«الثنائي» في الجولة الأولى: تماسُك في كل البيئات
فازت لوائح «التنمية والوفاء» المدعومة من حزب الله وحركة أمل كاملة في جميع المناطق التي شاركت فيها ضمن الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت الأحد في محافظة جبل لبنان. ورغم محدودية الثقل الديموغرافي للطائفة الشيعية في هذه المحافظة مقارنةً بمناطق الجنوب والبقاع، شكّل سلوك الناخبين الشيعة في جبل لبنان مؤشراً لافتاً على صعيد التفاعل السياسي والتنظيمي الذي اتّسم بالانضباط، وعبّر عن خيارات واضحة في قضاء بعبدا، مقابل نهج توافقي أكثر هدوءاً في قضاء عاليه.
ويعتبر «الثنائي» أنه حقّق الهدف من خلال الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان، وهو إرسال رسائل استقرار وتنظيم، مفادها أن الحالة الشيعية قادرة على الحفاظ على تماسكها في كل البيئات، حتى في المناطق ذات الطابع المختلط أو المنافس. وإن الثنائي لم يهدف إلى التوسّع أو خوض معارك كبرى، بل إلى تحصين مواقعه وضبط الإيقاع في ظل واقع سياسي متحوّل على المستويين المحلي والوطني، خصوصاً في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل، والحملات الإعلامية والسياسية المكثّفة التي يتعرّض لها مع بيئته.
وعليه، شكّل الهدوء السمة الأبرز في تعاطي «الثنائي» مع الاستحقاق الانتخابي. فمثلاً، لم يشغّل حزب الله ماكيناته الانتخابية في بلدات الضاحية بأقصى طاقاتها كما درجت العادة في الاستحقاقات السابقة، ولم يُفعّل في الغبيري مثلاً خطة التعبئة والاستقطاب، ولا خطة النقل الخاصة بإحضار العائلات «الغبيرية» القاطنة في الجنوب والبقاع للمشاركة في الاقتراع، لأن «لا حاجة إلى تكبّد عناء الانتقال» وفق مصادر متابعة، إذ تصرَّف الحزب على قاعدة أن لا معركة في الغبيري. فاللائحة المضادة غير مكتملة ولا جدية، ولم تحظَ حتى بدعم عائلات المرشحين فيها.
من هنا، أكّد حزب الله حضوره السياسي عبر فوز لوائح «التنمية والوفاء» في بلدات الضاحية الجنوبية وبعبدا والشوف، بالتزكية أو بأغلبية واضحة، بعيداً عن نِسب المشاركة التي لا تعبّر بالضرورة عن تغيّر في الأمزجة أو التوجهات السياسية، خصوصاً أن النتائج المسجّلة مع غياب المنافسة قريبة جداً من نتائج آخر انتخابات جرت عام 2016، وكانت المنافسة فيها ضد لوائح قوية ومكتملة. فيما لا يتعلّق العزوف عن المشاركة في الاقتراع بأسباب سياسية أكثر من كونه اطمئناناً مسبقاً للنتيجة بغياب التنافس.
في قضاء بعبدا، حيث تتركّز الكتلة الشيعية الأساسية ضمن بلدات الغبيري وحارة حريك وبرج البراجنة وجوارها، حافظ «الثنائي» على سيطرته شبه الكاملة على المجالس البلدية، سواء عبر التزكية (برج البراجنة) أو عبر لوائح مكتملة حسمت النتائج بفوارق ساحقة (الغبيري). ولم تُسجَّل معارك جدية في هذه المناطق، بل تمحورت الحملات حول الخدمات وإدارة الأزمات البلدية.
أما في البلدات المختلطة مثل الحدت والشياح وحارة حريك، فقد جرى تنسيق دقيق بين الثنائي والتيار الوطني الحر، ما أفضى إلى تحالفات محلية أتاحت توزيع المقاعد ضمن لوائح توافقية راعت التوازن الطائفي والسياسي. وفي أطراف بعبدا، حيث يوجد انتشار شيعي محدود، شارك الناخبون الشيعة بشكل نسبي في دعم لوائح قريبة من الثنائي، وفق حسابات محلية لا تمسّ بالتحالفات الكبرى. ومقارنة مع انتخابات 2016، لم تُسجّل في بعبدا تغييرات بنيوية تُذكر، بل حافظ الثنائي على حضوره السابق، مع التركيز على ضبط اللوائح الفرعية وتثبيت مواقع نفوذ في المجالس المختلطة، في سياق الحفاظ على بيئة حاضنة للنفوذ السياسي والخدماتي.
وفازت لوائح الثنائي في بلدات عين الغويبة وحجولا ورأس أسطا وبشتليده وفيدار ومشان وعلمات الصوانة ولاسا وأفقا والمغيري والحصون في جبيل وكسروان، إضافة إلى الفوز بالتزكية في مزرعة السياد والمعيصرة والحصين. كما فازت لوائح «التنمية والوفاء» في بلدات الجية وجون والوردانية في الشوف. وفي قضاء عاليه، حيث الغلبة الديموغرافية للطائفة الدرزية، بقي الحضور الشيعي محدوداً، يتركّز في بعض القرى مثل شانيه وكفرمتى وكيفون وغيرها. هنا، لم يسعَ «الثنائي» إلى خوض معارك مستقلة، بل شارك عبر دعم اللوائح التي تضم حلفاء من القوى والعائلات المحلية النافذة.
عموماً، ينظر حزب الله بارتياح إلى الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية ويدرس نتائجها على مستوى الرسائل السياسية والشعبية، خصوصاً أنه يتوقّع أن تتكرّر هذه النتائج بشكل أكبر مع استكمال الاستحقاق البلدي في بقية المحافظات تباعاً. ويمكن اعتبار هذه الجولة بمثابة اختبار تمهيدي للانتخابات النيابية المقبلة، حيث تسعى القوى السياسية إلى تقييم أدائها واستراتيجياتها. وقد أظهرت نتائج «جولة جبل لبنان» أن «الثنائي» لا يزال يحتفظ بقاعدة شعبية قوية، ما يمنحه دفعة إيجابية نحو الاستحقاق النيابي المقبل، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الاستجابة للتحديات القائمة لضمان استمرار هذا التأثير الإيجابي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 9 ساعات
- مصرس
مقابل 23 ألف دولار فقط.. عمرو أديب: منشد ديني أبلغ الموساد عن قادة حزب الله (فيديو)
علق الإعلامي عمرو أديب، على تورط المنشد اللبناني محمد هادي صالح في العمل لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي، عبر تسريب معلومات أمنية حساسة يُعتقد أنها ساهمت في اغتيال قيادات حزب الله. وقال أديب، في تعليق ببرنامجه «الحكاية» عبر قناة «إم بي سي مصر»، إن المنشد اللبناني حصل على 23 ألف دولار فقط مقابل الإبلاغ عن قادة حزب الله.وأضاف: «ده رقم في الجاسوسية مش حاجة، متفهمش ليه 23 ألف دولار، هل كان على أقساط ولا إيه؟!».وتابع أديب: «قبل ده في اللي سلم قاسم سليماني القائد الإيراني الكبير، وقتها حزب الله قبض عليه». عمرو أديب: إسرائيل كان عندها جواسيس في لبنان هم السبب في اغتيال قادة حزب الله.. فيه منشد خد 23 ألف دولار برنامج #الحكاية يعرض الآن على #MBCMASR الجمعة - الأثنين الساعة 10:00 مساءً بتوقيت القاهرة مجاناً على شاهد — الحكاية (@Elhekayashow) May 18, 2025وعن اغتيال قائد لواء خان يونس محمد السنوار، الذي يتزعم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قال أديب، إن إسرائيل وصلت لمرحلة استهداف عائلات بأكملها من قيادات المقاومة، كما يحدث حاليًّا مع عائلة السنوار، مشيرًا إلى أن إسرائيل تستهدف كل من ينتمي لعائلة السنوار. عمرو أديب: الاسرائيليين لحد دلوقتي بتستهدف كل أفراد عائلة السنوار بالكامل برنامج #الحكاية يعرض الآن على #MBCMASR الجمعة - الأثنين الساعة 10:00 مساءً بتوقيت القاهرة مجاناً على شاهد — الحكاية (@Elhekayashow) May 18, 2025اقرأ أيضًا:50 سنة حق انتفاع و15% من الإيراد لمصر.. تفاصيل عقد اقتصادية قناة السويس وموانئ أبوظبيأطنان من المياه في مستودعات البترول.. مفاجأة بأزمة «البنزين المغشوش» والوزارة تردنجل محمود عبدالعزيز يرد على بوسي شلبي ويكشف حقيقة الخلاف على ال100 مليون جنيه


الطريق
منذ يوم واحد
- الطريق
عضو الحزب الجمهوري الأمريكي: القبة الذهبية مشروع دفاعي وليس هجوميًا كما تدّعي الصين
الجمعة، 23 مايو 2025 01:21 صـ بتوقيت القاهرة قال مالك فرانسيس عضو الحزب الجمهوري الأمريكي، إنّ الاعتراضات الصادرة عن الصين بشأن مشروع "القبة الذهبية" الذي تعمل عليه الولايات المتحدة ليست جديدة، بل تُعيد إلى الأذهان ما كان قد طرحه الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان تحت اسم "حرب النجوم". وأضاف فرانسيس، في تصريحات مع الإعلامي عمرو شهاب، عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن المشروع حينها فشل في الحصول على التمويل الكافي، لكن الآن أعيد إحياؤه من قبل الرئيس دونالد ترامب بميزانية قدرها 25 مليار دولار. وتابع، أنّ الأنظمة الدفاعية مثل القبة الحديدية في إسرائيل – التي حصلت على تمويل أمريكي كبير – لم تثبت فعاليتها في التصدي لصواريخ حزب الله في لبنان أو الحوثيين في اليمن، ما يبرز الحاجة إلى تطوير تكنولوجيا أكثر دقة وفعالية مثل القبة الذهبية. وشدّد على أن النظام المقترح ذو طابع دفاعي وليس هجومي، ومن حق أي دولة حماية أجوائها من تهديدات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وواصل: "إذا كانت روسيا والصين تعترضان على امتلاك أمريكا لهذا النظام، فلماذا لا تقوما بتفكيك صواريخهما أولًا؟ فالقبة الذهبية لا تشكّل تهديدًا على أحد، بل تحمي الأراضي الأمريكية من أي اعتداء محتمل". وأكد أن استخدام الفضاء لأغراض دفاعية قد يبدو مقلقًا للبعض، لكنه أصبح ضروريًا في ظل تصاعد التهديدات النووية والصاروخية عالميًا. وفيما يتعلق بتمويل المشروع، أوضح مالك فرانسيس أن رجل الأعمال إيلون ماسك هو من طلب من ترامب تمويل المشروع، عبر شركته "سبيس إكس" التي ستكون المقاول الرئيسي لصناعة هذه الأنظمة الدفاعية، إلا أنه أبدى شكوكه في قدرة ترامب على إنجاز المشروع خلال ولايته الحالية، مضيفًا: "الحديث عن القبة الذهبية يجري في كواليس واشنطن منذ سنوات، لكن التنفيذ الفعلي ما زال بعيدًا عن الاكتمال".


يمني برس
منذ يوم واحد
- يمني برس
الشيخ نعيم قاسم: الجنوب لن يُفرّط فيه.. والمشاركة في الانتخابات البلدية تجسيد للصمود والإعمار
شدّد أمين عام حزب الله، سماحة الشيخ نعيم قاسم، على التمسك بكل ذرة تراب من جنوب لبنان، مؤكدًا أن 'الاحتلال الإسرائيلي لن يبقى على شبر واحد من أرضنا'، وذلك في كلمة وجهها، اليوم الخميس، إلى أهل الجنوب، بمناسبة الانتخابات البلدية والاختيارية المقررة السبت المقبل. وأوضح الشيخ قاسم أن المشاركة الواسعة في هذه الانتخابات تُعد جزءاً من عملية إعادة الإعمار، التي ستُتابَع بالتعاون بين البلديات المنتخبة والدولة اللبنانية، التي دعاها إلى تحمّل مسؤولياتها الكاملة. وأكد أن استعادة أرض الجنوب وإعمارها، إلى جانب إعادة بناء كل ما تهدم في لبنان، يُعدّ وفاءً لدماء الشهداء، وفي مقدمتهم سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، كما أنه تكريم للجرحى والأسرى الذين يعمل حزب الله على استرجاعهم. وأشار إلى أن الانتخابات البلدية هذه السنة تمثّل تحدياً ضمن معركة الصمود، والتشبث بالأرض، وحياة أهلها وبساتينها ومنازلها، مضيفاً: 'كل من راهن على العدوان الإسرائيلي ينتظر ما ستسفر عنه هذه الانتخابات'. وخاطب أهل الجنوب قائلاً: 'أنتم من قدمتم التضحيات الكبرى، وضربتم مثلاً في الصمود الأسطوري لعقود في وجه العدوان، وآخرها كان في دعمكم لطوفان غزة ومعركة أولي البأس، فأثبتم أنكم أهل الكرامة والسيادة والتحرير'. وأشاد بجهود أبناء الجنوب في إعادة إعمار مناطقهم بعد تحرير عام 2000، وبعد عدوان تموز 2006، وبتفوقهم على الدولة والمسؤولين حين عادوا إلى أراضيهم رغم المخاطر، متسلحين بالإيمان والتحدي والشجاعة. وختم قائلاً: 'لسنا نخاطبكم من أجل الفوز، فأنتم فائزون بإذن الله، بتكاتفكم والتفافكم حول حركة أمل وحزب الله، ودعمكم للوائح التنمية والوفاء. أنتم المقاومة، ونريد منكم تكثيف المشاركة ليكون الانتصار مدوياً'.