logo
في الطيران.. الكلمات حياة

في الطيران.. الكلمات حياة

عكاظ١١-٠٢-٢٠٢٥

هل يمكن لكلمة واحدة أن تنقذ مئات الأرواح؟
في عالم الطيران، الإجابة هي نعم! فحينما تزدحم السماء كل لحظة بالعبارات المرسلة من الأرض؛ يكون لبعض الكلمات وزن أثقل من الطائرات نفسها.
إن التواصل اللغوي في مجال الطيران يُعَدّ ركيزة أساسية لتحقيق السلامة، وكثيرًا ما يكون هو الحد الفاصل بين «صنع» رحلة آمنة و«منع» كارثة محتملة.
منذ عام 1951م اعتمدت المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) اللغة الإنجليزية كلغة رسمية للتواصل الجوي، ورغم ذلك فإن تفاوت مستويات إتقانها، واختلاف اللهجات، والتشويش الصوتي وتداخل الترددات؛ كلها عوامل تخلق فجوات خطيرة في التواصل، هذه الفجوات اللغوية تسبّبت في عدد كبير من الحوادث عبر تاريخ الطيران.
أسوأ هذه الحوادث وقع في مطار تنريفة بجزر الكناري عام 1977م، حيث اصطدمت طائرة بان أمريكان من طراز B747 بطائرة الخطوط الهولندية KLM من الطراز نفسه، أودى الحادث بحياة 583 شخصًا بسبب سوء فهم بين أحد الطيارين والمراقب الجوي نتيجة الإرهاق وسوء الرؤية، هذا الحادث شكّل نقطة تحول في معايير التواصل، حيث أصبح الالتزام بالعبارات المعيارية (Standard Phraseology)
إلزاميًا، وتم حظر استخدام كلمات غامضة مثل «OK» أو «عُلِم».
في عام 1995م، وقعت مأساة أخرى عندما تحطمت طائرة الخطوط الأمريكية المتجهة من ميامي إلى كالي بكولومبيا، ورغم ملاحظة المراقب الجوي للخطأ في مسار الطائرة إلا أن ضعف لغته منعه من تصحيح الوضع، ما أدّى إلى اصطدام الطائرة بجبل ووفاة 159 شخصًا.
في عام 1996م، اصطدمت طائرة تابعة للخطوط السعودية من طراز B747 بطائرة كازاخستانية، في واحدة من أسوأ الحوادث الجوية التي راح ضحيتها 349 شخصًا، وكان السبب أن جميع أفراد طاقم الطائرة الكازاخستانية لا يجيدون اللغة الإنجليزية باستثناء مشغل الراديو.
عام 1997م، تسبب خطأ في التواصل بمطار ميدان الإندونيسي في تحطم طائرة من طراز A330، حيث أمر المراقب الجوي قائد الطائرة بالانعطاف لليمين بدلاً من اليسار، ما أدى إلى اصطدام الطائرة بمنطقة جبلية ومقتل 234 شخصًا.
هذه الحوادث المتكررة وغيرها الكثير دفعت المنظمة الدولية للطيران المدني إلى إصدار تعديلات عام 2003م على ملاحق اتفاقية شيكاغو تُلزِم المختصين في الطيران بالوصول إلى مستوى معين من الكفاءة اللغوية. ووفق تقرير المنظمة، فإن أكثر من 70% من حوادث الطيران بين عامي 1990 و2010 كانت ناتجة عن سوء التواصل.
في عام 2017م كشف تقرير لهيئة الطيران المدني البريطاني عن وقوع 267 حادثة خلال عامين فقط، جميعها نتيجة ضعف التواصل اللغوي، التقرير أشار إلى مخاوف بشأن التلاعب والغش في اختبارات اللغة ببعض الدول.
اليوم، يتم اختبار نظام جديد يُعرف باسم CPDLC
(Controller Pilot Data Link Communication)، وهو نظام رسائل نصية فورية بين المراقب الجوي وقائد الطائرة يتم تبادله عبر الأقمار الصناعية، مع ذلك فالتقدم التقني لن يلغي الحاجة إلى التواصل الصوتي المباشر.
حينما تجلس في الطائرة بين السحاب، قد لا تفكر في تلك المحادثات التي تجري بين الطيارين والمراقبين الجويين، لكن الكلمات غير المسموعة هي التي تقودك إلى وجهتك بسلام، في رحلتك القادمة تذكّر أن الطريق الجوي الذي تسلكه مرصوف بآلاف الكلمات، كلمات قد تبدو «بسيطة» لكنها في اللحظات «الصعبة» ليست مجرد كلمات بل حياة بأكملها.
نعم... الكلمات حياة!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الدعيلج يرأس اجتماع منظمات الطيران المدني الإقليمية في قطر
الدعيلج يرأس اجتماع منظمات الطيران المدني الإقليمية في قطر

المدينة

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • المدينة

الدعيلج يرأس اجتماع منظمات الطيران المدني الإقليمية في قطر

رأس معالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني رئيس المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للطيران المدني، الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالله الدعيلج، الاجتماع الخامس للمنظمات الإقليمية للطيران المدني، وذلك بالتزامن مع أعمال مؤتمر منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) العالمي المقام خلال الفترة من 14 - 17 أبريل 2025م بالعاصمة القطرية الدوحة، وبمشاركة كبار المسؤولين في كل من: المؤتمر الأوروبي للطيران المدني (ECAC)، والمنظمة العربية للطيران المدني (ACAO)، والمفوضية الأفريقية للطيران المدني (AFCAC)، ومفوضية الطيران المدني لدول أمريكا اللاتينية (LACAC).وبُحثت خلال الاجتماع سبل تعزيز التعاون بين المنظمات الإقليمية للطيران المدني، واستعراض جهود التنسيق المشترك، إلى جانب مناقشة الأولويات المطروحة استعدادًا لانعقاد الجمعية العامة الثانية والأربعين لمنظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، إضافة إلى التأكيد على التزام منظمات الطيران المدني الإقليمية القوي بتعميق التعاون بينها وضمان نهج موحد نحو التنمية الآمنة والمستدامة للنقل الجوي العالمي.

نشر في عكاظ يوم 12 - 02
نشر في عكاظ يوم 12 - 02

سعورس

time١١-٠٢-٢٠٢٥

  • سعورس

نشر في عكاظ يوم 12 - 02

هل يمكن لكلمة واحدة أن تنقذ مئات الأرواح؟ في عالم الطيران، الإجابة هي نعم! فحينما تزدحم السماء كل لحظة بالعبارات المرسلة من الأرض؛ يكون لبعض الكلمات وزن أثقل من الطائرات نفسها. إن التواصل اللغوي في مجال الطيران يُعَدّ ركيزة أساسية لتحقيق السلامة، وكثيرًا ما يكون هو الحد الفاصل بين «صنع» رحلة آمنة و«منع» كارثة محتملة. منذ عام 1951م اعتمدت المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) اللغة الإنجليزية كلغة رسمية للتواصل الجوي، ورغم ذلك فإن تفاوت مستويات إتقانها، واختلاف اللهجات، والتشويش الصوتي وتداخل الترددات؛ كلها عوامل تخلق فجوات خطيرة في التواصل، هذه الفجوات اللغوية تسبّبت في عدد كبير من الحوادث عبر تاريخ الطيران. أسوأ هذه الحوادث وقع في مطار تنريفة بجزر الكناري عام 1977م، حيث اصطدمت طائرة بان أمريكان من طراز B747 بطائرة الخطوط الهولندية KLM من الطراز نفسه، أودى الحادث بحياة 583 شخصًا بسبب سوء فهم بين أحد الطيارين والمراقب الجوي نتيجة الإرهاق وسوء الرؤية، هذا الحادث شكّل نقطة تحول في معايير التواصل، حيث أصبح الالتزام بالعبارات المعيارية (Standard Phraseology) إلزاميًا، وتم حظر استخدام كلمات غامضة مثل «OK» أو «عُلِم». في عام 1995م، وقعت مأساة أخرى عندما تحطمت طائرة الخطوط الأمريكية المتجهة من ميامي إلى كالي بكولومبيا، ورغم ملاحظة المراقب الجوي للخطأ في مسار الطائرة إلا أن ضعف لغته منعه من تصحيح الوضع، ما أدّى إلى اصطدام الطائرة بجبل ووفاة 159 شخصًا. في عام 1996م، اصطدمت طائرة تابعة للخطوط السعودية من طراز B747 بطائرة كازاخستانية، في واحدة من أسوأ الحوادث الجوية التي راح ضحيتها 349 شخصًا، وكان السبب أن جميع أفراد طاقم الطائرة الكازاخستانية لا يجيدون اللغة الإنجليزية باستثناء مشغل الراديو. عام 1997م، تسبب خطأ في التواصل بمطار ميدان الإندونيسي في تحطم طائرة من طراز A330، حيث أمر المراقب الجوي قائد الطائرة بالانعطاف لليمين بدلاً من اليسار، ما أدى إلى اصطدام الطائرة بمنطقة جبلية ومقتل 234 شخصًا. هذه الحوادث المتكررة وغيرها الكثير دفعت المنظمة الدولية للطيران المدني إلى إصدار تعديلات عام 2003م على ملاحق اتفاقية شيكاغو تُلزِم المختصين في الطيران بالوصول إلى مستوى معين من الكفاءة اللغوية. ووفق تقرير المنظمة، فإن أكثر من 70% من حوادث الطيران بين عامي 1990 و2010 كانت ناتجة عن سوء التواصل. في عام 2017م كشف تقرير لهيئة الطيران المدني البريطاني عن وقوع 267 حادثة خلال عامين فقط، جميعها نتيجة ضعف التواصل اللغوي، التقرير أشار إلى مخاوف بشأن التلاعب والغش في اختبارات اللغة ببعض الدول. اليوم، يتم اختبار نظام جديد يُعرف باسم CPDLC (Controller Pilot Data Link Communication)، وهو نظام رسائل نصية فورية بين المراقب الجوي وقائد الطائرة يتم تبادله عبر الأقمار الصناعية، مع ذلك فالتقدم التقني لن يلغي الحاجة إلى التواصل الصوتي المباشر. حينما تجلس في الطائرة بين السحاب، قد لا تفكر في تلك المحادثات التي تجري بين الطيارين والمراقبين الجويين، لكن الكلمات غير المسموعة هي التي تقودك إلى وجهتك بسلام، في رحلتك القادمة تذكّر أن الطريق الجوي الذي تسلكه مرصوف بآلاف الكلمات، كلمات قد تبدو «بسيطة» لكنها في اللحظات «الصعبة» ليست مجرد كلمات بل حياة بأكملها. نعم... الكلمات حياة!

في الطيران.. الكلمات حياة
في الطيران.. الكلمات حياة

عكاظ

time١١-٠٢-٢٠٢٥

  • عكاظ

في الطيران.. الكلمات حياة

هل يمكن لكلمة واحدة أن تنقذ مئات الأرواح؟ في عالم الطيران، الإجابة هي نعم! فحينما تزدحم السماء كل لحظة بالعبارات المرسلة من الأرض؛ يكون لبعض الكلمات وزن أثقل من الطائرات نفسها. إن التواصل اللغوي في مجال الطيران يُعَدّ ركيزة أساسية لتحقيق السلامة، وكثيرًا ما يكون هو الحد الفاصل بين «صنع» رحلة آمنة و«منع» كارثة محتملة. منذ عام 1951م اعتمدت المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) اللغة الإنجليزية كلغة رسمية للتواصل الجوي، ورغم ذلك فإن تفاوت مستويات إتقانها، واختلاف اللهجات، والتشويش الصوتي وتداخل الترددات؛ كلها عوامل تخلق فجوات خطيرة في التواصل، هذه الفجوات اللغوية تسبّبت في عدد كبير من الحوادث عبر تاريخ الطيران. أسوأ هذه الحوادث وقع في مطار تنريفة بجزر الكناري عام 1977م، حيث اصطدمت طائرة بان أمريكان من طراز B747 بطائرة الخطوط الهولندية KLM من الطراز نفسه، أودى الحادث بحياة 583 شخصًا بسبب سوء فهم بين أحد الطيارين والمراقب الجوي نتيجة الإرهاق وسوء الرؤية، هذا الحادث شكّل نقطة تحول في معايير التواصل، حيث أصبح الالتزام بالعبارات المعيارية (Standard Phraseology) إلزاميًا، وتم حظر استخدام كلمات غامضة مثل «OK» أو «عُلِم». في عام 1995م، وقعت مأساة أخرى عندما تحطمت طائرة الخطوط الأمريكية المتجهة من ميامي إلى كالي بكولومبيا، ورغم ملاحظة المراقب الجوي للخطأ في مسار الطائرة إلا أن ضعف لغته منعه من تصحيح الوضع، ما أدّى إلى اصطدام الطائرة بجبل ووفاة 159 شخصًا. في عام 1996م، اصطدمت طائرة تابعة للخطوط السعودية من طراز B747 بطائرة كازاخستانية، في واحدة من أسوأ الحوادث الجوية التي راح ضحيتها 349 شخصًا، وكان السبب أن جميع أفراد طاقم الطائرة الكازاخستانية لا يجيدون اللغة الإنجليزية باستثناء مشغل الراديو. عام 1997م، تسبب خطأ في التواصل بمطار ميدان الإندونيسي في تحطم طائرة من طراز A330، حيث أمر المراقب الجوي قائد الطائرة بالانعطاف لليمين بدلاً من اليسار، ما أدى إلى اصطدام الطائرة بمنطقة جبلية ومقتل 234 شخصًا. هذه الحوادث المتكررة وغيرها الكثير دفعت المنظمة الدولية للطيران المدني إلى إصدار تعديلات عام 2003م على ملاحق اتفاقية شيكاغو تُلزِم المختصين في الطيران بالوصول إلى مستوى معين من الكفاءة اللغوية. ووفق تقرير المنظمة، فإن أكثر من 70% من حوادث الطيران بين عامي 1990 و2010 كانت ناتجة عن سوء التواصل. في عام 2017م كشف تقرير لهيئة الطيران المدني البريطاني عن وقوع 267 حادثة خلال عامين فقط، جميعها نتيجة ضعف التواصل اللغوي، التقرير أشار إلى مخاوف بشأن التلاعب والغش في اختبارات اللغة ببعض الدول. اليوم، يتم اختبار نظام جديد يُعرف باسم CPDLC (Controller Pilot Data Link Communication)، وهو نظام رسائل نصية فورية بين المراقب الجوي وقائد الطائرة يتم تبادله عبر الأقمار الصناعية، مع ذلك فالتقدم التقني لن يلغي الحاجة إلى التواصل الصوتي المباشر. حينما تجلس في الطائرة بين السحاب، قد لا تفكر في تلك المحادثات التي تجري بين الطيارين والمراقبين الجويين، لكن الكلمات غير المسموعة هي التي تقودك إلى وجهتك بسلام، في رحلتك القادمة تذكّر أن الطريق الجوي الذي تسلكه مرصوف بآلاف الكلمات، كلمات قد تبدو «بسيطة» لكنها في اللحظات «الصعبة» ليست مجرد كلمات بل حياة بأكملها. نعم... الكلمات حياة!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store