
أجندة إيران.. صحفي أمريكي يتنبأ بكابوس الحرب ويكشف الكواليس
الشكوى الحقيقية لواشنطن من القادة الإيرانيين لم تكن تتعلق يوما بالهجوم على الولايات المتحدة أو إسرائيل بالسلاح النووي. إنها تتعلق بإيجاد مسألة تجعل - الرأى العام الأمريكي- فى غاية القلق. لعقود بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كان الاتحاد السوفيتى هو العدو المخيف الذى يحاول نشر الشيوعية فى الشرق الأوسط. لاحقا، أتى الخطر من صدّام حسين وأسلحة الدمار الشامل. الآن، إنها إيران والتهديد النووي. لضمان الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط، يجب أن يكون لدى واشنطن عدو شديد لتحاربه، آيات الله يوفون بالغرض.
بهذا الاعتراف للخبير الأمريكى وليام بيمان، نستطيع فهم ميراث العداء الذى تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران عبر عقود متواصلة، وهو المشهد الذى قادنا للحظة حاسمة فى الصراع مع إعطاء الضوء الأخضر للربيبة الأمريكية، إسرائيل، لشن هجوم مكثف أمس على منشآت إيران النووية واللوجستية العسكرية، وقتل علماء نوويين وقادة عسكريين، ولترد إسرائيل بكتل لهب تجتاح تل أبيب، فى مشهد يجعل ١٣ يونيو يوما لن ينساه العالم، ونذير لاضطراب أكبر يعم المنطقة.
فى كتابه الأحدث: "أجندة إيران اليوم- الرواية الحقيقية من داخل إيران" للصحفى والمراسل الأمريكى البارز ريز إرليخ – صدر بترجمة عربية عام ٢٠١٩- يشير المؤلف إلى أنّ معظم الوكالات الاستخباراتية الأمريكية متفقة على أنّ إيران لم تكن تمتلك برنامجًا نوويًا قبل العام ٢٠٠٣.
كان المؤلف واحدا من الخبراء الإيرانيين الذين يتحدثون الفارسية بطلاقة وقد عمل كخبير لغوى أنثروبولوجى منذ ١٩٦٨، وهى فئة من الخبراء تضاءلت لاحقا، واستبدلت بفئة تستعدى إيران بلا هوادة.
سلاح نووي.. حقيقة أم وهم؟!
يؤكد الكتاب أنه لسنوات عديدة سعت أمريكا لتغيير النظام فى إيران، وتضاعفت المحاولات مع إدارة ترامب، وكان ذلك بمعاونة رجال منهم السيناتور الجمهورى عن ولاية أركنساس طوم كوتون والذى قال: "لا أفهم كيف يمكن أن تكون أمريكا آمنة فى ظل وجود ديكتاتورية ثيوقراطية (دينية) - ويعنى إيران". وأصدرت الولايات المتحدة بالفعل إدانات هائلة لما ادّعت أنه مخالفات إيرانية لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية التى تحظر تطوير الأسلحة النووية، وبالطبع لا يأتى المسئولون الأمريكيون على ذكر مخالفات أمريكا الصارخة لتلك الاتفاقية؛ وقد أنفقت أكثر من تريليون وثلاثمائة مليون دولار على ترسانتها النووية حتى ٢٠١٧ فقط، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
كان الشاه قد ألمح أن إيران ستمتلك السلاح النووى بالفعل وتحديدا فى ١٩٧٤ ثم عاد ونفى الأمر. اعتقدت أمريكا أن الدولة المنتجة للنفط مثل إيران لن تفكر فى سباق التسلح النووي، وكان ذلك موقف هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، لكن أمريكا تراجعت لاحقا عن نظرتها وبدأت تدعم النظرة بامتلاك إيران لسلاح نووي!
الحق المقدس فى نهب إيران!
روبرت شير رئيس تحرير مجلة Truth Dig يؤكد فى تقديمه لكتاب "أجندة إيران" أن النزعة الإمبريالية الأمريكية انطوت على ظلم تاريخى للشعوب، وفى حالة إيران يتبدى ذلك بوضوح فى محاولة أمريكا السيطرة على إيران الثرية بالنفط وتوجيه سياستها عبر أكثر من خمسين عاما.
يدعم ذلك اعتراف شارلز فريمان جونيور السفير الأمريكى الأسبق لدى السعودية، حين أكد لمؤلف الكتاب أن بلاده تريد حكومات شرق أوسطية غير عدائية ومستعدة للعمل مع الشركات الأمريكية لتأمين الطاقة!
يتأمل "إرليخ" كل السياسات الأمريكية الكارثية فى الشرق الأوسط، وأقربها الخيار العسكرى الفادح فى العراق والذى أنتج صعود جماعات العنف، وكانت مآرب أمريكا الحقيقية المرتبطة بنفط العراق وقوة موارده الطبيعية متخفية تحت قناع البحث عن الأسلحة النووية التى لم يثبت وجودها!
هذا هو ما ينطبق على إيران؛ وقد نظرت أمريكا لتأميم إيران شركات النفط فى السبعينيات وكأنه اعتداء على الحق المقدس فى نهب الشعوب. لذا – وبحسب المؤلف- فإن العداء لإيران مبنى على أسباب بعيدة عن تخصيب اليورانيوم، وهي: الجغرافيا السياسية والنفط والحضور العسكري؛ فإيران قوة شيعية فى محيط سنى واسع. قبل ١٩٧٩، استخدمت أمريكا وإسرائيل، إيران، كقوة اقتصادية عسكرية لمحاربة القومية العربية.
بعد ثورة الخومينى ١٩٧٩، خرجت إيران من دائرة النفوذ الأمريكى وخلقت تدريجيا تحالفات مع حكومات العراق، لبنان وسوريا. وإيران من جهة أخرى دولة تمتلك أكبر احتياطى نفطى فى العالم، وقد أممت شركة النفط الإيرانية. أما من الناحية العسكرية؛ قبل عام ١٩٧٩، كانت أمريكا قد جهزت نحو ٥٠ ألف عسكرى من القوات الإيرانية لحماية المنطقة من العدو الشيوعى وحماية شركات النفط الأمريكية ومصالحها الجيو سياسية وساهمت فى تثبيت حكم الشاه التسلطي، ولقد ولدت هذه القضايا الكثير من الاستياء وكانت عاملا فى إسقاط الشاه، وأدت الثورة لاحقا لانسحاب القوات الأمريكية.
نظرة أقرب للداخل
استغرق "إرليخ" ١٦ عاما وأجرى مئات المقابلات داخل وخارج إيران، وخرج بنتيجة مفادها أن إيران دولة يساء فهمها بشكل واسع وهى أرض جميلة وواحدة من أقدم الحضارات المستمرة، ولها تراث أدبى وفنى وسياسى رسم جزءًا هاما من حضارة العالم، كما أن شعبها ذكى ومثقف.إيران أيضا قوة هامة صاعدة ودولة حديثة جدا من ناحية البنى التحتية وشبكات النقل والصناعات. وللنساء وللشباب أدوار حيّة. يلفت المؤلف لتراجع قبضة نظام الملالى فى الحياة الثقافية فصارت أكثر تحررا نسبيا، وصارت العقوبات أقل بشأن مسألة الحجاب، وفق النسق الغربى الذى يعتبره تضييقا، كما أصبح مسموحا شراء صحونا لاقطة لمشاهدة الفضائيات بعد أن كانت مجرمة.حاول نظام أحمدى نجاد منع الأطباق من جديد، لكن ظلت قضية الفساد داخل الحرس الثورى وتهريب الصحون اللاقطة والمخدرات عنوانا أبرز.
يسعى المؤلف للقول بأن إيران دولة حضارية حديثة لكنها غير بريئة من انتقادات جادة فى مسائل تتعلق بحقوق الإنسان والاعتقالات للمعارضة السياسية، وشيوع البطالة، وتزايد الإنفاق الحكومى العسكرى على حلفاء إيران الإقليميين، ما يؤدى لزيادة التوتر فى الشارع.
من التحالف مع إيران لشيطنتها
وفق الكتاب، فإن حقيقة الأمر تثبت أن أمريكا وإسرائيل كانتا قد قررتا شيطنة إيران ليس إلا، يقر ذلك "حسن" حفيد آية الله الخومينى مؤكدا أنه حتى لو حققت إيران كل شروط أمريكا فإنها ستخلق ذرائع جديدة لاتهامها بالإرهاب.
لقد دأبت أمريكا على شيطنة إيران، وكانت الأفلام جزء من ذلك: (معروف أن أمريكا مهووسة بأفلام بطولة البيت الأبيض أمام من تصفهم بالأعمال الإرهابية أو المتشددة؛ ولعل فيلم آرغو (بالإنجليزية: Argo) ) حائز الأوسكار ومقتبس عن شهادة عميل المخابرات الأمريكية السابق تونى منديز عن إنقاذ ستة دبلوماسيين أمريكيين من طهران بعد اقتحامها من قبل ثوريين إيرانيين، خلال أزمة رهائن إيران فى عام ١٩٧٩. فكرة الفيلم المقتبس عن قصة حقيقية تقوم على خداع إيران المتشددة للغاية فى مصادرة كل ما هو أمريكي، وإيهامها بتصوير فيلم كندى من خلال الناجين الستة من اقتحام السفارة، ومن ثم تهريبهم خارج البلاد على أنهم طاقم عمل).
فى مرحلة ما قبل الثورة الخومينية، كانت سياسة إسرائيل تقوم على دعم الحكومات غير العربية فى المنطقة لدق الإسفين مع العرب، فراحت تدعم إيران وتركيا وإثيوبيا. ولم تجد غضاضة حتى فى دعم نظام الملالى الإيرانى الذى يدعو علنا لـ"موت إسرائيل"، وكان إسحاق رابين رئيس الوزراء الأسبق لإسرائيل يعتبر أن إيران دولة إسرائيل المفضلة لأن نظام الخومينى لن يدوم إلى الأبد.
لقد باعت إسرائيل لإيران قطع غيار وأسلحة هامة، فى الحرب الإيرانية ضد العراق، وكانت تلك جزءًا من فضيحة عُرفت بـ إيران - كونترا، وكانت إسرائيل تعتبر آنذاك أن العراق هو العدو الأكثر خطورة. كانت الولايات المتحدة هى المورّد الأول للأسلحة لإيران قبل سنة ١٩٧٩. لكن الأزمة تغيرت، وإسرائيل رأت أن دورها يجب أن يتحول لشيطنة إيران أكثر من العراق. بدأ شيمون بيريز يؤكد أن أحمدى نجاد هو شخصية مثل هتلر تريد إبادة شعب اليهود، ومن الخطر أن يمتلك سلاحا خطرا مثل النووي. كانت تلك التهم الجاهزة تطلق بحق كل من عارضوا إسرائيل من قبل ومنهم صدام حسين وياسر عرفات ورئيسا مصر السابقين عبد الناصر والسادات قبل توقيع كامب ديفيد.
فلسطين كلمة سر
فى القدس وتحديدا عام ١٩٨٧، التقى مؤلف الكتاب الأمريكي، بعضو الكنيست وسفير إسرائيل السابق فى مصر والولايات المتحدة، ويدعى إلياهو بن إليعازر. كانت لحيته متراخية ومشذبة كما لو كنّا مطلع القرن الثامن عشر فى أوروبا. بدا إليعازر يمينيا متشددا كحزب الليكود الحاكم آنذاك، يرفض إنشاء دولة فلسطينية ويدّعى أن للفلسطنييين دولتهم فى الأردن! يؤيد ضم الضفة الغربية أيضا لإسرائيل، ويبرر التعذيب الذى يمارسه جهاز الاستخبارات الإسرائيلى الشين بيت ضد المقاومين.
التقى مؤلف الكتاب فؤاد إزداى وهو أستاذ بجامعة طهران، وفهم من خلاله أن إيران تدعم خيار الدولة الواحدة، وهذا يعنى عودة اللاجئين الفلسطينيين المقدرين بنحو ٥ ملايين من المنفى وإلى ديارهم فى فلسطين، وإلغاء أى خيار لدولة يهودية فى إسرائيل. وأخبره أن إيران لن تمانع حل الدولتين، لو توافق الفلسطينيون أنفسهم على هذا الحل، وتمت إعادة الأراضى العربية المحتلة والاعتراف بدولة فلسطينية قابلة للحياة عاصمتها القدس. هذا الحل أيده خالد مشعل القيادى الحمساوى البارز والذى التقاه مؤلف الكتاب أيضا.
يرى مؤلف الكتاب أن القادة الإسرائيليين قطعوا الطريق على حل الدولتين من خلال الاستمرار بتوسيع وبناء مستوطنات على الأراضى الفلسطينية المحتلة، وأوقف نتنياهو كل التفاوض مع الفلسطينيين، خاصة مع نقل إدارة ترامب للسفارة الأمريكية إلى القدس.
ماذا يعنى ضرب إيران؟
يؤكد مؤلف الكتاب ان إدارة ترامب أزالت الغبار عن الخطط القديمة لإدارة بوش لتنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران. لا تدرك أمريكا أن حرب إيران قد تعنى الكثير وواحد من نتائجها سيعنى ارتفاع جنوبى لأسعار النفط العالمية مع إغلاق مضيق هرمز، أو سيناريو آخر كارثى يشبه ما حل بجنود أمريكا فى العراق. والعدوان الأمريكى على إيران سيغضب المسلمين ويشعل مظاهرات فى أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وهو ما قد يدفع حلفاء تلك البلدان فى العراق وسوريا تحديدا للهجوم على القوات الامريكية، وفى سيناريو كابوسى قد تشجع إيران تنفيذ الأعمال الإرهابية داخل الولايات المتحدة والدول الحليفة.
وهو شخصيا – المؤلف- يعتبر أن أحد أكبر أخطاء بلاده يكمن فى عدم التواصل مع تيار الاعتدال الإيراني، وأنه بالإمكان للمواطنين العاديين أن يرفضوا التدخلات الأمريكية السافرة. يعترف المؤلف "إرليخ" أن ضمان أمن إسرائيل مستحيل "ما لم تعد الأراضى العربية المحتلة"، وأنه عليها الكف عن سياسة إلقاء التهم على المقاومة اللبنانية والفلسطينية فى ضياع أمنها، أو الاغترار بتفوقها العسكرى وتصور أنه يؤمن وجودها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 2 ساعات
- الاتحاد
«الوطني الاتحادي» يعقد جلسة خاصة «إماراتية - أوروبية»
أبوظبي (وام) عقد المجلس الوطني الاتحادي، برئاسة معالي صقر غباش، رئيس المجلس، أمس، جلسة خاصة «إماراتية - أوروبية» من الدور الثاني للفصل التشريعي الثامن عشر، بحضور معالي روبيرتا ميتسولا، رئيسة البرلمان الأوروبي، وعدد من أصحاب المعالي الوزراء، وكبار المسؤولين، وسفراء دول الاتحاد الأوروبي المعتمدين لدى الدولة. واستُهلت الجلسة التي عقدت في قاعة زايد بمقر المجلس في أبوظبي، بكلمة لمعالي صقر غباش، رحب فيها بمعالي روبيرتا ميتسولا، رئيسة البرلمانِ الأوروبيِّ، والوفدِ المرافقِ لها، وبمعالي عبدالله بن سلطان النعيمي، وزير العدل، ومعالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التجارة الخارجية، ومعالي أحمد الصايغ، وزير دولة، ومعالي لانا زكي نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، وعمر عبيد الحصان الشامسي، وكيل وزارة الخارجية، وبأصحاب السعادة سفراء دول الاتحاد الأوروبي، وبرجال الأعمال الأوروبيين الذين اختاروا الإمارات لإقامة شركاتهم ومشاريعهم، وبالحضور من أكاديمية أنور قرقاش، وبممثلي مجلس الإمارات للشباب، وأعضاء برلمان الطفل الذين حضروا الجلسة. الخير والسلام ورحب رئيس المجلس بمعالي روبيرتا ميتسولا والوفدِ المرافقِ على أرض دولةِ الإمارات، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تؤكدُ أنَّ الحوارَ البنّاء، والانفتاحَ الصادقَ على العالمِ، والتسامحَ بين البشرِ، تمثلُ مفاتيحَ الخيرِ والسلامِ في العالم. وأضاف معاليه: «إننا ونحن سعداء بوجودِكم بيننا ضيوفَ شرفٍ، فإننا أيضاً نحتفيَ بكم شركاءَ في حوارِ القيمِ البرلمانيةِ التي هي تعبيرٌ حيٌ عن توافقِ الضمائرِ في رحابِ الإنسانية، وعن سعيٍ مشتركٍ بيننا لتكريسِ السياساتِ النبيلةِ التي تضعُ الإنسانَ في صدارةِ الأولويات، كما رسخَها مؤسسُ دولتنا الشيخُ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب اللهُ ثراه، وسارت على نهجِها قيادةُ دولتنا الرشيدة برئاسةِ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وسموِ الشيخِ منصور بن زايد آل نهيان، نائبِ رئيس الدولة، نائبِ رئيس مجلس الوزراء، رئيسِ ديوان الرئاسة». وقال معاليه: «ننظرُ إلى زيارتِكم هذه بأنَّها تأكيدٌ وترسيخٌ لمسارٍ أرحبَ من التعاونِ البرلمانيِّ بين المجلسِ الوطنيِّ الاتحاديِّ وبين البرلمانِ الأوروبيِّ، مسارٍ يتجاوزُ حدودَ الجغرافيا ليمهدَ لمبادراتٍ مستقبليةٍ في قضايا يشتركُ فيها ضميرُنا السياسيُّ والإنسانيُّ، مثل قضايا السلامِ، والتنميةِ المستدامةِ، والسلامةِ المناخيةِ، وحمايةِ المجتمعاتِ من خطابِ التطرفِ والكراهيةِ». القيمِ والمبادئ وأكد معاليه أنه انطلاقاً من تلك القيمِ والمبادئ التي يشترك فيها مجلسُنا الوطنيُّ الاتحاديُّ والبرلمانُ الأوروبيُّ، والتي تضعُ السلامَ وكرامةَ الإنسانِ وحقوقَه في صدارةِ الأولويات، فإننا نؤكدُ أهميةَ إيجادِ حلٍّ عادلٍ ودائمٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ، يضمنُ للشعبِ الفلسطينيِّ حقَّه المشروعَ في إقامةِ دولتِه المستقلةِ على حدودِ الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتُها القدسُ الشرقية، وفقاً للمرجعياتِ الدوليةِ ومبادئِ القانونِ الدولي، ومبادرة السلام العربية. وقال معاليه: «إن ما نشهدهُ اليومَ من تدهورٍ إنسانيٍّ مأساويٍّ في قطاعِ غزة، يدعونا جميعاً إلى تعزيزِ صوتِ الحكمةِ، والدعوةِ إلى وقفِ التصعيدِ، وضمانِ حمايةِ المدنيين، والتوصلِ إلى تهدئةٍ تُفضي إلى حلٍ سياسيٍّ يُعيدُ الأملَ بالأمنِ والسلامِ للشعب الفلسطيني». الموقفِ الإماراتي وأضاف أنه من المنطلقِ ذاته، فإننا نؤكدُ على الموقفِ الإماراتي الذي أعربتْ فيه عن قلقِها البالغِ من استمرارِ التوترِ في المنطقةِ، ومن استهدافِ المنشآتِ النوويةِ الإيرانيةِ، لما لذلك من تداعياتٍ خطيرةٍ وانزلاقِ المنطقةِ إلى مستوياتٍ غيرِ مسبوقة من عدمِ الاستقرار. ونشددُ هنا على الموقفِ الإماراتي الثابتِ بضرورةِ تغليبِ الدبلوماسيةِ والحوارِ لحلِ الخلافاتِ وضمانِ مقارباتٍ شاملةٍ تحققُ الاستقرارَ والازدهارَ والعدالة، فالحكمةُ والمسؤوليةُ في هذه الظروفِ تقتضيانِ الانخراطِ الجادِ في معالجةِ القضايا المزمنةِ في المنطقة عبر التفاوض. السلام والازدهار من جانبها، أكدت روبيرتا ميتسولا، رئيسة البرلمان الأوروبي، في كلمتها أمام المجلس، أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات تشهد مرحلة جديدة من الشراكة المتجددة، تقوم على ركائز السلام والازدهار والانفتاح على المستقبل، مشيرة إلى أن الإمارات تمثل نموذجاً عالمياً في التعايش والتقدم، وبناء شراكات قائمة على الحوار والثقة والمسؤولية المشتركة، مشيدة بمكانة أبوظبي العالمية وما تمثله من نموذج للتعايش والاستقرار، مثمنةً جهود دولة الإمارات في تعزيز الحوار البرلماني والدبلوماسي، ودورها الريادي في دعم السلام العالمي. رسالة أمل قالت ميتسولا: «أقف اليوم أمام المجلس الوطني الاتحادي ممثلةً لـ 450 مليون مواطن أوروبي، وأحمل معي رسالة أمل وتفاؤل بأن هذه الزيارة ستشكل انطلاقة جديدة نحو تعزيز علاقاتنا الثنائية، وتوسيع آفاق الشراكة بين البرلمان الأوروبي ودولة الإمارات، من خلال الحوار والتعاون البنّاء». وأضافت: «مالطا، وطني، تقع عند تقاطع ثلاث قارات، ولغتنا المالطية ترتكز على أصول عربية، مما يعكس الارتباط التاريخي والثقافي العميق بين شعوبنا، وهذا القرب الثقافي يعزز أهمية التعاون بين أوروبا والمنطقة العربية». الأمن والاستقرار استعرضت معاليها التحديات الأمنية والسياسية التي يشهدها العالم، مؤكدة أن السلام لم يكن يوماً خياراً سهلاً، وأن الأوضاع الإقليمية تتطلب مواقف حازمة وجهوداً جماعية لصون الأمن والاستقرار، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يواصل دعواته لوقف إطلاق النار في غزة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الرهائن، ودعم حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق سلام دائم في المنطقة، مشيدةً باتفاقيات السلام التي أطلقتها دولة الإمارات، ووصفتها بأنها «خطوة شجاعة أحدثت تحولاً تاريخياً نحو السلام». وأشارت معاليها إلى أن الاتحاد الأوروبي يُعد ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات، حيث بلغت الاستثمارات المتبادلة 328 مليار يورو، مضيفة أن السياحة والتبادل التعليمي والثقافي يمثلان محاور رئيسية في تعزيز الشراكة الثنائية. التعليم كما تناولت معاليها أهمية التعاون في قطاع التعليم، مشيدة بزيادة أعداد الطلبة الإماراتيين في الجامعات الأوروبية، إلى جانب وجود نحو 28 ألف طالب من دول الاتحاد الأوروبي يدرسون في دولة الإمارات، داعية إلى تعزيز برامج التبادل الأكاديمي والثقافي بين الجانبين. وأكدت رئيسة البرلمان الأوروبي أن الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات، تدخل اليوم مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، وأن الإرادة السياسية الصادقة والتفاهم المشترك كفيلان بنقل هذه العلاقة إلى آفاق أرحب من السلام، والتنمية، والازدهار.


الاتحاد
منذ 2 ساعات
- الاتحاد
المرأة الإماراتية والعمل الدبلوماسي.. حضور فاعل ودور ريادي
هالة الخياط (أبوظبي) يشكل اليوم الدولي للمرأة في العمل الدبلوماسي، الذي يصادف الـ 24 من يونيو من كل عام، مناسبة مهمة لتسليط الضوء على الجهود التي تبذلها دولة الإمارات في تمكين المرأة، خصوصاً في قطاع الدبلوماسية، الذي يعد من أهم روافد السياسة الخارجية للدول وأداة رئيسية لتعزيز العلاقات الدولية وبناء الشراكات الاستراتيجية. وفي هذا الإطار، تبرز تجربة دولة الإمارات بوصفها نموذجاً إقليمياً وعالمياً ملهماً في تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في المجالات كافة، وخاصة في العمل الدبلوماسي، انطلاقاً من رؤية القيادة الرشيدة التي تؤمن بأن المرأة شريك رئيسي في صناعة القرار وتحقيق التنمية المستدامة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يولي اهتماماً كبيراً لدعم المرأة وتمكينها. حضور لافت تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن المرأة الإماراتية تشكل ما نسبته 49.5% من العاملين في وزارة الخارجية والتعاون الدولي، في حين تمثل الإناث نحو 60% من خريجي «أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، المؤسسة المعنية بتأهيل الكوادر الوطنية للعمل في السلك الدبلوماسي. كما يعمل في وزارة الخارجية والبعثات التمثيلية للدولة في الخارج قرابة الـ 587 امرأة إماراتية، بينهن 275 دبلوماسية، وهو ما يعادل 42% من عدد الإماراتيات العاملات في الوزارة، ما يعكس التقدم الكبير الذي أحرزته الدولة في هذا المجال. ولم تقف الإنجازات عند هذا الحد، بل تم تعيين ثماني سيدات إماراتيات في مناصب سفيرات ودبلوماسيات رفيعات المستوى، يمثّلن وجه الدولة الحضاري في الخارج، ويؤدين أدواراً محورية في تعزيز شبكة علاقات الإمارات الإقليمية والدولية. جهود متواصلة لا يقتصر تمكين المرأة في العمل الدبلوماسي على الداخل فقط، بل يشمل جهوداً إماراتية مؤثرة على الصعيد الدولي. فقد قدمت دولة الإمارات منذ عام 2010 أكثر من 26 مليون دولار أميركي لدعم «هيئة الأمم المتحدة للمرأة»، تعزيزاً لجهود المساواة بين الجنسين. ويبرز هنا دور سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، الذي كان في عام 2014 أول وزير خارجية عربي يوقع على حملة «هو من أجلها» التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة لإشراك الرجال في تحقيق المساواة بين الجنسين. بيئة تشريعية ومؤسسية محفزة لقد جاء هذا التقدم نتيجة رؤية استراتيجية وتشريعات داعمة، أبرزها قرار مجلس الوزراء عام 2012 بضرورة وجود المرأة في مجالس إدارات الهيئات الاتحادية والشركات، إلى جانب تأسيس «مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين» في مايو 2015، والذي يضطلع بدور مهم في مراجعة السياسات والتشريعات لتعزيز بيئة العمل المتوازنة. كما أطلقت الدولة في 2015 «الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة الإماراتية»، تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسَّسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، والتي تهدف إلى جعل الإمارات ضمن الدول الأكثر تقدماً في تمكين المرأة بحلول 2030، وتوفير إطار شامل للجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني لتعزيز مشاركة المرأة في مختلف المجالات. الوظائف العامة تؤكد الأرقام مدى التقدم الذي أحرزته المرأة الإماراتية على مستوى الوظائف العامة، حيث تشغل النساء نحو 66% من وظائف القطاع الحكومي، من بينها 30% من المناصب القيادية العليا المرتبطة بصنع القرار. كما تشغل المرأة 75% من القوى العاملة في قطاعي التعليم والصحة، ما يعكس دورها المحوري في مسيرة التنمية. أما على الصعيد البرلماني، فقد حققت الإمارات المركز الثاني عالمياً في مؤشر تمثيل المرأة في البرلمان، وفقاً لتقرير التنافسية العالمية 2024، مما يؤكد أن المرأة الإماراتية ليست فقط حاضرة في المجال التنفيذي، بل أيضاً في مواقع التشريع وصنع السياسات. إشادات دولية نال النموذج الإماراتي في تمكين المرأة الكثير من الإشادات الدولية، بوصفه نموذجاً ناجحاً للتوازن بين الجنسين في بيئة العمل، وخصوصاً في المجالات التي ظلت لفترة طويلة مقتصرة على الرجال، مثل السلك الدبلوماسي. ويُنظر إلى الدبلوماسية الإماراتية النسائية اليوم على أنها رافعة حقيقية للسياسة الخارجية للدولة، تسهم في تعزيز صورتها في العالم، وفي إدارة علاقاتها الدولية بكفاءة وحرفية عالية. وتعكس هذه الإنجازات رؤية واضحة بأن تمكين المرأة ليس مجرد شعار، بل ممارسة فعلية مدعومة بالتشريعات والفرص والتدريب، وهو ما يجعل من الإمارات بيئة حاضنة للتميز النسائي في العمل الدبلوماسي. مثال يحتذى به تُعد تجربة دولة الإمارات في تمكين المرأة، وخاصة في مجال العمل الدبلوماسي، مثالاً عالمياً يحتذى به، وقد أثبتت المرأة الإماراتية قدرتها على تحمل المسؤولية وتمثيل الدولة بأعلى درجات الكفاءة والمهنية. وهذه النجاحات لم تكن لتتحقق لولا الدعم المتواصل من القيادة الرشيدة، والإيمان العميق بدور المرأة كشريك رئيسي في بناء المستقبل. وبهذه المناسبة، فإن اليوم الدولي للمرأة في العمل الدبلوماسي هو محطة لتجديد العهد بدعم المرأة وتمكينها، والتأكيد على أن مسيرة الإنجازات الإماراتية مستمرة، بقيادة واعية، وبكفاءات نسائية تثبت كل يوم أنها على قدر التحدي والطموح.


العين الإخبارية
منذ 2 ساعات
- العين الإخبارية
«الحرب انتهت».. ترامب يعلن اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران
تم تحديثه الثلاثاء 2025/6/24 02:14 ص بتوقيت أبوظبي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الإثنين، التوصل إلى اتفاق رسمي وكامل بين إسرائيل وإيران على وقف شامل لإطلاق النار. جاء ذلك تمهيدًا لإنهاء ما وصفها بـ«حرب الأيام الـ12» التي كادت تُغرق الشرق الأوسط في صراع طويل. وقال ترامب، في منشور على منصته «تروث سوشيال»، إن وقف إطلاق النار سيبدأ من الجانب الإيراني بعد نحو 6 ساعات، بينما ستلتزم إسرائيل بوقف موازٍ بعد مرور 12 ساعة. ووفق الجدول الزمني الذي أعلنه، فإن الحرب ستُعدّ منتهية رسميًا بعد 24 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق. وأوضح ترامب: «خلال كل فترة وقف إطلاق نار، يتعين على الطرف الآخر الحفاظ على السلم والاحترام»، معتبرًا أن كلا الجانبين – إيران وإسرائيل – أظهرا «القدرة والشجاعة والذكاء» لإنهاء الحرب. وأضاف: «هذه حرب كان يمكن أن تستمر لسنوات وتدمّر الشرق الأوسط بأكمله، لكنها لم تفعل – ولن تفعل أبدًا!»، موجّهًا الشكر للطرفين ومؤكدًا أن «العالم سيحتفل بانتهاء الحرب». واختتم بالقول: «فليبارك الله إسرائيل، فليبارك الله إيران، فليبارك الله الشرق الأوسط، فليبارك الله الولايات المتحدة الأمريكية، وفليبارك الله العالم». ويأتي إعلان ترامب بعد سلسلة من الهجمات المتبادلة التي شملت قصف مواقع نووية إيرانية، وهجمات صاروخية على قواعد أمريكية وإسرائيلية، قبل أن تدخل وساطات دبلوماسية على خط الأزمة خلال الساعات الأخيرة، لا سيما من جانب قطر والاتحاد الأوروبي. aXA6IDkyLjExMi4xNTYuMzkg جزيرة ام اند امز PL