logo
الجبانة طريق الموت.. شهادات مروعة من الحدود اليمنية السعودية (تقرير)

الجبانة طريق الموت.. شهادات مروعة من الحدود اليمنية السعودية (تقرير)

اليمن الآنمنذ 4 ساعات

في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، تتزايد أعداد اليمنيين الذين يخاطرون بحياتهم لعبور الحدود إلى السعودية عبر مسارات تهريب وعرة في محافظة صعدة (شمال اليمن)، بحثًا عن فرص حياة جديدة لكن تلك الرحلة كثيرًا ما تنتهي برصاص حرس الحدود السعودي على أعتاب أمتار من الحلم المنشود.
على امتداد الشريط الحدودي بين محافظة صعدة والمملكة العربية السعودية، يتكرر مشهد الجثث الملقاة في الجبال والوديان، والتي تعود لشبان يمنيين دفعتهم الحاجة والفقر لعبور الحدود بحثًا عن فرصة عمل تغير حياتهم للأفضل، لكنهم وُوجهوا بوابل من الرصاص وقذائف المدفعية.
وتتزايد محاولات التسلل من اليمن إلى السعودية، في ظلّ تدهور غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدلات الفقر، في بلد يمر بأزمة صنفها الأمم المتحدة بواحدة من أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم.
مسارات التهريب
تتعدد مسارات التهريب بين اليمن والسعودية، خصوصًا في محافظة صعدة الحدودية ذات التضاريس الجبلية الوعرة، حيث تنشط شبكات التهريب عبر سلاسل جبال شدا ومنبّه وقطابر، مستغلة الممرات الوعرة والمسالك الخفية التي يصعب رصدها أمنياً.
ويعد "طريق الجبانة" بمديرية شدا غربي محافظة صعدة أبرز خطوط العبور غير النظامي وأقصرها مسافة ويشهد حركة نشطة ويومية لعمليات التهريب التي تشمل البشر والقات وحتى السجائر أحيانًا، ويواجه اليمنيون عبر هذه الطريق مخاطر جسيمة، تتراوح بين وعورة الطريق، وانعدام الماء والغذاء، وصولاً إلى مخاطر الاشتباك مع دوريات حرس الحدود السعودي.
وتُعتبر منطقة "الرقو" ثاني ممرات التهريب وتقع في مديرية منبة أقصى غرب محافظة صعدة على الحدود مع السعودية تحديداً على حدود محافظة الداير بني مالك الواقعة شرقي جازان جنوب المملكة، حيث لا يفصل بين هذا الرقو اليمنية والداير السعودية إلا السياج الحدودي ومجرى سيل وادي ضمد، ويوجد بها سوق شهير يعتبر نقطة تجمع وانطلاق المهربين صوب الحدود السعودية.
ويقع ممر آخر للتهريب بين اليمن والسعودية شمال غرب محافظة صعدة وتحديدًا في منطقة "آل مقنع" التابعة لمديرية منبة وهذا الممر معروف بوجود الكثير من حقول الألغام فيه والتي تسببت في مقتل عدد من اليمنيين والأفارقة أثناء محاولتهم التسلل إلى السعودية، وفق ما قال مصدر أمني لـ«الموقع بوست» فضل عدم ذكر اسمه.
وكانت منطقة "آل ثابت" بمديرية قطابر شمال محافظة صعدة، تمثّل سابقًا ممرًا رئيسيًا لتهريب البشر والقات إلى السعودية إلا أن وصول المعارك أليها أدى إلى توقف نشاط التهريب فيها منذ العام 2020 ونتيجة لذلك لجأ المهربون إلى فتح مسارات تهريب بديلة من أبرزها الجبانة، الرقو، وآل مقنع.
خرج ولم يعد
عبدالله سعد، شاب في الرابعة والعشرين من عمره من محافظة المحويت، لم يكمل تعليمه وكان يحلم بفرصة عمل في السعودية يعين بها أسرته الفقيرة. في مارس الماضي، انطلق برفقة مجموعة من أقرانه عبر طرق جبلية وعرة نحو الحدود، لكنه لم يعد أبدًا.
بعد أيام، تسلّمت أسرته جثمانه عبر أحد المهربين، وكان مصابًا بطلق ناري في الرأس. ووفقًا لشهادة أحد الناجين أدلى بها لـ"الموقع بوست"، فإن حرس الحدود السعودي أطلق النار عليهم دون سابق إنذار.
حوادث قتل متكررة
شهادات حصرية لـ"الموقع بوست" من أبناء المناطق الحدودية في محافظتي حجة وصعدة (شمال البلاد)، تؤكد أن حوادث القتل تتكرر بشكل شبه يومي ولا تميز بين الشبان الباحثين عن لقمة العيش، أو من يعملون في مجال التهريب.
"كل يوم نسمع عن شاب قُتل برصاص حرس الحدود السعودي"، يقول عبده العامري وهو ناشط حقوقي من مديرية أسلم بمحافظة حجة، مضيفًا: "الضحايا ليسوا مسلحين بل شبان يافعين كانوا يبحثون عن فرصة للعيش الكريم".
وأشار في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى أن آخر الضحايا كان الشاب أحمد سنيدار الشافعي (18 عاماً) من أبناء مديرية أسلم بمحافظة حجة، والذي قُتل في 12 من شهر يونيو الجاري برصاص حرس الحدود السعودي في منطقة الجبانة بمحافظة صعدة الحدودية مع السعودية.
ولفت العامري إلى مقتل أكثر من 200 شخصاً من مديرية أسلم وحدها على يد قوات حرس الحدود السعودي في منطقة الجبانة الحدودية أو كما يسميها "طريق الموت" خلال الفترة بين عامي 2022 و 2025، بعضهم يعمل في تهريب القات.
وكان ناشطون قد أطلقوا هاشتاقًا بعنوان #الجبانة_طريق_الموت، لتوثيق مآسي اليمنيين الذين يسلكون طريق التهريب عبر منطقة "الجبانة" الحدودية بهدف رصد الانتهاكات والضحايا الذين يسقطون بنيران حرس الحدود السعودي أو يفقدون حياتهم بسبب الظروف القاسية في الجبال والوديان.
شهادات مروعة للناجين
محمد مشطا، شاب يبلغ من العمر 25 عامًا من مديرية عبس بمحافظة حجة، نجا بأعجوبة من كمين نصبته قوات حرس الحدود السعودي في يناير 2025، وقُتل البعض من رفاقه كما يروي لـ"الموقع بوست".
ويضيف: "كنا 13 شخصًا نعبر ليلًا عبر جبال رازح وما إن اقتربنا من السياج الحدودي حتى تساقط الرصاص علينا كالمطر. رأيت اثنين من رفاقي يسقطان وفر الباقون بينما اختبأت انا خلف صخرة كبيرة وبقيت هناك أكثر من 5 ساعات بدون ماء أو طعام".
وفي شهادة مماثلة، يقول محمد جابر (30 عامًا)، من أبناء مديرية القناوص بمحافظة الحديدة: "دفعنا للمهرب 2000 ريال سعودي عن كل شخص وقال لنا إن الطريق آمن لكن عند اقترابنا من الحدود السعودية أُطلقت علينا قذيفة وتوفي شاب من محافظة ريمة وأصيب 4 آخرون بشظايا بينما نجوت أنا وابن عمي بأعجوبة".
طرق الموت
تمتلك قوات حرس الحدود السعودي تقنيات مراقبة متطورة، إلى جانب أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة، وتعمل هذه القوات على مدار الساعة لحماية الشريط الحدودي من المتسللين، مع تلقيهم أوامر مباشرة بالتعامل الفوري، بما في ذلك استخدام القوة المميتة.
وبحسب شهادات عاملين في التهريب بمحافظة صعدة، لا يكاد يمر يوم من دون ضحايا، بينهم فتيان لم يتجاوزوا الخامسة عشرة من العمر حيث دفعت ظروف الحياة القاسية الصغار والكبار على حد سواء إلى سلوك دروب محفوفة بالموت.
"ف.م"، أحد المهربين في منطقة الجبانة التابعة لمديرية شدا بمحافظة صعدة يقول إن الحدود اليمنية السعودية أصبحت "مصيدة موت يومية" مؤكدًا أنه رأى بأم عينه جنودًا سعوديين يطلقون النار على مجموعة من الفتيان العزل الذين رفعوا أيديهم في محاولة يائسة لتسليم أنفسهم للقوات السعودية.
ويضيف في تصريح خاص لـ"الموقع بوست" أن البعض يصابون ولا يُسمح لأحد بإسعافهم ويُتركون ينزفون حتى الموت دون أدنى شفقة أو رحمة، مؤكدًا أن ما يجري على الحدود "ليس فقط استهدافًا مباشرًا بل نوع من القتل البطيء المتعمد".
ويشير إلى أن بعض الجثث تظل لأيام دون أن يتمكن أحد من الاقتراب منها خشية الاستهداف، فيما يضطر البعض أحيانًا لدفنها دون معرفة هوية أصحابها في ظل غياب كامل للسلطات المحلية أو المنظمات الحقوقية عن توثيق تلك الانتهاكات.
انتهاكات جنسية
كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، في تقرير نُشر في مارس 2019، عن تعرض عشرات الأطفال اليمنيين الذين يعملون في مجال تهريب القات، لانتهاكات جسيمة من بينها الاعتداء الجنسي من قبل عناصر تابعة لحرس الحدود السعودي.
ونقل التقرير عن عدد من الأطفال الناجين أنهم تعرضوا للاغتصاب والضرب والإهانة أثناء احتجازهم عقب محاولات تهريب فاشلة. وأكدوا أن تلك الاعتداءات وقعت داخل نقاط عسكرية تابعة لحرس الحدود السعودي، قريبة من الشريط الحدودي وجرى إطلاق سراحهم بعد أيام من الاحتجاز، وسط ظروف قاسية ومهينة.
وأشار التقرير إلى أن الأطفال العاملين في التهريب غالبًا ما يتم استغلالهم من قبل شبكات تهريب محترفة، تستغل صغر سنهم للتمويه وتفادي القبض عليهم، ما يجعلهم عرضة لمخاطر جسيمة، ليس فقط من جانب الجهات الأمنية، بل أيضًا من طبيعة الطرق والجبال الخطيرة التي يسلكونها.
ودعت منظمات حقوقية دولية لتوفير الحماية للأطفال اليمنيين من الاستغلال والانتهاك، ووقف استخدامهم في عمليات التهريب، وضمان خضوع المسؤولين عن هذه الجرائم للمساءلة القانونية وفق المعايير الدولية.
ووفقًا لتقارير صادرة عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فقد قُتل المئات من المهاجرين على الحدود السعودية منذ العام 2022، إثر تعرضهم لإطلاق نار مباشر من قبل قوات حرس الحدود السعودي، في ما تصفه المنظمة الحقوقية بـ"القتل الجماعي خارج القانون".
وتداولت منظمات حقوقية، منها هيومن رايتس ووتش، تقارير تفيد بأن السلطات السعودية متورطة في انتهاكات جسيمة، منها استخدام مفرط للقوة ضد مهاجرين يمنيين وأفارقة على حد سواء، حيث تحدثت تقارير في 2023 و2024 عن "عمليات تعذيب ممنهجة" في مراكز احتجاز على الجانب السعودي من الحدود.
وفيما نفت السلطات السعودية الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها"، أكدت الأمم المتحدة عبر المفوضية السامية لحقوق الإنسان أنها تلقت تقارير موثوقة تفيد بمقتل ما يصل إلى 430 مهاجرًا على الحدود في سنة 2022 وحدها.
عنف مفرط
رغم صدور تقارير حقوقية دولية تدين استخدام العنف المفرط ضد المهاجرين، إلا أن حرس الحدود السعودي لا يزال يستخدم الذخيرة الحية والأسلحة الثقيلة ضد يمنيين وإثيوبيين يحاولون عبور الحدود بطريقة غير نظامية، بحسب ما أكده مركز الهجرة المختلطة (
MMC
) في تقرير بعنوان "اللامبالاة والإفلات من العقاب".
ووفقًا للتقرير، تشير الشهادات الميدانية والأدلة التي جمعها المركز إلى أن المئات من المهاجرين أغلبهم يمنين لقوا حتفهم أو أصيبوا خلال الأشهر الماضية، فيما وثق المركز مقتل ما لا يقل عن 430 شخصًا وإصابة 650 آخرين خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من عام 2022، في حوادث إطلاق نار عشوائي من قبل القوات السعودية.
واتهم التقرير الصادر عن المركز بتاريخ 5 يونيو/ حزيران 2024، حرس الحدود السعودي باستخدام الرصاص الحي وقذائف المدفعية ضد مجموعات من المهاجرين اليمنيين والأفارقة غير المسلحين، ما أسفر عن مئات القتلى والمصابين.
واستند التقرير إلى شهادات محلية من مناطق حدودية في محافظة صعدة، تشير إلى العثور على مقابر جماعية يُعتقد أنها تضم جثث مهاجرين يمنيين وأفارقة قُتلوا أثناء محاولاتهم اجتياز الحدود السعودية.
ونبه مركز الهجرة المختلطة (
MMC
) – وهو مركز بحثي تابع لـ"المجلس النرويجي للاجئين"
NRC
، يركز على تحليلات الهجرة غير النظامية في أفريقيا والشرق الأوسط إلى استمرار الانتهاكات، في ظل غياب المساءلة وتجاهل الدعوات الدولية لوقف العنف عند الحدود السعودية.
وطالبت منظمة العفو الدولية ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي مستقل وشفاف في هذه الانتهاكات، وسط اتهامات للمجتمع الدولي بالتغاضي عن جرائم تحدث على مرأى ومسمع، بدافع المصالح السياسية والاقتصادية مع السعودية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المخا تُحيي اليوم العالمي لمكافحة المخدرات بتأكيد على تضافر الجهود لمواجهة الآفة
المخا تُحيي اليوم العالمي لمكافحة المخدرات بتأكيد على تضافر الجهود لمواجهة الآفة

اليمن الآن

timeمنذ 3 ساعات

  • اليمن الآن

المخا تُحيي اليوم العالمي لمكافحة المخدرات بتأكيد على تضافر الجهود لمواجهة الآفة

أُقيمت في مدينة المخا، الخميس، فعالية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، نظمها الإعلام الأمني لقطاع أمن الساحل الغربي، بحضور قيادات أمنية وممثلين عن النيابة العامة بالمدينة. وأكد العميد مجاهد الحزورة، قائد قطاع أمن الساحل، خلال الفعالية، أهمية مضاعفة الجهود لمواجهة مخاطر المخدرات وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، مشدداً على التزام القطاع بالتنسيق مع الجهات المعنية لتتبع وضبط المتورطين في تجارة المخدرات وتهريبها أو الترويج لها والتعاطي. ودعا العميد الحزورة الأجهزة الأمنية إلى تحمل مسؤولياتها بأمانة لحماية الأجيال وتحصين المجتمع. من جانبه، أشاد العميد علي طليان، مساعد قائد القطاع، بالإنجازات التي حققها أمن الساحل الغربي في مكافحة المخدرات والحد من تهريبها بجميع أنواعه خلال الفترة الماضية، مثمناً الجهود التي ساهمت في الحد من هذه الآفة. بدوره، استعرض عبد القادر عقلان، عضو النيابة العامة في المخا، الإجراءات القانونية المتعلقة بعمليات الضبط وسلامة الأدلة الجنائية، موضحاً العقوبات الجزائية المترتبة على التورط في جرائم المخدرات. ويصادف الـ26 من يونيو اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، الذي أقرته الأمم المتحدة لتعزيز الوعي بمخاطر المخدرات، ودعم الجهود الدولية للوقاية منها ومكافحتها، مع التركيز على العلاج والتأهيل. تعليقات الفيس بوك

الجبانة طريق الموت.. شهادات مروعة من الحدود اليمنية السعودية (تقرير)
الجبانة طريق الموت.. شهادات مروعة من الحدود اليمنية السعودية (تقرير)

اليمن الآن

timeمنذ 4 ساعات

  • اليمن الآن

الجبانة طريق الموت.. شهادات مروعة من الحدود اليمنية السعودية (تقرير)

في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، تتزايد أعداد اليمنيين الذين يخاطرون بحياتهم لعبور الحدود إلى السعودية عبر مسارات تهريب وعرة في محافظة صعدة (شمال اليمن)، بحثًا عن فرص حياة جديدة لكن تلك الرحلة كثيرًا ما تنتهي برصاص حرس الحدود السعودي على أعتاب أمتار من الحلم المنشود. على امتداد الشريط الحدودي بين محافظة صعدة والمملكة العربية السعودية، يتكرر مشهد الجثث الملقاة في الجبال والوديان، والتي تعود لشبان يمنيين دفعتهم الحاجة والفقر لعبور الحدود بحثًا عن فرصة عمل تغير حياتهم للأفضل، لكنهم وُوجهوا بوابل من الرصاص وقذائف المدفعية. وتتزايد محاولات التسلل من اليمن إلى السعودية، في ظلّ تدهور غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدلات الفقر، في بلد يمر بأزمة صنفها الأمم المتحدة بواحدة من أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم. مسارات التهريب تتعدد مسارات التهريب بين اليمن والسعودية، خصوصًا في محافظة صعدة الحدودية ذات التضاريس الجبلية الوعرة، حيث تنشط شبكات التهريب عبر سلاسل جبال شدا ومنبّه وقطابر، مستغلة الممرات الوعرة والمسالك الخفية التي يصعب رصدها أمنياً. ويعد "طريق الجبانة" بمديرية شدا غربي محافظة صعدة أبرز خطوط العبور غير النظامي وأقصرها مسافة ويشهد حركة نشطة ويومية لعمليات التهريب التي تشمل البشر والقات وحتى السجائر أحيانًا، ويواجه اليمنيون عبر هذه الطريق مخاطر جسيمة، تتراوح بين وعورة الطريق، وانعدام الماء والغذاء، وصولاً إلى مخاطر الاشتباك مع دوريات حرس الحدود السعودي. وتُعتبر منطقة "الرقو" ثاني ممرات التهريب وتقع في مديرية منبة أقصى غرب محافظة صعدة على الحدود مع السعودية تحديداً على حدود محافظة الداير بني مالك الواقعة شرقي جازان جنوب المملكة، حيث لا يفصل بين هذا الرقو اليمنية والداير السعودية إلا السياج الحدودي ومجرى سيل وادي ضمد، ويوجد بها سوق شهير يعتبر نقطة تجمع وانطلاق المهربين صوب الحدود السعودية. ويقع ممر آخر للتهريب بين اليمن والسعودية شمال غرب محافظة صعدة وتحديدًا في منطقة "آل مقنع" التابعة لمديرية منبة وهذا الممر معروف بوجود الكثير من حقول الألغام فيه والتي تسببت في مقتل عدد من اليمنيين والأفارقة أثناء محاولتهم التسلل إلى السعودية، وفق ما قال مصدر أمني لـ«الموقع بوست» فضل عدم ذكر اسمه. وكانت منطقة "آل ثابت" بمديرية قطابر شمال محافظة صعدة، تمثّل سابقًا ممرًا رئيسيًا لتهريب البشر والقات إلى السعودية إلا أن وصول المعارك أليها أدى إلى توقف نشاط التهريب فيها منذ العام 2020 ونتيجة لذلك لجأ المهربون إلى فتح مسارات تهريب بديلة من أبرزها الجبانة، الرقو، وآل مقنع. خرج ولم يعد عبدالله سعد، شاب في الرابعة والعشرين من عمره من محافظة المحويت، لم يكمل تعليمه وكان يحلم بفرصة عمل في السعودية يعين بها أسرته الفقيرة. في مارس الماضي، انطلق برفقة مجموعة من أقرانه عبر طرق جبلية وعرة نحو الحدود، لكنه لم يعد أبدًا. بعد أيام، تسلّمت أسرته جثمانه عبر أحد المهربين، وكان مصابًا بطلق ناري في الرأس. ووفقًا لشهادة أحد الناجين أدلى بها لـ"الموقع بوست"، فإن حرس الحدود السعودي أطلق النار عليهم دون سابق إنذار. حوادث قتل متكررة شهادات حصرية لـ"الموقع بوست" من أبناء المناطق الحدودية في محافظتي حجة وصعدة (شمال البلاد)، تؤكد أن حوادث القتل تتكرر بشكل شبه يومي ولا تميز بين الشبان الباحثين عن لقمة العيش، أو من يعملون في مجال التهريب. "كل يوم نسمع عن شاب قُتل برصاص حرس الحدود السعودي"، يقول عبده العامري وهو ناشط حقوقي من مديرية أسلم بمحافظة حجة، مضيفًا: "الضحايا ليسوا مسلحين بل شبان يافعين كانوا يبحثون عن فرصة للعيش الكريم". وأشار في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى أن آخر الضحايا كان الشاب أحمد سنيدار الشافعي (18 عاماً) من أبناء مديرية أسلم بمحافظة حجة، والذي قُتل في 12 من شهر يونيو الجاري برصاص حرس الحدود السعودي في منطقة الجبانة بمحافظة صعدة الحدودية مع السعودية. ولفت العامري إلى مقتل أكثر من 200 شخصاً من مديرية أسلم وحدها على يد قوات حرس الحدود السعودي في منطقة الجبانة الحدودية أو كما يسميها "طريق الموت" خلال الفترة بين عامي 2022 و 2025، بعضهم يعمل في تهريب القات. وكان ناشطون قد أطلقوا هاشتاقًا بعنوان #الجبانة_طريق_الموت، لتوثيق مآسي اليمنيين الذين يسلكون طريق التهريب عبر منطقة "الجبانة" الحدودية بهدف رصد الانتهاكات والضحايا الذين يسقطون بنيران حرس الحدود السعودي أو يفقدون حياتهم بسبب الظروف القاسية في الجبال والوديان. شهادات مروعة للناجين محمد مشطا، شاب يبلغ من العمر 25 عامًا من مديرية عبس بمحافظة حجة، نجا بأعجوبة من كمين نصبته قوات حرس الحدود السعودي في يناير 2025، وقُتل البعض من رفاقه كما يروي لـ"الموقع بوست". ويضيف: "كنا 13 شخصًا نعبر ليلًا عبر جبال رازح وما إن اقتربنا من السياج الحدودي حتى تساقط الرصاص علينا كالمطر. رأيت اثنين من رفاقي يسقطان وفر الباقون بينما اختبأت انا خلف صخرة كبيرة وبقيت هناك أكثر من 5 ساعات بدون ماء أو طعام". وفي شهادة مماثلة، يقول محمد جابر (30 عامًا)، من أبناء مديرية القناوص بمحافظة الحديدة: "دفعنا للمهرب 2000 ريال سعودي عن كل شخص وقال لنا إن الطريق آمن لكن عند اقترابنا من الحدود السعودية أُطلقت علينا قذيفة وتوفي شاب من محافظة ريمة وأصيب 4 آخرون بشظايا بينما نجوت أنا وابن عمي بأعجوبة". طرق الموت تمتلك قوات حرس الحدود السعودي تقنيات مراقبة متطورة، إلى جانب أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة، وتعمل هذه القوات على مدار الساعة لحماية الشريط الحدودي من المتسللين، مع تلقيهم أوامر مباشرة بالتعامل الفوري، بما في ذلك استخدام القوة المميتة. وبحسب شهادات عاملين في التهريب بمحافظة صعدة، لا يكاد يمر يوم من دون ضحايا، بينهم فتيان لم يتجاوزوا الخامسة عشرة من العمر حيث دفعت ظروف الحياة القاسية الصغار والكبار على حد سواء إلى سلوك دروب محفوفة بالموت. "ف.م"، أحد المهربين في منطقة الجبانة التابعة لمديرية شدا بمحافظة صعدة يقول إن الحدود اليمنية السعودية أصبحت "مصيدة موت يومية" مؤكدًا أنه رأى بأم عينه جنودًا سعوديين يطلقون النار على مجموعة من الفتيان العزل الذين رفعوا أيديهم في محاولة يائسة لتسليم أنفسهم للقوات السعودية. ويضيف في تصريح خاص لـ"الموقع بوست" أن البعض يصابون ولا يُسمح لأحد بإسعافهم ويُتركون ينزفون حتى الموت دون أدنى شفقة أو رحمة، مؤكدًا أن ما يجري على الحدود "ليس فقط استهدافًا مباشرًا بل نوع من القتل البطيء المتعمد". ويشير إلى أن بعض الجثث تظل لأيام دون أن يتمكن أحد من الاقتراب منها خشية الاستهداف، فيما يضطر البعض أحيانًا لدفنها دون معرفة هوية أصحابها في ظل غياب كامل للسلطات المحلية أو المنظمات الحقوقية عن توثيق تلك الانتهاكات. انتهاكات جنسية كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، في تقرير نُشر في مارس 2019، عن تعرض عشرات الأطفال اليمنيين الذين يعملون في مجال تهريب القات، لانتهاكات جسيمة من بينها الاعتداء الجنسي من قبل عناصر تابعة لحرس الحدود السعودي. ونقل التقرير عن عدد من الأطفال الناجين أنهم تعرضوا للاغتصاب والضرب والإهانة أثناء احتجازهم عقب محاولات تهريب فاشلة. وأكدوا أن تلك الاعتداءات وقعت داخل نقاط عسكرية تابعة لحرس الحدود السعودي، قريبة من الشريط الحدودي وجرى إطلاق سراحهم بعد أيام من الاحتجاز، وسط ظروف قاسية ومهينة. وأشار التقرير إلى أن الأطفال العاملين في التهريب غالبًا ما يتم استغلالهم من قبل شبكات تهريب محترفة، تستغل صغر سنهم للتمويه وتفادي القبض عليهم، ما يجعلهم عرضة لمخاطر جسيمة، ليس فقط من جانب الجهات الأمنية، بل أيضًا من طبيعة الطرق والجبال الخطيرة التي يسلكونها. ودعت منظمات حقوقية دولية لتوفير الحماية للأطفال اليمنيين من الاستغلال والانتهاك، ووقف استخدامهم في عمليات التهريب، وضمان خضوع المسؤولين عن هذه الجرائم للمساءلة القانونية وفق المعايير الدولية. ووفقًا لتقارير صادرة عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فقد قُتل المئات من المهاجرين على الحدود السعودية منذ العام 2022، إثر تعرضهم لإطلاق نار مباشر من قبل قوات حرس الحدود السعودي، في ما تصفه المنظمة الحقوقية بـ"القتل الجماعي خارج القانون". وتداولت منظمات حقوقية، منها هيومن رايتس ووتش، تقارير تفيد بأن السلطات السعودية متورطة في انتهاكات جسيمة، منها استخدام مفرط للقوة ضد مهاجرين يمنيين وأفارقة على حد سواء، حيث تحدثت تقارير في 2023 و2024 عن "عمليات تعذيب ممنهجة" في مراكز احتجاز على الجانب السعودي من الحدود. وفيما نفت السلطات السعودية الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها"، أكدت الأمم المتحدة عبر المفوضية السامية لحقوق الإنسان أنها تلقت تقارير موثوقة تفيد بمقتل ما يصل إلى 430 مهاجرًا على الحدود في سنة 2022 وحدها. عنف مفرط رغم صدور تقارير حقوقية دولية تدين استخدام العنف المفرط ضد المهاجرين، إلا أن حرس الحدود السعودي لا يزال يستخدم الذخيرة الحية والأسلحة الثقيلة ضد يمنيين وإثيوبيين يحاولون عبور الحدود بطريقة غير نظامية، بحسب ما أكده مركز الهجرة المختلطة ( MMC ) في تقرير بعنوان "اللامبالاة والإفلات من العقاب". ووفقًا للتقرير، تشير الشهادات الميدانية والأدلة التي جمعها المركز إلى أن المئات من المهاجرين أغلبهم يمنين لقوا حتفهم أو أصيبوا خلال الأشهر الماضية، فيما وثق المركز مقتل ما لا يقل عن 430 شخصًا وإصابة 650 آخرين خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من عام 2022، في حوادث إطلاق نار عشوائي من قبل القوات السعودية. واتهم التقرير الصادر عن المركز بتاريخ 5 يونيو/ حزيران 2024، حرس الحدود السعودي باستخدام الرصاص الحي وقذائف المدفعية ضد مجموعات من المهاجرين اليمنيين والأفارقة غير المسلحين، ما أسفر عن مئات القتلى والمصابين. واستند التقرير إلى شهادات محلية من مناطق حدودية في محافظة صعدة، تشير إلى العثور على مقابر جماعية يُعتقد أنها تضم جثث مهاجرين يمنيين وأفارقة قُتلوا أثناء محاولاتهم اجتياز الحدود السعودية. ونبه مركز الهجرة المختلطة ( MMC ) – وهو مركز بحثي تابع لـ"المجلس النرويجي للاجئين" NRC ، يركز على تحليلات الهجرة غير النظامية في أفريقيا والشرق الأوسط إلى استمرار الانتهاكات، في ظل غياب المساءلة وتجاهل الدعوات الدولية لوقف العنف عند الحدود السعودية. وطالبت منظمة العفو الدولية ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي مستقل وشفاف في هذه الانتهاكات، وسط اتهامات للمجتمع الدولي بالتغاضي عن جرائم تحدث على مرأى ومسمع، بدافع المصالح السياسية والاقتصادية مع السعودية.

فضيحة مدوية: الحوثي يسرق نفط صافر البديل عبر ناقلات إيرانية ويطرحه في السوق المحلية
فضيحة مدوية: الحوثي يسرق نفط صافر البديل عبر ناقلات إيرانية ويطرحه في السوق المحلية

اليمن الآن

timeمنذ 4 أيام

  • اليمن الآن

فضيحة مدوية: الحوثي يسرق نفط صافر البديل عبر ناقلات إيرانية ويطرحه في السوق المحلية

اخبار وتقارير فضيحة مدوية: الحوثي يسرق نفط صافر البديل عبر ناقلات إيرانية ويطرحه في السوق المحلية الأحد - 22 يونيو 2025 - 11:29 م بتوقيت عدن - نافذة اليمن - خاص كشف الصحفي المتخصص في الشأن الرقمي ورئيس المرصد اليمني للتربية الإعلامية "يوب يوب" فاروق الكمالي، عن عملية نهب واسعة تنفذها مليشيا الحوثي لنفط الخزان العائم البديل "اليمن"، الذي أُنشئ لحفظ شحنة نفط صافر المهددة بالتسرب. وقال الكمالي إن المليشيا نهبت كميات كبيرة من النفط الخام الذي نقلته الأمم المتحدة في أغسطس 2023 من الخزان المتهالك "صافر" إلى السفينة البديلة "اليمن"، في عملية هدفها منع كارثة بيئية وُصفت حينها بالأخطر في الإقليم، حيث تم تفريغ 1.1 مليون برميل من النفط. لكن وبعد نحو عامين، استخدمت الميليشيا ناقلة نفط إيرانية مخالِفة وخاضعة لعقوبات دولية تُدعى SEASTAR 1، تابعة لشركة إيرانية مقرها جنوب لبنان، لنقل كميات من هذا النفط إلى ميناء رأس عيسى، حيث تم ضخها في مصافٍ بدائية تابعة للجماعة بهدف تصفيتها وإنزالها إلى السوق المحلية. وأكد الكمالي، عبر أدوات تتبع السفن، أن الناقلة SEASTAR 1 ربطت على رصيف التفريغ خلال الأيام الماضية، بينما كانت الناقلة ATLANTIS، التي يُعتقد أنها تحمل نفطًا روسيًا، تفرغ حمولتها أيضًا في نفس الموقع، في عملية مشبوهة تم فيها النقل من سفينة لأخرى في عرض البحر، بعيدًا عن أعين الرقابة الدولية. هذا الانتهاك يتحدى اشتراطات الأمم المتحدة التي شددت على عدم المساس بشحنة النفط أو بيعها قبل التوصل إلى اتفاق يمني مشترك يضمن استخدام عوائدها لصرف مرتبات الموظفين المنهوبة منذ 2016. ويحذر مراقبون من أن النفط الذي ستضخه الميليشيا إلى السوق المحلية بعد تكريره في منشآتها البدائية، يشكل تهديدًا مباشرًا لمحركات المركبات نتيجة تدني جودته، وسط أزمة نفط خانقة تعاني منها مناطق سيطرة الحوثي. الاكثر زيارة اخبار وتقارير سكان صنعاء تحت الرعب.. تحليق طائرات حربية في السماء بصورة مكثفة. اخبار وتقارير جزار اليمن في قبضة النار.. إسرائيل تغتال مهندس تسليح الحوثيين وسط طهران. اخبار وتقارير الليلة التي اهتزت فيها طهران: ترامب يعلن تدمير ثلاث منشآت نووية إيرانية بضر. اخبار وتقارير ترامب يُعلنها صريحة: "فوردو انتهت".. أمريكا تمزّق قلب إيران النووي بسلاح سا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store