
أنور إبراهيم: الرسوم الجمركية الأميركية بنيت على ادعاءات باطلة
كوالالمبور -توقع رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم تأثر اقتصاد بلاده سلبا ب الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على البضائع الماليزية.
واستبعد الاثنين الماضي في خطاب للبرلمان، أن يحقق الاقتصاد الماليزي النمو المتوقع بنسبة 4.7% هذا العام، على الرغم من المرونة التي يتسم بها اقتصاد بلده.
وكان صندوق النقد الدولي توقع تراجع نمو الناتج القومي الماليزي إلى 4.1%، بينما عزا أنور إبراهيم التراجع إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي متأثرا بالرسوم الجمركية الأميركية التي أعلنت في 2 أبريل/نيسان الماضي، لكن الإدارة الأميركية أرجأت تنفيذها 3 أشهر فاسحة المجال للمحادثات الثنائية مع الدول المتأثرة، واحتفظت بفرض نسبة 10% على جميع الدول.
وفنّد أنور إبراهيم ادعاءات أميركية أوحت بأن الجمارك التي تفرضها ماليزيا على البضائع الأميركية تصل إلى 47%، وقال إن الادعاءات ذريعة لفرض الرسوم الجمركية الأميركية، بينما ما تفرضه ماليزيا على البضائع الأميركية لا يتجاوز 5.6%.
وفضّل رئيس الوزراء الماليزي إفساح المجال للمفاوضات الجارية بين وزارتي التجارة الماليزية والخزانة الأميركية، والتي أشار إلى أنها ستصل إلى خفض نسبة 24% التي فرضتها الولايات المتحدة على البضائع الماليزية، وقال إنها بُنيت على حسابات خاطئة.
جمارك سياسية
ربطت أوساط سياسية ماليزية التعريفة الجمركية الأميركية على ماليزيا بدوافع سياسية، فقال رئيس حركة الشباب الإسلامي بماليزيا، فهمي شمس الدين في تعليق لـ (الجزيرة نت): "لا يمكن استثناء الجمارك الأميركية عن سياق العلاقات مع الولايات المتحدة ، والأوضاع الجيوسياسية في منطقة جنوب شرقي آسيا والعالم".
وأشار شمس الدين، الذي يتزعم إحدى أكبر المنظمات الشعبية الفاعلة في البلاد ومقربة من حزب أنور إبراهيم، إلى سياسات تسعى الولايات المتحدة إلى فرضها على ماليزيا، على رأسها الموقف من القضية الفلسطينية والعلاقة مع الصين ، إذ تتصدر القضيتان أجندة الحوارات الماليزية الأميركية، إضافة إلى مجموعة آسيان التي تترأس ماليزيا دورتها الحالية.
وأضاف أن الولايات المتحدة تضغط لتغيير رؤية ماليزيا في قضايا سياسية وتجارية مثل سوق الحلال التي تروّج لها ماليزيا، وتسعى لأن تصبح حاضنة لتجارة الحلال التي يقدر حجمها في العالم بمليارات الدولارات.
وفي الشأن الداخلي الماليزي يقول شمس الدين، إن واشنطن ترى في حكومة أنور إبراهيم، الذي يقدم نفسه ليبراليا، فرصة لإجبار ماليزيا على إلغاء القوانين التي تحمي الإسلام والأغلبية الملايوية والتي تصنفها الولايات المتحدة عنصرية.
حسابات خاطئة
من ناحيته، اعتبر الخبير في شؤون جنوب شرقي آسيا، الدكتور فار كيم بينغ أن الرسوم الجمركية الأميركية بنيت على حسابات خاطئة للميزان التجاري مع ماليزيا، قائلًا "إن مراجعة الحسابات تظهر أن الميزان التجاري يميل لصالح الولايات المتحدة بنحو 1.6 مليار دولار".
وأضاف في حديث لـ (الجزيرة نت)، أن الحسابات الأميركية تركزت على البضائع واستثنت قطاع الخدمات، مثل قطاعات التأمين والتعليم وتكنولوجيا المعلومات التي تهيمن عليها الولايات المتحدة بنسبة 67%، وبهدف إظهار أن الولايات المتحدة ضحية، فإنها لم تدخل التجارة الإلكترونية مثل شركة أمازون في حسابات الميزان التجاري.
وقال بينغ الخبير والأستاذ الجامعي، إن الولايات المتحدة استثنت من الرسوم الجمركية احتياجاتها من المواد المستورة من ماليزيا مثل أشباه الموصولات والإلكترونيات وهو ما ترك فسحة لإنجاح المفاوضات الجارية.
وأرجع عدم رد ماليزيا بالمثل على التعريفة الجمركية الأميركية إلى رغبتها في إنجاح الحوار، وتمهيدا لمشاركة الرئيس الأميركي في قمة آسيان المقررة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
منتدى قطر الاقتصادي يكشف دور الشراكات في دعم الطيران العالمي
الدوحة – في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع الطيران العالمي، برزت الشراكات الإستراتيجية بين شركات الطيران كأداة محورية لإعادة تشكيل مستقبل السفر وتعزيز الربط الجوي، لا سيما في منطقة آسيا والمحيط الهادي. وخلال جلسة نقاشية بعنوان "الطيران العالمي: كيف تصنع الشراكات مستقبل السفر؟" ضمن فعاليات منتدى قطر الاقتصادي، تبادل قادة وخبراء من شركات طيران بارزة رؤاهم حول أهمية التعاون العابر للحدود في تلبية الطلب المتزايد، ومواجهة التحديات التشغيلية، وتحقيق التوازن بين الأسواق الشرقية والغربية. وشكّلت تجارب شركات مثل الخطوط الجوية القطرية ، وفيرجن أستراليا، والخطوط الجوية الماليزية، نماذج حية لدور الشراكات في تعزيز النمو، وفتح آفاق جديدة للمستهلكين، وترسيخ حضور هذه الشركات في السوق العالمية. التوازن بين الشرق والغرب وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية المهندس بدر محمد المير إن هناك طلبا مرتفعا جدا في الشرق الأقصى، "ونحن بحاجة إلى أن نكون جزءا من ذلك، أو أن نغتنم هذه الفرصة لنشارك فيها وندعم شركاءنا في هذا الجانب، لكننا نواجه قيودا، حيث لدينا اتفاقيات الأجواء المفتوحة في أوروبا والولايات المتحدة، وفي الجزء الشرقي من العالم نحن مقيدون بالاتفاقيات الثنائية وعدد معين من الرحلات". وأضاف "لخلق نوع من التوازن بين الشرق والغرب، كان علينا التفكير بشكل مختلف، ووضع سيناريوهات جديدة لتحقيق هذا التوازن، وكان أفضل سيناريو بالنسبة لنا هو إقامة شراكات مثل تلك التي أبرمناها مع فيرجن أستراليا، والخطوط الجوية الماليزية، والخطوط الجوية اليابانية (JAL)، وشركات الطيران الأخرى التي نعمل معها في هذه المنطقة من العالم". حقوق النقل الجوي والشراكات الإستراتيجية وأوضح المير أن الشراكة مع شركة "فيرجن أستراليا" تُعد استثمارا إستراتيجيا في الأساس، مؤكدا أن الخطوط القطرية ظلت لسنوات عديدة تواجه صعوبات في الحصول على المزيد من حقوق النقل الجوي إلى أستراليا. وقال "السوق الأسترالية مهمة للغاية بالنسبة لنا، لكننا كنا مقيدين بـ21 رحلة أسبوعيا فقط، لذلك قررنا الدخول في هذه الشراكة ونجحنا في التوصل إلى اتفاق معهم لإضافة 28 رحلة أسبوعية أخرى". وأضاف "هذا الأمر في نهاية المطاف يمثل مكسبا للجميع، للخطوط الجوية القطرية، ولفيرجن أستراليا، والأهم من ذلك للمستهلكين الأستراليين. نحن نهدف إلى خلق منافسة حقيقية من شأنها خفض الأسعار ومنح المسافرين الأستراليين المزيد من الخيارات، وفي النهاية سيكون القرار بيد المسافر لاختيار الأفضل له". وفيما يتعلق بوجود طاقة استيعابية زائدة في ظل ارتفاع المنافسة، أشار المير إلى أن هناك طلبات مرتفعة، وقال "لدينا طلب حالي لا نستطيع تلبيته بالكامل، حيث إن نسب إشغال الرحلات لدينا هي الأعلى في هذا القطاع، بل الأعلى في تاريخ الخطوط الجوية القطرية. فقد كنا نتحدث عن معدل إشغال يبلغ 85.6%، وفي بعض الخطوط وصل إلى 95% أو 96%، ونحن نرى حاليا أن هذا الوضع مستمر". مخاطر مدروسة وعام واعد أكد المير أن الخطوط القطرية ستتخذ "مخاطر مدروسة جيدا" من أجل التوسع والدخول إلى أسواق جديدة، موضحا أن الشركة تسعى للحفاظ على مستوى أرباحها. وقال "أعلنا عن عام قياسي في الأرباح بتحقيق 1.67 مليار دولار" في 2023، وأضاف "لا بد من العمل والمضي بالنهج نفسه على الرغم من وجود تحديات مثل تأخيرات في التسليمات والظروف الجيوسياسية التي لا يمكن لأحد التنبؤ بها أو السيطرة عليها" وتابع "سوف نحاول التفكير خارج الصندوق في كيفية تحقيق المزيد من الأرباح وزيادة الإيرادات"، مشيرا إلى أن صافي الأرباح 28% (خلال السنة المالية الماضية)، وهذا بفضل الأفكار المختلفة التي تمكنا من تنفيذها لزيادة أرباحنا وتحسين صافي العائدات". وارتفعت أرباح مجموعة الخطوط الجوية القطرية بنسبة 28% في السنة المالية الماضية لتسجل 7.85 مليارات ريال (2.15 مليار دولار) بزيادة 1.7 مليار ريال (500 مليون دولار) بالمحقق في 2023. قيمة حقيقية للشراكة الأسترالية من جانبها، تحدثت الرئيس التنفيذي لشركة فيرجن أستراليا جاين هردليتسكا عن قوة الشراكة في تشكيل مستقبل السفر، وقالت "بالنسبة لأستراليا، فإن مثل هذه الشراكات تقدم المزيد من الخيارات للمستهلكين، مما يعني المزيد من المقاعد المتاحة التي يمكنهم استخدامها للسفر عبر الخطوط الجوية القطرية إلى أي مكان في العالم، وهو أمر يضيف قيمة حقيقية. نحن نتحدث عن القيمة والاختيار". وأضافت "الخطوط الجوية القطرية تُعد من أفضل شركات الطيران في العالم، بل هي أفضل شركة طيران في العالم، فقد فازت بهذا اللقب 7 أو 8 سنوات متتالية. نحن فخورون جدا بفرصة العمل مع شركة طيران بهذا المستوى الرفيع". وشددت جاين هردليتسكا على أن أهمية الشراكة لا تقتصر على المستهلكين، بل تشمل أيضا الموظفين والاقتصاد الأسترالي. وقالت "قبل جائحة كوفيد-19، كان حوالي 11 مليون أسترالي يسافرون إلى الخارج سنويا، أي نحو ثلث إجمالي حركة السفر من وإلى أستراليا، ومن هنا تظهر الحاجة إلى شركاء قادرين على دعم هذا التدفق وربطه بالشبكة الداخلية". وأكدت أن الوافدين إلى أستراليا يجلبون عائدات سياحية، موضحة أن "مقابل كل دولار يُنفق على تذكرة طيران، يُنفق حوالي 10 دولارات في الاقتصاد المحلي في وجهة السفر". وقالت هردليتسكا "الفوائد تمتد إلى ما هو أبعد من شركة فيرجن أستراليا، لتشمل المطاعم والفنادق والشركات الصغيرة التي ستستفيد من المساحات المخصصة للشحن الجوي، خاصة أننا ضاعفنا تقريبا سعة الشحن على رحلات الخطوط القطرية من خلال خدمات التأجير". آسيا والمحيط الهادي… مركز الطيران الجديد من جهته، أوضح المدير العام لمجموعة الخطوط الجوية الماليزية إزهام إسماعيل أن منطقة آسيا والمحيط الهادي تسيطر حاليا على 38% من السعة الجوية العالمية، في حين تُشكّل آسيا وحدها 13.5% من تلك السعة. وأشار إلى وجود تحديات تتعلق بتغير سلاسل التوريد، وتسليم الطائرات، وبداية عصر جديد من الطيران "نتوقع أن يتبلور بحلول عام 2043، مع دخول الكهرباء، والحياد الكربوني، وتقنيات جديدة مختلفة". وأكد أن ما بنته قطر على مدار الثلاثين عاما الماضية في قطاع الطيران يمثل "خطوة إستراتيجية تجعل الطيران في دول مثل ماليزيا، وشركات الطيران الصغرى في منطقة آسيا، قادرة على أن تكون جزءا فاعلا في الساحة العالمية للطيران من خلال الدخول معها في شراكات عالمية". وتابع "الطيران الماليزي، في أحد مراحله، كان يحتاج إلى شريك يحمل اسما عالميا قويا ليدفع به إلى الأمام، وقطر كانت الشريك الأمثل. واليوم، وكما حدث في السنوات الست الماضية، فإن قطر تغطي كافة مناطق الغرب، والطيران الماليزي، بالشراكة مع فيرجن أستراليا، يدير العمليات في منطقة سياتل". واستطرد "مع التوسّع السريع في تسليم الطائرات، هناك تقلبات اقتصادية وجيوسياسية تجعل سلاسل التوريد غير قابلة للتوقع". وأكد أن "التعاون بين ماليزيا وقطر كان له أثر كبير"، وقال "بالنسبة لنا، حوالي 30% من أرباحنا تأتي من هذه الشراكات، ليس من قطر وحدها، بل من نموذج العمل القائم على التعاون".


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
مؤسس "بلومبيرغ الإعلامية": قطر نموذج اقتصادي رائد
وصف مؤسس مجموعة بلومبيرغ الإعلامية، مايكل بلومبيرغ، قطر بأنها "نموذج اقتصادي رائد وقوة إيجابية للاستقرار والسلام ولديها رؤية استشرافية للمستقبل". وقال ضمن فعاليات منتدى قطر الاقتصادي إن قطر تمثل قوة إيجابية للاستقرار والتفكير على المدى البعيد، بما في ذلك رؤيتها الاستشرافية في مجال الطاقة، مشيرا إلى أن دولة قطر"من الأوائل في تصدير الغاز الطبيعي المسال في العالم وتستثمر المليارات في الطاقة المتجددة داخل الدولة وخارجها، وهذه الريادة الاقتصادية والنظرة الاستشرافية يجب أن تكون مصدر إلهام للدول الأخرى". وأشاد مؤسس مجموعة بلومبيرغ الإعلامية بدور قطر ودبلوماسيتها النشطة لحل النزاعات وتسوية الخلافات، وقال "ثمة عمل دبلوماسي يجري هنا قد لا يراه الناس، من خلاله تبذل قطر مساعيها لمساعدة الأطراف المتنازعة على التواصل والحوار وهو ما يسهم في جعل العالم مكانا أفضل". ونوّه بلومبيرغ بالشراكة بين دولة قطر ومجموعة بلومبيرغ الإعلامية في تنظيم منتدى قطر الاقتصادي الذي يجمع هذا العام نحو 2500 مشارك من دول مختلفة من أنحاء العالم. وأشار إلى أن المنتدى يعقد في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات اقتصادية وانعداما للاستقرار الذي يؤدي إلى تقلبات في الأسواق، فضلا عن تداعيات الحرب التجارية العالمية وانعدام اليقين، بالإضافة إلى الصراعات العسكرية المستمرة وتداعيات الأزمة المناخية التي تزداد كلفتها يوميا. ويشهد منتدى قطر الاقتصادي بالتعاون مع بلومبيرغ، الذي يعقد هذا العام تحت شعار "الطريق إلى 2030: تحويل الاقتصاد العالمي"، مشاركة عالمية واسعة لتبادل الرؤى والأفكار حول أبرز القضايا الاقتصادية الراهنة على المستويين العالمي والإقليمي وأبرزها: الجغرافيا السياسية، والعولمة والتجارة، وأمن الطاقة، والتطورات التكنولوجية، وآفاق الأعمال والاستثمار، بالإضافة إلى الرياضة والترفيه. تعاون تركي قطري أكد وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك ترحيب بلاده بالاستثمارات القطرية في القطاعات كافة، مشددا على أهمية التعاون بين الجانبين من خلال إنشاء مشاريع مشتركة سواء في قطر أو تركيا أو وجهات خارجية مثل أفريقيا وشرق آسيا وغيرها من الأسواق الناشئة. جاء ذلك خلال اجتماع عقده اليوم مع عضو مجلس إدارة غرفة قطر ، المهندس علي بن عبد اللطيف المسند. واستعرض الجانبان سبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات التجارية والاقتصادية، ومناخ الاستثمار والفرص المتاحة، وإمكانية إقامة تحالفات تجارية بين الشركات القطرية والتركية. وشارك شيمشك في جلسة ضمن منتدى قطر الاقتصادي حملت عنوان "خارطة النمو العالمية: كيف يرى وزراء المالية والاقتصاد مستقبل الاقتصاد العالمي؟". التبادل التجاري وأوضح المسند أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو 4.18 مليارات ريال (1.14 مليار دولار) في عام 2024، من بينها صادرات قطرية بقيمة 1.5 مليار ريال (410.57 ملايين دولار) وواردات من تركيا بقيمة 2.6 مليار ريال (711.66 مليون دولار). ولفت إلى وجود أكثر من 140 شركة تركية تستثمر في السوق القطرية منها 16 شركة برأس مال تركي 100%، وباقي الشركات تستثمر بشراكة مع شركات قطرية في قطاعات مختلفة. وأعرب عن تطلع غرفة قطر إلى أن يستفيد القطاع الخاص من الفرص والمبادرات المتاحة بين الطرفين لتحقيق مزيد من التطور والنمو في التعاون والشراكة بين الشركات القطرية والتركية في سائر القطاعات.


الجزيرة
منذ 14 ساعات
- الجزيرة
هل يستطيع مارك كارني إنقاذ الاقتصاد الكندي؟
كالغاري- أعلن رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني مؤخرًا عن تشكيل حكومته الجديدة، وسط توقعات مرتفعة بشأن قدرته على قيادة الاقتصاد الكندي نحو التعافي، وتحقيق النمو والاستقرار، في ظل أزمات سياسية واقتصادية عميقة يعاني منها تاسع أكبر اقتصاد في العالم. وتترقب الأوساط الشعبية، ولا سيما بين المهاجرين الجدد، قدرة كارني على مواجهة هذه الأزمات وتحقيق ما وعد به خلال حملته الانتخابية. وبعد إعلان تشكيلته الوزارية، أوضح كارني أن حكومته تستند إلى فريق أساسي مكلّف بإدارة العلاقات مع الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن هذا الفريق يعمل على تنفيذ التغيير الذي يتطلع إليه الكنديون ويستحقونه، مع التزامه بطرح أفكار جديدة، وجذب الاستثمارات، وبناء اقتصاد مرن قادر على الصمود أمام الصدمات المستقبلية. رجل إدارة الأزمات وفي ما يتعلق بقدرة كارني على إنقاذ الاقتصاد الكندي، يرى الدكتور عاطف قبرصي، أستاذ الاقتصاد في جامعة مكماستر، أن كارني يمتلك سجلًا حافلًا في التعامل مع الأزمات الاقتصادية، ويملك دراية عميقة بمقومات الاقتصاد الكندي واحتياجاته، إضافة إلى شبكة علاقات واسعة مع الدول الأوروبية وغيرها، وهو ما يُعزز قدرته على تطوير علاقات تجارية خارجية تفيد الاقتصاد الكندي. لكن قبرصي نبّه، في تصريحاته للجزيرة نت، إلى أن فتح أسواق جديدة ليس مهمة سهلة، بل يتطلب موارد ضخمة، خاصة وأن كندا تفتقر إلى البنية التحتية الضرورية لهذا التوسع التجاري. كما أشار إلى التحديات الداخلية، وخصوصًا النزعات الانفصالية المتزايدة في مقاطعتي ألبرتا وكيبيك، التي ستشكل تحديًا سياسيًا إضافيًا لكارني. وكان كارني قد أعلن في أكثر من مناسبة عزمه على إزالة الحواجز التجارية بين المقاطعات، والحد من الاعتماد الاقتصادي على الولايات المتحدة، وتعزيز الانفتاح على الأسواق العالمية، مؤكدًا في تصريحات صحفية أن "العلاقة التقليدية بين كندا والولايات المتحدة قد انتهت"، حسب تعبيره. وفرضت الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة تعريفات جمركية بلغت 25% على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات الكندية، مما يُنذر بانخفاض صادرات كندا بنحو 15% بحلول عام 2026، بحسب تقديرات معهد "فريزر" الكندي. وقد يؤدي هذا الانخفاض إلى تراجع ثقة المستثمرين الأجانب بالسوق الكندية. دعم مشروط من الخبراء من جانبه، أيّد مدين سلمان، مستشار الأمن المالي، ما ذهب إليه قبرصي، مشيرًا إلى أن كارني، بصفته محافظًا سابقًا لبنك كندا ثم بنك إنجلترا، يمتلك خبرة مالية واسعة تؤهله لإدارة هذه المرحلة الحرجة. بيد أن سلمان شدد، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، على أن كارني لا يملك "عصًا سحرية" لحل التحديات المتراكمة، وأن نجاحه يعتمد بشكل أساسي على تعاون البرلمان الفدرالي والأحزاب السياسية، لتخطي الإرث الثقيل الذي خلفته حكومة جاستن ترودو. وتواجه كندا حزمة من التحديات الداخلية، أبرزها ارتفاع تكاليف المعيشة، وغلاء السكن، و تضخم الأسعار، وهي أزمات أسهمت بشكل مباشر في تراجع شعبية الحكومة السابقة، وفاقمت مشاعر الغضب الشعبي، مما يضع مسؤوليات جسيمة على عاتق حكومة كارني الجديدة، التي وعدت باستثمارات ضخمة في قطاع الإسكان، وخفض الإنفاق العام. تهدئة التوترات الداخلية وفيما يخص أولويات الحكومة الجديدة، شدد سلمان على ضرورة إعطاء الأولوية لحل الخلافات بين المقاطعات الكندية، وتقريب وجهات النظر، وإزالة القيود المفروضة على التجارة الداخلية، بالإضافة إلى أهمية تنفيذ مشاريع كبرى، مثل إنشاء خط أنابيب لنقل النفط والغاز بين ألبرتا وساسكاتشوان والساحلين الغربي والشرقي. كما أوصى بتنويع مصادر الاقتصاد، والتوسع في مجالات واعدة مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، داعيًا في الوقت ذاته إلى مراجعة بعض القوانين البيئية التي يرى أنها تعيق استغلال موارد البلاد بكفاءة. بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور زياد الغزالي، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، أن الشعب الكندي اليوم أكثر تماسكًا من أي وقت مضى، بسبب التهديدات الأميركية بضم كندا اقتصاديًا، وتصاعد وتيرة فرض الرسوم الجمركية، معتبرًا أن نتائج الانتخابات الفدرالية الأخيرة تعكس هذا التماسك. ورأى الغزالي أن كارني قادر على مواجهة التحديات، لما يمتلكه من خبرات اقتصادية، وحنكة سياسية مكّنته من استقطاب الناخبين، مستفيدًا من التخبط الأميركي في السياسات التجارية، واعدًا بتقوية علاقات كندا مع الاتحاد الأوروبي، والصين، وأسواق جديدة. انتقادات لرؤيته الاقتصادية من جهة أخرى، قدّم خبير الخدمات المالية والرهن العقاري، أحمد جاد الله، رؤية نقدية لمقاربة كارني، واعتبر أن خططه شديدة الطموح وتفتقر إلى الواقعية، وتشبه إلى حد كبير مقاربات رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو. وأشار جاد الله، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، إلى أن حل أزمة السكن لا يمكن أن يبدأ بإعلان نية بناء وحدات سكنية جديدة، بل يتطلب أولًا معالجة مشاكل أساسية، مثل نقص العمالة، وارتفاع أسعار المواد الخام، وزيادة الضرائب، وتعقيدات تراخيص البناء، والبيروقراطية المصاحبة لها. وأوضح جاد الله أن رؤية كارني لتنويع الشراكات التجارية تفتقر إلى خطة تنفيذية واضحة، وفريق عمل متخصص للترويج للمنتج الكندي في الخارج، كما أنها لا تتضمن آلية فعالة لتفعيل دور الملحقيات التجارية في السفارات، من أجل تقليل التبعية للسوق الأميركي. إعلان وأشار إلى غياب حوافز ملموسة لدعم المصنعين والمصدّرين، أو لجذب الكفاءات من الخارج، الأمر الذي قد يعزز من تسرب العقول إلى الولايات المتحدة. ووصف جاد الله رؤية كارني الاقتصادية بأنها "مَركبَة رياضية أنيقة، لكنها بلا عجلات"، موضحًا أن كارني، رغم مكانته الكبيرة في الأوساط المالية ودوره في احتواء أزمة 2008-2009، لا يملك الأدوات الكافية لإحداث تغيير نوعي في الوضع الراهن، خصوصًا أن المؤشرات الاقتصادية الحالية لا تبعث على التفاؤل. أرقام وتوقعات وبحسب تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى كندا بلغت في النصف الأول من عام 2024 نحو 28.2 مليار دولار أميركي، مقارنة بـ25.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023. ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو خلال عام 2025 بمعدل يتراوح بين 3% و5%، مدفوعًا بزيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة. انتظار شعبي مشوب بالحذر وفي المحصلة، يبدو أن الكنديين والمهاجرين الجدد يترقبون أداء حكومة مارك كارني في ظل ظروف استثنائية وتحديات غير مسبوقة. ورغم الإجماع النسبي على خبرته وقدراته القيادية، فإن تحقيق النجاح يتوقف على تهدئة التوترات الداخلية، والقدرة على التعامل مع الضغوط الأميركية، وبناء تحالفات إستراتيجية دولية. وستكون الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كان كارني سيحول وعوده إلى واقع ملموس، أم أن حجم التحديات سيتجاوز قدراته وطموحاته.