logo
غزة: عشرات الشهداء والجرحى وقصف إسرائيلي مركّز على شمال وشرق القطاع

غزة: عشرات الشهداء والجرحى وقصف إسرائيلي مركّز على شمال وشرق القطاع

الميادينمنذ يوم واحد
أفاد مراسل الميادين باستشهاد 48 فلسطينياً منذ فجر اليوم الأحد، من جراء اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ الفجر.
"ما لا يقل عن 22 شهيداً في #غزة منذ ساعات الفجر الأولى."التفاصيل مع مراسل #الميادين، أكرم دلول #الميادين pic.twitter.com/re2zzXjLaFفي التفاصيل، ارتقى العديد من الشهداء والجرحى، في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين، في مواصي مدينة خان يونس، جنوبي القطاع.
وذكر مراسلنا أن 16 شهيداً، بينهم أطفال، وسيدة حامل، وصلوا مستشفى ناصر، في خان يونس، منذ ساعات الفجر.
كما استشهد 3 مواطنين فلسطينيين وأصيب آخرون، من جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في حي التفاح شمال شرقي مدينة غزة، إضافة إلى جرحى أصيبوا في قصف الاحتلال على شارع كشكو، بحي الزيتون، جنوب شرقي المدينة.
وقرب مركز مساعدات، شمال رفح، قضى 3 شهداء بنيران "جيش" الاحتلال، حسبما أفاد المراسل.
مخيم الشاطئ شهد أيضاً ارتقاء عدد من السهداء والجرحى، في استهداف إسرائيلي لمدرسة أبو عاصي، وفقاً لمراسل الميادين. 6 تموز
6 تموز
ويتواصل القصف الإسرائيلي على شرق القطاع وشماله، وقد أُفيد بسقوط قذيفة مدفعية إسرائيلية، في محيط مسجد حمزة في حي الدرج، بمدينة غزة.
"قصف إسرائيلي متواصل على شرق وشمال قطاع #غزة، وعالقون تحت أنقاض منزل في حي الزيتون"التفاصيل مع، مراسل الميادين، أكرم دلول 👇#فلسطين pic.twitter.com/ddVLAHyZVJفي غضون ذلك، تنسف قوات الاحتلال عدداً من منازل المواطنين شرقي مدينة غزة.
قصفٌ إسرائيليٌّ وحشيّ على مختلف مناطق غزة، وسقوط عشرات الشهداء والجرحى، وسط أوضاع إنسانية متدهورة يوماً بعد يوم.المزيد من التفاصيل مع مراسل #الميادين، أكرم دلول. pic.twitter.com/OgpTxug9AJوكان الاحتلال الإسرائيلي، قد ارتكب أمس السبت، مجزرة بحق مجموعة من المواطنين في منطقة "المخيم 2" بالنصيرات، حيث أفادت مصادر طبية في مستشفى العودة وسط القطاع، بوصول 8 شهداء بينهم 5 أطفال، و18 إصابة جُلّهم من الأطفال.
وزارة الصحة في قطاع غزة، كشفت عن وصول 80 شهيداً و304 إصابات، إلى مستشفيات القطاع، خلال الـ24 ساعة الماضية، مشيرةً إلى بقاء عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وترتفع بذلك حصيلة حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على غزة إلى 57,418 شهيداً و 136,261 جريحاً منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
كما ذكرت الوزارة في بيانها، أن عدد الشهداء بلغ الـ 6,860، فيما بلغ عدد الجرحى الـ 24,220، منذ استئناف الحرب على غزة في آذار/مارس الفائت.
من جهته، أدان المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع، ضلوع مجموعة "بوسطن الاستشارية" و"غزة الإنسانية" في مخطط أميركي إسرائيلي لتهجير الشعب الفلسطيني.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ارتفاع خسائر الاحتلال في غزة.. قراءة في الأسباب والتداعيات!
ارتفاع خسائر الاحتلال في غزة.. قراءة في الأسباب والتداعيات!

الميادين

timeمنذ 2 ساعات

  • الميادين

ارتفاع خسائر الاحتلال في غزة.. قراءة في الأسباب والتداعيات!

بات واضحاً أن ما بشّر به كثيرون، ونحن منهم، عند انطلاق عمليّة "عربات جدعون" قد تحقّق بشكل كبير، إذ ارتفعت نسبة الخسائر في صفوف قوات الاحتلال إلى نسبة قياسية، بعد أن تعرّضت لسلسلة من العمليات الهجومية النوعية التي نفّذتها قوات النخبة في فصائل المقاومة الفلسطينية، والتي كان أبرزها ما حدث في خان يونس والشجاعية خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة. وقد حمل آخر تلك العمليات، لا سيّما تفجير العربات المدرّعة في خان يونس وحرقها بمن فيها من الجنود، أو تلك التي وقعت في "مربّع الهدى "في حي الشجاعية قبل أيّام عدة، والتي تميّزت بجرأتها واستمرارها لفترة زمنية طويلة، كثيراً من المستجدّات التي لم نعهدها من قبل، خصوصاً في الفترة التي تلت استئناف العدوان الصهيوني على القطاع في الثامن عشر من آذار /مارس الماضي. في سلسلة العمليات الأخيرة، ظهر كثير من التطوّرات التي غابت عن أداء المقاومة الفلسطينية الميداني لبعض الوقت، وهذا الغياب كان مردّه كما يعتقد كثيرون القوة النارية الهائلة التي يعتمد عليها "جيش" الاحتلال أثناء تنفيذه هجماته العسكرية المستمرة والمتواصلة، إذ لجأ إلى استخدام كثافة نيرانية من الجو، ومن سلاح المدفعية لتهيئة مسارح العمليات المحتملة، واعتمد كذلك على الزجّ بعدد كبير من الدبابات والآليات والجنود في مناطق جغرافية صغيرة نسبياً، وهذا ما ساعده في بعض الأحيان على فرض أسلوبه القتالي بصورة واضحة لا تقبل التأويل. في الأسابيع الثلاثة الأخيرة تحديداً، حدث انقلاب هام ولافت في المشهد القتالي، وأصبح واضحاً، على الرغم من محاولة التعتيم الإسرائيلية المعتادة، أن تحوّلات مهمة قد جرت، ليس فقط على المستوى العملياتي التكتيكي، بل وصلت الأمور إلى ما يشبه الانهيار في صفوف قوات الاحتلال، والتي كشفت المشاهد التي نُشرت لهم وهم يهربون من المواجهة رغم تفوّقهم الكبير على مستوى العديد والعتاد أن هناك تغيّرات قد تكون حاسمة في مسار العمليات العسكرية في مختلف مناطق القطاع، وأن ما كان يُراد له أن يكون فصل الختام في مسيرة هذه الحرب الطويلة والقاسية، قد تحوّل إلى فخٍ قاتل لجنود الاحتلال، دفع كثيراً منهم إلى إبداء غضبهم من استمرار هذه الحرب، ورفض آخرين، لا سيما من قوات الاحتياط، العودة إلى القتال في قطاع غزة. في قراءة متأنّية وهادئة، يمكن لنا أن نلحظ جملة من التغيّرات التي جرت مؤخراً، وأدّت إلى هذا الانقلاب في المشهد العملياتي، وهو ما أدى إلى ازدياد نسبة الخسائر في صفوف "جيش" الاحتلال، الأمر الذي أثّر بشكل واضح على عملياته العسكرية، وإلى إقرار عديد من الخبراء والمحللين الصهاينة بعدم نجاعة ما يجري من عمليات، وإلى سقوط معظم الأهداف التي كان يتم التسويق لها من قِبل نتنياهو ووزير حربه على وجه الخصوص. أحد أهم تلك التغيّرات هو استخدام فصائل المقاومة، لا سيّما كتائب القسام وسرايا القدس، أنواعاً جديدة من العبوات الناسفة، سواء تلك التي تتم زراعتها تحت الأرض مثل عبوات "شواظ وثاقب"، ويجري من خلالها استهداف الدبابات وناقلات الجند الثقيلة، أو العبوات المضادة للأفراد، والتي تنتج عنها على الدوام خسائر فادحة، إذ إن مستوى الحماية المقدّم للجنود خارج دباباتهم وآلياتهم يكون أقل بكثير من ذلك الموجود في داخلها. في ما يخص هذا التغيّر، فهو يرجع إلى معطى مهم جداً، وهو حصول المقاومة على كميات كبيرة من المواد المتفجرّة شديدة الانفجار، ومن نوعيات لم تكن متوفرة لها من قبل، وقد تم الحصول على هذه الكميّات لا سيّما من مادة الـ "C4" من خلال السيطرة على شحنات كانت مخصّصة كما يبدو لتنفيذ عمليات تخريبية على يد مجموعة من العملاء والجواسيس، حيث تمكنت المقاومة من رصد وصول هذه الكميات عن طريق إنزالها من الجو بواسطة طائرات "الكواد كابتر"، أو وضعها في "نقاط ميّتة" خلال توغّل قوات الاحتلال في مناطق معينة، وقامت باستخدامها في تصنيع جيل جديد من العبوات الناسفة، يتميّز بقوة انفجارية كبيرة، بالإضافة إلى تخصيص جزء منها في صناعة القذائف المضادة للدروع، والتي باتت تملك قدرة أكبر على اختراق تحصينات المدرعات الصهيونية. اليوم 21:39 اليوم 11:00 تغيّر آخر يتعلق بتطوير المقاومة لقدراتها التكتيكية، وتحديداً على صعيد اعتماد أسلوب الهجمات المركّبة، والتي يتم خلالها اللجوء إلى أشكال مختلفة من القتال، تبدأ في معظم الأحيان بتفجير عبوات ناسفة كبيرة الحجم، وتمتد بعد ذلك لتصل إلى مرحلة الاشتباك المباشر بالأسلحة الرشاشة المتوسطة والخفيفة كما حدث في كمين "الهدى" وسط حي الشجاعية قبل أيام. من أهم مميزات الكمائن المركّبة أنها تمنع جنود الاحتلال من التقاط أنفاسهم، وتحرمهم من إبداء أي ردة فعل مناسبة، بل وتدفعهم إلى اتخاذ قرارات عملياتية خاطئة تكلفهم في كثير من الأحيان خسائر إضافية. تغيّر ثالث لا يقل أهمية عن سابقيه هو اعتماد "جيش" الاحتلال على خطط قتالية مكرّرة، وهو ما مكّن المقاومة من إعداد خطط مواجهة محكمة نتيجة علمها بخط سير قوات العدو، والقدرات التي ينوي استخدامها في هجماته المختلفة، بالإضافة إلى تمكّنها من السيطرة على كثير من مسارح العمليات، والتي أظهرت المشاهد العديدة المنشورة أنها كانت تحت سيطرة كاملة من المقاتلين لفترة طويلة، ولم تكن مجرد هجمات مباغتة يتم بعدها الانسحاب من المكان على وجه السرعة. في "إسرائيل" تم توجيه انتقادات لاذعة للقادة العسكريين الذين يقودون العمليات في غزة، واتهامهم بافتقاد الدافعية للقتال حيناً، وبعدم امتلاكهم خططاً قتالية حديثة ومتجدّدة حيناً آخر، وهذا الموضوع في حقيقة الأمر لا يعود فقط إلى انخفاض في الروح القتالية للضباط والجنود، بل أيضاً إلى ما يمكن تسميته بـ "الإفلاس التكتيكي"، والذي ظهر نتيجة طول فترة الحرب، إلى جانب الشعور باليأس والإحباط الذي بات يسيطر على قسم كبير من القوات الصهيونية العاملة في غزة. رابع التغيّرات حتى لا نُطيل يتعلّق بنوعية الآليات التي بات "جيش" الاحتلال يعتمد عليها في تنفيذ عملياته الهجومية، ومنها كما يشير كثير من المصادر آليات كانت قد خرجت من الخدمة منذ سنوات عديدة، وهو ما أدّى إلى ارتفاع نسبة الضرر التي أصابت تلك الآليات بفعل ضربات المقاومة، وأسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف "جيش" الاحتلال. في الأشهر الأخيرة على وجه الخصوص، لجأت قوات الاحتلال إلى الاعتماد شبه الكامل على دبابات وناقلات جند مدرّعة قديمة ومُستهلكة، ما جعلها عرضة للتدمير الكامل والاحتراق في كثير من الأحيان، إذ يعود استخدام تلك الآليات إلى النقص الكبير الذي يعاني منه سلاح المدرعات في "الجيش" الإسرائيلي بفعل الخسائر التي مُني بها طوال فترة الحرب، وهو الأمر الذي أقرّ به رئيس الأركان الحالي "أيال زامير" عند توليه منصبه قبل أشهر عدة، وقد تصدّرت مدرعات البوما والشيزاريت والـ M113قائمة الآليات التي تم تدميرها خلال الفترة الأخيرة، إلى جانب عدد كبير من دبابات "الميركافا" من الجيل الثالث، والتي كان جميعها قد خرج من الخدمة منذ سنوات عدة، حيث تم استبدالها بالدبابات الحديثة من الجيلين الرابع والخامس، إلى جانب ناقلات الجند من طراز النمر وإيتان وغيرهما. ليس هذا فحسب، بل إن النقص الحاصل في الآليات الإسرائيلية قد وصل إلى الجرافات العسكرية الضخمة من طراز "D9 " إلى جانب الحفارات كبيرة الحجم، والتي تقوم بالدور الأهم في عملية تدمير وهدم منازل الفلسطينيين، إلى جانب دورها في تهيئة الطرق والممرات لمرور الدبابات والمدرعات، وإزالة ما يمكن أن يعترض طريقها من تهديدات بفعل العبوات الناسفة على وجه التحديد. هذا النقص في الجرافات والحفارات دفع "جيش" الاحتلال إلى اللجوء إلى استخدام أنواع أقل تحصيناً في عملياته المختلفة، بل وصل به الأمر إلى الاعتماد على جرافات وحفّارات مدنية، يتم تشغيلها من خلال شركات تجارية إسرائيلية، وهو ما مكّن المقاومة من استهدافها بأقل جهدٍ ممكن، وبأقل قدر من الإمكانيات بفعل عدم امتلاكهالتحصينات مناسبة لهذا النوع من العمليات. على كل حال، وبغض النظر عما إذا كان ارتفاع نسبة الخسائر في صفوف "جيش" الاحتلال سيؤدي إلى وقف هذا العدوان أم لا، وبعيداً مما يجري من مفاوضات يعتقد كثيرون بأنها ستكتب الفصل الأخير في مشوار هذه الحرب الصعبة والقاسية، فإن ارتفاع الأثمان التي يدفعها "الجيش" الصهيوني في قطاع غزة، والتي تترك أثراً معنوياً هائلاً على جبهته الداخلية، وعلى معنويات جنوده الذين يعملون في الميدان، ستسقط من دون أدنى شك كل الأهداف التي رفعها منذ بداية حربه الإجرامية ضد القطاع الصغير والمنكوب، وستؤدي في مرحلة لا نراها بعيدة إلى سقوط الائتلاف اليميني المتطرّف في "إسرائيل"، هذا الائتلاف الذي اعتقد واهماً أن بمقدوره تشكيل خريطة جديدة للشرق الأوسط بقوة الحديد والنار، خريطة تكون فيها "دولة" الاحتلال صاحبة اليد العليا في المنطقة، وهو الأمر الذي يبدو أنه بدأ ينهار بفعل ضربات المقاومين في غزة، وبفعل ما تعرّضت له "دولة" الاحتلال من هزيمة منكرة بعد المواجهة المباشرة مع الجمهورية الإسلامية في إيران.

"إسرائيل" وصناعة الزومبي في غزة
"إسرائيل" وصناعة الزومبي في غزة

الميادين

timeمنذ 3 ساعات

  • الميادين

"إسرائيل" وصناعة الزومبي في غزة

في زمنٍ تحوّلت فيه الحروب إلى مختبرات معقّدة تتجاوز الميدان العسكري إلى البنى المجتمعية العميقة، تبدو غزة اليوم أمام أخطر أشكال العدوان: عدوان على الإنسان ذاته، على أخلاقه، وهويته، وشبكة علاقاته، ومفهومه عن نفسه ومجتمعه. لم تعد الحرب مقتصرة على القصف والتجويع والعزل، بل باتت تستهدف البنية التحتية الأهم لأي مقاومة أو مشروع تحرّر: النسيج الاجتماعي. في قلب هذا النسيج، يتحرك التخريب المنظّم، لا في شكل انفجارات، بل كتحوّل زاحف يعيد إنتاج العشيرة مكان الدولة، والمختار مكان القانون، والغريزة مكان الوعي الجمعي. تسير هذه الخطة بهدوء قاتل: تُحرم الناس من ضروريات الحياة، تُغذّى الفوضى، تُهمّش المؤسسات الوطنية، تُقيّد المبادرات الجامعة، وتُفتح الأبواب للعائلة والعشيرة كملاذ أخير. ومع الوقت، تتكاثر الحوادث التي تُدار فيها المساعدات بقانون الدم، وتُحلّ فيها النزاعات بحكم العُرف والقوة لا القانون والعدل، ويُمنح فيها الولاء للعشيرة بدل الوطن. هي حرب "الكلّ على الكلّ" في ثوب اجتماعي، تُنتجها الضرورة وتغذّيها السياسة الإسرائيلية بدقة بالغة. هذا الانحدار لم يكن عشوائيًا. فمنذ عقود، أدركت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وخاصة جهاز الأمن العام "الشاباك"، أن إخضاع الفلسطينيين لا يتحقق بالقوة الصلبة فقط، بل بالمعرفة الدقيقة لتكوينهم النفسي والاجتماعي والاقتصادي. فالمجتمع الفلسطيني كان ولا يزال تحت المجهر، ليس فقط لرصد تهديداته الأمنية، بل لتفكيكه من داخله. يعمل الشاباك، بالتنسيق مع مراكز الأبحاث الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية، على دراسة البنية العائلية والعشائرية، وخرائط النفوذ المحلي، وأنماط السلوك والانتماء، لتحديد نقاط القوة التي تمنح الفلسطينيين القدرة على المقاومة، ونقاط الضعف التي يمكن استخدامها كرافعة للاختراق. ومع كل جولة قتال أو أزمة معيشية، تتجدد محاولات تغذية العصبيات الفرعية، وفتح خطوط تماس اجتماعية داخلية تُضعف البنيان الوطني، وتُجهض إمكانات الوحدة أو الصمود الجماعي. هذه الاستراتيجية ليست وليدة حرب غزة الأخيرة، بل تستند إلى تجربة استعمارية عميقة الجذور. ففي أعقاب نكبة عام 1948، ومع بقاء جزء من الفلسطينيين في أراضيهم داخل حدود الكيان الجديد، لم تكتفِ "إسرائيل" بمحاولة صهرهم في "الدولة"، بل عمدت إلى تفكيكهم هوياتيًا عبر تصنيفات رسمية: دروز، بدو، مسلمون، مسيحيون. لم يكن الهدف فقط توصيفًا إداريًا، بل مشروعًا ممنهجًا لـطمس الهوية الوطنية الجامعة، وزرع الهويات الدينية والطائفية والقبلية كبديل. - تم تجنيد الدروز قسرًا كأداة لخلق قطيعة بين الانتماء القومي والواجب العسكري. - عُزل البدو في تجمعات مُهمّشة وحرمتهم "الدولة" من أبسط مقومات الحياة. وجرى تفتيت الحضور السياسي للمسلمين والمسيحيين من خلال رعاية زعامات محلية عميلة وتطويق التيارات الوطنية. لقد نجحت "إسرائيل" – نسبيًا – في تحويل فلسطينيي الداخل إلى "أقليات"، تعيش في ظلال "الدولة" لا في مواجهتها، وتخوض صراعات داخلية صغيرة بدل الانخراط في مشروع تحرّر وطني شامل. اليوم، تُعيد "إسرائيل" تصدير هذه المعادلة إلى غزة، ولكن بطريقة أشد قسوة، لأن السياق مختلف والأدوات أكثر تعقيدًا. فالاحتلال لم يعد بحاجة إلى تجنيد مباشر، بل يكفيه تجويع الناس، وتهميش المؤسسات، وتحويل المساعدات إلى أدوات صراع أهلي، لإحياء العشائرية لا كهوية اجتماعية، بل كأداة تحكّم وسلطة بديلة. وهنا، تكمن خطورة المرحلة: أن يتحوّل الفلسطيني الغزّي، بقوة القهر اليومي، من مواطن مقاوم يسعى لبناء دولته المستقلة، إلى فرد معزول يبحث عن حماية عشيرته، ومن حامل لمشروع تحرر وطني إلى مستهلك للمعونة المفقودة، ومن صاحب حق إلى تابع في صراع بقاء فرضته سياسة التجويع الإسرائيلي. اليوم 11:00 اليوم 09:20 ولا يكتمل مشهد التفكيك الممنهج للمجتمع الفلسطيني من دون التوقف عند الهجوم المتصاعد على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الذي لا يأتي بمعزل عن السياق العام، بل يُشكّل ركيزة مركزية في مشروع إلغاء الهُوية الجماعية للاجئين، وتفكيك ما تبقّى من بنى إنسانية جامعة في القطاع. لقد شكّلت "الأونروا"، رغم كل ما يُقال عنها، العنوان المؤسسي الأهم الذي حافظ على مفهوم "اللاجئ الفلسطيني" كهوية قانونية وسياسية وإنسانية، وأبقت حكاية النكبة حيّة في الوعي الدولي. والأهم، أنها كانت – وما زالت – أداة مركزية في ربط الغالبية الساحقة من أبناء غزة، الذين ينحدرون من عائلات لاجئة، بهوية جامعة تتجاوز العائلة والعشيرة والمخيم والحي. من هنا، فإن تفكيك "الأونروا" أو استبدالها بكيانات بديلة غير محايدة أو ذات طابع سياسي أو مناطقي لا يعني فقط تدمير جهاز خدماتي، بل نسف أحد آخر الجسور الجامعة للشعب الفلسطيني، واستبدالها بآليات توزيع تكرّس الزبائنية، والتبعية، والانقسام، وتفتح الباب لهيمنة الهويات الدنيا (العائلية والعشائرية والمناطقية) تحت الرعاية الأمنية الإسرائيلية، على حساب الوطنية والكرامة الجمعية. إضافة إلى ذلك، فإن "الأونروا" كانت – ولا تزال – الجهة الأكثر قدرة وكفاءة على توزيع المساعدات بشكل منظم، سريع، عادل، ويحفظ الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية. ضربها لا يُقوّض فقط الخدمات، بل يفتح المجال أمام حالة من الفوضى والتمييز والتلاعب في المعونات، ما يُفاقم مناخات الانقسام والشك والتنازع. من المشاهد الأكثر إيلامًا، والتي تختصر فصول الحرب المجتمعية على غزة، ما نشاهده يوميًا من تدافع طوابير الناس على المساعدات، لا أمام مقار فلسطينية، ولا مؤسسات دولية حيادية، بل أمام مساعدات الذل والقتل الأميركية (جمعية غزة الإغاثية)، التي تحرسها دبابات الاحتلال، وكأننا في مشهد مستعار من أفلام الزومبي الأميركية، حيث يتحوّل البشر إلى كائنات فاقدة للوعي، مدفوعة فقط بغريزة الجوع. هذا هو النموذج الذي تريده "إسرائيل": فلسطيني لا يطمح إلا للفتات، لا يطالب بدولة مستقلة، ولا يسعى لتحرير، ولا يرى في الوطنية سوى عبئاً على البقاء. إنسان منزوع الطموح، حلمه الهجرة، منسلخ عن الجماعة، لا يسعى إلا لملء معدته، ولو على حساب أخيه وجاره وكرامته. لكن الأخطر من ذلك، أن داخل هذه الكتلة من الجوعى، تعمل "إسرائيل" على خلق نمط أكثر توحشًا من "الزومبي" نفسه: زعماء الميليشيات والعصابات التابعة للشاباك. هؤلاء لا يقتاتون من الجوع، بل يعتاشون عليه، يمسكون بخيوط المساعدات، ينهبونها، ويعيدون توزيعها وفق منطق هندسة الفوضى، بمساعدة وتوجيه مباشر من الشاباك، الذي يرى فيهم أدوات مثالية لتفتيت ما تبقّى من نسيج، ومنع أي إمكانية للتعافي أو النهوض. بهذا الشكل، تتحوّل غزة من ساحة صمود إلى مختبر اجتماعي للاستعمار الحديث: حيث الزومبي يمثّل الشعب المُجَوَّع، والزعماء المتوحشون أدوات الاحتلال، والمساعدات وقود الانهيار الجماعي. ومع أن الاحتلال هو العامل الرئيسي لهذا التفكيك، إلا أن فشل النخب الفلسطينية في حماية الفضاء العام، وتوظيف بعض القوى المحلية في صراعات زبائنية ضيقة، ساهم في تسهيل هذه المخططات، وإنْ بوعي متفاوت. لذا، إن ما يجري في غزة اليوم ليس فقط حربًا على الجغرافيا، بل على الهوية والانتماء والعقل الجمعي. وإذا كانت "إسرائيل" تسعى بكل ما أوتيت من أدوات إلى تفكيك الإنسان الفلسطيني، فإن الرد لا يكون فقط بالمقاومة المسلحة، بل ببناء منظومة وعي جديدة تُعيد الاعتبار للهوية الوطنية، وللمجتمع كحاضنة للمشروع، لا كساحة للاقتتال والانكفاء. فلا مشروع تحرر بلا مجتمع متماسك. ولا وطن يُبنى على أطلال العشيرة. ولا مقاومة تُثمر في صحراء من العنف الأهلي والتفتت الاجتماعي، ما يُراد لغزة ليس فقط أن تسقط، بل أن تُعيد إنتاج ذاتها كفراغ… وما نملكه الآن هو أن نمنع هذا الفراغ من أن يتحوّل إلى قدر.

عن خيانة المثقّف وخيانة التاريخ
عن خيانة المثقّف وخيانة التاريخ

الميادين

timeمنذ 3 ساعات

  • الميادين

عن خيانة المثقّف وخيانة التاريخ

أن تتابع الإبادة في قطاع غزة، أمام صمت العالم، وأن تستمع للأخبار في الوقت الذي يهدّد فيه سموترتش وبن غفير بتجويع غزة بينما تأكل الأمة ما لذّ وطاب، وأن يموت كلّ يوم عشرات الأطفال والنساء من دون أن يصرخ أحد من أجل وقف الدم، يستوقفك لأن تسأل: أين المثقّف مما يجري؟ أين صوت الأدب الذي سيسجّل هذا الصمت المريع؟ أين السينما والمسرح والفن الذي لم يعد يهتمّ بالقضية الفلسطينية؟ وماذا سيكتب التاريخ عن الإبادة الجماعية التي تحدث منذ عامين في بثّ حيّ ومباشر بحقّ أهل غزة؟ بينما تتمتم لنفسك: للأسف، لقد انتقل المثقّف العضوي إلى مثقّف مأجور، إذ خان معظم هؤلاء المعرفة قبل أن يخونوا الشعوب، فهل سيأبهون للتاريخ؟ وإلى أن يكون للأسود مؤرّخون حسبما يقول المثل الأفريقي، سيظلّ التاريخ يمجّد الصياد. لذلك كان لا بدّ من المثقّف الحقيقي، الذي خرج من رحم المعاناة، أن يصرخ "لا" في وجه من قالوا "نعم"، مستذكراً قول الشاعر الراحل أمل دنقل، صاحب قصيدة "لا تصالح" حين يعبّر عن المثقّف الملتزم بقضايا أمته بقوله: معلّق أنا على مشانق الصباح وجبهتي بالموت محنية، لأنني لم أحنها حيّة. فالمثقّف هو صوت الأمة، هو أوّل من يقاوم، يدفع ثمن مواقفه المعارضة لسياسات أيّ نظام يستقوي على صوت الشعوب، والمثقّف ليس بوقاً لسلطة أو عبداً لمنصب أو مصلحة كما بات المشهد اليوم، بل صانع فكر وصمام أمان، وأتذكّر هنا رواية "عو، الجنرال لا ينسى كلابه" لإبراهيم نصر الله، الذي تحدّث عن الصحافي الذي أصبح رئيساً للتحرير بعدما صار بوقاً للجنرال، ورغم ذلك فالتاريخ لا ينتمي إلى أصحاب ربطات العنق والسيارات الفارهة، وسينسى حضورهم الآني طالما هناك أقلام حرّة، تحارب من أجل الحرية؛ فمن خرج من فوهات الأنفاق ومن بين ركام البيوت، لا يشبه من كانوا قبلوا على أنفسهم أن يكونوا أدوات ناعمة للاستعمار أو أدوات للقمع الفكري بيد الجنرال. كثيراً ما يراودني: من الذي سيقنع الأجيال اللاحقة بحقيقة ما يجري؟ من الذي سيخبرهم كيف ولماذا خنعت الأمة في الوقت الذي كان فيه إخوة التراب والدم والدين واللغة يموتون جوعاً وقنصاً وتدميراً، بينما تصدأ أسلحة الجيوش العربية في مخازنها؟ من سيقنع الأطفال حين تكبر، أنّ أكثر من مليوني فلسطيني لا يجدون الطعام، يسيرون لأكثر من عشرين كيلومتراً إلى الجنوب لأجل الحصول على حفنة طعام، بينما تشرع الشركات الأمنية الأميركية بقنصهم واحداً واحداً في مشهد لن تنساه البشرية؟ هل ستخرج تلك الأبواق المسترزقة لاحقاً لتدافع عن صمت وخنوع الأنظمة؟ أم ستلوم الضحية لأنه يسعى للتحرّر من براثن الاستعمار؟ لقد انحرف المثقّفون عن الإرث التحرّري، وتخلّت كثير من بلدان هذه الأمة عن سيادتها لصالح الوصاية الخارجية، بدلاً من صناعة القوة التي تسمح لها ببناء تحالفات عظيمة مع جيران القومية أو الدين، تحفظ هيبتها وكرامتها، كما صارت الأنظمة التي تغنّت بالثورات تميل كلّ الميل مع المستعمر في حصار ومحاربة الأخ والصديق، ولعلّ النموذج الإيراني يفنّد حقيقة التبعيّة العمياء، إذ تنطلق الطائرات من القواعد الأميركية في البلدان العربية وقاعدة إنجرليك التركية ضدّ تلك الجمهورية وغيرها ممن يسعى للخروج عن النظام العالمي الرأسمالي الذي تتسيّد فيه "دولة" الاحتلال على رقاب أيّ مشروع نهضوي حقيقي يواجه المستعمر. اليوم 21:39 اليوم 11:00 لقد ارتهنت معظم النظم العربية والإسلامية للمساعدات الغربية مقابل الولاء، والقروض مقابل التبعيّة، رغم أنها تمتلك الأرض والموارد الطبيعية التي تغنيها عن العالم، فالسودان وحده يمكنه أن يكون سلّة العرب الغذائية، وليبيا الجنة الخضراء ومصر القطن وقصب السكر وو، لكن الاستبداد الداخلي ورفض تداول السلطة ومحاربة الفكر المعارض، والاعتماد على الحماية الأجنبية جعل الأمة في ذيل القافلة، لا تأبه بالتحضّر والنهوض، بل بالبقاء على كرسيّ الحكم، تتسوّل من البنك الدولي وهي تمتلك الطعام والشراب. لقد خسرت النظم الشمولية الثقة الشعبية، وانكشفت أمام الأزمات الأخلاقية، القومية والدينية، إلا أنّ المثير للحنق هو صمت وخنوع أقلام السلطة التي خانت التاريخ النضالي الطويل بتمجيد الصياد ولعن الأسود، ونسيت الحسين والحلّاج وغسان كنفاني وباسل الأعرج وغيرهم الكثير. لقد أثبت المثقّف أمام امتحان غزة الأخلاقي والتاريخي سقوطه المدوّي، وسقوط أخلاقه وضميره؛ إذ كيف سمح لهذه الإبادة أن تحدث من دون أن نسمع له رِكزاً؟ أين الضمير الجمعي العربي؟ أين الأقلام والألوان والسينما التي تلهم الشعوب للثورة؟ أين هؤلاء من المقاطعة الاقتصادية؟ أينهم من فضح الإعلام العالمي المتواطئ؟ أين قصصهم ورواياتهم ولوحاتهم وعروضهم الفنية؟ أينها من التظاهر أمام السفارات وفي الشوارع والأزقة؟ أين كلّ هؤلاء من الصراخ على الفضاء الأزرق على الأقلّ؟ حتى السوشيل ميديا العربية لم تعد تهتم بما يجري مع الإبادة في قطاع غزة. ربما تبيّن أنّ المكان الوحيد الحرّ هو غزة، بينما عقول الأمة محاصرة، فقد انتهت شعارات التحرّر إلى تحالفات مع الجلّاد؟ والجلّاد يتمثّل في الجنرال الذي بات الجميع يدين له بالولاء كما في رواية "عو"، وباتت غزة وأحلافها يمثّلون رمز الوعي والحرية. لقد غدر المثقّف بالتاريخ وباع نفسه لمصلحة لن تمنحه المجد، من دون مواربة أو تجميل لهذا الواقع المدلهم، الفاضح لأرباب القلم والريشة؛ في الوقت الذي حمل فيه قلّة البنادق والأقلام لأجل الحرية، وغزة بأطفالها ونسائها وشيوخها تحاكم المثقّفين بالمعيار الأخلاقي: هل كان هؤلاء مع الإنسان أم ضدّه؟ أما كان عليهم الانتفاض في وجه الجنرال حين خاف الآخرون؟ فالمثقّف الحقيقي يكتب رغم القمع ويتحدّث رغم الحصار ويقف حيث يقف الأطفال لا حيث تقف المدافع. المثقّف العضوي ليس مواطناً عادياً بل حارساً للذاكرة وخيانته أشدّ خطراً من خيانة الجنرال؛ لأنه حين يخون يضلّل أمّة بأكملها.. باختصار: إن خان المثقّف؛ فمن ينير الطريق؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store