
بجيش قليل العدد والعتاد.. هل بريطانيا مستعدة لخوض حروب؟
لندن- في وقت تُصِّرُ فيه بريطانيا على المضي قدما في الحشد لتحالف عسكري بديل تحسبا لأي انسحاب أميركي محتمل من حلف الناتو ، لا يبدو لكثيرين أن ذلك الطموح السياسي توازيه قدرات عسكرية كافية للدخول في أي مواجهة غير معروفة الخواتيم.
وفي ظل تواتر التصريحات على لسان مسؤولين عسكريين بريطانيين خلال السنوات الماضية المُحذِّرة من ضعف قدرات الجيش وتبعيته المزمنة للصناعات العسكرية الأميركية، يسعى البريطانيون مؤخرا لرصَّ الصفوف مع شركائهم الأوروبيين لسد تلك الفجوات الدفاعية.
وكشفت صحيفة التايمز البريطانية أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يستعدان لإبرام صفقة كبرى للتعاون العسكري في مايو/أيار المقبل تتجاوز القيود التي فرضها واقع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويشرع الاتفاق الباب في الاتجاهين لتوريد أكبر للأسلحة من شركات بريطانية وأوروبية في محاولة لفك الارتباط الدفاعي بالحليف الأميركي، وفي ظل تعهد بريطاني برفع ميزانية الإنفاق العسكري إلى 2.5% من الناتج الداخلي الخام بحلول2027، في أعلى زيادة من نوعها منذ نهاية الحرب الباردة.
ولا يبدو أن لندن تطمح فقط للشراكة مع الأوروبيين، بل تسعى لتطوير بنية تحتية محلية للصناعات الدفاعية، حيث أشارت صحيفة الغارديان أن شركة "بي إيه إي سيستمز"، إحدى أهم المؤسسات الدفاعية البريطانية، تعد خطة لإنتاج كميات كافية من المواد المتفجرة والوقود العسكري لتعويض الواردات من الولايات المتحدة و فرنسا وسد حاجات الجيش.
إعلان
وأفسح غياب الولايات المتحدة عن آخر مناورات عسكرية لحلف الناتو في فبراير/شباط الماضي المجال لبريطانيا لاختبار قدرتها على قيادة تدريبات "ستيدفاست دارت" بالجناح الشرقي للحلف، حيث ساهم البريطانيون بأكبر عدد من القوات بما يزيد على 2600 جندي و730 مركبة، نشرت في بلغاريا ورومانيا واليونان.
لكن هذا الحماس البريطاني قد لا يكفي لسد الفارق المتزايد في أعداد المجندين في الجيش مع توالي السنوات، حيث توقع وزير الدفاع البريطاني جون هيلي -في وقت سابق- أن ينخفض عدد القوات إلى 70 ألف جندي خلال السنة الحالية، في تراجع حاد وغير مسبوق في تاريخ الجيش البريطاني منذ عام 1793.
وتشير إحصاءات رسمية إلى انخفاض ممنهج في أعداد القوات العسكرية البريطانية، حيث كان ينضوي تحت لواء الجيش البريطاني حوالي نصف مليون جندي عام 1960، ليتراجع ذلك إلى 192 ألف جندي في 2010.
ويرى مثنى العبد الله، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن، أن البريطانيين يدركون أن المكانة الدبلوماسية والسياسية لبلادهم لا توازي قدراتها العسكرية المتهالكة، التي أضحت بحاجة لصيانة وإعادة تأهيل مستعجلة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ويضيف العبد الله للجزيرة نت، أن بريطانيا غير جاهزة لقيادة تحالف عسكري بديل عن الزعامة الأميركية لحلف الناتو، وستحتاج لجهد مضاعف لاستدراك سنوات من التأخر في زيادة الإنفاق العسكري وإعادة تأهيل الترسانة النووية والبحرية والجوية، وجعل القطاع العسكري نقطة جذب تستقطب الكفاءات وتحفز الجنود على البقاء في الخدمة.
وكان الرئيس السابق للاستخبارات الخارجية البريطانية أليكس يانغر، قد دعا لبحث إمكانية فتح باب خدمة التجنيد التطوعي أو الإجباري في صفوف الجيش البريطاني لتعويض الأعداد المتزايدة التي تختار مغادرة الخدمة العسكرية، محذِّرا من استنزاف سريع للقوات البريطانية حال دخولها في مواجهة شبيهة بحرب أوكرانيا و روسيا.
لكن يبدو أن القادة العسكريين البريطانيين يرون أن الحروب التي قد تلوح في الأفق ستخاض بشكل مختلف، إذ قالت وزارة الدفاع البريطانية إنها ستنفق حوالي 10% من ميزانية الدفاع للعام الحالي على تطوير القدرات التكنولوجية و السيبرانية العسكرية، بما فيها تقنيات حديثة لإسقاط المُسيَّرات المعادية.
ويرى بول غيبسون، المسؤول السابق في وزارة الدفاع البريطانية، أن تقييم قدرات الجيش البريطاني يجب أن يتواءم مع منطق الحروب المعاصرة التي أصبحت تعتمد أكثر على الكفاءة التكنولوجية والاستخباراتية، مشيرا إلى أن بريطانيا استطاعت خلال الفترة الماضية تعويض النقص في العنصر البشري عبر أنظمة عسكرية حديثة.
ويعتقد غيبسون في حديثه للجزيرة نت أن تطوير تقنيات عسكرية تستثمر في أنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبح حاجة ملحة لمواجهة الحروب الهجينة والسيبرانية، التي يختار خصوم المعسكر الغربي ضد بريطانيا بشكل تزايد، أن تكون نمط المواجهة الجديدة، عوضا عن حروب معلنة تخاض وجها لوجه.
فك الارتباط صعب
وتتعالى أصوات المسؤولين العسكريين البريطانيين داعية لأخذ احتمال اندلاع أي مواجهة على خطوط التماس بين حلف الناتو وروسيا على محمل الجد، والاستعداد الصارم لارتفاع منسوب التوتر في جبهات صراع أخرى كالمحيطين الهادي والهندي.
ولا يعد حلف الناتو المظلة العسكرية الوحيدة التي تربط بريطانيا بالولايات المتحدة، حيث يجمع الحليفين علاقات عسكرية خاصة، وشراكات دفاعية تتجاوز ضفتي الأطلسي.
وفي حين تنضوي بريطانيا إلى جانب كل من كندا والولايات المتحدة ونيوزيلندا وأستراليا فيما يعرف بتحالف العيون الخمس، وهو أحد أبرز الشبكات الاستخباراتية في العالم، لا تستطيع الغواصات النووية البريطانية أيضا أن تجوب المحيطات دون الاعتماد على الخبرات الأميركية في صيانتها وتأهيل الرؤوس النووية التي تحملها.
وفي السياق، يعتقد الباحث في سياسات الدفاع والأمن في المركز الأوروبي للسياسات الخارجية، رافائيل لوس، أن فك الارتباط العسكري مع الولايات المتحدة قد يصبح "مهمة صعبة" حين يتعلق الأمر بترسانة الردع النووي والتبادل الاستخباراتي، بالنظر لتاريخ الاعتماد الطويل لبريطانيا على القدرات الأميركية في المجالين.
وفي المقابل، يؤكد لوس للجزيرة نت، أن تحقيق الاستقلالية عن المظلة الأميركية "غير مستحيل" على الأمد البعيد، لكنه مكلف بالمنظور القريب، حيث تستطيع بريطانيا العمل بكفاءة مع دول أوروبية كفرنسا لبناء قاعدة تصنيع مستقلة للترسانة النووية، في ظل ما يصفها بـ"جرأة سياسية أوروبية ملحوظة" للتخفيف من التدخل الأميركي في الشؤون الأوروبية الدفاعية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
هل تمهّد "صداقة" ترامب الطريق أمام أردوغان لرفع عقوبات كاتسا؟
إسطنبول- يراهن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على "علاقته الشخصية" بالرئيس الأميركي دونالد ترامب لرفع العقوبات الأميركية المفروضة على قطاع الصناعات الدفاعية التركية بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا عبر العقوبات (كاتسا). وأعرب أردوغان -في تصريحات أدلى بها لصحفيين رافقوه في رحلة عودته من العاصمة الألبانية تيرانا، بعد مشاركته في قمة المجموعة السياسية الأوروبية- عن اعتقاده أن القيود المفروضة على قطاع الصناعات الدفاعية التركية بموجب قانون كاتسا، سيتم التغلب عليها قريبا بفضل نهج الرئيس ترامب، الذي وصفه بـ"الأكثر انفتاحا وإيجابية". وأشار الرئيس التركي إلى أنه يستطيع القول بوضوح، إن هناك تخفيفا للعقوبات الأميركية، وإنه ناقش الأمر مع ترامب ومع السفير الأميركي الجديد في أنقرة توم باراك. وفي السياق، وافقت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي على صفقة -لا تزال بحاجة إلى مصادقة الكونغرس- ببيع صواريخ بقيمة 304 ملايين دولار إلى تركيا، في وقت يسعى فيه البلدان الحليفان في " الناتو" إلى تعزيز العلاقات التجارية والدفاعية المشتركة. فُرضت عقوبات كاتسا على تركيا في ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية " إس 400" بقيمة 2.5 مليار دولار في 2017، رغم تحذيرات واشنطن المتكررة من أن هذه الصفقة ستعرض أمن التكنولوجيا العسكرية الأميركية للخطر وتوفر تمويلا كبيرا لقطاع الدفاع الروسي. وتستند العقوبات إلى قانون "مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات" الذي أقره الكونغرس الأميركي عام 2017، والذي يفرض عقوبات على الدول التي تجري "صفقات كبيرة" مع قطاع الدفاع الروسي. وشملت العقوبات رئاسة الصناعات الدفاعية التركية وبعض مسؤوليها، بمن فيهم إسماعيل دمير، الرئيس السابق لمؤسسة الصناعات الدفاعية التركية. وتضمنت العقوبات حظر تراخيص التصدير الأميركية وتجميد أصول المسؤولين وفرض قيود على التأشيرات وحظر القروض من المؤسسات المالية الأميركية. كما أدت الصفقة إلى إقصاء تركيا من برنامج مقاتلات " إف-35". منذ فرض العقوبات، سعت تركيا جاهدة إلى رفعها عبر قنوات دبلوماسية متعددة. وفي أحدث محاولاتها، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أبريل/نيسان الماضي عن استعداد بلاده لشراء معدات عسكرية أميركية بقيمة تصل إلى 20 مليار دولار إذا رفعت واشنطن العقوبات المرتبطة بمنظومة الدفاع الروسية. كما أشار فيدان إلى أن أنقرة تأمل في استعادة 6 طائرات إف-35، كانت مخصصة للقوات الجوية التركية، لكنها احتُجزت في مستودع أميركي منذ طرد تركيا من البرنامج. ويرى المحلل السياسي أحمد أوزغور، أنه لا يمكن تجاهل الدور الشخصي للرئيس التركي أردوغان في الدفع نحو رفع العقوبات الأميركية، لا سيما في ظل ما وصفه بـ"العلاقة الخاصة والمباشرة" التي تجمعه بالرئيس الأميركي ترامب. ويشير أوزغور في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا التواصل الشخصي بين الزعيمين أسهم في فتح قنوات تفاوض غير تقليدية خارج الأطر البيروقراطية المعتادة، مما أتاح مرونة أكبر في مواقف واشنطن. مع ذلك، يؤكد أوزغور، أن الرهان على هذه العلاقة لا يكفي بمفرده لتحقيق اختراق كامل في ملف العقوبات، ويرى أن رفعها يتطلب تهيئة مناخ إقليمي ودولي مواتٍ. وهو ما نجحت به أنقرة في السنوات الأخيرة في إعادة تقديم نفسها طرفا محوريا في قضايا تتداخل مع أولويات واشنطن، من الحرب في أوكرانيا وأمن الطاقة، إلى ملفات الشرق الأوسط المعقدة مثل إيران وسوريا. تأثير العقوبات أثّرت عقوبات كاتسا تأثيرا عميقا على قطاع الدفاع التركي والاقتصاد أكثر مما كان متوقعا في البداية. فقد كشف تقرير لشركة لوكهيد مارتن الأميركية في يناير/كانون الثاني الماضي، أن العقوبات عطلت بشدة عملياتها في تركيا، خاصة برنامج المروحيات التركي، الذي كان يهدف إلى إنتاج 109 مروحيات للاستخدام المحلي، و109 أخرى للتصدير، بقيمة إجمالية تُقدر بـ1.5 مليار دولار. وأشار التقرير إلى أن الشركة واجهت صعوبات في الحصول على تراخيص التصدير والتصاريح اللازمة للوفاء بالتزاماتها التعاقدية، مما أدى إلى تأخيرات كبيرة واضطرارها لإعلان القوة القاهرة وتعليق العمليات جزئيا ابتداء من أكتوبر/تشرين الأول 2024. وأوضحت الشركة أن العقوبات أعاقت حصولها على التراخيص التصديرية اللازمة لمواصلة العمل في مشروع إنتاج المروحيات "تي 70" بالتعاون مع الصناعات الجوية التركية وشركاء محليين آخرين مثل أسيلسان. كما أثّر حظر تراخيص إعادة التصدير من تركيا إلى دول ثالثة على 35% من صادرات صناعة الدفاع التركية التي تحتوي على أنظمة فرعية أميركية. وتعطلت صفقات تصدير كبيرة، مثل عقد بقيمة 1.5 مليار دولار مع باكستان لتوريد 30 مروحية "تي 129″، بسبب عدم قدرة شركة هانيويل على الحصول على ترخيص تصدير للمحركات. قلق إسرائيلي لا تقتصر التحديات التي تعيق مساعي تركيا لرفع عقوبات كاتسا على الاعتبارات القانونية داخل واشنطن، بل تمتد إلى ضغوط حلفاء إقليميين -وعلى رأسهم إسرائيل- التي تخشى من تداعيات إعادة دمج تركيا في برامج السلاح الأميركية المتقدمة، خصوصا صفقة مقاتلات "إف-35". فبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، عبّرت القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب عن "قلق بالغ" إزاء احتمالات بيع هذه الطائرات الشبح لأنقرة، والتي ترى فيها تهديدا مباشرا لتفوقها العسكري النوعي في المنطقة. كما كشفت وسائل إعلام أميركية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مارس ضغوطا مباشرة على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لوقف أي تحرك محتمل لإعادة فتح ملف المقاتلات مع تركيا. رغم ذلك، أشارت قناة "فوكس نيوز"، في تقرير نشرته بتاريخ 21 مارس/آذار الماضي، إلى أن الرئيس ترامب أبدى انفتاحا على بحث إعادة بيع "إف-35" إلى تركيا، إذا تم التوصل إلى صيغة تضمن تعطيل منظومة "إس 400" الروسية التي لا تزال بحوزة أنقرة. وأفادت القناة، أن ترامب طلب من فريقه إعداد دراسة عن "سبل إعفاء تركيا من العقوبات المفروضة بموجب كاتسا"، تمهيدا لإعادة تقييم الصفقة. View this post on Instagram A post shared by الجزيرة (@aljazeera) من جانبه، يرى المحلل السياسي مراد تورال أن إسرائيل، رغم امتلاكها أدوات ضغط مؤثرة داخل الولايات المتحدة بنفوذها في الكونغرس ولوبيات داعمة، لا تضمن بالضرورة أن تنسجم واشنطن تماما مع رؤيتها، خاصة في ظل إدارة الرئيس ترامب الحالية، التي تظهر استعدادا واضحا لاتخاذ قرارات تتعارض مع مصالح تل أبيب إذا اقتضت الضرورات الجيوسياسية ذلك. ويشير تورال في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا التوجه بدا جليا في مباركة إدارة ترامب للدور التركي في سوريا ورفع العقوبات عن سوريا بوساطة تركية، وهي أمور تزعج تل أبيب. وعليه، فإن تورال يعتبر أن الاعتراض الإسرائيلي قد يبطئ التقدم في هذا الملف، لكنه لن يمنع تطوره إذا ارتأت واشنطن أن استعادة تركيا إلى دائرة التعاون الدفاعي يصب في مصلحتها الإستراتيجية الأوسع.


الجزيرة
منذ 19 ساعات
- الجزيرة
المستشار الألماني من ليتوانيا: روسيا تهديد لنا جميعا
حذّر المستشار الألماني فريدريش ميرتس -الخميس- من أن روسيا تهدد أمن أوروبا بأكملها، وذلك أثناء زيارة قام بها إلى ليتوانيا للاحتفال بتأسيس أول وحدة عسكرية ألمانية دائمة في الخارج منذ الحرب العالمية الثانية. وقال ميرتس أثناء مؤتمر صحفي في فيلنيوس إن "هناك تهديدا لنا جميعا من روسيا، سنحمي أنفسنا من هذا التهديد، لهذا السبب نحن هنا اليوم". وأضاف المستشار الألماني "نحن عازمون معا إلى جانب شركائنا على الدفاع عن أراضي الحلف في مواجهة أي عدوان، أمن حلفائنا في البلطيق هو أمننا أيضا". وشدد ميرتس على أنه "يتعين على كل من يتحدى الناتو أن يعلم أننا مستعدون، ويجب على كل من يهدد أي حليف أن يعلم أن التحالف بأكمله سيدافع بشكل مشترك عن كل شبر من أراضي الناتو". وأشاد الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا بالتحالف مع ألمانيا، واصفا إياه بـ"قوة لا تقهر"، وقال "معا سنضمن ألا يواجه شعبا ليتوانيا وألمانيا الاختبار الأصعب: الحرب". وتهدف الوحدة العسكرية الألمانية في ليتوانيا إلى تعزيز خاصرة حلف شمال الأطلسي (ناتو) الشرقية في مواجهة روسيا. وجاء قرار تأسيس أول كتيبة مدرعة تضم 5 آلاف عنصر في ليتوانيا على مدى السنوات المقبلة ردا "على الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022". وستنشر الكتيبة -التي ستضم نحو 4800 جندي و200 موظف مدني في القوات المسلحة الألمانية- تدريجيا خلال السنوات المقبلة، ومن المفترض أن تصل إلى قدراتها العملياتية الكاملة بحلول 2027. وهناك مجموعة تضم نحو 400 عنصر من عناصر القوات المسلحة الألمانية في البلاد حاليا، بحسب وزارة الدفاع.


الجزيرة
منذ 21 ساعات
- الجزيرة
اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل
انعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الأربعاء 21 مايو، اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي للتحضير لقمة رفيعة المستوى، تجمع رؤساء دول وحكومات الجانبين. ويُعد هذا اللقاء، الثالث من نوعه، فرصة نادرة تؤكد عمق التشابك بين قضايا أفريقيا وأوروبا، خاصة في ظل التحولات السريعة التي يشهدها النظام العالمي. وشهد الاجتماع مشاركة واسعة من الدول الأفريقية، حيث حضر نحو 35 وزيراً. إلا أن غياب دول الساحل الثلاث ـمالي وبوركينا فاسو والنيجرـ كان لافتاً، إذ لم يدع الاتحاد الأفريقي، المسؤول عن تنظيم الجانب الأفريقي هذه الدول في هذه التحضيرات. ويأتي هذا الغياب في ظل تزايد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، مما يثير تساؤلات عن موقف هذه الدول من الشراكة الأفريقية-الأوروبية. تركزت المناقشات على قضايا أمنية واقتصادية عدة، منها الصراعات المستمرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، إلى جانب دعم جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الساحل، رغم الإشارة إليها بشكل مقتضب في مشروع البيان المشترك. وبرز الملف الأمني كأولوية رئيسية، حيث أكد الوزراء ضرورة تعزيز التعاون السياسي والأمني بين الجانبين في مواجهة التحديات التي تهدد النظام متعدد الأطراف، منها تصاعد موجة التضليل الإعلامي والتحديات الجديدة الناتجة عن التوترات الدولية. وعلى الصعيد الاقتصادي، شكل تعزيز العلاقات والتعاون بين أفريقيا وأوروبا محوراً أساسياً، خصوصاً من خلال الاستثمارات الأوروبية في مجالات الطاقة والبنية التحتية على المستويين الإقليمي والقاري. كما تم التأكيد على دعم الاتحاد الأوروبي لإنجاح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية. وأبرز الوزراء الأفارقة الحاجة إلى إعادة توازن العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، مع تأكيد ضرورة تطوير الصناعة المحلية وتحويل المواد الخام داخل القارة، ما يساهم في خلق فرص عمل وزيادة القيمة المضافة والابتكار. وفي هذا السياق، أكدت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، كايا كالاس، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع التعاون مع الاتحاد الأفريقي في مجالات إستراتيجية مثل المواد الخام الحيوية، والذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية للنقل، بما يعزز الشراكة بين القارتين. ويأتي هذا الاجتماع في ظل تقلبات جيوسياسية متسارعة وصراعات دولية تعيد تشكيل موازين القوى، مما يجعل الشراكة الأوروبية-الأفريقية أكثر أهمية من أي وقت مضى في السعي للحفاظ على الاستقرار والتنمية المشتركة.