logo
"الأرشيف المضاد" في الإسكندرية.. فنون لحفظ ذاكرة يتهدّدها المحو

"الأرشيف المضاد" في الإسكندرية.. فنون لحفظ ذاكرة يتهدّدها المحو

العربي الجديدمنذ 10 ساعات

افتُتح أخيراً في مركز "بساريا للفنون" بمدينة الإسكندرية
معرض
جماعي متعدّد الوسائط بعنوان "الأرشيف المضاد"، ويستمر حتى 26 يونيو/ حزيران الجاري، ويشارك فيه الفنانون المصريون: أحمد ناجي دراز، وسارة الراجحي، وفريدة إيمان شرارة، ومحمد علام، ونادين علي، تحت إشراف القيّمة مروة بن حليم، وذلك في ختام برنامج إقامة فنية حملت الاسم نفسه واستمرت من 19 مارس/ آذار حتى 15 مايو/ أيار الماضيين.
أُطلقت الإقامة الفنية انطلاقاً من سؤال مركزي عن جدوى الأرشفة: "ماذا يعني ألا نجمع، وألا نوثق؟". تحوّل هذا التساؤل إلى مشروع بحثي وفني تناول الأرشيف باعتباره ممارسة نقدية وتفكيكية، وليس مجرد أداة للحفظ أو التجميع. وقد شمل المشروع لقاءات مع فنانين وفنانات محليّين في الإسكندرية، إضافة إلى جلسات نقاش وزيارات ميدانية، بهدف تبادل المعارف حول الأرشيف و
السرديات البديلة
.
يتضمن المعرض مخرجات شهرين من البحث والتجريب الفني، ويقدّم أعمالاً بوسائط متعددة تتناول ثيمات المحو، والزوال، والغياب، وتستند إلى المدينة موقعاً بحثياً وتجريبياً. يقدّم الفنانون قراءات بصرية ونقدية تتعامل مع الأرشيف مجالاً للصراع وإعادة التفاوض مع الذاكرة، حيث تتنوّع أدوات الفنانين الأربعة بين الصور الفوتوغرافية، والقُصاصات الصحافية، والفيديو، والتسجيلات المسموعة، وغيرها.
فنون
التحديثات الحية
صفية بن زقر.. ريشةٌ وثّقت التراث السعودي
كذلك يُبرز المعرض في بعض وجوهه، التأثير الرمزي لفقدان مكتبة الإسكندرية القديمة بكونها خلفية تاريخية، ويُظهر كيف أسهم هذا الفقد في إنتاج بيئة متنازع عليها معرفياً وثقافياً، خصوصاً في ظل محو التاريخ وتحوّلاته المستمرة. ويطرح المعرض ممارسات فنية تتعامل مع الحذف، والإخفاء، والتشويش، والرفض، كاستراتيجيات للتماس مع المعرفة من خارج سياقاتها المؤسسية. ويأتي المعرض ضمن برنامج إقامة "الأرشيف المضاد"، الذي يهدف إلى خلق منصة فنية للنقاش حول الأرشيف فعلاً سياسياً وجمالياً، وإعادة التفكير في بنيته ووظائفه المستقبلية.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فؤاد هاشم... عودة إلى الإزميل
فؤاد هاشم... عودة إلى الإزميل

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

فؤاد هاشم... عودة إلى الإزميل

موضوع الحلقة: فؤاد هاشم... عودة إلى الإزميل الضيف: فؤاد هاشم المحاور: إعداد وتقديم: سائد نجم الملخص في رحلة صباحية إلى العمل، قرر الكاتب السير على الأقدام لاستكشاف تفاصيل المدينة التي عادة ما يتجاهلها أثناء ركوبه الدراجة. استمتع بأصوات الشارع وحوارات الناس، ومرّ بمناطق هادئة وأخرى مزدحمة، مما أتاح له فرصة للتأمل في التغيرات التي طرأت على المدينة، مثل تحول المنازل القديمة إلى مطاعم ليلية. هذه التجربة جعلته يلتقط صورًا لجدران مغطاة بالملصقات الباهتة، مما أثار في نفسه شعورًا بالحنين والارتباط بالمكان. في مقابلة مع فؤاد هاشم، تحدث عن مسيرته في التصميم الجرافيكي التي بدأت في التسعينات، وكيف تطورت من العمل اليدوي إلى استخدام الكمبيوتر. أشار إلى محطات مهمة في مسيرته مثل العمل في مجلة الدوحة والعربي الجديد، وكيف أن هذه التجارب أثرت في تطوره المهني. كما تحدث عن انتقاله إلى العمل بالحرف اليدوية، خاصة مع الخشب، خلال فترة جائحة كورونا، حيث وجد في هذا العمل راحة نفسية وإبداعية بعيدة عن التكنولوجيا. تناول فؤاد هاشم أيضًا العلاقة بين الكتابة والفن التشكيلي، وكيف أن كل منهما يكمل الآخر في التعبير عن الأفكار والمشاعر. تحدث عن تجربته في الكتابة، خاصة عن فلسطين من خلال شخصية تاجر أرمني، وكيف أن هذا العمل يعكس تداخل الهويات والانتماءات. كما أشار إلى المشهد الثقافي والفني في بيروت، وكيف أن المدينة رغم كل التحديات لا تزال تحتفظ بسحرها وإصرارها على الإبداع والتجديد. النقاط الرئيسية - فؤاد هاشم هو مصمم جرافيكي وفنان تشكيلي لبناني بدأ مسيرته في التسعينات، حيث عمل في مطبعة عائلية قبل أن ينتقل إلى التصميم الجرافيكي باستخدام الكمبيوتر. - من أبرز المحطات في مسيرته المهنية كانت العمل في مجلة الدوحة في قطر من 2006 إلى 2013، حيث عمل مع عماد العبدالله وعزت الماحي، ثم عاد إلى بيروت للعمل مع العربي الجديد. - خلال فترة جائحة كورونا، بدأ فؤاد هاشم في تجربة العمل بالخشب، حيث وجد فيه راحة نفسية وبدأ في إنشاء أعمال فنية يدوية. - فؤاد هاشم يرى أن الحرف اليدوية والفن مرتبطان ببعضهما، حيث أن التفاصيل الصغيرة في العمل اليدوي تعطيه طابعاً فنياً لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليده. - فؤاد هاشم يكتب أيضاً نصوصاً أدبية، حيث بدأ الكتابة في عام 2016، ويعتبر الكتابة وسيلة للحفاظ على الذاكرة وتوثيق اللحظات والتجارب الشخصية. أسئلة وأجوبة كيف كانت انطلاقتك في مجال التصميم الجرافيكي؟ كانت الانطلاقة في أوائل التسعينات من خلال العمل في مطبعة عائلية، حيث كنت أساعد في صف الأحرف والقص والتلزيق وتركيب الماكاتات. بعد ذلك، دخلت مجال التصميم الجرافيكي كخبرة وليس كدراسة، وبدأت أتعلم استخدام الكمبيوتر تدريجياً. ما هي أبرز المحطات التي مررت بها في هذه المسيرة؟ أبرز المحطات كانت مشاريع التخرج للطلاب، حيث تعرفت على أفكار جديدة. ثم العمل في مجلة الدوحة في قطر عام 2006، حيث ساهمت في إعادة إصدارها. وأخيراً، العمل مع العربي الجديد في بيروت في مجال الإخراج الصحفي. كيف كان الانتقال من التصميم الجرافيكي إلى العمل بالإزميل والخشب؟ الانتقال كان تدريجياً، حيث بدأت بالرسم وشاركت في معارض مشتركة. خلال فترة كورونا، جربت العمل بمواد مختلفة ووجدت راحتي في الخشب، مما دفعني لفتح مشغل خاص بي. لماذا اخترت الخشب كوسيط؟ اخترت الخشب لأنه مادة تمنحني شعوراً بالراحة، كما أن رائحته وملمسه يضفيان شعوراً نفسياً مريحاً أثناء العمل به. كيف ترى العلاقة بين الكتابة والفن التشكيلي؟ هل يكمل أحدهما الآخر أم يهرب منه؟ أرى أن العلاقة بين الكتابة والفن التشكيلي تكاملية، حيث يمكن لكل منهما أن يضيف للآخر. في بعض الأحيان، يحتاج العمل الفني إلى نص يرافقه ليكمل معناه، والعكس صحيح. العربي الجديد بودكاست لا أعرف لماذا شعرت كأنني سلحفات تراقب خاصة قبل أن تبدأ بالتهامها عندما قررت أن أذهب سيراً على القدمين إلى عملي قبل الدوام بساعتين تركت السيارة والدراجتين الهوائية والنارية مركونا في أماكنها المعتادة ومشيت المسافة المفترضة بين البيت والعمل لا تتعدى الثلاثين دقيقة في الأحوال العادية في هذا اليوم الصيفي كانت الرطوبة منخفضة وشعرت بحاجة حقية إلى تحريك مفاصلي خرجت من زاروب الحي باتجاه زواريب أخرى وتعمدت للابتعاد عن الشوارع الرئيسية قدر المستطاع لم أضع سماعات الهاتف لأستمع إلى الموسيقى أردت التقاط أنغام الشارع ومن بينها أصوات بائعي الخضار وحوارات النساء فوق الشرفات والنداءات المتكررة لفتاة دليفري من أجل جلب أغراض من دكان القريب وضوضاء الأولاد الذين يلعبون في مداخل الأبنية أردت أن ألتهم ببطء كل صوت وكل مشهد وقعت عليه في الشوارع التي تعودت أن أمر بها مسرعا على دراجتي الهوائية أو النارية دون أن أعيره اهتماما لأي من تفاصيلها أخرج من منطقة رأس النبع سالكا تقاطع الصدق المزدحم لأغوص من جديد في زواريب قديمة لمنطقة الأشرفية حيث ارتفعت لافلة تقول حي زوطابة راسي المنطقة هادئة إلى حد ما بعكس محيطها يعود ذلك لأسباب عدة منها هجرت بعض أهاليها وتحول عددا من منازلها إلى مطاعم ليلية تتميز ببنائها القديم المزين للزخارف والقناطر كما يعلم بعضها قرميد أحمر مثل ذلك الذي اعتدنا أن نراه في المنازل الجمالية أو كتب الكراءة وهذه منازل يعود بنائها لفترات مختلفة من القرنين الماضيين وتنتمي إلى مدارس مختلفة في فن الهندسة المعمرية توقفت مرارا بالتقط صور لجدران غطتها التحالف والملصقات الممزقة ملصقات لحفلات غنائية وحملات انتخابية بهتت ألوانها مع الأيام وتمزقت فنمت فوقها أعلانات جديدة لغرف طلاب الأجار يجلسه أمام دكان شبه خالي أعتدت أن أشتري منه علبة دخان عند بروري السريعة خطر لي أن تجاعيد وجهه تشبه زواري بيروت وأن زاكرتها مثل زحمتها التي لا تنتهي فهو ينتظر من يلقي عليه التحية لينفيد عليه بأكثر منها ولا يقص أخبار زاروبه قبل الحرب وخلالها وقص أشياء كثيرة أخرى أكمل سيري البطيء تاريكا خلفي زواري بتنتظر أن يأتي ليبدل ما بقى منها بأبراج من الأسمنت وزجاج أتجه أحياء أخرى لها معالم مختلفة وحكايات أخرى وأنا مثل السحفات أكمل طريقي بينها دون أن أكتفي منها على أمل ألا أصل متأخرا إلى العمل اليوم حلقتنا في بودكاست فيه ما فيه مع فؤاد هاشم من بيروت صباح الخير أستاذ فؤاد صباح الخير ساد سنبدأ بتعريف مختصر للغاية لضيفنا مصمم جرافيكي وفنان تشكيلي وأخيرا خاض مغامرة العمل بالإزميل والخشب كيف حالك أستاذ فؤاد؟ الحمدلله ماسي الحال شو عامل هاي الأيام أستاذ فؤاد؟ بتزور لجنوب؟ بجنوب إيه بكرة طالع أنا موليد أنا من الجنوب بالأساس أنا النباتية قرية اسمها قروف بتسمع بالشهيد مهدي عامل؟ آه طبعا طبعا طيب من نفس القرية الي لفتني باهتماماتك والانشغلاتك أنت بتزاوج بين أكثر من شغلة ما بين صحيح المجال التصميمي الجرافيكي ما بين العودة لاستخدام الإزميل وكمان عندك يعني هناك كتابات في الكتابة وفي الرسم تماما فخليني أبلش معك هيك من البداية كيف كانت انطلاقتك في مجال التصميم الجرافيكي؟ كانت الانطلاقة بأول التسعينات في قصة من العائلة عندهم مطبعة الكمبيوتر ما كان بعده مبين كنت بالصيفية قبل التسعينات عم بحكي هلأ كنا بعدنا بالمدرسة بالصيفية روح اشتغل معهم بالمطبعة بصف الأحرف بالقص والتلزية والشفرة تركيب الماكاتات بس طريقة جدا بدئية وكنت مساعد مش أنه مصمم وقتها كنت معهم طفل وخلصت هالمدرسة وفت مجال التصميم الجرافيكي كخبرة مش كدراسة واكتشفنا الكمبيوتر بالكمبيوتر عملنا دورات خفيفة وفتنا بالمجال فكان ما كنا ماخدين بعد ايدنا على الكمبيوتر مظبوط وكان دمج بين الشغل اليدوي وشغل الكمبيوتر يعني أصلا من الشغل على الكمبيوتر وأصلا من الشغل على الطاولة بين الألم والشفرة والتلزية وكذا حتى اتخلينا عن الشغل اليدوي تقريبا 90% شما بيضل بحاجة الشغل عليه تحضر رسماتك تحضر تصميم أنا حتى وصلت بالآخر أنه الشغل كله على الكمبيوتر فهذي أخذت تقريبا شي 3-4 سنة هاي الفترة التسعينات تقريبا طيب شو أبرز المحطات اللي مرت فيها في هاي المسيرة؟ المحطة اللي قوتني هي مشاريع التخرج والطلاب خاصا طلاب الصحافة أو طلاب كليات الفنون هاي أول مرحلة اللي هي عملت التغير بتشوف الأفكار الجديدة كيف تبني عليها كيف بتساعد كيف بتشوف الصورة من غير واجه مش أنه بس من جهة السوق لأنه بالقصة من الشغل بداية الشغل تبعي كانت الأعمال التجارية الشركات بدهم يعملوا شعارات بدهم يعملوا لابل لألبيسي للمنتوجات الإيزائية بس ثم بمشاريع التخرج من الطلاب بتحول الشغل الصحافي أكتر وبلشت أفض فيها أكتر بالمجلات بالمنشورات البوسترز فهون بلشت التغير المحطة التانية الرئيسية هي مجلة الدوحة بقطر بال 2006 كانت صار لها وقفة يمكن شي 20 سنة المجلة وقرروا إعادة إصدارها للمجلة بعد شي 20 سنة يمكن 15 سنة فكنت وقت ما الله يرحمه عماد العبدالله الكاتب وضلينا وقتا من 2006 ل 2013 في قطر هونيك اشتغلت مع عماد العبدالله ومع عزات الأمحاوي ورجعت ع بيروت من بعدها وبلشت مع العربي الجديد من أصول الإخراج للصحيفة الورائية وفي محطات تانية هي الأعمال الفريلانس إذا بنا نعتبرها بيجيك مهرجان من هون في مهرجان أفلام وصائقية أغلفة كتب أو كتب من أول لآخر نشتغلها أو مجلات بتكون بتحضر التصميم الأساسي تبعها وبتسلمها لنعشرها وبكملها بس أهم 3 مراحل هي مشاريع التخرج مجالة الدوحة والعربي الجديد شو المعيار اللي كنت بناء عليها تمشي بالتصميم اللي كنت بتعمله بالعربي الجديد بالعربي الجديد هي الشغل الصحيف الروتيني ، بس انه يعودك على الالتزام بالوقت ، بالماكات اللي عم تشتغلها ، بعكس شغل المجلات ، شغل المجلات دايماً عم تخترع بس بالعربي الجديد بتتعرف على الشارية اليومية ، بتشوف كتاب بشكل يومي ، بتشوف مقالات بتضلك تقرأ غير المجل الشارية هلا انت كنت بتصميم الجرافيكي انتقلت من الورقة والقلم بعدين للشاشة وبعدين للازميل والخشب ، كيف صار هذا الانتقال؟ ادي فيها مراحل طويلة بينياتهم ، انا بالاساس وقت الجرافيكس كان دايماً ارسم اشياء خاصة لي ، اشياء عالطلب ، اشتركت بكذا معرض بالدوحة ، معرض مشترك يعني مش لحالي لـ 2019 قررت اعمل معرض منفرد ، عملت معرض تحت عنوان دواب لانه هو اول شي انرسم بالكهوف من زمان وانرسم بكل معابده ، والدواب شاركين البشر من اول ما طلعوا على حياة المدنية او قبل بشوي كمان فعملت هذا المعرض لـ 2019 قبل ما الكوكب يتحول بين كورونا والانهيارات وكذا ، على اساس اعمل معرض تاني وبتعرف اجواء المنطقة كيف تغيرت كلها فاتجل المعرض التاني ، فالرسم كان دايماً موجود اجت الكورونا وبلشنا نشتغل بين بيوتنا بالاونلاين ، هوني بلشت جرب اشي جديدة ، جربت بالحديد ، جربت بالخشب ، جربت بمواد تانية ، فلقيت حالي مرتاحة اكتر شي مع الخشب ، بالتعاطمة ، بالريحة ، بالملمس ، بالتشكيل ، بلشت باشي زليري فهاي كانت بداية الخشب بفترة الكورونا بقلب البيت ، لحتى خلصت الكورونا لقيت حالي انه عندي العدي من الازميل للمكانات اللي ممكن تستعمل بأي منجرة فكررت وقتها افتح مشغل ، وما سمي حالي نجار او اكتر ما انه حرفي ، لانه مش بس نجارة عم بشتغل ، عم بصنع اشياء ممكن تستخدمها بأيابات ، اشياء فنية ، اشياء للعرض ، وفتت بمجالة ترميم الاشياء العديمة ، الخشبية وهذا كله من خلال تجارب ، مش انه من خلال دراسة او اشي ليش اخترت الخشب كوسيط؟ الخشب ، طيب ، خبرتك انه مادة ريحتني ، حسيت انه فيها ، الريحة تاعتها لحالها ، انتو عم تشتغل فيها ، فيها شعور ، ما بعرف كيف بيتفسر ، بيعطيك الريحة نفسية اكتر شيء ، اشتغل بالخشب وريحتو للخشب فيه نوع معين من الخشب ، خشب زيتون او خشب؟ اجمالا حسب المنطقة اللي بكون فيها ، يعني مرات بطلع عالجنوب ، عالجنوب لبنان ، عنا فيه خشب الزيتون ، فيه اخشال ، خشب السرو موجود ، فيه كذا نوع خشب بالمنطقة في كل مكان في الضيعة بلاقي خشب انه بيخرج انه ينجب ، وما ازي فيه شجرة العايشة ، خاصة بوقت تنظيف الشجر او فرع خشب مش عايزينه ، مش لازم يكون بالشجر او شي فعندي اصدقاء بيشتغلوا بالزراعة والتحطيب ، فدايما بيعملوا لي هذا النوع من الخشب ، ايه بالزيتون ، فيه عندك خشب الحمضيات ، منه كتير عظيم خشب الحمضيات بس انه نيح بيطلع منه شغل ، وفيه اخشاب السرو كمان كويس للشغل بالاضافة انه مرات بيكون بغير مناطق في لبنان بيكون رايح زيارة عن حدا بلاقي خشب حمل ، هيك البداية كانت ، بس لما يكون فيه عندي اعمال بدي يكون فيه خشب كله بيشبه بعض ، بضطر انزل على السوق وجيب خشب من عند التجار مثل خشب الزين او خشب الجوز او السويدي ، هذا كله تعرفته مع الوقت ، كان بيسمع باسمائهم بس ما بعرفهم شو هنا وكنت احلم دائما بتلك العودة خطر ببالي وين عم نحكي عن الخشب ، وين بتنتهي الحرف اليدوية وين بيبدأ الفن ، هل يمكن الفصل بينهم اساسا؟ الحرف هي والفن مربوطين ببعض ، انا هذا برأيي ، لما بدك تنتهي بدك تصير صناعي ، مثل ما بقوله اصدقاء المصريين الصناعي يعني بتكون عندك واحد زي هالواحد بيساوي اتنين ، لما تعمل طاولة او خزانة او تخت او اي شي هذا صرت شغل صناعي ما صار شغل فني ، الشغل الفني بيكون بالتفاصيل تقول هذا العمل لما تشتغل على المسكة ، لما تشتغل على الطراف والجواب او اي تفصيل بهذه الاساس اللي عم نصنعوه هون هذا ما بينتهي ، هذا بيضلك تطور فيه ، يمكن تشتغلوا بمكانات كعربية ، يمكن تشتغلوا بمكانات يدوية بس ما بينتهي هذا المرة ، بعكس الشغل الكبير لانه له حدود ، فيه له قياس ستاندرت بدك تشتغل عليها مثلا متر بمتران ملتزم بقياس لوح الخشب ، فهذا له حدوده ، بعكس الاشياء التفاصيل الصغيرة اللي هي ما بتخلص بالمرة اللي بلشت فيه انا بوقت الحرفي كنت عم بشتغل المعالج ، فيها تكون للديكور وفيها تكون للاستخدام عملت ساعات للحيط ، عملت منافض لسيجارة ، لسيجارة ، هاي كل الأمور الصغيرة اللي ممكن تستخدمها بالبيت ، عملتها بطريقة فنية وطريقة تستخدمها مش انه بس انه عملنا منفضة وحطيناها على الطاولة ، لأ منظر ، يعني في عندي اشخاص اخذوا من عندي منافض ما بيستعملوها بس حبينا كمنظر ، ما بدهم ينسواها بالدخان كنت عمالي بتتبع مقابلة لك ، كنت تحكي عن أسباب انتقالك من العمل الجرافيكي للعمل بالحرفي ، انه هاي منطقة مستحيل الذكاء الاصطناعي يدخل فيها صحيح ، صحيح ، أول شيء صار لي من التسعينات بالكمبيوتر لحالة الـ 2025 تحس حالك تخلص الطابت من هاي الشاشة اللي قاعدة أمامها والماوس والكيبورد متعبين فلما اكتشفت الشغلة اليدوية ، هون ارتحت بيني وبين حالي عم بحكي هلأ ارتحت نفسياً هاي بغض النظر عن الانتاج اللي عم بيطلع شغلة تانية انه قاعد تشوف المكانات اللي عم بيشتغلوا فيها بالمواد الحرفية ، بالخشب أو الحديد أو أي شيء عم تعطي انه حدود باطحة للشغل ، يعني بتشوفها مثل ما أي قطعة بتشتغلي تشتغليها من أي ستور ببيع ديكورات فكله بيشبه بعضه هاي الشغلة المكانية ، بس لما يكون الشغلة اليدوية ما بيشبه بعضه لو كانوا انه عم تشتغلوا سلسلة من الشغل ، لا يوجد تشابه بالتفاصيل ، يوجد تشابه بالشكل الأساسي ، وهذه الشيء في نزل الشغل اليدوي ، لذلك من المستحيل أن يكون عليها الزكاة الإصطناعية ، هذه رأيي ، حتى الآن ، غدا لا لدي فكرة يقولون أن المصممين كائنات مزاجية بطبيعتهم ، هل توافق هذه الفكرة؟ لا ، أوافقك مئة واحد بالمئة فعلا ، كيف يترجم هذا المزاج في عملك؟ حسب الشخص الذي تعمل معه ، يوجد أشخاص يكونون مزاجين بالشغل ولكن يريدون أن ينتهي ، لذلك تسكت ، لا تقول أي شيء ، تنتهي شغله كما تريد ، ويظهر جميل أو ليس جميل ، ولكن يريدون أن ينتهي منه هناك شغل تحبه ، والزبون أو العميل الآخر الذي تعمل معه ، لا يوافقك بالرأي ، وبما أنك تحبه للشغل ، إما توقف الشغل ولا تريد أن تعمل معه لأنه لا يعمل بحسب زوقك أو يصبح هناك أخدوهات بطريقة مربية ، هذا اللون أو هذا الشكل أو هذا شيء حتى تصل إلى 70% من رأيك لأنك تحب هذا العمل هذا أصلاً المزاجية أو تتركه للشغل في المرة ، لا تريد الشغل لأنه لا يوافقك بعد أقل من شهر من المسير ، وصلنا إلى سيدة ، وفي الطريق كان أهالي القرى الساحلية يقدمون لنا المقوى والطعام ، مات بعض الأشخاص الذين ساروا معنا بسبب المرض أو الحزن كيف بدأت علاقتك مع الكلمة؟ كنص أدبي أو كنص شعري أو ما شابه؟ حسناً ، نصل إلى الشعر ، لدي أصدقاء كثيرين يكتبون شعر ، لم أعود لقراءة الشعر ، أحاول الآن لقراءة الشعر ، لم أعود لأسمع ، إذا أسمع شعر ، أستمتع به بصلبة ، لكن أن أجرب لقراءة الشعر ، أحاول سماعياً أكثر نعم ، نعم ، كقراءة منذ صغرنا حتى القراءة ، لأن والد كان أستاذ بالعربية ، وكان هناك كتب دائماً في المنزل ، ولم يكن هناك مواقع التواصل الإجتماعي ، ولم يكن هناك هذا الهاتف الذي نستخدمه ، لذلك كانت القراءة موجودة منذ صغرنا كقراءة ، لا ، نحن نبقى في القراءة لحظة ، لكن هناك دائماً روايات موجودة في الكتب ، لذلك كان لدينا مجموعة أحسان عبدالقدوس عندما كنت صغيراً ، وخلصتها جميعاً ، لا أعرف كم كانت هذا هو أول شخص قرأته ، ثم بدأنا نكتشف أن هناك غير كتاب ، خاصة بعد انتهاء الحرب الثانية ، بدأنا ندخل المكاتب ، تنزع معرض الكتاب ، مقالات بالشريط ، فهذه القراءة بدأت من هنا الكتابة جاءت كثيراً مؤخراً ، في عام 2016 أو 2017 ، لم أكن أجرب كتابة في المرة ، لذلك أردت أن أجرب ، كتبت مجموعة نزل بالعربي الجديد في ذلك الوقت ، مجموعة قصص قصيرة كثيراً كنت أكتب أشياء لمدة سنتين ، أشياء خاصة في بيروت ، أشياء خاصة في علاقتي بيني وبين حالي أو في الشارع ، فأي شيء تخطر عبالي ، أحاول أن أرسله ، أقوم بعمل منه قصة صغيرة ، هذا ما أريده ما الذي يدفعك للكتابة؟ أحافظ على الذاكرة في مطرح من المطارح ، يمكن أن تمرق قدامي منظر ، إذا صورته بعد أسبوع أو سنة ، هذه الصورة ليست قديمة ، ولكن عندما تكتبها وتفسرها لهذا المنظر ، يحافظ الكتابة على قيمته أكثر أحافظ على الذاكرة في مطرح من المطارح ، يمكن أن تمرق قدامي من المطارح ، إذا صورته بعد أسبوع أو سنة ، هذه الصورة ليست قديمة ، ولكن عندما تكتبها وتفسرها لهذا المنظر ، يحافظ الكتابة على قيمته أكثر لقد غابت عن ذهني تفاصيل كثيرة من تلك الرحلة ، كان اهتمامي منصباً حينها بالشكل الأولي على عائلتي في عنجر ، وكنت أريد أن أخبر أهلي هناك أنني ما زلت على قيد الحياة وأنني قادم إليهم ، لكنني كنت أريد أن أخبرهم أيضاً أنني أعيش ونزحت مرة أخرى وأنه شعباً آخراً شرداً من أرضه وطلق وعداً بالعودة إلى دياره وما زال يحلم بتلك العودة ، وأنه حمل السلاح ليحطمك حلماً كيف ترى العلاقة بين الكتابة والفن التشكيلي؟ هل يكمل أحدهم الآخر أم يهرب منه؟ أتخيل أن علاقتهم تشبه بعضها ، لأنه في بعض الأحيان العالم يعمل التشكيل ليس بحاجة لكي تكتب عنه في المرة لكنني وجدت أنه يجب أن يكون لديه رسمي في مقابلاته ، مثل صورة في أي مكان ، يجب أن يكون لها خبرية أو خبرية لصورة أو رسمية لقد استطعت أن أكمل المطارح مع بعضهم في النصوص التي كتبتها في هذه الفترة بين 2016 و2019 ، كل نص رسمته هناك أشياء رسمتها بقلم الرصاص ، وهناك أشياء رسمتها بقلم البيك الأربعة الألوان الشهير قبل الكتابة أم بعد؟ مع الكتابة مع الكتابة نعم ، كنت أكتب خبر رسمي ، كنت أكتب المسودة ، أرسم الرسمي ، أعود إلى المسودة وأكمل الكتابة كان هناك تشبك بينهم كنت كتبت أيضا عن فلسطين من خلال شخصية تاجر أرماني صحيح لماذا اخترت أرماني ليروي الحكاية الفلسطينية؟ في ذلك الوقت كان هناك مؤسسة تقوم بعمل أشياء خاصة بالفور كنا في المكتب الوطني في بيروت كان هناك قراءة كل أسبوع أو أسبوعين فقرروا أن يشاركوا بهذه المناسبة من خلال الكتابة وكان هناك مراجعة في المكتب مثل أي مكتب فكل الأشخاص الموجودين كانوا يريدون أن يكتبوا عن أطفال الحجارة يريدون أن يكتبوا عن حمامة السلام يريدون أن يكتبوا عن وسن الزيتون هذه المواضيع الجميلة لكنها دائما تحدث عنها صحيح لقيت قدامي كتاب يمكن تذكر اسمه عن سكة الحجاز وحيفا للكاتب والباحث جوني منصور فقلت لهم بكرة أرد عليكم إذا أكتب أم لا لكن سأأخذ هذا الكتاب معي كمراجعة أخذت الكتاب وتقريت فيه شفاف لا أعرف من أين أتي الأرماني لكن سأأت أن المجازر الأرمانية لم تحدث قبل 30 أو 40 سنة قبل النكبة في فلسطين والأرمان كانوا موجودين بكرة أرد عليكم هذا منطقة في لبنان منها منطقة البكاء التي هي قريبة للشام ، لديمشق ، لا أعرف من أين جاء هذا الشخص الأرماني على رأسي ليس لدي علاقة أخي بالمرة ، لا أصلت قرابة ولا جيرة ، لا أعرف من العادة الواطنة ، لا أعرف من أين جاء وقررت أن أضع في هذه القصة أن هذا الشخص الآن بين نكبتان النجبة الأرمانية والنجبة الفلسطينية عمل رحلة بالقطار ، رأى حيث كان يتاجر بمنتجات بلدية وكذا ، ورجع هرب بفترة النجبة مع فلسطينيين كأنه خلطت بين النكبتان وعاش التجربة مرة أخرى ولكن من أين جاء هذا الشخص لا أعرف حتى أنه منذ 2019 أو 2020 كتب هذا المادة ولكن لا أعرف تقول لم أعد أعرف إن كنت نازحا من أرمينيا أو من فلسطين كيف توصف هذا الشعور بالتداخل في الهويات والانتماءات؟ فعلا نزح واحد بس هو بما أنه كان نازح من أرمينيا صار له بين 30 وال40 سنة بمنطقة عنجار في لبنان بدأ يتأقلم ويندمج في المكان الذي بدأ يعتبره 10% وطناً لا أعرف حاله إذا سيرجع إلى أرمينيا أم لا وفي نفس الوقت يعمل في التجارة بين لبنان وفلسطين فهنصر لديه نوع من الضياع أنه أنا إلى أين أنتمي؟ إلى لبنان إلى أرمينيا إلى هذا البلد الذي أعمل فيه التي تعرضت للإبطهاد مثل أهل البلد الأصليين فهنصر لديه حال في الضياع لا أعرف حاله وين موجود وإلى أين أنتمي؟ إلى أي قضية أنتمي؟ أتخيل هذا الضياع الموجود فيه وكلنا عايشين فيه مثل لما نزحنا من الجنوب للإجتياح والحروب الداخلية فما تعرف حالك إذا منتمي إلى الجنوب أو إلى بيروت مع أنها مناطق صغيرة قريبة لبعضها بس بيصير عندك ضياع بالانتماء في المطارح خاصة لما تكون بعمر صغير موسيقى عندما عشقت بيروت وكرهته وفي اللحظات التي أكون فيها خارج الأماكن أشعر بأنني في نعم طويل وأرى الكثير من أحلام اليقظة والقليل من الزاكرة ربما تكون هذه صورة عباسية عن تعلكي أو وشكي وكرهي لبيروت في كل مرة أحاول الابتعاد عنها وأجد نفسي بين زواربها وأرسفتها وأشرب قهوتي مع شمسها وأختبر الفوضى فيها ولكن موسيقى صار واحدة من الاعتداءات الإسرائيلية وأنت متواجد في الجنوب نعم عندما كنا صغار كنا مقيمين في الجنوب في فترة 1984 بعد الاشتياح في فترة الاشتياح حصل في 1982 بعد الاشتياح في فترة طلعنا إلى الجنوب وظلنا فترة فأول اعتداء رأيناه كان مسافة سفر تقريبا اعتداء جسدي على أشخاص من الشباب في الضاعة كانوا يأخذونهم على مؤتمر الأنصار هذا شبه يومي هذا الاعتداء العادي شبه يومي رجع مقابل قريتنا في جبل صافي منطقة عرب صالين وكذا شبه يومي كان فيه ضرب شبه يومي كان فيه تمشيت للجبل عشان المقاومة كانت تطلع على المواقع الإسرائيلية وشي فشبه تمشيت كان فيه قصص فمطرح من المطارح انه تعودنا على الصوت على المنظر وعلى صوت الزمناني حسب ما بيسموه في فلسطين نحنا نسميها في لبنان ام كامل ام كامل فيومي كنا نسمعه على الصوت هذا بالألفين من وقت التحرير راح هذا الصوت طلعنا فترة انه ما ننام بسهولة لانه هذا الصوت مش موجود انه فيه شي مختلف بالجو الصوت اللي كنا معودين عليه وكضربة مباشرة بحرب ال 2006 كان بيتي قريب للمطار بيروت كان بيتي بالضحية الجنوبية اول ضربة اجت على المطار بيانت عندي من البلكون ووقت ابني كان عمره سنة فما عرفت حالي كيف اول مرة كنت بحس بالخوف عنجد لانه عندي اشخاص مسؤولة عنهم فما بعرف حالي كيف ضبطت اغراض وحربت من البيت ما بتذكر السرعة والوقت كيف صرت بالسيارة وصرت برات المنطقة هادي كانت اكتر مرحلة مرة مرعبة بالحرب اللي عايشوها او الحروب اللي عايشينا هي لما عيشت الضربة بالمطار وفي الحرب الاخيرة الحرب الاخيرة كنت قريب قاعد انا بمنطقة قريبة للضحية الجنوبية ف طول الوقت عم شوف الضرب وعم بسمعه وعم بسمع صوت الطيران بس كأنك عم تحضره عن شاشة كبيرة ما فيك تعمل شي بس عم تحضر عم تشوف عم تسمع الصوت بتحس حالك مسلول ما قدر تتصرف ما قدر تعمل شي ما قدر تساعد هذا شعور جدا بسيع اليوم يعني للمصادفة عماني بقول وبحكي معك وبتمر الذكرى الـ 25 على اقتحام اهالي جنوب لبنان سجن الخيام الاسرائيل الحصين والشهير وخلي عبوة بالسجن وتحرير ابناءهم عن ذكرى تقبيها دفعة واحدة شو بتستذكر من هذيك اللحظات؟ هذيك اللحظات لما سمعنا بخبرية انو نصاحب الجيش الاسرائيلي واتحرر الجنوب تاني يوم الصبح كنا على الحدود يعني الاسرائيليين ما كانوا ظاهرين من كلنا كانوا بعضهم عم بيسكروا السياج وكذا نحنا كنا بمنطقة العديسة ومنطقة المتجبل انا وشوية اصدقاء الشعور رائع كان فيه زحمة سير كان فيه عالم طالع اهالي الكرة اللي ما بيعرفوا كرةهم بـ 78 شان فيه كرة بالبنان احتلت قبل 72 فيه ناس ما بيعرفوا كرةهم بصلوا على كرةهم كانت زحمة السير يمكن اخذت معنا منها بطيئة للحدود شي 6 ساعات بالسيارة اللي هي مسافة منها المسافة اللي بقي كانت شي 10 كيلو متر او 15 كيلو متر فقضينا قضيت يومين على الحدود بس هيك عم بتفرج على الكرة اللي تحررت على الحدود عم بشوف فلسطين كيف شكلها كنت اول مرة بشوف كيف شكلها حلوة هي مثل الزنود يعني فالشعور بعدها الصورة موجودة هلأ ابراهيم ما بتروح في واحد من نصوصك كتبت عن سلحفا تكتشف اصرار المدينة شو اللي بتشوف اليوم في بيروت وشو اللي لسه ما شفته بعد بيروت يومية بتتغير يعني من اول وعي لهلأ بنعمل لها عمليات تجميل فاشلة بس بيضل بيروت مثل ما هي ، هاي العجقة ، الطلعات ، النزلات مرات بتحبها ، مرات بتكرهها بس بيضل لك حنين لقلة ، يعني مرات بطلع يومين ، ثلاثة على الجنوب وخلص بدي أرجع نزلع بيروت بشرف منجن قهوة على الكورنيش أو بأي قهوة بيروت أو شرف الأصحاب بس بتضلها متل ما هي رغم التغيير الاسمنت اللي عم بيزيد فيها بمطارح أو نوع العالم اللي موجودين فيها عم بيتغير بشكل دائم بس بتضلها متل ما هي ، بتضلها هي بيروت فينا نشبهها لحدا عم بيعمل عمليات تجميل يمكن لو ضلت تجعيد الموجودة بدون عمليات تجميل كانت بتضلها أجمل أنه عمليات تجميل التنفيخ والأشياء عم بتبشعها أكتر هاي كشكل بس كناسة وكالناس اللي فيها وكالسحر اللي موجود فيها بيروت هذا ما بيتغير الفوضى تعيدها الفوضى تعيد بيروت بتضلها موجودة رغم التغيير أو الحادثة بين هلالين وكيف بتلاقي المشهد الثقافي والفني في بيروت اليوم؟ هل ما زال هناك مكان للفن وسط كل اللي بتمويل في المدينة؟ المشهد الفني آخر سنتين فيه نصات أكتر من الأول فيه جاليريز دايماً فيه فنانين عم بيجوا من بره ومن داخل لبنان عم بيصير دايماً معارض دايماً فيه افتحات المسرح عم بيتحرك دايماً فيه تجارب حلوة فيه تجارب مش حلوة بس أنه هالتجارب دايماً موجودة طبيعي أنه يكون فيه شي حلو وشي مش حلو بس أنه هاي دايماً موجودة التجارب هاي بالنسبة للمشهد الفني بالنسبة للمشهد الثقافي نزلت من يومين على معرض الكتاب ما بيشبه معرض الكتاب القديمة كان دايماً عجأة كان فيه عالم فيه ستندات أكتر فيه دور كتب دور نشر أكتر بس أنه نعمل عشان السنة الماضية مرنا نعمل بسبب الحرب التأخر فالجيد أنه نعمل بس بتحسوا شوي فقير بتحسوا نقص فيه شي اللافت في الموضوع بأنه برغم كل النكبات هناك إصرار دائم على الرسم على الحكي شو اللي بيخلي هذا الإصرار ممكن ووين بتلاقي أنت هذا النور؟ إذا تتذكر أول ما بلاشنا حديث أنه في ضياع بس نفس الوقت فيه أمل العالم بتحس أنه عندهم أمل فبتخيل هيدا قسم منه أنه حدا عم بيعمل كتاب شعر حدا عم بيعمل رواية حدا عم بيعمل دراسة حدا عم بيعمل معرض للوحات أو عم بيعملوا مسرحية غنائية أو مسرحية كوميدية أو أي شي هيدا نوع من الأمل أنه نحنا بقعدنا موجودين ونحنا منضلنا نجرب وعنا أمل أنه نوصل بوجه كل الأشياء اللي عم بتصير بعكس هذا الشي فؤاد هاشم يعني بتمنى لو الحديث معك ما ينتهيش عن كل هاي المحطات وعن كل هاي التفاصيل وعن هاي التجربة اللافتة والمتداخلة والمتنوعة والغنية فشكراً إلك شكراً شكراً إلك بتمنى لك النجاح الدين تسلم تسلم

من نافذتها
من نافذتها

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

من نافذتها

لم يكن هناك سوى ولد واحد في المرآب الفارغ يوم الأحد. كان يقوم بتنطيط طابة على ظاهر قدمه، سرعان ما أفلتت منه وتدحرجت فوق الأرض الباطونية التي بدت مبقّعة ببرك صغيرة من مياه المطر، فاضت عن قدرتها على التشرّب. يجري الولد خلف الكرة البيضاء غير مكترث برذاذ المياه المُتطاير حين كان يركل الكرة. ترتطم الطابة بالحائط البعيد محدثةً دوّياً قوياً يرجّ سكون يوم العطلة. لا يكفّ عن ذلك. يعيد إرسالها بقوّة مرّة بعد مرّة، راقصاً بعد كلّ ارتطام بالجدار، وهو يرفع ذراعيه إلى فوق كما يفعل لاعبو أميركا اللاتينية حين يسجلون هدفاً. يلعب الفتى لوحده، في حين كان ضوء النهار الشتوي القصير يولي بسرعة كبيرة تحت سماء رمادية تعد بعاصفة. سرعان ما يسود الظلام الدامس. تبقى هي واقفة هكذا، شاخصة من نافذتها المطلّة على المرآب إلى الخارج. لكنها لم تعد تميّز الصبي الذي كانت تراقبه إلا من بياض الكرة التي كان يمسك بها وهو يتجه متهادياً إلى مخرج المرآب الفارغ بعد أن كفّ عن اللعب. لا قمر في السماء ولا كهرباء على الأرض. صمتٌ تام يرخي بثقله، كما لو كان الكون يمسك أنفاسه متقدّماً في الظلمة، كغير الواثق من خطواته. العتمة دامسة مع أننا في مستهل المساء. أما المولّدات الخاصة للكهرباء، بديل البنية التحتية للدولة المنهارة، فلن تشتغل قبل ساعة على الأقل. إنّها مضاعفات تبديل توقيت الساعة بين فصلي الشتاء والصيف... طالما هناك بصيص نور في السماء لا تشتغل الموتورات. ابتسامة ساخرة تلوي فمها وهي تفكّر: "يا له من إجراء غبي". لا تحيد ببصرها عن الولد حتى يختفي. ربما هو يسكن في تلك البناية عند المنعطف إلى الشارع الرئيسي. في الصيف الماضي، تتذكّر أنهم كانوا فريقاً من سبعة أولاد. كانوا يزعجونها بضجيجهم وهم يلهون في المرآب الفارغ أسفل منزلها. في الحقيقة، هناك أكثر من مرآب يحيط بالمبنى الذي تسكنه. هناك ثلاثة منها، تكتظ جميعها ومنذ ساعات الصباح الأولى بسيارات الجنود وأهاليهم الآتين من قراهم إلى هنا من أجل معاملات المساعدات المرضية. يخرج بعضهم ليحلّ بعضهم الآخر مكانهم بسرعة. لا أحد يدقّق في هُويّة الوافدين، على الرغم من أن المرآب يقع داخل مربع أمني تُحيط به الحواجز العسكرية. المرآب تحت بيتها هو الأوّل الذي يتم إقفاله أمام السيارات عند حلول العصر. ربما لكونه ملاصقاً للثكنة وبالتالي ممنوع استخدامه ليلاً لدواع أمنية. تفكّر: من المفروض أنّ مرائب السيارات سهلة الاختراق أمنياً، ومراقبتها لا شكّ صعبة خصوصاً مع "فالس" السيارات الداخلة والخارجة سحابة النهار، فكيف لمربّع أمني أن يسمح بوجود تلك المرائب الثلاثة المجاورة لمستشفى عسكري وثكنة وسكن الأطباء وتعاونية للجيش؟ لا تفهم. صمتٌ تام يرخي بثقله، كما لو كان الكون يمسك أنفاسه متقدّماً في الظلمة ثم تسخر من تفكيرها: البلاد كلّها مخترقة، الناس والهواتف والمؤسسات والأحزاب وشبكات الاتصالات، والسماء والأرض، والبحر والبر، فما الفرق؟ صحيح أنّ انفجاراً إرهابياً قد يحدث هنا تحت أنفها، وقد تموت هي وجيرانها، لكن ما هو الآمن في البلاد كلّها؟ أين المفر من الخطر؟ ربما السفر. بلاد أخرى؟ أصلًا الكوكب كلّه يحترق. "ممنوع" يقول حارس المرآب لصاحب السيارة الغريب عن المنطقة والذي أراد أن يركن سيارته هنا كلّ الليل. أصبح المرآب الفسحة الوحيدة الفارغة في حي مُكتظ بالبارات والمقاهي ليلاً نهاراً. ولهذا تحديداً، كان يتحوّل في العطل والأمسيات المبكّرة الى ملعب للأولاد ومنتزه لأصحاب الكلاب من الجيران. هي بنفسها كانت تقصده أحياناً لتجوال طفل صديقتها في عربته حين تزورها. تتمشيان في دوائر وهما تتحدثان، والطفل الذي بدأ المشي للتو يتدرّب وهو يطارد قطّة صغيرة. تتذكّر أنّه من هذا المرآب ذات يوم عطلة، التقطت أربع قطط رضيعة انتزعت للتو عن أمها. كانت الصغيرات تموء بشكل موجع. سمعت من بيتها ذلك المواء: خليط من جوع وخوف. قال لها الجندي المولج بحراسة المربع الأمني إنّ شخصاً أتى مبكراً ورماها هنا في تلك الكرتونة الصغيرة. وقال إنّ الرجل عاد وركب سيارته بسرعة قبل أن يُتاح له أن يشاهد ما في داخل الكرتونة. وأردف مستاءً "ابن الحرام". تفكّر أنّ الجندي لم يخطر بباله أنّها قد تكون قنبلة. كانت تنتظر الأحد لتنعم بقليل من الهدوء في هذا الحي المرتفع الضجيج، فكانت تصبر على تصايح فريق الأولاد ساعة من الزمن وهم يتدافعون للفوز بالطابة. كانت تقول في نفسها: حرام، لا مكان للّهو في شققهم الضيّقة على رغبة أجسادهم المترعة بالطاقة، والتي تتوق للتفلّت والانطلاق. لكنها كانت تسمع نفسها تصيح بهم بعد أن تكون قد قرّرت الصبر. كان صوتها كما لو كان ينطلق لوحده بشيء من نفاد القدرة على التحمّل، تصيح بهم من نافذتها أن يهدأوا قليلاً، فيتضاحكون ويهدأون ويعتذرون بتهذيب "أوكي تانت sorry"، يقول أكبرهم. تندم لتوبيخهم فتعود لترجوهم بلطف يشبه الاعتذار أن يكملوا لعبهم لكن من دون صراخ. يكملون قليلاً قبل أن يسأموا من افتعال الهدوء، ثم يغادروا لحلول الليل. اليوم، عند المساء الأوّل من حلول الشتاء، لم يكن هناك من بينهم في المرآب الفارغ إلا ولد واحد، لم يُسمع له صوت. كان ينطّط الكرة فوق ظاهر قدمه بما يشبه الضجر، ثم رحل. البقية هاجروا.

استعدوا للصدمة: «بلزاك» يكتشف خبايا الرقمنة
استعدوا للصدمة: «بلزاك» يكتشف خبايا الرقمنة

القدس العربي

timeمنذ 4 ساعات

  • القدس العربي

استعدوا للصدمة: «بلزاك» يكتشف خبايا الرقمنة

«ما أشبه اليوم بالبارحة»، عبارة مألوفة متداولة على الألسنة، كثيرًا ما تطلق على مواقف عدَّة، سواء أكان الغرض من إطلاقها واقعياً أم ساخراً، وذلك إن دلّ على شيء فإنه دليل دامغ بأن للحقيقة وجهين، أحدهما مؤلم والآخر يثير الضحك والسخرية. لكن في كلتا الحالتين، الضحية التي نحزن عليها أو نسخر منها هي البشر الذين هم في حقيقة الأمر مرآة واقعية لما نمر به من أحداث متشابكة وغير منطقية إلى حد كبير، تعكس قانون الطبيعة الذي انبثق منه القانون الوضعي. فعلى سبيل المثال، يُلاحظ أن المظلوم هو من يقع في المشكلات، لكن الطمَّاع والجشع والمؤذي لا يصيبه سوى أبهى الحظوظ، ويرفل في حياة رغدة. وعبَّر عن تلك المُفارقة المؤلمة التي تثير السخرية الكاتب الفرنسي «أونوريه دي بلزاك» Honoré de Balzac بأسلوبٍ أيضًا مؤلم وساخر، حين صرَّح: «القوانين تضاهي شبكة العنكبوت التي تسمح للحشرات الكبيرة أن تمر عبرها، في حين أنها تصطاد الحشرات الصغيرة»، وهذا دليل من أحد روَّاد الكتابة الواقعية الفجَّة بأن العالم لا يتهاون مع البسطاء. وبإمعان النظر في صيرورة أحداث الكون، يلاحظ تكرار المواقف والأحداث عبر الأزمنة بنفس التفاصيل، وإن اختلفت الظروف والأحداث. وهذا يؤكِّد نظرية أن التاريخ يعيد نفسه، وكما عبَّر الفيلسوف الفرنسي «ميشيل فوكو» Michelle Foucault، فالحقب التاريخية أشبه بحلقات الزنبرك؛ متشابهة ومتصلة وتسير في إطار لا نهائي. وأغرب من هذا كله معرفة أن ما نمر به حاليًا في عصرنا الرقمي من أحداث وتغيُّرات مجتمعية متسارعة قد حدث بالفعل منذ ما يربو قليلًا على مئتي عام، وبالتحديد في نهاية القرن الثامن عشر الذي شهد البداية الحقيقية للثورة الصناعية الأولى وينطبق على ثورة الرقمنة التي تعدّ بداية لأسلوب حياة شديد التطوُّر وغير مسبوق. واستطاع الكاتب الفرنسي «أونوريه دي بلزاك» Honoré de Balzac (1799- 1850) أن يرسم ببراعة وواقعية ملامح ذاك العصر في رائعته «الأب جوريو» Père Goriot (1835)، التي تناقش ما مرّ به المجتمع الفرنسي من تغييرات جوهرية، بداية من حقبة سقوط حكم نابليون إلى أن اعتلى «آل بوربون» عرش البلاد، وسمِّيت حقبة إحكام قبضتهم على مقاليد السلطة بـ «عصر الاستعادة البوربوني» The Bourbon Restoration (1814-1830). وبالرغم من أن «بلزاك» لا يعتزم أن يكتب رواية تاريخية أو يتناول التدوين لحقبة عينها، لكنه وجد أن الخلفية التاريخية محور أساسي يشرح سير الأحداث وأسباب التغييرات الجوهرية التي انبلجت في المجتمع الفرنسي. ومن ثمَّ، عمل «بلزاك» على سبر أغوار الأحداث التي صاغت المجتمع الفرنسي بوجه عام، وكانت السبب في تبدُّل قناعات الأفراد، بوجه خاص. وعلى هذا، كانت وجهته الأولى شرح الثورة الفرنسية وتأثيرها على المجتمع، وكيف أفضت إلى تكوين الجمهورية الأولى، والتي منها صعد نجم «نابليون بونابرت»، الذي استطاع تكوين إمبراطوريته الكاسحة التي أقصت «آل بوربون» بعيدًا عن عرش البلاد، والتي بعد سقوط «نابليون»، استعاد «آل بوربون» الحكم وشهدت حقبتهم ما نشأ في المجتمع من حراك من جرَّاء التوتّرات المحتدمة التصاعد بين الطبقة الارستقراطية التي استعادت مكانتها مع تسلم «لويس الثامن عشر» مقاليد السُّلطة، والطبقة البرجوازية التي أفرزتها الثورة الصناعية الأولى؛ فبالرغم من امتلاك كلتا الفرقتين الأموال الطائلة، فإن الطبقة البرجوازية لا تسطيع أن تضاهي النموذج الأخلاقي المتأنِّق الخاص بالطبقة الأرستقراطية. وبينما تتصارع الطبقتان البورجوازية والأرستقراطية، كان عموم الشعب يعيش على أرض الواقع الأليم، ويعاني من فقر مدقع وتجاوزات تأتي على كرامتهم وأمنهم الشخصي، وخاصة في أكثر مدينة ازدحامًا في أوروبا في ذاك الوقت. فكان أجر الفرد الفرنسي العادي أقل من حدّ الفقر. ومن ثمَّ، أضحى الشغل الشاغل لأي فرد، وخاصة الناشئين، هو إيجاد وسيلة للصعود للطبقة البرجوازية، حتى ولو كان ذلك يتطلَّب التنصل من ماضيهم ومن جميع قناعاتهم الأخلاقية الصالحة. وشهدت البلاد على إثر ذلك فوضى أخلاقية عارمة، وقدَّمت الطبقات الفقيرة العديد من التنازلات لصعود السلَّم الاجتماعي من أجل مضاهاة منزلة الطبقات البورجوازية، في حين أنَّ الطبقة الأرستقراطية كانت تراقبهما بغضب شديد. وقصد «بلزاك» من تصوير ذاك المشهد التاريخي كخلفية للأحداث هو التشديد على أن المجتمع الفرنسي خلال هذا الوقت كان يدور في فلك نظام طبقي صارم، لا يعتبر إلَّا من يماريه المكانة الاجتماعية والثروة. كانت قوَّة «بلزاك» وتأثيره الشديد على المجتمع تتأتى من قدرته على تصوير أحداث واقعية، تحض الفرد على التماهي مع الأحداث والشخصيات، لدرجة الإيمان العميق بأنه رأى أو سمع نفس الحكاية من آخرين. وبراعة «بلزاك» جعلته من القوَّة لأن يصعد لمصاف كبار الأدباء ذوي التأثير النافذ. وبناء على ما شهده في مجتمعه، كان يردد: «القوة لا تتكشف بالضرب بقوة أو بشكل متكرر، بل بالضرب الحقيقي». وبالنسبة لـ «بلزاك» كانت قوَّته تكمن في الواقعية الدقيقة في الكتابة، وكذلك في استخدامه للرمزية المناسبة التي تسهِّل على القارئ فهم الأفكار التي يسوقها ووجهات نظره. وتدور أحداث رواية «الأب جوريو» Père Goriot في باريس عام 1819، حينما كانت رمزًا للحرِّية والتقدُّم والرقي في أوروبا. وتنصب أحداث الرواية على ثلاث شخصيات: العجوز الخرف «الأب جوريو»، والشاب القروي طالب كلية الحقوق الذي يحاول أن يشق طريقه في حياة المدينة الصاخبة «راستينياك»، والمجرم الغامض الذي يعيش في الظلّ «فوترين». وبالرغم من تباين مراكزهم الاجتماعية وتوجهاتهم، يعيش هؤلاء مع آخرين في مبنى سكني مؤلَّف من ثلاثة طوابق؛ الطابق الأوَّل يقطنه الميسورون الذين يعيشون في شقق فخمة، والثَّاني تعيش فيه الأسر متوسطة الحال، وأمَّا الثالث فهو مخصص للفقراء ويتألَّف من حجرات فقيرة، متهالكة الأثاث. والمبنى يرمز للمجتمع الفرنسي حينذاك الذي يتألَّف من طبقة الأثرياء، والطبقة المتوسطة، وطبقة الفقراء؛ بالرغم من تباين مواقفهم وخلفياتهم الاجتماعية والشخصية، وإن كان القاسم المشترك فيما بينهم الفقر الذي ساوى بينهم. في بادئ الأمر، عندما انتقل «الأب جوريو» للسكن في تلك البناية، استقبلته المالكة بترحاب شديد، وكان حينها أحد سكَّان الدور الأرضي الميسورين. «الأب جوريو» كان تاجرًا، وبفضل عمله الدؤوب كوَّن ثروة وارتقى للطبقة البرجوازية. ولرغبته في تثبيت أقدام بنتيه في الطبقة الميسورة، زوجهما من رجلين ينتميان للطبقة الرَّاقية، وأخذ يغدق عليهما الأموال إلى أن امتلك القليل الذي بالكاد يكفيه. ولذلك، انتقل للعيش في الطابق الثالث الفقير بجوار الطالب «راستينياك» والمجرم «فوترين». وبدلًا من تقدير شخصيته المعطاءة المتدفِّقة بالحب والتسامح، أغلق زوجا ابنتيه أبواب منزلهما أمامه، بعد أنّ كان محل ترحاب، عندما كان يغدقهما بالأموال. وكذلك، حرما على بنتيه زيارة والدهما. وفي الحقيقة، كانت ردَّة فعل البنتين أقوى من موقف زوجيهما؛ فلقد انغمستا في حياة باريسية من اللهو والمظاهر، بل وأصبح لكل واحدة منهما عشيق، وامتنعتا عن زيارة والدهما المريض العجوز، وتركتاه يعاني الوحدة والآلام دون ونيس. لكنهما كانتا لا تقصدانه إلا عند الحاجة إلى المال. وقسوة الزمان على «الأب جوريو» امتدت للآخرين؛ فصاحبة المنزل أصبحت تعامله بضيق وغلظة عندما انتقل للعيش في الطابق الثالث، وأصبح محل سخرية الجيران الذين أشاعوا أنه بدد ثروته على عشيقاته، بسبب مشاهدة سيدات من الطبقة الراقية يعودانه من حين لآخر، دون أن يعلموا أنهما بنتاه. حتى عند موته، لم يحضر الجنازة سوى جاره «راستنياك» واثنين من مأجورين من مكتب الجنازات. وأمَّا بنتاه، فأرسلتا خادماً معه شعار العائلة، ولم تحضرا الجنازة. وأمَّا «راستنياك» فهو نموذج للشاب الطموح القادم من بيئة فقيرة، ومستعد للقيام بأي شيء كي يرتقي بمرتبته الاجتماعية. وبسبب أن المجتمع الباريسي لا يرتقي فيه الفرد إلَّا من خلال قوَّة علاقاته الاجتماعية، نبذ «راستنياك» القيم والأخلاق الأصيلة، وأصبح يقدِّم تنازلات كثيرة حتى يصير مقبولًا لدى الطبقات الثرية. ولم يجد غضاضة في خداع أسرته الفقيرة المُعدمة عند طلب أموال؛ لكي ينفقها على صديقته وعلى عشيقته. وكذلك، خدع الفتاة التي أحبها، وكان على استعداد للاشتراك مع المجرم «فوترين» في خطة لقتل أخيها؛ لأنه العقبة أمام حصولها على ثروة طائلة إذا تزوَّجها. وفي الوقت نفسه، احترف حيلة العشيق للحصول على المال، وكان أوَّل من خدعه ابنة صديقه «الأب جوريو» الذي كان يكن له الحب والاحترام. والمجتمع الباريسي ذاك يضاهي تمامًا ما يحدث في العالم الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث قيمة الشخص لا تحددها جودة منشوراته، بل عدد الأصدقاء والمتابعين وعلامات الإعجاب وتداول المنشور؛ بغض النظر عن طبيعة المحتوى، مع ملاحظة أن المحتوى الرديء يحصد الإعجاب والشهرة والمكاسب. وأمَّا حتمية الانتماء للطبقات الراقية الثرية حتى ينال الفرد الاحترام، فإن الإنستغرام، على رأس وسائل التواصل الأخرى، قد تخصص في نشر صور المشاهير، الذين يرتدون أحدث صيحات الموضة ويرتادون أفضل الأماكن. وأمَّا الأفراد الطموحة، فهي على استعداد لتقديم تنازلات من أجل الإعلان عن منتجات لشركات وأماكن كبرى وفخمة، كي يبدو حينها كأحد المشاهير ويجني الأموال والمتابعين، وبالتأكيد، الشهرة. وأمَّا شبكة التوظيف «لينكيد إن» Linked-in، فتصعيد الملف الشخصي وترشيحه لأصحاب الأعمال من أجل الحصول على وظيفة يتم قياسه بشبكة العلاقات التي ينتمي لها الفرد، وكذلك تأييد أفراد شبكته لما يمتلكه من مهارات، ربما لا يعلمون عنها شيئًا سوى أن ذاك الفرد أحد أعضاء الشبكة التابعين لها، ولسوف يرد لهم التأييد. ناهيك عن الأعمال المشبوهة للجان الإلكترونية التي هي كفيلة إمَّا بتصعيد فرد أو جماعة، أو حتى إسقاط مجتمعات ودول؛ فالمادة عندهم هي أساس الوفاء الوقتي بالطبع، وبدونها تغلق الأبواب في وجه من يقصدهم. عالم وسائل التواصل الرقمي قائم على المظاهر والنفعية، وكل من اشتهروا على تلك التطبيقات هم البرجوازيون الجدد، والفقراء أصبحوا من لا يمتلكون المتابعين، ولا يلاحقهم أحد بعلامات الإعجاب. ومن ثمَّ، يصيرون محلّ تجاهل أو سخرية، وخاصة إذا كانوا شخصيات لها وزنها في العالم الواقعي. عبقرية «أونوريه دي بلزاك» التي تغلغلت في العالم الأدبي، استطاعت الوصول للقارئ بسبب صدق وواقعية ما يقدمه من أفكار. والنموذج الذي طرحه «بلزاك» هو أداة لقياس كفاءة المجتمع ومدى اقترابه من شفير الانحلال الأخلاقي والتدهور المجتمعي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store