logo
تصاعد الإرهاب وتغير أنماطه في مؤشر الإرهاب العالمي 2025

تصاعد الإرهاب وتغير أنماطه في مؤشر الإرهاب العالمي 2025

لا يزال الإرهاب ظاهرة عالمية تتطور في أنماطها وتأثيراتها، رغم الجهود المبذولة لمكافحته. يكشف مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025 عن تحول في خارطة الإرهاب العالمية، مع استمرار هيمنة بعض الجماعات المسلحة على مشهد العنف. يتناول هذا المقال بالتحليل النقدي التغيرات التي شهدتها أنشطة الجماعات الإرهابية الكبرى، ويطرح تساؤلات حول الأسباب العميقة وراء استدامة الإرهاب رغم الحملات الأمنية المكثفة.
تحوّل الساحل الإفريقي إلى المركز العالمي الجديد للإرهاب، حيث شهدت هذه المنطقة أكثر من نصف الوفيات الناجمة عن الإرهاب في عام 2024، وفقًا لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي. لم يعد الشرق الأوسط وحده مركز النشاط الإرهابي، بل انتقلت بؤرته إلى دول مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر، التي تعاني من ضعف الدولة، والتوترات العرقية، وغياب الحوكمة الفعالة. استغلت الجماعات الإرهابية، مثل "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM) وتنظيم "داعش في الصحراء الكبرى"، هذه الظروف لفرض سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي، وتوسيع نفوذها في غياب ردع حكومي فعال. وشهدت المنطقة بعضًا من أكثر الهجمات دموية، مثل هجوم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في بوركينا فاسو، الذي أسفر عن مقتل 200 شخص، ما يعكس التصاعد الحاد في فتك هذه الجماعات.
العوامل التي ساعدت على تصاعد الإرهاب في الساحل تتجاوز الأسباب المحلية لتشمل أيضًا الديناميكيات الدولية. فقد أدى انسحاب القوات الفرنسية من مالي، وتزايد التدخل الروسي في المنطقة من خلال شركة "فاغنر"، إلى إحداث فراغ أمني استغلته الجماعات الإرهابية لتوسيع عملياتها. علاوة على ذلك، يشكل الاقتصاد غير الرسمي، ولا سيما تجارة الذهب، مصدر تمويل رئيسي لهذه الجماعات، مما يساهم في استدامة أنشطتها رغم الضغوط العسكرية. كما أن هشاشة التحالفات الإقليمية، مثل ضعف فعالية "مجموعة دول الساحل الخمس"، ساهم في إضعاف استجابة الدول الإفريقية لهذه التهديدات. هذه العوامل مجتمعة جعلت الساحل الإفريقي مركزًا رئيسيًا للإرهاب العالمي، حيث يتطلب التعامل معه استراتيجيات أعمق من مجرد التدخلات العسكرية التقليدية.
إرهاب متزايد رغم الانخفاض العام
يكشف تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025 عن انخفاض إجمالي في عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 13% مقارنة بالعام السابق، حيث تم تسجيل 7,555 حالة وفاة. للوهلة الأولى، قد يبدو هذا التراجع مؤشرًا إيجابيًا على تحسن الوضع الأمني العالمي، إلا أن التحليل المتعمق للبيانات يكشف أن هذا الانخفاض ليس نتيجة لنجاح استراتيجيات مكافحة الإرهاب بقدر ما هو انعكاس لتراجع العنف في بعض المناطق المحددة، مثل ميانمار، التي شهدت انخفاضًا حادًا بنسبة 85% في الهجمات الإرهابية. في المقابل، إذا استُثني هذا التراجع، فإن معدلات الهجمات الإرهابية على مستوى العالم كانت ستشهد ارتفاعًا بنسبة 8%، مما يعكس استمرار التهديدات الإرهابية على نطاق واسع.
في الوقت الذي شهدت فيه بعض الدول انخفاضًا في معدل الهجمات، فإن العديد من بؤر الإرهاب التقليدية، مثل الساحل الإفريقي، باكستان، وسوريا، شهدت تصاعدًا كبيرًا في النشاط الإرهابي. فقد ارتفع عدد القتلى في النيجر بنسبة 94%، بينما شهدت باكستان زيادة بنسبة 45%، نتيجة لتصاعد نشاط حركة طالبان باكستان (TTP) بعد استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان. كما استمر تنظيم الدولة الإسلامية (IS) وفروعه في تنفيذ عمليات مميتة في عدة مناطق، لا سيما في سوريا وإفريقيا، حيث حافظ على موقعه كأكثر التنظيمات دموية، رغم انخفاض طفيف في عدد ضحاياه بنسبة 10%. يعكس هذا الاتجاه أن الجماعات الإرهابية لا تزال قادرة على تنفيذ هجمات مؤثرة، حتى مع الضغوط العسكرية المفروضة عليها.
من جهة أخرى، يشير التقرير إلى أن الإرهاب أصبح أكثر انتشارًا جغرافيًا، حيث ارتفع عدد الدول التي شهدت على الأقل هجومًا إرهابيًا من 58 دولة في عام 2023 إلى 66 دولة في عام 2024، وهو أعلى رقم منذ عام 2018. هذا التوسع الجغرافي يؤكد أن الجماعات الإرهابية باتت أكثر قدرة على التكيف والانتشار في مناطق جديدة، مستفيدة من النزاعات المحلية، وضعف المؤسسات الأمنية، والتغيرات الجيوسياسية التي تركت العديد من الدول في حالة من الفراغ الأمني. لذلك، ورغم الانخفاض العام في عدد القتلى، فإن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدًا عالميًا متناميًا، خاصة مع ظهور أنماط جديدة من الهجمات، مثل الإرهاب الفردي في الغرب، الذي شهد ارتفاعًا ملحوظًا في عام 2024.
الجماعات الأكثر دموية: استمرار الهيمنة التقليدية
رغم التراجع الطفيف في عدد قتلاه، لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية (IS) أكثر التنظيمات الإرهابية دموية على مستوى العالم، حيث كان مسؤولًا عن مقتل 1,805 أشخاص في 22 دولة خلال عام 2024. ورغم انخفاض حصيلة قتلاه بنسبة 10% مقارنة بالعام السابق، إلا أن التنظيم لا يزال قادرًا على تنفيذ عمليات مميتة، لا سيما في سوريا وإفريقيا. في سوريا، استغل التنظيم هشاشة الأوضاع الأمنية الناتجة عن النزاع المستمر، بينما عزز وجوده في دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا، حيث نفّذت فروعه المحلية هجمات دامية على القوات الحكومية والمدنيين. يشير هذا إلى أن التنظيم، رغم الضغوط العسكرية المفروضة عليه، لا يزال يحتفظ بقدرة على شن هجمات مؤثرة وواسعة النطاق.
على الجانب الآخر، برزت "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM) باعتبارها أسرع التنظيمات الإرهابية نموًا من حيث الفتك، حيث سجلت زيادة بنسبة 46% في عدد القتلى، ما رفع حصيلتها إلى 1,454 قتيلًا في عام 2024. تُعدّ الجماعة الأكثر نشاطًا في منطقة الساحل الإفريقي، مستغلة ضعف الحكومات المحلية وغياب التنسيق الأمني الإقليمي، ما مكّنها من تنفيذ عمليات أكثر دموية، بمتوسط 10 قتلى لكل هجوم. من أبرز هجماتها الدامية كان الاعتداء على قاعدة عسكرية في بوركينا فاسو، حيث قتلت أكثر من 170 جنديًا ومدنيًا في هجوم واحد. نجاح الجماعة في تنفيذ هجمات بهذا الحجم يعكس قدراتها التكتيكية المتزايدة، ما يجعلها تهديدًا متصاعدًا للأمن الإقليمي.
أما في جنوب آسيا، فقد شهدت باكستان تصاعدًا كبيرًا في عمليات "حركة طالبان باكستان" (TTP)، حيث ارتفع عدد قتلى هجماتها بنسبة 90% ليصل إلى 558 قتيلًا في عام 2024. هذا التصاعد يعكس الديناميكيات الجديدة التي أوجدها استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان، حيث وفرت بيئة أكثر مرونة لنشاط الحركة، ما سمح لها بإعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات أكثر جرأة. استهدفت عمليات TTP بشكل أساسي القوات الأمنية الباكستانية، كما نفّذت عمليات اغتيال وتفجيرات انتحارية في المناطق الحدودية مع أفغانستان، مما زاد من التوترات بين البلدين. استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصة مع تعثر الجهود الدبلوماسية لإيجاد حلول مستدامة للصراع مع الحركة.
الساحل الإفريقي: بؤرة الإرهاب الجديدة
تشير بيانات مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025 إلى تحول جذري في خارطة الإرهاب العالمية، حيث أصبحت منطقة الساحل الإفريقي البؤرة الأكثر دموية، مستحوذة على أكثر من نصف وفيات الإرهاب المسجلة عالميًا. لم يعد الشرق الأوسط المنطقة الأكثر تضررًا من الهجمات الإرهابية، فقد انتقلت بؤرة العنف إلى دول مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر، التي تشهد تدهورًا أمنيًا متزايدًا بسبب ضعف الحكومات المركزية، وغياب التنسيق الأمني، والفراغ الناجم عن انسحاب القوات الأجنبية، مثل القوات الفرنسية من مالي. هذا الفراغ الأمني سمح لجماعات مثل "نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM) وتنظيم "داعش في الصحراء الكبرى" بزيادة نشاطها بشكل غير مسبوق، مستغلة الصراعات العرقية والحدودية بين المجتمعات المحلية كأداة لتجنيد مقاتلين جدد وتعزيز نفوذها.
يعود تصاعد الإرهاب في الساحل الإفريقي أيضًا إلى العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، حيث تلعب الموارد الطبيعية، مثل الذهب واليورانيوم، دورًا حاسمًا في تمويل الجماعات المسلحة. على سبيل المثال، تُعد مناجم الذهب في مالي وبوركينا فاسو مصدر دخل رئيسي لهذه الجماعات، مما يمنحها القدرة على شراء الأسلحة وتجنيد المزيد من الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت التحولات الجيوسياسية، مثل تزايد النفوذ الروسي عبر مجموعة "فاغنر" في المنطقة، وانسحاب فرنسا من عدة دول بالساحل، في إعادة تشكيل المشهد الأمني، مما أضعف قدرة الحكومات المحلية على مواجهة التهديدات الإرهابية. كل هذه العوامل جعلت الساحل الإفريقي مركزًا عالميًا جديدًا للإرهاب، حيث أصبح من الصعب احتواء التهديد دون تدخلات دولية أكثر شمولًا تعالج الأسباب الجذرية للعنف، وليس فقط عبر الحلول الأمنية التقليدية.
أسباب استمرار الإرهاب
رغم الجهود الدولية المكثفة لمكافحة الإرهاب، لا تزال الظاهرة متجذرة ومتجددة في مناطق عدة حول العالم. يكشف تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025 عن مجموعة من العوامل البنيوية التي تعزز استدامة الإرهاب، مما يجعله ظاهرة يصعب القضاء عليها بالكامل. وتتمثل هذه العوامل في هشاشة الدول وضعف أنظمتها السياسية، وتطور استراتيجيات التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى التأثيرات الجيوسياسية التي تساهم في إعادة تشكيل خريطة الإرهاب العالمي.
ضعف الدول وهشاشة الحكم:
يعد ضعف الدول وغياب الحكم الفاعل من أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار الإرهاب، حيث تخلق الفراغات الأمنية بيئة خصبة لنمو التنظيمات المتطرفة. الدول التي تعاني من هشاشة في مؤسساتها، مثل بعض دول الساحل الإفريقي وسوريا وأفغانستان، تصبح ساحات مفتوحة للجماعات المسلحة، التي تستغل غياب سلطة الدولة لفرض سيطرتها على مناطق واسعة. ففي بوركينا فاسو ومالي، أدى ضعف الحكومات المركزية إلى تصاعد نفوذ الجماعات الإرهابية، التي باتت تدير عملياتها بحرية في المناطق الحدودية المعزولة، دون وجود ردع فعال من قبل السلطات.
إضافة إلى ذلك، تؤدي النزاعات الداخلية والصراعات الأهلية إلى تفكك الأنظمة الحاكمة، مما يوفر للإرهاب بيئة خصبة للانتشار. على سبيل المثال، في أفغانستان، أدى انهيار الحكومة وسيطرة طالبان على السلطة إلى زيادة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان (ISKP)، الذي وجد فرصة لتعزيز هجماته مستغلًا حالة عدم الاستقرار. أما في سوريا، فقد أدى تراجع النفوذ الحكومي في بعض المناطق، لا سيما في الشمال والشرق، إلى فراغ أمني استغلته الجماعات الإرهابية لإعادة تنظيم صفوفها وتنفيذ عمليات أكثر تعقيدًا ودموية.
تطور استراتيجيات التنظيمات الإرهابية:
نجحت الجماعات الإرهابية في تطوير استراتيجياتها لتتكيّف مع الضغوط العسكرية والاستخباراتية التي تواجهها، مما جعلها أكثر قدرة على الاستمرار والتوسع. أحد أهم هذه التطورات هو تبنّي نموذج "الخلايا اللامركزية"، حيث تعتمد الجماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة على شبكات صغيرة مستقلة تعمل بشكل منفصل ولكن وفق أيديولوجية موحدة، مما يجعل من الصعب تعقبها والقضاء عليها بالكامل. هذا النهج ظهر جليًا في إفريقيا، حيث تعمل خلايا صغيرة تابعة لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى بشكل منفصل، لكنها تظل مرتبطة بالتنظيم الأم من حيث التمويل والتدريب والأيديولوجيا.
إلى جانب اللامركزية، استغلت الجماعات الإرهابية التطور التكنولوجي لتعزيز قدراتها التجنيدية والعملياتية. الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أدوات رئيسية لتجنيد المقاتلين، حيث يتم استقطاب الشباب من مختلف أنحاء العالم عبر منصات مشفرة ومنتديات مغلقة. كما لجأت بعض التنظيمات، مثل داعش، إلى استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات "التزييف العميق" (Deepfake) لإنشاء محتوى دعائي أكثر إقناعًا واستهدافًا، مما يعقّد جهود مكافحته ويزيد من صعوبة تعقّب المروجين للأيديولوجيات المتطرفة.
الجيوسياسية والمصالح الدولية:
تلعب العوامل الجيوسياسية دورًا كبيرًا في استمرار الإرهاب، حيث تؤدي التدخلات الخارجية والتنافس بين القوى الكبرى إلى تأجيج النزاعات التي تستغلها الجماعات الإرهابية. على سبيل المثال، أدى انسحاب القوات الفرنسية من مالي وتزايد التدخل الروسي عبر مجموعة "فاغنر" إلى خلق فراغ أمني استغلته الجماعات الإرهابية لتوسيع عملياتها في الساحل الإفريقي. كما أن الانقسامات داخل التحالفات الإقليمية، مثل انسحاب بعض الدول من "مجموعة دول الساحل الخمس"، ساهمت في إضعاف التنسيق الأمني، مما منح الإرهابيين مساحة أكبر للمناورة.
من ناحية أخرى، نجد أن بعض القوى الكبرى تستخدم الإرهاب كأداة لتحقيق أهداف سياسية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. فالدعم غير الرسمي الذي تقدمه بعض الدول لجماعات مسلحة في مناطق النزاع، سواء لاعتبارات أيديولوجية أو استراتيجية، يسهم في إطالة أمد الصراعات. كما أن تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، والاتجاه نحو تقليص التدخل العسكري في بعض المناطق، منح بعض الجماعات المتطرفة فرصة لإعادة ترتيب صفوفها، خاصة في العراق وسوريا.
بين الحلول الأمنية والمعالجات الجذرية
يؤكد تقرير مؤشر الإرهاب العالمي أن استمرار الإرهاب ليس مجرد نتيجة لوجود جماعات متطرفة، بل هو انعكاس لتراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية تسهم في تغذية هذه الظاهرة. الحلول العسكرية وحدها لن تكون كافية للقضاء على الإرهاب، بل يجب أن تترافق مع سياسات تنموية تعالج الأسباب الجذرية مثل الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي. دون تبني استراتيجيات شاملة تشمل الإصلاح السياسي، والاستثمار في التعليم، وتعزيز سيادة القانون، سيظل الإرهاب قادرًا على إعادة إنتاج نفسه والتكيف مع أي تغييرات في المشهد العالمي.
الخاتمة:
يكشف تقرير الإرهاب العالمي لعام 2025 أن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدًا عالميًا متجددًا، رغم انخفاض عدد الوفيات مقارنة بالعام السابق. إلا أن هذا التراجع لا يعكس تحسنًا جذريًا في الأوضاع الأمنية، بقدر ما يعكس تحولًا في أنماط الإرهاب وانتشاره الجغرافي. فالنهج الأمني التقليدي الذي يعتمد على العمليات العسكرية والملاحقات الأمنية لم يحقق نجاحًا مستدامًا في القضاء على التنظيمات الإرهابية، التي أثبتت قدرتها على التكيف مع الضغوط وإعادة التموضع في مناطق جديدة. استمرار التهديد الإرهابي في مناطق مثل الساحل الإفريقي وجنوب آسيا، وتصاعد نشاط "الخلايا المستقلة" في الغرب، يبرهن على أن الحلول الأمنية وحدها غير كافية، بل إنها قد تؤدي في بعض الحالات إلى تفاقم المشكلة إذا لم تُرفَق بإصلاحات سياسية واقتصادية شاملة.
لذلك، يتطلب التعامل الفعّال مع الإرهاب نهجًا متعدد الأبعاد يعالج الأسباب الجذرية التي تدفع الأفراد نحو التطرف والانضمام إلى الجماعات المسلحة. الفقر، والبطالة، والتمييز العرقي والديني، والتهميش السياسي، جميعها عوامل تخلق بيئات خصبة لتنامي الأيديولوجيات المتطرفة. يجب أن تركز الجهود الدولية على تعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين الخدمات الأساسية، ودعم برامج إعادة التأهيل وإعادة الإدماج للمقاتلين السابقين، إلى جانب استراتيجيات مكافحة الخطاب المتطرف عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية. بدون هذه المقاربات الشاملة، سيظل الإرهاب ظاهرة متحولة، قادرة على التكيف مع أي ضغوط ومحاولات للقضاء عليه، مما يستدعي إعادة النظر في الأساليب التقليدية لمواجهته والتركيز على حلول طويلة الأمد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

النص الكامل لتقرير مجلس الدفاع والأمن القومي الفرنسي حول مؤامرة جماعة الإخوان
النص الكامل لتقرير مجلس الدفاع والأمن القومي الفرنسي حول مؤامرة جماعة الإخوان

الحركات الإسلامية

timeمنذ 2 ساعات

  • الحركات الإسلامية

النص الكامل لتقرير مجلس الدفاع والأمن القومي الفرنسي حول مؤامرة جماعة الإخوان

ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأربعاء، في قصر الإليزيه، اجتماعًا لمجلسي الدفاع والأمن القومي، لبحث توسع حركات الإسلام السياسي بفرنسا، وملف حركة جماعة الإخوان المسلمين. عقد هذا الاجتماع عقب صدور تقرير حصلت" البوابة نيوز" على النص الرسمي له، أعده مسئولان رسميان رفيعا المستوى، بطلب من الحكومة الفرنسية، وخلص إلى أن جماعة الإخوان تشكل تهديدا للتلاحم الوطني. شارك في الاجتماع كل من رئيس الحكومة، فرانسوا بايرو، ووزراء الداخلية، والخارجية، والاقتصاد والمالية، والتربية الوطنية، والتعليم العالي، والرياضة، حيث أن القطاعات الثلاثة الأخيرة "مستهدفة بشكل خاص من قبل هذا التدخل من الأسفل"، كما جاء في بيان قصر الإليزيه. وقال الإليزيه: "نحن جميعا متفقون تمامًا على أننا لا ينبغي أن نضع جميع المسلمين في خانة واحدة، لأننا نحارب الإسلاموية وتجاوزاتها المتطرفة، ولا نحارب الإسلام فى ذاته". وقال مستشارون للرئيس: إن ماكرون أراد اتخاذ إجراءات بأسرع وقت ممكن لمواجهة ظاهرة متجذرة تزايدت مؤخرًا، مشيرين إلى الخطر الذي يشكله تنظيم الإخوان المسلمين على الأمن القومي الفرنسي، ولم يعلن حتى الآن توصيات الاجتماع، مع احتمال تصنيف بعض الإجراءات كمعلومات سرية. وخلص التقرير الذي أعده مسئولان رسميان رفيعا المستوى، بطلب من الحكومة الفرنسية، إلى أن الجماعة تشكل تهديدا للتلاحم الوطني، مع تنامي تشدد إسلامي من القاعدة على المستوى البلدي، صعودًا إلى قمة المجتمع وفق الوثيقة. وانفردت "البوابة نيوز" بنشر التفاصيل الكاملة لهذا التقرير حول مؤامرة جماعة الإخوان على فرنسا. وتعتمد جماعة الإخوان المسلمين في بلدانها المختلفة على دوائر متحدة المركز، ويتكون مركزها من "دائرة داخلية" من الناشطين الملتزمين. ومن المحتمل جدًا وجود هذه المنظمة في فرنسا، نظرًا لوجودها في كل مكان آخر في أوروبا. ويقال: إن عدد أعضائها لا يتجاوز بضع مئات، لكن حركة "الإخوان"، عندما نفهمها على نطاق أوسع، تشمل كل أولئك الذين يتبنون أساليب عملها، على اتصال بهذه "الدائرة الداخلية" أو مستوحاة منها، بأهداف مختلفة: إعادة الإسلام، أو الانفصال أو التخريب في بعض الأحيان، وكان الأمر يتعلق بتحديد الجهات الفاعلة والهياكل بما في ذلك الأقمار الصناعية ونطاق عمل وتأثير الإخوان المسلمين في فرنسا. طالع التقرير كاملًا باللغة العربية والفرنسية من

الديانة الإبراهيمية… بين وهم التوحيد وحقيقة التفكيك العقائدي
الديانة الإبراهيمية… بين وهم التوحيد وحقيقة التفكيك العقائدي

موقع كتابات

timeمنذ يوم واحد

  • موقع كتابات

الديانة الإبراهيمية… بين وهم التوحيد وحقيقة التفكيك العقائدي

الديانة الإبراهيمية…بين وهم التوحيد وحقيقة التفكيك العقائدي. إعداد: جلال عبد الحميد الحسناوي . 1 – الاتجاه الأول: الإسلام في القرآن… دين واحد لا يتعدد 2 – الاتجاه الثاني: مشروع الديانة الإبراهيمية… من التسامح إلى التفكيك 3 – التجاه الثالث: زيارة البابا للنجف الاشرف… بين التقدير الديني والتأويل السياسي 4 – الاتجاه الرابع: الإعلام والدين الإبراهيمي… من الترويج الناعم إلى التطبيع العقدي الاتجاه الأول: الإسلام في القرآن… دين واحد لا يتعدد. تمهيد: حينما نرجع إلى النص القرآني في أصل الدين، نجد خطابًا إلهيًا حاسمًا لا يحتمل التأويل: هذه الآيات لا تتحدث عن 'دين محمد' (صلى الله عليه وآله) فحسب، بل تُعرّف 'الإسلام' كدين إلهي واحد ممتد عبر التاريخ، بدأ مع آدمالنبي (ع) واكتمل مع النبي الخاتم محمد (ص) واله الطاهرين ، وتخلله أنبياء عظام كلهم خاطبوا أقوامهم بالإسلام، وإن اختلفت شرائعهم وتفاصيل مناهجهم. 1 – الإسلام لغة واصطلاحًا في القرآن. • الإسلام لغويًا: الاستسلام والطاعة والخضوع الكامل لله دون شرك. • الإسلام قرآنيًا: العقيدة التوحيدية التي حملها جميع الأنبياء، منذ النبي آدم إلى خاتمهم النبي الرسول محمد عليهم افضل الصلاة واتم التسليم. وقد نص القرآن على أن كل نبي دعا قومه إلى الإسلام بمعناه الأصيل، ومن ذلك: • إبراهيم (ع): • يعقوب وأبناؤه: • يوسف (ع): 'تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ' يوسف: 101 • سليمان (ع): 'وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ' النمل: 31 2 – موسى وعيسى عليهما السلام في ضوء القرآن أولًا: موسى (عليه السلام) • قال تعالى عن موسى وهو يخاطب قومه: • هذا التصريح ينسف المزاعم التي تفصل بين 'اليهودية' و'الإسلام'، فاليهودية شريعة نزلت ضمن دين الإسلام التوحيدي، لا خارجه. • قال تعالى على لسان موسى وإخوته: 'رَبَّنَا اجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ' البقرة: 128 ثانيًا: عيسى (عليه السلام) • قال تعالى: • وقال تعالى عن أتباع عيسى: • وبيّن صراحة أن عيسى لم يأتِ بدين منفصل، بل بشر بمن يختم الرسالة: الفيلسوف الشهيد السيد محمد باقر الصدر: 'الإسلام ليس لحظة تاريخية ظهرت في الجزيرة، بل هو استمرار رسالي متكامل، يرث كل الرسالات، ويُعبّر عن الحقيقة التي تجلت في كل الأنبياء.' المرجع الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر: 'كل الأنبياء كانوا مسلمين. والقرآن لا يقر بتعدد الأديان، بل بتعدد الشرائع ضمن دين واحد، هو الإسلام.' 4 – موقف علماء الفريقين. • ابن كثير (تفسير القرآن): فسر الإسلام في سياق الآيات بأنه دين جميع الأنبياء. • الفخر الرازي: أكد في تفسيره أن الإسلام يعني التوحيد والانقياد لله، وهو الأصل في كل الرسالات. • العلامة الطباطبائي (الميزان): قال إن الإسلام في القرآن اسم للدين الإلهي، لا لمرحلة منه. ظهر مصطلح 'الديانة الإبراهيمية' في العقد الأخير كدعوة ظاهرها السلام، وباطنها إعادة تشكيل البنية العقدية للشعوب تحت شعار 'الوحدة الروحية بين أتباع إبراهيم'. لكنّ القراءة الدقيقة لمسار المشروع ومؤسساته تكشف عن مسعى صهيوني ناعم لإعادة هندسة الوعي الديني وفق مصالح سياسية وثقافية عالمية، تتزعمها قوى دولية تسعى لتفكيك الخصوصيات العقدية للأديان، ودمجها في قالب واحد يخدم الهيمنة الغربية، والتطبيع مع الكيان الصهيوني. 1.1 وثيقة 'الأخوة الإنسانية' (أبو ظبي، 2019) شملت دعوات عامة للتسامح، لكنها افتقدت لأي تحديد عقدي واضح، وهو ما مهد لاحقًا لتوسيع المفهوم نحو فكرة 'الديانة الإبراهيمية' بوصفها مرجعية جامعة بين الإسلام واليهودية والمسيحية. 1.2 مشروع 'بيت العائلة الإبراهيمية' (افتتاح 2023) في جزيرة السعديات – أبو ظبي. مجمّع يضم مسجدًا، وكنيسة، وكنيسًا يهوديًا في موقع واحد، ويُروج له باعتباره 'رمزًا لوحدة الأديان'. اتفاقات تطبيع بين الإمارات والبحرين والمغرب والسودان مع الكيان الصهيوني، تحت غطاء 'السلام الإبراهيمي'، في إشارة مباشرة إلى البعد الديني في الترويج للتطبيع. 2 – ما وراء التسمية: لماذا 'إبراهيم'؟ • إبراهيم (عليه السلام) في القرآن رمز للتوحيد الخالص والبراءة من الشرك: • أما المشروع الحديث فيقدّمه كمجرد شخصية ثقافية جامعة، بلا محتوى عقدي، ولا موقف من الظلم أو الانحراف، بل كـ'رمز سلام وتسامح عالمي'. • وهنا يُفرّغ إبراهيم من رسالته، ويُعاد إنتاجه بما يناسب الأجندة الجديدة. 3.1 التمهيد النظري من الفكر الصهيوني • الحركة الصهيونية منذ نشأتها تبنت فكرة 'العدو الديني' لخلق حاجز نفسي وعقدي ضد العرب والمسلمين، لكنها عادت اليوم لتروّج لفكرة 'الوحدة الإبراهيمية' بعد أن تحقق لها النفوذ السياسي والعسكري. 'الصهيونية ليست مجرد دعوة للعودة إلى أرض، بل هي مشروع لتأسيس نمط عالمي جديد من الإنسان المنفصل عن عقيدته، المتصالح مع السيطرة الإمبريالية.' • إعادة تشكيل الدين عنصر أساسي في هذا النمط، بما يحقق: • دمج الصهاينة كجزء من الأسرة الروحية. • تمييع العداوة العقدية مع المحتل. • نزع سلاح المقاومة والثقافة الإسلامية. 3.2 الأدوات المستخدمة: • الإعلام الموجه: عبر الأفلام، والبرامج، والكتب المدرسية. • المؤسسات الدينية الرسمية: التي تُجرّ إلى خطاب 'السلام'. • الفعاليات الثقافية: مؤتمرات حوار الأديان، منصات التفاهم، إلخ. 4. الشهيدين الصدرين: وتحليل البنية الغربية للمشروع المفكر الفيلسوف السيد محمد باقر الصدر قال: 'الدين عند الغرب يُعاد تركيبه بحسب الحاجة السياسية، ولهذا فإن ما يقدمونه من دعوات للتوحيد ليست إلا وسائل للسيطرة، لا بحثًا عن الحق.' (من كتاب الإسلام يقود الحياة) 'ما يُطرح اليوم من دعوات لتوحيد الأديان، ليست في حقيقتها إلا تنصلًا من جوهر الإسلام، وتحريفًا لطبيعة الصراع بين الحق والباطل.' (في بحث فقه الدولة الإسلامية) 5 – نقد علمي للفكرة: هل الدين قابل للتوحيد؟ • لا يمكن توحيد الأديان لأن: • العقائد الأساسية تختلف (التوحيد، النبوة، المعاد…). • الشريعة ليست اجتهادًا بشريًا بل وحيًا. • الإسلام جاء مهيمنًا وخاتمًا لا مندمجًا أو مكمّلًا. • قال تعالى: خلاصة الاتجاه: مشروع 'الديانة الإبراهيمية' هو أداة هندسة دينية ناعمة، تهدف إلى سحب البعد الجهادي والمقاوم من الإسلام، وإعادة تعريف الدين بوصفه ثقافة مشتركة لا عقيدة ربانية. الاتجاه الثالث: زيارة البابا للنجف الاشرف… بين التقدير الديني والتأويل السياسي في السادس من آذار 2021، قام البابا فرنسيس، رأس الكنيسة الكاثوليكية، بزيارة إلى مدينة النجف الأشرف للقاء السيد السيستاني دام عزه ، المرجع الأعلى للطائفة الشيعية الإمامية. الحدث كان غير مسبوق، لا من حيث رمزيته، ولا من حيث توقيته، ولا من حيث ما تبعَه من تأويلات إعلامية وسياسية حاولت استثمار اللقاء ضمن سياق مشروع الديانة الإبراهيمية. ولئن كان اللقاء مغلقًا، ولم تُلتقط فيه صور، ولم يُصدر عنه بيان مشترك، إلا أن ذلك لم يمنع محاولات التوظيف المتكررة له كدليل ضمني على انخراط المرجعية في مسار 'التقارب الديني العالمي'. • جاءت الزيارة بعد عامين من توقيع ('وثيقة الأخوة الإنسانية' في أبو ظبي (2019. • بعد أشهر من إعلان ('اتفاقيات أبراهام' (2020. • وقبل افتتاح ('بيت العائلة الإبراهيمية' (2023. أي أن الزيارة وقعت ضمن تسلسل زمني يتم فيه دمج الدين داخل المسار السياسي للتطبيع، وإعادة صياغة علاقة الإسلام بالغرب واليهودية. 2 – موقف المرجعية: صمت محسوب لا مباركة ضمنية البيان الذي صدر عن مكتب السيد السيستاني بعد اللقاء لم يتطرق إلى المشروع الإبراهيمي، ولم يُلمّح إلى أي تبنٍّ لمسارات الوحدة الدينية، بل جاء بصيغة تؤكد على: • . • حق الشعوب في العيش بسلام. • رفض الظلم والاعتداء. • دعوة رجال الدين للوقوف بوجه قوى الطغيان. لم يُذكر 'التسامح بين الأديان' ولا 'الوحدة الروحية' ولا 'الأسرة الإبراهيمية' في البيان مطلقًا. وهذا يُعدّ موقفًا فاصلًا، حافظت فيه المرجعية على توازنها: • لم ترفض الزيارة، كي لا تُستغل ضدها دوليًا. • ولم تشارك بمخرجاتها الرمزية، حتى لا تُحسب على مسار لا تنتمي إليه عقديًا. ما يجعل الموقف أكثر حساسية هو أن البابا نفسه قد توفي ، مما قد يفتح الباب أمام: • إصدار وثائق لاحقة ينسب فيها تأييدٌ ضمني للمرجعية لهذا المشروع. • قيام منظمات أو جهات دينية أو إعلامية بتحريف نوايا الزيارة. • توظيف الزيارة في إنتاج سرديات دعائية تقول: 'حتى مرجعية النجف رحّبت بمشروع الأخوة الإبراهيمية'. غياب الصوت المؤسسي الإعلامي الفاعل في الحوزة يضاعف هذا الخطر، ويجعل المرجعية عرضة لاستخدام صورتها دون إذنها. 4 – ماذا أرادت المرجعية؟ وماذا أراد الآخرون؟ • المرجعية أرادت: اللقاء الإنساني والتعبير عن المظلومية الأخلاقية للشعوب. • البابا أراد: خطابًا رمزيًا يُسهم في مشروعه العالمي للتقارب الديني. وهنا يُفهم ويستنتج : 'الاستقبال كان خطأ، لكن عدم الاستقبال يكون خطأ أكبر'. إنها معادلة الصمت النشط: قول لا يُقال، لكن يُفهم. 5 – قراءة الشهيدين الصدرين للحدث وأمثاله. المفكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر: 'حين تكون الرمزية الدينية أداةً في يد الإعلام، فذلك مدخل لتشويه العقيدة. المرجعية ليست مؤسسة مجاملة، بل حارسٌ للخط الإلهي.' (من أوراق غير منشورة في فكر الدولة ) المرجع السيد الشهيد محمد الصدر: 'يجب أن تكون المرجعية فوق الإعلام، لكنها لا يجب أن تُترك للإعلام. بين الصمت والانفعال، هناك شيء اسمه البيان الواعي.' (ما وراء الفقه) زيارة البابا للنجف لم تكن تأييدًا، ولا كانت عُزوفًا. كانت حدثًا دقيقًا توازن فيه المرجعية بين الحاجة الإنسانية والوعي العقدي. لكن الخطر الحقيقي يكمن في أن يُعاد تأويل الحدث خارج سياقه، فيُبنى عليه ما لم يقله أحد، ويُقوَّل المرجع ما لم ينطق به، ما لم تنهض منظومة إعلامية مرجعية واعية تسد هذه الفجوة. في عالم اليوم، لم يعد الدين يُتداول فقط في الحوزات، والكنائس، والمعاهد، بل صار أيضًا موضوعًا لصناعة الصورة، وميدانًا لتشكيل الرأي العام. وهنا يدخل مشروع 'الديانة الإبراهيمية' من أوسع أبوابه، لا كدعوة دينية، بل كـ'رواية إعلامية ضخمة' مدعومة من مؤسسات سياسية، ومنصات دولية، ومراكز تمويل ضخمة. ولأن الإعلام لا ينقل الحقيقة كما هي، بل يُعيد صناعتها، فإن أكبر خطر يواجه الأمة اليوم هو أن تُفرض عليها عقيدة جديدة بصيغة إعلامية مُجمّلة، تتسلل من باب 'التسامح'، لتصل إلى 'إعادة تعريف الإسلام'. • إبراهيم (ع) يُقدَّم في الإعلام الغربي والعربي المؤدلج لا كنبيٍ موحّد لله، بل كـ'رمز عالمي للتسامح'، منزوع الموقف من الشرك أو الطاغوت. • المرجعيات الدينية تُختزل في 'لقطات' وصور دعائية، لا في خطابها العقدي الفعلي. • تسويق المصطلحات: 'الأخوة الإبراهيمية'، 'بيت العائلة'، 'السلام الديني'، 'الأسرة الإبراهيمية'. • استخدام المؤثرين، وصنّاع المحتوى، وبرامج الأطفال، والدراما. 1.3 تمرير التطبيع عبر الفضاء الديني • من خلال إبراز رجال دين يقفون مع ممثلي الديانة اليهودية والصهيونية تحت شعار: 'كلنا أبناء إبراهيم'. • استثمار ذلك لإضعاف الممانعة العقائدية تجاه الاحتلال، وشرعنة الصمت عن الجرائم. 2 – الإعلام المرجعي الديني … الغائب الأكبر رغم عمق الحوزة، والازهر وقوة الموقف الفقهي، إلا أن المرجعيات الدينيةالكبرى في النجف الاشرف وايران ومصر وباقي المدن التي فيها الجامعات الدينية الكبرى لم تبنِ حتى الآن جهازًا إعلاميًا استراتيجيًا قادرًا على: • التحليل الاستباقي للأحداث. • تفنيد التأويلات الملفقة. • الرد على الحملات الممنهجة. • تصدير فكرها للعالم بلغاته وقوالبه العصرية. وهذا ما جعل زيارة البابا – رغم حكمتها – قابلة للاختطاف السردي من الإعلام العالمي، دون رواية موازية من داخل النجف الاشرف تفكك ذلك بلغة العصر. 'المعركة الفكرية ليست في المنابر فقط، بل في من يكتب القصة ومن يصوغ الخبر ومن يُنتج الصورة. إن الإعلام الرسالي هو من يسبق الطاغوت، لا من يرد عليه فقط.' 'من لا يملك إعلامه، سوف يُقال عنه ما لا يقول، ويُقوّل ما لم يُرد، ويُنسَب إليه ما ينفيه. على الحوزة أن تملك لسانًا عصريًا، لا لتمجيد نفسها، بل لحماية الإسلام.' 5 – الحل المقترح: بناء جهاز إعلامي مرجعي متكامل الخصائص المطلوبة: • يكون ناطقًا باسم المرجعية، لا تابعًا لها إداريًا. • يضم باحثين، فقهاء، إعلاميين، ومحللين استراتيجيين. • يتحدث بلغات متعددة. • يرصد ويرد ويؤسس رواية معرفية مستقلة. المهام: • حماية صورة المرجعية من الاختطاف. • إنتاج محتوى يُعبّر عن العقيدة بلغة العصر. • مواجهة السرديات الغربية حول الدين. المعركة اليوم لم تعد في المساجد فقط، بل في الشاشات، والمواقع، والعناوين. وإذا لم يصدر عن المرجعية خطاب إعلامي رسالي استباقي، فإن غيرها سيكتب عنها كما يشاء، ويُقوّلها ما لم تقل، ويستثمر صورتها فيما لا تمثّله. 'الحق لا يُوحِّده التلفيق، والباطل لا يُغسله التجميل' خلاصة البحث: على امتداد الاتجاهات ، تتبعنا خطى مشروع 'الديانة الإبراهيمية' من نشأته الحديثة إلى جذوره السياسية والفكرية، وانتهينا إلى ما يلي: 1 – الدين في القرآن واحد، لا يقبل التعدد ولا التلفيق، وقد نطقت به كل الرسالات السماوية منذ آدم حتى محمد (ص) واله الطاهرين ، تحت اسم الإسلام. 2 – الأنبياء جميعًا مسلمون، بما فيهم موسى وعيسى، وكلشرائعهم كانت مندرجة في إطار دين الله الواحد وهو الاسلام. 4 – المشروع يحمل بصمات الفكر الصهيوني العالمي، الذي يتقن استخدام الدين لإعادة تشكيل الواقع الثقافي والعقدي للأمم، ضمن هندسة فكرية جديدة. 5 – زيارة البابا للنجف كانت نقطة ارتكاز وظّفها الإعلام العالمي ضمن سردية الإبراهيمية، رغم أن المرجعية كانت على وعي بالمخاطر، وامتنعت عن إصدار أي بيان مشترك أو موقف يُفسر كتبرير عقائدي للمشروع. 6 – غياب جهاز إعلامي مرجعي متكامل. أولًا: على الصعيد العقدي • ضرورة التأكيد على وحدة الدين في الخطاب الإسلامي، ونقض أي دعوة تدّعي إمكان الجمع العقائدي بين الرسالات ككيانات متساوية. • نشر الأدلة القرآنية والروائية التي تبرهن أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء، لا دينًا جديدًا بدأ بمحمد (ص) واله. • يتولى شرح المواقف. • يفند التأويلات المغرضة. • يصدر بيانات توضيحية بلغة عالمية. ثالثًا: على صعيد الأمة والمثقفين • نشر الوعي بمشروع الديانة الإبراهيمية وبيان ارتباطه بالتطبيع، وتفكيك الخطاب الإعلامي الذي يُروّج له. • دعم الأصوات الفكرية والعقدية الحرة التي تحافظ على هوية الأمة دون الانجرار إلى 'وحدة زائفة' تُبنى على التنازل عن الثوابت. نبي الله إبراهيم ع ، لم يكن جامعًا بين الحق والباطل، بل كان نقطة الفصل بين التوحيد والشرك، و'الديانة الإبراهيمية' الحديثة ليست إلا .

ماكرون يرأس اجتماعا بشأن تهديد جماعة الإخوان المسلمين
ماكرون يرأس اجتماعا بشأن تهديد جماعة الإخوان المسلمين

الزمان

timeمنذ يوم واحد

  • الزمان

ماكرون يرأس اجتماعا بشأن تهديد جماعة الإخوان المسلمين

باريس (أ ف ب) – ترأّس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء اجتماعا أمنيا بعد نشر تقرير يحذّر من جماعة الإخوان المسلمين وانتشار 'الإسلام السياسي' في فرنسا. وناقش الاجتماع الذي شارك فيه رئيس الحكومة وأهم الوزراء، تقريرا يدعو إلى التحرّك للتعامل مع مسألة تزايد نفوذ الجماعة التي اعتبر أنها تشكّل تهديدا 'للتماسك الوطني' في فرنسا. وبعد الاجتماع، ستتخذ إجراءات 'سيتم الإعلان عن بعضها' فيما ستبقى الأخرى سريّة، بحسب قصر الإليزيه. وأعد التقرير بشأن الجماعة التي تأسست في مصر عام 1928 موظفان رسميان رفيعان بتكليف من الحكومة. وقال الإليزيه إن التقرير 'يحدد بوضوح الطبيعة المناهضة للجمهورية والتخريبية لـ+الإخوان المسلمين+' ويقترح 'طرقا للتعامل مع هذا التهديد'. وتضم كل من فرنسا وألمانيا أكبر نسبة من المسلمين مقارنة مع باقي بلدان الاتحاد الأوروبي. تسعى السلطات الفرنسية لمنع أي انتشار للفكر الإسلامي المتشدد في بلد هزّته سلسلة هجمات جهادية دموية. باتت مسألة التطرف الديني قضية جدلية في ظل تحوّل المشهد السياسي في فرنسا وازدياد شعبية اليمين المتشدد. وأثار التقرير ردود فعل حادة إذ اتّهمت زعيمة اليمين المتشدد مارين لوبن الحكومة بعدم التحرك، قائلة على منصة 'إكس' إنها لطالما اقترحت إجراءات 'للقضاء على الأصولية الإسلامية'. من جانبه، قال رئيس حزبها 'التجمع الوطني' جوردان بارديلا عبر إذاعة 'فرانس إنتر' 'إذا وصلنا إلى السلطة غدا، فسنحظر +الإخوان المسلمين+'. لكن البعض دانوا ما يقولون إنه تزايد رهاب الإسلام في فرنسا. وقال اليساري المتشدد جان لوك ميلانشون على منصة 'إكس' إن 'رهاب الإسلام تجاوز الحد'. واعتبر أن اجتماع 'مجلس الدفاع' الذي ترأسه ماكرون يدعم 'النظريات الوهمية' للوبن ووزير الداخلية الفرنسي المتشدد برونو روتايو. وأشار التقرير الذي حصلت فرانس برس على نسخة منه إلى تفشي الإسلام السياسي 'من الأسفل إلى الأعلى'، مضيفا أن الظاهرة تمثّل 'تهديدا على الأمدين القصير إلى المتوسط'. وأكدت الرئاسة الفرنسية في الوقت ذاته 'نحن متفقون تماما في قولنا إن علينا ألا نعمم في التعامل مع المسلمين'. وأضافت 'نقاتل ضد الإسلام السياسي وتجاوزاته المتطرفة'. وركّز التقرير على دور 'اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا' والذي وصفه بأنه 'الفرع الوطني لـ+الأخوان المسلمين+ في فرنسا'. – 'هدف خفي وتخريبي' – من جانبه، ندد 'اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا' بـ'الاتهامات التي لا أساس لها' وحذّر من الخلط 'الخطير' بين الإسلام والتطرف. وقال 'نرفض بشدة أي اتهامات تحاول ربطنا بمشروع سياسي خارجي'. وأضاف 'حتى الخلط غير المتعمد بين الإسلام والإسلام السياسي والراديكالية ليس خطيرا فحسب، بل يأتي بنتائج عكسية على الجمهورية نفسها'، محذّرا من 'وصم الإسلام والمسلمين'. وتابع أن 'الاتهام الدائم يشكّل العقول ويثير المخاوف وبكل أسف، يساهم في أعمال العنف'، مشيرا إلى حادثة مقتل المالي أبوبكر سيسيه (22 عاما) بطعنه عشرات المرات بينما كان يصلي داخل مسجد في جنوب فرنسا. وذكرت صحيفة 'لوفيغارو' المحافظة التي كانت أول وسيلة إعلامية تنشر مقتطفات من التقرير 'الصادم' الثلاثاء أن جماعة الإخوان المسلمين 'تسعى إلى إدخال الشريعة إلى فرنسا'. لكن التقرير أفاد بأن 'أي وثيقة لم تظهر مؤخرا رغبة المسلمين في فرنسا بتأسيس دولة إسلامية في فرنسا أو تطبيق قوانين الشريعة هناك'، لافتا مع ذلك إلى أن التهديد حقيقي. وقال التقرير 'لا نتعامل مع حالة انفصالية عدائية' بل مع 'هدف خفي.. ولكنه تخريبي للمؤسسات'. واقترح حزب ماكرون منع القاصرات دون الخامسة عشرة من ارتداء الحجاب الذي اعتبر أنه 'يقوّض بشكل خطير المساواة بين الجنسين وحماية الأطفال'. كما يسعى الحزب إلى 'تجريم أولياء الأمور الذين يجبرون بناتهم دون السن القانونية على وضع الحجاب، بتهمة الإكراه'. وعام 2023، منعت فرنسا طالبات المدارس الحكومية من ارتداء العباءة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store