
بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين
عبد الوهاب قطران
بعد أن قضيت إجازة عيد الأضحى أحد عشر يومًا في ثغر اليمن الباسم عدن، تنفست رائحة البحر المالحة، وشاهدت زرقة مياهه تتراقص بلطف، وتتأملت تفاصيل حياة الناس هناك… عدن كانت نسمة في زمن الاختناق، استراحة محارب أنهكته الجبهات الخفية في صنعاء.
هناك، بدا كل شيء جميلًا، هادئًا، وإن لم يكن مثاليًا، لكنه بالمقارنة بدا جنة أرضية.
الكهرباء حكومية، تصل يوميًا أربع ساعات، وسعر الكيلو سبعة ريالات قعيطي، أي مجانًا تقريبًا، ومع ذلك الناس لا يسددون الفواتير.
الغاز أرخص بكثير من صنعاء، وسعر الأسطوانة لا يتجاوز 1500 ريال قديم.
الوقود أرخص، دبة البترول بسعر 7000 قديم فقط.
الاتصالات والإنترنت سريعة ورخيصة: كرت شبكة بــ1000 ريال قعيطي (200 ريال قديم فقط) يدوم عشرة أيام بسعة سبعة جيجا!
أما في صنعاء، فكرت الإنترنت بـ200 يتبخر في عشر دقائق!
كل السلع والخدمات بعدن أرخص، إلا القات، فهو أغلى هناك بكثير.
لكنّ المشهد الأبلغ دلالة، كان في الشوارع:
التسول نادر، ومقتصر على المهمشين فقط، وحتى هؤلاء، إذا أعطيت أحدهم مئة ريال قعيطي (عشرة ريال قديم)، تجمّل وفرح، كأنك منحته كنزًا.
رغم انهيار العملة، ما زالت السيولة موجودة في عدن، والناس يعملون، المال يجري في أيديهم. ثمة حياة تدبّ هناك.
فماذا أحدثكم عنها؟
يكفيها بيتُ البردوني:
'مليحة عاشقها السلّ والجربُ.'
في صنعاء، صارت الشوارع أسواقًا مفتوحة للتسول:
نساء، فتيات جميلات، أطفال، رجال، شيوخ، يجوبون المدينة في كل مربع، يستجدون الناس.
تتوقف خمس دقائق في أي شارع، فيمر عليك عشرات المتسولين… مشهد مرعب، مؤلم، يجعلنا نكره الخروج من بيوتنا إلا للضرورة القصوى.
كل شيء هنا غالٍ، باهظ، متوحّش في كلفته:
الكهرباء، الماء، الغاز، الوقود، التعليم، الصحة، الاتصالات، الإنترنت.
والناس بلا دخل، بلا رواتب، بلا وظائف.
لا أمطار، لا خصب، لا محاصيل.
حتى الأرض شحت، والمواسم جفت، والزراعة ماتت من العطش.
الأسواق راكدة، الاقتصاد مشلول، الناس يتضورون جوعًا بصمتٍ وكرامةٍ مكسورة.
نركض فوق جراحنا، نحترق في صمت، ونبتلع مرارات الحياة اليومية كأنها وجبة مقررة.
كل شيء هنا ثقيل: الهواء، الصمت، الظلال، حتى الأمل إن وُجد، يأتي منكس الرأس، كأنه يعتذر عن تأخره.
نحنُ أبناء مدينة اختطفت من التاريخ والجغرافيا، ووُضعت في برزخ رمادي لا يشبه الحياة ولا الموت. مدينة عالقة بين أنفاس الموتى وصراخ الأحياء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يمنات الأخباري
منذ 5 ساعات
- يمنات الأخباري
بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين
عبد الوهاب قطران بعد أن قضيت إجازة عيد الأضحى أحد عشر يومًا في ثغر اليمن الباسم عدن، تنفست رائحة البحر المالحة، وشاهدت زرقة مياهه تتراقص بلطف، وتتأملت تفاصيل حياة الناس هناك… عدن كانت نسمة في زمن الاختناق، استراحة محارب أنهكته الجبهات الخفية في صنعاء. هناك، بدا كل شيء جميلًا، هادئًا، وإن لم يكن مثاليًا، لكنه بالمقارنة بدا جنة أرضية. الكهرباء حكومية، تصل يوميًا أربع ساعات، وسعر الكيلو سبعة ريالات قعيطي، أي مجانًا تقريبًا، ومع ذلك الناس لا يسددون الفواتير. الغاز أرخص بكثير من صنعاء، وسعر الأسطوانة لا يتجاوز 1500 ريال قديم. الوقود أرخص، دبة البترول بسعر 7000 قديم فقط. الاتصالات والإنترنت سريعة ورخيصة: كرت شبكة بــ1000 ريال قعيطي (200 ريال قديم فقط) يدوم عشرة أيام بسعة سبعة جيجا! أما في صنعاء، فكرت الإنترنت بـ200 يتبخر في عشر دقائق! كل السلع والخدمات بعدن أرخص، إلا القات، فهو أغلى هناك بكثير. لكنّ المشهد الأبلغ دلالة، كان في الشوارع: التسول نادر، ومقتصر على المهمشين فقط، وحتى هؤلاء، إذا أعطيت أحدهم مئة ريال قعيطي (عشرة ريال قديم)، تجمّل وفرح، كأنك منحته كنزًا. رغم انهيار العملة، ما زالت السيولة موجودة في عدن، والناس يعملون، المال يجري في أيديهم. ثمة حياة تدبّ هناك. فماذا أحدثكم عنها؟ يكفيها بيتُ البردوني: 'مليحة عاشقها السلّ والجربُ.' في صنعاء، صارت الشوارع أسواقًا مفتوحة للتسول: نساء، فتيات جميلات، أطفال، رجال، شيوخ، يجوبون المدينة في كل مربع، يستجدون الناس. تتوقف خمس دقائق في أي شارع، فيمر عليك عشرات المتسولين… مشهد مرعب، مؤلم، يجعلنا نكره الخروج من بيوتنا إلا للضرورة القصوى. كل شيء هنا غالٍ، باهظ، متوحّش في كلفته: الكهرباء، الماء، الغاز، الوقود، التعليم، الصحة، الاتصالات، الإنترنت. والناس بلا دخل، بلا رواتب، بلا وظائف. لا أمطار، لا خصب، لا محاصيل. حتى الأرض شحت، والمواسم جفت، والزراعة ماتت من العطش. الأسواق راكدة، الاقتصاد مشلول، الناس يتضورون جوعًا بصمتٍ وكرامةٍ مكسورة. نركض فوق جراحنا، نحترق في صمت، ونبتلع مرارات الحياة اليومية كأنها وجبة مقررة. كل شيء هنا ثقيل: الهواء، الصمت، الظلال، حتى الأمل إن وُجد، يأتي منكس الرأس، كأنه يعتذر عن تأخره. نحنُ أبناء مدينة اختطفت من التاريخ والجغرافيا، ووُضعت في برزخ رمادي لا يشبه الحياة ولا الموت. مدينة عالقة بين أنفاس الموتى وصراخ الأحياء.


اليمن الآن
١٠-٠٦-٢٠٢٥
- اليمن الآن
شروط تأشيرة العمرة الجديدة 1447: تفاصيل هامة للحجاج والمعتمرين
أعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية عن تحديث شروط وضوابط إصدار تأشيرات العمرة للقادمين من الدول العربية لموسم 1447هـ، حيث تتضمن القرارات الجديدة تفاصيل حول رسوم الإصدار ومدة الصلاحية وفترة البقاء في المملكة. السعودية رحلات وحددت الوزارة رسوم إصدار تأشيرة العمرة بمبلغ 300 ريال سعودي (حوالي 80 دولاراً أمريكياً) شاملة الرسوم الإدارية والإلكترونية، مع إمكانية الحصول عليها خلال مدة تتراوح بين 24 إلى 72 ساعة من استكمال الطلب وسداد الرسوم. تتميز تأشيرة العمرة الجديدة بمدة صلاحية تصل إلى 90 يوماً من تاريخ إصدارها، مع إتاحة الإقامة في المملكة لمدة 30 يوماً من لحظة الدخول، ما يمنح المعتمرين مرونة أكبر في تخطيط رحلاتهم وأداء مناسكهم بيسر. ومن أبرز الشروط المحددة للحصول على التأشيرة: جواز سفر ساري المفعول لمدة لا تقل عن 6 أشهر، وحجز برنامج عمرة شامل عبر المنصات المعتمدة، وتقديم شهادات التطعيم ضد الأمراض السارية وفقاً لتعليمات وزارة الصحة. السعودية رحلات كما أتاحت الوزارة إمكانية أداء العمرة للقادمين من الدول العربية بتأشيرات بديلة سواء كانت سياحية أو تجارية سارية، شريطة الحجز المسبق عبر منصة 'نسك' الرسمية، مع توفير تأمين صحي إلزامي يغطي الحالات الطارئة أثناء الإقامة. وتشير التوقعات إلى ارتفاع أعداد المعتمرين العرب بنسبة 20% مقارنة بالموسم الماضي في ظل هذه التسهيلات والتطويرات المستمرة في منظومة الخدمات والنقل والمرافق. التاشيرة السعودية العمرة شارك على فيسبوك شارك على تويتر تصفّح المقالات السابق لا حدود لأحلامك.. أول مدرسة طيران للإعدادية في مصر والشرق الأوسط! التالي لا تدع الشبكة تخذلك.. تحقق من دعم هاتفك للـ 5G بهذه الطرق الفعالة!


اليمن الآن
١٠-٠٦-٢٠٢٥
- اليمن الآن
في حين إيجار الغرفة ١٥٠٠٠ .. مواطنون يشكون من تردي الخدمات بالمخا
كريتر سكاي/ خاص شكاوى مواطنين من تردي الخدمات في منطقة المخا رغم الدعاية السياحية شكا عدد من المواطنين من تردي الأوضاع الخدمية والمعيشية في بعض المناطق الساحلية بمدينة المخا، مؤكدين أن الواقع لا يعكس الصورة التي يتم الترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأشار المواطنون إلى أن بعض "العشش" المؤجرة بمبلغ يصل إلى 15 ألف ريال تفتقر لأبسط مقومات الراحة، حيث لا توجد مكيفات، والطاقة الكهربائية غير منظمة، والأبواب مخلوعة، كما تغيب دورات المياه، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام سوى للتخزين، على حد وصفهم. وطالب المواطنون الجهات المختصة بتحسين البنية التحتية والخدمات، ومراعاة كرامة الزوار وأبناء المنطقة، بعيدًا عن حملات التجميل الإعلامية التي لا تعكس الواقع، مؤكدين احترامهم لمدينة المخا كأرض تاريخية ومهد للهوية الثقافية.