logo
قصائد الرثاء المجانية في بوسطن

قصائد الرثاء المجانية في بوسطن

الإمارات اليوم٠٩-٠٥-٢٠٢٥

حين يرفض القلب أن يصمت أمام غياب الأحبة يُولد الرثاء.
حين يعجز العقل عن مواكبة الفقدان، ينهض ليكتب الرثاء. الرثاء صرخة خفية تتسلل من نزيف الروح، حين يخطف الموت الأحبة.
الرثاء ليس غرضاً شعرياً فحسب، بل لغة القلوب حين تنوح. هو نشيج اليتيم، وصرخة الثكلى، وزفرة الشيخ الذي أرهقه غياب رفيقة الحياة، ونشيج الطفل الذي يفتّش عن أمه. عرفته العرب منذ قرون خلت، فبكت الخنساء أخاها صخراً، ورثى ابن الرومي أبناءه، ونظم أبوعقبة مالك بن الرَّيْب مرثيته وكأنه يُهيّئ روحه للرحيل.
وتحوّل الرثاء من بكاء على الأفراد إلى نشيد يُشيّع حضارات تحتضر. في الأندلس بكت المدن نفسها. قرطبة لم تعُد قرطبة، وغرناطة تحوّلت إلى مرثية في دموع أبي عبدالله الصغير، آخر ملوك بني الأحمر، وهو يُسلّم - باكياً - مفاتيح غرناطة للسادة الجدد: الملك فرناندو الثاني والملكة إيزابيلا الأولى.
وقصيدة الرثاء فن له هندسته، يبدأ بحتمية الرحيل، ثم بالانهيار الداخلي، ثم امتداح من غاب، وأخيراً التماس العزاء، لا للتسلية عن النفس المكلومة فحسب، فالمرثية ليست صرخة عابرة، بل هي كشاهد القبر، يسجل غياب العين ويوثّق ذكرى الأثر.
واليوم في أروقة «لامونت» في مكتبة هارفارد، تجمّع غرباء وحّدتهم أوشاج فقدان من رحلوا، وربطتهم عُرى الحزن على من افتقدوا. جلسوا في غرفة دافئة من الخشب والذكريات تحت مظلة «مشروع الرثاء»، ينظمون المرثيات قبل أن تبرد الدموع وتجف العبرات.
و«مشروع الرثاء» ليس مشروعاً للنخبة، بل هو دعوة لتسريب الحزن إلى الهواء الطلق. بطاقات شعرية تُوزّع في الفضاءات العامة، وفي المترو، وعلى أعمدة الكهرباء، وعلى جدران الأبنية، كأنما الأسى نفحات توزع مجاناً على المكلومين وبني القلب الكسير.
وهكذا جلس هؤلاء المشاركون ينظمون، لا كشعراء محترفين، بل كقلوب تبحث عن العزاء في الكلمات والصور. وحين قالت المنسقة: «الشعر ليس مِلكاً للنخبة، بل هبة لكل من عرف الألم»، كانت بذلك تعيد القصيدة إلى صاحبها الأول: الإنسان.
من رثاء الخنساء الذي دوّى في صحراء العرب، إلى البطاقات الشعرية التي تتناثر اليوم في شوارع بوسطن، ومن دمع المدن القديمة التي ودّعت حضاراتها، إلى همسات الغرباء المتشابكة في قاعة هارفارد الخشبية، يظلّ الرثاء حاجة إنسانية لا تُقاس بعقارب الزمن، بل نداء داخلي يتسلل إلى قلوب الحزانى حين توصد في وجوههم كل نوافذ العزاء.
*باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قصائد الرثاء المجانية في بوسطن
قصائد الرثاء المجانية في بوسطن

الإمارات اليوم

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • الإمارات اليوم

قصائد الرثاء المجانية في بوسطن

حين يرفض القلب أن يصمت أمام غياب الأحبة يُولد الرثاء. حين يعجز العقل عن مواكبة الفقدان، ينهض ليكتب الرثاء. الرثاء صرخة خفية تتسلل من نزيف الروح، حين يخطف الموت الأحبة. الرثاء ليس غرضاً شعرياً فحسب، بل لغة القلوب حين تنوح. هو نشيج اليتيم، وصرخة الثكلى، وزفرة الشيخ الذي أرهقه غياب رفيقة الحياة، ونشيج الطفل الذي يفتّش عن أمه. عرفته العرب منذ قرون خلت، فبكت الخنساء أخاها صخراً، ورثى ابن الرومي أبناءه، ونظم أبوعقبة مالك بن الرَّيْب مرثيته وكأنه يُهيّئ روحه للرحيل. وتحوّل الرثاء من بكاء على الأفراد إلى نشيد يُشيّع حضارات تحتضر. في الأندلس بكت المدن نفسها. قرطبة لم تعُد قرطبة، وغرناطة تحوّلت إلى مرثية في دموع أبي عبدالله الصغير، آخر ملوك بني الأحمر، وهو يُسلّم - باكياً - مفاتيح غرناطة للسادة الجدد: الملك فرناندو الثاني والملكة إيزابيلا الأولى. وقصيدة الرثاء فن له هندسته، يبدأ بحتمية الرحيل، ثم بالانهيار الداخلي، ثم امتداح من غاب، وأخيراً التماس العزاء، لا للتسلية عن النفس المكلومة فحسب، فالمرثية ليست صرخة عابرة، بل هي كشاهد القبر، يسجل غياب العين ويوثّق ذكرى الأثر. واليوم في أروقة «لامونت» في مكتبة هارفارد، تجمّع غرباء وحّدتهم أوشاج فقدان من رحلوا، وربطتهم عُرى الحزن على من افتقدوا. جلسوا في غرفة دافئة من الخشب والذكريات تحت مظلة «مشروع الرثاء»، ينظمون المرثيات قبل أن تبرد الدموع وتجف العبرات. و«مشروع الرثاء» ليس مشروعاً للنخبة، بل هو دعوة لتسريب الحزن إلى الهواء الطلق. بطاقات شعرية تُوزّع في الفضاءات العامة، وفي المترو، وعلى أعمدة الكهرباء، وعلى جدران الأبنية، كأنما الأسى نفحات توزع مجاناً على المكلومين وبني القلب الكسير. وهكذا جلس هؤلاء المشاركون ينظمون، لا كشعراء محترفين، بل كقلوب تبحث عن العزاء في الكلمات والصور. وحين قالت المنسقة: «الشعر ليس مِلكاً للنخبة، بل هبة لكل من عرف الألم»، كانت بذلك تعيد القصيدة إلى صاحبها الأول: الإنسان. من رثاء الخنساء الذي دوّى في صحراء العرب، إلى البطاقات الشعرية التي تتناثر اليوم في شوارع بوسطن، ومن دمع المدن القديمة التي ودّعت حضاراتها، إلى همسات الغرباء المتشابكة في قاعة هارفارد الخشبية، يظلّ الرثاء حاجة إنسانية لا تُقاس بعقارب الزمن، بل نداء داخلي يتسلل إلى قلوب الحزانى حين توصد في وجوههم كل نوافذ العزاء. *باحث زائر في جامعة هارفارد لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

المرحلة الختامية لـ«الشارقة للمسرح المدرسي 12» تنطلق الاثنين المقبل
المرحلة الختامية لـ«الشارقة للمسرح المدرسي 12» تنطلق الاثنين المقبل

الاتحاد

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • الاتحاد

المرحلة الختامية لـ«الشارقة للمسرح المدرسي 12» تنطلق الاثنين المقبل

محمد عبدالسميع (الشارقة) عقد مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي مؤتمراً صحفيّاً للإعلان عن تفاصيل المرحلة الختاميّة للنسخة الثانية عشرة للمهرجان، الذي ينطلق سنويّاً برعاية كريمة من صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بهدف العناية بمواهب المسرح وفتح آفاقهم وتثقيفهم عبر النشاطات المسرحية المدرسية والثقافيّة. وقالت مريم المعيني المنسق العام للمهرجان: «إنّ يوم الاثنين المقبل سيشهد انطلاقة فعاليات المرحلة الختاميّة للدورة الحاليّة، بمشاركة 15 عرضاً تمثل المدارس الحكومية في الشارقة والمنطقتين الوسطى والشرقية، حيث تأهلت من مدينة الشارقة لهذه المرحلة مسرحيات: «سوسة وسواسة» لمدرسة الأندلس الحلقة الأولى، «حلم ميثة» لمدرسة النوف الحلقة الثانية، «كوكب الدمى» لمجمع زايد التعليمي السيوح، «بال روح» لمدرسة خولة بنت ثعلبة الحلقة الثالثة، «الشبكة السوداء» لمدرسة العروبة للتعليم الثانوية. كما تأهلت من المنطقة الوسطى مسرحيات: «سوشي والشباك البالية» لمدرسة الثميد، «حلم مريم» لمدرسة البطائح، «ماخاب من استشار» لمدرسة نزوى، «أديلا» لمدرسة المدام، «مملكة العجائب» لمدرسة المدام. ومن المنطقة الشرقية تأهلت مسرحيات: «أحلام الفئران» لمدرسة عاتكة بنت زيد الحلقة الأولى، «صوت النوافذ» لمدرسة الهجرة الحلقة الثانية، «نبحث قليلا» لمدرسة أبو أيوب الأنصاري، «للبيع» لمدرسة باحثة البادية الحلقة الثالثة، «انتظار» لمدرسة سيف اليعربي الحلقة الثالثة». وأشارت المعيني إلى مكان عروض المسرحيات في كلٍّ من بيت الشعر ومسرح قصر الثقافة، حيث تتنافس على ثماني جوائز، في مجالات التمثيل والتأليف والإخراج والأداء الاستعراضي والأداء الجماعي وجائزة لجنة التحكيم الخاصّة وأفضل عرض متكامل، كما ذكرت لجنة التحكيم المكونة من الفنانين جمعة علي وأمل محمد وفيصل علي. وأشادت بجائزة الشارقة للتأليف المسرحي، والتي تعدّ الأكبر في بابها محليًّا وعربيًّا، وتحظى بدعم صاحب السمو حاكم الشارقة، حيث فاز في فئة المعلمين والمعلمات:: المعلم أحمد عبدالقادر الرفاعي في المركز الأول، عن نصه «البث الأخير»، والمعلم خالد وليد رسلان، في المركز الثاني عن نصه «إيفو 9»، والمعلم ناصر عبدالله راشد الكنهل، في المركز الثالث عن نصه «مهمة مجهولة الأركان» كما فاز في فئة الطلاب والطالبات بالمركز الأول الطالبة ملاك عمر علوش، عن نصها «الطفلة ملاك والكتاب المسحور»، وفي المركز الثاني: الطالبة شذى عبد اللطيف جابر، عن نصها «يوم صرخت أمي باسمي»، وفي المركز الثالث: الطالبة نور ياسر محمد القصير، عن نصها «لبيئتي أنتمي».

«الشارقة الثقافية» تحتفي بالخط
«الشارقة الثقافية» تحتفي بالخط

صحيفة الخليج

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • صحيفة الخليج

«الشارقة الثقافية» تحتفي بالخط

صدر العدد الجديد من مجلة «الشارقة الثقافية»، وقد تضمّن مجموعة متميزة من الموضوعات والمقالات والحوارات، في الأدب والفن والفكر والسينما والتشكيل والمسرح. وقد جاءت الافتتاحية تحت عنوان (الخط العربي وشارقة الثقافة)، وكتب فوزي تاج الدين عن قصائد إيليا أبو ماضي الذي جعل من شعره بلسماً للإنسان، وتوقفت مروى مسعود عند أحد مؤسسي المدرسة الاستشراقية الألمانية، هو هارتموت فندريش الذي شكل جسراً للتواصل الحضاري، فيما جال محمد أحمد عنب في ربوع مدينة (غرداية) التي تعدّ أعرق وجهات الجزائر السياحية، واستحضر د. أحمد عبدالعزيز زمان الوصل في الأندلس، حيث حمل العرب مشعل الحضارة في الغرب، أما هشام عدرة فاحتفى بمدينة (معرة النعمان) التي تعدّ من أكبر متاحف الفسيفساء في العالم، وقد خلدها أبو العلاء في قصائده. أما في باب (أدب وأدباء)؛ فتابع خليل الجيزاوي فعاليات ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي في دورته الحادية والعشرين، والذي احتفى بأربعة من الأدباء والنقاد في القاهرة، وقرأ محمد فؤاد علي سيرة محمد حسين هيكل رائد الصحافة الثقافية، الذي دعا إلى التجديد في التفكير والأسلوب، وتناولت ذكاء ماردلي أحد رموز الإبداع العربي هو خيرالدين الزركلي الذي يعدّ نموذجاً فذاً للتفاعل بين الأدب والتاريخ، واستعرضت سوسن محمد كامل رحلة عبدالسلام هارون نحو منجم الهوية والإبداع، والذي حوّل شغفه بالتراث إلى إرث خالد، وحاور وحيد تاجا الكاتب والروائي حسونة المصباحي الذي رأى أن الكاتب الحقيقي هو ابن بيئته، وكتب محمد حمودة عن إبداعات عبدالرحمن الخميسي في الموسيقى والمسرح والشعر والسينما والإذاعة. وجاء مقال مدير التحرير نواف يونس، بعنوان «ثنائية المؤلف والمحرر الأدبي».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store