logo
من نافذتها

من نافذتها

العربي الجديدمنذ 13 ساعات

لم يكن هناك سوى ولد واحد في المرآب الفارغ يوم الأحد. كان يقوم بتنطيط طابة على ظاهر قدمه، سرعان ما أفلتت منه وتدحرجت فوق الأرض الباطونية التي بدت مبقّعة ببرك صغيرة من مياه المطر، فاضت عن قدرتها على التشرّب.
يجري الولد خلف الكرة البيضاء غير مكترث برذاذ المياه المُتطاير حين كان يركل الكرة. ترتطم الطابة بالحائط البعيد محدثةً دوّياً قوياً يرجّ سكون يوم العطلة. لا يكفّ عن ذلك. يعيد إرسالها بقوّة مرّة بعد مرّة، راقصاً بعد كلّ ارتطام بالجدار، وهو يرفع ذراعيه إلى فوق كما يفعل لاعبو أميركا اللاتينية حين يسجلون هدفاً.
يلعب الفتى لوحده، في حين كان ضوء النهار الشتوي القصير يولي بسرعة كبيرة تحت سماء رمادية تعد بعاصفة. سرعان ما يسود الظلام الدامس. تبقى هي واقفة هكذا، شاخصة من نافذتها المطلّة على المرآب إلى الخارج. لكنها لم تعد تميّز الصبي الذي كانت تراقبه إلا من بياض الكرة التي كان يمسك بها وهو يتجه متهادياً إلى مخرج المرآب الفارغ بعد أن كفّ عن اللعب.
لا قمر في السماء ولا كهرباء على الأرض. صمتٌ تام يرخي بثقله، كما لو كان الكون يمسك أنفاسه متقدّماً في الظلمة، كغير الواثق من خطواته. العتمة دامسة مع أننا في مستهل المساء. أما المولّدات الخاصة للكهرباء، بديل البنية التحتية للدولة المنهارة، فلن تشتغل قبل ساعة على الأقل. إنّها مضاعفات تبديل توقيت الساعة بين فصلي الشتاء والصيف... طالما هناك بصيص نور في السماء لا تشتغل الموتورات. ابتسامة ساخرة تلوي فمها وهي تفكّر: "يا له من إجراء غبي".
لا تحيد ببصرها عن الولد حتى يختفي. ربما هو يسكن في تلك البناية عند المنعطف إلى الشارع الرئيسي.
في الصيف الماضي، تتذكّر أنهم كانوا فريقاً من سبعة أولاد. كانوا يزعجونها بضجيجهم وهم يلهون في المرآب الفارغ أسفل منزلها. في الحقيقة، هناك أكثر من مرآب يحيط بالمبنى الذي تسكنه. هناك ثلاثة منها، تكتظ جميعها ومنذ ساعات الصباح الأولى بسيارات الجنود وأهاليهم الآتين من قراهم إلى هنا من أجل معاملات المساعدات المرضية. يخرج بعضهم ليحلّ بعضهم الآخر مكانهم بسرعة. لا أحد يدقّق في هُويّة الوافدين، على الرغم من أن المرآب يقع داخل مربع أمني تُحيط به الحواجز العسكرية.
المرآب تحت بيتها هو الأوّل الذي يتم إقفاله أمام السيارات عند حلول العصر. ربما لكونه ملاصقاً للثكنة وبالتالي ممنوع استخدامه ليلاً لدواع أمنية. تفكّر: من المفروض أنّ مرائب السيارات سهلة الاختراق أمنياً، ومراقبتها لا شكّ صعبة خصوصاً مع "فالس" السيارات الداخلة والخارجة سحابة النهار، فكيف لمربّع أمني أن يسمح بوجود تلك المرائب الثلاثة المجاورة لمستشفى عسكري وثكنة وسكن الأطباء وتعاونية للجيش؟ لا تفهم.
صمتٌ تام يرخي بثقله، كما لو كان الكون يمسك أنفاسه متقدّماً في الظلمة
ثم تسخر من تفكيرها: البلاد كلّها مخترقة، الناس والهواتف والمؤسسات والأحزاب وشبكات الاتصالات، والسماء والأرض، والبحر والبر، فما الفرق؟ صحيح أنّ انفجاراً إرهابياً قد يحدث هنا تحت أنفها، وقد تموت هي وجيرانها، لكن ما هو الآمن في البلاد كلّها؟ أين المفر من الخطر؟ ربما السفر. بلاد أخرى؟ أصلًا الكوكب كلّه يحترق.
"ممنوع" يقول حارس المرآب لصاحب السيارة الغريب عن المنطقة والذي أراد أن يركن سيارته هنا كلّ الليل. أصبح المرآب الفسحة الوحيدة الفارغة في حي مُكتظ بالبارات والمقاهي ليلاً نهاراً. ولهذا تحديداً، كان يتحوّل في العطل والأمسيات المبكّرة الى ملعب للأولاد ومنتزه لأصحاب الكلاب من الجيران.
هي بنفسها كانت تقصده أحياناً لتجوال طفل صديقتها في عربته حين تزورها. تتمشيان في دوائر وهما تتحدثان، والطفل الذي بدأ المشي للتو يتدرّب وهو يطارد قطّة صغيرة.
تتذكّر أنّه من هذا المرآب ذات يوم عطلة، التقطت أربع قطط رضيعة انتزعت للتو عن أمها. كانت الصغيرات تموء بشكل موجع. سمعت من بيتها ذلك المواء: خليط من جوع وخوف. قال لها الجندي المولج بحراسة المربع الأمني إنّ شخصاً أتى مبكراً ورماها هنا في تلك الكرتونة الصغيرة. وقال إنّ الرجل عاد وركب سيارته بسرعة قبل أن يُتاح له أن يشاهد ما في داخل الكرتونة. وأردف مستاءً "ابن الحرام".
تفكّر أنّ الجندي لم يخطر بباله أنّها قد تكون قنبلة.
كانت تنتظر الأحد لتنعم بقليل من الهدوء في هذا الحي المرتفع الضجيج، فكانت تصبر على تصايح فريق الأولاد ساعة من الزمن وهم يتدافعون للفوز بالطابة. كانت تقول في نفسها: حرام، لا مكان للّهو في شققهم الضيّقة على رغبة أجسادهم المترعة بالطاقة، والتي تتوق للتفلّت والانطلاق. لكنها كانت تسمع نفسها تصيح بهم بعد أن تكون قد قرّرت الصبر. كان صوتها كما لو كان ينطلق لوحده بشيء من نفاد القدرة على التحمّل، تصيح بهم من نافذتها أن يهدأوا قليلاً، فيتضاحكون ويهدأون ويعتذرون بتهذيب "أوكي تانت sorry"، يقول أكبرهم. تندم لتوبيخهم فتعود لترجوهم بلطف يشبه الاعتذار أن يكملوا لعبهم لكن من دون صراخ. يكملون قليلاً قبل أن يسأموا من افتعال الهدوء، ثم يغادروا لحلول الليل.
اليوم، عند المساء الأوّل من حلول الشتاء، لم يكن هناك من بينهم في المرآب الفارغ إلا ولد واحد، لم يُسمع له صوت. كان ينطّط الكرة فوق ظاهر قدمه بما يشبه الضجر، ثم رحل. البقية هاجروا.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عيد الأضحى في الإسكندرية... من تكبيرات الفجر إلى صخب البحر والحدائق
عيد الأضحى في الإسكندرية... من تكبيرات الفجر إلى صخب البحر والحدائق

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

عيد الأضحى في الإسكندرية... من تكبيرات الفجر إلى صخب البحر والحدائق

في الخامسة صباحاً، علت تكبيرات المصلين بعد انتهاء صلاة فجر اليوم الثاني من عيد الأضحى في الإسكندرية شمال مصر ، وصاحبتها نسائم هواء رطب محمّلة برائحة البحر المميزة، وتوافدت أفواج من الرجال والنساء والأطفال على الساحات والميادين لاستكمال الأضاحي والتنزه في الطرقات وشواطئ الكورنيش الممتد نحو 60 كيلومتراً. لم تمنع آثار العاصفة الثلجية التي ضربت المدينة فجأة قبل أيام، أبناء الإسكندرية من الاحتشاد بملابس العيد حاملين فرشهم وألعابهم وسط فرحة جماعية عارمة ومظاهر بهجة في كل مكان. في ساحة مسجد القائد إبراهيم، المعلم السكندري الشهير المطل على كورنيش البحر، بدت الصورة كأنها مرسومة سلفاً. خرجت جموع المصلين في وقت ازدحم فيه الباعة الجوالون على الأرصفة، وأطلق أطفال بالوناتهم في الهواء، حتى رجال المرور بدوا أكثر تسامحاً هذا الصباح، ولوّحوا بأيديهم أكثر مما أطلقوا صفاراتهم. وكالعادة في كل عيد انشغل كثيرون بعد الصلاة بذبح الأضاحي، وحرص آخرون على تنفيذ زيارات عائلية وتبادل التهاني والتقاط صور تذكارية لتوثيق اللحظات المباركة، وسط أجواء من البهجة والسعادة. قال الحاج محمود، أحد المصلين الذين حرصوا على القدوم من حي القباري: "لا يبدأ العيد بالنسبة لي إلا بالصلاة في مسجد القائد إبراهيم. صليت هنا وأنا عريس، وجلبت أولادي للصلاة، والآن حفيدي". وأخذت أسر كثيرة طريقها إلى الشواطئ المفتوحة للاستمتاع بحركة الأمواج والمنظر الخلاب للبحر الأبيض المتوسط. وكان الشاطئ المجاني في منطقة الأنفوشي أول مستقبلي الوفود الغفيرة، وشهد توافداً ملحوظاً لعائلات جاءت مبكراً لحجز أماكن ومقاعد ومظلات بعدما أحضرت معظم احتياجاتها ومشروباتها من البيوت. وبخلاف ما حدث خلال الأيام السابقة حين منعت المحافظة نزول البحر بسبب ارتفاع الأمواج، بدا البحر هادئاً في اليوم الثاني للعيد كأنه يعتذر عن غضبه المؤقت في أيام العاصفة التي لم تعهدها المدينة. وقال أحمد سمير، وهو موظف في شركة خاصة جاء من منطقة كرموز وسط المدينة، بصحبة زوجته وأطفاله الثلاثة: "كنا محبطين من الجو لكن البحر مميّز اليوم والموج هادي، ربنا عوّضنا". أضاف لدى فرشه ملاءة قماش على الرمل: "أريد أن يشعر أولادي بفرحة العيد، وأنه ليس كل شيء غالياً وليس في متناولهم". إلى ذلك، قصد كثيرون شاطئ المعمورة، حيث الكورنيش النظيف والتنظيم الرسمي، رغم ارتفاع أسعار تذاكر الدخول نسبياً، ودخل عشرات للاستمتاع بيوم العيد. أما شواطئ العجمي غرب الإسكندرية فشهدت حركة أكثر بطئاً صباحاً، ثم زادت تدريجياً مع اقتراب الظهر، خصوصاً في المناطق الشعبية مثل البيطاش والهانوفيل. قضايا وناس التحديثات الحية عيد الأضحى في مصر... فرحة الصغار تتجاوز مشكلات الكبار وأكد العميد أحمد إبراهيم، مدير الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الاستعدادات الأمنية واللوجستية اللازمة مكتملة لاستقبال فترة إجازات عيد الأضحى وموسم الصيف، وتوفير سبل الراحة للمواطنين، وقد تابعت الأجهزة أحوال الشواطئ التي تستهدف الشريحة الأكبر من المواطنين بعد صلاة عيد الأضحى، ووضعت أجهزة الإنقاذ لافتات للإرشاد والتحذير ورايات البحر، ووفرت أدوات وحدة الإسعاف والإنقاذ في كل شاطئ". أيضاً توافد مواطنون إلي قلعة قايتباي الأثرية والحدائق العامة، وبعضهم إلى "ملاهي الغلابة" الشعبية الموجودة في طرقات وساحات عامة وتشهد إقبالاً متزايداً خلال الأعياد. وفي شرق الإسكندرية، بدت حدائق أنطونيادس كأنها استعادت عافيتها بعدما تسببت الأمطار والعواصف الأخيرة في سقوط بعض الأشجار وتضرر أجزاء من المسطحات الخضراء، علماً أن فرق الصيانة التابعة لمديرية الحدائق بالمحافظة كانت بدأت أعمال التنظيف والتقليم منذ فجر أمس الجمعة، ما ساعد في إعادة فتح الحديقة صباح العيد. ويقول مصطفى عبد الله، وهو شاب ثلاثيني حضر مع أسرته الصغيرة لـ"العربي الجديد": "كنت هنا الأسبوع الماضي، وكان وضع الحديقة صعباً لكن الوضع اختلف اليوم وعادت الناس، وجرى الاهتمام بالورد والاشجار وبتوفير موسيقى خفيفة فعادت الروح إلى المكان". وشهدت حديقة الحيوانات المجاورة في منطقة النزهة ازدحاماً من نوع خاص، إذ توافدت الأسر بصحبة أطفالها رغم ما تعانيه الحديقة من تراجع في مستوى النظافة والرعاية. لكن الحضور الجماهيري بدا كافياً لإعطاء المكان جرعة حياة مؤقتة. وفي وسط المدينة، حيث المحلات التجارية والمناطق الأثرية، قدم شارع النبي دانيال الذي خضع لتطوير شامل أخيراً، مجدداً بوصفه أحد أبرز الوجهات المفتوحة للعائلات إلى جانب المقاهي القديمة التي فتحت أبوابها مبكراً، وافترش البائعون الأرصفة بألعاب خشبية، ومعدات "مقالب العيد" الشهيرة التي يشتريها الأطفال ويصوّبون بها على بعضهم البعض. وقال باسم طه، أحد أصحاب المكتبات القديمة في الشارع: "شُغلت الناس فترة بالعواصف، لكن العيد دائماً يعيد الروح. الناس تضحك مجدداً الآن، والحركة جيدة في الشارع". ورغم موجة الغلاء التي سبقت العيد، ظهرت مؤشرات التعافي صباحاً في الأسواق الشعبية والمقاهي، خصوصاً أماكن بيع المأكولات والمشروبات التي كانت مزدحمة بوصفها وجهة رئيسية لعشاق طقوس العيد السكندرية. وقال محمد عادل، وهو شاب في العشرينيات يبيع سندويشات في ميدان الشهداء، لـ"العربي الجديد": "حضرت أيام العاصفة هنا. كانت الناس تجري لتفادي المطر، واليوم تجري على الحدائق والشواطئ والمقاهي. هذه حال الإسكندرية. يوم فوق ويوم تحت". ورغم هذه المشاهد المليئة بالحياة، لم يغب الحذر عن أذهان المسؤولين، وأعلنت المحافظة حالة استعداد قصوى تحسباً لأي تغيّر مفاجئ في الطقس، وخصصت فرقاً للتدخل السريع في شواطئ المدينة وحدائقها، بينما كثفت مديرية الصحة وجودها في المستشفيات العامة لاستقبال أي حالات طارئة. كما انتشرت فرق النظافة في الشوارع منذ مساء الوقفة، وبدت المدينة نسبياً أنظف من الأعوام السابقة في مثل هذا التوقيت، وهو ما أرجعه بعض الأهالي إلى تراجع أعداد الذبائح والأضاحي.

الركراكي سعيد بأداء البدلاء والطرابلسي مرتاح للروح القتالية
الركراكي سعيد بأداء البدلاء والطرابلسي مرتاح للروح القتالية

القدس العربي

timeمنذ 4 ساعات

  • القدس العربي

الركراكي سعيد بأداء البدلاء والطرابلسي مرتاح للروح القتالية

الرباط: عبر وليد الركراكي، مدرب المنتخب المغربي لكرة القدم، عن ارتياحه لمستوى 'أسود الأطلس' في المباراة الودية التي فازوا فيها على المنتخب التونسي في ملعب فاس الكبير بهدفين نظيفين مساء الجمعة. وسجل هدفي المباراة أشرف حكيمي في الدقيقة 80 والبديل أيوب الكعبي في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع. واعتبر الركراكي أن أهمية الفوز 'تكمن في الصعوبات التي واجهته في التجمع الحالي بسبب الإصابات والإرهاق اللذين نالا من مجموعة من اللاعبين وأبعدت كثيرين منهم عن ودية نسور قرطاج'. وأضاف مدرب الأسود: 'الغيابات فرضت منح الفرصة للاعبين آخرين، وهكذا جربنا خطي دفاع وهجوم جديدين. في الشوط الأول افتقدنا للعب في العمق لكننا نظمنا أنفسنا في الشوط الثاني واستغلينا الكرات الثابتة لافتتاح التسجيل خصوصا في مواجهة منتخبات ظلت تخلق لنا الكثير من المشاكل'. وأبدى الركراكي سعادته لتفوق فريقه أداء ونتيجة، وقال: 'بتنا اليوم نمتلك خيارات وأوراقا كثيرة مقارنة بفترة سابقة. سأحافظ على الأسلوب التكتيكي المعتمد في المرحلة السابقة، لا سيما وأن المنافسة على المراكز الأساسية زادت حدة وهي مطلوبة وضرورية'. وفي معرض رده على الانتقادات المتعلقة بالأداء، قال الركراكي بثقة: 'لو خيرت الجماهير المغربية بين الأداء الجميل أو التتويج بكأس إفريقيا، فستختار اللقب دون تردد. ومع ذلك، نحن نسيطر على مجريات المباريات بنسبة استحواذ تفوق 65 في المئة منذ نهاية مونديال قطر 2022'. من جانبه، أقر سامي الطرابلسي، مدرب المنتخب التونسي، بوجود عدة نواقص على المستويين الفردي والجماعي داخل صفوف فريقه، ولكنه أعرب عن ارتياحه للروح القتالية التي تحلى بها اللاعبين في ثاني معسكر يخوضه منذ توليه قيادة المنتخب. ولدى سؤاله عن التوتر والعصبية لدى لاعبي فريقه، أرجع الطرابلسي الأمر إلى أنهم أحسوا بوجود بعض التجاوزات، من التحكيم، وليس من الجماهير. وردا على الظروف النفسية المحيطة بالمواجهة، أجاب الطرابلسي: 'لم يكن علينا ضغط لأن المباراة كانت ودية، كما أننا وضعنا المنتخب المغربي في وضع صعب في معظم الأحيان'. وأضاف: 'المباراة كانت في وسط الملعب في معظم الأوقات، لكننا عانينا من عقم هجومي ونقص فيما يتعلق بالمهاجمين، لذلك فالمغرب في نعمة بوجود مجموعة من اللاعبين المتميزين في الخط الأمامي'. (د ب أ)

إيفان هينشو ــ بلاث: تويتر انحرف عن رؤيته الأصلية
إيفان هينشو ــ بلاث: تويتر انحرف عن رؤيته الأصلية

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

إيفان هينشو ــ بلاث: تويتر انحرف عن رؤيته الأصلية

في حوار خاص مع "العربي الجديد"، يتحدث إيفان هينشو ــ بلاث، المعروف بلقب "رابل"، أحد رواد التكنولوجيا الاجتماعية وأول مهندس في منصة تويتر وقتها (إكس حالياً)، عن رحلته في بناء الشبكات الاجتماعية، وتحديات المركزية التي تهدد روح الإنترنت المفتوح، ورؤيته لمستقبل الإعلام الرقمي في ظل التحولات العالمية. لنبدأ بتعريف قرائنا بك. من هو "رابل"؟ أنا إيفان هينشوــ بلاث، أُلقّب بـ"رابل"، هاكر ومهندس برمجيات من وادي السيليكون . كنت أول موظف في شركة أوديو، التي تحوّلت لاحقاً إلى "تويتر"، وساهمت في بناء النماذج الأولية للتدوين الصوتي ومفاهيم التواصل الاجتماعي المبكرة. أنا أيضاً ناشط تقني، أعمل على تطوير أدوات مفتوحة المصدر تهدف إلى تمكين المجتمعات الرقمية وتعزيز الديمقراطية. شاركت في مبادرات تقنية عالمية، من الولايات المتحدة إلى أميركا اللاتينية وأوروبا، وحتى المنطقة العربية. دعنا نتحدث عن تجربتك مع "تويتر". كنت جزءاً من البدايات، بل أنت هو من وظّف جاك دورسي ( المؤسس المشارك لشركة تويتر). كيف ترى تطور "تويتر" اليوم؟ هل أنت راضٍ عن مساره؟ تويتر كان إنجازاً عظيماً، وأنا فخور جداً بالتأثير الذي أحدثه في العالم. لكن، للأسف، لم يعد يعكس الرؤية الأصلية التي بدأنا بها. كنا نطمح إلى خلق مساحة حميمة للتواصل البسيط، لكن مع توسّعه إلى منصة عالمية، واجه تحديات سياسية واجتماعية وتقنية لم يُصمم لها أصلاً. اليوم، أرى أن "تويتر" لا يحقق إمكانياته الكاملة، ولهذا أعمل على الجيل القادم من المنصات التي تستعيد روح الإنترنت المفتوح. لماذا أنشأتم "تويتر" في الأصل؟ ما الذي ألهمكم؟ بدأ الأمر انطلاقاً من حاجة شخصية. أردنا طريقة لمشاركة لحظاتنا اليومية العابرة مع أصدقائنا من دون الحاجة إلى مكالمات أو رسائل فردية. كنا نمزح قائلين إن "تويتر" هو لـ"الأشياء غير المهمة" التي لا تستحق الحديث عنها وجهاً لوجه على فنجان قهوة. لكن سرعان ما أدركنا أن "تويتر" ليس للأصدقاء فقط، بل أصبح نبضاً عالمياً يربط الناس بعضهم ببعض بأفكار وآراء. تحول من مساحة صغيرة إلى محادثة عالمية، وهذا كان قوياً جداً، لكنه جلب تحديات لم نتوقعها. مع انتقالنا إلى عصر الذكاء الاصطناعي، هل تعتقد أن المطورين يدركون إلى أين قد يقودنا؟ لا أحد يعرف على وجه التحديد. الذكاء الاصطناعي الآن يُستخدم بالطريقة نفسها التي استخدمنا فيها "تويتر" في بداياته: نطبّق نماذج قديمة على وسيط جديد. في "تويتر"، استغرقنا وقتاً لاكتشاف ميزات مثل الهاشتاغ والريتويت. مع الذكاء الاصطناعي، ما زلنا في مرحلة مبكرة، نستخدمه لتحسين الفيديوهات أو كتابة النصوص، لكننا لم نكتشف بعد الطريقة "الطبيعية" لاستخدامه. عندما نفعل، سنشهد تحولاً عميقاً في المجتمع. ما مدى أهمية الجانب الإنساني في التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي؟ الجانب الإنساني هو جوهر كل شيء. وسائل التواصل الاجتماعي تُبنى لربط الناس، لتلبية احتياجاتهم العاطفية والاجتماعية. أما الذكاء الاصطناعي، فهو انعكاس لما أنتجه البشر، بكل جماله وقبحه. إنه ليس شيئاً غريباً، بل مرآة لنا. المشكلة تحدث عندما تتحول هذه الأدوات إلى تجربة استهلاكية سلبية تخدم الإعلانات بدلاً من تعزيز التواصل الحقيقي. تكنولوجيا التحديثات الحية تغطية الإعلام الغربي للإبادة تتغيّر… لكن من يغيّر سيليكون فالي؟ يقول البعض إن وسائل التواصل الاجتماعي زادت من عزلة الناس، ومع ظهور "الرفاق الرقميين"، أصبح البعض يشاركهم أسرارهم بدلاً من أصدقائهم. كيف ترى هذا التحول؟ في البداية، كانت وسائل التواصل تعتمد على التفاعل النشط وبناء علاقات حقيقية، لكنها تحولت إلى منصات إعلامية تخدم الإعلانات. هذا جعل التجربة سلبية. أعمل الآن على إعادة النموذج النشط، حيث يملك المستخدمون سيطرة على هويتهم الرقمية، الخوارزميات، الخصوصية. بالنسبة للذكاء الاصطناعي، يمكن أن يكون أداة إبداعية إذا استُخدم شريكاً للتفكير، لا مجرد مزوّد محتوى جاهز. النماذج مفتوحة المصدر هي المفتاح لضمان أن يتحكم الناس في هذه الأدوات، لا الشركات. هناك أزمة ثقة في المنصات الرقمية بسبب الحسابات الوهمية ونموذج الإعلانات. هل تعتقد أن الشركات تفعل ما يكفي لمعالجة ذلك؟ المشكلة تكمن في نموذج الإعلانات نفسه. هذا النموذج يعتمد على زيادة التفاعل والأرقام باستمرار، حتى لو كان ذلك على حساب جودة التجربة أو أمان المستخدمين. الحلول مثل "الكابتشا" ليست كافية، لأن الشركات تحتاج إلى نمو مستمر لإرضاء المستثمرين، مما يجعلها متساهلة مع الحسابات الوهمية. إذاً ما هو النموذج الأخلاقي لمنصة اجتماعية؟ النموذج الأخلاقي يعتمد على تمويل الجمهور نفسه، مثل منصات Substack أو Medium، حيث يدفع المستخدمون اشتراكات شهرية مقابل محتوى عالي الجودة. هذا يركز على التواصل الحقيقي بدلاً من الكمية. المنصات التي تعتمد على الإعلانات تضحي بالجودة من أجل الأرباح. هل ترى أن المستقبل يتجه نحو المجتمعات المصغّرة؟ وهل هناك تناقض بين الأنسنة والعولمة؟ أنا أؤمن بالعالم المنفتح، لكنني أرى أن كل مجتمع له قيمه وعاداته. العولمة التي تسعى لتوحيد الجميع على منصة واحدة، كما حاول جاك دورسي أو مارك زوكربيرغ، تفقد السياقات المحلية التي تجعل المجتمعات فريدة. منصة اجتماعية صحية يجب أن تتيح لكل مجتمع وضع قواعده الخاصة، مع الحفاظ على بروتوكولات مفتوحة تسمح بالتفاعل العالمي. كنت جزءاً من تأسيس "بلوسكاي". هل تعتقد أنها تحقق هذه الرؤية؟ "بلوسكاي" خطوة في الاتجاه الصحيح. عملت مع جاي غريبر وبول فرايزي وجاك دورسي لتأسيسها، وأرى أنها تحاول بناء منظومة مفتوحة. لكنها تواجه تحديات السوق والمستثمرين. لهذا، أعمل على "وثيقة حقوق مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي" التي تطالب بحقوق مثل امتلاك الهوية الرقمية، والتحكم في الخوارزميات، والخصوصية. الهدف ليس "بلوسكاي" بوصفها شركة، بل البروتوكول الذي يتيح للجميع بناء منصاتهم الخاصة. في المنطقة العربية، هناك محاولات لبناء منصات محلية، لكن الكثير منها فشل. ما نصيحتك لمن يحاول بناء منصة للمنطقة؟ نصيحتي هي عدم بناء شيء منفصل كلياً. استفيدوا من البروتوكولات المفتوحة مثل AT Protocol الذي تستخدمه "بلوسكاي". يمكنكم بناء منصة تناسب ثقافتكم وقيمكم، مع أنظمة إشراف محلية، لكنها متصلة بالمنظومة العالمية. هذا يضمن التوافق مع السياق المحلي من دون إعادة اختراع العجلة. على سبيل المثال، منصة بلاكسكاي التي أسسها رودي فوستر للأميركيين الأفارقة تستخدم البروتوكول نفسه، لكن بخوارزميات وإشراف يناسبان مجتمعهم. أخيراً، أخبرني عن تجربتك مع المجتمعات المصغّرة. هل ترى أنها الحل؟ تماماً. المجتمعات المصغّرة هي المستقبل. أتذكر قصة "تويتر": بنيناه في يوم واحد لأنه كان يلبي حاجة حقيقية. أخيراً، أطلقت تطبيقاً تجريبياً يُدعى يركز على تمكين المجتمعات المحلية من خلال محافظ رقمية لتمويل جماعي. هناك أيضاً مشاريع مثل New Public التي تعمل على شبكات محلية تركز على القيم المجتمعية بدلاً من الأرباح. هذه هي الطريقة: بناء منصات مع الناس، وليس فقط لهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store