بين هوية الغربة واسرار الفنتازيا في الجني وران ل"حميد عقبي"
تبدأ رواية "الجني وردان" للكاتب اليمني حميد عقبي من عنوانها الذي يحمل دلالات عميقة تتجاوز الإشارة إلى شخصية خيالية.
يعبر العنوان عن التوتر بين العالمين المادي والماورائي، ويجسد الصراع الداخلي للأفراد في مواجهة قوى غير مرئية.
يمثل الجني "وردان" الخيال والغرابة، بينما يرمز "يحيى" إلى الإنسان العادي الساعي لفهم ذاته ومكانه في عالم معقد.
مدينة الأحساء التاريخية مسرح أحداث الرواية
تقع الرواية في ثلاثة فصول، حيث يفتتح الكاتب الفصل الأول بصورة شعرية ساحرة تصف "يحيى" وهو يتأمل بوابة القيصرية في مدينة الأحساء ، المليئة بالحركة والأضواء.
تعكس هذه اللحظة التوتر الجميل بين الواقع والخيال، حيث تمثل البوابة مدخلًا إلى عالم غني بالتفاصيل الحياتية، مما يظهر روح البحث عن الهوية والانتماء.
يتقدم "يحيى" نحو البوابة، مما يمنحه حرية الحركة. يتأمل جمالها وكأن ضوءها الساحر يشجعه على المضي قدمًا. تبرز أوراق مكرمشة تتدحرج أمامه، داعية إياه ليتبعها إلى زقاق ضيق، مما يخلق شعورًا بالقلق والرعب.
تتسارع الأحداث عندما يشعر "يحيى" بقشعريرة تدفعه، وفي تلك اللحظة يرن هاتفه ويتحدث مع حبيبته التي تعبر عن قلقها من حياته المزدحمة.
تجسد هذه المحادثة الفجوة بين عالمين: عالمه المليء بالصراعات وعالمها الساعي للهدوء. في مشهد لاحق، يستقل "يحيى" تاكسي ويتحدث مع سائق إثيوبي يشارك ذكرياته عن اليمن ، معبرًا عن الحنين إلى الوطن. يثري هذا الحوار موضوعات الهوية والانتماء، ويظهر وعيًا بالتاريخ المشترك بين اليمن وإثيوبيا.
عند وصوله إلى المقهى، يلتقي بشابين مبدعين يتحدثون عن مشروعهم السينمائي، مما يطرح مواضيع الإبداع والسرقة الأدبية. تتقاطع أفكارهم مع رؤى "يحيى"، مما يعكس صراع الأجيال والرؤى الفنية ويطرح تساؤلات حول حقوق المؤلف.
تشكل هذه الأحداث لوحة معقدة من التجارب الإنسانية، حيث تتجلى الصراعات النفسية والاجتماعية. يعكس عقبي من خلال "يحيى" التحولات الثقافية في المجتمع السعودي، مما يمنح القارئ رؤية معمقة حول التحديات التي تواجه الأفراد.
رحلة يحيى بين صراع الهوية وغموض الأحساء
في الفصل الثاني، على شاطئ العقير الفارغ، حيث ينسكب ضوء القمر على البحر، تتراقص الأمواج مع ضوء القمر كأنها تحكي قصة قديمة.
تداعب الأمواج القنينة الزجاجية الفارغة، في مشهد يجسد براءة الطبيعة ومرحها. يبدو أن القنينة تمثل شيئًا من الماضي، وكأنها تحاول العودة إلى عمق البحر، بعيدًا عن عالم البشر.
تدخل المجموعة إلى صالة البيت، حيث يسود الضوء الثابت. "يحيى"، المحاط بأصدقائه، يتأملهم مبتسمًا وهو يستمع إلى نقاشاتهم حول اللوحات المعلقة. هنا، يظهر تأثير الفن في حياتهم، كأنه جسر يربط بين العوالم المختلفة. لكن "مواهب"، الشخصية التي تحمل هموم الجميع، تتدخل بلطف. تأخذ السيجارة من "يحيى"، وتحثه على التفكير في صحته وصحة من حوله. تعبر عن قلقها بعبارات تحمل وزنًا فلسفيًا، مما يعكس عمق شخصيتها. "يحيى"، بتقبل، يعترف بأن الدخان يضر الجميع، كأنما يشير إلى مسؤوليتهم المشتركة عن العالم الذي يعيشون فيه.
تبدأ "مواهب" في استكشاف عالم "يحيى" الغامض، فتسأله عن قصة "عرس الجن". يجيب "يحيى" بحماس، مستعيدًا ذكريات طفولته، حيث اختلطت الحقيقة بالخيال.
تتداخل الأصوات كأنها تعيد إحياء تلك اللحظات السحرية، ما يجعل المجموعة تتخيل الأحداث وكأنها تعيشها. تظهر شخصية "وردان"، الجني الطيب، كرمز للحوار بين العوالم.
يروي "يحيى" تفاصيل علاقته بالجنية التي تشبه والدته، مما يعكس مفهوم الألفة بين الأنس والجن. يعكس هذا الحوار أيضًا رغبة البشر في فهم المجهول، في محاولة للتواصل مع ما هو غير مرئي.
تدخل شخصية "حسان"، المخرج، لتطرح أسئلة تعكس قلق المجتمع من الخيال. يتحدث عن أهمية تقديم الجن بصورة إيجابية، وهو ما يعكس الصراع بين الواقع والخيال. هنا، يظهر النقد الاجتماعي من خلال تسليط الضوء على الصور النمطية التي تحيط بالجن.
مواهب تعبر عن أملها في إمكانية الحوار بين الثقافات المختلفة في عالم مليء بالصراعات. يحمل حديثها طابعًا فلسفيًا، مما يضفي عمقًا على النص ويعكس تطلعات الإنسان نحو السلام والتفاهم.
ومع ذلك، تظل هناك لمحات من الغموض، حيث يفاجئهم القط المفترس الذي يقف عند باب الخروج. تحمل هذه اللحظة دلالة على الخطر الكامن في كل شيء، حتى في الأوقات التي تبدو فيها الأمور طبيعية. يُشير وجود القط إلى التوتر بين العوالم، حيث يمكن أن يختبئ الخطر في تفاصيل الحياة اليومية.
في مشهد آخر، يكتشف "يحيى" مائدة طعام فاخرة، مما يجسد التناقض بين الراحة الداخلية والقلق الخارجي. لكن الأحداث تتصاعد عندما يبدأ الماء في التدفق دون سبب واضح، مما يثير الرعب في قلبه.
يرمز هذا التصوير إلى عدم الاستقرار الذي يعيشه، ويعكس الصراع الداخلي الذي تواجهه الشخصيات. وهكذا، يبقى "يحيى" محاصرًا بين عالمين، حيث تتداخل فيهما الحقيقة والخيال.
يقدم الفصل الثاني لمحات من التعقيد البشري، ويبرز أهمية التواصل والتفاهم في عالم مليء بالغرابة.
بين اسرار الفن وغموض الأرواح
يبدأ الفصل الثالث والأخير بوقوف "يحيى" في وسط الصالة، متأملاً لوحاته التي تحمل دلالات عميقة. يلاحظ بقعة حمراء تتسلل برفق إلى أسفل اللوحة، مما يثير تساؤلاته حول معاني التغير والتحول.
تمثل هذه البقعة بداية شيء جديد، وكأن الألوان الأخرى تستجيب لها، مما يعكس صراعًا فنيًا بين الداخل والخارج، وبين الإبداع والواقع.
يسود السكون المكان، ثم يتخلله صوت الأطفال من الطابق العلوي، مما يضيف بعدًا إنسانيًا إلى مشهد التأمل. لكن المكالمة من زوجته تخرجه من هذا العالم الفني، وتعيده إلى واقع الحياة اليومية المليء بالتوترات.
تعكس نبرة الغضب في صوتها قلقها من المنزل الذي يحيط به الجن والعفاريت، مما يجعل "يحيى" يشعر بالعزلة. بعد المكالمة، تأتي رسالة من "حسان" والمجموعة، وهي بمثابة دعوة للخروج إلى ساحل العقير.
هنا، ينتقل "يحيى" من عالم اللوحات إلى عالم الطبيعة، حيث يعكس المشهد الخارجي جمال الغروب وسكون البحر. يمثل هذا الانتقال تحولًا من القلق إلى الهدوء، ومن العزلة إلى الجماعة، حيث يجتمع الأصدقاء في حلقة من الفرح.
عندما يبدأون بالرقص والغناء، يتجلى الفرح كوسيلة للتواصل بين الشخصيات. تعكس الأغنية مشاعرهم، وتربط بينهم بشكل عميق، كأنها تفتح قنوات للحوار بين عالمهم الداخلي والعالم الخارجي. لكن الشخصية غير المرئية تظل تراقب، مما يضيف عنصر الغموض والقلق.
يعكس هذا التباين بين الفرح والخوف صراعًا دائمًا بين الأنس والجن، وبين المألوف والغريب. تظهر القنينة الزجاجية التي تطفو على الموج كرمز للغموض، وتجذب انتباه الشخصيات، لكنها تظل دون اهتمام.
تعكس هذه اللحظة كيف يغفل البشر عن المخاطر المحيطة بهم، رغم محاولاتهم للعيش في اللحظة. ثم تنتقل الأحداث إلى حديقة بيت "يحيى"، حيث تبدأ العناصر الغريبة في الظهور، مما يعكس تداخل العوالم.
يتوقف الماء الذي يتدفق من الحنفية فجأة، كأنه تمهيد لشيء غير متوقع. يخلق هذا الريب توترًا في المشهد، ويشير إلى أن الأمور ليست كما تبدو. تبدأ المجموعة بالتحضير لتصوير فيلم "وردان"، مما يمثل خطوة نحو التعبير عن الفكرة الأساسية للحوار بين الأنس والجن.
هنا، يظهر "حسان" كقائد، مما يعكس أهمية القيادة في أي مشروع جماعي. تتطور العلاقة بين "ملاك" و"داعم"، ويبدو أن الأغنية تعبر عن مشاعرهم الخفية. يعكس هذا الحوار الصامت بين عيونهما الرغبات المتدفقة، مما يجسد أملًا في التواصل الإنساني الصادق.
يظل القمر شاهدًا على هذا التفاعل الإنساني، مضيفًا لمسة من السحر على ما يحدث. تعكس هذه اللحظات التوازن بين الفرح والخوف، بين الأنس والجن، مما يجعل القارئ يتساءل عن طبيعة العالم الذي تعيش فيه الشخصيات، وما إذا كان يمكن حقًا التوصل إلى تفاهم بين هذين العالمين.
لكن العلاقة تواجه عقبات معقدة، حيث تتحدث "ملاك" عن المصاعب القانونية التي تمنع زواجهما، مما يعكس واقعًا اجتماعيًا معقدًا. تعبر عن قناعتها بأن الحب قادر على تجاوز هذه الحواجز، مضيفة بعدًا اجتماعيًا للنص، فالحب هنا يمثل الأمل في التغيير.
سرعان ما يتبدل المشهد عندما تظهر شخصية الجني "أبو شيداك"، مما يدخل عنصر الرعب والفوضى إلى القصة. يتحول الحديث من الرومانسية إلى كابوس، ويظهر الصراع الداخلي للشخصيات في مواجهة المخاوف.
هذا الانتقال يُظهر كيف تتداخل الأحلام مع الكوابيس. تزداد الفوضى عندما يحاول "أبو شيداك" السيطرة على الوضع، مما يرمز إلى التحديات الكبرى التي تواجهها الشخصيات.
رغم الذعر، تتحد الشخصيات في مواجهة الخطر، مما يُظهر قوة الصداقة والتعاون. تتوالى الأحداث، وتنقل الشخصيات من مكان إلى آخر، في رحلة تعكس التغيرات الجذرية في حياتهم. تصل الرحلة إلى نقطة مثيرة عندما يجد الأبطال أنفسهم في قارب وسط البحر، بعد أن هربوا من الفوضى.
هذه النقطة تمثل تحولًا جديدًا، حيث يتجاوزون الصراعات ليواجهوا المجهول. في وسط هذه الأحداث، يصبح البحر رمزًا للأمل والنجاة. وفي النهاية، يُشير الكاتب، بطل الرواية اليمني عقبي، إلى أنهم ليسوا بعيدين عن شاطئ مدينة المكلا في اليمن.
هذه الإشارة تعزز الانتماء وتربط الأحداث بمكان معروف، مما يضيف عمقًا للأحداث ويعكس أهمية الهوية. رغم كل ما مروا به، يبقى الأمل في النجاة موجودًا، حيث يتجاوزون الفوضى إلى بر الأمان، في تجربة غنية تجمع بين الحب والرعب، وتترك أثرًا عميقًا في نفوس القارئ.
عقبي بين الم الغربة وسحر الابداع
تتألف الرواية من 85 صفحة متوسطة الطول، وتنتمي إلى أدبيات النوفيلا ما بين الأقصوصة والرواية. صدرت عن دار الدراويش للنشر والترجمة – بلوفديف – بلغاريا في مطلع هذا العام 2025.
وتُعد الرواية السابعة عشرة لحميد عقبي، إلى جانب العديد من الأعمال الأدبية في السينما والمسرح والنقد الأدبي والشعر. فهو متعدد المواهب وخياله واسع، مما جعل أعماله مميزة. يتناول عقبي في "الجني وردان" مواضيع معقدة تتعلق بالهوية والانتماء، مستفيدًا من تجربته الشخصية ككاتب يعيش في الغربة منذ عام 2001 في فرنسا.
هذه الخلفية تجعله أكثر قدرة على استكشاف مشاعر الاغتراب والصراع بين الثقافات، مما يضفي عمقًا على شخصياته وأحداث روايته. تنبض اللغة المستخدمة في الرواية بالحياة، حيث ينجح عقبي في خلق أجواء شعرية ترسخ في ذهن القارئ.
تتنقل الأحداث بين الواقع والخيال، مما يمكّن القارئ من الاندماج في عالم مليء بالتوترات النفسية والاجتماعية. يتجلى ذلك أيضًا في شخصياته، التي تحمل في طياتها مشاعر القلق والحنين، مما يعكس تجربته الذاتية كعربي يعيش في مجتمع أجنبي.
نقلا عن ليبا بيديا

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

يمرس
منذ 3 أيام
- يمرس
بين هوية الغربة واسرار الفنتازيا في الجني وران ل"حميد عقبي"
تبدأ رواية "الجني وردان" للكاتب اليمني حميد عقبي من عنوانها الذي يحمل دلالات عميقة تتجاوز الإشارة إلى شخصية خيالية. يعبر العنوان عن التوتر بين العالمين المادي والماورائي، ويجسد الصراع الداخلي للأفراد في مواجهة قوى غير مرئية. يمثل الجني "وردان" الخيال والغرابة، بينما يرمز "يحيى" إلى الإنسان العادي الساعي لفهم ذاته ومكانه في عالم معقد. مدينة الأحساء التاريخية مسرح أحداث الرواية تقع الرواية في ثلاثة فصول، حيث يفتتح الكاتب الفصل الأول بصورة شعرية ساحرة تصف "يحيى" وهو يتأمل بوابة القيصرية في مدينة الأحساء ، المليئة بالحركة والأضواء. تعكس هذه اللحظة التوتر الجميل بين الواقع والخيال، حيث تمثل البوابة مدخلًا إلى عالم غني بالتفاصيل الحياتية، مما يظهر روح البحث عن الهوية والانتماء. يتقدم "يحيى" نحو البوابة، مما يمنحه حرية الحركة. يتأمل جمالها وكأن ضوءها الساحر يشجعه على المضي قدمًا. تبرز أوراق مكرمشة تتدحرج أمامه، داعية إياه ليتبعها إلى زقاق ضيق، مما يخلق شعورًا بالقلق والرعب. تتسارع الأحداث عندما يشعر "يحيى" بقشعريرة تدفعه، وفي تلك اللحظة يرن هاتفه ويتحدث مع حبيبته التي تعبر عن قلقها من حياته المزدحمة. تجسد هذه المحادثة الفجوة بين عالمين: عالمه المليء بالصراعات وعالمها الساعي للهدوء. في مشهد لاحق، يستقل "يحيى" تاكسي ويتحدث مع سائق إثيوبي يشارك ذكرياته عن اليمن ، معبرًا عن الحنين إلى الوطن. يثري هذا الحوار موضوعات الهوية والانتماء، ويظهر وعيًا بالتاريخ المشترك بين اليمن وإثيوبيا. عند وصوله إلى المقهى، يلتقي بشابين مبدعين يتحدثون عن مشروعهم السينمائي، مما يطرح مواضيع الإبداع والسرقة الأدبية. تتقاطع أفكارهم مع رؤى "يحيى"، مما يعكس صراع الأجيال والرؤى الفنية ويطرح تساؤلات حول حقوق المؤلف. تشكل هذه الأحداث لوحة معقدة من التجارب الإنسانية، حيث تتجلى الصراعات النفسية والاجتماعية. يعكس عقبي من خلال "يحيى" التحولات الثقافية في المجتمع السعودي، مما يمنح القارئ رؤية معمقة حول التحديات التي تواجه الأفراد. رحلة يحيى بين صراع الهوية وغموض الأحساء في الفصل الثاني، على شاطئ العقير الفارغ، حيث ينسكب ضوء القمر على البحر، تتراقص الأمواج مع ضوء القمر كأنها تحكي قصة قديمة. تداعب الأمواج القنينة الزجاجية الفارغة، في مشهد يجسد براءة الطبيعة ومرحها. يبدو أن القنينة تمثل شيئًا من الماضي، وكأنها تحاول العودة إلى عمق البحر، بعيدًا عن عالم البشر. تدخل المجموعة إلى صالة البيت، حيث يسود الضوء الثابت. "يحيى"، المحاط بأصدقائه، يتأملهم مبتسمًا وهو يستمع إلى نقاشاتهم حول اللوحات المعلقة. هنا، يظهر تأثير الفن في حياتهم، كأنه جسر يربط بين العوالم المختلفة. لكن "مواهب"، الشخصية التي تحمل هموم الجميع، تتدخل بلطف. تأخذ السيجارة من "يحيى"، وتحثه على التفكير في صحته وصحة من حوله. تعبر عن قلقها بعبارات تحمل وزنًا فلسفيًا، مما يعكس عمق شخصيتها. "يحيى"، بتقبل، يعترف بأن الدخان يضر الجميع، كأنما يشير إلى مسؤوليتهم المشتركة عن العالم الذي يعيشون فيه. تبدأ "مواهب" في استكشاف عالم "يحيى" الغامض، فتسأله عن قصة "عرس الجن". يجيب "يحيى" بحماس، مستعيدًا ذكريات طفولته، حيث اختلطت الحقيقة بالخيال. تتداخل الأصوات كأنها تعيد إحياء تلك اللحظات السحرية، ما يجعل المجموعة تتخيل الأحداث وكأنها تعيشها. تظهر شخصية "وردان"، الجني الطيب، كرمز للحوار بين العوالم. يروي "يحيى" تفاصيل علاقته بالجنية التي تشبه والدته، مما يعكس مفهوم الألفة بين الأنس والجن. يعكس هذا الحوار أيضًا رغبة البشر في فهم المجهول، في محاولة للتواصل مع ما هو غير مرئي. تدخل شخصية "حسان"، المخرج، لتطرح أسئلة تعكس قلق المجتمع من الخيال. يتحدث عن أهمية تقديم الجن بصورة إيجابية، وهو ما يعكس الصراع بين الواقع والخيال. هنا، يظهر النقد الاجتماعي من خلال تسليط الضوء على الصور النمطية التي تحيط بالجن. مواهب تعبر عن أملها في إمكانية الحوار بين الثقافات المختلفة في عالم مليء بالصراعات. يحمل حديثها طابعًا فلسفيًا، مما يضفي عمقًا على النص ويعكس تطلعات الإنسان نحو السلام والتفاهم. ومع ذلك، تظل هناك لمحات من الغموض، حيث يفاجئهم القط المفترس الذي يقف عند باب الخروج. تحمل هذه اللحظة دلالة على الخطر الكامن في كل شيء، حتى في الأوقات التي تبدو فيها الأمور طبيعية. يُشير وجود القط إلى التوتر بين العوالم، حيث يمكن أن يختبئ الخطر في تفاصيل الحياة اليومية. في مشهد آخر، يكتشف "يحيى" مائدة طعام فاخرة، مما يجسد التناقض بين الراحة الداخلية والقلق الخارجي. لكن الأحداث تتصاعد عندما يبدأ الماء في التدفق دون سبب واضح، مما يثير الرعب في قلبه. يرمز هذا التصوير إلى عدم الاستقرار الذي يعيشه، ويعكس الصراع الداخلي الذي تواجهه الشخصيات. وهكذا، يبقى "يحيى" محاصرًا بين عالمين، حيث تتداخل فيهما الحقيقة والخيال. يقدم الفصل الثاني لمحات من التعقيد البشري، ويبرز أهمية التواصل والتفاهم في عالم مليء بالغرابة. بين اسرار الفن وغموض الأرواح يبدأ الفصل الثالث والأخير بوقوف "يحيى" في وسط الصالة، متأملاً لوحاته التي تحمل دلالات عميقة. يلاحظ بقعة حمراء تتسلل برفق إلى أسفل اللوحة، مما يثير تساؤلاته حول معاني التغير والتحول. تمثل هذه البقعة بداية شيء جديد، وكأن الألوان الأخرى تستجيب لها، مما يعكس صراعًا فنيًا بين الداخل والخارج، وبين الإبداع والواقع. يسود السكون المكان، ثم يتخلله صوت الأطفال من الطابق العلوي، مما يضيف بعدًا إنسانيًا إلى مشهد التأمل. لكن المكالمة من زوجته تخرجه من هذا العالم الفني، وتعيده إلى واقع الحياة اليومية المليء بالتوترات. تعكس نبرة الغضب في صوتها قلقها من المنزل الذي يحيط به الجن والعفاريت، مما يجعل "يحيى" يشعر بالعزلة. بعد المكالمة، تأتي رسالة من "حسان" والمجموعة، وهي بمثابة دعوة للخروج إلى ساحل العقير. هنا، ينتقل "يحيى" من عالم اللوحات إلى عالم الطبيعة، حيث يعكس المشهد الخارجي جمال الغروب وسكون البحر. يمثل هذا الانتقال تحولًا من القلق إلى الهدوء، ومن العزلة إلى الجماعة، حيث يجتمع الأصدقاء في حلقة من الفرح. عندما يبدأون بالرقص والغناء، يتجلى الفرح كوسيلة للتواصل بين الشخصيات. تعكس الأغنية مشاعرهم، وتربط بينهم بشكل عميق، كأنها تفتح قنوات للحوار بين عالمهم الداخلي والعالم الخارجي. لكن الشخصية غير المرئية تظل تراقب، مما يضيف عنصر الغموض والقلق. يعكس هذا التباين بين الفرح والخوف صراعًا دائمًا بين الأنس والجن، وبين المألوف والغريب. تظهر القنينة الزجاجية التي تطفو على الموج كرمز للغموض، وتجذب انتباه الشخصيات، لكنها تظل دون اهتمام. تعكس هذه اللحظة كيف يغفل البشر عن المخاطر المحيطة بهم، رغم محاولاتهم للعيش في اللحظة. ثم تنتقل الأحداث إلى حديقة بيت "يحيى"، حيث تبدأ العناصر الغريبة في الظهور، مما يعكس تداخل العوالم. يتوقف الماء الذي يتدفق من الحنفية فجأة، كأنه تمهيد لشيء غير متوقع. يخلق هذا الريب توترًا في المشهد، ويشير إلى أن الأمور ليست كما تبدو. تبدأ المجموعة بالتحضير لتصوير فيلم "وردان"، مما يمثل خطوة نحو التعبير عن الفكرة الأساسية للحوار بين الأنس والجن. هنا، يظهر "حسان" كقائد، مما يعكس أهمية القيادة في أي مشروع جماعي. تتطور العلاقة بين "ملاك" و"داعم"، ويبدو أن الأغنية تعبر عن مشاعرهم الخفية. يعكس هذا الحوار الصامت بين عيونهما الرغبات المتدفقة، مما يجسد أملًا في التواصل الإنساني الصادق. يظل القمر شاهدًا على هذا التفاعل الإنساني، مضيفًا لمسة من السحر على ما يحدث. تعكس هذه اللحظات التوازن بين الفرح والخوف، بين الأنس والجن، مما يجعل القارئ يتساءل عن طبيعة العالم الذي تعيش فيه الشخصيات، وما إذا كان يمكن حقًا التوصل إلى تفاهم بين هذين العالمين. لكن العلاقة تواجه عقبات معقدة، حيث تتحدث "ملاك" عن المصاعب القانونية التي تمنع زواجهما، مما يعكس واقعًا اجتماعيًا معقدًا. تعبر عن قناعتها بأن الحب قادر على تجاوز هذه الحواجز، مضيفة بعدًا اجتماعيًا للنص، فالحب هنا يمثل الأمل في التغيير. سرعان ما يتبدل المشهد عندما تظهر شخصية الجني "أبو شيداك"، مما يدخل عنصر الرعب والفوضى إلى القصة. يتحول الحديث من الرومانسية إلى كابوس، ويظهر الصراع الداخلي للشخصيات في مواجهة المخاوف. هذا الانتقال يُظهر كيف تتداخل الأحلام مع الكوابيس. تزداد الفوضى عندما يحاول "أبو شيداك" السيطرة على الوضع، مما يرمز إلى التحديات الكبرى التي تواجهها الشخصيات. رغم الذعر، تتحد الشخصيات في مواجهة الخطر، مما يُظهر قوة الصداقة والتعاون. تتوالى الأحداث، وتنقل الشخصيات من مكان إلى آخر، في رحلة تعكس التغيرات الجذرية في حياتهم. تصل الرحلة إلى نقطة مثيرة عندما يجد الأبطال أنفسهم في قارب وسط البحر، بعد أن هربوا من الفوضى. هذه النقطة تمثل تحولًا جديدًا، حيث يتجاوزون الصراعات ليواجهوا المجهول. في وسط هذه الأحداث، يصبح البحر رمزًا للأمل والنجاة. وفي النهاية، يُشير الكاتب، بطل الرواية اليمني عقبي، إلى أنهم ليسوا بعيدين عن شاطئ مدينة المكلا في اليمن. هذه الإشارة تعزز الانتماء وتربط الأحداث بمكان معروف، مما يضيف عمقًا للأحداث ويعكس أهمية الهوية. رغم كل ما مروا به، يبقى الأمل في النجاة موجودًا، حيث يتجاوزون الفوضى إلى بر الأمان، في تجربة غنية تجمع بين الحب والرعب، وتترك أثرًا عميقًا في نفوس القارئ. عقبي بين الم الغربة وسحر الابداع تتألف الرواية من 85 صفحة متوسطة الطول، وتنتمي إلى أدبيات النوفيلا ما بين الأقصوصة والرواية. صدرت عن دار الدراويش للنشر والترجمة – بلوفديف – بلغاريا في مطلع هذا العام 2025. وتُعد الرواية السابعة عشرة لحميد عقبي، إلى جانب العديد من الأعمال الأدبية في السينما والمسرح والنقد الأدبي والشعر. فهو متعدد المواهب وخياله واسع، مما جعل أعماله مميزة. يتناول عقبي في "الجني وردان" مواضيع معقدة تتعلق بالهوية والانتماء، مستفيدًا من تجربته الشخصية ككاتب يعيش في الغربة منذ عام 2001 في فرنسا. هذه الخلفية تجعله أكثر قدرة على استكشاف مشاعر الاغتراب والصراع بين الثقافات، مما يضفي عمقًا على شخصياته وأحداث روايته. تنبض اللغة المستخدمة في الرواية بالحياة، حيث ينجح عقبي في خلق أجواء شعرية ترسخ في ذهن القارئ. تتنقل الأحداث بين الواقع والخيال، مما يمكّن القارئ من الاندماج في عالم مليء بالتوترات النفسية والاجتماعية. يتجلى ذلك أيضًا في شخصياته، التي تحمل في طياتها مشاعر القلق والحنين، مما يعكس تجربته الذاتية كعربي يعيش في مجتمع أجنبي. نقلا عن ليبا بيديا


تحيا مصر
منذ 5 أيام
- تحيا مصر
عامل صباحا ولاعب طائرة مساءً.. حكاية يحيى شعبان لاعب الاتحاد السكندري صاحب قصة العطاء
شاب لا يعرف للمستحيل طريق، خطط لطريق نجاحه ورسم مدرج الصعود للصفوف الأولى، قرر أن يمارس كرة الطائرة الهواية المفضلة له منذ صغر سنه، وقبل ما يزيد عن 10 سنوات قرر الشاب ظل يحيى مع نادي دلفي بالإسكندرية لمدة موسمين في الميني ڤولي قبل الذهاب إلى نادي الداخلية وهو في عمر الـ15 عاما، حيث ظل لمدة 5 مواسم مع نادي الداخلية لينتقل بعدها إلى نادي طلائع الجيش بصفوف الناشئين وهو في عمر الـ 19 عاما، ثم استكمل مسيرته في رياضته المفضلة التي كان يمتلك يقين فيها بأنه سيصبح من كبار اللاعبين، حتى حصل على أول ميدالية برونزية كانت في بطولة القاهرة، وهنا أصبح الحلم يتحقق أمام عينيه ليحلم بالمزيد. لم يتوقف حلم «يحيي» بعد الفوز بالميدالية البرونزية، بل شارك فى الحصول على ميدالية ثالث كأس مصر موسم وثالث الدوري 2018/2019، وحصل أيضا علي ثاني كأس مصر وثالث الدوري موسم 2019/2020، كما حصل على ثالث الدوري وثالث كأس مصر موسم 2020/2021، لتتوالى النجاحات ويحصل أيضا على ثالث كأس مصر موسم 2022. وبعد سنوات من الإنتقال من نادي إلى آخر، قرر «يحيى» أن يستكمل نصف دينه ويتزوج بمن اختارها الله له، وبعد شهور أصبح أبا لطفلة جميلة، أصبحت رزق له في الحياة وسبب في زيادته، لينتقل إلى نادي الاتحاد السكندري ويفوز بأول ميدالية برونزية تدخل فريق سيد البلد موسم 2022/2023. بعدما أصبح «يحيي» زوجا وأبا زادت عليه المسئولية وشقاء الحياة، وأصبح ملزم بالتكفل بمصاريف نجلته الصغرى التي تعاني من بعض المشاكل الصحية، لم يستسلم يحيي لظروف الحياة، وخاصة بأن موسم المباريات محدود ولا يستمر طوال العام، لذلك قرر أن يعمل عامل باليومية في جمع الفواكه خلال فترة الإجازة من المباريات مقابل 200 جنيه. يستيقظ «يحيي» من السادسة صباحا ليرتدي ملابس عمله في الحقول الزراعية، ويظل في جمع الفاكهة حتى آذان العصر والعرق يتصبب بين جبينه ولكنه لا يشتكي، ثم يعود إلى منزله ليتناول الطعام ويستبدل ملابس العمل بالحقول إلى ملابس كرة الطائرة ليسرع إلى النادي ويتدرب بشكل يومي، حتى شارك في موسم لأول مرة في تاريخ نادي الاتحاد لعام 2024/2025 مربع دوري الممتاز، ومربع كأس مصر، ومربع الكرة الشاطئية، وحصل على ميدالية برونزية في الكرة الشاطئية.


تحيا مصر
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- تحيا مصر
فيلم كان ياما كان في غزة يفتتح عروضه العالمية من مهرجان كان السينمائي
يشهد الفيلم الفلسطيني مواعيد عرض فيلم كان ياما كان في غزة بمهرجان كان يُعرض الفيلم وفقا ما رصده موقع فيلم كان ياما كان في غزة تجري أحداث الفيلم في غزة عام 2007 حول طالب شاب اسمه يحيى، يُكوّن صداقة مع أسامة، صاحب مطعم ذو كاريزما وقلب كبير. يبدآن معًا في بيع المخدرات أثناء توصيل ساندويتشات الفلافل، لكن سرعان ما يُجبران على مواجهة شرطي فاسد وغروره المُتضخم. أبطال فيلم كان ياما كان في غزة كان ياما كان في غزة إنتاج دولي مشترك بين فرنسا وألمانيا والبرتغال وفلسطين، مع قطر والمملكة الأردنية الهاشمية. وهو من إخراج الإخوان ناصر وتأليفهما بالتعاون مع عامر ناصر وماري ليجراند، ويضم الفيلم طاقمًا مميزًا من الممثلين، منهم نادر عبد الحي، المعروف بدور سامي في فيلم "فرح"، ورمزي مقدسي (فيلم "اصطياد أشباح"، الحائز على جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين السينمائي الدولي)؛ ومجد عيد (فيلم "عنكبوت مقدس" الحائز على جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان كان السينمائي)، وإنتاج راني مصالحة وماري ليجراند لشركة أفلام تامبور ومورييل ميرلين لـ LYLY للإنتاج. كما يضم الفيلم مدير التصوير كريستوف جرايلوت (فيلم "Ride Above")، والمونتيرة صوفي راين، الحائزة على جائزة أفضل مونتاج في جوائز سيزار عن عملها في فيلم "The First Day of the Rest of Your Life"، وموسيقى أمين بوحافة الذي عمل على عدة أفلام منها "الرجل الذي باع ظهره" و"أطياف". فريق عمل فيلم كان ياما كان في غزة يشارك في الإنتاج كل من رشيد عبد الحميد لمشروع صنع في فلسطين، أماندا تورنبول وزياد سروجي لشركة رايز أستوديوز، ميكائيل إيكلت ولينا زيمرهاكل لشركة ريفا للإنتاج السينمائي، دوروث بينيمير لشركة ريد بالونز، باندورا دا كونيا تيليس وبابلو إيرولا لشركة أكبر للأفلام، وخالد حداد كمنتج تنفيذي بشركة جوردان بايونيرز الأردنية، بالتعاون مع A.A. Films (أحمد عامر)، وكوكون فيلمز (سوسن أصفري)، راديو وتلفزيون البرتغال، وكوميتا فيلمز الفرنسية (إيديتا جانزاك- هيريارت) وتلقى الفيلم دعمًا من صندوق التطوير المشترك الدولي بمنطقة سانتر-فال دو لوار (فرنسا)، يوريماج – صندوق تابع لمجلس أوروبا لدعم الإنتاج السينمائي المشترك في أوروبا، المركز الوطني للسينما والصورة المتحركة (CNC) - مساعدة سينما العالم، صندوق موين للأفلام هامبورغ شليسفيغ هولشتاين، المعهد البرتغالي للسينما والسمعيات والبصريات (ICA)، وصندوق الأفلام الأردني التابع للهيئة الملكية الأردنية للأفلام، ومنحة مؤسسة الدوحة للأفلام، وتتولى MAD Distribution توزيع ومبيعات الفيلم في العالم العربي، في تعاونهما الثاني مع الإخوان طرزان وعرب بعد نجاح تعاونهما الأول في الفيلم الأشهر غزة مونامور.