
الفيروس التنفسي المخلوي: المخاطر والمضاعفات
تُعتبر العدوى الفيروسية من أكثر المشكلات الصحية شيوعاً حول العالم، حيث تتسبب الفيروسات في مجموعة واسعة من الأمراض التي تتفاوت في شدتها من نزلات البرد البسيطة إلى الأمراض التنفسية الحادة. تنتقل الفيروسات عبر الهواء، أو من خلال التلامس المباشر، أو عبر الأسطح الملوثة، ما يجعلها سريعة الانتشار وذات تأثير كبير على الصحة العامة.
كما تُعد الفيروسات التنفسية من بين أخطر أنواع العدوى الفيروسية، حيث تهاجم الجهاز التنفسي وتؤدي إلى أعراض تتراوح من احتقان الأنف والسعال إلى الالتهاب الرئوي الحاد. وأكثر الفيروسات التنفسية شيوعاً الإنفلونزا الموسمية، الفيروسات التاجية مثل فيروس كورونا (COVID - 19)، والفيروس التنفسي المخلوي (RSV).
الفيروس التنفسي المخلوي
تحدث إلى «صحتك» الدكتور أشرف عبد القيوم أمير استشاري طب الأسرة الأستاذ المساعد بجامعة أم القرى ونائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، وأوضح أن الفيروس التنفسي المخلوي (Respiratory Syncytial Virus - RSV) يُعد أحد الفيروسات الشائعة التي تُسبب التهابات في الجهاز التنفسي (الرئتين والمجرى الهوائي)، خاصةً عند الأطفال وكبار السن. ويُعتبر هذا الفيروس أحد الأسباب الرئيسة لالتهابات الرئة والتهابات الجهاز التنفسي السفلي لدى الرضع والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.
كيف ينتقل الفيروس؟
أجاب الدكتور أمير أن الفيروس التنفسي المخلوي ينتقل بسهولة عبر عدة طرق، مما يجعله سريع الانتشار خاصةً في الأماكن المغلقة:
- الانتقال المباشر عبر الرذاذ التنفسي
عندما يسعل أو يعطس شخص مصاب بالقرب من الآخرين.
- ملامسة الأسطح الملوثة
مثل مقابض الأبواب، الطاولات، الألعاب، حيث يمكن للفيروس أن يعيش لعدة ساعات.
- ملامسة اليدين للعينين أو الأنف أو الفم
بعد مصافحة شخص مصاب أو لمس أسطح ملوثة.
- الانتقال غير المباشر عبر الأدوات الشخصية
مثل مشاركة الأكواب والمناشف.
يمكن للشخص المصاب أن ينقل الفيروس لمدة تصل إلى7 أيام، لكن في بعض الحالات، مثل كبار السن ومرضى ضعف المناعة، قد تستمر قدرة الشخص على نقل العدوى لفترة أطول.
أعراض الإصابة
تكون أعراض الإصابة بالفيروس التنفسي المخلوي لدى البالغين وكبار السن مشابهة لأعراض الزكام ونزلات البرد العادية، وتشمل:
- احتقان الأنف.
- سعال جاف غير مصحوب ببلغم.
- ارتفاع طفيف في درجة الحرارة.
- التهاب الحلق.
- العطس والصداع.
غالباً ما تظهر علامات وأعراض عدوى الفيروس التنفسي المخلوي بعد أربعة إلى ستة أيام من الإصابة بالفيروس، وتكون الحالات الخفيفة قابلة للعلاج بتدابير الرعاية الذاتية، مثل الراحة وشرب السوائل. ومع ذلك، يمكن أن قد يسبب الفيروس التنفسي المخلوي عدوى شديدة تتطور معها الأعراض إلى مضاعفات خطيرة لدى بعض الفئات المعرضة للخطر وخاصة من البالغين الأكبر سناً من هم فوق الـ60 عاماً والأشخاص المصابين بأمراض القلب والرئة وضعف الجهاز المناعي.
ما الفئات الأكثر عرضة لخطر الفيروس؟
رغم أن معظم المصابين بالفيروس يتعافون دون مضاعفات، فإن هناك بعض الفئات التي قد تعاني من أعراض وخطورة أشد، ومنهم :
- كبار السن فوق 60 عاماً
بسبب التراجع الطبيعي في كفاءة الجهاز المناعي.
- الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة
مثل أمراض القلب، الربو، أو مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
- ذوو المناعة الضعيفة
مثل مرضى السرطان الذين يتلقون العلاج الكيميائي أو مرضى زراعة الأعضاء الذين يتناولون أدوية مثبطة للمناعة.
- الرضع والأطفال الصغار
خاصةً الذين لم يكتمل نمو رئاتهم أو الذين وُلدوا قبل الأوان.
ما المضاعفات المحتملة للإصابة بالفيروس؟
يحذر الدكتور أشرف أمير من أن الفيروس قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة عند انتقاله إلى الجهاز التنفسي السفلي، مما يسبب:
- التهاب القصبات الهوائية
وهو التهاب في الشعب الهوائية الصغيرة في الرئة، ما يؤدي إلى انسداد مجرى الهواء وظهور أعراض أكثر حدة مثل الارتفاع الحاد في درجة حرارة الجسم، السعال الشديد، صعوبة في التنفس.
- الالتهاب الرئوي
وهو من أخطر المضاعفات، حيث تتراكم السوائل في الرئتين ما يؤدي إلى ضيق التنفس ونقص الأكسجين في الدم.
- تفاقم حالات الربو وأمراض القلب
ما يزيد من صعوبة السيطرة على هذه الأمراض.
- الحاجة إلى التنويم في المستشفى
خاصةً لمن يعانون من أمراض مزمنة، حيث يحتاجون إلى أجهزة مساعدة على التنفس أو إعطاء السوائل عبر الوريد.
هل يمكن الإصابة بالفيروس أكثر من مرة؟
أجاب د. أمير بنعم، يمكن تكرار الإصابة بالفيروس التنفسي المخلوي خلال نفس الموسم. في معظم الحالات، تكون العدوى المتكررة أقل حدة، إلا عند كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة، قد تكون الإصابة الثانية أكثر خطورة وتؤدي إلى مضاعفات أكبر. لا يؤدي التعافي من الفيروس إلى مناعة دائمة، مما يجعله فيروساً متكرراً مثل نزلات البرد.
التطعيم والوقاية
* اللقاح درع الحماية لكبار السن. أضاف الدكتور أشرف أمير أنه لحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على لقاح الفيروس التنفسي المخلوي لكبار السن فوق60 عاماً. ووفقاً لموقع وزارة الصحة السعودية، يوصى بإعطاء جرعة واحدة من لقاح الفيروس التنفسي المخلوي لكل من يبلغ من العمر 60 عاماً أو أكثر، خاصةً للأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة أو ضعف جهاز المناعة.
يمكن أخذ التطعيم في أي وقت بعد التعافي من الفيروس في حالة الإصابة بمرض آخر، يُفضل الانتظار حتى الشفاء التام.
ونؤكد على أن الفئات الأكثر احتياجاً للقاح هم المصابون بأمراض القلب أو الرئة، مرضى السكري، الأشخاص الذين يستخدمون أدوية مثبطة للمناعة، وأولئك الذين يعانون من ضعف عام في الجهاز المناعي.
* سبل الوقاية من الفيروس التنفسي المخلوي. بالإضافة إلى التطعيم، هناك مجموعة من الإجراءات الوقائية التي تساهم في الحد من انتشار الفيروس:
- تجنب مخالطة المصابين: إذا كنت في محيط شخص مريض، حاول الحفاظ على مسافة آمنة.
- غسل اليدين بانتظام: بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل.
- استخدام المعقمات الكحولية: لتعقيم اليدين عند عدم توفر الماء والصابون.
- عدم مشاركة الأدوات الشخصية: مثل الأكواب والمناشف.
- تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال: باستخدام منديل أو الكوع.
- تجنب الأماكن المزدحمة: خاصةً في موسم انتشار الفيروس.
- تنظيف وتعقيم الأسطح بانتظام: للحد من انتشار العدوى.
أخطار إصابة كبار السن
لدى السن أخطار أكبر للعدوى بالفيروس التنفسي المخلوي من حيث: إنهم الفئة الأكثر تعرضاً لعدوى هذا الفيروس، وغالباً ما تصبح إصابتهم خطيرة خصوصاً لدى الذين يعانون من أمراض مزمنة تؤثر على كفاءة أجهزة مناعتهم. كما يمكن أن يستمروا في نقل العدوى لغيرهم لمدة أطول من الفئات العمرية الأصغر سناً. وهم معرضون للمعاناة من حالات حادة من المرض قد تؤدي إلى التهاب القصبات الهوائية أو الالتهاب الرئوي، مما قد يستدعي التنويم في المستشفى.
لحماية كبار السن والفئات الأخرى الأكثر عرضة للخطر، تمت التوصية بإعطاء جرعة واحدة من اللقاح المخصص والمعتمد للفيروس التنفسي المخلوي، خاصةً لمن يعاني منهم من أمراض مزمنة.
رغم عدم وجود علاج محدد للفيروس، فإن العناية بالأعراض واتباع الإرشادات الطبية يمكن أن يخففا من تأثير المرض. لا يزال الوعي الصحي والوقاية هما خط الدفاع الأول ضد هذا الفيروس، وباتباع الإرشادات الوقائية والتطعيم، يمكننا حماية أنفسنا ومن نحب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 6 أيام
- أخبارنا
تحذيرات من عودة الأوبئة: التراجع في التطعيمات يهدد 200 عام من التقدم الطبي
حذرت راينا ماكنتاير، أستاذة الأمن البيولوجي العالمي بجامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية، في حوار مع صحيفة الجارديان، من أن العالم يواجه خطر فقدان 200 عام من التقدم الطبي بسبب تراجع معدلات التطعيم. وجاءت تصريحات ماكنتاير عقب إصدارها كتاب "أمة اللقاح"، حيث أشارت إلى أن غياب اللقاحات كان سيؤدي إلى وفاة 5 ملايين شخص سنويًا بسبب الجدري في منتصف التسعينيات، كما منعت لقاحات الجدري وحدها أكثر من 190 مليون حالة وفاة منذ عام 1980. وأكدت ماكنتاير أن التراجع الحالي في معدلات التطعيم يُنذر بعودة أمراض كانت نادرة مثل الحصبة، شلل الأطفال، والتهاب السحايا، مما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في وفيات الرضع وانتشار الأوبئة بشكل أوسع، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى أنظمة صحية قوية. وأوضحت ماكنتاير أن العالم يشهد اليوم أوبئة حصبة متزايدة بسبب تراجع تطعيم الأطفال بعد جائحة كوفيد-19، مشيرةً إلى أن هذا التراجع يفسر عودة ظهور الأمراض التي كان يمكن الوقاية منها عبر اللقاحات. وأكدت على ضرورة الحذر الشديد للحفاظ على السيطرة على هذه الأمراض ومنع انتشارها مجددًا. كما سلطت الضوء على تحورات فيروس الإنفلونزا، موضحة أن أوبئة الإنفلونزا تاريخيًا كانت تنتج عن اختلاط فيروسات إنفلونزا الطيور بفيروسات بشرية لتشكيل سلالات جديدة وقاتلة. ولفتت إلى أن الانتشار غير المسبوق لإنفلونزا H5N1 منذ عام 2020 يزيد من احتمالية حدوث جائحة جديدة نتيجة تحور هذا الفيروس للتكيف مع البشر. وأرجعت ماكنتاير تزايد الاتجاه المناهض للتطعيمات إلى مقالات مدفوعة الأجر نُشرت في مجلات تحمل أسماء مشابهة لدوريات علمية مرموقة، مما ساهم في نشر معلومات زائفة حول اللقاحات، فضلاً عن الترويج الواسع لهذه المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصةً خلال جائحة كوفيد-19. وأكدت أن استعادة الثقة في اللقاحات تتطلب جهدًا مشتركًا من الحكومات والمنظمات غير الحكومية، إلى جانب دعم من منظمات المستهلكين والمجتمعات المحلية، مع التركيز على رصد المعلومات المضللة وتتبعها لتمكين الحكومات من الاستجابة السريعة وتعزيز الوعي الصحي بين الناس. وأشارت ماكنتاير إلى أن حماية العالم من عودة الأوبئة يتطلب ليس فقط الترويج للتطعيمات، بل أيضًا مكافحة المعلومات الخاطئة التي تهدد صحة المجتمعات بشكل مباشر.


أخبارنا
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- أخبارنا
موجة جديدة من كورونا تضرب آسيا وتثير القلق العالمي
عادت المخاوف من فيروس كورونا إلى الواجهة مجدداً مع تسجيل موجة جديدة من الإصابات في أجزاء من آسيا، لا سيما في هونغ كونغ وسنغافورة، مما دفع الخبراء للتحذير من انتقال واسع النطاق للفيروس في المنطقة المكتظة بالسكان. وسجلت هونغ كونغ ارتفاعًا كبيرًا في الحالات، حيث وصل مستوى الإصابة إلى "مرتفع للغاية"، وفقًا لرئيس فرع الأمراض المعدية في مركز حماية الصحة بالمدينة. وبلغت نسبة العينات الإيجابية في الجهاز التنفسي أعلى مستوى لها خلال عام، ما صاحبته زيادة في الحالات الشديدة. كما شهد الأسبوع الماضي تسجيل 31 حالة وفاة، وهو العدد الأكبر خلال السنة الحالية، مما يعكس تسارع انتشار الفيروس في المدينة التي يقطنها أكثر من 7 ملايين شخص. في المقابل، أفادت وزارة الصحة في سنغافورة بارتفاع الإصابات بنسبة 28% خلال الأسبوع المنتهي في 3 مايو، لتصل إلى 14,200 حالة، مصحوبة بزيادة قدرها 30% في حالات الاستشفاء اليومية. وأوضحت الوزارة أن هذا التزايد قد يكون ناتجاً عن تراجع المناعة لدى السكان، رغم تأكيدها على عدم وجود أدلة على أن المتحورات المنتشرة أكثر شراسة من سابقاتها. وتزامنًا مع ذلك، نبّهت منظمة الصحة العالمية إلى ضرورة مواصلة برامج التلقيح ضد الفيروس، نظرًا للتطور المستمر لخصائصه الجينية والمستضدية، مع التأكيد على أهمية الالتزام بالتوصيات الصحية للحد من الانتشار السريع. ورغم عدم بلوغ الموجة الحالية ذروتها مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أن زيادة الأحمال الفيروسية في الصرف الصحي وتزايد الاستشارات الطبية المتعلقة بكورونا يشيران إلى أن الفيروس لا يزال نشطًا، مما يستوجب الحذر واليقظة المستمرة لمواجهة التهديد المتجدد.


أخبارنا
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- أخبارنا
لقاح موديرنا المركّب للإنفلونزا وكوفيد-19 يظهر استجابات قوية ويترقب الموافقة
أعلنت شركة موديرنا عن تحقيق نتائج إيجابية للقاحها المركّب الذي يجمع بين الوقاية من الإنفلونزا وكوفيد-19، حيث أظهرت التجارب استجابات قوية للأجسام المضادة، مع توقعات بالموافقة عليه للاستخدام في شتاء 2026. ووفقًا لنتائج الدراسة، فإن اللقاح المركب أظهر فاعلية أعلى في تحفيز المناعة ضد كوفيد-19 ومعظم سلالات الإنفلونزا مقارنةً باللقاحات الفردية المتوفرة حاليًا في الأسواق. ورغم تلك النتائج المبشّرة، طلبت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) المزيد من الأدلة التي تثبت قدرة اللقاح على منع الإصابة بالمرض أو دخول المستشفى، وليس فقط إنتاج الأجسام المضادة. وأوضح الدكتور غريغ بولاند، خبير اللقاحات في مايو كلينك، دعمه لهذا التوجه، مؤكداً على ضرورة التحقق من البيانات المتعلقة بالفاعلية الواقعية للقاح. وتستند النتائج الحالية، التي نشرتها شبكة جاما الطبية، إلى مستويات الأجسام المضادة في الدم بعد 29 يوماً من التطعيم، مما يشير إلى حماية قصيرة المدى. لكن الخبراء يؤكدون أن تلك المؤشرات لا تُعد دليلاً قاطعًا على أن الأشخاص الذين تلقوا اللقاح تجنبوا فعليًا الإصابة بالمرض. ويعتمد الجزء الخاص بالإنفلونزا في اللقاح على تقنية المرسال mRNA، وهي نفس التقنية التي استخدمت في تطوير لقاحات كوفيد-19 وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي. وبينما لم تتم الموافقة على هذه التقنية بعد في لقاحات الإنفلونزا، تؤمن شركة موديرنا بإمكانية تسريع إنتاج اللقاح مقارنةً بالتقنيات التقليدية، مما قد يمثل نقلة نوعية في الوقاية من الأوبئة المستقبلية.