logo
الحج تزكية للنفوس في مدرسة التوحيد

الحج تزكية للنفوس في مدرسة التوحيد

صحيفة الشرقمنذ 8 ساعات

0
عبد العزيز عبدالهادي حسن الأحبابي
في مدرسة الحج العظمى، حيث تتجرد الأرواح من زخارف الدنيا، تبنى القيم وتهذب النفوس، وتعاد صياغة الإنسان على فطرة التوحيد. ليس الحج طقوسًا جامدة، بل رحلة تغيير حقيقية، ومدرسة أخلاقية تربوية، يتخرج منها الحاج بروح جديدة ونفس نقية وعقل مستنير.
الحج تجرد من المال والمكانة واللباس، قال الله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ (البقرة:197)، فنهى الله عن كل ما يشوه صفاء النفس ويكسر هيبة العبادة، لأنه موسم تربية وتطهير. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (رواه البخاري وسلم)، وهذا يعنى أن أعظم مكاسب الحج ليست فقط سقوط الفريضة، بل سقوط الذنوب وبناء قلب جديد، يعي حق الله وحق الناس.
في عرفات، يقف الملايين سواسية لا يميزهم لون أو جنسية أو رتبة، تذوب الأنا، وتولد أمة التوحيد على صعيد واحد. هناك تزرع قيم المساواة والرحمة، والتجرد والإخلاص، والتسامح والتوبة. وفي رمي الجمرات يتعلم الحاج أن الحياة صراع دائم مع الشيطان، وأن على الإنسان أن يرجم الغواية كلما ظهرت، ويجدد ولاءه لطريق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وفي السعي بين الصفا والمروة تغرس معاني الصبر واليقين، استلهاماً من مشهد هاجر عليها السلام، وهي تسعى لأجل حياة ابنها.
وليس عجيبًا أن الحج يأتي في أشهر حرم عظيمة، هي شهور السلام وتعظيم الحرمات. ففيها تعظم الدماء والأعراض، وتغلق أبواب الفتن، وتفتح نوافذ الطهر والسلام مع النفس والناس.
إن الحج في جوهره عملية إصلاح شامل، تبدأ بالقلب وتمتد للسلوك. وحين يعود الحاج إلى وطنه، لا يعود مجرد مسافر، بل رسول قيم، وحامل نور، ومصدر قدوة، ومثال تغيير. اللهم كما بلغتنا هذه الأشهر الحرم، وفتحت لنا أبواب الخير فيها، فبلغنا حج بيتك الحرام، واكتب لنا فيها التزكية والقبول، واهدِ قلوبنا إلى ما تحب وترضى، وبارك لنا في ديننا ودنيانا، واجعلنا من الحجاج المبرورين، الذين تقبل أعمالهم وتغفر ذنوبهم، وترفع درجاتهم، يا أرحم الراحمين.
مساحة إعلانية

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحج تزكية للنفوس في مدرسة التوحيد
الحج تزكية للنفوس في مدرسة التوحيد

صحيفة الشرق

timeمنذ 8 ساعات

  • صحيفة الشرق

الحج تزكية للنفوس في مدرسة التوحيد

0 عبد العزيز عبدالهادي حسن الأحبابي في مدرسة الحج العظمى، حيث تتجرد الأرواح من زخارف الدنيا، تبنى القيم وتهذب النفوس، وتعاد صياغة الإنسان على فطرة التوحيد. ليس الحج طقوسًا جامدة، بل رحلة تغيير حقيقية، ومدرسة أخلاقية تربوية، يتخرج منها الحاج بروح جديدة ونفس نقية وعقل مستنير. الحج تجرد من المال والمكانة واللباس، قال الله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ (البقرة:197)، فنهى الله عن كل ما يشوه صفاء النفس ويكسر هيبة العبادة، لأنه موسم تربية وتطهير. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (رواه البخاري وسلم)، وهذا يعنى أن أعظم مكاسب الحج ليست فقط سقوط الفريضة، بل سقوط الذنوب وبناء قلب جديد، يعي حق الله وحق الناس. في عرفات، يقف الملايين سواسية لا يميزهم لون أو جنسية أو رتبة، تذوب الأنا، وتولد أمة التوحيد على صعيد واحد. هناك تزرع قيم المساواة والرحمة، والتجرد والإخلاص، والتسامح والتوبة. وفي رمي الجمرات يتعلم الحاج أن الحياة صراع دائم مع الشيطان، وأن على الإنسان أن يرجم الغواية كلما ظهرت، ويجدد ولاءه لطريق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وفي السعي بين الصفا والمروة تغرس معاني الصبر واليقين، استلهاماً من مشهد هاجر عليها السلام، وهي تسعى لأجل حياة ابنها. وليس عجيبًا أن الحج يأتي في أشهر حرم عظيمة، هي شهور السلام وتعظيم الحرمات. ففيها تعظم الدماء والأعراض، وتغلق أبواب الفتن، وتفتح نوافذ الطهر والسلام مع النفس والناس. إن الحج في جوهره عملية إصلاح شامل، تبدأ بالقلب وتمتد للسلوك. وحين يعود الحاج إلى وطنه، لا يعود مجرد مسافر، بل رسول قيم، وحامل نور، ومصدر قدوة، ومثال تغيير. اللهم كما بلغتنا هذه الأشهر الحرم، وفتحت لنا أبواب الخير فيها، فبلغنا حج بيتك الحرام، واكتب لنا فيها التزكية والقبول، واهدِ قلوبنا إلى ما تحب وترضى، وبارك لنا في ديننا ودنيانا، واجعلنا من الحجاج المبرورين، الذين تقبل أعمالهم وتغفر ذنوبهم، وترفع درجاتهم، يا أرحم الراحمين. مساحة إعلانية

أراغبٌ أنت عن آلهتي؟
أراغبٌ أنت عن آلهتي؟

صحيفة الشرق

timeمنذ يوم واحد

  • صحيفة الشرق

أراغبٌ أنت عن آلهتي؟

72 د. عبدالله العمادي ليس من السهل على الإنسان أن يكون المقابل للرفق واللين والأدب في التعامل مع أحد من البشر، قسوة وجفوة وغلظة، بل تهديد بالضرب أو السب أو حتى القتل والتصفية.. هكذا كان الوضع مع خليل الرحمن، ابراهيم عليه السلام، وهو يبذل جهده في دعوة أبيه آزر إلى دعوة الحق وترك عبادة الأوثان. وقد كانت دعوته فيها الكثير من الرفق واللين، لكن لم يجد كل ذلك نفعاً في آزر وقومه. في هجمته المضادة، قال لابنه ابراهيم (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم) ولم يقل له يا بني مثلاً، كنوع من الرفق مع ابنه الهيّن اللين الحليم، بل سماه باسمه، إشارة إلى أنه غاضب منفعل من دعوته الغريبة عليهم، ثم دعوته له لترك عبادة تلك الآلهة التي هم عليها عاكفون. قال والد إبراهيم له على سبيل التهديد والوعيد، كما يقول الطنطاوي في التفسير الوسيط، أتارك أنت يا إبراهيم عبادة آلهتي، وكارهٌ لتقرّب الناس إليها، ومنفرهم منها؟ لئن لم تنته عن هذا المسلك (لأرجمنّك) بالحجارة وبالكلام القبيح (واهجرني مَلِيّاً) بأن تغرب عن وجهى زمناً طويلاً لا أحب أن أراك فيه ! وهكذا قابل الأب الكافر أدب ابنه المؤمن، بفظاظة وغلظة ثم تهديد ووعيد، وعناد وجهالة، شأن القلب الذى أفسده الكفر. هذه الآية كما ذهب بعض المفسرين إنما حكاها الله تعالى لمحمد، صلى الله عليه وسلم، كما يقول الفخر الرازي، كي يخفف على قلبه ما كان يصل إليه من أذى المشركين، وليعلم أن الجهّال منذ كانوا على هذه السيرة المذمومة. ما أشبه اليوم بالبارحة إن كانت آلهة الأمس مجموعة أوثان أو أشجار أو كواكب أو ما شابه، ولقى بسببها الكثير من المؤمنين البلاء وأشد العذاب، فقط لأنهم لم يرضخوا لما كانت عليه أقوامهم من جهالة وفساد اعتقاد، وكانت قصص الأنبياء أبرز الأمثلة التي تحكي تلك المشاهد الغارقة في الجاهلية، فإن ما يحدث اليوم في عصر العلم والتنوير، أو عصر الاتصالات والتقنيات والمعلومات، لا يختلف البتة عما كانت عليه الأقوام السابقة. لقد تعددت آلهة اليوم وتغيرت، ولم تعد أوثاناً أو أشجاراً، بل صارت على شكل توجهات فكرية أو أحزاب سياسية أو أصحاب قرار وصلاحيات، وعموم الناس في هذا المشهد الجاهلي الفوضوي، حيارى بين تلكم الآلهة المتعددة، ولمن يجب تقديم الولاءات والطاعات، على رغم وضوح الرؤى والرسالات، بعد خاتم الأنبياء والمرسلين. كل بطانة آلهة صارت تهدد الأتباع في وقت من الأوقات بصورة من الصور، إن رأت تململاً أو تحركاً نحو العصيان، وتعيد ترديد عبارات آزر لإبراهيم عليه السلام ( أراغب أنت عن آلهتي ) كأنما التاريخ يعيد نفسه، وإنْ بصور وأشكال وهيئات مختلفة، لكن المضمون واحد. أوثان العصر الحديث من يعارض مديره المتسلط في إدارة أو وزارة أو شركة ما، فإن أولى العبارات التي يسمعها لا يختلف مضمونها عن مضمون ما قاله آزر لإبراهيم، وإن تبدلت الكلمات والحروف. فلا فرق بين (أراغب أنت عن آلهتي) وبين (أتعارض المدير العام أو الصالح العام) ؟! إن ظهر في الأفق معارضٌ لرئيس حكومة أو رئيس دولة، أو ما شابه من المناصب، فإن التهديدات تنهال عليه من كل حدب وصوب. كل جهة بحسب اختصاصها تهدده بمصير غامض مؤلم إن هو عارض، أو رغب عن سياسات الحكومة، أو توجهات الرئيس، أو تطلعات الوزير، أو من هم على شاكلتهم. كلهم يردد نفس المعنى (أراغبٌ أنت عن آلهتي) ؟! الدول التي تدور في الفلك الأمريكي إن تجرأت ورغبت عن سياساتها، وأرادت التحرك بعض الشيء بعيداً عن تلكم السياسات والتوجهات، فإن مصيرها ليس بالذي يسعدها ويسرها، وعواقب المخالفة معروفة ومتنوعة مؤلمة. وبالمثل تلك الدول الدائرة في الفلك الروسي أو الصيني وغيرها من أفلاك القوة والتجبر والتسلط في عالم اليوم. الأمر بالمثل يحدث مع كثير من رموز السياسة والإعلام والفكر والفن في كثير من دول العالم. فما إن تبدأ تلك الرموز بالتحرك أو تعزم على مخالفة سياسات الدولة العميقة في دولها، تجدها فجأة وبقدرة قادر تنكشف أوراقها وملفاتها وتاريخها، وكأنما تلكم الأوراق جُهّزت لمثل هذه الأوقات، فيتم خنقها ووأدها وهي في المهد ! والأمثلة على مشهد آزر مع إبراهيم الخليل عليه السلام أكثر مما يمكن ذكرها أو حصرها ها هنا. هكذا واقع الحال أينما وجهت وجهك. وليس شرطاً أن ترى هذه المشاهد في بقعة جغرافية معينة، بل متناثرة حول هذا الكوكب، من شرقة إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، وإنْ بنسب متفاوتة بحسب العقلية السائدة في كل بقعة جغرافية.. لب الحديث من يجد نفسه في موقف شبيه بموقف الخليل إبراهيم عليه السلام، يواجه بطانة آلهة ما، أو حتى الآلهة نفسها أو الوثن نفسه، فليعلم أنه إن استمر على موقفه، وثبت وصمد، فهو على الصراط المستقيم والحق المبين، وإنْ خسر نفسه وماله وولده والكثير الكثير. إن نبي الله الكريم إبراهيم عليه السلام، اختار أن يخسر كل ما يملك، بل ويخرج من بلده مهاجراً إلى ربه، على أن يتراجع عن صراط الله المستقيم. فلم تفتنه المغريات ولم ترعبه التهديدات. وبالمثل كان الحال مع سيد ولد آدم، عليه الصلاة والسلام، حين ترك ماله وأهله وبلده، وخرج مهاجراً إلى حيث يأمن على نفسه ودينه. هكذا هو الصراع الأبدي بين الحق والباطل. لا يختلف هذا الصراع اليوم عما كان عليه الوضع منذ الأمم الغابرة قبل آلاف السنين. العقلية المتجبرة الفاسدة هي هي، لا تتغير ولا تتبدل تركيبتها، أو إعداداتها الداخلية، وإن تبدّلت الأجسام وتركيباتها، أو إعداداتها الخارجية. وفي قصص الأنبياء الكرام، الكثير الكثير من هذه الدروس والعبر. نعم، (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب. ما كان حديثاً يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ). مساحة إعلانية

«تاج الوقار» مسابقة لربط الأطفال بالقرآن
«تاج الوقار» مسابقة لربط الأطفال بالقرآن

صحيفة الشرق

timeمنذ 2 أيام

  • صحيفة الشرق

«تاج الوقار» مسابقة لربط الأطفال بالقرآن

0 أقامت روضة رواد المستقبل الدولية للعام الثالث على التوالي مسابقة (تاج الوقار) لرياض الأطفال الخاصة، حيث شارك بهذه المسابقة 28 روضة، بواقع 90 طالبا وطالبة. وقد شهدت المسابقة تنافسا كبيرا بين المتسابقين الذين أتقنوا الحفظ والتلاوة، مما دل على حرصهم وتفانيهم في حفظ كتاب الله تعالى، وعلى متابعة معلماتهم في رياض الأطفال المشاركة. ويأتي تنظيم هذه المسابقة لرياض الأطفال الخاصة في سياق اهتمام روضة رواد المستقبل الدولية بكتاب الله تعالى، وتشجيع الأطفال على حفظه وتلاوته، وخلق روح التنافس الشريف بين رياض الأطفال، وربط الجيل القادم بالقرآن الكريم حفظا وعملا. وستواصل روضة رواد المستقبل الدولية عقد هذه المسابقة سنويا بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، وتحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وذلك بعد الإشادة الكبيرة من إدارات ومعلمات رياض الأطفال المشاركة وأولياء أمور الطلبة المشاركين بفكرة المسابقة وبتميز التنظيم والإشراف والتنسيق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store