
"فورين أفيرز": هل يمكن لدول المنطقة وقف الحرب على إيران؟
مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول الجهود الممكنة لمنع اندلاع حرب إقليمية شاملة بين "إسرائيل" وإيران، ويطرح الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه الدول العربية وتركيا في الوساطة واحتواء التصعيد، خاصة في ظل انسداد الأفق الدبلوماسي بين واشنطن وطهران.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
يتأرجح الشرق الأوسط على حافة حرب إقليمية واسعة النطاق. ففي 12 حزيران/يونيو، بدأت "إسرائيل" حملة عسكرية متواصلة ضد البنية التحتية النووية الإيرانية، وقيادات النظام، ومستودعات النفط والغاز، في محاولة "للحد من خطر احتمالية امتلاك إيران سلاحاً نووياً"، على حد تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. في المقابل، ردّت إيران على هذه الحملة بإطلاق وابل من الصواريخ الباليستية والانسحاب من المفاوضات النووية مع واشنطن. وقد سبق أن شعرت الدول العربية بالقلق من الانجرار إلى حرب بين إيران و"إسرائيل" مع بداية المناوشات غير المباشرة بين الطرفين قبل عام ونصف. ولكن، مع اتساع رقعة القتال وإطلاق الصواريخ باستمرار فوق منطقة الخليج بأكملها، تتساءل الدول المجاورة اليوم عن موعد وصول هذه المواجهات إليها، وليس عمّا إذا كانت ستصل إليها.
ولا تزال هناك فرصة ضئيلة لتجنّب حرب شاملة. ولكن، مع إغلاق واشنطن الباب أمام الدبلوماسية، يقع على عاتق دول المنطقة وقف هذا الصراع. إذ وحدها الدول العربية وتركيا تتمتعان بعلاقات عمل جيدة مع كلّ من "إسرائيل" وإيران والولايات المتحدة. وهذه الدول مطالبة اليوم بتقديم مقترحات لتهدئة الأوضاع، ويتعيّن عليها إطلاق مبادرة وساطة إقليمية تُمكنها من التواصل مع الأطراف المتحاربة والتوسط بينها وإشراك واشنطن في ذلك من دون الاعتماد عليها.
وفي حال فشلت الدول العربية ومعها تركيا في التوصل إلى حلّ، فستتحوّل هذه الحرب إلى حرب إقليمية. وقد تواجه هذه الدول هجمات ضد بنيتها التحتية من قبل إيران، وسيسيطر الخوف والشك على شعوبها.
تخشى الدول العربية قبل كل شيء حرب "إسرائيل" مع إيران. إذ لم يُصرّح المسؤولون الإسرائيليون برغبتهم في توسيع رقعة الصراع، لكن الضربات التي تشنها "إسرائيل" على منشآت الطاقة الإيرانية، بما في ذلك مصفاة "شهر ري" في طهران وجزء من مصفاة "جنوب فارس" في منطقة الخليج الفارسي، قد تكون مُصمَّمة لحثّ إيران على تنفيذ تهديداتها بمهاجمة محطات الطاقة في الخليج أو إغلاق مضيق هرمز. ومن شأن هذه التحركات أن تجر الدول العربية إلى الصراع وتجبرها على الانحياز علناً إلى جانب "إسرائيل"، وهذا بالضبط ما تسعى إليه هذه الأخيرة. وفي حال دخلت الولايات المتحدة الحرب إلى جانب "إسرائيل"، ستزداد رغبة إيران في استهداف الدول العربية، التي تتضمن قواعد عسكرية أميركية متعددة.
وبالنسبة إلى دول الخليج، ستكون الهجمات الإيرانية على القواعد الأميركية أو البنية التحتية للطاقة في الخليج أو السفن في مضيق هرمز بمنزلة كارثة. إذ ستُعرّض صادرات النفط للخطر وستُقوّض ثقة المستثمرين، ما يُعطّل اقتصاداتها المعتمدة على الكربون ويُقوّض المساعي الاقتصادية الأخرى مثل مبادرة رؤية 2030 الخاصة بالسعودية. بالإضافة إلى ذلك، قد تُفاقم هذه الهجمات الصراع في اليمن، إذ من المرجح أن يستأنف الحوثيون هجماتهم على السفن في البحر الأحمر ويوجهوا ضرباتٍ مباشرة إلى دول الخليج. وبالتالي، سيُعاني السكان العرب المدنيون من أي هجمات تهدد إمدادات الغذاء أو تلوث المياه أو تؤدي إلى انقطاع الإنترنت. وإدراكاً منها للمخاطر التي تواجهها، تسعى هذه الدول جاهدة لمنع تمدد الصراع. 20 حزيران 13:30
20 حزيران 10:17
ولتجنب التعرضّ للهجوم، سعت الدول العربية إلى النأي بنفسها عن تصرفات "إسرائيل". فدانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الحملة العسكرية الإسرائيلية، في حين دعا الأردن إلى خفض التصعيد. كما أصدرت كلّ من عُمان وقطر تصريحات شديدة اللهجة ضدّ الضربات الإسرائيلية تعكس مخاوفهما من تعمّد "إسرائيل" تخريب الجهود الأميركية - الإيرانية الرامية للتوصل إلى اتفاق نووي. كما انتقدت تركيا الموقفَ بشدة وعرض الرئيس رجب طيب إردوغان "بذل كل ما في وسع بلاده" لمنع أي تصعيد خارج عن نطاق السيطرة.
ليس واضحاً ما الذي يقترحه إردوغان تحديداً. لكن الجهات الفاعلة الإقليمية تتمتع بمكانة استثنائية ومصداقية ونفوذ كافٍ لوقف التصعيد بين إيران و"إسرائيل" والولايات المتحدة. وتحافظ دول الخليج على قنوات اتصال مباشرة مع كل من طهران وواشنطن. فهي تستضيف قوات أميركية، وتتوسط في محادثات سرية، وتفهم الحسابات الأمنية لكلا الطرفين. كما أنها تملك طرقاً للتواصل مع "إسرائيل"، سواء علنية أو سرية. وخلال هذه المرحلة الحرجة، لا يتعين عليها استخدام كل هذه الإمكانات لإدارة التداعيات فحسب، بل للتوصل أيضاً إلى وقف إطلاق نار وتمهيد الطريق للعودة إلى الدبلوماسية النووية والإقليمية الأوسع.
ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على الحكومات الإقليمية إطلاق مبادرة دبلوماسية، ربما تحت رعاية جامعة الدول العربية أو مجموعة اتصال أصغر حجماً بقيادة دول الخليج، تستخدم معلومات استخبارية موثوقة وقنوات سرية دبلوماسية لإقامة محادثات غير مباشرة بين ممثلي "إسرائيل" وإيران. ويمكنها استخدام هذه الشبكة للدفع نحو فترة تهدئة بين الطرفين يتفق خلالها البلدان على الحد من الضربات، وخاصة على المناطق المدنية المكتظة بالسكان. وفي الوقت نفسه، يتعين على الدول العربية وتركيا فتح قناة دبلوماسية منفصلة تركز على حماية البنية التحتية للطاقة والبنية التحتية البحرية، فضلاً عن منع الأزمات البيئية والصحية التي يمكن أن تنتج عن الهجمات على المنشآت النووية. ومن شأن هذه المبادرات العامة أن تُثبت للرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ التهدئة والمفاوضات هما السبيل الأمثل للمضي قدماً، وهذا ما تريده المنطقة. كما أنها ستمهد الطريق لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق نار شامل و"التوصل إلى اتفاق سلام" دائم.
في البداية، قد يبدو من الصعب تخيّل موافقة ترامب على هدنة بوساطة حكومة أجنبية. لكن دول الخليج العربي كانت أول الدول التي زارها الرئيس الأميركي بعد عودته إلى البيت الأبيض، وقد منحت زيارته قادة الخليج شعوراً متجدداً بأن واشنطن لم تكن تستمع فحسب، بل كانت أيضاً متوافقة مع مخاوفهم الأمنية الأساسية. لقد سبق أن رفض ترامب التدخلات العسكرية الأميركية وجهود تعزيز الديمقراطية، داعياً إلى عهد جديد من "السلام والشراكة". وأشاد باستثمارات دول الخليج في "التجارة، لا الفوضى" و"التكنولوجيا، لا الإرهاب". وأيّد دعواتها إلى رفع العقوبات عن سوريا، وقدّم الدعم للحكومة الجديدة في البلاد. والأهم من ذلك، أبدى ترامب خلال اجتماعات خاصة استعداده لدعم أولويات الخليج. وأشارت الزيارة إلى استعداده للعمل بناءً على آراء دول الخليج لا الاستماع إليها فحسب.
قد تكون "إسرائيل" أكثر تردداً من الولايات المتحدة في قبول اتفاقية سلام بوساطة خليجية. لكنّ دولتين خليجيتين، وهما البحرين والإمارات العربية المتحدة، أصبحتا شريكتين اقتصاديتين واستراتيجيتين رئيسيتين لها. كذلك ترغب "إسرائيل" في تطبيع العلاقات مع السعودية، ويدرك المسؤولون الإسرائيليون أنّ ذلك سيكون أسهل بكثير إذا تراجعوا عن الحرب مع إيران. وعلى الرغم من أنّ نتنياهو قد يرغب في التصعيد، فإن قادة إسرائيليين آخرين يدركون أن اتساع نطاق الحرب قد يهدد أسواق الطاقة بطرق من شأنها أن تزيد من صعوبة حياة ناخبيهم.
من جانبها، لدى إيران كل الحوافز لقبول اتفاق بوساطة خليجية. ففي ظل القصف الإسرائيلي المتواصل، يبحث قادة الجمهورية الإسلامية عن مخرج يحترم سيادة البلاد وحقوقها. وقد أثبتت الدول العربية براعتها في إدارة المفاوضات الشائكة مع إيران وساهمت في تهدئة العلاقات وتطبيعها، بحيث استأنفت الإمارات العربية المتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران عام 2022، تبعتها المملكة العربية السعودية بوساطة صينية عام 2023.
في عام 2003، عارضت الدول العربية وتركيا بشدة الغزو الأميركي للعراق، محذرةً من أنه سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وتعزيز نفوذ القوى المتطرفة. واليوم، اتحدت هذه الحكومات نفسها مجدداً في الدعوة إلى وقف التصعيد، مدركةً أن حرباً أخرى بلا رادع قد تُطلق العنان لفوضى أكبر. وبالنسبة إلى هذه الدول المخاطر كبيرة للغاية؛ وفي حال لم يتوقف الصراع، فلن يكون بوسعها فعل الكثير لحماية نفسها من تمدده. ومع ضيق الوقت وتزايد المخاطر، يُعد العمل الإقليمي المُنسق أمراً ضرورياً لمنع وقوع كارثة أكبر.
نأمل أن تتمكن هذه الدول من إقناع إيران و"إسرائيل" بالتخلي عن مواصلة القتال، وإقناع الولايات المتحدة بالتخلي عن الانضمام إليه. ويمكنها أن تُخبر "إسرائيل" أن أفعالها الحالية قد تُحوّل مسار التطبيع إلى مسار نحو العزلة، وتُحوّل الوضع الراهن القائم على الردع الفعال إلى صراع أبدي. كما يمكنها أن تجعل إيران تفهم أن استمرار اندماجها في المنطقة يتطلب تغييراً في سلوكها.
في الختام، إنّ التوصل إلى اتفاق سلام سيكون صعباً للغاية. فإيران و"إسرائيل" متمسكتان بمواقفهما. ويبدو أنّ الصراع يتأجج ولا يهدأ. ومع ذلك، فإنّ العالم بحاجة ماسة إلى جهد دبلوماسي جاد ومستمر لوقف التصعيد. وهذا الجهد يجب أن يشمل إيران و"إسرائيل" وأن يحظى بدعم الولايات المتحدة. ولكن لا يمكن دفعه أو على الأقل تحفيزه إلا من قِبل دول المنطقة.
نقلته إلى العربية: زينب منعم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
الكفّ الإيراني في مواجهة المخرز "الإسرائيلي".. لمن تكون الغلبة؟
قد يبدو العدوان الغادر الذي تعرّضت له الجمهورية الإسلامية في إيران، ولا سيّما الجزء المتعلّق منه باغتيال كبار قادة الحرس الثوري، إلى جانب عدد من العلماء النوويين المخضرمين، قد يبدو خارقاً للعادة، ويمكن له أن يُصيب "دولة" الكيان الصهيوني بكثير من النشوة بعد هذا النجاح اللافت. وفي حقيقة الأمر كان يُمكن لنا ولغيرنا أن نعتبر هذا الفعل مُبهراً ومُذهلاً لو أن "الدولة" العبرية قامت به وحدها، أو أنها لم تتلقّ أي مساعدة استخبارية أو عسكرية قبل وأثناء تنفيذه، وحتى أثناء محاولة التصدّي للرد الإيراني الذي كما يبدو ما زال في بداياته. إلا أنه وفي حقيقة الأمر، وكما تشير كل الدلائل والمؤشرات، وفي مقدمتها تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإدارته الصهيونية بامتياز، فإن "إسرائيل" لم تكن سوى رأس الحربة في هذا العدوان ليس أكثر، وأن جبهة كاملة من دول وجماعات محور الشر شاركت في التخطيط والتنفيذ لهذا العدوان الغادر، والذي كما يبدو تم التجهيز له منذ ولاية الرئيس الأميركي المنصرف جو بايدن، وجُنّدت من أجله دول إقليمية وعالمية، إلى جانب مجموعات محلية ارتبطت منذ سنوات طويلة بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية والبريطانية. في مثل هذه الأوضاع المعقّدة والمفتوحة على كل الاحتمالات، والتي تتطلّب حكمة ورصانة في مواجهة التداعيات الناشئة عنها، تبدو الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مواجهة مجموعة من التحدّيات التي لا نراها أقلّ خطورة من تلك التي تعرّضت لها بعد ثورة الإمام الخميني رضوان الله عليه، بل ربما تكون أكثر خطراً منها، إذ إن التغيّرات التي نشأت خلال السنتين الأخيرتين على وجه التحديد، ولا سيّما بعد انطلاق معركة طوفان الأقصى، والتي كان من أهمّها حالة "الهيجان" الممنهجة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي وقيادته السياسية والعسكرية، والتي جعلتها تستخدم كل ما في جعبتها من أسلحة وقدرات عسكرية هائلة ضد مئات الآلاف من المدنيين العزل في قطاع غزة، إلى جانب توجيه جزء من تلك الإمكانيات من أجل تنفيذ مخطّطات تم وضعها منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وعلى رأسها تهجير الفلسطينيين من أرضهم، إضافة إلى إحداث تغيير ديمغرافي عبر قتل عشرات الآلاف منهم ،ولا سيّما من فئتي النساء والأطفال، تلك التغيّرات المدعومة من كل محور الشر في العالم، والذي شرّع أبواب مخازن سلاحه على مصاريعها لتنهل منه "دولة" الاحتلال كما شاءت، وجيّر كل إمكانياته المادية والإعلامية والسياسية من أجل الدفاع عن جرائمها ومذابحها، تُحيط المواجهة الحالية بمروحة واسعة من التحدّيات، وتجعلها على قدر عالٍ من المخاطر، خصوصاً في ظل افتقار إيران لبعض مصادر قوتها السابقة، والتي كان يوفرها لها وجود دولة صديقة مثل سوريا في عهد النظام السابق، إضافة إلى حزب الله اللبناني، حليفها القوي والموثوق، والذي يمر بمرحلة تعافٍ بعد ما تعرّض له هو الآخر من خسائر بعد تدشين جبهته المساندة لقطاع غزة . أمام هذه الوقائع التي تضع إيران شبه وحيدة في مواجهة حلف واسع من القتلة والمجرمين وشذّاذ الآفاق، يعتقد البعض أن فرص الجمهورية الإسلامية في تحقيق الانتصار، أو على أقل تقدير الخروج بأقل قدر من الخسائر ضئيلة، وأن قدرتها على الفعل لن تكون بالشكل الذي يمنحها القدرة على إحداث الفارق المطلوب، ولا سيّما في ظل اختلال موازين القوى الواضح لمصلحة الطرف الآخر، إضافة إلى جملة من العوائق والأزمات التي خلقها الحصار الطويل الذي تتعرّض له منذ أكثر من ستة وأربعين عاماً. إلا أنه بقليل من التحليل الموضوعي الهادئ، والبعيد عن التأثّر ببروباغاندا الإعلام الموجّه، والذي اجتهد منذ بداية العدوان لبثّ الكثير من سمومه كما جرت العادة، لإشاعة حالة من الهزيمة النفسية في أوساط الشعب الإيراني العزيز، مضافاً إليه أنصار محور المقاومة في المنطقة، يمكن لنا أن نرى الكثير من بقع الضوء في خضم هذا المشهد المُظلم، والتي من المؤكد انها تُمثّل أوراق قوة في أيدي القيادة والشعب الإيرانيين، وبإمكانها المساعدة في صناعة نصر تاريخي وغير مسبوق للأمة الإيرانية العظيمة، ومن خلفها النظام الإسلامي الصلب ،والذي قاد سفينة البلاد طوال هذه السنوات الصعاب إلى بر الأمان، رغم ما تعرّضت له من عقبات وأزمات. 20 حزيران 18:42 20 حزيران 11:33 في مقدّمة هذه الأوراق يأتي الشعب الإيراني العظيم، والذي كان على الدوام الجدار الصلب الذي تتحطّم عليه كل مخطّطات الأعداء، وتتوقّف أمام صموده وعنفوانه كل مغامرات الأشرار وسفاكي الدماء. فالشعب في إيران يكاد يختلف عن كل شعوب العالم، إذ إنه ومنذ انحيازه لثورة الإمام الراحل رضوان الله عليه، وبعد أن دفع ثمناً كبيراً من دماء شبابه في مواجهة عصابات "السافاك" المجرمة، ما أدّى في نهاية الأمر إلى سقوط نظام الشاه العميل، وإلى انتصار واحدة من أعظم الثورات خلال التاريخ الحديث، والتي شكّلت حجر الأساس للعديد من الثورات الأخرى، وكتبت تاريخاً جديداً في المنطقة، كان عنوانه الأساس رفض الظلم، وتحرير الشعوب والأوطان، وتقديم خيار المقاومة في وجه أعداء الأمة على ما سواه من خيارات، منذ ذلك الوقت وهذا الشعب ما زال متمسّكاً بخياراته التي عاهد عليها الله منذ انطلاق ثورته العظيمة، ولم يتراجع رغم حملات التخويف والتهديد المتلاحقة، والتي لو وُجهّت إلى شعب آخر لرفع رايات الاستسلام منذ أمد بعيد. ثانية أوراق القوّة في إيران تتمثّل في قيادتها الحكيمة والرصينة، والتي وإن كانت تضم بين جنباتها أعراقاً شتّى، وتوجّهات عدّة، ولا تخلو في كثير من الأحيان من الاختلافات والاجتهادات، إلا أنها تُعتبر من أكثر القيادات كفاءة على مستوى العالم، كيف لا وقد استطاعت أن تقود البلاد في أحلك الظروف وأكثرها صعوبة، وأن تواجه بما تملكه من ذكاء وحسن إدارة سيلاً من الأزمات المفتعلة ،والضغوط المختلقة، بل إنها تمكنت خلال سنوات الحصار التي كانت تبدو للبعض بأنها سنوات عِجاف، من تحويل الدولة الإيرانية إلى واحدة من أهم دول العالم على الكثير من الصُعد، وإلى نقل الجمهورية الإسلامية إلى مصاف الدول المتقدّمة علمياً وطبّياً وثقافياً وعسكرياً ،إضافة إلى المجال الاقتصادي الذي شهد بدوره نقلة نوعية، ولولا الحصار الظالم لباتت إيران واحدة من أغنى دول العالم . الجغرافيا في إيران هي الأخرى تُعتبر واحدة من أكثر نقاط القوة التي تتمتّع بها الجمهورية الإسلامية ،إذ إن مساحتها الواسعة التي تزيد على المليون كيلومتر مربع، إضافة إلى طبيعة الأرض التي تتنوّع بين الجبال والوديان، إلى جانب ما تحتويه تلك الجغرافيا من مصادر هائلة على مستوى الثروة المائية، والزراعية، كل ذلك إلى جانب الكثير من المميزات الأخرى تضع إيران في مصاف الدول الكبرى الضاربة جذورها في عمق اليابسة، وهذا الأمر تحديداً يمكنه أن يمنحها الكثير من عوامل القوة في مواجهة أي عدوان خارجي، أو أي تحرّكات داخلية قد يقوم بها أعداء الدولة المتحالفين مع قوى الشر، وهو الأمر الذي جرى في مراحل متعددة من عمر الدولة، ولم يحقق أي نجاح يُذكر خلال كل تلك المحاولات . الجغرافيا الإيرانية المتنوّعة، والواسعة، تمنح إيران كذلك مساحة واسعة لاستيعاب أي ضربة حتى لو كانت كبيرة ونوعية، وتُعطيها القدرة على امتصاصها بأقل الخسائر الممكنة، بل وتحويل تلك الضربة إلى قوة دفع في الاتجاه العكسي، بما يمكّنها من الرد عليها، وتحويل التهديد إلى فرصة أكيدة لرد العدوان وإسقاط مخطّطاته. أوراق أخرى من قبيل التطوّر العسكري والحنكة السياسية، والتي لا تقلّ أهمية عن سابقاتها التي استعرضناها أعلاه، تجعل الجمهورية الإسلامية في إيران تملك كل المقوّمات التي تجعلها تواجه العدوان بكل قوة واقتدار، وتمكّنها من إفشال كل ما يخطّط له أعداؤها، والذين كما يبدو يسعون لتحقيق ما عجزوا عنه طوال السنوات الست والأربعين الماضية، مستخدمين مروحة واسعة من الإمكانيات، ومعتمدين على تشكيلة متعدّدة من التحالفات. قبل حوالى ثلاثة عشر عاماً تقريباً، قُدّر لي ان أزور الجمهورية الإسلامية في إيران لحضور مؤتمر أُقيم خصّيصاً لنصرة الشعب الفلسطيني، ومساندته في الحصول على حقوقه المشروعة، في ذلك الوقت أُصبت بالدهشة من قدرة هذه الدولة العظيمة على التكيّف مع تداعيات الحصار، والذي أصاب كل مناحي الحياة فيها، ومن قدرة هذا الشعب العزيز وقيادته المقتدرة على استغلال هذا الحصار للانطلاق نحو نهضة علمية وثقافية وصناعية وعسكرية قل نظيرها، بل والذهاب بعيداً في تأسيس دولة تضاهي بل وتتفوّق على كثير من دول المنطقة والعالم. هذه الدولة العظيمة بشعبها وقيادتها، يكاد يكون من المستحيل أن تسقط او تنكسر أمام شرذمة من القتلة والمجرمين وصنّاع الحروب، وهي تملك كل المؤهلات التي تجعلها تخرج من هذه الأزمة أكثر قوة، وقدرة، وتصميماً على مواصلة المشوار.


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
حرس الثورة في إيران عن الموجة الـ18: دك أهداف عسكرية ومراكز الدعم العملياتي للاحتلال
أعلن حرس الثورة في إيران عن استهدافه نقاطاً عسكرية ومراكز دعم عملياتي لـ"جيش" الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في العملية التي انطلقت منتصف ليل الجمعة - السبت. وفي بيان حمل "الرقم 15"، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على إيران، أشار حرس الثورة إلى أنّ "الموجة الثامنة عشرة من عملية الوعد الصادق 3، "وُجهت ضد الأهداف العسكرية ومراكز الدعم العملياتي لجيش الكيان الصهيوني، من خلال وابل كثيف من الطائرات المسيّرة الانتحارية والهجومية من طراز شاهد 136 إضافة إلى صواريخ دقيقة الإصابة تعمل بالوقود السائل والصلب". وأكّد حرس الثورة في بيانه، نجاح العملية في تدمير الأهداف المحددة سلفاً بشكل كامل. 17 حزيران 16 حزيران "غالبية الصواريخ التي أطلقتها إيران خلال الأيام المكاضية أصابت أهدافها بدقة"مراسل الميادين في إيران أحمد البحراني #إيران #الوعد_الصادق_٣ إلى أنّ عدة أسراب من طائرات "شاهد 136" نفذت "مهماتها بشكل متواصل في أجواء الأراضي المحتلة الليلة، وفشلت أحدث منظومات الدفاع الجوي في اعتراضها، مما اضطر الصهاينة، كعادتهم، للفرار إلى الملاجئ". وأكد أنّ "عمليات القصف المركّبة بين الصواريخ والطائرات المسيّرة ستستمر بشكل منتظم ودقيق". وكانت "تل أبيب" وضواحيها شهدت منتصف ليل الجمعة - السبت، أصوات انفجارات عنيفة، في وقت تحدثت فيه وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق إيران لـ10 صواريخ باليستية، استهدفت بشكل مركّز منطقة الوسط. ونقلت "القناة 12" الإسرائيلية أن أحد الصواريخ سقط على مبنى في "تل أبيب الكبرى"، وتحديداً في مدينة "حولون" جنوبي "تل أبيب"، ما تسبب باندلاع حريق كبير.


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
إسقاط 200 مسيّرة إسرائيلية منذ بدء العدوان على إيران
أفاد مراسل الميادين، منتصف ليل الجمعة - السبت، بتصدي الدفاعات الجوية الإيرانية لأهداف إسرائيلية في مناطق متفرقة من البلاد. وتصدت الدفاعات الجوية لأهداف إسرائيلية في طهران وأصفهان، كما جرى تفعيلها في مدينتي "تبريز" و "زنجان" شمالي غربي إيران. "الدفاعات الجوية الإيرانية تصدّت بنجاح لأهداف إسرائيلية في طهران وأصفهان"مراسل #الميادين في إيران أحمد البحراني #إيران 20 حزيران 20 حزيران وأسقطت الدفاعات الجوية مسيّرات للاحتلال في أجواء مدينة كرج غربي طهران وفي محافظة شيراز. وأشار مراسلنا إلى إسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية 200 مسيّرة إسرائيلية في عموم الأجواء الإيرانية وذلك منذ بدء العدوان قبل أكثر من أسبوع. وبالتوازي مع صدّها للعدوان، تواصل السلطات الإيرانية حملتها الأمنية الواسعة ضد العملاء الذين يعملون لصالح الأجهزة المعادية ولا سيما "الموساد". وفي هذا السياق، تحدّث مراسلنا عن إلقاء القبض في الساعات الأخيرة على 54 جاسوساً في محافظة خوزستان يعملون لصالح "الموساد" الإسرائيلي.