فيصل محمد صالح يكتب: حملة دولية لمنع تهريب وبيع الآثار السودانية
فبمجرد دخول قوات الجيش وخروج، أو إخراج، قوات الدعم السريع من وسط الخرطوم ، بدأت الصور والفيديوهات تتوالى من هذه المنطقة الحيوية التي تضم معظم المقار الرئيسية للدولة، ومباني الشركات والمؤسسات الكبرى، والسوق التجارية، وتظهر كلها حجم الدمار الذي حدث نتيجة تبادل النيران والقصف المدفعي وقصف الطيران، إلى جانب عمليات التخريب المتعمد من جانب قوات الدعم السريع وهي تنسحب من الخرطوم بعد ما تعرضت له من هزائم.
أكثر الفيديوهات والصور إثارة للحزن والأسى، والتي نقلها بعض الإعلاميين، كانت لمتحف السودان القومي في منطقة المقرن، والذي يضم تماثيل ومقتنيات وقطعاً أثرية لا تقدر بثمن، وتجسِّد حقباً مهمة من تاريخ السودان القديم وممالكه التاريخية. بدا المتحف وكأنه تعرض لزلزال، كل واجهات العرض محطمة ومنهوبة، والدمار ينتشر في كل مكان، في حين يقف تمثال الجد الأكبر للسودانيين، الملك تهراقا، شاهداً صامتاً على ما حدث، فهو وحده، مع تماثيل أخرى، ظل في مكانه بسبب حجمه الضخم الذي يُصعب من أي محاولة لنقله وتحريكه.
هناك حاجة ملحة لقيام خبراء متخصصين في الآثار والمتاحف بتسجيل زيارة ميدانية وتقدير حجم الخسائر والمسروقات، وإعداد تقرير وافٍ بذلك. من دون هذا الأمر لا يمكن القيام بأي تحركات إقليمية ودولية لحماية الآثار السودانية وإعادة المنهوب منها.
سبق في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي أن أثيرت معلومات حول عرض بعض الآثار السودانية المنهوبة من المتحف القومي في بعض مواقع المزادات التاريخية، وقامت حملة إعلامية كبيرة تتحدث عن عرض تاريخ السودان للبيع. حدثت اتصالات متعددة بين خبراء ومسؤولين سابقين عملوا في مواقع تتبع لها هيئة الآثار والمتاحف، وخبراء هيئة اليونيسكو لمحاولة إيقاف عمليات البيع، إن صحت. كان رأي عدد من الخبراء أن الآثار المعروضة في الصور ليست سودانية، وخفَّف هذا الأمر من المخاوف، لكنه لم ينفها تماماً، فقد تكون الواقعة صحيحة لكن الصور غير دقيقة. في كل الأحوال فإن تلك الأخبار قد دقت جرس الخطر ونبهت الناس إلى إمكانية حدوث الأمر، ما دامت المتاحف السودانية ضمن مناطق الحرب، وليست ثمة رقابة محلية أو دولية عليها، كما أن القدر الأعظم من جنود الجهة التي تسيطر على منطقة المتحف، وكانوا في تلك الفترة من قوات الدعم السريع، ليس لديهم التقدير الكافي لقيمة هذه الآثار وأهميتها. هذا يعني بالتالي أن احتمالية تعرض مقتنيات المتحف للسرقة والنهب والتخريب واردة وممكنة. وقد سبق في شهور الحرب الأولى أن تم عرض فيديوهات لبعض هؤلاء الجنود وهم يعبثون ببعض المومياوات المحفوظة في مخازن المتحف.
ويضم المتحف القومي السوداني، والذي تم افتتاحه عام 1971، مقتنيات لا تقدر بثمن من آثار العصور القديمة والممالك السودانية النوبية القديمة، كرمة ومروي، ثم ممالك العصر المسيحي نبتة وعلوة والمقرة وصولاً للممالك الإسلامية. وتمت إعادة بناء المعابد التي نقلت من منطقة بحيرة السد العالي، إلى جانب وجود عدد من التماثيل التي تجسد مراحل تاريخ السودان القديم، ومنها تمثال الملك السوداني العظيم تهراقا.
المهم الآن أن تبدأ حملة عالمية لحماية الآثار السودانية وإعادة المنهوب منها. ويمكن في هذا المجال الاستفادة من قرارات وقوانين «اليونيسكو» وبعض السوابق الدولية التي جرَّمت نقل وتهريب وبيع الآثار، ومن ضمن هذه المراجع اتفاقية «اليونيسكو» لعام 1970 لمنع الاتجار غير المشروع في الآثار والمقتنيات المسروقة. كما يمكن الرجوع إلى سابقة دولية مهمة متعلقة بالعراق وسوريا ، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2199 لعام 2015 بمنع الاتجار في آثار هذين البلدين اللذين تعرضا لنهب وسرقة المتاحف بعد احتلال العراق واندلاع الحرب الأهلية في سوريا. وقد تجاوبت دول كثيرة مع القرار وأوقفت عمليات بيع كبيرة وصادرت المقتنيات وأعادتها للدول المعنية. ويمكن مخاطبة «اليونيسكو» والمجتمع الدولي لاتخاذ قرارات مماثلة، وهذا عمل وطني لا يستوجب أن يكون للشخص المخاطب منصب أو وظيفة معينة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

منذ يوم واحد
ضياء الدين بلال يكتب: (ماما أمريكا ).. ومسرحية (حبل الكضب طويل)..!
وهو محاولة مكشوفة لتقليل شأن الانتصارات الميدانية الساحقة التي حققها الجيش السوداني، ومنح غطاء زائف للميليشيا وداعميها للتستر على خسائرهم العسكرية والسياسية والدبلوماسية. كيف لجيشٍ ظل لأكثر من عام يعاني من نقص الذخائر والأسلحة الأساسية، وتُحتجز سفنه المحمّلة بالمعدات في الموانئ، أن يمتلك القدرة على الحصول على أسلحة كيميائية باهظة التكاليف؟ ألا تذكّركم هذه المزاعم بحكاية أسلحة الدمار الشامل في العراق؟ تلك الأكذوبة الفاضحة التي كانت من أبرز ذرائع الولايات المتحدة لتبرير غزو العراق عام 2003، والتي ثبت لاحقاً بطلانها. هل نسيتم العرض الاستعراضي الذي قدمه وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول أمام مجلس الأمن الدولي في فبراير من ذلك العام؟ كان الهدف من ذلك العرض إقناع المجتمع الدولي بوجود تهديد وشيك من العراق ، لتبرير شن الحرب عليه رغم غياب أي دليل قاطع على امتلاكه أسلحة نووية أو كيميائية. لاحقًا، تبيّن للعالم بأسره أن تلك المعلومات كانت كاذبة (فتل ساي)ولم يُعثر بعد الغزو على أيّ من أسلحة الدمار الشامل المزعومة. (خلونا من ده كلو)ولنعد بالذاكرة إلى الوراء قليلا، ألم تُقصف ماما أمريكا"مصنع الشفاء" للأدوية في الخرطوم في أغسطس 1998؟ ألم تكن تلك الغارة محاولة للتغطية على فضيحة الرئيس بيل كلينتون الجنسية مع المتدربة مونيكا لوينسكي؟! في مذكراته الشهيرة، يؤكد نائب مدير المخابرات الأمريكية آنذاك، جون ماكلوغلين، أن المعلومات التي استندوا إليها في قصف المصنع لم تكن صحيحة، قائلاً بوضوح: "المخابرات كانت تحت ضغط شديد لتقديم هدف واضح وسريع للرد على تفجيرات السفارات الأمريكية في أفريقيا، وقد أثّر هذا الضغط على عملية اتخاذ القرار." بنفس السيناريو والمشاهد تعاد مسرحية جديدة بنص قديم تحت عنوان (حبل الكضب طويل) ولكن الشعوب والدول التي عرفت أكاذيبهم في الماضي ، لن تصفق اليوم لذات الأكاذيب ..!


الأمناء
منذ 2 أيام
- الأمناء
لغياب الشفافية والخضوع للحوثيين.. يمنيون ينتقدون المنظمات الدولية
وجه يمنيون انتقادات حادة للمنظمات الأممية والدولية وطبيعة عملها في اليمن، معتبرين أن غياب الشفافية والتعامل مع الحوثيين أفقدا هذه المنظمات مصداقيتها وساهما في استمرار معاناة اليمنيين. ومن جهتها، حذّرت أكثر من 100 منظمة إغاثية أممية ودولية من تفاقم الوضع الإنساني لليمنيين، بسبب استمرار الصراع أكثر من عقد، في ظل زيادة الاحتياجات، وتراجع تمويل خطة الاستجابة الأممية من الداعمين. وأشارت نحو 116 منظمة، في بيان مشترك، الثلاثاء، إلى أن العام الجاري قد يكون الأصعب بالنسبة لليمنيين والأسر الأكثر احتياجا. ونوهت بخطورة التراجع الحاد في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية، وأثر ذلك على تقليص المساعدات الأساسية التي تصل إلى ملايين اليمنيين المحتاجين. وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، قد سلّط الضوء في إحاطة قدمها الأربعاء الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي في جلسة خُصصت لمناقشة الملف اليمني، على العواقب الوخيمة جراء نقص التمويل وانعكاس ذلك على عمل عدد من المشاريع والبرامج الصحية والغذائية؛ ما سيؤثر على ملايين المستفيدين. وأعلنت الأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي، يوم الجمعة الماضي، تعديل خطتها الإغاثية في اليمن، خلال العام الجاري، جراء نقص التمويل العالمي، واكتفت بتخصيص 1.4 مليار دولار للوصول إلى 8.8 مليون شخص، بانخفاض يصل إلى نحو أكثر من 50% من خطة الاستجابة الإنسانية الأصلية. نهب المساعدات ووجه مصدر يمني يرأس منظمة حقوقية محلية انتقادات للمنظمات الدولية، وقال لـ"إرم نيوز" إن "70 إلى 80% من أموال المساعدات الإنسانية تُنهب وتُسرق وتتقاسمها تلك المنظمات الدولية مع الحوثيين". وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، "الهدف من مثل هذه الأرقام والإحباطات هو الضغط على المانحين لضخ أموال تمكن المنظمات الدولية والأممية من استمرار استثمارها في ضحايا النزاعات المسلحة خصوصا بعد توقف الدعم الأمريكي وتقلص الدعم الأوروبي". وأكد المصدر أنه "لن يكون لأي استجابات تمويلية أي أثر على المستفيدين المفترضين في اليمن، مهما بلغ حجم التمويلات"، لافتا إلى استمرار تدهور الوضع الإنساني لليمنيين رغم عشرات مليارات الدولارات التي أُعلن عن إنفاقها باسم العمل الإنساني، بحسب قوله. وأشار إلى أنه "لا تمتلك أي منظمة دولية الحق في تمويل أي منظمة محلية سواء في عدن أو صنعاء لتوزيع مواد غذائية وإغاثية إلا بعد أخذ الموافقة من قبل الحوثيين، الذين يملون عليهم توجيه الدعم إلى أي منظمة ومنعها عن أي جمعية". وأكد أن "أكثر من ثلثي اليمنيين الذين يعانون فقرا شديدا، يعيشون على التكافل الاجتماعي فيما بينهم وعلى الاكتفاء بالحد الأدنى في المعيشة، دون حصولهم على أي مساعدات". حلول ترقيعية بدوره، أشار المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة (ACJ) عبد الرحمن برمان، إلى أن "المجتمع الدولي لم يعد يقدّم إغاثة كافية تتناسب مع حجم المأساة التي يعيشها اليمنيون". وأضاف برمان، لـ"إرم نيوز": "بالرغم من أن هناك شحا كبيرا في ما يُقدَّم من مساعدات، إلّا أن ما يُقدَّم عبارة عن جزء بسيط جدا منها لسد الاحتياجات الفعلية، بسبب تُعرقل عملية وصول هذه المساعدات، فضلًا عن مصادرتها خصوصا من قبل الحوثيين". وبحسب برمان، فإن "الأمم المتحدة تقدم حلولًا ترقيعية، بل على العكس، ما تقوم به يسهم في عملية موت بطيء لليمنيين". وانتقد ما وصفه بـ"التعامل الناعم" للأمم المتحدة مع الجماعات المسلحة، وخصوصا ميليشيا الحوثيين، على أنها أمر واقع. وتابع برمان: "كان من المفترض أن يقف المجتمع الدولي موقفا جادا ضد الجماعات المسلحة، وأن يُجبرها على إلقاء السلاح، لا أن يتعامل معها". وأكد برمان ضرورة حصر السلاح بيد مؤسسات الدولة والجيش النظامي، والتوجه نحو حل سياسي شامل. غياب الشفافية من جهته، دعا الكاتب الصحفي والباحث الحقوقي همدان العليي، إلى ترسيخ مبدأ الشفافية في العمل الإغاثي، مطالبا المنظمات الأممية والدولية بإطلاع اليمنيين على كشوفات دقيقة توضح كيفية صرف أموال المساعدات. وأكد العليي، لـ"إرم نيوز": "يجب أن تكون هناك شفافية في العمل الإغاثي، لاسيما أن اليمنيين أصبحوا اليوم لا يثقون بمصداقية هذه المنظمات، التي تتلقى أموالًا طائلة عبارة عن منح لمساعدة اليمنيين وباسم اليمنيين، لكن في نهاية الأمر لا يوجد أثر ملموس وواضح لتلك الأموال". وأشار العليي إلى أن "المنظمات الدولية والأممية العاملة في اليمن، لا تقوم ببذل أي جهود أو تنفذ مشاريع في الجانب التنموي، بمعنى المشاريع التي تتجاوز فكرة تقديم السلال الغذائية، وتسهم في تحسين أوضاع المواطنين بشكل دائم، من خلال خلق فرص عمل وما شابه ذلك، والعمل على إشراك الناس في تحديد احتياجاتهم". يذكر أن كبار المسؤولين الإنسانيين لمساعدة اليمن يعتزمون في وقت لاحق اليوم الأربعاء عقد الاجتماع السابع في مقر الاتحاد الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، في محاولة جديدة منهم لحشد الدعم المالي اللازم لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن.

صحيفة عاجل
منذ 2 أيام
- صحيفة عاجل
مندوب المملكة بالأمم المتحدة: السعودية تؤكد حرصها الدائم على دعم الشعب السوري
قال مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة، د. عبد العزيز الواصل، إن المملكة تؤكد حرصها الدائم على دعم الشعب السوري فقد وقفت بجانبه في القضايا المصيرية التي واجهته منذ اندلاع الأزمة السورية وسعت لإيجاد حلول سياسية لجميع مراحل أزماته الداخلية بما يضمن وحدة سوريا وسلامة أراضيها. وتابع الواصل، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة حول الأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا، أن حكومة بلادي قدمت مساعدات إنسانية على مر تلك السنوات لإغاثة المتضررين من النزاعات والكوارث الطبيعية، انطلاقا من عمق الروابط الأخوية التي تجمع بين الشعبين السعودي والسوري. وأكمل، أن المملكة تنظر بإيجابية إلى التطورات السورية الأخيرة التي تعكس حراكا وطنيا بنّاء ومقاربة إقليمية ودولية شاملة تمهد لمستقبل يضمن العيش الكريم للشعب السوري، مؤكدا على أهمية استقرار سوريا الاقتصادي والاجتماعي والأمني والتنموي والسياسي لما في ذلك من أهمية قصوى في دعم استقرار المنطقة برمتها. وأردف مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة، أن المملكة وقطر قدمتا دعما لرواتب القطاع الخاص في سوريا، إلى جانب دعم قطاع الطاقة، بما يسهم في إعادة تدوير الاقتصاد السوري وتفعيل مختلف قطاعاته. مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة، د. عبد العزيز الواصل: المملكة تؤكد حرصها الدائم على دعم الشعب السوري، انطلاقا من عمق الروابط الأخوية التي تجمع بين الشعبين السعودي والسوري #الإخبارية — قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) May 21, 2025