
القوات الأمريكية تنسحب من أكبر قاعدة لها في سوريا
أكد المرصد السوري، اليوم الإثنين (2 حزيران 2025)، انسحاب القوات الأمريكية من قاعدتين عسكريتين بارزتين في ريف دير الزور الشرقي، ضمن مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" إحداها قاعدة حقل العمر النفطي وهي أكبر القواعد الأمريكية في الأراضي السورية.
وبحسب المرصد السوري، فقد بدأت عملية الانسحاب بشكل تدريجي في 18 أيار/ مايو الماضي قبل أن تتسارع خلال اليومين الأخيرين، حيث شوهدت أرتال أمريكية تضم عربات مصفحة ومعدات لوجستية تغادر مواقعها في حقل العمر النفطي ومعمل كونيكو للغاز، وسط تحليق مكثف لطيران "التحالف الدولي".
وأوضح المرصد أنه في أعقاب الانسحاب، تمركزت قوات "الكوماندوس" التابعة لقسد في المواقع التي أخلتها القوات الأمريكية،
مبينا بحسب مصادر لم يسمها أن العمليات العسكرية المشتركة ستستمر في حال وجود حملات أمنية أو أهداف لتنظيم "داعش" الإرهابي على أن يتم دعمها من قبل التحالف الدولي انطلاقا من قاعدة الشدادي جنوب الحسكة، حيث لا تزال القوات الأمريكية تحتفظ بوجودها.
ويعد الانسحاب الحالي من أبرز التحركات العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا، خاصة أنه يتزامن مع بدأ المفاوضات بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من جهة والحكومة في دمشق من جهة ثانية، لبحث تسوية سياسية شاملة في سوريا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحركات الإسلامية
منذ 2 ساعات
- الحركات الإسلامية
بين باريس وستوكهولم.. اليسار في مأزق.. والإخوان يتقدمون: السويد تدفع ثمن التسامح المفرط
في السنوات الأخيرة، تحوّلت أوروبا من ساحة لاحتضان الأقليات الدينية والثقافية، إلى ساحة مواجهة فكرية وأمنية مع جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين. هذا التحوّل لم يكن مفاجئًا لمن تابع تطوّر نشاط الجماعة في القارة العجوز؛ إذ إن الإخوان استغلوا مناخ الحريات والتعددية لتوسيع نفوذهم بهدوء، مستخدمين أدوات قانونية ومجتمعية لتأسيس بنى موازية داخل الدول الأوروبية، في مشهد يعيد إنتاج نموذج "الدولة داخل الدولة" بأساليب ناعمة. لكن ما كان خفيًا بدأ يطفو على السطح، مع صدور تقارير رسمية أوروبية – من باريس إلى ستوكهولم – تُحذّر من تغلغل تنظيم الإخوان في المؤسسات الثقافية والاجتماعية والبحثية والتعليمية، مستغلًا ما يُعرف بجمعيات الاندماج والمراكز الإسلامية. هذه التحذيرات تعكس قلقًا متزايدًا من قدرة الجماعة على التحايل على الأنظمة الديمقراطية واختراق المجتمعات باسم التعددية. وتكمن الخطورة هنا في أن المشروع الإخواني لا يهدف إلى الاندماج الحقيقي، بل إلى فرض مرجعية دينية ذات طابع سياسي، مناهضة لمفاهيم المواطنة الليبرالية. في هذا السياق، لعبت "البوابة نيوز" ومركز سيمو بباريس بقيادة الدكتور عبد الرحيم علي، دورًا حيويًا في تعرية هذه المخططات وكشف الأذرع غير المعلنة للجماعة في أوروبا، عبر تقارير استقصائية وتحليلات موثقة اعتمدت على مصادر متعددة، وربطت بين ما يُطرح في العلن وما يُحاك في الخفاء. وقد كان لكاتب هذا التقرير، مساهمة مبكرة في التحذير من هذا التمدد، من خلال كتابه الصادر عام 2020 بعنوان "التنظيم الدولي والضغط على الشعوب"، والذي كشف بالأدلة كيف يستخدم الإخوان المراكز البحثية والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية كأدوات اختراق ناعمة للضغط على المجتمعات الغربية وفرض مشروعهم السياسي المغلف بالدين. اليوم، وبعد أن بدأت الحكومات الأوروبية تُراجع سياساتها تجاه الإسلام السياسي، يبدو أن التحذيرات التي أطلقتها جهات بحثية وإعلامية مستقلة – ومنها "بوابة الحركات الإسلامية" – لم تكن مجرد اجتهادات تحليلية، بل كانت استشرافًا مبكرًا لخطر داهم. ومن هذا المنطلق، تتناول هذه الورقة تحليلًا تفصيليًا للتجربة السويدية في التعامل مع تنظيم الإخوان، كنموذج صارخ لكيفية استغلال الجماعة لهامش الحرية لتأسيس نفوذ غير مرئي لكنه مؤثر، ويهدد تماسك الدولة والمجتمع على حد سواء. التقرير الفرنسي تحوّل تقرير رسمي صادر عن وزارة الداخلية الفرنسية، نُشر في 21 مايو 2025، إلى حجر ألقي في بركة السياسة السويدية، حين خصّص تحليلاً موسعًا لتغلغل جماعة الإخوان المسلمين في عدد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها السويد. هذا التقرير، الذي حمل عنوان «الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا»، تجاوز حدود الدولة الفرنسية ليقدم توصيفًا مقلقًا عن امتداد الجماعة في الفضاء الأوروبي، لا سيما في أنظمة ذات بنية ليبرالية متساهلة مثل السويد. ورغم أن عدد المنتمين أو المتعاطفين مع الجماعة في السويد لا يُعدّ كبيرًا من حيث الكم، إلا أن التقرير شدد على أن "فرع جماعة الإخوان في السويد يتمتع بتأثير سياسي واجتماعي يفوق حجمه العددي"، وهو تأثير يعود – بحسب التحليل الفرنسي – إلى ثلاثة عناصر حاسمة: 1. التمويل المتدفق إلى جمعيات ومؤسسات واجهة أبرز ما رصده التقرير هو اعتماد جماعة الإخوان في السويد على شبكة من الجمعيات والمؤسسات التي تعمل كواجهات قانونية، تتلقى تمويلًا محليًا ودوليًا باسم العمل المجتمعي والديني. هذه الجمعيات تستفيد من نظام الدعم الحكومي المخصص لمنظمات المجتمع المدني، وتحصل أحيانًا على تمويلات من مؤسسات مانحة أوروبية، وفي بعض الحالات من جهات أجنبية ترتبط إيديولوجيًا أو سياسيًا بالجماعة. هذا التدفق المالي لا يُستخدم فقط في تأمين أنشطتها، بل يمكّنها أيضًا من بناء نفوذ ناعم داخل الجاليات، والسيطرة على بعض المنابر الدينية والتعليمية. ويُثير هذا النمط من التمويل تساؤلات جدية حول الشفافية والمساءلة، إذ غالبًا ما تتم التغطية على الارتباطات الفكرية والتنظيمية للجمعيات المعنية، مما يصعّب على السلطات تتبع الأجندات الحقيقية لها. ولعل الخطورة الأهم تكمن في أن هذه الموارد تُوظّف في بناء "بُنى موازية" للمجتمع السويدي، توفّر بيئة حاضنة لخطاب الهوية الدينية المعزول، وتُقلّص من فرص اندماج بعض الفئات في النموذج العلماني الديمقراطي للدولة. 2. نظام التعددية الثقافية السويدي الذي مكّن الجماعة من التحرك ضمن أطر شرعية يشير التقرير إلى أن سياسة التعددية الثقافية التي اتبعتها السويد لعقود، والتي تقوم على احترام الخصوصيات الدينية والثقافية للمهاجرين، قد وفّرت بيئة خصبة لتحرك جماعة الإخوان بأدوات شرعية، دون أن تُواجَه بتحديات قانونية أو رقابية حازمة. فبموجب هذا النظام، سُمِح بإنشاء مساجد، ومدارس دينية، ومراكز ثقافية تُدار من قبل جمعيات ذات خلفيات إسلاموية، تحت لافتات المجتمع المدني والتنوع الثقافي. ومن هنا، استطاعت الجماعة التمدد مؤسسيًا لا من خلال الصدام مع الدولة، بل عبر الاستفادة من قوانينها. غير أن هذه الديناميكية كشفت عن حدود سياسة الانفتاح عندما اصطدمت بممارسات تُناقض قيم الدولة الديمقراطية، مثل الفصل بين الجنسين في بعض المدارس، أو الدعوة إلى نمط عيش مغلق على الذات. وهنا تُطرح معضلة فلسفية وسياسية: إلى أي مدى يجب أن تقبل الدولة الديمقراطية أنماط تنظيم داخلي لا تشترك في منظومة القيم التي تقوم عليها؟ التقرير الفرنسي يضع إصبعه على هذا التوتر، ويعتبره أحد الأسباب الرئيسية التي مكّنت الإخوان من تأسيس نفوذ رمزي ومؤسسي داخل السويد، تحت مظلة الشرعية الشكلية. 3. علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع بعض الأحزاب، أبرزها الحزب الاشتراكي الديمقراطي النقطة الثالثة التي تناولها التقرير تتعلق بعلاقات الجماعة مع بعض الأحزاب السياسية السويدية، خصوصًا الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والذي يُتهم من قبل خصومه، خاصة في أوساط اليمين، بأنه تغاضى طويلًا عن نشاط الجمعيات الإسلامية المرتبطة بفكر الإخوان، بحجة الحفاظ على قاعدة انتخابية داخل بعض الأحياء والمجتمعات المهاجرة. العلاقة لم تكن دائمًا مباشرة أو مؤسسية، بل كثيرًا ما تمّت عبر شخصيات أو منظمات وسيطة لعبت دور "الناقل" بين خطاب الهوية الدينية وخطاب الاندماج السياسي. ووفق التحليل الفرنسي، فإن هذه العلاقة منحت جماعة الإخوان نوعًا من الحصانة السياسية في فترات معينة، وسمحت لها بالتحرك بحرية أكبر ضمن المجال العام، مع الحفاظ على خطاب مزدوج: إصلاحي واندماجي في الظاهر، لكنه مؤدلج ومنغلق في العمق. وهذه الازدواجية أضعفت قدرة الدولة على التقييم الموضوعي لأنشطة هذه الجماعات، خصوصًا في ظل غياب أدوات قانونية أو استخباراتية كافية للتمييز بين الإسلام كمكون ديني شرعي، والإسلاموية كأيديولوجيا سياسية تتحدى الدولة من داخلها. بنية موازية داخل الديمقراطية ما يكشفه التقرير الفرنسي حول نشاط جماعة الإخوان في أوروبا، ويتردد صداه بوضوح في السياق السويدي، هو أن الجماعة لا تعتمد استراتيجية المواجهة العنيفة أو الخطاب الراديكالي المباشر، كما تفعل التنظيمات الجهادية، بل تراهن على "التحايل الهيكلي" عبر التغلغل البطيء في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني. هذا التغلغل يأخذ شكل بناء بُنى موازية ضمن الدولة الديمقراطية، من خلال تأسيس مؤسسات تبدو للوهلة الأولى منخرطة في المنظومة السويدية، لكنها في الواقع تعمل كحامل أيديولوجي لمشروع إسلاموي طويل الأمد. الهدف هو خلق مجتمع داخل المجتمع، يُدار بمنظومة قيم دينية مغايرة لتلك التي يقوم عليها النظام الديمقراطي العلماني. يتجلى هذا النهج في إنشاء شبكة من المدارس الحرة (Friskolor) ذات الخلفية الإسلامية، والتي تحصل على تمويل مباشر من الحكومة السويدية، وتعمل في بعض الحالات ضمن توجهات محافظة أو فصلية، مثل الفصل بين الجنسين أو التركيز المبالغ فيه على التعليم الديني على حساب المناهج العامة. إضافة إلى المدارس، تُنشئ الجماعة مراكز ثقافية وجمعيات دينية واجتماعية تحت عناوين مثل "تمكين الأقليات" أو "الاندماج المجتمعي"، لكنها غالبًا ما تُدار من أشخاص يرتبطون بأوساط الإسلام السياسي. مثال بارز على ذلك: "الرابطة الإسلامية في السويد" التي ورد اسمها في تقارير عديدة ككيان يُشتبه في تبعيته الأيديولوجية لجماعة الإخوان، منها تقرير "الجماعات الإسلامية في أوروبا" الصادر عن معهد مونتين الفرنسي عام 2018. السياق السويدي تحديدًا وفّر أرضًا خصبة لهذا التمدد "الناعم"، بسبب الإرث الطويل للبلاد في دعم الحقوق والحريات واحتضان التعددية الثقافية. فالدولة تمنح تمويلًا سخيًا للمنظمات غير الربحية، بما في ذلك المنظمات الدينية، طالما أنها تستوفي الحد الأدنى من المعايير الشكلية. غير أن هذا التساهل أتاح – عن غير قصد – تمويل كيانات تعمل ضمن منظومة قيم مغلقة. في هذا الإطار، نشرت وكالة الطوارئ المدنية السويدية (MSB) عام 2017 تقريرًا صادمًا أكد وجود شبكات إسلاموية ذات طابع إخواني تمارس أنشطة تعليمية ودينية واجتماعية، وتتلقى تمويلًا حكوميًا مباشرًا أو غير مباشر، دون أن تخضع لرقابة فكرية حقيقية على محتواها أو خطابها الداخلي. أخطر ما في هذا المشروع هو الازدواجية في الخطاب: في العلن، تتبنى هذه المؤسسات لغة الحقوق، التعددية، تمكين المرأة، والاندماج. أما في الداخل، فتقوم على إعادة إنتاج قيم محافظة دينية منغلقة، تشكك في مبادئ الديمقراطية والحرية الفردية، وتُعلي من مرجعيات فقهية فوق القانون الوطني. هذه الازدواجية مكّنت الجماعة من كسب ثقة بعض النخب السياسية والبيروقراطية، خصوصًا في اليسار، لكنها في الواقع ساهمت في تعميق العزلة الثقافية لبعض الجاليات المسلمة، وخلق مساحات اجتماعية خارج التفاعل مع القيم السويدية، مما يقوّض مشروع الاندماج نفسه من الداخل. تُظهر حالة السويد كيف أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي، فدعم الأقليات الدينية أو الثقافية دون آليات رقابة صارمة قد يتحول إلى منصة لاختراق الدولة من داخلها. وقد بدأت بعض البلديات والمؤسسات السويدية – متأخرة – في مراجعة سياساتها التمويلية وتدقيق خلفيات الجمعيات المتلقية للدعم، بعد تقارير إعلامية واستقصائية عديدة، أبرزها ما نشرته صحيفة Dagens Nyheter السويدية في 2020 و2022، عن صلات مشبوهة بين جمعيات ممولة حكوميًا وقيادات إخوانية. لكن التحدي الأكبر اليوم يكمن في كيفية تفكيك هذه الشبكات دون انتهاك الحريات العامة، وفي الوقت نفسه منع استخدام القوانين الديمقراطية كحصان طروادة لأجندات معادية لها. اليسار في مأزق.. واليمين في حالة هجوم لم يمرّ التقرير الفرنسي حول تمدد جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا دون صدى في السويد، بل تحوّل إلى شرارة صدام داخلي بين القوى السياسية، حيث استغلته أحزاب اليمين كدليل على فشل الحكومات اليسارية المتعاقبة في مواجهة خطر الإسلام السياسي. وركزت الاتهامات على الحزب الاشتراكي الديمقراطي (Socialdemokraterna) بوصفه راعيًا ضمنيًا لسياسات التعددية الثقافية التي وفّرت مظلة قانونية ومالية لكيانات محسوبة على الإخوان. وكان لافتًا أن بعض الجمعيات الواردة في تقارير استخبارية أو إعلامية – مثل رابطة الشباب الإسلامي في السويد (SUM) – سبق أن تعاونت محليًا مع فروع للحزب الاشتراكي في برامج الاندماج والمشاركة المجتمعية، ما فتح باب الشكوك حول علاقة غير مباشرة بين الحزب والجماعة. أبرز من التقط هذه الثغرة السياسية كان حزب "ديمقراطيو السويد" (Sverigedemokraterna) اليميني المتشدد، الذي استثمر التقرير لتصعيد هجومه على الحكومة السابقة بقيادة الاشتراكيين. قادة الحزب، مثل جيمي أوكيسون (Jimmie Åkesson)، أطلقوا تصريحات تتهم الحزب الاشتراكي بالتراخي، بل وبـ"التحالف الضمني مع الإسلاميين"، في محاولة لكسب أصوات الناخبين القلقين من الهجرة والتطرف. كما ساند حزب المحافظين (Moderaterna)، الشريك في الائتلاف الحاكم، هذه الاتهامات، ودعا إلى إجراء تدقيق شامل في تمويل الجمعيات الإسلامية، بما في ذلك تلك التي حصلت سابقًا على دعم من البلديات ذات القيادة الاشتراكية، مثل مالمو ويوتيبوري. الرد الحكومي الرسمي لم يتأخر. فقد طالبت وزيرة الهجرة ماريا مالمير ستينيرغارد (عن حزب المحافظين) الحزب الاشتراكي بـ"تحقيق داخلي شفاف" حول علاقته بجمعيات إسلامية تحمل شبهة أيديولوجية. الوزيرة صرّحت لصحيفة Expressen في مارس 2025 أن "السويد بحاجة إلى اليقظة، لأن بعض التنظيمات تستخدم مؤسسات الدولة كحصان طروادة لأجندات لا تتفق مع ديمقراطيتنا". كما أكدت أنها ستقترح آلية رقابة جديدة على تمويل الجمعيات الدينية، مشيرة إلى ما كشفه تقرير وكالة الطوارئ المدنية السويدية عام 2017 بشأن وجود شبكات إخوانية تستخدم غطاء الجمعيات الثقافية والدينية لترويج أفكار موازية للنظام الديمقراطي. من جهته، حاول الحزب الاشتراكي الديمقراطي احتواء العاصفة الإعلامية والسياسية عبر النفي المتكرر لأي علاقة تنظيمية مباشرة مع جماعة الإخوان أو الجمعيات التابعة لها. المتحدثون باسم الحزب شددوا على أن أي تعاون تم مع جمعيات محلية كان في إطار العمل المدني، ولا يمثل اعترافًا بأجنداتها الأيديولوجية. لكن هذه التبريرات لم تقنع خصومهم، خصوصًا أن بعض القيادات المحلية في الحزب ظهرت في صور وفعاليات إلى جانب شخصيات محسوبة على الطيف الإسلاموي، مثل أعضاء في رابطة المسلمين في السويد، أو قياديين سابقين في جمعيات شبابية إسلامية لها جذور إخوانية. ما بين تصعيد اليمين وتبريرات اليسار، يظهر خلف المشهد صراع أعمق يتعلق بإشكالية الاندماج وفشل الرقابة على الجمعيات الدينية والسياسية. أجهزة الأمن السويدية (Säpo) كانت قد نبّهت في تقارير سابقة إلى أن بعض المجموعات الإسلاموية تعتمد على استراتيجيات "التحايل القانوني" لتوسيع نفوذها داخل الأوساط المسلمة، مستخدمة خطابًا مزدوجًا: معتدل في العلن، ومتشدّد في الداخل. هذا ما دفع بعض المحللين، مثل الباحث السويدي ماغنوس نوريل، إلى القول إن "الإخوان لا يسعون للسيطرة بالعنف بل عبر التغلغل الناعم في البيروقراطية والديمقراطية"، وهو ما يجعل القضية ليست فقط أمنية أو سياسية، بل سؤالًا وجوديًا حول حدود التعددية في مجتمع مفتوح مثل السويد. من باريس إلى ستوكهولم.. تصدّع النموذج الليبرالي تشهد أوروبا لحظة مراجعة عميقة للنموذج الليبرالي الذي حكم علاقتها مع الدين والتعددية لعقود، خصوصًا بعد تنامي نفوذ جماعات الإسلام السياسي. فالتجربة أظهرت أن قيم التسامح وحرية المعتقد، التي شكّلت حجر الزاوية في المجتمعات الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، باتت عُرضة للاستغلال من قبل تيارات إيديولوجية لا تؤمن بهذه القيم فعليًا. السويد، مثلها مثل فرنسا وألمانيا والنمسا، بدأت تدرك أن التعددية الثقافية غير المنضبطة يمكن أن تنتج مجتمعات موازية، تستفيد من مؤسسات الديمقراطية دون أن تندمج في نسيجها. وتحديدًا بعد هجمات باريس 2015 وقضية المعلمين في السويد الذين تعرضوا للتهديد بعد انتقادهم ممارسات دينية متشددة، بدأ النقاش يأخذ منحى أكثر صرامة في ربط الأمن القومي بالتطرف الديني. في هذا السياق، برزت تقارير أوروبية، التي دعت إلى إعادة رسم العلاقة بين مؤسسات الدولة والجمعيات ذات المرجعية الإسلاموية. أوصت تقارير المركز، مثل تقرير يناير 2023، بسنّ تشريعات تقيّد تدفق التمويل الخارجي إلى تلك الجمعيات، وإنشاء وحدات متخصصة لمراقبة الخطاب الديني والسياسي داخل المراكز الإسلامية، خاصة تلك التي تتبنى سرديات إخوانية أو سلفية سياسية. كما دعا المركز إلى اعتماد الشفافية التامة في عمل الجمعيات الدينية، وتدريب الموظفين العموميين على التفرقة بين النشاط الإسلامي المدني والنشاط الذي يحمل خلفيات أيديولوجية. استجابةً لهذه الدعوات، شرعت الحكومة السويدية منذ عام 2022 في إجراءات تدريجية تهدف إلى تحجيم نفوذ جماعات الإسلام السياسي. أحد أبرز هذه الخطوات كان إعلان وزارة الثقافة السويدية عن مراجعة شاملة لآلية تمويل الجمعيات الدينية، خاصة تلك التي تتلقى دعمًا من جهات خارجية مثل قطر أو تركيا. كما بدأت السلطات بفحص "البنية الداخلية" للمراكز الإسلامية الكبرى، ومنها مركز ستوكهولم الإسلامي وجمعية فورشبيرغا الإسلامية، التي ذُكرت في تقارير إعلامية واستخباراتية بتهمة تقديم منابر لخطاب مزدوج، معتدل علنًا ومتشدّد ضمنيًا. في موازاة ذلك، تعمل الحكومة على إعادة تنظيم المشهد الديني الإسلامي داخل السويد. أحد أبرز التوجهات المطروحة اليوم هو فرض الرقابة على خطب الجمعة وخطاب المساجد، خصوصًا في المدن الكبرى مثل ستوكهولم ويوتيبوري ومالمو. هذه الخطوة جاءت بعد تقارير استخباراتية أكدت أن بعض الأئمة يتعمدون تمرير رسائل غير منسجمة مع قيم المواطنة والديمقراطية، مستخدمين اللغة العربية أو التركية للتلاعب بالرقابة. إضافة إلى ذلك، تدرس الحكومة إنشاء هيئة مركزية لتأهيل الأئمة على النمط الفرنسي – حيث يُشترط اليوم في فرنسا أن يخضع الإمام لتدريب مدني وقانوني – وذلك لمنع التحاق خطباء غير مؤهلين قادمون من دول خارجية إلى منابر المساجد السويدية. مواجهة الإخوان.. ليست حربًا على الإسلام في قلب النقاش الدائر حول جماعة الإخوان المسلمين في السويد، يجب التأكيد على مبدأ أساسي: التمييز بين الإسلام كعقيدة روحية، وبين الإسلام السياسي كمشروع أيديولوجي. فالحركات التي تتبنى أجندات سياسية باسم الدين – وعلى رأسها جماعة الإخوان – لا تمثل الجالية المسلمة، بل تسعى إلى احتكار تمثيلها وفرض سردية موحدة تعكس مصالحها التنظيمية. هذا ما أشار إليه تقرير وكالة الطوارئ المدنية السويدية (MSB) عام 2017، حين أكد أن بعض الجمعيات المتشددة "تدّعي تمثيل المسلمين لكنها تروّج لرؤية ضيقة ومؤدلجة للإسلام"، ما يخلق صراعًا داخليًا داخل الجاليات نفسها، ويضر بمبدأ التعدد داخل الإسلام ذاته. تجربة السويد تكشف أن جماعة الإخوان لا تتصرف كجمعية دينية محلية بل كفرع من تنظيم عالمي له أهداف استراتيجية تتجاوز حدود الدولة المضيفة. هذا التنظيم يتبنى خطابًا مزدوجًا: معتدلًا موجهًا للإعلام والرأي العام، ومتشدّدًا في الأوساط المغلقة وبين الأنصار. وقد كشفت تقارير سويدية، منها ما نشرته صحيفة إكسبريسن، عن استخدام بعض الأئمة المرتبطين بالجماعة للمنابر في التحريض ضد مفاهيم الدولة العلمانية، أو رفض مشاركة النساء في الأنشطة المجتمعية. هذه الممارسات لا علاقة لها بالإسلام كدين، بل تعكس بنية تنظيمية تسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع وفق مشروع جماعي شمولي. السياسات السويدية الجديدة في مراقبة التمويل الخارجي للجمعيات الدينية، أو فحص محتوى خطاب المساجد، لا تُصنف ضمن حملة ضد الإسلام أو المسلمين، بل تأتي في إطار دفاع الدولة عن قيم المواطنة وفصل الدين عن الدولة. فحرية الدين مكفولة تمامًا في الدستور السويدي، لكن التحايل على هذه الحرية لترويج أجندات سياسية دينية يهدد أسس التعايش الديمقراطي. ولهذا السبب، أكدت وزيرة الثقافة السويدية باربرو أوسكارسون في تصريح عام 2023 أن "الدولة لا تحارب الدين، بل تحارب أولئك الذين يستخدمونه كوسيلة لبناء سلطات موازية داخل المجتمع". من المفارقات التي يجب التنبه لها أن ضحايا الإسلام السياسي في أوروبا كثيرًا ما يكونون من المسلمين أنفسهم، خصوصًا النساء والشباب الذين يُراد لهم البقاء تحت وصاية دينية أو ثقافية مفروضة باسم "الهوية". في السويد، أطلقت جمعيات إسلامية معتدلة – مثل "رابطة المسلمين الديمقراطيين" – حملات ضد احتكار الإخوان للتمثيل، ونددت باستخدام الدين في الخطاب السياسي. كما دعت هذه الجمعيات إلى تمكين المرأة المسلمة، واحترام الحريات الشخصية ضمن الإطار المدني، ما يعكس وجود تيار إسلامي تقدمي لا يتماهى مع الإسلاموية السياسية. وبالتالي، فإن مواجهة الإخوان ليست حربًا على الإسلام، بل حماية للإسلام من التسييس، وللمجتمع من الانقسام. الإخوان تحت المجهر ما بدأ كتقرير أمني في باريس، أصبح اليوم لحظة مواجهة سياسية وفكرية في ستوكهولم. السويد التي طالما وُصفت بأنها حاضنة التسامح الليبرالي، تقف اليوم أمام سؤال وجودي: هل يمكن الحفاظ على نموذج الانفتاح دون أن يتحول إلى بوابة لتسلل جماعات عابرة للقيم الوطنية؟ الإجابة لا تكمن في خطاب الكراهية أو ردود الفعل الشعبوية، بل في سياسات عقلانية، واضحة، صارمة، تراعي الأمن دون أن تفرّط في الحريات. فمكافحة مشروع الإخوان ليست فقط معركة ضد التطرف، بل دفاع عن العقد الاجتماعي الأوروبي نفسه.


الحركات الإسلامية
منذ 2 ساعات
- الحركات الإسلامية
الخطاب المتطرف في ظل الأزمة الفلسطينية: قراءة في خطاب زعيم القاعدة الأخير
استغلال القضايا الوطنية لأجندات تنظيم القاعدة: دراسة في خطاب سعد العولقي كيف تحوّل خطاب العولقي مأساة غزة إلى منصة لتجنيد الإرهابيين؟ في أول ظهور علني له من خلال كلمة صوتية مطولة، أطل سعد العولقي، زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بخطاب مشحون يدعو فيه الأمة الإسلامية إلى ما وصفه بـ"الجهاد الشامل". استغل العولقي العدوان على غزة ليطلق دعوة صريحة للقتال العالمي، مستعيدًا خطاب تنظيم القاعدة الكلاسيكي، لكنه استخدم لغة عاطفية وانتقائية تركز على المظلومية السياسية، مما يعكس رؤية التنظيم تجاه الصراع الراهن. سعد بن عاطف العولقي، المعروف أيضًا باسم أبو الليث، يتولى قيادة القاعدة في شبه الجزيرة العربية منذ مارس 2024، خلفًا لخالد باطرفي. ينحدر العولقي من قبيلة العوالق بمحافظة شبوة اليمنية، وتختلف مصادر ميلاده بين الأعوام 1978 و1981 و1983. قبل توليه القيادة، كان عضوًا في مجلس شورى التنظيم، ما يمنحه نفوذًا وموثوقية داخل صفوف القاعدة. تجدر الإشارة إلى أن برنامج "مكافآت العدالة الأمريكية" يقدم مكافأة تصل إلى ستة ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه، بسبب دعواته العلنية لشن هجمات ضد الأمم المتحدة وحلفائها. وفي يونيو 2025، كشف العولقي عن وجهه لأول مرة عبر "مؤسسة السحاب"، التي تنشط في العمليات الإرهابية في مصر والأردن، وحرض على استهداف دول عربية وتفعيل خطوط إمداد في الخليج دعماً لفلسطين، ما أثار جدلاً حول استراتيجية التنظيم. في 2014، أعلنت القوات اليمنية مقتله، لكن ذلك تبين لاحقًا أنه خطأ. ويعتبر ظهور العولقي العلني في 2025 علامة على أزمة "إفلاس الفكر السياسي" داخل التنظيم، وفقًا لعدد من التحليلات التي تشير إلى صعوبة التنظيم في إيجاد خطاب جديد يلائم التطورات المتسارعة في المنطقة والعالم. من المظلومية إلى التحريض: افتتح سعد العولقي، زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، كلمته بتلاوة آيات من القرآن الكريم، مثل: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"، وأحاديث نبوية ذات طابع تعبوي، في محاولة لإضفاء شرعية دينية على دعوته للجهاد، وتقديم خطابه على أنه استمرار "للنهج النبوي" في مواجهة الظلم. هذا الاستخدام الانتقائي للنصوص الدينية لم يكن لغاية الوعظ أو التضامن، بل لتسويغ العنف وتعبئة النفوس نحو القتال. ركّز العولقي في الجزء الأول من كلمته على ما وصفه بـ"الجرائم الوحشية" التي ترتكبها إسرائيل في غزة، من قتل للمدنيين وتجويع للأطفال وتدمير للمستشفيات والمنازل، معتبرًا أن ما يحدث هو "حرب إبادة شاملة"، تشنها "قوى صهيونية صليبية" بتواطؤ الأنظمة العربية، بل وتواطؤ العالم الإسلامي كله. قال حرفيًا: "إن الأمة أمام حرب صليبية صهيونية كاملة لا تبقي ولا تذر، حرب تُباد فيها غزة من البحر إلى البحر، ويُقتل فيها الرجال والنساء والأطفال وهم ينادون: أين المسلمون؟" لكن هذا السرد العاطفي لم يكن غايته نقل معاناة أهل غزة فقط، بل جاء كمقدّمة تمهيدية للانتقال نحو المطلب المركزي في الخطاب: إعلان الجهاد الشامل، على طريقة القاعدة، باعتباره الرد "الشرعي والوحيد" على ما يجري. ففي نظر العولقي، لا قيمة لأي تضامن لا يُترجم إلى عنف مسلح، ولا جدوى من احتجاجات أو بيانات أو مساعدات إنسانية ما لم تُقرن بالبنادق والمتفجرات. وهو ما عبر عنه بوضوح حين قال: "لن يُرفع الحصار عن غزة، ولن يتوقف العدوان عنها، إلا إذا علم العدو أن هناك ثمنًا باهظًا سيدفعه في كل مكان... وأن دماء المسلمين لن تُزهق مجانًا." هكذا يخلط العولقي ببراعة بين استدرار العاطفة وتصعيد التحريض، فينتقل بالجمهور من مشهد المظلومية إلى واجب الانتقام، ويقودهم بخطاب وجداني ملتهب نحو تبنّي سردية "الجهاد الكوني" كحل وحيد، في استعادة واضحة لوصفات بن لادن والظواهري، لكن عبر بوابة غزة هذه المرة. عودة خطاب القاعدة يُعيد سعد العولقي في خطابه الأخير إحياء سردية تنظيم القاعدة الكلاسيكية، مُكرِّسًا مفاهيم "العدو القريب والعدو البعيد"، ورافعًا لواء "التكفير السياسي" لأنظمة الحكم في العالم الإسلامي. لم يكتف بتوصيفها بالمتخاذلة أو المتواطئة، بل أشار إليها صراحة بأنها "أدوات في يد الصليبيين واليهود"، معتبرًا أن ما يحدث في غزة هو نتيجة "خيانة الأنظمة العربية والإسلامية التي باعت الأمة بثمن بخس". قال العولقي: "إن ما تتعرض له غزة اليوم هو محصلة عقود من التخاذل والعمالة، فلو كانت هناك خلافة إسلامية لما تجرأ الصهاينة على طفل في فلسطين." هذا الاتهام يندرج ضمن الرؤية القاعدية التي ترى في كل سلطة لا تحكم بالشريعة خصمًا يجب إسقاطه. في فقرة مطوّلة من كلمته، أشاد العولقي برموز الجهاد العالمي، وعلى رأسهم عبد الله عزام، الذي وصفه بأنه "المجاهد المربي"، وأسامة بن لادن، الذي قال عنه: "أقام الحجة على العالم، ووجه سهامه نحو قلب أمريكا، فأربكها وأدخلها جحرها." كذلك استحضر سيرة أيمن الظواهري، واصفًا إياه بـ"المنظّر الذي فهم طبيعة العدو الحقيقي". هذا التمجيد الواضح لا يُقصد به فقط الإشادة بالماضي، بل يُراد به تثبيت الشرعية الرمزية للتنظيم، وإعادة تقديم القاعدة كقائد للحراك الإسلامي العالمي. ويمضي العولقي في تصعيد الخطاب، داعيًا إلى نقل المعركة إلى داخل الأراضي الأمريكية، قائلًا: "على المجاهدين أن يعلموا أن رأس الأفعى في واشنطن، وأن أي نصر في فلسطين لا يكتمل إلا بضرب العدو في عقر داره." هذا النوع من الخطاب يعكس العودة إلى مفردات ما بعد 11 سبتمبر، حين كانت القاعدة تُؤسس لمعادلة "الرد بالمثل"، وتدعو لاستهداف المصالح الأمريكية في كل مكان، بحجة أن الولايات المتحدة هي "العدو الأول للأمة"، و"فرعون العصر" كما سمّاها العولقي نصًا. في المجمل، بدا الخطاب موجّهًا لجمهور محبط وعاجز، يشاهد الفظائع في غزة ولا يملك وسيلة للفعل. ومن هذا الباب، يعرض العولقي تنظيمه كـ"البديل الجذري"، القادر وحده على تغيير الواقع. قال بوضوح: "لن تحرر فلسطين المؤتمرات، ولا البيانات، ولا التفاوض، بل يُحررها الرجال الذين نذروا أنفسهم للجهاد في سبيل الله، وساروا على نهج القاعدة." بهذا المنطق، يعيد العولقي تصوير تنظيمه كالممثل الأصيل للأمة في مواجهة العدوان، مغذّيًا الشعور بالعجز بخطاب ثوري يَعِد بالخلاص عبر العنف، لا عبر السياسة أو القانون. لا يمكن قراءة خطاب سعد العولقي بمعزل عن التحولات الإقليمية والضغوط التي تتعرض لها التنظيمات الجهادية، وعلى رأسها القاعدة. ففي ظل تراجع حضور التنظيم في معاقله التقليدية، وتنامي نفوذ "تنظيم الدولة" (داعش) كخصم أيديولوجي وميداني، يبدو أن العولقي يحاول استثمار المشهد الفلسطيني – لا سيما مشاهد الدمار في غزة – لإعادة إحياء سردية "العدو البعيد"، واستدرار تعاطف قاعدة شعبية واسعة باتت تميل إلى الواقعية السياسية أو انكفأت بسبب الإحباط. هذا الخطاب لا ينفصل أيضًا عن صراع داخل التيارات الجهادية نفسها، حيث تحاول القاعدة – عبر أذرعها في اليمن والشام والساحل الإفريقي – أن تُعيد تقديم نفسها كحامل راية "الجهاد العالمي" في مواجهة "تقاعس الحكومات" من جهة، و"وحشية الغرب" من جهة أخرى. ومن خلال رمزية العولقي، وهو نجل الداعية المعروف أنور العولقي الذي قُتل بغارة أمريكية، يسعى التنظيم إلى إعادة إنتاج رموزه، واستدعاء سيرة "شهداء القاعدة" لربط الماضي بالحاضر. في جوهره، لا يقدّم الخطاب جديدًا، بل يكرّر أدبيات قديمة بلغة انفعالية تستند إلى وقائع معاصرة. لكنه مع ذلك يشير إلى محاولة واعية من التنظيم للعودة إلى الساحة، ليس عبر العمليات الكبرى، بل عبر التأثير الخطابي، وتجييش العواطف، واستغلال لحظة الغضب الشعبي لتمرير رسائل تعبئة وتحريض، قد تكون لها تبعات أمنية في مناطق متعددة من العالم. الإفلات من النقد الذاتي: في الوقت الذي يُمطر فيه سعد العولقي خطابه باتهامات قاسية موجهة إلى الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، والحكومات العربية، يلفت الانتباه غيابٌ شبه كامل لأي مراجعة ذاتية لمسيرة التنظيمات الجهادية. فالعولقي يتحدث عن 'خيانات الحكام' و'تآمر الدول الكبرى'، لكنه يتجنب عمداً فتح أي ملف يتعلق بإخفاقات الحركات المسلحة، أو كلفة ما خلّفته مشاريعها على المجتمعات الإسلامية، من دمار وفوضى وتمزيق للنسيج الاجتماعي. وكأن تجربة 'الجهاد العالمي' منذ عقود لا تستحق حتى لحظة مساءلة أو تفكير، بل تُقدّم كمسار نقي لا تشوبه دماء المدنيين ولا فشل سياسي. الأكثر لفتًا هو توظيف العولقي لقضية فلسطين – لا سيما مأساة غزة – كأداة تعبوية تخدم المشروع الجهادي، دون أن يضع في الحسبان أن هذا التوظيف قد ساهم تاريخيًا في اختطاف القضية وتسييسها لصالح أجندات عابرة للحدود. ففي خطابه لا يتحدث العولقي عن فلسطين كقضية تحرر وطني أو شعب يناضل من أجل حريته، بل كـ"ساحة من ساحات الجهاد الأممي"، تسير على خطى أفغانستان والعراق وسوريا، وهو الطرح ذاته الذي ساهم في عسكرة القضية وتغريبها عن عمقها الشعبي. وبينما تتصاعد في الشارع العربي والإسلامي دعوات لتوسيع دائرة النضال الفلسطيني ليشمل الأدوات الدبلوماسية، والنضال المدني، وتوحيد الصف السياسي، يصرّ العولقي على تقديم الصراع ضمن ثنائية مغلقة: "إيمان وكفر"، "نصرة أو خيانة"، "سيف أو خنوع". ففي خطابه يقول: "ما يحدث في غزة يكشف من هم عباد الله ومن هم أولياء الطاغوت"، وهو تعبير يشي بتكفير ضمني لكل من يختار طريقًا آخر غير القتال، حتى لو كان يقف إلى جانب الفلسطينيين سياسيًا أو إنسانيًا. من خلال هذه الثنائية، يعيد الخطاب إنتاج منظومة "الولاء والبراء" التي طالما استخدمتها التنظيمات الجهادية كأداة للتجنيد والتأطير، حيث يُدفع الشاب المتعاطف مع غزة إلى استنتاج أن طريق الانضمام إلى الجماعة هو السبيل الوحيد لـ"نصرة المسلمين". وهنا يكمن الخطر الحقيقي: في اختزال القضية، ونفي أي مساحة للنقاش أو التعدد، وتحويل المأساة الإنسانية إلى مدخل لإعادة تدوير خطاب إقصائي دموي، يرفض التعدد في أدوات المواجهة، ويقصي كل من لا يحمل السلاح. مخاوف من موجة تعبئة جديدة يأتي خطاب سعد العولقي في لحظة فارقة، إذ يعيش العالم الإسلامي حالة شديدة من الغضب الشعبي والاحتقان العاطفي بسبب المجازر التي تُرتكب في غزة، وسط مشاهد مروعة للقتل الجماعي والحصار والتجويع. في هذا السياق، لا تبدو كلمات العولقي مجرد 'نصرة لغزة'، بل تُقرأ كجزء من محاولة واعية لاستثمار هذا الغضب الجمعي وتوجيهه نحو أجندات قديمة جديدة. فحين يصرّ على استخدام تعبيرات مثل 'حرب صليبية صهيونية'، أو حين يتهم الحكومات الإسلامية بـ"الخيانة والردة"، فهو لا يخاطب العقل بقدر ما يستثير مشاعر النقمة، في سياق تعبئة نفسية تمهّد لتجنيد الأفراد. يشير خبراء مكافحة الإرهاب إلى أن مثل هذه الخطابات تمثل حلقة من حلقات 'إحياء الجهاد الكوني'، وهو مشروع ظل يتراجع في السنوات الأخيرة بعد الضربات التي تلقاها تنظيما القاعدة وداعش. واللافت أن العولقي لا يخفي رغبته في هذا الإحياء؛ إذ يقول بوضوح إن "النصرة لغزة لن تكون بغير سيف"، ويتحدث عن "فتح ثغور الجهاد" من اليمن إلى أفغانستان، داعيًا الشباب إلى اللحاق بـ"ركب المجاهدين". هذا التصعيد في اللغة لا يُفهم إلا كمحاولة لإعادة التموضع السياسي للتنظيم، عبر تجديد الدماء وإحياء الرمزية القديمة للقتال. خطورة هذا الخطاب لا تكمن فقط في محتواه، بل في توقيته. فالجماعات الجهادية تدرك أن لحظات الانفعال الشعبي تشكل بيئة خصبة لإعادة التجنيد. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد من الضروري أن يتنقل الشخص فعليًا إلى "أرض المعركة"؛ بل يكفي أن يقتنع بالسردية، وينخرط في نشاط دعمي، أو يُنفّذ عملية فردية باسم "الذئب المنفرد". وهنا يتحوّل خطاب العولقي إلى محفّز للفعل لا مجرد رأي، خصوصًا حين يصف كل من لا يلتحق بالجهاد بأنه "متخلف عن الصفوف"، بل "من أهل النفاق"، على حد تعبيره. إن السياق الذي يتحرك فيه العولقي اليوم يفتح الباب أمام موجة تعبئة جديدة، قد لا تكون بنفس طابع الموجات الجهادية القديمة، لكنها قادرة على إعادة تنشيط خلايا نائمة، أو خلق تعاطف اجتماعي يُضعف حملات الوقاية من التطرف. ومن خلال استغلال المأساة الحقيقية في غزة، يُعاد إنتاج خطاب يستثمر في الدم والدمار ليصوغ 'بطولات جديدة'، ويُلبسها ثوب النُصرة، بينما غايته السياسية والأمنية الحقيقية تكمن في البقاء والاستمرار لا في تحرير الأرض أو إنقاذ الشعب. ردود الفعل الامنية: يثير خطاب سعد العولقي، الذي ظهر فيه مروّجًا لسردية "الجهاد الكوني"، قلقًا بالغًا لدى الأجهزة الأمنية في المنطقة، خصوصًا أن توقيته يتزامن مع حالة غضب شعبي غير مسبوقة بسبب المجازر في غزة. ورغم أن الخطاب لم يتضمّن دعوة مباشرة إلى تنفيذ عمليات فورية، فإن رمزيته التعبوية وطبيعته التحريضية ترفع احتمالات تحرّك خلايا نائمة أو إطلاق موجات تجنيد جديدة، خاصة في بيئات مضطربة مثل اليمن، والساحل الإفريقي، وحتى بعض الأوساط المسلمة في الغرب. بحسب تقارير استخباراتية غربية، فإن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كان قد دخل مرحلة ركود نسبي خلال السنوات الأخيرة، لكن الخطاب الأخير يُفهم على أنه محاولة لكسر هذا الجمود. إذ تشير بعض المصادر إلى تحركات تنظيمية محدودة في محافظتي شبوة والبيضاء باليمن، تشمل تدريبات داخل معسكرات مغلقة، وإعادة تفعيل قنوات اتصال داخلية. كذلك، تتابع الاستخبارات الأميركية والبريطانية عن كثب بعض الحسابات والمراسلات المشفّرة التي تصاعد فيها استخدام شعارات مستلهمة من كلمة العولقي، ما يُعد مؤشرًا على بدء تعبئة إلكترونية تمهيدية. أمام هذا التصعيد الخطابي، رفعت عدة أجهزة استخبارات عربية وغربية من درجة التأهّب، خصوصًا في الدول التي شهدت في السابق عمليات إرهابية على يد خلايا مرتبطة بتنظيم القاعدة. وتشير تحليلات أمنية إلى أن الخطاب لم يكن موجهًا فقط للأنصار المحليين، بل سعى إلى تجاوز الإطار اليمني لاستنهاض قاعدة جهادية عالمية، وهو ما يتقاطع مع تحذيرات الأمم المتحدة من عودة نشاط التنظيمات الإرهابية مستغلّة النزاعات المفتوحة. كما تُبدي بعض العواصم الأوروبية قلقًا متزايدًا من استخدام القضية الفلسطينية كمدخل لإحياء خطاب العنف بين الجاليات المسلمة. الجمهور المستهدف في خطاب سعد العولقي: خطاب سعد العولقي لا يقتصر على مخاطبة أنصار تنظيم القاعدة التقليديين فقط، بل يسعى إلى جذب جمهور أوسع من المسلمين المتدينين والغاضبين، خاصة الشباب، الذين يشعرون بالغضب والاستياء من المجازر التي تحدث في غزة. يستغل العولقي هذا الغضب ليُحوّله إلى أداة تعبئة تحرّضية، مستهدفًا بذلك قطاعات تتراوح بين الجيل الجديد من المقاتلين المحتملين وبين شرائح مجتمعية متدينة تبحث عن تبرير وسبب للتحرك ضد ما تُسمى بـ"العدو الصليبي الصهيوني". يستخدم العولقي في خطابه لغة قريبة من الشباب، مع توظيف مفردات قوية ومشاعر الاستنكار والغضب التي تتماهى مع واقعهم، خصوصًا في المناطق التي تعاني من الفقر والتهميش مثل الريف اليمني وبعض الدول العربية الأخرى. هذا الخطاب يراعي التأثير العاطفي، ويركز على إظهار الصورة كصراع وجودي بين "الإيمان والكفر"، ما يجذب بالدرجة الأولى فئات عمرية بين 18 و35 سنة، الذين يمثلون النواة الأساسية لأي حركة جهادية ناشئة. بجانب استخدامه أدبيات جهادية تقليدية، يحاول العولقي إدخال رموز معاصرة، مثل وصف الصراع بـ"حرب إبادة" و"النكبة"، وهو أسلوب يصدح بمآسي معاصرة عميقة في الذاكرة الجماعية للمسلمين، مما يجعل الخطاب أكثر تأثيرًا وانتشارًا على منصات التواصل الاجتماعي. كما يستغل شعارات المقاومة والعدالة الاجتماعية، ما يوسع دائرة التأثير ليشمل حتى فئات لم تكن بالضرورة منخرطة في التنظيمات المسلحة، وإنما تشعر بالاغتراب السياسي والديني. ختامًا يمكن القول إن خطاب سعد العولقي يمثل محاولة واضحة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لإعادة إحياء مشروعه القديم عبر استثمار مأساة غزة كمحرّك عاطفي لتحفيز قاعدة شعبية واسعة على تبني خطاب العنف والجهاد الشامل. هذا الخطاب، رغم كونه متكررًا في مضامينه، يحمل رمزية قوية تعكس أزمة هوية التنظيم وإفلاسه الفكري في مواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية. ومع ذلك، لا يقتصر الخطر على مضمون الخطاب وحده، بل يتعداه إلى توقيته الذي يزامن موجة غضب شعبي عارمة ومأساة إنسانية حقيقية. هذا يفتح المجال أمام احتمالات تصعيد عمليات إرهابية محلية ودولية، واستغلال التنظيم لموجة التعاطف مع القضية الفلسطينية في تجنيد عناصر جديدة، خاصة في ظل ضعف الرقابة الأمنية في بعض المناطق وعدم الاستقرار السياسي. كما يبرز من هذا الخطاب غياب أي نقد ذاتي أو مراجعة لسياسات التنظيمات الجهادية التي أضرت بالأمة وشعبها، بل يتم تقديم العنف كسبيل وحيد للحل، مع تصفية حسابات سياسية وأيديولوجية ضيقة، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في المنطقة. وفي هذا السياق، يبقى التحدي الأكبر أمام المجتمعات والحكومات هو مواجهة خطاب العنف والفكر المتطرف ببدائل عقلانية وسلمية تتيح تجاوز المأساة نحو بناء مستقبل أكثر استقرارًا. في النهاية، فإن خطاب العولقي يحذر من استمرارية حالة الانقسام والتطرف التي لا تخدم سوى مشاريع التدمير والتفتيت. ومن هنا تبرز أهمية تعزيز الجهود الدولية والإقليمية للوقوف بصلابة في وجه خطابات التحريض، مع دعم المسارات السياسية والإنسانية التي تعيد القضية الفلسطينية إلى سياقها الوطني والإنساني بعيدًا عن استغلال الجماعات المتطرفة لمآسي الشعوب.


ساحة التحرير
منذ 3 ساعات
- ساحة التحرير
الوفاء للشهداء تقليد مستمر!معن بشور
الوفاء للشهداء تقليد مستمر معن بشور* اتصل بي عشية عيد الاضحى المبارك صديق قديم ورفيق درب طويل يسألني 'هل ما زالت زيارة الوفاء لمدافن الشهداء قائمة بعد التهديدات الصهيونية؟ ' أجبته ضاحكاً: 'اخي العزيز ومتى كانت هذه التهديدات تحول دون قيامنا بواجبنا تجاه شهداء لبنان وفلسطين وشهداء أمتنا العربية ، اتذكر كيف كنا نأتي الى مدافن الشهداء في عز الحرب في لبنان وعليه، وفي عز الغزو الاسرائيلي له حين وصل الى بيروت عام 1982، هذه الزيارة للشهداء هي واجب نقوم به منذ خمسين عاماً ولم نتوقف عيداً واحداً لا في عيد الفطر ولا في عيد الاضحى ، طبعاً نحن مستمرون '. لا شك ان سؤال صديقي أدخل في قلبي الشك وخفت ان يكون عدد زوار المدافن هذا العام أقل من الاعوام السابقة، ولكنني مع رفاقي في تجمع اللجان والروابط الشعبية، وفي جمعية شبيبة الهدى ، وجدت الحضور اكثر من اي عام مضى، ووجدت أهالي الشهداء ، اللبنانيين والفلسطينيين، يحتشدون في مدافن الشهداء بالقرب من مستديرة شاتيلا، ويؤكدون انهم سيبقون اوفياء للمبادئ والقيم التي استشهد من اجلها ابناؤهم ، ويتذكرون كيف انه في مثل هذه الايام عام 1982، توغل العدو الصهيوني وبدأ حربه علينا بقصف المدينة الرياضية في مثل هذا اليوم، وتذكرت مع رفيقي مأمون مكحل الذي القى كلمة تجمع اللجان بهذه المناسبة كيف ان شظايا القذائف الصهيونية قد ملأت يومها جسمه. وجسد المناضل شاكر البرجاوي؛ كان الحشد في المدافن كبيراً، ؛كان شباب فلسطين من ابناء (فتح) وفصائل منظمة التحرير يملأون المشهد ، والى جنبهم اعضاء الحملة الاهلية لنصرة فلسطين وقضايا الامة ، وكانت الكلمات تتوالى مع الرفيق الامين سماح مهدي باسم الحملة الاهلية، والاخ مأمون مكحل باسم اللجان والروابط الشعبية، والرفيق علي فيصل نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني والجبهة الديمقراطية ، واختتم الحفل الدكتور سرحان يوسف بأسم حركة فتح التي قدمت وتقدم الشهداء والتي افتتحت الثورة الفلسطينية المعاصرة قي 1-1-1965، كان عريف الحفل أيضاً الاخ ناصر اسعد من حركة فتح وممثلها في الحملة الاهلية، وكانت الكلمات تؤكد على استمرارنا في النضال، وأن هذه التهديدات الصهيونية لن تؤثر في تصميم شعبنا ، تماماً كما لم تؤثر هذه الحرب الهمجية التي يشنها العدو الصهيوني على اهلنا في غزة والضفة والقدس وعموم فلسطين. وكان عهد بين الفلسطينيين واللبنانيين المتواجدين ان تبقى العلاقة بين الاخوة وثيقة وأن لا يرضخ لبنان ابداً للضغوط الاميركية بشأن العلاقة مع الاخوة الفلسطينيين ، أو بشأن احتضان المقاومة. فالمقاومة اليوم هي لغة العصر التي لا يفهم العدو غيرها وهو يواجه مأزقاً وجودياً لم يعرفه من قبل ، بل لتعبير عن ارادة الامة في تحرير ارضها، خصوصاً ان بشائر النصر بدأت تلوح من فلسطين وبدأ التمرد الصهيوني على نتنياهو يتزايد ، خصوصاً مع الدعوة الى حل الكنيست من قبل حلفاء نتنياهو الذين طالما اعتمد عليهم. الاعياد فرصة نفرح بها جميعاً ونهنئ بعضنا بعض بهذه المناسبة السعيدة، لكن اعيادنا لا تكون اعياداً حقيقية إلاّ اذا اقترنت بمقاومة الاحتلال وبمقاومة الظلم والفساد والاستبداد لذلك منذ خمسين عاماً ونحن نحرص على زيارة مدافن الشهداء تأكيداً منا على حرصنا على مبادئنا التي نشأنا عليها، والتي سنستمر حاملين لوائها حتى النصر والتحرير. بيروت في 6-6- 2025