
الضربة الإسرائيلية تسارعت بقفزات طهران «النووية»
كشفت مصادر أمنية في تل أبيب، عن أن الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران، فجر الجمعة، كانت جاهزة منذ سنتين، ولكن الهجوم الذي شنته «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على بلدات غلاف غزة، عرقل المخطط.
لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان الجيش أيال زامير، توصلا إلى قرار بضرورة تنفيذها في هذا الوقت بدعوى «الحصول على معلومات موثوقة تبين أن إيران قفزت عدة خطوات نحو القدرة على إنتاج قنابل نووية».
وتعود هذه الحرب إلى قرارات قديمة في إسرائيل، اصطدمت بالكثير من التردد والعراقيل. وبحسب صحيفة «معاريف»، الجمعة، فإن المشروع النووي الإيراني بدأ في عهد الشاه، في سبعينات القرن الماضي.
ومع أن إسرائيل كانت على علاقة جيدة مع طهران حينها، فقد أمر رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، بفحص الأمر بعمق حتى تقرر تل أبيب مصلحتها. ولكن، قبل التقدم في الموضوع، جاءت ثورة الخميني (1979) إلى الحكم وجمدت المشروع. بيد أن الحرب مع العراق، غيّرت موقف إيران فقررت إعادة تفعيله. وباشرت إسرائيل عندئذ متابعته بقلق، لأن قادة الخطاب السياسي الإيراني استخدموا صيغة «تدمير إسرائيل».
وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، وضعت الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي تقريراً أمام رئيس الوزراء أرئيل شارون، يؤكد أن طهران أطلقت مشروعها النووي الذي يتضمن استخراج اليورانيوم وتخصيبه. وخلال المداولات طُرحت خطتان لمواجهة التطور الجديد: الأولى تتحدث عن العمل على إسقاط النظام، والثانية إجهاض المشروع النووي.
ولخص شارون النقاش بتفضيل تدمير المشروع النووي. وباشر الجيش وضع خطة، وكلف «الموساد» بتولي مسؤولية العمل داخل إيران. وتم الإعداد للخطة بهدوء وصمت، في زمن حكومة إيهود أولمرت، الذي قام بتدمير مفاعل نووي بدأت كوريا الشمالية بناءه في سوريا.
وبعد انتخاب نتنياهو لرئاسة الحكومة بسنتين، وتحديداً في سنة 2011، طرح وزير دفاعه إيهود باراك، اقتراحاً لضرب المنشآت النووية الإيرانية. لكن قادة الجيش والمخابرات رفضوا الفكرة، أولاً بسبب الاحتكاكات مع نتنياهو وانعدام الثقة به وبأقواله، وثانياً لأن ضرب إيران في هذه المرحلة غير ضروري.
وقال رئيس الموساد، مئير دجان، في حينه: «نضرب فقط عندما نشعر بأن شفرة السكين باتت على الرقبة». ويعدّ هذا الخلاف بين القيادتين السياسية والعسكرية بداية انشقاق خطير في المجتمع الإسرائيلي، تفاقم بسرعة إلى معركة مكشوفة. وراحت منابر نتنياهو واليمين تدير حملة تحريض على قيادة الجيش والأجهزة الأمنية.
لكن الجيش و«الموساد» لم يتوقفا عن الإعداد لضرب إيران، حتى عندما توصل الغرب إلى اتفاق مع طهران في 2015. وقد استغلت إيران الوقت جيداً لنشر مفاعلها النووية على مساحة واسعة من الأراضي الشاسعة، مما جعل إسرائيل غير قادرة على تدمير المشروع.
رجل يلتقط صورة لمبنى تضرر في غارة إسرائيلية على طهران 13 يونيو 2025 (أ.ف.ب)
وصارت تعمل في اتجاهين: إقناع الولايات المتحدة بعملية حربية مشتركة، باعتبار أن الجيش الأميركي يمتلك القدرات والأسلحة المناسبة لذلك، أو القيام بضربة إسرائيلية محدودة لكن مؤذية تحظى بدعم واشنطن، سياسياً ولوجيستياً.
وأعدت إسرائيل هذه الخطة. وبحسب جنرالات سابقين، فإنها استكملت في سنة 2023، وبقي القرار السياسي الذي يصادق على هذه الحرب. وفي هذه الأثناء، حصل هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فتم تجميدها.
والتجميد، لا يعني إسقاط الخطة. فقد بقيت فرق الجيش و«الموساد» التي تعد لهذه الحرب، تجمع المعلومات. بل إنها أجرت عدة تجارب لفحص القدرات الإيرانية الدفاعية.
وخرج الجيش باستنتاج أنه قادر على توجيه ضربة يمكنها إقناع إيران بالتوقيع على اتفاق نووي جيد، تلتزم من خلاله بالتخلي عن النووي. لكنه طلب أن يكون موعدها بعد وقف الحرب في غزة.
بيد أن التغيير الذي أحدثه نتنياهو على قيادة الجيش جلب معه أيضاً تغييراً في الموقف. ومع أن الثقة بنتنياهو بدأت تهتز أيضاً لدى رئيس الأركان الجديد، فإنه قرر المضي قدماً في الإعداد للحرب.
وكان زامير أعلن أن 2025 ستكون سنة حرب على إيران وغزة. ويرى زامير أن تجربة الضربات السابقة لإيران في السنة الماضية وضعف الرد الإيراني، ليسا مجرد تكتيك تتبعه طهران، بل هو ضعف حقيقي. وأكد «الموساد» هذا الانطباع من خلال نشاطه العميق في قلب إيران.
مطار بن غورين في تل أبيب فارغاً من المسافرين عقب الهجوم على إيران (أ.ب)
نتنياهو من جهته، يريد الحرب لأنها الضمان الوحيد للبقاء في الحكم. وأبلغ الجيش أنه سيصادق على أي خطة حربية يقرها. وبحسب بيان نتنياهو، في الأسابيع القليلة الماضية، تلقى تقريراً من الاستخبارات العسكرية يفيد بأن إيران حققت في الشهور الأخيرة قفزات في التقدم في مشروعها النووي، لذلك أطلق الضربة.
ويغتبط نتنياهو بالحصول على دعم أميركي كبير في هذه الحرب. فالولايات المتحدة والرئيس دونالد ترمب شخصياً، ساهما في حملة تضليل طهران وطمأنتها بأن واشنطن لا تريد توجيه ضربة عسكرية طالما أن المفاوضات جارية. لكن هناك تحسباً أيضاً من أن ترمب سيطلب من نتنياهو وقف الحرب في غزة فوراً، ووقف الحرب على إيران، لإعادة المفاوضات من جديد مع طهران والتوصل إلى اتفاق لا يرضي الطموحات والمطامع الإسرائيلية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 23 دقائق
- صحيفة سبق
طائرات "آرش" الإيرانية تضرب أهدافًا دقيقة في إسرائيل وسط تصعيد عسكري غير مسبوق
أعلن التلفزيون الإيراني اليوم السبت أن طائرات انتحارية من طراز "آرش"، تابعة للجيش الإيراني، أصابت أهدافًا محددة داخل إسرائيل، وذلك في إطار عملية مسيّرات نفذتها طهران ردًا على القصف الإسرائيلي الذي استهدف منشآت نووية وعسكرية في إيران ليلة أمس. وبحسب التلفزيون الرسمي، فقد تمكنت هذه المسيّرات من اختراق العمق الإسرائيلي وتدمير أهدافها "بدقة"، فيما أكدت وكالة "فارس" نقلاً عن القوات المسلحة الإيرانية أن العملية حققت نجاحًا كاملًا في استهداف مواقع داخل الأراضي الإسرائيلية. وتُعد طائرة "آرش" واحدة من أبرز الطائرات الانتحارية في الترسانة الإيرانية، بمدى يصل إلى 2000 كيلومتر، وقد صُمّمت لتكون قادرة على الإقلاع من منصات متنقلة دون الحاجة إلى مدرج، ما يمنحها قدرة عالية على المناورة والانتشار في بيئات مختلفة. وتُطلق الطائرة بواسطة وحدة دفع "جيتو" وتتميز بهيكلها الأسطواني وجناحين خلفيين مع محرك مكبسي. وجاء الهجوم بالطائرات المسيرة بعد ساعات من إطلاق إيران 6 موجات من الصواريخ باتجاه إسرائيل، امتدت من الشمال إلى الجنوب، كرد مباشر على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت حيوية في إيران، وأدت إلى مقتل قادة عسكريين بارزين وعدد من العلماء النوويين. وأسفرت الضربات الإيرانية، وفق تقارير أولية، عن مقتل 3 إسرائيليين وإصابة العشرات، إلى جانب دمار كبير في عدة مواقع أبرزها وسط تل أبيب، في مؤشر على أن المواجهة بين الجانبين دخلت مرحلة أكثر عنفًا وخطورة.


صحيفة سبق
منذ 23 دقائق
- صحيفة سبق
60 قتيلاً بينهم 20 طفلاً في قصف إسرائيلي استهدف مجمعًا سكنيًا بطهران
أعلن التلفزيون الإيراني مقتل 60 شخصاً، بينهم 20 طفلاً، إثر قصف إسرائيلي استهدف مجمعاً سكنياً وسط العاصمة طهران مساء الجمعة، ضمن الهجمات الجوية الواسعة التي بدأتها إسرائيل فجر اليوم نفسه ضد مواقع داخل إيران. وبحسب التقرير الرسمي، فقد تم حتى الآن انتشال 38 جثة من تحت الأنقاض، بينهم عشرة أطفال، فيما لا تزال فرق الإنقاذ تواصل جهودها في الموقع وسط ظروف بالغة التعقيد، على أمل العثور على ناجين أو انتشال بقية الضحايا. وكان سلاح الجو الإسرائيلي قد شنّ، فجر الجمعة، عملية عسكرية كبرى استهدفت منشآت حيوية في إيران، بينها مواقع نووية، مصانع صواريخ، ومقار عسكرية، ضمن عملية أطلق عليها اسم "الأسد الصاعد". واعتُبرت هذه الضربات الأعنف منذ بدء التصعيد بين الجانبين.


مباشر
منذ 26 دقائق
- مباشر
إيران: مقتل مديري المخابرات بهيئة الأركان والعمليات العسكرية في القصف الإسرائيلي
مباشر: أعلن التلفزيون الإيراني، مقتل اثنين من قادة هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة خلال الهجوم الإسرائيلي على العاصمة طهران. وذكر التلفزيون، في خبر عاجل، أنه "خلال الهجوم الإسرائيلي على إيران، استشهد العميد غلام رضا محرابي مسؤول شؤون الاستخبارات بهيئة الأركان، واستشهد العميد مهدي رباني مسؤول العمليات في هيئة الأركان العامة". وشنت إسرائيل فجر الجمعة 13 يونيو 2025 هجومًا على إيران، مستهدفة منشآتها النووية، ومصانع الصواريخ الباليستية، وقيادات عسكرية، في عملية أُطلق عليها اسم "الأسد الصاعد".