
يمكنه تدمير العالم.. خبير أميركي يكشف قدرات صاروخ سارمات الروسي النووي
تهدف روسيا إلى ردع المعتدين المحتملين والحفاظ على التكافؤ الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، عن طريق الاحتفاظ بقوة صواريخ باليستية عابرة للقارات قوية وحديثة.
ويقول المحلل السياسي والعسكري الأميركي براندون وايكيرت، الكاتب البارز في شؤون الأمن القومي في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأميركية، إن ترسانة الأسلحة النووية الروسية ليست الأكبر في العالم فحسب، بل هي الأكثر تقدما أيضا بفضل القيود المفروضة على الولايات المتحدة بموجب معاهدة ستارت الجديدة لتخفيض الأسلحة النووية المبرمة في 2010. وإذا سأل المرء غوغل "ما هو أفضل صاروخ في العالم؟"، سيعطي تطبيق الذكاء الاصطناعي "جيميناي" على الفور إجابة "آر إس- 28 سارمات".
ليس هذا تصرفا غريبا لمحرك بحث بل إنه تقييم مشترك لبعض أبرز خبراء الصواريخ في العالم بأن الروس قد صنعوا سلاحا نوويا متطورا حقا ومرعبا.
وفي الواقع أطلقت موسكو على هذا الصاروخ النووي الأحدث اسما يقصد به بث الخوف بين الأعداء. ورغم أن الصاروخ يسمى "سارمات" تيمنا بالسارماتيين، وهو تحالف تاريخي لمحاربي السهوب الأوراسية، فإنه يشار إليه بالعامية باسم صاروخ "الشيطان"، وهو اسم ملائم نظرا لقوته التدميرية المذهلة.
وحاز صاروخ "آر إس- 28 سارمات"، الذي أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأول مرة في 2018، اهتمام دوليا بسبب إمكانياته المتقدمة وسعة حمولته الضخمة ودوره الرئيسي في الاستراتيجية النووية الروسية الشاملة.
خصائص صاروخ سارماتيبلغ مدى صاروخ "آر إس- 28 سارمات"، وهو صاروخ باليستي عابر للقارات يعمل بالوقود السائل ويطلق من الصوامع، مستوى استثنائيا يصل لحوالي 11185 ميلا، مما يتيح له ضرب أهداف في أي مكان على سطح الأرض عمليا. ويجعل هذا المدى الطويل، فضلا عن قدرته على سلوك مسارات طيران غير تقليدية- فوق القطب الشمالي على سبيل المثال- رصد أنظمة الدفاع للصاروخ واعتراضه قبل أن يطلق حمولته الفتاكة أمرا صعبا.
لا يسع المرء عند مراجعة خصائص الصاروخ إلا أن يندهش من سعة حمولة نظام سارمات، فيمكن للصاروخ الواحد أن يحمل ما يصل وزنه إلى 10 أطنان من الرؤوس الحربية بفارق كبير عن معظم الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المعاصرة، ويتيح هذا للصاروخ أن يحمل تكوينات متنوعة قد تصل إلى 15 من مركبات إعادة الدخول القابلة للاستهداف بشكل مستقل- كل منها مزود برأس نووي أو حتى عدد صغير من الرؤوس الحربية ذات القوة التفجيرية التي تتجاوز قوة انفجار تعادل 10 ملايين طن من مادة "تي إن تي".
وبالإضافة إلى ذلك، يقال إن صاروخ سارمات متوافق مع المركبة الانزلاقية الفرط الصوتية من طراز "أفانجارد"، وهو رأس حربي قادر على المناورة والتحليق بسرعات تفوق 20 ماخ (أي أكثر من سرعة الصوت) فيما يتفادى الدفاعات بمقذوفات لا يمكن التنبؤ بها.
أما عن نظام دفع الصاروخ بالوقود السائل، وهو أكثر تعقيدا من البدائل التي تعتمد على الوقود الصلب، فيمنح دفعا ومرونة أقوى، مما يفعّل سعة حمولته الضخمة وإمكانياته طويلة المدى.
وصار صاروخ "آر إس- 28" أكثر فتكا عن طريق تزويد إجراءات مضادة متطورة، مثل الفخاخ وأنظمة التشويش الإلكتروني، المصممة لاختراق شبكات الدفاع الصاروخي الدقيقة مثل المنظومة الأميركية للدفاع الأرضي ضد الصواريخ في منتصف مسارها "جي إم دي"، وهو النظام الذي جعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب أحد العناصر الرئيسية لمنظومة الدفاع الصاروخي الوطنية "القبة الذهبية" التي أعلن عنها مؤخرا.
روسيا تتغلب على الولايات المتحدة في تطوير الأسلحة النوويةوبمجرد دخول "آر إس- 28 سارمات" في الترسانة النووية الروسية في 2022 أصبح الصاروخ حجر الزاوية لاستراتيجية الردع النووي للقوات المسلحة الروسية، التي تهدف إلى وجود قدرة موثوقة على توجيه الضربة الثانية في حالة اندلاع صراع نووي.
وتعزز سعة الحمولة المذكورة آنفا قدرة روسيا على سحق دفاعات العدو، وتدعم من مفهوم التدمير المتبادل المؤكد.
ونظرا لأنه يعتقد أن الترسانة النووية الروسية أكبر وأكثر تقدما من ترسانة الولايات المتحدة، تحظى روسيا بالأفضلية في هذا المجال.
لماذا لم تتمكن الولايات المتحدة من صنع ردع نووي أفضل؟ يقع الخطأ بشكل كبير مجددا على قاعدة الصناعات الدفاعية الأميركية الضعيفة التي ظلت عاجزة باستمرار عن توفير الموارد للأمن القومي. وجاهدت الولايات المتحدة لتحديث ترسانة أسلحتها النووية القديمة عن طريق وضع صواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز "إل جي إم- 35 سنتينيال" بدلا من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من طراز "إل جي إم- 30 مينيتمان"، لكن نجاح البرنامج أمر بعيد الاحتمال نظرا للتكلفة الضخمة المتجاوزة للميزانية وأوجه القصور التي ظهرت على مدار السنوات.
صار صاروخ "آر إس- 28 سارمات" الروسي أكثر صاروخ باليستي عابر للقارات متقدم في العالم ويحظى بأكبر قوة تدميرية. وذهب المشككون الأميركيون لسنوات، بقصر نظر، إلى أن روسيا مجرد محطة وقود متنكرة على هيئة دولة. وإذا كان الأمر كذلك فـ"محطة الوقود" هذه لديها قاعدة صناعية دفاعية قوية وجيش يفوز في الحرب في أوكرانيا، وبات لديها الآن أكثر ترسانة أسلحة نووية متطورة في العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


LBCI
منذ 4 ساعات
- LBCI
نموذج ذكاء اصطناعي يتفوق بتوقعاته على هيئات الأرصاد الجوية التقليدية
نشرت مجلة "نيتشر" العلمية نتائج الأربعاء تفيد بأن نموذج ذكاء اصطناعي من شركة مايكروسوفت نجح في إنتاج توقعات جوية لمدة 10 أيام أكثر دقة وبتكلفة أقل من النماذج التقليدية التي تعتمدها الهيئات الدولية المختصة الكبرى. وتشكّل هذه النتائج التجريبية غير المتاحة للعامة انجازا في العصر الذي بدأه عام 2023 نموذج الذكاء الاصطناعي "بانغو-ويذر" من شركة هواوي، فيما تسعى الهيئات الكبرى المختصة إلى إنتاج توقعات أكثر موثوقية لظواهر الطقس الحادة التي تتسبب بأضرار بشرية ومادية وتفاقمت بفعل الاحترار المناخي العالمي. وأعلنت غوغل أيضا في العام المنصرم أنها تغلبت على النماذج التقليدية بنموذج قائم على الذكاء الاصطناعي. وأوضح الباحثون في نتائج دراستهم المنشورة في "نيتشر" أن نموذج التعلم الآلي "أورورا" من مايكروسوفت "تفوق على التوقعات التشغيلية في التنبؤ بجودة الهواء، وأمواج المحيط، ومسارات الأعاصير المدارية، وظروف الطقس العالية الدقة، وكل ذلك بتكلفة حسابية" أدنى بكثير. وشرح مصممو "أورورا" أنه بات، من خلال إعادة محاكاة حالات من الماضي القريب، أول نموذج ذكاء اصطناعي يتوصل إلى توقعات لمسار الأعاصير المدمرة على امتداد خمسة أيام، تبيّن أنها أفضل من تلك التي توصلت إليها سبعة مراكز للأرصاد الجوية، من بينها مركز الأعاصير الأميركي. فقبل أربعة أيام من إعصار "دوكسوري" في المحيط الهادئ، تنبأ "أورورا" في محاكاته بأن هذا الإعصار سيضرب الفيليبين، وهو ما حصل فعلا، في حين كانت التوقعات الرسمية في ذلك الوقت، عام 2023، تشير إلى أنه سيتجه شمال تايوان. كذلك تفوّق نموذج الذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت في 92 في المئة من الحالات على توقعات نموذج المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى العالمية لمدة 10 أيام، وعلى مقياس يبلغ نحو عشرة كيلومترات مربعة. ويُعد المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى الذي يوفر توقعات لـ35 دولة في أوروبا، المرجع العالمي للدقة في مجال الأرصاد الجوية.


النهار
منذ 4 ساعات
- النهار
نموذج ذكاء اصطناعي يتفوق بتوقعاته على هيئات الأرصاد الجوية التقليدية
نجح نموذج ذكاء اصطناعي من شركة "مايكروسوفت" في إنتاج توقعات جوية لمدة 10 أيام أكثر دقة وبتكلفة أقل من النماذج التقليدية التي تعتمدها الهيئات الدولية المختصة الكبرى، وفقاً لنتائج نشرتها الأربعاء مجلة "نيتشر" العلمية. وتشكّل هذه النتائج التجريبية غير المتاحة للعامة انجازاً في العصر الذي بدأه عام 2023 نموذج الذكاء الاصطناعي "بانغو-ويذر" من شركة هواوي، فيما تسعى الهيئات الكبرى المختصة إلى إنتاج توقعات أكثر موثوقية لظواهر الطقس الحادة التي تتسبب بأضرار بشرية ومادية وتفاقمت بفعل الاحترار المناخي العالمي. وأعلنت "غوغل" أيضاً في العام المنصرم أنها تغلبت على النماذج التقليدية بنموذج قائم على الذكاء الاصطناعي. وأوضح الباحثون في نتائج دراستهم المنشورة في "نيتشر" أن نموذج التعلم الآلي "أورورا" من "مايكروسوفت" "تفوق على التوقعات التشغيلية في التنبؤ بجودة الهواء، وأمواج المحيط، ومسارات الأعاصير المدارية، وظروف الطقس العالية الدقة، وكل ذلك بتكلفة حسابية" أدنى بكثير. وشرح مصممو "أورورا" أنه بات، من خلال إعادة محاكاة حالات من الماضي القريب، أول نموذج ذكاء اصطناعي يتوصل إلى توقعات لمسار الأعاصير المدمرة على امتداد خمسة أيام، تبيّن أنها أفضل من تلك التي توصلت إليها سبعة مراكز للأرصاد الجوية، من بينها مركز الأعاصير الأميركي. فقبل أربعة أيام من إعصار "دوكسوري" في المحيط الهادئ، تنبأ "أورورا" في محاكاته بأن هذا الإعصار سيضرب الفيليبين، وهو ما حصل فعلاً، في حين كانت التوقعات الرسمية في ذلك الوقت، عام 2023، تشير إلى أنه سيتجه شمال تايوان. كذلك تفوّق نموذج الذكاء الاصطناعي من "مايكروسوفت "في 92 في المئة من الحالات على توقعات نموذج المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى العالمية لمدة 10 أيام، وعلى مقياس يبلغ نحو عشرة كيلومترات مربعة. ويُعد المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى الذي يوفر توقعات لـ35 دولة في أوروبا، المرجع العالمي للدقة في مجال الأرصاد الجوية. وفي كانون الأول/ديسمبر، أعلنت شركة "غوغل" أن نموذجها "جنكاست" GenCast تجاوز دقة المركز الأوروبي في أكثر من 97 في المئة من الكوارث المناخية البالغ عددها 1320 كارثة المسجلة عام 2019.


شبكة النبأ
منذ 7 أيام
- شبكة النبأ
كيف يمكن للعلماء تبني استخدام الذكاء الاصطناعي؟
أثارت تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي العديد من المسائل الأخلاقية حول كيفية تطويرها واستخدامها، خاصةً فيما يتعلق بالبحث العلمي. حيث توجد العديد من القضايا -الخلافية في كثير من الأحيان- المرتبطة بحقوق الملكية الفكرية، أو بالتأثير البيئي، أو بتوسيع الفجوة بين المجتمعات، أو بالعواقب الاقتصادية لاستخدام تلك التقنية... ربما يظن البعض أن استخدام "الذكاء الاصطناعي التوليدي" في مجال البحث العلمي يقتصر فقط على المساعدة في النشر العلمي. فبعد إطلاق النموذج الأول من تشات جي بي تي بنهاية عام 2022، بدأ الباحثون في استكشاف قدرات هذا "النموذج اللغوي الكبير" في عمليات التحرير والمراجعة اللغوية لمسودات أوراقهم البحثية قُبيل تقديمها للنشر، وذلك بهدف إنتاج أوراق بحثية عالية الجودة. لكن الأمر تطور بسرعة ليصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي مشاركًا في عملية الكتابة بحد ذاتها، فقد تم نشر أول ورقة بحثية علمية حملت قائمة مؤلفيها اسم تشات جي بي تي مطلع عام 2023. الأمر الذي أحدث جدلًا علميًا وأخلاقيًا في أوساط مجتمع البحث العلمي استمر إلي يومنا هذا. وبرغم التطور المتسارع لقدرات نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتوفر أكثر من أداة، ركز العلماء على عملية النشر العلمي بشكل أساسي، متغافلين بذلك عن قدرات تلك النماذج الفائقة التي يمكن توظيفها في عملية البحث العلمي ذاته. الذكاء الاصطناعي التوليدي في خدمة البحث العلمي معظم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الشائعة -مثل تشات جي بي تي، جيميناي، كو-بايلوت، كلود، وغيرها- هي بشكل رئيسي للاستخدام العام لأغراض غير متخصصة. إلا أنه مؤخرًا تم تطوير نماذج أخرى أكثر تخصصًا يمكنها القيام بمهام تتعلق بالبحث العلمي بشكل مباشر، بالإضافة إلى تطوير نسخ من نماذج الاستخدام العام تمتلك القدرة على طرح الأسئلة والتحليل والاستنتاج في إطار البحث العلمي. فقد طورت شركة جوجل نظام "وكيل الذكاء الاصطناعي" يدعى "العالِم المُساعِد" (co-scientist)، يمكنه مساعدة العلماء في تطوير فرضيات علمية ومقترحات بحثية جديدة والمساعدة في تسريع البحث العلمي عبر تخصصات متعددة. وقد قام فريق بحثي من "إمبريال كولدج لندن" (Imperial College London)، باختبار قدرات هذا النموذج، الذي تمكن من الوصول إلى نتائج بحثية في مشكلة علمية تتعلق بمقاومة المضادات الحيوية في غضون 48 ساعة فقط، الأمر الذي استغرق الفريق البحثي قرابة عقد من الزمن للوصول للنتائج ذاتها. كما يمكن للنماذج المتقدمة من الذكاء الاصطناعي التوليدي للاستخدام العام -مثل OpenAI o1- أن تساعد العلماء في مهام أكثر تعقيدًا عبر اتباع منهجيات التفكير العلمي، لتتجاوز بذلك الأدوار التقليدية المتعلقة فقط بالكتابة والنشر. "يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تعزيز البحث العلمي من خلال تسريع وإثراء توليد الأفكار -خاصة بين التخصصات وعبر المجالات المتعددة التي قد لا تكون واضحة في مجال معين- وأتمتة تحليل البيانات، وتقليل الوقت والتكلفة للعديد من المهام المهمة لكنها رتيبة ومرهقة لإعداد البيانات ومعالجتها." كما يوضح نزار حبش، أستاذ علوم الحاسوب بجامعة نيويورك أبوظبي. خلاصة الأمر أن أدوات الذكاء الاصطناعي الحالية يمكنها دعم دورة البحث العلمي بأكملها؛ بدءًا من توليد الأفكار وصياغة الفرضيات وتصميم المنهجيات، مرورًا بالتنفيذ من جمع للبيانات وترميزها وتحليلها، وانتهاءً بكتابة الأوراق البحثية ومراجعتها ونشرها بدوريات علمية محكمة. وللوصول لذلك، تضمن النصائح التالية استخدام تلك التكنولوجيا بشكل ناجح وأخلاقي في الوقت ذاته. 1- تعلم الذكاء الاصطناعي التوليدي ربما يبدو ذلك بديهيًا، لكن تدريب العلماء على أدوات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتجاوز مجرد استخدام تلك الأدوات إلى فهم كيفية عملها وماهية قدراتها وحدود إمكانياتها، مما يساعد في تحديد أفضل طريقة لتبنى تلك التقنية، ومن ثم بناء قدرات قاعدة عريضة من الباحثين الذين يمكنهم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال. يوضح هايرو لوغو-اوكاندو، عميد كلية الاتصال بجامعة الشارقة، "يرى العديد من الباحثين أنه (الذكاء الاصطناعي التوليدي) شيء يمكن تعلمه لاحقًا، ولا يركزون بما فيه الكفاية على فهم فائدته. نعم، لقد كان هناك الكثير من الضجة حوله، لكن الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس شيئًا ثانويًا في البحث العلمي. بل هو محوري. ويقع على عاتق الباحثين فهم كيف يمكن استخدامه وأين يجب استخدامه." 2- وضع استراتيجية للذكاء الاصطناعي التوليدي بالتوازي مع بناء قدرات العلماء، ينبغي تطوير استراتيجيات تبني استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي داخل الجامعات والمؤسسات البحثية. يتضمن ذلك بناء رؤية واضحة حول الدور الذي يمكن أن تلعبه تلك التقنية في البحث العلمي، مع الأخذ بعين الاعتبار سياسات الأطراف الفاعلة الأخرى من الجهات الحكومية وجهات التمويل ومؤسسات النشر العلمي، وهو النهج الذي اتبعه عدد من مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما يوضح لوغو-اوكاندو. فقد استحدثت جامعة أبو ظبي منصبًا قياديًا جديدًا مطلع العام الجاري يدعى "نائب مدير الجامعة للذكاء الاصطناعي والتميز التشغيلي"، والذي يختص بتطوير وتنفيذ استراتيجيات استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي فيما يتعلق بالبحث العلمي وطرق التدريس. 3- التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي كشريك وليس كبديل دائمًا ما يكون السؤال حول كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي مطروحًا، خاصةً مع التخوف من قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على إنتاج معلومات تبدو مقنعة لكنها غير دقيقة أو مختلقة- وهو ما يُدعى "الهلوسة" (Hallucination). لذا تعد معاملة الذكاء الاصطناعي كشريك وليس كبديل هي الطريقة المُثلى لاستخدامه في البحث العلمي. حيث يظل الباحث البشري هو المسؤول عن التفكير واتخاذ القرارات والتحقق من مخرجات الذكاء الاصطناعي، بينما يعمل الذكاء الاصطناعي كمساعد ذي قدرات فائقة على أداء بعض المهام في وقت أقصر وبتكلفة أقل. يؤكد ذلك حبش قائلًا: "الذكاء الاصطناعي هو أداة تعزز الخبرة البشرية ولا تستبدلها. وتبقى المسؤولية النهائية في ما يخص الدقة العلمية على عاتق العلماء والباحثين... فيجب أن يكون (الباحثون) مدرَّبين بشكل جيد ومتخصصين بعمق في مجالاتهم الخاصة حتى لا ينخدعوا بهلوسة الذكاء الاصطناعي." 4- إدراك تحيزات الذكاء الاصطناعي التوليدي "تم تدريب جميع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى حد كبير على بيانات من مصادر 'غربية' في أغلبها، وبالتالي فهي غير متنوعة ولذا فهي متحيزة. حتى طريقة تصميمها تضم تحيّزًا، الأمر الذي قد لا نفهمه الآن وقد لا يظهر إلا لاحقًا حتى من دون أن ندركه .. لذلك فالمخرجات دائمًا ما ستكون ذات تحيّز متأصل، ويجب أن نكون منتبهين لذلك." كما تبين رنا دجاني، أستاذ علم الأحياء الخلوي الجزيئي بالجامعة الهاشمية. يُعد إدراك ذاك التحيز المتجذر بنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة للعلماء. حيث يجب دائمًا أخذه في الحسبان عند استخدامه لأغراض البحث العلمي. وبناءًا على ذلك، فإن دور الباحثين يتمثل في المزيد من التحقق درءًا للتحيز، والتقييم النقدي المستمر لنتائج المهام الموكلة إلى الذكاء الاصطناعي، وبذلك يمكن التأكد من استخدام أكثر تنوعًا وشمولًا وتوازنًا دون الوقوع في فخ تلك التحيزات. 5- استخدام وتطوير ذكاء اصطناعي متخصص في البحث العلمي بالرغم من انتشار نماذج الذكاء الاصطناعي ذات الاستخدام العام، إلا أن هناك بعض النماذج المتخصصة التي يُنصح باستخدامها، والتي تتميز بنتائج أفضل في المهام المتعلقة بالبحث العلمي. وذلك مثل نموذج AlphaFold المصمم لتوقع البنية الهيكلية لجزيئات البروتين، ونموذج Elicit المتخصص في تلخيص الأدبيات العلمية، ونموذج GENTRL الذي يمكن استخدامه في عمليات تصميم المركبات الدوائية؛ فتلك النماذج مدرَّبة على مجموعات بيانات ذات صلة، كما أنها مُعدَّلة بدقة لتناسب عملية البحث العلمي. بجانب ذلك يمكن للعلماء -في مجال بعينه أو عبر تخصصات متعددة- التعاون لتطوير نماذج ذات تخصص دقيق بغرض القيام بمهام علمية محددة للغاية. على سبيل المثال، قام فريق بحثي متعدد التخصصات بتطوير نموذج يدعى ECgMPL يمكنه تشخيص سرطان بطانة الرحم بدقة تبلغ 99.26%، وفقًا للدراسة المنشورة مطلع العام الجاري. 6- الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي أثارت تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي العديد من المسائل الأخلاقية حول كيفية تطويرها واستخدامها، خاصةً فيما يتعلق بالبحث العلمي. حيث توجد العديد من القضايا -الخلافية في كثير من الأحيان- المرتبطة بحقوق الملكية الفكرية، أو بالتأثير البيئي، أو بتوسيع الفجوة بين المجتمعات، أو بالعواقب الاقتصادية لاستخدام تلك التقنية. إذ يتشابك كل ذلك مع البحث العلمي، وهو الأمر الذي لا يجب إغفاله على الإطلاق. فرغم فوائد أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها قد تُستخدم في تزييف البيانات، وإنشاء مراجع وهمية، وإنتاج أبحاث كاملة دون إشراف بشري. كذلك قد تُستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي في تضخيم التحيز ضد الفئات المهمشة. وقد أظهرت دراسة أن أحد نماذج الذكاء الاصطناعي قام بشكل انتقائي، بتصنيف المرضى من النساء وذوي البشرة الداكنة وأصحاب الدخل المنخفض على أنهم أصحاء، ما قد يؤدي إلى إغفال تشخيص الحالات الطبية والحرمان من العلاج المناسب.