
خطر صامت يحاصر الأسواق والمباني في العراق
أعادت فاجعة "هايبر ماركت" الكوت الأخيرة، التي أودت بحياة العشرات، فتح النقاش مجدداً بشأن خطورة المواد المستخدمة في تغليف الأبنية في العراق، خاصة في المراكز التجارية والأسواق الحديثة.
ووفقاً للمختصين فإن هذه المواد التي تُستخدم على نطاق واسع لأغراض تجميلية وتقليل التكاليف، تتحول عند وقوع الكوارث إلى أحد أبرز أسباب تفاقم الحرائق وصعوبة السيطرة عليها، ما يجعلها خطراً حقيقياً يهدد حياة المواطنين.
خطر خلف الديكورات
ويقول المختص في شؤون البناء والعمران، عباس خليل، لوكالة شفق نيوز، إن "أغلب الأسواق والمباني التجارية في العراق أصبحت تعتمد بشكل مفرط على مواد تغليف خطرة في كل من الواجهات الخارجية والتصاميم الداخلية، وهي مواد معروفة بسرعة اشتعالها وتسببها في انتشار النيران خلال دقائق قليلة".
ويوضح أن "من بين أكثر المواد شيوعاً في هذه الأبنية تأتي ألواح الكلادينك (الألمنيوم المركب) التي تبدو للوهلة الأولى آمنة، لكنها في الحقيقة تحتوي على طبقات بلاستيكية داخلية قابلة للاشتعال رغم تغليفها المعدني الخفيف".
ويستطرد بالقول "إلى جانبها تُستخدم ألواح الفوم والبولي يوريثان، وهي مواد عازلة لكنها تتحول بسرعة إلى وقود ناري عند تعرضها للحرارة المباشرة، فضلاً عن ألواح البلاستيك (PVC) التي تُستعمل بكثافة في الأسقف الثانوية والديكورات الداخلية، إلى جانب الأخشاب الصناعية مثل MDF التي تنتشر على نطاق واسع رغم هشاشتها أمام الحرائق".
ويبين أن "هذه المواد جميعها تشترك في صفة واحدة وهي أنها تزيد من سرعة انتشار النيران وتطلق غازات سامة تُفاقم من أعداد الضحايا خلال دقائق معدودة".
ويشير خليل، إلى أن "استخدام هذه المواد لا يرتبط فقط بالكلفة الاقتصادية أو سهولة التركيب، بل أيضاً بغياب رقابة حقيقية من قبل الدوائر الهندسية والجهات المعنية، ما يجعل الكثير من أصحاب المشاريع يختارون المواد الأرخص دون الالتفات لعواقبها".
كما يرى أن استمرار هذا الإهمال جعل الأسواق والمجمعات التجارية في العراق أقرب إلى "مقابر مغلقة بواجهات جميلة"، لأن التصميم في الغالب يفتقر إلى ممرات طوارئ حقيقية أو أنظمة إطفاء فعالة، وهو ما يجعل من السيطرة على النيران بعد اندلاعها أمراً بالغ الصعوبة.
شهادات من السوق
في السوق المحلية، أكد صاحب متجر لبيع مواد البناء في كركوك، لوكالة شفق نيوز، فضل عدم ذكر اسمه، أن ثقافة السلامة للأسف غائبة عن العديد من المشاريع الحديثة.
ويوضح أن معظم أصحاب الأبنية، سواء كانت تجارية أو حتى سكنية، يلجأون إلى مواد تغليف سريعة الاشتعال لأنها أرخص وأسرع وتضفي شكلاً جميلاً للبناء من الداخل والخارج، مبيناً أنه "عندما نحاول تحذيرهم من مخاطر هذه المواد، يرد بعضهم بأن الجميع يستخدمها، وكأن الكارثة يجب أن تقع أولاً لكي يُعاد التفكير".
من جانبه، يلفت مدير قصر الثقافة والفنون في كركوك، يوسف طيب صالح، في تصريح لوكالة شفق نيوز، خلال وقفة حداد نُظمت في المدينة على أرواح ضحايا الكوت، إلى أن "ما جرى نتيجة طبيعية لتراكم سنوات من الإهمال وضعف الرقابة في تطبيق أبسط شروط السلامة".
ويضيف "من الضروري إطلاق حملات توعية على نطاق واسع لمطالبة الجهات المعنية بإعادة النظر في اشتراطات البناء وفرض تعليمات صارمة تمنع استخدام هذه المواد، خاصة في المراكز التي تستقبل المئات من المواطنين يومياً".
ويتابع صالح، قائلاً إن "من الضروري توفير مخارج طوارئ واضحة وتوزيع مطافئ الحريق في المواقع الحساسة أصبح أولوية، لا سيما أن التجارب السابقة أظهرت أن ضعف هذه الجوانب يكلف البلاد عشرات الضحايا في كل مرة".
الحلول معروفة والإرادة غائبة
من جانبه، يقول المختص في الأبنية حسن هادي، لوكالة شفق نيوز، إن "حلول هذه المشكلة معروفة لكنها تتعثر بسبب ضعف الإرادة الحكومية والرقابية ومن هذه الحلول، إصدار تعليمات حازمة تحظر استيراد أو استخدام المواد سريعة الاشتعال في الأبنية التجارية والسكنية".
وإلى جانب ذلك، وفقاً لهادي، يجب تعزيز الرقابة على شركات المقاولات وضمان أن جميع الأبنية العامة مزودة بأنظمة إطفاء وإنذار حريق حديثة، مع إلزام المشاريع الجديدة بالحصول على شهادات فحص دقيقة للمواد المستعملة فيها.
كما يشير هادي، إلى أهمية إعادة تحديث التشريعات بما يسمح بفرض غرامات كبيرة أو إغلاق المشاريع المخالفة قبل أن تقع الكوارث، مع ضرورة إطلاق برامج توعية مدروسة تستهدف المواطنين وأصحاب المشاريع والتجار لتوضيح خطورة هذه المواد، وخطورة التهاون في اشتراطات السلامة.
ورغم تكرار الكوارث، ما تزال الأبنية في العراق تُشيَّد يومياً باستخدام هذه المواد الخطرة، بلا رقابة كافية، ولا مساءلة حقيقية.
"فاجعة الكوت" كانت إنذاراً جديداً بأن الأبنية الجميلة من الخارج قد تخفي في داخلها مآسي قادمة، وأن الجماليات ليست بديلاً عن إجراءات السلامة، ولا تكفي لتأمين حياة الناس.
وحتى الآن، لا شيء يضمن أن الكارثة المقبلة لن تكون في محافظة جديدة، أو سوق آخر، طالما القوانين تُكتب بلا تنفيذ، والأرواح تُزهق في ظل صمت إداري لا يرى في هذه الحوادث إلا أرقاماً في التقارير الرسمية.
ولقي نحو 70 شخصاً بينهم رجال ونساء واطفال ليل الأربعاء 16 تموز/ يوليو على الخميس 17 تموز/يوليو حتفهم جراء اندلاع حادث حريق مأساوي في مركز تسوق تجاري "هايبر ماركت" بمدينة الكوت.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 14 ساعات
- شفق نيوز
وجوه بلا ابتسامة.. الصيف يحول أهالي ديالى لـ"شعلة غضب"
شفق نيوز- ديالى مع ذروة موجة الحر التي يشهدها العراق، لم يعد فصل الصيف مجرد فصل اعتيادي، بل تحول الى عبء نفسي وجسدي ينعكس على السكان، ويعيد تشكيل نمط الحياة اليومية وسلوك الافراد وحتى العلاقات الاجتماعية. وبينما تسجل درجات الحرارة نصف درجة الغليان، يزداد التوتر والانفعال، وتتغير تفاصيل الحياة وأوقات العمل بالنسبة للكثيرين. وفي محافظة ديالى، فإن الغضب والتوتير والانفعال بين الأفراد، بات سلوكا شائعا، سواء في الطرقات العامة او الدوائر الحكومية، وحتى المنازل بين العائلات، وفقا للباحث في الشأن الاجتماعي هيثم السوّاك. ويؤكد السوّاك لوكالة شفق نيوز، أن "كل شي في ديالى يتغير مع ارتفاع درجات الحرارة، لذلك من الصعب مشاهدة وجه يبتسم او طبيعي، فمعظم الناس في الشارع تظهر عليهم علامات الانزعاج والتذمر". ولفت الى أنه "من الأسباب الرئيسة في انعكاس درجات الحرارة على سلوكيات الأفراد هي غياب الخدمات الأساسية التي توفر أجواء مريحة للسكان، مثل الكهرباء وأجهزة التبريد التي تعمل باستمرار في المنازل او أماكن العمل". بدوره يقول المواطن مصطفى حسين، لوكالة شفق نيوز، إن "تأثيرات الحر واضحة حتى في الدوائر الحكومية وعلى تعامل بعض الموظفين مع المراجعين، فعندما راجعت إحدى الدوائر قبل أيام، كل الموظفين الذين صادفتهم بشأن توقيع او اكمال متطلبات المعاملة كانوا لا يردون السلام حتى، وان ردوا بصعوبة ولايتحدثون عند سؤالهم عن أي تفاصيل"، مبينا أن "بعض الموظفين ممتعضين وتشعر انهم قنابل موقوته قد تنفجر بوجهك في أية لحظة". ويوضح أن "تأثيرات الحر واضحة في الشوارع أكثر من أي مكان آخر، فالحرارة السبب الرئيس للإنفعال والنزاعات والمشاجرات هذه الفترة خاصة في الازدحامات المرورية، آخرها قيام عنصر من شرطة النجدة بضرب سائق تكتك بعد مشادة بينهما في الطريق وسط بعقوبة ومن ثم وجهت قيادة الشرطة باعتقال المنتسب المعتدي". وتسجل مدن العراق، أعلى درجات الحرارة في العالم، وغالبا ما تتصدر النشرة الدولية، فمن أصل 15 مدينة يكون نصيب العراق نحو 10 مدن هي الأعلى، بدرجات حرارة تتجاوز الـ50 درجة مئوية. تغيير ساعات العمل وربح بسيط في ظل الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، يضطر الآلاف من العاملين في القطاع الخاص والمهن اليدوية إلى تغيير جداولهم اليومية، فعمال البناء على سبيل المثال، باتوا يباشرون أعمالهم قبل شروق الشمس أو بعد المغيب، تجنبا لساعات ذروة الحرارة والاصابة بأمراض ضربة الشمس. ويقول محمد عبدالله، وهو عامل في أطراف بعقوبة إن "عملنا صار يبدأ قبل الـ5 فجرا وينتهي قبل الـ12 ظهرا، وبعض اصحاب الاعمال والحرف يعملون بعد العصر ويستمرون طيلة الليل حتى الفجر وينامون ساعات النهار الذي يغلي بسبب الحرارة". ويتابع في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الكثير من العمال وأصحاب المهن لايهتمون بكسب الكثير من الأموال والعمل لساعات طويلة هذه الفترة بسبب الحر، والأغلبية يفضلون رزق يكفي لحاجة المنزل من الطعام والمستلزمات العائلية فقط"، مضيفا أن "العمل غير ممكن تحت ضغط نفسي وحرارة عالية قد تترك آثار وأمراض خطيرة". وأشار عبدالله الى أن "الموظفين في الدوائر الحكومية أيضا يناشدون منذ أسبوع بمنشورات على فيسبوك لتقليص ساعات الدوام او تغييرها بسبب الحرارة العالية في اوقات الظهيرة، لاسيما وان عدد من مناطق ديالى بينها خانقين تسجل سنويا ضمن قائمة الاعلى حرارة في العالم". بدوره، يؤكد علي المياحي، وهو متخصص في علم النفس أن "موجات الحر أثرت حتى على البنية الاجتماعية من حيث العلاقات والواجبات الاجتماعية، والبعض أجل الكثير من المناسبات لحين انتهاء موجات الحرارة القائظة". وبين المياحي، لوكالة شفق نيوز، أن "التغير المناخي والمتسارع والارتفاع في الحرارة يتطلب اجراءات حكومية تسهم بتطوير الخدمات والبنية التحتية، خاصة بما يتعلق بتوفير الكهرباء والاماكن العامة المكيفة ودعم الدوائر لتوفير بيئة عمل مناسبة للموظفين والمراجعين من السكان".


شفق نيوز
منذ 16 ساعات
- شفق نيوز
حريق كبير يخلف خسائر مالية بمئات الملايين من الدنانير في نينوى (فيديو)
شفق نيوز- نينوى أفاد مصدر أمني في نينوى، يوم الجمعة، باندلاع حريق كبير داخل شركة تجارية للمواد الكهربائية والإنشائية في مجمع بمنطقة خانصور، التابعة لناحية الشمال ضمن قضاء سنجار، ما تسبب بخسائر مادية. وقال المصدر لوكالة شفق نيوز، إن الحريق اندلع داخل شركة تجارية متخصصة ببيع المواد الكهربائية والإنشائية، وبحسب التقديرات الأولية فإن الخسائر تتجاوز 300 مليون دينار عراقي. وأضاف المصدر أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن سبب الحريق هو تماس كهربائي، موضحاً أن عملية الإطفاء تمت بجهود الأهالي وبلدية ناحية الشمال، في ظل غياب تام لفرق الدفاع المدني. وأكد أن الجهات المعنية ما زالت تتابع الحادث، وسيتم الكشف عن مزيد من التفاصيل حال توفرها.


شفق نيوز
منذ 18 ساعات
- شفق نيوز
بطريقة هوليودية .. اعتقال شخص سرق 16 كغم من المصوغات الذهبية في بغداد
شفق نيوز - بغداد أفاد مصدر في الشرطة المحلية، يوم الجمعة، بإلقاء القبض على شخص تمكن من من سرقة مصوغات ذهبية يقدر وزنها بـ16 كيلوغراماً من محل للصياغة في منطقة الاعظمية التابعة لمحافظة بغداد. وقال المصدر لوكالة شفق نيوز، إن قوة امنية ومن خلال المتابعة الدقيقة تمكنت من القاء القبض على سارق اقدم على الدخول الى محل لبيع الذهب في منطقة الاعظمية وسرقة مصوغات ذهبية تقدر ثمنها بـ4 مليار ات دينار عراقي. وبين أن الاجهزة الامنية تمكنت من القاء القبض على المتهم في منطقة صليخ ببغداد، وضبط المصوغات بحوزته، وإيداعه التوقيف وفق الإجراءات الاصولية. وأضاف المصدر، أن عملية السرقة تمت من عبر دخول السارق الى المحل من خلال عمل فتحة خلف المحل من دار مهجورة ملاصقة له.