
الرباط تراقب احتمال عودة الحزب الشعبي إلى الحكم وتطورات الموقف الإسباني من الصحراء
ففي ملف الصحراء، تشير مصادر إلى أن الوضوح ليس مجرّد موقف دبلوماسي، بل أصبح عنصراً بنيوياً في توازن العلاقات الثنائية.
وفيما بدأت الصحافة الإسبانية بالفعل تناول هذا الموضوع بعدما أثار إرسال الأمين العام لحزب الاستقلال رسالة إلى ألبرتو نونيز فيخو نقاشاً عاماً في البلاد. وهذا التحرك، لا يمكن اعتباره مجرد إجراء ظرفي، بل يعكس انشغالاً عميقاً لكون الغموض المستمر في موقف الحزب الشعبي تجاه خطة الحكم الذاتي المغربية يثير تساؤلات في الرباط.
بالنسبة للمغرب، فإن قضية الصحراء تُعدّ من صميم التوافق الوطني. فمقترح الحكم الذاتي، الذي قُدِّم للأمم المتحدة سنة 2007، يشكل محور تحرك الدبلوماسية المغربية، وقد حظي هذا المقترح بدعم صريح من قوى كبرى كالولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والبرتغال، ومؤخراً إسبانيا، بعد التحول الدبلوماسي الذي قاده بيدرو سانشيز عام 2022. هذا الدعم المتزايد يعكس دينامية دولية تتجه نحو الواقعية وتبتعد عن الجمود في التعامل مع ملف الصحراء.
لقد اعتُبر اختيار سانشيز بمثابة خطوة سياسية شجاعة، مكّن من استقرار علاقة ثنائية كانت هشة في السابق. ومن خلال الابتعاد عن عقود من الغموض، ساعدت الحكومة الإسبانية على تحقيق تقارب دائم في مجالات استراتيجية مثل الطاقة، والأمن، والهجرة، والتجارة. وقد أتاح هذا التحول تجاوز الأزمة الدبلوماسية التي وقعت عام 2021 وتعزيز تعاون رفيع المستوى.
لكن يرى مراقبون أن احتمال عودة الحزب الشعبي إلى السلطة يثير بعض الغموض. فتصريحات الحزب التي تؤيد الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي دون تبنٍ واضح للخطة المغربية للحكم الذاتي تثير الشك. ويزيد من هذا الغموض بعض الإشارات الرمزية، لهذا الحزب مثل اللقاءات مع ممثلي جبهة البوليساريو، أو تحسّن العلاقات مع الجزائر. من وجهة نظر الرباط، يتم التعامل مع هذه التحركات بحذر، في سياق يتطلب اتساقاً حاسماً.
وحسب مصادر فإن العلاقة بين إسبانيا والمغرب لم تعد ثنائية فحسب، بل أصبحت جزءاً من بنية جيوسياسية معقدة تتداخل فيها المصالح المتوسطية، والأطلسية، والإفريقية. فالاستقرار الإقليمي، وإدارة تدفقات الهجرة، ومكافحة الإرهاب، والترابط اللوجستي، كلها رهينة بتفاهم منظم وواضح.
وفي هذا السياق، لا يمكن قراءة دعوات المغرب إلى مزيد من الوضوح السياسي كنوع من الضغط غير المبرر، بل تعكس مطلباً مشروعاً للاتساق في ملف يحدد العلاقة الاستراتيجية بين البلدين. المغرب، المتمسك بدبلوماسية مسؤولة، يتوقع من شركائه الأوربيين مواقف متبادلة تليق بالالتزامات المشتركة.
ويُذكّر بعض الفاعلين السياسيين المغاربة، المدركين لثقل الذاكرة الدبلوماسية، برمزية أزمة جزيرة ليلى خلال حكومة أزنار. هذا التذكير لا يهدف إلى التهديد أو التدخل، بل يُظهر أن الخيارات المتقلبة يمكن أن تُضعف سنوات من الجهود الثنائية. ويعمل هذا الاستحضار التاريخي بمثابة تحذير عقلاني.
كما يجدر التوضيح حسب المصادر أن المغرب لا يستخدم سياسة الابتزاز في علاقاته الخارجية. ولكن ما يطرحه من تحذيرات في النقاش العمومي المغربي، يعبّر عن منطق وقائي لا صدامي.
وتشير المصادر إلى أنه إذا كان الحزب الشعبي يطمح إلى الحكم بروح دولة حقيقية، فعليه أن يدرك أن قضية الصحراء ليست نزاعاً حزبياً ولا مجرد تعديل دبلوماسي، بل إنها تمس جوهر السياسة الخارجية الإسبانية. وفي عالم متغير، من الضروري ترسيخ العلاقات المغربية الإسبانية في منطق الاستمرارية والثقة والرؤية المشتركة نحو فضاء متوسطي مستقر ومتضامن.
ومن هنا ترى الرباط أن الظرفية الدولية الحالية تتطلب وضوحاً، ومسؤولية، ووفاءً بالالتزامات. وقد وصلت الشراكة المغربية الإسبانية إلى درجة من النضج، يمكن تعزيزها أو تقويضها تبعاً لتوجهات الحكومة الإسبانية المقبلة. إن الحفاظ على المسار الحالي يُعدّ خياراً استراتيجياً منطقياً يخدم الاستقرار الإقليمي ومستقبلًا مشتركًا على ضفتي المضيق.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب الآن
منذ 24 دقائق
- المغرب الآن
تيتيه في الرباط: هل يعيد المغرب رسم ملامح التسوية الليبية؟
زيارة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، إلى الرباط، لم تكن مجرد محطة دبلوماسية روتينية، بل جاءت في توقيت دقيق يُعيد التأكيد على مركزية الدور المغربي في الملف الليبي، في ظل انسداد المسارات الدولية والإقليمية. في ظل الأزمة الليبية المتواصلة منذ سنوات، تبرز الرباط من جديد كعنوان موثوق للدفع نحو حل سياسي واقعي وشامل. زيارة هانا تيتيه، المبعوثة الأممية، ولقاؤها بوزير الخارجية ناصر بوريطة، تطرح سؤالًا واضحًا: هل تعوّل الأمم المتحدة مجددًا على الوساطة المغربية لإعادة تحريك الملف الليبي في ظل التراجع الدولي والانقسامات الداخلية الليبية؟ عقد السيد الوزير ناصر بوريطة، اليوم بالرباط، لقاء مع رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، السيدة هانا تيتيه وشكل هذا اللقاء مناسبة لتجديد دعم المغرب لجهود الأمم المتحدة وللحوار بين الأطراف الليبية، من أجل التوصل إلى حل سياسي ليبي نابع من إرادة الليبيين أنفسهم @HannaTetteh — الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) August 4, 2025 تيتيه أشارت عقب اللقاء إلى أن 'ليبيا تمر بمرحلة حساسة'، مذكّرة بتوترات طرابلس وتعثر المسار الانتخابي، لكنها لم تكشف تفاصيل كثيرة عن 'خارطة الطريق السياسية الجديدة' التي تعمل عليها الأمم المتحدة. وهو ما يعزز فرضية أن الرباط قد تكون شريكًا في صياغة هذه الخارطة، أو على الأقل منصة لتهيئة الأجواء الليبية لها. المغرب.. من 'مُيسّر' إلى 'شريك استراتيجي' المفارقة أن المغرب لا يتدخل مباشرة في الشأن الليبي، لكنه حاضر بقوة في ذاكرة العملية السياسية، من الصخيرات إلى بوزنيقة، ومن طنجة إلى الرباط. وهو ما جعل المبعوثة الأممية تصف المملكة بـ'الشريك' في جهود التوصل إلى توافقات، وليس فقط ميسّرًا للحوار. هذا التحول في المفردات يعبّر عن اعتراف دولي متزايد بأن استقرار ليبيا لا يمكن عزله عن التوازن الإقليمي الذي يسهم المغرب في ضمانه، خاصة في ظل التوترات التي يشهدها الساحل والصحراء، وتراجع أدوار بعض الدول التي كانت فاعلة في الملف الليبي. أزمة الشرعيات الليبية.. والحاجة إلى وسيط غير منحاز منذ مارس 2022، وليبيا تعيش انقسامًا حادًا بين حكومتين متنازعتين، وسط مشهد معقد يتداخل فيه السياسي والعسكري والقبلي. وفي هذا السياق، تبدو حاجة الفرقاء الليبيين إلى وسيط يتمتع بالمصداقية أمرًا ملحًا. والمغرب، بخطابه الثابت حول 'الحل الليبي النابع من الليبيين أنفسهم'، حافظ على موقعه كوسيط نزيه بعيد عن الاصطفاف مع أي طرف. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ما زالت الأطراف الليبية تملك الإرادة السياسية للجلوس من جديد إلى طاولة الرباط؟ وهل ستحظى المبادرة الأممية الجديدة، إن وُجدت، بقبول داخلي ودعم إقليمي حقيقي؟ إلى أين تتجه الأمم المتحدة؟ تبدو زيارة تيتيه إقرارًا ضمنيًا بأن الدينامية التي أطلقتها الأمم المتحدة في ليبيا تعاني من التعثر. ومن هنا، تسعى إلى إعادة تشكيل خارطة طريق سياسية، ربما عبر البناء على ما تم في الصخيرات وبوزنيقة، بدلًا من الانطلاق من الصفر. لكن نجاح أي مسار جديد لا يرتبط فقط بالنيات الأممية أو الدعم المغربي، بل بوجود حد أدنى من التوافق بين القوى الليبية ، وبتوافر إرادة إقليمية لوقف التدخلات المتناقضة التي عمّقت الانقسام بدل معالجته. خلاصة زيارة تيتيه إلى الرباط ليست حدثًا بروتوكوليًا، بل مؤشر على أن الأمم المتحدة تبحث عن قوة دعم موثوقة لإعادة ضخ الحياة في مسار متعب. والمغرب، بخبرته وتوازنه، يبدو جاهزًا للعب هذا الدور مجددًا. لكن النجاح، كما تُظهر تجارب السنوات الماضية، لن يتحقق إلا إذا توفرت إرادة ليبية حقيقية و غطاء إقليمي ودولي صادق . فهل تكون الرباط بداية جديدة، أم مجرد محطة في مسلسل التردد الدولي؟


هبة بريس
منذ ساعة واحدة
- هبة بريس
هبة بريس تعزي الزميل المنفلوطي في وفاة والده
وجه المدير العام لمؤسسة هبة بريس، أصالةً عن نفسه ونيابةً عن طاقم التحرير والإدارة، أحر التعازي وأصدق عبارات المواساة للزميل الصحفي عبد الإله المنفلوطي، إثر وفاة والده المشمول بعفو الله. وأعربت إدارة الجريدة عن حزنها العميق لهذا المصاب الأليم، سائلةً الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يُلهم أسرته الكريمة جميل الصبر وحسن العزاء. وفي هذه اللحظات العصيبة، تتقدم أسرة هبة بريس لزميلها العزيز المنفلوطي وكافة أفراد أسرته بخالص التعزية القلبية، داعيةً المولى عز وجل أن يُثبته على القول الثابت وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدم في حياته. إنا لله وإنا إليه راجعون.


عبّر
منذ ساعة واحدة
- عبّر
جمعية التحدي تطالب بتجريم التنمر الرقمي وحماية النساء في الفضاء الإلكتروني
أكدت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة على خطورة ظاهرة التنمر الرقمي، موضحة أن هذه الممارسات تتجلى في مهاجمة الضحايا عبر الوسائط الإلكترونية، من خلال نشر صور أو فيديوهات مرفقة بتعليقات مسيئة أو تحقيرية، إلى جانب أفعال أخرى لا تزال خارج نطاق التجريم القانوني، ما يتيح للممارسين الاستمرار دون خوف من العقاب. وأشارت الجمعية إلى أن غياب نصوص قانونية واضحة تُجرّم التنمر الرقمي ويُعاقب مرتكبيه، يزيد من معاناة الضحايا، خصوصًا النساء والفتيات، ويفتح الباب أمام أشكال متعددة من الاعتداء المعنوي والجسدي عبر العالم الافتراضي. لذلك، ركزت الجمعية خلال السنة الماضية جهودها على الترافع من أجل تبني مقترح قانوني خاص لمكافحة العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، داعية إلى تحديث القوانين الجنائية لتشمل هذه الجرائم بشكل صريح وحازم. ورغم وجود بعض المبادرات النيابية الراغبة في تعديل قانون محاربة العنف ضد النساء، اعتبرت الجمعية أن التفاعل البرلماني لا يزال دون المستوى المطلوب، مؤكدة الحاجة الملحة لتعزيز العمل التشريعي والتنفيذي لضمان حماية فعالة للنساء من الانتهاكات التي تمس بحقوقهن الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة والكرامة. وفي هذا السياق، دعت جمعية التحدي السلطات التنفيذية إلى تسريع تحديث الأطر القانونية لتشمل تجريم التنمر الرقمي بشكل خاص، إلى جانب الجرائم الأخرى المرتكبة في الفضاء الرقمي. كما طالبت بتبني سياسات عمومية توعوية تستهدف كافة شرائح المجتمع، بهدف رفع مستوى الوعي بخطورة هذه الظاهرة وآثارها السلبية على الضحايا وعلى السلم الاجتماعي. وأكدت الجمعية التزامها بمواصلة الدعوة لسد الفراغ التشريعي القائم، وتجديد دعمها القانوني والنفسي للضحايا، مع العمل الدؤوب على توسيع دائرة الوعي المجتمعي حول التنمر الرقمي. وفي رسالة موجهة لجميع الجهات الفاعلة، سواء كانت مؤسساتية أو مدنية، حثت الجمعية على تحمل المسؤولية والعمل الجماعي من أجل بناء فضاء رقمي آمن يحمي النساء والفتيات من العنف والتمييز. وخلصت الجمعية إلى أن مواجهة التنمر الرقمي ليست مجرد معركة قانونية، بل هي نضال ثقافي واجتماعي للحفاظ على كرامة الإنسان في العالم الرقمي، وضمان أن يظل الفضاء الافتراضي مكانًا للتواصل والاحترام لا للتهديد والتنكيل.