها بالتفاقم"، محمّلة المسؤولية لقادة كاليفورنيا الديمقراطيين "الضعفاء". وجاء ذلك بوقت قليل بعد تحذير ترامب من أن الحكومة الفدرالية قد تتدخل للتعامل مع الاحتجاجات المتصاعدة ضد المداهمات التي تنفذها سلطات الهجرة. وكتب الرئيس الأميركي على منصته "تروث سوشال": "إذا لم يتمكن حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم ورئيسة بلدية لوس أنجليس كارين باس من أداء واجبيهما، وهو أمر يعلم الجميع عجزهما عنه، فإن الحكومة الفيدرالية سوف تتدخل لحل مشكلة أعمال الشغب والنهب بالطريقة التي يجب أن تُحل بها". وكان مسؤول أمن الحدود في إدارة ترامب توماس هومان، قال في تصريحات لشبكة "فوكس نيوز" إن "الإدارة تخطط لاستدعاء الحرس الوطني الليلة للرد على الاحتجاجات"، بينما كتبت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نيوم على وسائل التواصل الاجتماعي: "رسالة إلى مثيري الشغب في لوس أنجليس: لن توقفونا، ولن تبطئوا تقدمنا، وإذا اعتديتم على ضابط إنفاذ قانون فستحاكمون بأقصى عقوبة ينص عليها القانون". واستند الرئيس الأميركي في قراره إرسال الحرس الوطني دون طلب من المدينة إلى قانون التمرد لعام 1807، ولا تعد هذه المرة الأولى التي ينشر فيها ترامب الحرس الوطني في لوس أنجليس، فقد حدث ذلك في ولايته الأولى في إطار الاضطرابات واسعة النطاق المرتبطة بالاحتجاجات التي تلقت مقتل المواطن الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد في مايو/أيار 2020، على يد ضابط شرطة. كما أرسل الرئيس جورج بوش الأب الحرس الوطني إلى المدينة عام 1992 بعد أعمال الشغب التي شهدتها عقب الحكم بتبرئة أفراد إنفاذ القانون الذين اعتدوا على المواطن الأسود رودني كينغ، وتسببت الاشتباكات آنذاك في خسائر تقدرت بمليار دولار. وشرحت أستاذة القانون بكلية لويلا للحقوق بالولاية، جيسيكا ليفنسون، الفارق بين المرة الحالية والمرات السابقة، في تصريحات لصحيفة "لوس أنجليس تايمز"، بأنه في "المرات السابقة بخلاف المرة الحالية كان يتم إرسال الحرس الوطني إلى المدينة لأن كاليفورنيا طلبت ذلك وتم التنسيق". أما عميدة كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا بيركلي، إروين شيميرينسكي، فأشارت إلى أنه "رغم أن الرئيس لديه سلطة بموجب القانون لإرسال وحدات الحرس الوطني لقمع أي تمرد، إلا أن هذه الخطوة مزعجة للغاية، حيث يتم في العادة استخدام هذا القانون في الظروف القاسية وفي أعمال الشغب الكبيرة"، واعتبرت في تصريح لها أن هذه الخطوة ربما تكون "استجابة مبكرة"، وأنها ربما توجه رسالة إلى المتظاهرين بأن "الحكومة الفيدرالية على استعداد لاستخدام القوات الفيدرالية لقمع التظاهرات". وانتقد حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، في بيان له، قرار الرئيس الأميركي بإرسال الحرس الوطني، وقال إن قوات إنفاذ القانون المحلي تم حشدها بالفعل وأن إرسال قوات الحرس الوطني "خطوة تصعيدية مقصودة لن تؤدي إلا إلى مزيد من تصعيد التوتر"، وأنها "إجراء خاطئ يقوض ثقة الجمهور"، لافتاً إلى أن إدارة الولاية قامت بتلبية الاحتياجات الأمنية. The federal government is taking over the California National Guard and deploying 2,000 soldiers in Los Angeles — not because there is a shortage of law enforcement, but because they want a spectacle. Don't give them one. Never use violence. Speak out peacefully. — Gavin Newsom (@GavinNewsom) June 8, 2025 واشتبك أفراد أمن السبت مع المحتجين في مواجهات متوترة في منطقة باراماونت في جنوب شرق لوس أنجليس، حيث شوهد أحد المحتجين يلوح بالعلم المكسيكي وغطى بعضهم أفواههم بأقنعة تنفس. وأظهر بث مباشر العشرات من أفراد الأمن بالزي الأخضر وهم يرتدون أقنعة واقية من الغازات وهم مصطفون على طريق تتناثر فيه عربات تسوق مقلوبة بينما تنفجر عبوات صغيرة في سحب الغاز. وانطلقت الجولة الأولى من الاحتجاجات مساء الجمعة بعد أن قام عملاء وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بتنفيذ عمليات في المدينة واعتقلوا 44 شخصاً على الأقل بتهمة ارتكاب انتهاكات مزعومة لقوانين الهجرة. وقالت وزارة الأمن الداخلي في بيان لها إن "1000 شخص من مثيري الشغب حاصروا مبنى فيدرالي لإنفاذ القانون واعتدوا على أفراد إنفاذ القانون التابعين لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، وقاموا بثقب إطارات السيارات وتشويه المباني والممتلكات الممولة من دافعي الضرائب"، بحسب ما أوردته وكالة "رويترز" التي أوضحت أنها لم تتمكن من التحقق من روايات وزارة الأمن الداخلي. لجوء واغتراب التحديثات الحية تصاعد حملة ترامب ضد المهاجرين.. اعتقالات في لوس أنجليس ونيويورك وتضع الاحتجاجات مدينة لوس أنجليس التي يديرها الديمقراطيون، حيث تشير بيانات التعداد السكاني إلى أن جزءاً كبيراً من السكان من أصول لاتينية ومولودين في الخارج، في مواجهة البيت الأبيض الجمهوري الذي يقوده ترامب، والذي جعل من اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة سمة مميزة لولايته الثانية. وتعهد ترامب بترحيل أعداد قياسية من الأشخاص الموجودين في البلاد بشكل غير قانوني وإغلاق الحدود الأميركية المكسيكية، إذ حدد البيت الأبيض هدفاً لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك باعتقال ما لا يقل عن 3000 مهاجر يومياً.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
إيلون ماسك والرقص مع الطغاة
في الأيّام الأخيرة، وعلى نحو درامي يكاد لا يُصدّق، اندلعت ما تشبه الحرب بين دونالد ترامب وإيلون ماسك، الحليف الذي بدا ذات يوم الأقرب، والأكثر ولاءً، والأشدّ حماسةً لصعود الزعيم العائد. كان ماسك، الملياردير الذي لا يرضى أن يُصنَّف إلا أذكى رجل في الغرفة، قد التصق بترامب في لحظة بدا فيها هذا التحالف مربحًا ومنطقيًا لكلا الطرفين، حيث أغدق ماسك دعمه المادي بما يقرب من 288 مليون دولار على حملة ترامب الانتخابية طمعًا في النفوذ وتمرير أجندته. وبدوره، اكتسب ترامب واجهة تكنو-رأسمالية براقة تعزّز من ثورويته المزعومة في مواجهة مؤسسات الدولة العميقة. لكن ما إن عاد ترامب إلى المشهد بقوّة، وبدأ يلوّح بسياسات اقتصادية تعيد تشكيل السوق أو بالأحرى تدميرها من أساسه، حتى بدأ ماسك يدرك أنّ السلطة التي اقترب منها أكثر من اللازم لم تكن، ربما، وسيلة لكسب الشهرة والنفوذ، بل أقصر طريق إلى الخسارة. صَدَم الرئيس الأميركي العالم في الأوّل من إبريل/ نيسان بتعرفاته الجمركية، وتذمّر حينها ماسك ببعض اللباقة السياسية، ليتابع ترامب خططه ويعلن عن سياساته الضريبية الجديدة التي يبدو أنها تعاقب شركات السيارات الكهربائية، وتحابي حزب النفط والفحم وأي وقود أحفوري، يعتقد ترامب أنه سيعيد العظمة الأميركية المفقودة مجدّدًا كما يراها. ماسك، الذي استفادت إمبراطوريته من الحوافز الحكومية ودعم التكنولوجيا الخضراء، وجد نفسه فجأة على قائمة ضحايا القادم الجديد، على الرغم من أنّ هذا الأمر كان واضحًا منذ البداية، ومن المفترض ألا يشكّل مفاجأة لماسك. ولكنه على ما يبدو لم يعد يتحمّل الخسائر المتتالية في القيمة السوقية لتسلا التي تنعكس مباشرة على ثروته الشخصية، والأهم أنه، ربما، أدرك أنه فقد الكثير من قيمة علامته الشخصية. لا يملك الطغاة أصدقاء، بل مجرّد أدوات فلم تمرّ أيّام على مغادرته البيت الأبيض حتى انقلب على ترامب علنًا متحدّثًا عن خطر سياساته على الاقتصاد، إذ هاجم مشروع خفض الضرائب والإنفاق الشامل، متهمًا إياه بعرقلة الابتكار وزيادة عجز الميزانية، كما انتقد تقليص الإعفاءات على السيارات الكهربائية التي اعتبرها تهديدًا مباشرًا للاقتصاد الأميركي، وصعّد هجومه عندما اتهم ترامب بالتورّط في فضائح إبستين. وردّ ترامب بالتلويح بإنهاء العقود الحكومية مع شركات ماسك واتهمه بإدمان المخدرات. فهل كان ماسك ساذجًا حقًا إلى هذا الحدّ؟ أم أنه وقع في وهم أذناب الطغاة الأبدي، وهم الاعتقاد أنه الاستثناء؟ كلّ من خدم طاغية، ودعمه، وهلّل له، وظنّ أنه الاستثناء الأكثر دهاءً مُعتقدًا أنه سيخرج من اللعبة بغنائم لا تعدّ ولا تحصى لم يفهم أن الطغاة لا يملكون أصدقاء، بل مجرّد أدوات. وكلّ أداة مصيرها أن تُستخدم ثم تُلقى جانبًا، أو تُقدّم قربانًا على المذابح إن اقتضت مصلحة الطاغية ذلك. تاريخ الطغاة مليء بحكايات مشابهة. فقد خدم مؤسّس جماعة فاغنر يفغيني بريغوجين وزعيمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سنوات في أوكرانيا وافريقيا وسورية. وما إن حاول التمرّد المحدود، حتى سقطت طائرته بطريقة يراها كثيرون رسالة من الكرملين. فالطغاة لا يغفرون التمرّد، ولو من أقرب الناس. ولماذا نذهب بعيدًا، فمايكل كوهين كان محامي ترامب الشخصي والمخلص أكثر من عقد، ونفّذ كلّ ما طُلب منه، من صفقات تسوية إلى التستّر على الفضائح. ومع ذلك، حين بدأت التحقيقات، تبرّأ منه ترامب، وتركه يواجه السجن وحيدًا. حتى في الأنظمة التي تدّعي الديمقراطية، يضحي الطغاة المتغطرسون بأقرب حلفائهم بمجرّد أن يصبحوا عبئًا. لا يبني الطغاة دولًا مزدهرة؛ إنما يحرقون أراضي الآخرين ليُزرعوا فيها أوهامهم ومثلهم فعل هتلر برفيقه إرنست روم في ليلة السكاكين الطويلة، فالطغاة لا يسمحون لأيّ نفوذ موازٍ بالنجاة. ولطالما بنى الطغيان سلطته على الخوف والتصفية، لا على الوفاء، كما فعل ستالين بتروتسكي وزينوفييف وكامينيف. فالتاريخ يستمر في إخبارنا أنّ الثمن الذي يدفعه حلفاء الطغاة وأعوانهم قد يتراوح بين القتل الفوري أو المحاكمات الصورية المنتهية بانتقام شنيع، أو مصادرة الثروات، وأخيرًا الهروب إلى المنافي واللجوء والخذلان، هذا إن حالف الحظّ بعضهم. ربما كان ماسك، مثل كثيرين ممّن وقعوا في الفخّ الأبدي لعشق السلطة وعلقوا في براثن وهم أنّ الذكاء الفردي والثروة يمكنهما تحييد منطق الطغيان. لكن ما بدأ تحالفَ مصلحة بين رجل أعمال يدّعي العبقرية وزعيم شعبوي لربما سيتحوّل إلى درسٍ قاسٍ آخر، مفاده أنّ القرب من اللهب لا يعني امتلاكه، بل يعني احتراقًا بطيئًا. فالطغاة لا يبنون دولًا مزدهرة؛ إنما يحرقون أراضي الآخرين ليزرعوا فيها أوهامهم. المفارقة الكبرى هنا أن ماسك، الذي لطالما راهن على تكنولوجيا المستقبل، وقع في فخّ الماضي، فكلّ من تعاون مع طاغٍ ظنّ أنه سيسيطر على النار، لكن هذه النار لا يُسيطَر عليها، إنها تُعيد تشكيل كلّ مَن يقترب منها مؤقتًا حتى تنتفي الحاجة إليه أو إليها قبل أن تلفظهم رمادًا، ومصير كلّ من يركب قطار الطغيان سيظلّ كما هو، إما أن يُلقى به تحت عجلاته الفولاذية، أو يُلقى به لاحقًا في مزابل التاريخ.