
لغز كوني جديد... إشارات "نابضة" من جسم مجهول تحيّر العلماء
رصد العلماء ظاهرة كونية غامضة أثارت حيرة وتساؤلات واسعة، بعد اكتشاف إشارات نبضية غريبة تصدر من جسم غير معروف بالقرب من نجم يشبه شمسنا.
العالم السابق في ناسا، ريتشارد ستانتون، والباحث في مشروع البحث عن الذكاء خارج الأرض (SETI)، سجل نبضات ضوئية غير معتادة قادمة من نجم في كوكبة الدب الأكبر، وفقًا لدراسة نشرتها مجلة Acta Astronautica.
وجاء هذا الاكتشاف بعد سنوات من المراقبة الدقيقة التي شملت أكثر من 1300 نجم، باستخدام تلسكوبات وأجهزة قياس ضوئي صممها ستانتون بنفسه.
يُشكّل هذا الاكتشاف تحديًا كبيرًا للفهم العلمي الحالي، ويفتح الباب أمام احتمال وجود مصدر ذكي لهذه الإشارات، رغم أن هذا الاحتمال يبقى ضمن نطاق التكهنات العلمية.
وأصبح النجم HD 89389، الذي يقع على بعد 100 سنة ضوئية من الأرض ضمن كوكبة الدب الأكبر، محط الأنظار بعد أن سجلت الأجهزة العلمية في 14 مايو 2023 إشارة ضوئية غريبة. وما يميز هذه الإشارة أنها تتكون من نبضتين متطابقتين تماما تفصل بينهما 4.4 ثانية، مع نمط غريب من التغير في السطوع حيث يمر النجم بمراحل "ساطع-خافت-ساطع" قبل أن يختفي جزئيا في جزء من الثانية.
ويتمثل الأمر الأكثر غرابة في أن هذا النمط يتكرر بدقة مذهلة في كل مرة تظهر فيها الإشارة، وهو ما لم يشهده العلماء من قبل في أكثر من 1500 ساعة من عمليات الرصد السابقة.
وهذه الظاهرة الفريدة تذكر العلماء باكتشاف مماثل قبل أربع سنوات بالقرب من النجم HD 217014، الذي يبعد نحو 50.6 سنة ضوئية عن الأرض. وفي ذلك الوقت، تم تفسير الإشارة بشكل خاطئ على أنها ناتجة عن طيور تعبر مجال الرؤية، لكن التحليلات اللاحقة استبعدت هذا التفسير. واليوم، يعود هذا اللغز الكوني ليطرح نفسه بقوة أكبر، مع إشارات أكثر وضوحا وتعقيدا.
وفي محاولة لفهم هذه الظاهرة، وضع العلماء عدة فرضيات تتراوح بين ظواهر طبيعية، مثل انكسار الضوء في الغلاف الجوي للأرض بسبب موجات صادمة، أو تأثير جاذبية أجسام كونية بعيدة، أو حتى موجات جاذبية غير مكتشفة بعد.
ولكن كما يوضح ستانتون، فإن كل هذه التفسيرات تبقى غير مرضية في هذه المرحلة، حيث لا يوجد نموذج علمي قادر على تفسير كل خصائص هذه الإشارات الغريبة.
وما يزيد من غموض الظاهرة هو أن عمليات الرصد الدقيقة استبعدت وجود أي أجسام متحركة قريبة من النجم يمكن أن تكون مصدرا لهذه النبضات. كما تم استبعاد مصادر التشويش المعتادة مثل الطائرات أو الأقمار الصناعية أو الظواهر الجوية، حيث أن خصائص هذه الإشارات تختلف جذريا عن أي ضوضاء أو إشارات معروفة سابقا.
ويؤكد ستانتون، العالم المتقاعد من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا والذي عمل سابقا في بعثات "فوياجر" الشهيرة، أننا أمام ظاهرة حقيقية تتطلب تفسيرا علميا جديدا.
ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام أسئلة عميقة عن طبيعة هذه الإشارات الغامضة ومصدرها الحقيقي، بينما يستمر البحث عن إجابات في هذا الكون الواسع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ يوم واحد
- ليبانون 24
لغز كوني جديد... إشارات "نابضة" من جسم مجهول تحيّر العلماء
رصد العلماء ظاهرة كونية غامضة أثارت حيرة وتساؤلات واسعة، بعد اكتشاف إشارات نبضية غريبة تصدر من جسم غير معروف بالقرب من نجم يشبه شمسنا. العالم السابق في ناسا، ريتشارد ستانتون، والباحث في مشروع البحث عن الذكاء خارج الأرض (SETI)، سجل نبضات ضوئية غير معتادة قادمة من نجم في كوكبة الدب الأكبر، وفقًا لدراسة نشرتها مجلة Acta Astronautica. وجاء هذا الاكتشاف بعد سنوات من المراقبة الدقيقة التي شملت أكثر من 1300 نجم، باستخدام تلسكوبات وأجهزة قياس ضوئي صممها ستانتون بنفسه. يُشكّل هذا الاكتشاف تحديًا كبيرًا للفهم العلمي الحالي، ويفتح الباب أمام احتمال وجود مصدر ذكي لهذه الإشارات، رغم أن هذا الاحتمال يبقى ضمن نطاق التكهنات العلمية. وأصبح النجم HD 89389، الذي يقع على بعد 100 سنة ضوئية من الأرض ضمن كوكبة الدب الأكبر، محط الأنظار بعد أن سجلت الأجهزة العلمية في 14 مايو 2023 إشارة ضوئية غريبة. وما يميز هذه الإشارة أنها تتكون من نبضتين متطابقتين تماما تفصل بينهما 4.4 ثانية، مع نمط غريب من التغير في السطوع حيث يمر النجم بمراحل "ساطع-خافت-ساطع" قبل أن يختفي جزئيا في جزء من الثانية. ويتمثل الأمر الأكثر غرابة في أن هذا النمط يتكرر بدقة مذهلة في كل مرة تظهر فيها الإشارة، وهو ما لم يشهده العلماء من قبل في أكثر من 1500 ساعة من عمليات الرصد السابقة. وهذه الظاهرة الفريدة تذكر العلماء باكتشاف مماثل قبل أربع سنوات بالقرب من النجم HD 217014، الذي يبعد نحو 50.6 سنة ضوئية عن الأرض. وفي ذلك الوقت، تم تفسير الإشارة بشكل خاطئ على أنها ناتجة عن طيور تعبر مجال الرؤية، لكن التحليلات اللاحقة استبعدت هذا التفسير. واليوم، يعود هذا اللغز الكوني ليطرح نفسه بقوة أكبر، مع إشارات أكثر وضوحا وتعقيدا. وفي محاولة لفهم هذه الظاهرة، وضع العلماء عدة فرضيات تتراوح بين ظواهر طبيعية، مثل انكسار الضوء في الغلاف الجوي للأرض بسبب موجات صادمة، أو تأثير جاذبية أجسام كونية بعيدة، أو حتى موجات جاذبية غير مكتشفة بعد. ولكن كما يوضح ستانتون، فإن كل هذه التفسيرات تبقى غير مرضية في هذه المرحلة، حيث لا يوجد نموذج علمي قادر على تفسير كل خصائص هذه الإشارات الغريبة. وما يزيد من غموض الظاهرة هو أن عمليات الرصد الدقيقة استبعدت وجود أي أجسام متحركة قريبة من النجم يمكن أن تكون مصدرا لهذه النبضات. كما تم استبعاد مصادر التشويش المعتادة مثل الطائرات أو الأقمار الصناعية أو الظواهر الجوية، حيث أن خصائص هذه الإشارات تختلف جذريا عن أي ضوضاء أو إشارات معروفة سابقا. ويؤكد ستانتون، العالم المتقاعد من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا والذي عمل سابقا في بعثات "فوياجر" الشهيرة، أننا أمام ظاهرة حقيقية تتطلب تفسيرا علميا جديدا. ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام أسئلة عميقة عن طبيعة هذه الإشارات الغامضة ومصدرها الحقيقي، بينما يستمر البحث عن إجابات في هذا الكون الواسع.


صوت لبنان
منذ 6 أيام
- صوت لبنان
مركبة تابعة لناسا ترسل صورة "غريبة" للمريخ في رحلتها نحو قمر "أوروبا"
التقطت مركبة "أوروبا كليبر" التابعة لناسا، المتجهة إلى قمر المشتري الجليدي "أوروبا" – صورة "شبحية" بالأشعة تحت الحمراء لكوكب المريخ.وتمكنت المركبة من التقاط هذه الصورة خلال تحليقها القريب من الكوكب الأحمر في 1 مارس 2025. وقد ساعدت هذه الصورة العلماء في معايرة أحد الأجهزة المصممة للتحقق مما إذا كان قمر "أوروبا" قادرا على دعم الحياة كما نعرفها. والتقط الصورة التي تم تركيبها من أكثر من ألف لقطة بالأبيض والأسود ثم تلوينها لاحقا، أثناء تحليق المركبة على ارتفاع 884 كم (550 ميلا) فقط فوق سطح المريخ. وقد استخدمت جاذبية الكوكب في مناورة تعرف باسم "مساعدة الجاذبية" لإبطاء سرعة المركبة وتعديل مسارها حول الشمس استعدادا للجزء الأهم من رحلتها التي تبلغ 3.2 مليار كم (2 مليار ميل) نحو المشتري. ولم يكن التحليق مجرد مناورة ملاحية، بل كان أيضا فرصة لفريق المهمة لاختبار أجهزة المركبة في الفضاء العميق، بما في ذلك جهاز التصوير الحراري E-THEMIS، المصمم لمسح سطح قمر "أوروبا" بحثا عن علامات النشاط الجيولوجي الحديث أو المستمر. وخلال 18 دقيقة في 1 مارس، التقط الجهاز أكثر من 1000 صورة بالأبيض والأسود (واحدة كل ثانية)، وبدأت تصل إلى الأرض في 5 مايو. وللتأكد من دقة البيانات، قارن العلماء الصور الجديدة بالخرائط الحرارية طويلة الأمد للمريخ التي جمعها مسبار "أوديسي" التابع لناسا، والذي يراقب الكوكب الأحمر منذ عام 2001. وقال فيليب كريستنسن، الباحث الرئيسي لجهاز E-THEMIS: "أردنا التأكد من عدم وجود مفاجآت في هذه الصور. والهدف كان تصوير جسم كوكبي نعرفه جيدا، والتأكد من أن البيانات تتطابق تماما مع ما نعرفه عن المريخ بعد 20 عاما من المراقبة". ويكتشف E-THEMIS الضوء تحت الأحمر (أي الحرارة)، ما يتيح للعلماء رسم خرائط لدرجات الحرارة على الأسطح الكوكبية. وعند وصول المركبة إلى نظام المشتري في عام 2030، ستساعد هذه المسوح في تحديد النقاط الساخنة التي قد تشير إلى نشاط جيولوجي حديث تحت القشرة الجليدية لـ"أوروبا". كما ستساعد الصور الحرارية في تحديد المناطق التي قد يكون فيها المحيط الجوفي الضخم لـ"أوروبا" أقرب إلى السطح. فالقمر مليء بالصدوع والتشققات، ويعتقد العلماء أنها ناتجة عن قوى محيطية مثل تيارات الحمل الحراري أو صعود المياه من الأسفل. جدير بالذكر أنه بعد انتهاء التحليق بالقرب من المريخ، ستستفيد المركبة من "مساعدة جاذبية" الأرض في عام 2026، قبل أن تصل إلى مدار المشتري في أبريل 2030. ومن المقرر أن تقوم المركبة بـ 49 تحليقا قريبا من "أوروبا"، ما يتيح للعلماء دراسة إمكانات القمر لاستضافة الحياة. وتمثل مهمة "أوروبا كليبر" خطوة مهمة في البحث عن حياة خارج الأرض، حيث يعتبر قمر المشتري "أوروبا" أحد أكثر الأجرام الواعدة في النظام الشمسي لوجود محيط مائي تحت سطحه الجليدي. ومن خلال هذه الاختبارات الدقيقة، تتأهب ناسا لاكتشافات قد تغير فهمنا للكون.

المدن
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- المدن
متلازمة كيسلر: جحيم المدار الأرضي المُحدِق
أنت في العام 2035، وتشهد اصطدامَ شظية حطام قديم من شبكة "ستارلينك" بأحد الأقمار التابعة لكوكبة "غوانغ" الصينية. يُؤدي التصادمُ بسرعة 27500 كم/ساعة إلى تناثُر آلاف القطع المعدنية بسرعاتٍ مماثلة. كلُّ قطعةٍ منها قادرةٌ على اختراق مركبة فضائية، ومتَّجهةٌ نحو القمر الصناعي التالي. خلال أشهر قليلة، سوف تتسبَّب التصادماتُ المتتالية في قطع الاتصال العالمي، وإلغاء مهمات القمر والمريخ، واحتجاز رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية. هذه هي "متلازمة كيسلر": سلسلةٌ كارثية من الاصطدامات في المدار الأرضي المنخفض (LEO)، تنبأ بها عالم الفيزياء الفلكية في "ناسا" دونالد كيسلر عام 1978. اليوم، تتصدَّر شركة "سبيس إكس" الأمريكية بمشروع "ستارلينك"، والصين عبر كوكبة أقمار "غوانغ"، هذا السباقَ العالميَّ لتوسيع نطاق الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. ومع نشر هذه الأعداد الضخمة ("ستارلينك" 42000 قمرًا، و"غوانغ" 13,000 قمرًا)، نقترب من واقعٍ قد تُخنَق فيه طموحاتُ البشرية الفضائية بِطموحاتٍ تجارية غير مُدْرَكة العواقب. فيزياء الازدحام المداري الأجسام التي تطفو في المدار الأرضي المنخفض (أقل من 2000 كم) لا "تهرب" من جاذبية الأرض، بل هي في حالة توازن بين السرعة وقوة الجذب نحو مركز الأرض. السرعة المدارية (حوالي 7.8 كم/ثانية على ارتفاع 550 كم) تُعادل الجاذبية، مما يؤدي إلى سقوط حر مستمر. وضَّح إسحاق نيوتن هذه الفكرة بتجربة افتراضية عام 1687: إذا أُطلقت قذيفة أفقياً بسرعة كافية، فسوف تدور حول الأرض إلى الأبد. وهذا هو المبدأ الذي يحكم اليوم أكثر من 8000 قمر صناعي نشط. كذلك، محطة الفضاء الدولية تطفو ليس بسبب انعدام الجاذبية كما يظن البعض، بل لأنها في حالة سقوط حر دائم مثل "قذيفة نيوتن". فالجاذبية في المدار الأرضي المنخفض تعادل 94 بالمئة من جاذبية سطح الأرض. لكن هذا التوازن يصبح هشًا. في المدار المزدحم (ارتفاع 550 كم)، قد تحدث تصادمات بسرعة تصل إلى 15 كم/ثانية (10 أضعاف سرعة الرصاصة). شظية حطام بحجم 1 سم تحمل طاقة حركية تعادل قنبلة يدوية، قادرة على تكسير كل ما يعترضها. تُظهر نماذج كيسلر أن تجاوز كثافة الحطام حدًا معينًا في المدار المنخفض سوف يؤدي إلى صدامات متسلسلة. وتحذر محاكاة مثل مشروع "ليجيند" التابع لناسا من أن شبكتي "ستارلينك" و"غوانغ" قد تدفعان المدار الأرضي إلى نقطة اللاعودة بحلول 2035. تخصيص المدارات: سباق بلا قواعد تنص "معاهدة الفضاء الخارجي" (1967) على أن المدارات موارد مشتركة، لكن الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) يخالف هذه المعاهدة ويوزع المواقع حسب "الأولوية الزمنية"، مما يحفز الشركات على إغراق المدار بأقمار جديدة. لكن الفيزياء تفرض حدودًا صارمة: - السعة الاستيعابية: باستخدام قانون "كبلر" الثالث، يُمكن حساب أن المدار المنخفض على ارتفاع 550 كم يستوعب نحو 40000 قمر بشكل مستدام. شبكتا "ستارلينك" و"غوانغ" قد تشغلان في المستقبل القريب 55000 موقعًا. - الاضطرابات المدارية: الاحتكاك مع الغلاف الجوي عند 550 كم قد يؤدي إلى تدهور مدار الأقمار، لكن الشبكات الضخمة تستخدم دفاعات أيونية للحفاظ على مواقعها. كذلك، تعمد "ستارلينك" إلى توجيه الأقمار المعطلة أو الخارجة عن الخدمة نحو الغلاف الجوي بغية إحراقها وتفادي بقائها في المدار كنفايات معدنية. لكن إحراق هذه الأقمار عبر إدخالها عمدًا في الغلاف الجوي أصبح يساهم في زيادة أكسيد الألومنيوم في الهواء، وهو غازٌ ضارٌّ بطبقة الأوزون. نظام تخصيص المواقع لدى "ITU" يُعامل المدارات كترددات راديوية، مُتجاهِلًا أن الأقمارَ أجسامٌ مادية عُرضة للتصادم. التلوث الضوئي والراديوي الشبكات الضخمة للأقمار ومخلفاتها لا تهدد بعضها فحسب، بل تمحو رؤية البشر للكون. قمر واحد من "ستارلينك" يعكس ضوءاً يعادل نجمًا مرئيًا بالعين المجردة في السماء المظلمة. أقمار "غوانغ" الأكبر قد تكون أكثر سطوعًا. - مرصد فيرا روبين: هذه المنشأة العلمية بقيمة 500 مليون دولار، المصممة لرسم خرائط لمليارات المجرات، تُقدّر أن 30 بالمئة من صورها سوف تتشوه بخطوط أقمار الإنترنت بحلول 2030. يُستخدم اليوم ما يُعرف بـ "فلتر الحطام" لإزالة آثار الأقمار الصناعية من الصور الكونية، فوتوشوب فلكي إن أردت! - التشويش الراديوي: هناك مخاوف لدى علماء الفلك بأن ترددات أقمار "غوانغ" تتداخل مع الترددات المستخدمة لدراسة الهيدروجين البدائي؛ أقدم ضوء في الكون. مع العلم أن النطاق (1.400–1.427 جيغا هرتز) مخصص حصريًا لعلم الفلك الراديوي. بشكلٍ عام، تحرص "ستارلينك" على عدم إزعاج علم الفلك بالحد الأدنى؛ فهي تُطفئ أقمارَها في مناطق محددة، أو تُحوّل مسارَها عند طلبٍ من مرصد فلكي. كما عملت الشركةُ على تقليل سطوع الأقمار الجديدة عبر استخدام طلاء مضاد للانعكاس. لكن تُشير التقارير إلى أن هذه النسخ الحديثة من الأقمار تتجاوز سابقاتها بأضعافٍ من ناحية التشويش الراديوي. التخفيف من الحطام: العلم ضد الجشع تتباهى شركات الإنترنت الفضائي بتقنياتها "للتقليل من الحطام"، إلا أن قوانين الفيزياء لا تُجارِي حملات التسويق هذه. أنظمة تفادي الاصطدام في "ستارلينك"، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، قد تنجح مؤقتًا... حتى تطغى كثافة الحطام على قدرتها التنبؤية، عندها ستغدو البيانات أقربَ إلى الفوضى من أي خوارزمية ذكية. بالمقابل بعض الحلول المطروحة تبدو أقربَ إلى الخيال العلمي: فاقتراح التخلص من الحطام الفضائي بأشعّة الليزر، يتجاهل حقيقةً رياضيةً قاسيةً: تبخير قمر صناعي يزن طنًا واحدًا يتطلب طاقةً تعادل انفجارَ عشر قنابل نووية. في المقابل، لا يزال إسقاطُ الأقمار المعطلة لتحترق في الغلاف الجوي أعلى تكلفةً من إطلاق عشرة أقمار جديدة! المعضلة الحقيقية تكمن في الطاقة الهائلة المطلوبة لتنظيف المدارات. فالقوة اللازمة لإزالة الحطام من ارتفاعات مختلفة حول الأرض تُوازي – نظريًا – تلك المطلوبة للهروب من أفق ثقب أسود. المفارقةُ الأكبر أن "ستارلينك"، التي انطلقت كمشروع إنساني لتوصيل الإنترنت للمناطق النائية، تحوّلت اليوم إلى الممول الأساسي لـ"سبيس إكس"، بعائدات متوقعة تصل إلى 30 مليار دولار. هل ندفع اليوم ثمن أحلام إيلون ماسك المريخية بتحويل مدار الأرض إلى ساحة خردة؟! في الختام، لا تمثّل متلازمة كيسلر خطراً مدارياً فحسب، بل اختباراً حقيقياً لمدى نضج البشرية في تعاملها مع الفضاء. لكننا ما زلنا نرتكب الأخطاء ذاتها: نتعامل مع المشاعات الفضائية كما تعاملنا مع مشاعات الأرض ومواردها وبيئتها. لقد حذرت نماذج محاكاة "ناسا" من أن الشظايا المتسارعة قد تتخطى المدار المنخفض لتصل إلى نقطة "لاغرانج 2"، حيث يُوجد تلسكوب "جيمس ويب"، ما يُعرِّض أهم أدواتنا لاستكشاف الكون للدمار.