logo
صدام الإرادات: مصر وإسرائيل وامريكا على جبهة غزة!

صدام الإرادات: مصر وإسرائيل وامريكا على جبهة غزة!

الدستورمنذ 3 ساعات

لم يكن صوت الرصاص هذه المرة من غزة.. بل من القاهرة، حين خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي ليقول كلمته الفاصلة "لا تهجير، لا تفريط، لا وطن بديل"، توقفت غرف العمليات في تل أبيب، وارتبكت الحسابات في واشطن، وارتفع الضغط في أغلب العواصم العربية التي فضلت أن تتوارى خلف بيانات باهتة، لكن مصر قررت أن تصنع العاصفة بدل أن تهرب منها؟
لم يكن الخطر هذه المرة مجرد أزمة حدود، بل لحظة انكشاف كامل لمن بقي من شرفاء الموقف، ومن قرر أن يبيع الجغرافيا والتاريخ في مزاد ما بعد النكبة، وبدأ صدام الإرادات، والإرادة المصرية وحدها اختارت المواجهة.
لكن ما الذي يجري الآن، وما هو التحليل السياسي للأحداث المتصاعدة لحظة بلحظة؟
ما تشهده المنطقة ليس مجرد تصعيد عابر، بل صراع وجودي حول مستقبل غزة، ودور مصر، وحدود النفوذ الإسرائيلي الأمريكي، فإسرائيل تسعى منذ سنوات لتحويل غزة إلى عبء إنساني على جيرانها، وأمريكا بقيادة ترامب العائد بقوة تٌدعم هذه الرؤية دون مواربة أو خذلان، أما مصر، فقد رفضت أن تكون منطقة عازلة لأحلام الغير، وقالتها القاهرة بوضوح: أي عبور لغزة إلى سيناء هو اعتداء على السيادة المصرية، وما بدأ في أوله كخيار دبلوماسي، صار الآن صدام إرادات مفتوح.
لن أتكلم كثيرا عن الموقف المصري والصمود التاريخي للرئيس عبد الفتاح السيسي، فالموقف واضح والصمود راسخ، ولا يحتاج الأمر للمزيد من التفسير أو التعليق، لكن السؤال الأهم الذي يشغل بال المصريين في الوقت الراهن هو هل يمكن أن تتطور الأزمة الحالية إلى صراع عسكري بين مصر وإسرائيل؟
السيناريو الكلاسيكي للحرب الشاملة مٌستبعد، لكن سيناريوهات الاستفزاز المنظم ليست كذلك، فهناك تحركات إسرائيلية مريبة ومستمرة على حدود رفح مع مصر، وهناك محاولات لا تهدأ وبدعم أمريكي لدفع الفلسطينيين في غزة قسرا عبر معابر مغلقة، وهناك اختراقات إعلامية ونفسية تستهدف الجبهة الداخلية المصرية، وجميعها يٌطلق عليها مصطلح "أدوات الحرب الرمادية" التي تٌمارسها إسرائيل ومن خلفها واشنطن، لكن مصر ليست غافلة، وهناك تحركات ميدانية قوية للجيش المصري في سيناء، ورفع درجات الاستعداد في أعلى مدى، وتصريحات القيادة السياسية كلها تشير إلى قراءة واعية لكل الاحتمالات.
ماذا عن الجبهة الداخلية المصرية؟
مهمة الشعب المصري الآن هي الوعي قبل السلاح، وما يٌميز مصر في هذه المرحلة أن القرار السياسي يلقى سندًا شعبيًا نادرًا، فلم تعد القضية "فلسطينية" فقط، بل مصرية خالصة، لأن التهديد هذه المرة على الأرض والهوية والإرادة المصرية، والدور المصري الذي يٌراد له أن يتقلص ويختفي.
الدولة المصرية اليوم تتحرك بثلاثة أدوار متوازية، الوعي الجماهيري عبر إعلام متماسك في توضيح المخاطر، والجاهزية الميدانية من قوات حرس الحدود والجيش الثاني الميداني، والحراك الدبلوماسي المحسوب في المحافل الدولية لتثبيت الرواية المصرية، وجميعها أدوار قوية ورصينة ومٌدركة للخطر الذي يهدد الأمن القومي المصري.
الآن البعض يسأل عن الموقف الأمريكي، ولماذا هذا الموقف المتعنت من ترامب؟
إن عودة دونالد ترامب إلى واجهة المشهد الأمريكي تعني شيئا واحدا وهو أن دبلوماسية الغطرسة تعود من جديد، وترامب لا يفهم سوى منطق الضغط والصفقات، وموقف مصر القومي والإنساني والسياسي يٌربكه ويفقده توازنه، ولأن القاهرة لم تدخل الصف الأمريكي في "صفقة القرن" ولم تفتح معابرها للتهجير، فإن العلاقات المصرية الأمريكية تمر بأسوأ حالاتها في هذه الفترة، وأعتقد أن الدولة العميقة في أمريكا لن تسمح لترامب بأن يدمر العلاقات الاستراتيجية الممتدة والراسخة مع مصر منذ قيام الولايات المتحدة الأمريكية واستقلالها عن التاج البريطاني في 4 يوليو عام 1776.
لكن مصر – رغم التوتر – لا تتنازل ولا تنكسر، بل تلعب على التوازنات الإقليمية والدولية بخبرة عتيقة، جعلت منها لاعبًا عصيًا على الكسر، ولو مؤقتًا.
يشغل المواطن سؤال أهم: هل ستنتصر مصر في النهاية؟
الانتصار ليس فقط أن تٌفرض الرؤية المصرية، بل أن تصمد رغم الحصار السياسي والإعلامي والدبلوماسي، وأن تبقى كلمة "لا" المصرية واضحة رغم العزلة العربية المحيطة، وأن تحافظ على الأرض والقرار بلا مساومة، فقد تكون مصر وحدها الآن، لكنها ليست ضعيفة، وليست مستسلمة، وليست عابرة في هذا المشهد، بل هي كما كانت دائما قلب المعركة وصوت الضمير وخط الدفاع الأخير عن الكرامة العربية.
أما في حال أن تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء، وتحول المشهد إلى صدام عسكري مباشر، فلن تجد أمامها جيشًا نمطيًا، بل عقيدة قتالية تشكلت على مدى قرن من المواجهات، والجيش المصري ليس فقط الأكبر في الشرق الأوسط، بل الأكثر تمرسًا بخوض الحروب طويلة النفس، وبتكتيكات الحرب المركبة التي تجمع بين النظام التقليدي والميداني وحرب المعلومات، ورغم التفوق النوعي لبعض التكنولوجيا الأمريكية في يد إسرائيل، إلا أن الجيش المصري يمتلك عنصر المفاجأة والميدان، فهو يُدير معاركه وفق عقيدة "الصبر القاتل"، ويعرف تضاريس سيناء كما تعرف اليد خطوط راحة الكف.
ومع التحديثات الشاملة التي شهدتها القوات المسلحة خلال السنوات العشر الأخيرة وشملت الدفاع الجوي، البحرية، والقدرات السيبرانية، فإن الجيش المصري اليوم ليس نسخة مكررة من الماضي، بل قوة ردع إقليمية كاملة الأركان، والأهم أن الجيش المصري لا يتحرك فقط دفاعًا عن حدود، بل عن كرامة دولة وهوية أمة، وهذا ما يجعل معادلة "الردع بالعقيدة" أقوى حتى من تحالف السلاح بين إسرائيل وواشنطن.
في هذه اللحظة الفارقة، لا يملك المصريون رفاهية التردد، الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يقود معركة دبلوماسية فحسب، بل معركة كرامة أمة، وتصريحاته لم تكن للاستهلاك، بل رسائل مدروسة بَلّغت الداخل والخارج أن مصر لن تكون ممرًا للنكبة الثانية، والثقة في القيادة لم تأتِ من فراغ، بل من تاريخ طويل من القرارات الصعبة والمواقف الثابتة في وجه العواصف، أما الجيش المصري، فهو الدرع الذي لا يصدأ، والحارس الذي لا يغفو، والسند الذي لا يتزحزح.
لكن تبقى المعركة الحقيقية في الوعي، في الجبهة الداخلية، في كل بيت وكل شاشة وكل كلمة، فلا انتصار بلا شعب واعٍ، ولا صمود بلا وحدة، ولا كرامة بلا استعداد دائم للتضحية.
مصر لا تُهدد... مصر تُجيد الرد في اللحظة التي يظنها الآخرون قد استسلمت.
وهذا ما يجعلها... مصر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس الوزراء يتفقد مشروع "جنة" السكنى بمدينة الشيخ زايد
رئيس الوزراء يتفقد مشروع "جنة" السكنى بمدينة الشيخ زايد

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

رئيس الوزراء يتفقد مشروع "جنة" السكنى بمدينة الشيخ زايد

يتفقد الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء، مشروع "جنة" السكني بمدينة الشيخ زايد، ثم يعقبه مؤتمر صحفي على الهواء، وذلك عقب قيامه بتسليم عدد من عقود الوحدات السكنية للمستفيدين، بمشروع المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" بمدينة أكتوبر الجديدة، اليوم السبت. وعقب وصوله مدينة أكتوبر الجديدة، أكد رئيس مجلس الوزراء أن المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" تأتي ضمن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي تهدف إلى تلبية احتياجات محدودي ومتوسطي الدخل من الوحدات السكنية الملائمة. كما تفقد الدكتور مدبولي نموذجًا لوحدة سكنية، حيث صعد لإحدى العمارات السكنية للوقوف على التشطيبات الداخلية والخارجية، وأشاد بمستوى التشطيبات، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على تنسيق الموقع العام بين العمارات السكنية.

رئيس الوزراء يسلم عددا من عقود وحدات المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين بأكتوبر الجديدة
رئيس الوزراء يسلم عددا من عقود وحدات المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين بأكتوبر الجديدة

الجمهورية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجمهورية

رئيس الوزراء يسلم عددا من عقود وحدات المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين بأكتوبر الجديدة

وعقب وصوله لمدينة أكتوبر الجديدة، أكد رئيس مجلس الوزراء أن المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" تأتي ضمن توجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي تهدف إلى تلبية احتياجات محدودي ومتوسطي الدخل من الوحدات السكنية الملائمة. وخلال الجولة، تفقد الدكتور مصطفى مدبولي نموذجا لوحدة سكنية، حيث صعد لإحدى العمارات السكنية للوقوف على التشطيبات الداخلية والخارجية، وأشاد بمستوى التشطيبات، مؤكدا ضرورة الحفاظ على تنسيق الموقع العام بين العمارات السكنية. وعقب ذلك، توجه رئيس مجلس الوزراء ومرافقوه لمقر تسليم الوحدات للمستفيدين؛ حيث قدمت السيدة/ مي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الاسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، عرضا حول المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بمدينة أكتوبر الجديدة، استهلته بالإشارة إلى الموقف التنفيذي لوحدات المبادرة، مشيرة في هذا الصدد إلى أن إجمالي وحدات محدودي الدخل في هذه المبادرة يبلغ 1,002,100 وحدة، تم تنفيذ 734 ألفا منها، (169 ألف وحدة بالمحافظات و 565 ألف وحدة بالمدن الجديدة)، كما أنه جار حاليا تنفيذ 266 ألف وحدة ( 313 ألف وحدة إسكان اجتماعي، و53 ألف وحدة سكنية خضراء)، فيما يصل عدد الوحدات المخصصة إلى 639 ألف وحدة، ويبلغ عدد الوحدات المطروحة بإعلان (سكن لكل المصريين 7) 116 ألف وحدة. كما عرضت السيدة/ مي عبد الحميد الموقف التنفيذي للإسكان المتوسط "برنامج سكن لكل المصريين"، مشيرة إلى أن إجمالي عدد وحدات الإسكان المتوسط يصل إلى 33 ألف وحدة، منها 10 آلاف وحدة بالمحافظات، و23 ألف وحدة بالمدن الجديدة، وجار تنفيذ حوالي 25 ألف وحدة حاليا، منها 3.7 ألف وحدة بالمحافظات، و20.6 ألف وحدة بالمدن الجديدة، بينما يبلغ عدد الوحدات المخصصة 10.3 ألف وحدة، منها 2400 وحدة تم الانتهاء منها، و7422 وحدة تصل نسبة تنفيذها إلى أكثر من 85%. وخلال عرضها، تطرقت السيدة/ مي عبد الحميد إلى موقف المستفيدين من مبادرة ( سكن لكل المصريين)، حيث يصل عددهم إلى 643 ألف مستفيد، بإجمالي دعم قيمته 10.21 مليار جنيه، من خلال منح دعم نقدي مباشر يبلغ حده الأدنى 5 آلاف جنيه، وحده الأقصى 120 ألف جنيه يتم خصمها من مقدم الوحدة السكنية، وأيضا من خلال دعم سعر الفائدة، حيث يتم منح تمويل عقاري للمستفيدين بفائدة قدرها 8% سنويا لمحدودي الدخل، و12% سنويا لمتوسطي الدخل، بدلا من سعر الفائدة السوقيّ، وكذلك دعم المرافق والأرض؛ حيث يتم إعفاء المستفيدين من تكلفة المرافق العامة للوحدة السكنية، وأيضا قيمة الانتفاع بالأرض، لافتة إلى أن إجمالي قيمة التمويل 85.48 مليار جنيه، موضحة أن هناك حرصا على تمكين السيدات من تملك الوحدات السكنية، وذلك خلال حديثها عن توزيع المستفيدين طبقا للنوع. كما نوهت الرئيس التنفيذي للصندوق إلى موقف الحاجزين بإعلان (سكن لكل المصريين 7)، مشيرة إلى أنه تم طرح الإعلان لمتوسطي الدخل بأسبقية الحجز بتاريخ 21 مايو 2025، بنظام التسليم الفوري بعدد 3 محافظات، وتسليم خلال 18 شهرا بعدد 12 محافظة، وتسليم خلال 36 شهرا بعدد 4 محافظات. كما نوهت الرئيس التنفيذي للصندوق إلى أن الصندوق قام بإنشاء وحدات سكنية ضمن برنامج الإسكان الأخضر المرتبط بأهداف التنمية المستدامة في عام 2020؛ لتصبح أكثر استدامة وشمولاً، من خلال تبني أساليب البناء الأخضر واستخدام مواد بناء صديقة للبيئة، موزعة على المدن الجديدة وهي: (حدائق العاصمة ـ أسوان الجديدة ـ العبور الجديدة ـ العاشر من رمضان ـ أكتوبر الجديدة ـ السادات ـ بدر) بإجمالي 54558 وحدة سكنية؛ وذلك بهدف تقليل استهلاك الطاقة، وخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، بجانب تقليل استهلاك المياه، وخفض معدل النفايات الصلبة، معربة عن تطلعها لقيام رئيس مجلس الوزراء بزيارة أحد نماذج الإسكان الأخضر قريبا؛ دعما لهذا المشروع. وفيما يتعلق بمدينة أكتوبر الجديدة، أشارت السيدة/ مي عبد الحميد إلى أن مدينة أكتوبر الجديدة هي واحدة من المدن الجديدة في مصر تبلغ مساحتها حوالي 90 ألف فدان، مما يجعلها من أكبر المدن الجديدة من حيث الامتداد، وتعتبر امتدادًا لمدينة 6 أكتوبر الأصلية، لكنها تخضع لإدارة جهاز مستقل ضمن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وقد تم إنشاؤها بهدف استيعاب الزيادة السكانية وتوفير بيئة عمرانية متطورة، وجار تنفيذ العديد من المرافق (مياه، وصرف صحي، وكهرباء، وغاز طبيعي، ويوجد بالمدينة مشروعات إسكان مختلفة مثل: "الإسكان الاجتماعي"، و"دار مصر"، و"سكن مصر"، وتضم مناطق خدمية تشمل مدارس، وجامعات خاصة، ومراكز طبية، وأسواقا تجارية. وفيما يخص مشروعات الإسكان الاجتماعي بأكتوبر الجديدة، أشارت الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري إلى أنه تم تنفيذ 80064 وحدة، وجار تنفيذ 70128 وحدة، وهناك 888 وحدة جار طرحها، بإجمالي 151080 وحدة، ويبلغ عدد الوحدات المخصصة 75953 وحدة، بينما يصل عدد الوحدات المتاحة للتخصيص 4111 وحدة. كما تناولت السيدة/ مي عبد الحميد الموقف التنفيذي للإعلان الرابع عشر (سكن لكل المصريين 1) بمدينة أكتوبر الجديدة؛ مشيرة في ضوء ذلك إلى أنه فيما يتعلق بالوحدات الـ 90 مترا فعدد الوحدات المتاحة للتخصيص يبلغ 8986 وحدة، ويصل عدد الوحدات المخصصة إلى 8332 وحدة، بينما يبلغ عدد الوحدات المتاحة للتخصيص في وحدات الـ 75 مترا 648 وحدة، وعدد الوحدات المخصصة 282 وحدة، لافتة إلى أنه جار تسليم عدد من العقود للحاجزين ضمن إعلان (سكن لكل المصريين 1 )، والذي تم الانتهاء من أغلب وحداته؛ حيث تم تخصيص 9634 وحدة من إجمالي 9960 وحدة منفذة، مستعرضة من خلال الصور الملتقطة نماذج من المشروعات السكنية المختلفة بمدينة أكتوبر الجديدة. واختتمت السيد/ مي عبد الحميد عرضها، بالإشارة إلى الإشادات التي حصلت عليها المبادرة الرئاسية " سكن لكل المصريين" من جانب عدد من المؤسسات الدولية، مشيرة إلى أن المشروع استقبل زيارات رسمية رفيعة المستوى، مثل زيارة رئيس جمهورية كينيا، ووفود رسمية من وزارات الإسكان وجهات حكومية أخرى في زامبيا وإندونيسيا والعراق ومنغوليا وذلك على سبيل المثال، بالإضافة إلى مؤسسة التمويل الدولية ووفود من 10 بنوك مركزية، حيث أشادت جميع هذه الوفود بالمبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" وجودة الحياة التي تقدمها للمواطنين منخفضي الدخل، وأعربوا عن تطلعهم لنقل التجربة المصرية إلى بلادهم، وتوجهت السيدة/ مي عبد الحميد بالشكر لرئيس جهاز تنمية أكتوبر الجديدة على هذا المشروع. وعقب ذلك، صعد رئيس مجلس الوزراء للمنصة لتسليم عدد من العقود للمستفيدين من المشروع ، والذين عبروا عن سعادتهم لتسلمهم عقود وحداتهم، مؤكدين أن الدولة تقدم دعما حقيقيا لتمويل المشروعات السكنية المختلفة التي تخدم مختلف شرائح المجتمع.

صدام الإرادات: مصر وإسرائيل وامريكا على جبهة غزة!
صدام الإرادات: مصر وإسرائيل وامريكا على جبهة غزة!

الدستور

timeمنذ 3 ساعات

  • الدستور

صدام الإرادات: مصر وإسرائيل وامريكا على جبهة غزة!

لم يكن صوت الرصاص هذه المرة من غزة.. بل من القاهرة، حين خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي ليقول كلمته الفاصلة "لا تهجير، لا تفريط، لا وطن بديل"، توقفت غرف العمليات في تل أبيب، وارتبكت الحسابات في واشطن، وارتفع الضغط في أغلب العواصم العربية التي فضلت أن تتوارى خلف بيانات باهتة، لكن مصر قررت أن تصنع العاصفة بدل أن تهرب منها؟ لم يكن الخطر هذه المرة مجرد أزمة حدود، بل لحظة انكشاف كامل لمن بقي من شرفاء الموقف، ومن قرر أن يبيع الجغرافيا والتاريخ في مزاد ما بعد النكبة، وبدأ صدام الإرادات، والإرادة المصرية وحدها اختارت المواجهة. لكن ما الذي يجري الآن، وما هو التحليل السياسي للأحداث المتصاعدة لحظة بلحظة؟ ما تشهده المنطقة ليس مجرد تصعيد عابر، بل صراع وجودي حول مستقبل غزة، ودور مصر، وحدود النفوذ الإسرائيلي الأمريكي، فإسرائيل تسعى منذ سنوات لتحويل غزة إلى عبء إنساني على جيرانها، وأمريكا بقيادة ترامب العائد بقوة تٌدعم هذه الرؤية دون مواربة أو خذلان، أما مصر، فقد رفضت أن تكون منطقة عازلة لأحلام الغير، وقالتها القاهرة بوضوح: أي عبور لغزة إلى سيناء هو اعتداء على السيادة المصرية، وما بدأ في أوله كخيار دبلوماسي، صار الآن صدام إرادات مفتوح. لن أتكلم كثيرا عن الموقف المصري والصمود التاريخي للرئيس عبد الفتاح السيسي، فالموقف واضح والصمود راسخ، ولا يحتاج الأمر للمزيد من التفسير أو التعليق، لكن السؤال الأهم الذي يشغل بال المصريين في الوقت الراهن هو هل يمكن أن تتطور الأزمة الحالية إلى صراع عسكري بين مصر وإسرائيل؟ السيناريو الكلاسيكي للحرب الشاملة مٌستبعد، لكن سيناريوهات الاستفزاز المنظم ليست كذلك، فهناك تحركات إسرائيلية مريبة ومستمرة على حدود رفح مع مصر، وهناك محاولات لا تهدأ وبدعم أمريكي لدفع الفلسطينيين في غزة قسرا عبر معابر مغلقة، وهناك اختراقات إعلامية ونفسية تستهدف الجبهة الداخلية المصرية، وجميعها يٌطلق عليها مصطلح "أدوات الحرب الرمادية" التي تٌمارسها إسرائيل ومن خلفها واشنطن، لكن مصر ليست غافلة، وهناك تحركات ميدانية قوية للجيش المصري في سيناء، ورفع درجات الاستعداد في أعلى مدى، وتصريحات القيادة السياسية كلها تشير إلى قراءة واعية لكل الاحتمالات. ماذا عن الجبهة الداخلية المصرية؟ مهمة الشعب المصري الآن هي الوعي قبل السلاح، وما يٌميز مصر في هذه المرحلة أن القرار السياسي يلقى سندًا شعبيًا نادرًا، فلم تعد القضية "فلسطينية" فقط، بل مصرية خالصة، لأن التهديد هذه المرة على الأرض والهوية والإرادة المصرية، والدور المصري الذي يٌراد له أن يتقلص ويختفي. الدولة المصرية اليوم تتحرك بثلاثة أدوار متوازية، الوعي الجماهيري عبر إعلام متماسك في توضيح المخاطر، والجاهزية الميدانية من قوات حرس الحدود والجيش الثاني الميداني، والحراك الدبلوماسي المحسوب في المحافل الدولية لتثبيت الرواية المصرية، وجميعها أدوار قوية ورصينة ومٌدركة للخطر الذي يهدد الأمن القومي المصري. الآن البعض يسأل عن الموقف الأمريكي، ولماذا هذا الموقف المتعنت من ترامب؟ إن عودة دونالد ترامب إلى واجهة المشهد الأمريكي تعني شيئا واحدا وهو أن دبلوماسية الغطرسة تعود من جديد، وترامب لا يفهم سوى منطق الضغط والصفقات، وموقف مصر القومي والإنساني والسياسي يٌربكه ويفقده توازنه، ولأن القاهرة لم تدخل الصف الأمريكي في "صفقة القرن" ولم تفتح معابرها للتهجير، فإن العلاقات المصرية الأمريكية تمر بأسوأ حالاتها في هذه الفترة، وأعتقد أن الدولة العميقة في أمريكا لن تسمح لترامب بأن يدمر العلاقات الاستراتيجية الممتدة والراسخة مع مصر منذ قيام الولايات المتحدة الأمريكية واستقلالها عن التاج البريطاني في 4 يوليو عام 1776. لكن مصر – رغم التوتر – لا تتنازل ولا تنكسر، بل تلعب على التوازنات الإقليمية والدولية بخبرة عتيقة، جعلت منها لاعبًا عصيًا على الكسر، ولو مؤقتًا. يشغل المواطن سؤال أهم: هل ستنتصر مصر في النهاية؟ الانتصار ليس فقط أن تٌفرض الرؤية المصرية، بل أن تصمد رغم الحصار السياسي والإعلامي والدبلوماسي، وأن تبقى كلمة "لا" المصرية واضحة رغم العزلة العربية المحيطة، وأن تحافظ على الأرض والقرار بلا مساومة، فقد تكون مصر وحدها الآن، لكنها ليست ضعيفة، وليست مستسلمة، وليست عابرة في هذا المشهد، بل هي كما كانت دائما قلب المعركة وصوت الضمير وخط الدفاع الأخير عن الكرامة العربية. أما في حال أن تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء، وتحول المشهد إلى صدام عسكري مباشر، فلن تجد أمامها جيشًا نمطيًا، بل عقيدة قتالية تشكلت على مدى قرن من المواجهات، والجيش المصري ليس فقط الأكبر في الشرق الأوسط، بل الأكثر تمرسًا بخوض الحروب طويلة النفس، وبتكتيكات الحرب المركبة التي تجمع بين النظام التقليدي والميداني وحرب المعلومات، ورغم التفوق النوعي لبعض التكنولوجيا الأمريكية في يد إسرائيل، إلا أن الجيش المصري يمتلك عنصر المفاجأة والميدان، فهو يُدير معاركه وفق عقيدة "الصبر القاتل"، ويعرف تضاريس سيناء كما تعرف اليد خطوط راحة الكف. ومع التحديثات الشاملة التي شهدتها القوات المسلحة خلال السنوات العشر الأخيرة وشملت الدفاع الجوي، البحرية، والقدرات السيبرانية، فإن الجيش المصري اليوم ليس نسخة مكررة من الماضي، بل قوة ردع إقليمية كاملة الأركان، والأهم أن الجيش المصري لا يتحرك فقط دفاعًا عن حدود، بل عن كرامة دولة وهوية أمة، وهذا ما يجعل معادلة "الردع بالعقيدة" أقوى حتى من تحالف السلاح بين إسرائيل وواشنطن. في هذه اللحظة الفارقة، لا يملك المصريون رفاهية التردد، الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يقود معركة دبلوماسية فحسب، بل معركة كرامة أمة، وتصريحاته لم تكن للاستهلاك، بل رسائل مدروسة بَلّغت الداخل والخارج أن مصر لن تكون ممرًا للنكبة الثانية، والثقة في القيادة لم تأتِ من فراغ، بل من تاريخ طويل من القرارات الصعبة والمواقف الثابتة في وجه العواصف، أما الجيش المصري، فهو الدرع الذي لا يصدأ، والحارس الذي لا يغفو، والسند الذي لا يتزحزح. لكن تبقى المعركة الحقيقية في الوعي، في الجبهة الداخلية، في كل بيت وكل شاشة وكل كلمة، فلا انتصار بلا شعب واعٍ، ولا صمود بلا وحدة، ولا كرامة بلا استعداد دائم للتضحية. مصر لا تُهدد... مصر تُجيد الرد في اللحظة التي يظنها الآخرون قد استسلمت. وهذا ما يجعلها... مصر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store