
حين تعيش حياة البرزخ وأنت على قيد الحياة!
أصعب ما قد يمرّ به الإنسان، أن يشعر بأنه حيّ بالجسد فقط، بينما روحه تقف في مكان آخر، تراقب ولا تشارك، تَسمع ولا تُسمَع، تنبض لكنها لا تعيش.
أن تمشي بين الناس، ترى وجوههم، تسمع ضحكاتهم، تشاركهم تفاصيل الحياة اليومية… لكنك رغم كل هذا، تشعر وكأنك خلف زجاج شفاف، يفصلك عن العالم، لا يمنعك من رؤيته، لكنه يمنعك من لمسه، هذا هو برزخ الأحياء الذي أتحدث عنه.
البرزخ في اللغة يعني الحاجز أو الفاصل بين شيئين، وهو في المعتقدات الدينية المرحلة التي يعيشها الإنسان بعد موته وقبل بعثه يوم القيامة، عالم الأرواح، غير ملموس، لا هو من الدنيا، ولا من الآخرة. وبين المعنيين، نجد أنفسنا اليوم نحيا حياة أشبه بالبرزخ… لا نشارك العالم حولنا كما ينبغي، ولا نستطيع مغادرته. نعيش غربةً ليست في المكان، ولكن في المعنى.
لم يكن هذا الشعور بالبرزخ غريبًا على نفوس كبار المفكرين والأدباء، بل عبّر عنه كثير منهم بأشكال مختلفة، معتبرينه حالة نفسية عميقة يشعر فيها الإنسان بالتوتر والقلق، خاصة في فترات الانتقال بين مراحل حياته، أو بين الحياة والموت، فمثلًا، رأى نابغة الأدب الأستاذ مصطفى صادق الرافعي أن البرزخ ليس مجرد مرحلة بين الحياة والموت فقط، بل هو حالة نفسية يعيشها الإنسان حين يشعر بالتوتر والقلق والضياع، وكأن روحه معلقة بين عالمين، لا تنتمي لأحدهما بشكل كامل. هو ذلك الشعور بالغربة الوجدانية والانتظار، حيث لا يستطيع الإنسان أن يحسم أمره بين البقاء والمغادرة، بين ما هو مألوف وما هو مجهول.
وهذا ما عبّر عنه أيضا الأستاذ نجيب محفوظ بأبطاله الذين "يمشون في الحياة كأنهم موتى مؤجلون"، يعيشون وسط الناس، لكنهم منفصلون داخليًا عن واقعهم، وهذا يٌعد تعبيرًا أدبيًا مستوحى من روح أعماله، فكثيرا ما تناول أديبنا العالمي في رواياته شعور الانفصال والاغتراب والوجود المزدوج لشخصياته، وفي رواية "ثرثرة فوق النيل"، كثير من شخصيات محفوظ تعيش في حالة تأمل داخلي وشعور بالعزلة رغم وجودهم وسط الناس، حيث تظهر مشاعر الانفصال والاغتراب النفسي، وفي رواية "الحرافيش"، نجيب محفوظ يستعرض كيف يعيش الأفراد صراعات داخلية بين تقاليد المجتمع والتغيرات الحياتية، ما يخلق حالة من الاغتراب النفسي والازدواجية في الوعي، كما أشارت الدكتورة منى بركات في كتابها "الاغتراب في روايات نجيب محفوظ" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، إلى أن رواية "ثرثرة فوق النيل" تمثل نموذجًا على اغتراب المثقفينوكأنهميعيشون حالة برزخ نفسي، وانفصال عن الواقع، مما يعكس أزمة الهوية في المجتمع.
أما الأستاذ عباس محمود العقاد، فقد وصف أقسى أنواع الوحدة بأنها عندما لا يجد الإنسان من يفهم لغته الحقيقية، لغة الشعور والوجدان، لا لغة الكلام فقط، هذه الرؤى تؤكد أن الشعور بالبرزخ النفسي ليس ضعفًا أو هروبًا، بل حساسية مفرطة تجاه ضياع المعنى والقيم، وأن من يشعر به هم الأكثر إدراكًا لحجم الانفصال الذي تعيشه مجتمعاتنا.
ولم يأتِ هذا الشعور من فراغ، بل من تراكم مشاهد تتكرر يومًا بعد يوم، مشاهد تفرض على من يحتفظ ببصيرته نوعًا من العزلة غير المرئية، كأن ترى الكذب وقد تحوّل إلى مهارة، والخداع إلى دهاء، والتلون إلى وسيلة للنجاة، أو كأن تٌتابع الصدق يُستهزأ به، والمبادئ تُستبدل حسب المصلحة، والحق يُساوم عليه في المزادات العلنية، أو كأن تجد الوفاء سذاجة، والوضوح تهورًا، والانتماء عبئًا ثقيلًا لا جدوى منه.
تبدو الحياة، في هذه اللحظات، كأنها مسرح كبير... لكن الجمهور منشغل بالتصفيق للممثلين الخطأ، فنرى طفلًا يُوبّخ لأنه قال الحقيقة، وعجوزًا يتحسر لأنه لم يعد يعرف إن كان الحق حقًا بالفعل أم لا، ونحن نتابع مواقف يومية لا يُعتذر فيها عن الخطأ، ولا يُكافأ فيها الصواب، ولا يُنصف فيها من تمسك بصوته النظيف وسط الضجيج، وكل هذا يصنع الزجاج الذي يقف خلفه أصحاب الضمائر، لا عجزًا، بل لأنهم لم يجدوا لأنفسهم موضعًا وسط كل هذا التشوّه.
وفي مصر، لا تحتاج أن تبحث طويلًا لتدرك حجم الفجوة بين ما نردده من قيم، وما نمارسه على الأرض، وهذا في اعتقادي هو الهم الأكبر الذي يٌعاني منه الوطن والداء الأعظم الذي أصاب البناء المجتمعي، فنحن قد نرفع شعارات الأخلاق في كل مناسبة، ثم لا يتورع كثيرون عن الغش في البيع، أو خيانة الأمانة، أو ظلم من هو أضعف، كما نحفظ أحاديث الصدق، ونشجع أبناءنا على "المشي جنب الحيط"، ونصفق لمن يٌخلّص نفسه بأي طريقة.
الوطن لا يعاني فقط من أزمات اقتصادية أو سياسية، بل من أزمة أعمق وأخطر، أزمة في الضمير الجمعي، في تعريفاتنا البسيطة للحق والعدل والخير وقيمة العمل، وحين تغيب هذه المعاني عن الشارع، عن المدرسة، عن البيت، عن الإعلام، فلا غرابة أن يشعر من بقي له حسّ أخلاقي أنه يعيش في البرزخ.
هؤلاء ليسوا منعزلين ولا سلبيين، بل هم المرآة التي تفضح الخلل، وتنزف بصمت.
وهكذا يظل كل – من تبقى له وعي وضمير – عالقا بين عالمين: عالم نعرف أن مصر تستحقه، وعالم نراها تغرق فيه كل يوم، لا بفعل مؤامرات، بل بأيدي أبنائها الذين نسوا أن الأوطان لا تُبنى بالكلام، بل بالسلوك.
وهؤلاء لا يملكون ترف الانسحاب، ولا يملكون أدوات الانخراط،يراقبون، يحاولون أن يفهموا، ويكتموا في صدورهم غصة السؤال: هل ما زال ممكنًا أن نٌعيد بناء هذا الوطن من جديد، على أرضية يتفق فيها الناس على المعنى قبل أن يتفقوا على المصلحة؟
أيقن تماما أن أصحاب هذا الوعي ليسوا قلة… وليسوا أوهامًا تائهة في مدينة صاخبة، هم بقايا النور في زمن انطفأت فيه المصابيح، هم شهود العدل في زمن يكتب فيه التاريخ من لا يعرف العدل ولا يعترف به، وإن كانوايعيشونوكأنهم في البرزخ، فربما لأن في أرواحهم ما لم يعد ينسجم مع هذا الواقع، ولأن في قلوبهم بقايا معانٍ لم تعد تجد لها مكانًا في الزحام.
قد حان الوقت لتلتفت الدولة، بكل مؤسساتها، إلى أولئك الذين يعيشون بيننا وقد أحاطت بهم شفافية البرزخ النفسي، لا لأنهم رفضوا الواقع، بل لأن الواقع نفسه أنكر وجودهم، هؤلاء لم ينسحبوا من الحياة، بل انسحبت الحياة منهم حين تخلّت عن القيم، وحين صار الصدق موضع شك، والانتماء مادةً للسخرية، والحقائق نسبية في عيون الناس، هم ليسوا أمواتًا، لكنهم عالقون في منطقة رمادية صنعها تجاهل المجتمع، وتكريس الرداءة، وغياب الاعتراف الحقيقي بأصحاب الرؤى الصافية والنفوس النقية.
ليس سواها — الدولة — من يملك أن تمدّ إليهم اليد، أن تكسر هذا الحائل الزجاجي بينهم وبين الواقع، أن تٌعيدهم إلى مواقع التأثير والبناء، فهؤلاء يحملون مفاتيح الخروج من المأزق، ورؤيتهم لم تلوثها المصالح ولا غشّاها الضباب، عطاؤهم لا يزال نقيًّا، ورسالتهم لا تزال تنتظر أن تُسمع، وآن الآوان أن يُعاد إليهم اعتبارهم.
يبقى الأمل… في أن تخرج من هذا البرزخ إرادة جديدة،تٌعيد صياغة الوعي، وتستدعي المعنى، وتؤمن أن الوطن لا يُصنع إلا حين يتفق الناس على ما هو حق، قبل أن يتفقوا على ما هو نافع، لابد أن تعود البوصلة، وأن تٌفتح النوافذ من جديد، فيجد هؤلاء الطيبون نسمة صدق تهب من جهة الوطن.. فيعودون.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 6 ساعات
- الدستور
حين تعيش حياة البرزخ وأنت على قيد الحياة!
أصعب ما قد يمرّ به الإنسان، أن يشعر بأنه حيّ بالجسد فقط، بينما روحه تقف في مكان آخر، تراقب ولا تشارك، تَسمع ولا تُسمَع، تنبض لكنها لا تعيش. أن تمشي بين الناس، ترى وجوههم، تسمع ضحكاتهم، تشاركهم تفاصيل الحياة اليومية… لكنك رغم كل هذا، تشعر وكأنك خلف زجاج شفاف، يفصلك عن العالم، لا يمنعك من رؤيته، لكنه يمنعك من لمسه، هذا هو برزخ الأحياء الذي أتحدث عنه. البرزخ في اللغة يعني الحاجز أو الفاصل بين شيئين، وهو في المعتقدات الدينية المرحلة التي يعيشها الإنسان بعد موته وقبل بعثه يوم القيامة، عالم الأرواح، غير ملموس، لا هو من الدنيا، ولا من الآخرة. وبين المعنيين، نجد أنفسنا اليوم نحيا حياة أشبه بالبرزخ… لا نشارك العالم حولنا كما ينبغي، ولا نستطيع مغادرته. نعيش غربةً ليست في المكان، ولكن في المعنى. لم يكن هذا الشعور بالبرزخ غريبًا على نفوس كبار المفكرين والأدباء، بل عبّر عنه كثير منهم بأشكال مختلفة، معتبرينه حالة نفسية عميقة يشعر فيها الإنسان بالتوتر والقلق، خاصة في فترات الانتقال بين مراحل حياته، أو بين الحياة والموت، فمثلًا، رأى نابغة الأدب الأستاذ مصطفى صادق الرافعي أن البرزخ ليس مجرد مرحلة بين الحياة والموت فقط، بل هو حالة نفسية يعيشها الإنسان حين يشعر بالتوتر والقلق والضياع، وكأن روحه معلقة بين عالمين، لا تنتمي لأحدهما بشكل كامل. هو ذلك الشعور بالغربة الوجدانية والانتظار، حيث لا يستطيع الإنسان أن يحسم أمره بين البقاء والمغادرة، بين ما هو مألوف وما هو مجهول. وهذا ما عبّر عنه أيضا الأستاذ نجيب محفوظ بأبطاله الذين "يمشون في الحياة كأنهم موتى مؤجلون"، يعيشون وسط الناس، لكنهم منفصلون داخليًا عن واقعهم، وهذا يٌعد تعبيرًا أدبيًا مستوحى من روح أعماله، فكثيرا ما تناول أديبنا العالمي في رواياته شعور الانفصال والاغتراب والوجود المزدوج لشخصياته، وفي رواية "ثرثرة فوق النيل"، كثير من شخصيات محفوظ تعيش في حالة تأمل داخلي وشعور بالعزلة رغم وجودهم وسط الناس، حيث تظهر مشاعر الانفصال والاغتراب النفسي، وفي رواية "الحرافيش"، نجيب محفوظ يستعرض كيف يعيش الأفراد صراعات داخلية بين تقاليد المجتمع والتغيرات الحياتية، ما يخلق حالة من الاغتراب النفسي والازدواجية في الوعي، كما أشارت الدكتورة منى بركات في كتابها "الاغتراب في روايات نجيب محفوظ" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، إلى أن رواية "ثرثرة فوق النيل" تمثل نموذجًا على اغتراب المثقفينوكأنهميعيشون حالة برزخ نفسي، وانفصال عن الواقع، مما يعكس أزمة الهوية في المجتمع. أما الأستاذ عباس محمود العقاد، فقد وصف أقسى أنواع الوحدة بأنها عندما لا يجد الإنسان من يفهم لغته الحقيقية، لغة الشعور والوجدان، لا لغة الكلام فقط، هذه الرؤى تؤكد أن الشعور بالبرزخ النفسي ليس ضعفًا أو هروبًا، بل حساسية مفرطة تجاه ضياع المعنى والقيم، وأن من يشعر به هم الأكثر إدراكًا لحجم الانفصال الذي تعيشه مجتمعاتنا. ولم يأتِ هذا الشعور من فراغ، بل من تراكم مشاهد تتكرر يومًا بعد يوم، مشاهد تفرض على من يحتفظ ببصيرته نوعًا من العزلة غير المرئية، كأن ترى الكذب وقد تحوّل إلى مهارة، والخداع إلى دهاء، والتلون إلى وسيلة للنجاة، أو كأن تٌتابع الصدق يُستهزأ به، والمبادئ تُستبدل حسب المصلحة، والحق يُساوم عليه في المزادات العلنية، أو كأن تجد الوفاء سذاجة، والوضوح تهورًا، والانتماء عبئًا ثقيلًا لا جدوى منه. تبدو الحياة، في هذه اللحظات، كأنها مسرح كبير... لكن الجمهور منشغل بالتصفيق للممثلين الخطأ، فنرى طفلًا يُوبّخ لأنه قال الحقيقة، وعجوزًا يتحسر لأنه لم يعد يعرف إن كان الحق حقًا بالفعل أم لا، ونحن نتابع مواقف يومية لا يُعتذر فيها عن الخطأ، ولا يُكافأ فيها الصواب، ولا يُنصف فيها من تمسك بصوته النظيف وسط الضجيج، وكل هذا يصنع الزجاج الذي يقف خلفه أصحاب الضمائر، لا عجزًا، بل لأنهم لم يجدوا لأنفسهم موضعًا وسط كل هذا التشوّه. وفي مصر، لا تحتاج أن تبحث طويلًا لتدرك حجم الفجوة بين ما نردده من قيم، وما نمارسه على الأرض، وهذا في اعتقادي هو الهم الأكبر الذي يٌعاني منه الوطن والداء الأعظم الذي أصاب البناء المجتمعي، فنحن قد نرفع شعارات الأخلاق في كل مناسبة، ثم لا يتورع كثيرون عن الغش في البيع، أو خيانة الأمانة، أو ظلم من هو أضعف، كما نحفظ أحاديث الصدق، ونشجع أبناءنا على "المشي جنب الحيط"، ونصفق لمن يٌخلّص نفسه بأي طريقة. الوطن لا يعاني فقط من أزمات اقتصادية أو سياسية، بل من أزمة أعمق وأخطر، أزمة في الضمير الجمعي، في تعريفاتنا البسيطة للحق والعدل والخير وقيمة العمل، وحين تغيب هذه المعاني عن الشارع، عن المدرسة، عن البيت، عن الإعلام، فلا غرابة أن يشعر من بقي له حسّ أخلاقي أنه يعيش في البرزخ. هؤلاء ليسوا منعزلين ولا سلبيين، بل هم المرآة التي تفضح الخلل، وتنزف بصمت. وهكذا يظل كل – من تبقى له وعي وضمير – عالقا بين عالمين: عالم نعرف أن مصر تستحقه، وعالم نراها تغرق فيه كل يوم، لا بفعل مؤامرات، بل بأيدي أبنائها الذين نسوا أن الأوطان لا تُبنى بالكلام، بل بالسلوك. وهؤلاء لا يملكون ترف الانسحاب، ولا يملكون أدوات الانخراط،يراقبون، يحاولون أن يفهموا، ويكتموا في صدورهم غصة السؤال: هل ما زال ممكنًا أن نٌعيد بناء هذا الوطن من جديد، على أرضية يتفق فيها الناس على المعنى قبل أن يتفقوا على المصلحة؟ أيقن تماما أن أصحاب هذا الوعي ليسوا قلة… وليسوا أوهامًا تائهة في مدينة صاخبة، هم بقايا النور في زمن انطفأت فيه المصابيح، هم شهود العدل في زمن يكتب فيه التاريخ من لا يعرف العدل ولا يعترف به، وإن كانوايعيشونوكأنهم في البرزخ، فربما لأن في أرواحهم ما لم يعد ينسجم مع هذا الواقع، ولأن في قلوبهم بقايا معانٍ لم تعد تجد لها مكانًا في الزحام. قد حان الوقت لتلتفت الدولة، بكل مؤسساتها، إلى أولئك الذين يعيشون بيننا وقد أحاطت بهم شفافية البرزخ النفسي، لا لأنهم رفضوا الواقع، بل لأن الواقع نفسه أنكر وجودهم، هؤلاء لم ينسحبوا من الحياة، بل انسحبت الحياة منهم حين تخلّت عن القيم، وحين صار الصدق موضع شك، والانتماء مادةً للسخرية، والحقائق نسبية في عيون الناس، هم ليسوا أمواتًا، لكنهم عالقون في منطقة رمادية صنعها تجاهل المجتمع، وتكريس الرداءة، وغياب الاعتراف الحقيقي بأصحاب الرؤى الصافية والنفوس النقية. ليس سواها — الدولة — من يملك أن تمدّ إليهم اليد، أن تكسر هذا الحائل الزجاجي بينهم وبين الواقع، أن تٌعيدهم إلى مواقع التأثير والبناء، فهؤلاء يحملون مفاتيح الخروج من المأزق، ورؤيتهم لم تلوثها المصالح ولا غشّاها الضباب، عطاؤهم لا يزال نقيًّا، ورسالتهم لا تزال تنتظر أن تُسمع، وآن الآوان أن يُعاد إليهم اعتبارهم. يبقى الأمل… في أن تخرج من هذا البرزخ إرادة جديدة،تٌعيد صياغة الوعي، وتستدعي المعنى، وتؤمن أن الوطن لا يُصنع إلا حين يتفق الناس على ما هو حق، قبل أن يتفقوا على ما هو نافع، لابد أن تعود البوصلة، وأن تٌفتح النوافذ من جديد، فيجد هؤلاء الطيبون نسمة صدق تهب من جهة الوطن.. فيعودون.


الدستور
منذ 2 أيام
- الدستور
مواقيت الصلاة في السويس اليوم السبت 24 مايو 2025
تشهد محركات البحث عمليات بحث كثيرة عن مواعيد الصلوات الخمس، بشكل يومي باعتبارها ركنًا أساسيًا من أركان الإسلام. وينشر "الدستور" تقريرًا عن مواقيت الصلاة اليوم السبت، بمحافظة السويس، بهدف تزويد المصلين بالمعلومات الضرورية التي تساعدهم على تنظيم أوقاتهم وعباداتهم والاستفادة من كل لحظة في يومهم. أهمية مواقيت الصلاة في حياة المسلم يعتبر أداء الصلاة في أوقاتها من أساسيات الإسلام، ويسعى المسلمون دائمًا إلى ضبط أوقات صلواتهم لتكون متوافقة مع التقويم الفلكي الدقيق، وتعتبر دقة تحديد مواقيت الصلاة أمرًا حيويًا يسهم في تنظيم النشاط الديني والاجتماعي. مواقيت الصلاة اليوم السبت في السويس و استنادًا إلى أحدث البيانات الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للمساحة، فيما يلي نظرة شاملة على مواقيت الصلاة في محافظة السويس لهذا اليوم السبت 24 مايو 2025. موعد صلاة الفجر: 4:10 صباحًا موعد صلاة الظهر: 12:47 ظهرًا موعد صلاة العصر: 4:23 عصرًا موعد صلاة المغرب: 7:42 مساءً موعد صلاة العشاء: 9:12 مساءً. مراعاة فروق التوقيت و تعد هذه المواعيد سارية على كل أحياء محافظة السويس الخمسة: الأربعين، السويس، فيصل، عتاقة والجناين، مع احتمال وجود فروق زمنية طفيفة بين بعض المناطق التي تقع على أطراف المدينة والحدود الفاصلة بين محافظات السويس والمحافظات المجاورة. كيفية حساب مواقيت الصلاة اليوم الفجر: يبدأ وقت صلاة الفجر قبل شروق الشمس بفترة كافية، حيث يُنصح المصلون بأداء الصلاة في أول وقتها، تعتمد الدقة على الحسابات الفلكية الدقيقة. الشروق: يُحتسب وقت شروق الشمس بشروقها الفعلي كنهاية لفترة صلاة الفجر وبداية نشاط الصباح. الظهر: يأتي وقت صلاة الظهر عندما يكون ظل كل شيء مساويًا لطوله، ما يوفر توقيتًا دقيقًا للعبادة. العصر: يُحسب وقت العصر بناءً على طول الظل، وهو وقت يتميز بالأجواء الهادئة والاستعداد للمساء. المغرب: يُعتبر وقت المغرب هو وقت غروب وزوال قرص الشمس وهو نقطة التحول بين النهار والليل، حيث يُستحب الإسراع بأداء الصلاة. العشاء: تأتي صلاة العشاء بعد غروب الشمس نهائيًا وحلول العتمة، ويختلف توقيتها تبعًا لحسابات الفجر والفلك.


نافذة على العالم
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- نافذة على العالم
ثقافة : "السويس تاريخها العمرانى وتراثها المعمارى".. دراسة لأحد أهم المدن المصرية
الثلاثاء 13 مايو 2025 07:00 صباحاً نافذة على العالم - صدر مؤخرًا عن وزارة الثقافة، متمثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب "السويس تاريخها العمراني وتراثها المعماري في عصر الأسرة العلوية" للدكتور أحمد محمود عبد الغني، وتقديم الدكتور محمد عبد الستار عثمان، وذلك ضمن إصدارات سلسلة تاريخ المصريين. يمثل هذا الكتاب دراسة علمية رصينة تغوص في التاريخ العمراني والمعماري لمدينة السويس، واحدة من أهم المدن المصرية على خليج السويس بالبحر الأحمر، ويبرز الكتاب موقع السويس الجغرافي كمنفذ حيوي إلى بلاد الحجاز، وانطلاقة لرحلات التجارة والحج إلى الهند والصين، مما جعلها محطة أساسية على طرق الربط بين الشرق والغرب. يتمتع هذا العمل بمزايا علمية كبيرة، أبرزها المنهج الدقيق، والأسلوب الرصين، والتغطية الشاملة، حيث يقدم المؤلف قراءة تراكمية لبنية المدينة وتطورها عبر العصور، بدءًا بالنشأة الأولى، مرورًا بمختلف المراحل التاريخية، وصولًا إلى عصر الأسرة العلوية، الذي يشكل نقطة التحول الحاسمة في تطور المدينة المعماري والعمراني.د يركز المؤلف على تطورات المدينة في تلك الحقبة من خلال مشروعات عمرانية كبرى، ويعرض بالتفصيل الآثار المعمارية الباقية في المدينة، من منشآت دينية مثل المساجد والزوايا، إلى منشآت مدنية وتجارية وسكنية، فضلًا عن المنشآت التي أنشئت لتخدم الموظفين والعمال الأجانب العاملين بقناة السويس، وخاصة في منطقة بورتوفيق. ويتميز الكتاب بتفصيله المعمق للفروق بين الطراز المحلي والطراز الأوروبي في عمارة المدينة، حيث حلل المؤلف عناصر التخطيط والتصميم والزخرفة المعمارية، كاشفًا عن أصولها التاريخية ومكانتها ضمن تطور العمارة في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. كما يُعد الكتاب وثيقة مهمة في تاريخ العمارة المصرية، حيث يجمع بين التوثيق والوصف والتحليل، ويقدم رؤية تطبيقية على عمائر السويس الباقية، ويبرز بوضوح الوظيفة التجارية والدينية للمدينة، وموقعها في قلب النشاط الملاحي العالمي عقب افتتاح قناة السويس. يُعتبر هذا الكتاب من الدراسات النادرة التي تناولت مدينة السويس من منظور آثاري ومعماري شامل، وأنه يعيد الاعتبار لدور المدينة في التاريخ المصري الحديث، ويؤسس لرؤية جديدة نحو إدماج التراث في التنمية الثقافية والسياحية المستدامة.