
من أزرار "أتاري" إلى استحواذات "أبل"... حين أصبحت الألعاب صانعة الكبار
عام 2024، بلغت إيرادات ألعاب الـ"موبايل" 92.6 مليار دولار (أ ف ب)
في ركن من أركان الثمانينيات، جلس طفل يحمل "عصا تحكم" مربوطة بجهاز "أتاري"، يقاتل أعداء وهميين على شاشة تلفزيون بألوان باهتة، لم يكُن يعلم ذلك الطفل ولا حتى والداه، أن ما بدا مجرد متعة وقتية حينها، سيتحول لاحقاً إلى واحد من أضخم الأسواق الترفيهية على وجه الأرض، ونواة لواحدة من أهم الصناعات في العالم.
من "أتاري" السبعينيات و"نينتندو" الثمانينيات و"سوني بلاي ستيشن" التسعينيات، وصولاً إلى الألعاب السحابية اليوم، هذه السوق لم تعُد مجرد "تسلية مراهقين"، بل أصبحت حلبة تتصارع فيها الشركات والدول… والجائزة؟ مئات مليارات الدولارات وولاء أكثر من 3 مليارات لاعب حول العالم.
حجم السوق... أرقام تسبق الخيال
بحلول عام 2024، قفزت إيرادات سوق الألعاب العالمية إلى 187.7 مليار دولار بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى نسبة 6.5 في المئة حتى عام 2033، وتخطت الألعاب مبيعات السينما والموسيقى مجتمعة، وأصبحت المرجعية الأولى للترفيه الحديث. وقرابة 50 في المئة من هذه الإيرادات جاءت من ألعاب الهاتف التي تحولت من تسلية سريعة في وقت الفراغ إلى محرك اقتصادي ودافع مالي جديد يسابق كبرى الاستثمارات.
تصدر المشهد العربي والخليجي
سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قرابة 6.6 مليار دولار عام 2024، مع توقعات بالوصول إلى 9 مليارات بحلول 2027، وتستحوذ السعودية وحدها على 1.8 مليار دولار، وتسعى إلى التحول إلى مركز عالمي لصناعة الألعاب عبر استثمارات من صندوق الاستثمارات العامة.
وتلاحق الإمارات ومصر والكويت الركب، مع نمو في عدد اللاعبين ومبادرات لدعم المطورين المحليين.
توزيع الإيرادات بحسب المنصة
عام 2024، بلغت إيرادات ألعاب الـ"موبايل" 92.6 مليار دولار، بينما سجلت ألعاب الـ"كونسول" (بلاي ستيشن وإكس بوكس) 50.4 مليار دولار، ووصلت إيرادات ألعاب الكمبيوتر الشخصي إلى 41.7 مليار دولار، لكن المفارقة أن ألعاب الـ"كونسول" تراجعت بنسبة واحد في المئة، مقابل نمو الـ"موبايل" بنسبة 2.8 في المئة، مما يعني أن الجيب الصغير بدأ يهزم الصندوق الكبير.
من يلعب؟ وأين؟
تجاوز عدد اللاعبين عالمياً 3.3 مليار لاعب عام 2024، وهذا التوزيع يعكس تحول الألعاب إلى ثقافة كونية لا تقتصر على دولة أو قارة، فيضم إقليم آسيا والمحيط الهادئ 1.48 مليار لاعب، مما يمثل نحو نصف اللاعبين عالمياً، تليه أوروبا بـ715 مليون لاعب، ثم أميركا اللاتينية بـ420 مليون لاعب، وأميركا الشمالية بـ285 مليون لاعب، وأخيراً الشرق الأوسط وأفريقيا بـ168 مليون لاعب.
وآسيا ليست السوق الأكبر وحسب، بل المصدر الأول لثقافة الألعاب عالمياً، من الرسوم اليابانية إلى النماذج الصينية للربحية.
ومن ناحية الإيرادات، تحتل الصين والولايات المتحدة واليابان المراتب الثلاث الأولى، إذ تمثل الصين نحو نسبة 25 في المئة من إيرادات سوق الألعاب العالمية.
التوجهات المستقبلية والتوقعات
وتظهر سوق الألعاب العالمية عام 2024 نمواً مستمراً، مدفوعاً بتوسع الألعاب المحمولة والابتكارات التكنولوجية، ومع توقعات بنمو مستمر خلال السنوات المقبلة، تظل هذه الصناعة مجالاً واعداً للاستثمار والتطوير، إذ من المرجح أن يصل حجم سوق الألعاب العالمية إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2033 بناء على تقديرات محتملة.
وشهدت المبيعات الرقمية نمواً ملحوظاً، إذ شكلت 95.4 في المئة من إجمال المبيعات عام 2024، مما يشير إلى تراجع كبير في مبيعات الأقراص المدمجة، وتتجه الصناعة نحو تبني تقنيات الواقع المعزز والافتراضي، إضافة إلى الذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب ألعاب أكثر تفاعلية وواقعية.
أما الذكاء الاصطناعي فسيكون محركاً رئيساً في تطور الألعاب، إذ يسهم في إنشاء ما يسمى "شخصيات غير قابلة للعب" (NPCs) أكثر ذكاء، ورفع جودة الرسومات والمؤثرات البصرية إلى مستويات سينمائية، وتقديم تجارب مخصصة لكل لاعب وفقاً لسلوكياته وتفضيلاته، ويقوم بدور متزايد في تصميم العوالم الافتراضية وطرق التفاعل داخلها، مما يجعل مستقبل الألعاب أكثر واقعية وتفاعلاً من أي وقت مضى.
اللعبة تغيرت: من كارتر إلى كود
وتطورت الألعاب من "صور نقطية" (Pixelated) تشبه كرتون السبعينيات، إلى عوالم ثلاثية الأبعاد مدعومة بالذكاء الاصطناعي، فمن لعبة "Pac-Man" إلى "Call of Duty"، ومن "Super Mario" إلى "Genshin Impact"، تحولت الألعاب إلى فن تفاعلي وبيئة اقتصادية ضخمة، وفي القلب من هذه المعادلة يقف اللاعبون الجدد، تحديداً ألعاب الـ"موبايل"، فاليوم كل شخص يحمل هاتفاً ذكياً هو لاعب محتمل.
"أبل" تدخل الملعب
وخلال الأيام الأخيرة، ترددت أنباء قوية عن أن "أبل" اشترت أخيراً استوديو "آر أي سي 7" (RAC7) الكندي، الشهير بلعبة "Sneaky Sasquatch"، كأول استوديو ألعاب تمتلكه مباشرة، مما يشير إلى نيتها عدم الاكتفاء بمتجرها كوسيط، بل الدخول مباشرة في إنتاج الألعاب، ويعكس رؤية "أبل" لمستقبل كبير في هذه السوق.
هل سنشهد قريباً لعبة من إنتاج "أبل" نفسها؟
الجواب الأقرب هو نعم، فالشركة تعلم أن الجيل المقبل لا يشتري هاتفاً وحسب، بل "منصة ترفيه كاملة".
ويتصدر المشهد في صناعة الألعاب عمالقة مثل "Tencent" الشركة الصينية صانعة "PUBG" و"Honor of Kings"، و"Sony" إمبراطورة الــ"بلاي ستيشن"، و"مايكروسوفت" مالكة "Activision Blizzard"، إضافة إلى "نينتندو" أيقونة العائلة، و"Epic Games" مبتكرة لعبة "Fortnite".
أما منصات بيع الألعاب، فيحتكرها عملاقان هما "أبل" و"غوغل" اللذان يسيطران على متجر التطبيقات وتوزيع وإيرادات ألعاب الـ"موبايل"، وأخيراً دخلت "نتفليكس" اللعبة بجدية وأعلنت عن توسيع محتوى الألعاب داخل منصتها.
وهذا التوسع لم يعُد مجرد منافسة تجارية، بل تحول إلى ما يمكن تسميته "قوة الألعاب الناعمة"، إذ توظف الدول والشركات هذه الصناعة لتصدير ثقافتها وقيمها وبناء نفوذ عالمي يتجاوز الحدود التقليدية للنفوذين الإعلامي والسياسي.
الاستثمارات: صندوق اللعبة مليان
وأدركت دول الخليج مبكراً أن سوق الألعاب ليست مجرد ترف، بل اقتصاداً معرفياً ورافعة ناعمة، ففي السعودية وعبر صندوق الاستثمارات العامة، رُصدت مبالغ ضخمة تصل إلى 38 مليار دولار بحلول عام 2030، إذ استثمر الصندوق في شركات كبرى مثل "أكتيفيجن" 2.9 مليار دولار، و"أي آي" 1.9 مليار دولار، و"نينتندو" بنسبة تملك 5.01 في المئة، وأنشأت شركة "سافي" للألعاب التي استحوذت على "ESL" و"FACEIT"، مما يعكس طموح السعودية لتصبح مركزاً عالمياً للألعاب ويظهر كيف أن الدول باتت ترى في الألعاب اقتصاداً معرفياً وفرصة استراتيجية للمستقبل.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الإمارات، تظهر دبي طموحاً كبيراً في صناعة الألعاب من خلال مبادرات مثل مؤسسة "دبي" للمستقبل ومدينة "دبي" للإعلام، التي توفر بيئة مثالية لمطوري الألعاب والشركات الناشئة في هذا المجال، ويعزز مهرجان دبي للرياضات الإلكترونية مكانتها كوجهة عالمية، إذ يجذب اللاعبين والمستثمرين ويدعم نمو السوق الإقليمية.
في المقابل، لا تزال الكويت تتلمس طريقها نحو صناعة الألعاب، إذ لم تدخل المنافسة بعد بخطة واضحة أو استراتيجية وطنية شاملة، على رغم الحضور المتزايد واحتضانها لعدد من المطورين المستقلين "Indie Devs"، وقد يكون من المجدي تطوير حاضنة ألعاب وطنية على غرار "دبي فاند".
لماذا الكل يتزاحم على هذه السوق؟
السبب هو التحول الاقتصادي الكبير الذي تشهده هذه الصناعة، إذ أدركت الدول والشركات حجم الفرص الاستثمارية الهائلة في هذا القطاع، بعد أن لمست الجاذبية غير المسبوقة التي تملكها سوق الألعاب، فلا يكتفي اللاعب اليوم بشراء اللعبة فقط، بل يدفع داخلها ويتفاعل ويبث محتواه ويؤثر عبر منصات مثل "Twitch" و"TikTok"، ويشتري أدوات رقمية "Skins"، ويخوض تجارب الـ"ميتافيرس"، ويتحول من مجرد مستهلك إلى مسهم نشط ودائم في عالم افتراضي حي.
ولم يعُد اللعب مجرد تسلية على الهامش، بل أصبح اقتصاداً مكتمل الأركان، توظف فيه المهارات وتبنى حوله مهن ناشئة وتصاغ من خلاله قصص نجاح لأفراد بدأوا كلاعبين وانتهوا كمطورين، مؤثرين، أو حتى مؤسسي شركات.
العوامل الخفية خلف نمو السوق
وأسهمت عوامل عدة في النمو الهائل لهذه السوق، ومن أبرزها جائحة كورونا التي فتحت شهية العالم على اللعب الجماعي عن بعد، وكذلك تطور المعالجات الرسومية الذي جعل الهواتف الذكية تنافس أجهزة ومنصات الألعاب التقليدية، كما أن "الجيل زد" يعتبر الألعاب بيئة اجتماعية طبيعية، لا ترفاً، وإضافة إلى ذلك أصبح الذكاء الاصطناعي عنصراً جوهرياً في تصميم العوالم الافتراضية وتطور ردود الأفعال داخل اللعبة. ولا ننسى أن الـ"ميتافيرس" والألعاب "الغامرة" (Immersive) التي شكلت بيئة ألعاب كاملة من ترفيه وتجارة وتفاعل اجتماعي مثل "روبلوكس" (Roblox).
هذه العوامل مجتمعة أعادت تشكيل الاقتصاد الترفيهي، لتصبح الألعاب مركزاً لجذب الاستثمارات وتوليد الوظائف.
نقطة نظام: ومتى بدأت القصة؟
تعود أول لعبة فيديو لعام 1958، حين صمم الفيزيائي ويليام هيغنباثام لعبة محاكاة للتنس، ثم جاءت "أتاري" في السبعينيات و"نينتندو" في الثمانينيات، ثم عصر "سوني بلاي ستيشن" في التسعينيات، وصولاً إلى الجيل السحابي اليوم مع خدمات مثل Xbox Cloud Gaming وGeForce NOW.
ماذا بعد؟
قد يغير دخول "أبل" قواعد اللعبة، خصوصاً إذا قررت ربط ألعابها بسماعات "فيجن برو (Vision Pro) أو بأجهزتها البيئية، وستتنافس الدول ليس على من يملك أقوى لعبة وحسب، بل من يصدر أكثر مطورين وابتكارات في هذا القطاع.
ومن المتوقع أن تظهر مدارس متخصصة في تطوير الألعاب كما ظهرت من قبل في البرمجة والتصميم. وتوضح هذه الخطوات كيف أصبحت الألعاب "لعبة الكبار"، مما يفتح آفاقاً كبيرة للمستقبل في مجالات مثل الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياضية
منذ يوم واحد
- الرياضية
عبر قصة كتبها المستشار آل الشيخ.. كريم وعز يواجهون الكلاب السبعة في أضخم انتاج سينمائي
تستعد صالات السينما المحلية والعربية والعالمية لاستقبال احد اضخم الإنتاجات السينمائية العربية وهو فيلم The Seventh Dogs الذي يعيد ثنائية النجمين الكبيرين كريم عبد العزيز واحمد عز من جديد في فيلم عن قصة معالي المستشار تركي آل الشيخ وسيناريو وحوار محمد الدباح. الفيلم من إخراج المخرجين العالميين عادل العربي وبلال فلاح ومن انتاج الهيئة العامة للترفيه وصله وتم تصويره بالكامل في استوديوهات Big Time " في مدينة الرياض ويلغت موازنة الفيلم اكثر من 40 مليون دولار ويشارك نخبة من النجوم فيه يتقدمهم النجم السعودي ناصر القصبي الذي يظل بشخصية جديدة. واستخدم في تصوير الفيلم احدث تقنيات التصوير العالمية، وبث الخميس الفيديو التشويقي للفيلم الذي تم تداوله بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتدور احداثه حول عميل الإنتربول خالد العزازي (أحمد عز)، الذي يتعاون مع غالي أبو داود (كريم عبد العزيز) من عصابة الكلاب السبعة لمكافحة تجارة المخدرات، ليشهد العديد من الأزمات ما يحدث الكثير من المفاجآت خلال المطاردة.


الرياضية
منذ يوم واحد
- الرياضية
رسائل واتساب
ـ رسائل الواتساب تشبه أصحابها في أحيان كثيرة، أحد الأصدقاء يرسل رسائل غاضبة كلما خسر فريقه، يتهم حكم المباراة، يبتكر أسبابًا للخسارة خارج ملعب المباراة، مفهومه هو إما أن نفوز أو نتهم الحكم أو أيًا كان. صديق آخر يحوّل كل الأحداث العالمية إلى مؤامرة، كورونا مؤامرة، العملات المشفرة مؤامرة، الإنترنت مؤامرة، الذكاء الاصطناعي مؤامرة، خروج ريال مدريد من دوري الأبطال مؤامرة. اليوم اخترت مجموعة من رسائل الواتس التي أعجبتني في الفترة الماضية. ـ كان الصديق وليد يراهن على نجاح اللاعب عثمان ديمبلي مع برشلونة، قال إنه لاعب استثنائي، بل من أفضل 5 لاعبين في العالم. لم ينجح ديمبلي مع برشلونة، وراح وليد يشكك في إدارة برشلونة وسوء تعامل المدرب مع ديمبلي. عندما انتقل ديمبلي إلى باريس سان جيرمان ظهرت إمكاناته الخارقة، ساهم مساهمة كبيرة في فوز سان جيرمان بالألقاب، كان الهداف وصاحب أكثر التمريرات الحاسمة. عندما فاز باريس سان جيرمان بدوري الأبطال احتفل وليد احتفالًا صاخبًا، وراح يرسل عبر الواتس كل ما قيل عن ديمبلي، وأعاد إرسال ما قالة المدير الرياضي السابق لبرشلونة «روبرت فيرنانديز» عدة مرات «لم نتحلّ بالصبر الكافي مع عثمان، لا الإعلام ولا النادي. بكل صدق، أعتقد أننا أسأنا معاملة هذا اللاعب كثيرًا، مع الأسف أجد نفسي مضطرًا لقولها بهذه الطريقة». ترى.. كم هم الموهوبون في شتى المجالات الذين أُسيئت معاملتهم وغادروا! ـ هذه الرسالة الطريفة وصلتني من الصديق سامر، ذكرتني بمن شاهدتهم في السوشال ميديا وهم يقولون للمتابعين: هل تريد أن تكسب أول مليون؟ يوزعون نصائحهم على الجميع، واكتشفت أنهم إما يبحثون عن زيادة متابعيهم، أو بيع نصائحهم، ربما أرادوا كسب أول مليون لهم. مذيع قابل رجلًا مدخنًا في الشارع ودار بينهما الحوار التالي: المذيع: أنت تدخن؟ المدخن: نعم المذيع: كم علبة في اليوم؟ المدخن: 4 المذيع: كم سعر العلبة؟ المدخن: 9 دولارات المذيع: يعني أنت تصرف 36 دولارًا على الدخان في اليوم.. يعني 1456 دولارًا في السنة، كم سنة لك تدخن؟ المدخن: 20 سنة. المذيع: يعني حوالي 400 ألف دولار إلى الآن.. يعني لو ما كنت تدخن كان تقدر تشتري الآن سيارة فراري. المدخن: أنت تدخن؟ المذيع: لأ. المدخن: وين الفراري حقتك ؟!! ـ هذه الرسالة وصلتني من عبد الله، اعتدت أن تصلني منه الرسائل التفاؤلية، أو النكات المضحكة، لم يرسل لي يومًا مقطع فيديو يظهر فيه رجل يقسم بأنه اكتشف علاج السكري، أو خلطة تنقص عشرات الكيلو جرامات في عدة أسابيع !. أرسل عبد الله هذه النكتة. الابن: بابا ما شفت الساحر كيف يحول العشرين ريال إلى حمامه؟ الأب: هذا ساحر مبتدئ.. أنت ما شفت أمك كيف تحول الراتب لفستان.


Independent عربية
منذ يوم واحد
- Independent عربية
من أزرار "أتاري" إلى استحواذات "أبل"... حين أصبحت الألعاب صانعة الكبار
عام 2024، بلغت إيرادات ألعاب الـ"موبايل" 92.6 مليار دولار (أ ف ب) في ركن من أركان الثمانينيات، جلس طفل يحمل "عصا تحكم" مربوطة بجهاز "أتاري"، يقاتل أعداء وهميين على شاشة تلفزيون بألوان باهتة، لم يكُن يعلم ذلك الطفل ولا حتى والداه، أن ما بدا مجرد متعة وقتية حينها، سيتحول لاحقاً إلى واحد من أضخم الأسواق الترفيهية على وجه الأرض، ونواة لواحدة من أهم الصناعات في العالم. من "أتاري" السبعينيات و"نينتندو" الثمانينيات و"سوني بلاي ستيشن" التسعينيات، وصولاً إلى الألعاب السحابية اليوم، هذه السوق لم تعُد مجرد "تسلية مراهقين"، بل أصبحت حلبة تتصارع فيها الشركات والدول… والجائزة؟ مئات مليارات الدولارات وولاء أكثر من 3 مليارات لاعب حول العالم. حجم السوق... أرقام تسبق الخيال بحلول عام 2024، قفزت إيرادات سوق الألعاب العالمية إلى 187.7 مليار دولار بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى نسبة 6.5 في المئة حتى عام 2033، وتخطت الألعاب مبيعات السينما والموسيقى مجتمعة، وأصبحت المرجعية الأولى للترفيه الحديث. وقرابة 50 في المئة من هذه الإيرادات جاءت من ألعاب الهاتف التي تحولت من تسلية سريعة في وقت الفراغ إلى محرك اقتصادي ودافع مالي جديد يسابق كبرى الاستثمارات. تصدر المشهد العربي والخليجي سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قرابة 6.6 مليار دولار عام 2024، مع توقعات بالوصول إلى 9 مليارات بحلول 2027، وتستحوذ السعودية وحدها على 1.8 مليار دولار، وتسعى إلى التحول إلى مركز عالمي لصناعة الألعاب عبر استثمارات من صندوق الاستثمارات العامة. وتلاحق الإمارات ومصر والكويت الركب، مع نمو في عدد اللاعبين ومبادرات لدعم المطورين المحليين. توزيع الإيرادات بحسب المنصة عام 2024، بلغت إيرادات ألعاب الـ"موبايل" 92.6 مليار دولار، بينما سجلت ألعاب الـ"كونسول" (بلاي ستيشن وإكس بوكس) 50.4 مليار دولار، ووصلت إيرادات ألعاب الكمبيوتر الشخصي إلى 41.7 مليار دولار، لكن المفارقة أن ألعاب الـ"كونسول" تراجعت بنسبة واحد في المئة، مقابل نمو الـ"موبايل" بنسبة 2.8 في المئة، مما يعني أن الجيب الصغير بدأ يهزم الصندوق الكبير. من يلعب؟ وأين؟ تجاوز عدد اللاعبين عالمياً 3.3 مليار لاعب عام 2024، وهذا التوزيع يعكس تحول الألعاب إلى ثقافة كونية لا تقتصر على دولة أو قارة، فيضم إقليم آسيا والمحيط الهادئ 1.48 مليار لاعب، مما يمثل نحو نصف اللاعبين عالمياً، تليه أوروبا بـ715 مليون لاعب، ثم أميركا اللاتينية بـ420 مليون لاعب، وأميركا الشمالية بـ285 مليون لاعب، وأخيراً الشرق الأوسط وأفريقيا بـ168 مليون لاعب. وآسيا ليست السوق الأكبر وحسب، بل المصدر الأول لثقافة الألعاب عالمياً، من الرسوم اليابانية إلى النماذج الصينية للربحية. ومن ناحية الإيرادات، تحتل الصين والولايات المتحدة واليابان المراتب الثلاث الأولى، إذ تمثل الصين نحو نسبة 25 في المئة من إيرادات سوق الألعاب العالمية. التوجهات المستقبلية والتوقعات وتظهر سوق الألعاب العالمية عام 2024 نمواً مستمراً، مدفوعاً بتوسع الألعاب المحمولة والابتكارات التكنولوجية، ومع توقعات بنمو مستمر خلال السنوات المقبلة، تظل هذه الصناعة مجالاً واعداً للاستثمار والتطوير، إذ من المرجح أن يصل حجم سوق الألعاب العالمية إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2033 بناء على تقديرات محتملة. وشهدت المبيعات الرقمية نمواً ملحوظاً، إذ شكلت 95.4 في المئة من إجمال المبيعات عام 2024، مما يشير إلى تراجع كبير في مبيعات الأقراص المدمجة، وتتجه الصناعة نحو تبني تقنيات الواقع المعزز والافتراضي، إضافة إلى الذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب ألعاب أكثر تفاعلية وواقعية. أما الذكاء الاصطناعي فسيكون محركاً رئيساً في تطور الألعاب، إذ يسهم في إنشاء ما يسمى "شخصيات غير قابلة للعب" (NPCs) أكثر ذكاء، ورفع جودة الرسومات والمؤثرات البصرية إلى مستويات سينمائية، وتقديم تجارب مخصصة لكل لاعب وفقاً لسلوكياته وتفضيلاته، ويقوم بدور متزايد في تصميم العوالم الافتراضية وطرق التفاعل داخلها، مما يجعل مستقبل الألعاب أكثر واقعية وتفاعلاً من أي وقت مضى. اللعبة تغيرت: من كارتر إلى كود وتطورت الألعاب من "صور نقطية" (Pixelated) تشبه كرتون السبعينيات، إلى عوالم ثلاثية الأبعاد مدعومة بالذكاء الاصطناعي، فمن لعبة "Pac-Man" إلى "Call of Duty"، ومن "Super Mario" إلى "Genshin Impact"، تحولت الألعاب إلى فن تفاعلي وبيئة اقتصادية ضخمة، وفي القلب من هذه المعادلة يقف اللاعبون الجدد، تحديداً ألعاب الـ"موبايل"، فاليوم كل شخص يحمل هاتفاً ذكياً هو لاعب محتمل. "أبل" تدخل الملعب وخلال الأيام الأخيرة، ترددت أنباء قوية عن أن "أبل" اشترت أخيراً استوديو "آر أي سي 7" (RAC7) الكندي، الشهير بلعبة "Sneaky Sasquatch"، كأول استوديو ألعاب تمتلكه مباشرة، مما يشير إلى نيتها عدم الاكتفاء بمتجرها كوسيط، بل الدخول مباشرة في إنتاج الألعاب، ويعكس رؤية "أبل" لمستقبل كبير في هذه السوق. هل سنشهد قريباً لعبة من إنتاج "أبل" نفسها؟ الجواب الأقرب هو نعم، فالشركة تعلم أن الجيل المقبل لا يشتري هاتفاً وحسب، بل "منصة ترفيه كاملة". ويتصدر المشهد في صناعة الألعاب عمالقة مثل "Tencent" الشركة الصينية صانعة "PUBG" و"Honor of Kings"، و"Sony" إمبراطورة الــ"بلاي ستيشن"، و"مايكروسوفت" مالكة "Activision Blizzard"، إضافة إلى "نينتندو" أيقونة العائلة، و"Epic Games" مبتكرة لعبة "Fortnite". أما منصات بيع الألعاب، فيحتكرها عملاقان هما "أبل" و"غوغل" اللذان يسيطران على متجر التطبيقات وتوزيع وإيرادات ألعاب الـ"موبايل"، وأخيراً دخلت "نتفليكس" اللعبة بجدية وأعلنت عن توسيع محتوى الألعاب داخل منصتها. وهذا التوسع لم يعُد مجرد منافسة تجارية، بل تحول إلى ما يمكن تسميته "قوة الألعاب الناعمة"، إذ توظف الدول والشركات هذه الصناعة لتصدير ثقافتها وقيمها وبناء نفوذ عالمي يتجاوز الحدود التقليدية للنفوذين الإعلامي والسياسي. الاستثمارات: صندوق اللعبة مليان وأدركت دول الخليج مبكراً أن سوق الألعاب ليست مجرد ترف، بل اقتصاداً معرفياً ورافعة ناعمة، ففي السعودية وعبر صندوق الاستثمارات العامة، رُصدت مبالغ ضخمة تصل إلى 38 مليار دولار بحلول عام 2030، إذ استثمر الصندوق في شركات كبرى مثل "أكتيفيجن" 2.9 مليار دولار، و"أي آي" 1.9 مليار دولار، و"نينتندو" بنسبة تملك 5.01 في المئة، وأنشأت شركة "سافي" للألعاب التي استحوذت على "ESL" و"FACEIT"، مما يعكس طموح السعودية لتصبح مركزاً عالمياً للألعاب ويظهر كيف أن الدول باتت ترى في الألعاب اقتصاداً معرفياً وفرصة استراتيجية للمستقبل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفي الإمارات، تظهر دبي طموحاً كبيراً في صناعة الألعاب من خلال مبادرات مثل مؤسسة "دبي" للمستقبل ومدينة "دبي" للإعلام، التي توفر بيئة مثالية لمطوري الألعاب والشركات الناشئة في هذا المجال، ويعزز مهرجان دبي للرياضات الإلكترونية مكانتها كوجهة عالمية، إذ يجذب اللاعبين والمستثمرين ويدعم نمو السوق الإقليمية. في المقابل، لا تزال الكويت تتلمس طريقها نحو صناعة الألعاب، إذ لم تدخل المنافسة بعد بخطة واضحة أو استراتيجية وطنية شاملة، على رغم الحضور المتزايد واحتضانها لعدد من المطورين المستقلين "Indie Devs"، وقد يكون من المجدي تطوير حاضنة ألعاب وطنية على غرار "دبي فاند". لماذا الكل يتزاحم على هذه السوق؟ السبب هو التحول الاقتصادي الكبير الذي تشهده هذه الصناعة، إذ أدركت الدول والشركات حجم الفرص الاستثمارية الهائلة في هذا القطاع، بعد أن لمست الجاذبية غير المسبوقة التي تملكها سوق الألعاب، فلا يكتفي اللاعب اليوم بشراء اللعبة فقط، بل يدفع داخلها ويتفاعل ويبث محتواه ويؤثر عبر منصات مثل "Twitch" و"TikTok"، ويشتري أدوات رقمية "Skins"، ويخوض تجارب الـ"ميتافيرس"، ويتحول من مجرد مستهلك إلى مسهم نشط ودائم في عالم افتراضي حي. ولم يعُد اللعب مجرد تسلية على الهامش، بل أصبح اقتصاداً مكتمل الأركان، توظف فيه المهارات وتبنى حوله مهن ناشئة وتصاغ من خلاله قصص نجاح لأفراد بدأوا كلاعبين وانتهوا كمطورين، مؤثرين، أو حتى مؤسسي شركات. العوامل الخفية خلف نمو السوق وأسهمت عوامل عدة في النمو الهائل لهذه السوق، ومن أبرزها جائحة كورونا التي فتحت شهية العالم على اللعب الجماعي عن بعد، وكذلك تطور المعالجات الرسومية الذي جعل الهواتف الذكية تنافس أجهزة ومنصات الألعاب التقليدية، كما أن "الجيل زد" يعتبر الألعاب بيئة اجتماعية طبيعية، لا ترفاً، وإضافة إلى ذلك أصبح الذكاء الاصطناعي عنصراً جوهرياً في تصميم العوالم الافتراضية وتطور ردود الأفعال داخل اللعبة. ولا ننسى أن الـ"ميتافيرس" والألعاب "الغامرة" (Immersive) التي شكلت بيئة ألعاب كاملة من ترفيه وتجارة وتفاعل اجتماعي مثل "روبلوكس" (Roblox). هذه العوامل مجتمعة أعادت تشكيل الاقتصاد الترفيهي، لتصبح الألعاب مركزاً لجذب الاستثمارات وتوليد الوظائف. نقطة نظام: ومتى بدأت القصة؟ تعود أول لعبة فيديو لعام 1958، حين صمم الفيزيائي ويليام هيغنباثام لعبة محاكاة للتنس، ثم جاءت "أتاري" في السبعينيات و"نينتندو" في الثمانينيات، ثم عصر "سوني بلاي ستيشن" في التسعينيات، وصولاً إلى الجيل السحابي اليوم مع خدمات مثل Xbox Cloud Gaming وGeForce NOW. ماذا بعد؟ قد يغير دخول "أبل" قواعد اللعبة، خصوصاً إذا قررت ربط ألعابها بسماعات "فيجن برو (Vision Pro) أو بأجهزتها البيئية، وستتنافس الدول ليس على من يملك أقوى لعبة وحسب، بل من يصدر أكثر مطورين وابتكارات في هذا القطاع. ومن المتوقع أن تظهر مدارس متخصصة في تطوير الألعاب كما ظهرت من قبل في البرمجة والتصميم. وتوضح هذه الخطوات كيف أصبحت الألعاب "لعبة الكبار"، مما يفتح آفاقاً كبيرة للمستقبل في مجالات مثل الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي.