
فجر الانتظار.. دماء المجوَّعين تسبق شاحنات المساعدات
غزة/ جمال محمد
مع ساعات الفجر الأولى جلس محمد أبو ريالة، بالقرب من مفترق التوام شمال غرب قطاع غزة، إلى جانب عشرات من الأهالي المجوعين في انتظار طويل أملا بدخول شاحنات مساعدات غذائية، وسط حصار مطبق.
لم يكن في الأذهان أكثر من رغيف خبز أو كيس دقيق يسد جوع الأطفال الذين بات الجوع جزءًا من تفاصيل حياتهم اليومية.
يقول أبو ريالة لـ "فلسطين أون لاين"، بصوت أنهكه التعب والحزن: كنا ننتظر منذ الساعة الواحدة فجر أمس، لم نكن نحمل سلاحًا ولا نُشكل خطرًا على أحد، كنا فقط ننتظر المساعدات، لكن الانتظار الطويل انقلب فجأة إلى فاجعة، حين سقط صاروخ إسرائيلي في المكان.
ويصف أبو ريالة، المشهد الصادم قائلاً: رأيت ستة من الشبان الذين كنت معهم يسقطون فورًا، أجسادهم تمزقت، والدماء غطت الأرض، لم أصدق أنني نجوت من هناك".
ويلفت إلى أنه لم يتمكن من البقاء في المكان فقرر الهرب سريعًا تحت وقع إطلاق الاحتلال النار، قائلًا كنت أنظر خلفي ومن كان يجلس بالقرب منى أصيبوا أو فقدوا حياتهم.
ويتابع بحزن: بعض المصابين ظلوا ينزفون لساعات، فالطريق إلى مجمع الشفاء الطبي كان محفوفًا بالمخاطر، والمستشفى نفسه يعاني من أضرار كبيرة بسبب حرب الإبادة الجماعية.
ما زاد من قلق أبو ريالة، هو أن أحد الشبان الذين أُصيبوا، تم اعتقله جيش الاحتلال، ولم تعرف تفاصيل وضعه حتى الآن.
ويشير إلى أن جيش الاحتلال يتعمد بإطلاق النار باتجاه كل من يحاول تأمين احتياجات أسرته الأساسية مدللًا على ذلك بالمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال بين الفينة والأخرى بحق منتظري المساعدات الشحيحة.
انتشال الشهداء
وفي منطقة برج الأندلس المدمر، شمالي غزة، تجمع عدد من الشبان، ومن بينهم خليل زيدان، لمحاولة انتشال الشهداء والجرحى بعد ساعات من استهداف مفترق التوام وبيت لاهيا شمالي قطاع غزة، قائلًا لصحيفة "فلسطين": كانت المهمة صعبة، لكننا عملنا على انتشالهم رغم الخطر المحدق.
يقول زيدان: استطعنا إخراج سبعة شهداء، ونقلنا عشرة جرحى وسط الخطر وصعوبة التحرك في هذه المناطق، فأي محاولة للاقتراب قد يؤدي إلى قصف جديد.
ويضيف: هناك شهداء آخرين في مناطق لم يتمكن أحد من الوصول إليها حتى الآن، نظرا لصعوبة وخطورة المكان.
كما يشير إلى أن الأوضاع الميدانية في شمال قطاع غزة شديدة التعقيد، إذ أن الطرق المؤدية إلى أماكن تواجد شاحنات المساعدات غير آمنة، وبعض المناطق لا تزال مغلقة أو مستهدفة من قبل الاحتلال.
وفي حادثة مشابهة، كان الشاب بلال موسى، موجودًا في منطقة السودانية شمال غرب غزة، عندما أُطلقت ثلاثة صواريخ تجاه تجمع من المدنيين المنتظرين للمساعدات.
يقول موسى لـ "فلسطين أون لاين": كنا ننتظر المساعدات تحت مبنى مدمر، وفجأة دوى انفجار ضخم، فرأيت أجسادًا تتطاير في الهواء وتسقط بقوة على الأرض، لم يكن أحد يتوقع أن تنتهي محاولتنا للحصول على الطعام بهذا الشكل.
ويتابع بحزن: بعض الشبان حملوا المصابين باستخدام عربات تجرها الحيوانات، لم يكن هناك سيارات إسعاف كافية بسبب خطورة المكان، وكان الخوف مسيطرًا على الجميع".
وبلغ عدد شهداء المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال يومين 79 شهيدًا، حيث سجلت مدينة غزة وشمالي القطاع ارتقاء 21 شهيدًا، بينما بلغ عدد شهداء ووسط القطاع 19 شهيدًا، وجنوبي القطاع 39 شهيدًا، بحسب بيانات رسمية.
ويقول محمود أبو شنب، أحد شهود العيان: إن المشاهد في مواقع القصف تفوق الوصف، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الضحايا هم من المدنيين الذين لم يكن هدفهم سوى الحصول على الغذاء.
ويضيف أبو شنب لـ "فلسطين أون لاين": رأيت أشلاء على الأرض، ومواطنين يبحثون بين الأنقاض عن أقاربهم، ولم يكن هذا مشهد ساحة معركة، بل ساحة انتظار طعام، مردفًا: من لا يموت بالقصف في غزة، يموت من الجوع أو المرض.
وتمنع قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ الثاني من مارس/آذار دخول المساعدات الإنسانية لغزة، في وقت تدعم عصابات من اللصوص لسرقة كميات شحيحة من المساعدات التي سمحت أخيرا بإدخالها تحت ضغط دولي. وتستهدف قوات الاحتلال منهجيا، طواقم وزارة الداخلية في غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية قبل ٢٠ شهرا.
وأنشأت سلطات الاحتلال بدعم أمريكي ما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" المشبوهة بدعوى توزيع المساعدات الإنسانية في جنوب ووسط القطاع، لكن المنظمات الدولية المعنية ترفض عمل تلك المؤسسة، التي تسعى لتحقيق أهداف عسكرية وأمنية.
وكان مراقبون محليون ومؤسسات إغاثية أشاروا إلى الحاجة الماسة إلى توفير ممرات آمنة ومستقرة لتوصيل المساعدات وضمان وصولها للمدنيين دون مخاطر إضافية.
وفي ظل استمرار التصعيد وغياب آفاق الحل، يعيش أهالي قطاع غزة، أزمة مركبة، ما بين نزوح جماعي، ونقص حاد في الغذاء والدواء، ودمار واسع في البنية التحتية، وانهيار كبير في النظام الصحي.
المصدر / فلسطين أون لاين
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 23 دقائق
- معا الاخبارية
رئيس مجلس القضاء الأعلى يتسلم قراراً رئاسياً بتخصيص قطعة أرض لبناء مجمع محاكم بيت لحم
رام الله- معا- تسلّم رئيس المحكمة العليا، رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي محمد عبد الغني العويوي، اليوم في مكتبه بمدينة البيرة، القرار الرئاسي المتعلق بتخصيص قطعة أرض لصالح بناء مجمع للمحاكم (مبنى قصر عدل) في محافظة بيت لحم. حيث قام الأستاذ علاء التميمي، رئيس سلطة الأراضي، بتسليم القرار الرئاسي لرئيس مجلس القضاء الأعلى، بحضور سامر عودي، قائم بأعمال رئيس تسوية الأراضي والمياه، وصادق أبو زعنونة، مدير عام أملاك الدولة، كما حضر اللقاء القاضي محمد عياد العجلوني، الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى، وشريف القواسمي، مدير عام الشؤون الإدارية والمالية في المجلس. وعبر القاضي العويوي عن شكره لاستجابة سيادة الرئيس محمود عباس لحاجات القضاء الفلسطيني بإصداره القرار المذكور، وثمن دور الحكومة الفلسطينية، ممثلة برئيس مجلس الوزراء، الدكتور محمد مصطفى، والأستاذ علاء التميمي، رئيس سلطة الأراضي، وجميع الجهات المشاركة في تحقيق هذه الخطوة الهامة.


معا الاخبارية
منذ 23 دقائق
- معا الاخبارية
بسبب الحرب الإيرانية الإسرائيلية.. مصر تضاعف تصدير الكهرباء إلى الأردن
القاهرة- معا- قررت مصر مضاعفة إمدادات الطاقة الكهربائية إلى الأردن لتسجل 400 ميغاواط يوميا خلال الأسبوع الجاري، وذلك مقابل ما يتراوح بين 100 و200 ميغاواط قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران. يأتي ذلك بعد أن بدأت مصر في ضخ الغاز الطبيعي إلى الأردن بواقع 100 مليون قدم مكعب يوميا، لتشغيل محطات الكهرباء، وذلك بعد انقطاع الإمدادات الواردة من إسرائيل في أعقاب اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران. وكانت القدرات التي يتم توفيرها للجانب الأردني تكون خلال ساعات الذروة والليل، بالإضافة إلى وجود تنسيق مستمر مصري أردني لتأمين الاحتياجات من الكهرباء والغاز للبلد الشقيق. وتستعد مصر لطرح مناقصة جديدة لاختيار استشاري عالمي يتولى مهام رفع كفاءة خط الربط الكهربائي مع الأردن ليصل إلى 2000 ميغاواط.


فلسطين أون لاين
منذ 24 دقائق
- فلسطين أون لاين
لازاريني: المآسي تتواصل في غزَّة بلا هوادة والأنظار تتَّجه إلى أماكن أخرى
متابعة/ فلسطين أون لاين قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني إن المعاناة في قطاع غزة مستمرة دون توقف، رغم تحول الاهتمام الدولي إلى مناطق أخرى، مؤكدًا أن المدنيين هم من يدفعون الثمن الأكبر دائمًا. وفي بيان نشره على حساباته الرسمية، أشار لازاريني إلى أن "العشرات قُتلوا أو أُصيبوا خلال الأيام القليلة الماضية، من بينهم من كانوا يسعون للحصول على الغذاء ضمن نظام توزيع بات قاتلًا". وأكد أن القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك مساعدات الأمم المتحدة والأونروا، لا تزال قائمة، رغم توفر كميات كبيرة من المساعدات الجاهزة للدخول. وأضاف: "النقص الحاد في الوقود يُعطل تقديم الخدمات الأساسية، خاصة في قطاعي الصحة والمياه". وشدد المفوض العام على أن "القتل والحروب لا تؤدي إلا إلى المزيد من سفك الدماء"، معتبرًا أن الحاجة إلى الإرادة السياسية والقيادة والشجاعة لم تكن يومًا أكثر إلحاحًا مما هي عليه الآن. واختتم لازاريني تصريحه بدعوة صريحة إلى ضرورة التوصل إلى سلام دائم في غزة وفي جميع أنحاء المنطقة، في ظل استمرار الكارثة الإنسانية التي تطال الملايين من الأبرياء. وفي السياق، قالت وزارة الصحة بغزة، إن "20 فلسطينيا استشهدوا وأصيب أكثر من 200 بينهم 50 بحالة خطيرة جدا جراء إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على مئات الفلسطينيين قرب مراكز توزيع المساعدات الإنسانية جنوب ووسط القطاع". وطالبت الوزارة كافة الجهات المعنية بالعمل على إيجاد آليات أخرى لتوزيع المساعدات دون التسبب في قتل الجوعى. وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/ أيار الماضي، تنفيذ خطة توزيع مساعدات إنسانية عبر ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل - بدعم أمريكي - إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 184 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع. المصدر / فلسطين أون لاين