
أجندة قمة بغداد العربية.. بين الاستجابة لتحديات المرحلة والبناء على الإنجازات
قنا
في خضم تحولات إقليمية ودولية دقيقة، تحتضن العاصمة العراقية بغداد اليوم مؤتمر القمة العربية بدورته العادية الرابعة والثلاثين، ومؤتمر القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامس وذلك بالتزامن مع الذكرى الثمانين لتأسيس جامعة الدول العربية، حيث تفرض الأوضاع الراهنة، وفي مقدمتها العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة وتداعياته الإنسانية المتفاقمة، تحديات غير مسبوقة.
وفي هذا السياق، عملت جامعة الدول العربية بالتنسيق مع العراق على إعداد أجندة شاملة للقمة، حيث استضافت بغداد في 30 يناير 2025 السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة، لمناقشة التحضيرات التنظيمية واللوجستية.
وقد أكد فؤاد حسين وزير الخارجية العراقي آنذاك أن الأجندة ستتناول أبرز القضايا الإقليمية، مع التركيز على دعم الأمن والاستقرار، وتعزيز التعاون الاقتصادي العربي، فضلا عن التعامل مع التحديات السياسية والإنسانية المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
وكان من المقرر أن تعقد القمة في أبريل الماضي، إلا أن انعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس الماضي لمناقشة التطورات في غزة، دفع الجامعة إلى تأجيل موعد قمة بغداد إلى مايو الجاري وذلك بالتنسيق مع العراق.
وكان البيان الختامي لقمة القاهرة الطارئة قد شدد على ضرورة تحرك عربي ودولي فاعل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، ودعم جهود قطر ومصر في الوساطة، وتكثيف العمل الدبلوماسي العربي في المحافل الدولية.
وتعقد قمة بغداد في ظل ظروف سياسية وأمنية حساسة، يأتي في مقدمتها الوضع في غزة، حيث يتواصل العدوان الإسرائيلي وسط تفاقم إنساني، وتهديدات متزايدة بالتهجير القسري، ما يستدعي موقفا عربيا موحدا يعزز التضامن مع الدول المجاورة، وفي مقدمتها الأردن ومصر، اللتين تواجهان ضغوطا متزايدة في هذا السياق.
وفي هذا الإطار، يتوقع أن تتناول القمة مجددا دعم المقترح المصري بشأن إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، في إطار خطة قد تتجاوز تكلفتها 30 إلى 40 مليار دولار، نظرا لحجم الدمار والخسائر التي لحقت بالبنية التحتية.
كما يبحث القادة العرب خلال القمة آليات تقديم دعم فاعل لسكان غزة في ظل استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات، بما في ذلك المواد الغذائية والطبية، إلى جانب التأكيد على ضرورة ضمان وصول الإغاثة الإنسانية بشكل عاجل، والتشديد على الدور الحيوي الذي تضطلع به وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والدعوة إلى وقف الممارسات الإسرائيلية التي تعيق مهامها.
وفي السياق ذاته، من المتوقع أن تؤكد القمة على رفض استمرار الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ووقف إرهاب المستوطنين، وإنهاء الإجراءات المالية التي تقوض الاقتصاد الفلسطيني، لا سيما احتجاز أموال المقاصة، باعتبارها مخالفة صريحة للقانون الدولي والإنساني وقرارات الشرعية الدولية.
كما من المنتظر أن تعود مسألة "حل الدولتين" إلى واجهة النقاشات، بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 مايو 2024 لصالح طلب فلسطين الحصول على العضوية الكاملة، بتأييد 143 دولة، وما تبعه من دعوة لمجلس الأمن لإعادة النظر في قراره السابق بهذا الشأن في جلسته المنعقدة في 18 أبريل 2024 ومطالبة المجلس أن يكون منصفا ومساندا لحقوق الشعب الفلسطيني في الحياة والحرية والكرامة الإنسانية.
وفي هذا السياق يتوقع أن تدعو القمة أيضا المجتمع الدولي إلى دعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، فيما ستثمن مواقف الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية أو أعلنت عزمها على ذلك، ولا سيما بعض الدول الأوروبية التي أظهرت ميلا نحو تبني الاعتراف.
ومن المنتظر أن تشمل أجندة القمة العربية العادية التي تستضيفها بغداد اليوم أيضا مناقشة العديد من المستجدات الراهنة في المنطقة، بما في ذلك الوضع في جنوب لبنان وسبل دعم إعمار المناطق التي دمرها القصف الإسرائيلي، حيث يستمر العدوان والخروقات الإسرائيلية المتكررة لسيادة الدولة اللبنانية.
كما تأتي الحرب في السودان أيضا على رأس أولويات أجندة القمة، حيث يشكل الواقع الإنساني المتدهور تحديا كبيرا يتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي من أجل التخفيف من معاناة الشعب السوداني بجانب مناقشة الأوضاع في اليمن وليبيا والصومال.
وفي الشأن السوري، من المتوقع أن تتناول القمة سبل دعم الحكومة السورية الجديدة، والمساهمة في إنجاح مرحلة الانتقال السياسي، إلى جانب ملف إعادة إعمار ما دمرته الحرب وسبل فتح آفاق الاستثمار والتعاون الدولي.
كما يُرجح أن تدعو القمة الكيان الإسرائيلي إلى سحب قواته من الأراضي السورية التي احتلها مؤخرا، ووقف الغارات والتحريض، وضمان احترام سيادة سوريا على أراضيها وحدودها.
أما على الصعيد الإقليمي الأوسع، فتأتي المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة ضمن الملفات المتوقع تناولها، في ظل ارتباط البرنامج النووي الإيراني المباشر بالأمن الإقليمي العربي.
وعلى المستوى الاقتصادي، ستركز القمة على تعزيز التعاون العربي المشترك في مواجهة التحديات التنموية الراهنة، حيث من المتوقع أن تتطرق إلى القضايا التي تم طرحها في القمة الاقتصادية التنموية السابقة، بما في ذلك تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الدول العربية.
وقد أكدت وزارة الخارجية العراقية أن قمة بغداد ستتناول جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الدول العربية، بما يعزز دور الجامعة العربية، خاصة في ظل التحديات الراهنة التي تمر بها المنطقة.
وفي إطار التركيز على التعاون العربي المشترك، أعلن السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية في وقت سابق عن انعقاد الدورة الخامسة للقمة التنموية العربية المقررة اليوم، حيث ستخصص لمناقشة الموضوعات الاجتماعية والتنموية، وذلك بهدف دعم جهود التنمية المستدامة وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول العربية.
وفي هذا الصدد، صرح فؤاد حسين وزير الخارجية العراقي، بأن بلاده تعمل على تعزيز التنسيق العربي لمواجهة التحديات الكبرى، مشددًا على أهمية دعم العمل الاقتصادي المشترك، كاشفا عن مقترحات لتأسيس صناديق مالية مخصصة لدعم الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، في ظل الوضع الكارثي في الأراضي المحتلة وقطاع غزة.
وفي امتداد لهذا التوجه، من المتوقع أن تتناول قمة بغداد ما أقر في القمة العربية الـ33 التي استضافتها مملكة البحرين عام 2024، لا سيما ما يتعلق بالملفات الاقتصادية والاجتماعية.
وتشمل هذه الملفات متابعة التفاعل العربي مع قضايا تغير المناخ، وتعزيز الأمن المائي العربي، خصوصا فيما يتصل بحقوق مصر والسودان في مياه نهر النيل.
كما ينتظر أن تبحث القمة سبل تطوير التعاون العربي في مجالات التكنولوجيا المالية، والابتكار، والتحول الرقمي، بما يدعم التكامل الاقتصادي العربي.
علاوة على ذلك، تشمل الأجندة استعراض الاستراتيجية العربية لحقوق الإنسان المعدلة، ومناقشة الاستراتيجية الإعلامية لمكافحة الإرهاب، وتطوير المنظومة الأمنية العربية لمواجهة التهديدات المتزايدة، وخطة المجلس الاقتصادي والاجتماعي التي تتضمن 12 بندا، على رأسها خطة الاستجابة الطارئة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على فلسطين.
وتشمل أجندة قمة بغداد أيضا استعراض التقدم المحرز في اتفاقية التجارة الحرة العربية، إلى جانب بحث آليات إقامة الاتحاد الجمركي العربي، وتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار والتحول الرقمي.
كما تتناول القمة، الاستراتيجية العربية للشباب والسلام والأمن (2023 -2028)، والمقترح المقدم من الأمانة العامة للجامعة بشأن "الرؤية العربية 2045"، بوصفها خارطة طريق مستقبلية للتنمية والتكامل الإقليمي وقرار المجلس الوزاري العربي للمياه حول الاستراتيجية العربية للأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة – المحدثة (2020 - 2030).
وتشكل قمة بغداد محطة مفصلية في العمل العربي المشترك، إذ تبحث ملفات سياسية وأمنية واقتصادية وإنسانية بالغة التعقيد، في طليعتها القضية الفلسطينية، وأزمات السودان وسوريا واليمن، إلى جانب تعزيز التكامل الاقتصادي ومواجهة التحديات التنموية الإقليمية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب القطرية
منذ ساعة واحدة
- العرب القطرية
رئيس جمهورية بنين يغادر الدوحة
قنا غادر فخامة الرئيس باتريس تالون رئيس جمهورية بنين الدوحة، اليوم، بعد زيارة عمل للبلاد. وكان في وداع فخامته والوفد المرافق، لدى مغادرته مطار حمد الدولي، سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
كالكاليست: تقلبات الدولار تكشف اختلالات أعمق باقتصاد إسرائيل
تراجع الدولار الأميركي بحدة على خلفية قيام وكالة " موديز" بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما انعكس فورا على الأسواق الإسرائيلية. فقد انخفض الدولار بنسبة 0.3% إلى 3.54 شيكلات في بداية تعاملات الأسبوع، فيما صعد اليورو بنسبة 0.7% متجاوزا حاجز 3.99 شيكلات، وهو ما يعكس ضعف الثقة في استقرار السياسة النقدية الأميركية، ولكن في السياق المحلي الإسرائيلي، فإن هذه التقلبات كشفت عن اختلالات أعمق في الاقتصاد. ضغوط على بنك إسرائيل وسط تسارع التضخم ورغم إعلان نمو الناتج المحلي الإسرائيلي بنسبة 3.4% سنويا في الربع الأول من عام 2025، وارتفاع الناتج للفرد بنسبة 2.2% بعد عامين من الجمود والانكماش، إلا أن معدل التضخم لأبريل/نيسان فاجأ الأسواق -بحسب صحيفة كالكاليست الإسرائيلية- مسجلا ارتفاعا شهريا بنسبة 1.1% مقابل توقعات عند 0.6%. وبلغ التضخم السنوي 3.6%، ما وضع بنك إسرائيل في زاوية ضيقة، إذ إن خفض سعر الفائدة لم يعد مطروحا للنقاش، بل بات تجميدها عند مستوى 4.5% هو الخيار المرجح في الاجتماع المقبل. وبحسب كبير الاقتصاديين في "ميطاف"، ألكس زبجينسكي، فإن بيئة التضخم الحالية "لا تسمح بخفض سعر الفائدة"، إلا في حال حدوث تباطؤ حاد في الاستهلاك، مؤكدا أن التوقعات تشير إلى أن سعر الفائدة خلال الـ12 شهرا المقبلة سيبلغ 4.0%. أما التقديرات المستقبلية للأسواق فتشير إلى فائدة متوقعة عند 3.9%، مع محو تدريجي لتوقعات الخفض التي سادت مطلع الشهر. اضطراب داخلي رغم نمو اقتصادي على الورق ورغم أن الحكومة الإسرائيلية سارعت إلى التباهي بنمو الناتج المحلي، فإن واقع السوق يُظهر تناقضا صارخا، خاصة بعد الزيادة الحادة في أسعار الإيجارات بنسبة 4.2%، مقارنة بـ3.9% في الشهر السابق و3.1% في يناير/كانون الثاني، وفق قول الصحيفة. هذا التسارع في الإيجارات دفع محللي "ليدر" إلى رفع توقعاتهم لارتفاع أسعار العقارات إلى 4.0%، بعد أن كانت 3.3% في الشهر الماضي. وتشير بيانات "ليدر" إلى أن التغيرات في منهجية احتساب أسعار تذاكر الطيران، منذ سبتمبر/أيلول 2023، زادت من حدة التقلبات في هذا القطاع، وهو ما يخلق صورة زائفة حول تضخم السفر. ووفق تقديراتهم، فإن مايو/أيار سيشهد انخفاضا بنسبة 12% في أسعار الرحلات الخارجية، ما سيدفع مؤشر الأسعار للارتفاع بنسبة طفيفة تبلغ 0.1% فقط، في حين يُتوقع أن يظل مؤشر يونيو/حزيران مستقرا، ويصعد مؤشر يوليو/تموز بنسبة 0.5% لأسباب موسمية، تضيف الصحيفة. في هذا السياق، تقول "ليدر" إن السياسة النقدية لبنك إسرائيل باتت مقيدة بشكل كبير، مشيرة إلى أن أي خفض للفائدة "لن يحدث قبل أغسطس/آب"، ما يعكس تخوفا ضمنيا من اتساع الفجوة بين التضخم الجامح والأدوات المحدودة المتاحة للسيطرة عليه. إسرائيل تدفع ثمن اضطراب واشنطن التقرير يشير أيضا إلى أن خفض تصنيف الولايات المتحدة فاقم الضغط على الدولار عالميا، حيث انخفض "مؤشر الدولار" بنسبة 0.9% إلى 100.2 نقطة، بينما قفز اليورو بنسبة 1% إلى 1.128 دولارا، وارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.9% إلى 1.339 دولار. هذا الضعف في العملة الأميركية -تتابع الصحيفة- ترافق مع تعميق أزمة الثقة في أدوات الدين الأميركية، حيث يعتقد خبراء، مثل جورج سارافيلوس من "دويتشه بنك"، أن الأسواق بدأت تعيد التفكير في "مدى استعدادها لتمويل العجز الأميركي". وتجد إسرائيل، التي ترتبط ماليا واقتصاديا ارتباطا وثيقا بالسوق الأميركي نفسها الآن عُرضة لموجة مزدوجة من عدم اليقين، الخارجي بسبب ارتباك السياسة المالية في واشنطن، والداخلي بفعل اختلالات التضخم وتجميد الفائدة وارتفاع كلفة المعيشة بحسب كالكاليست.


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
ترامب يصف جولته الخليجية بالرائعة ويشيد بالعلاقات مع قطر والسعودية والإمارات
وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولته الخليجية الأخيرة بالرائعة. وأشاد في كلمة بمركز كينيدي الثقافي بالعاصمة واشنطن بعلاقات الولايات المتحدة مع قطر والسعودية والإمارات، مشيرا إلى أن ما أبرم من صفقات استثمارية خلال جولته الأخيرة غير مسبوق. وأضاف الرئيس الأميركي قائلا "زرنا قطر والسعودية والإمارات، وجلبنا حوالي 5.1 تريليونات دولار، وهذا ليس سيئا". كما وصف ترامب هذه الزيارة بأنها إحدى أنجح الزيارات التي قام بها أي شخص إلى أي مكان على الإطلاق، لافتا "لم نشهد شيئا كهذا من قبل، حققنا (استثمارات بقيمة) 1.4 تريليون في حالة، و2 تريليون في حالة أخرى، أرقام لم يسمع بها أحد من قبل". ومضى يقول "علاقتنا رائعة مع هذه الدول الثلاث الجميلة. إنها دول رائعة. لديهم مال ربما لا مثيل له في أي مكان آخر، لكن لدينا مال أكثر، إلا أننا لم نكن نستخدمه بالطريقة الصحيحة، والآن بدأنا نستخدمه بشكل صائب". واختتم ترامب يوم الجمعة الماضي جولته الخليجية في الإمارات بعد محطتي السعودية ثم قطر، وشهدت الجولة إعلان صفقات بمليارات الدولارات، إضافة إلى انفتاح دبلوماسي تجاه سوريا، وتفاؤل بشأن اتفاق نووي مع إيران. وكانت الحفاوة عنوان استقبال الرئيس الأميركي في الدول الثلاث التي أشاد ترامب بزعمائها، وقال "الإمارات وقطر والسعودية مهمة جدا بالنسبة لنا، خاصة على المستوى الشخصي". وشهدت الزيارة عقد صفقات ضخمة شملت "صفقة قياسية" للخطوط الجوية القطرية لشراء طائرات بوينغ، واستثمارات سعودية بقيمة 600 مليار دولار، ضمنها صفقة أسلحة قال البيت الأبيض إنها "الأكبر في التاريخ".