
هل تتحول أفريقيا إلى "مكبّ بشري" للمبعدين من أميركا؟
ففي 16 يوليو/تموز الحالي، وصلت طائرة تقل رجالا من فيتنام وجامايكا ولاوس وكوبا واليمن -جميعهم مُدانون بجرائم خطيرة في الولايات المتحدة- إلى إسواتيني، آخر ملكية مطلقة في أفريقيا. وجاءت هذه الترحيلات ضمن خطة ترامب لنقل المُرحلين إلى "دول ثالثة" بعدما رفضت دولهم الأصلية استقبالهم.
وتعد إسواتيني ثاني دولة أفريقية تستقبل مدانين مرحلين من الولايات المتحدة، بعد إعلان واشنطن في وقت سابق هذا الشهر عن ترحيل 8 "أشخاص بربريين"، وفق وصف مسؤول أميركي، إلى جنوب السودان الذي يعاني من نزاعات.
وفي الشهر الماضي، سمحت المحكمة العليا الأميركية بترحيل أجانب إلى دول لا تربطهم بها صلة مباشرة. ومنذ ذلك الحين، أعربت منظمات دولية وجماعات مدنية في أفريقيا عن قلقها من انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان.
وقال وانديلي دلودلو نائب رئيس "حركة الشعب المتحدة من أجل الديمقراطية" -أكبر حركة معارضة في إسواتيني والممنوعة رسميا- لقناة الجزيرة: "تتعامل الحكومة الأميركية معنا كمكب نفايات للمجرمين، وتُهين كرامة الإيماسواتي".
من هم الرجال الخمسة الذين رحّلهم ترامب إلى إسواتيني؟
قالت تريشا ماكلولين، مساعدة وزير الأمن الداخلي الأميركي، إن الرحلة التي نُفذت إلى إسواتيني حملت "أشخاصا بربريين لدرجة أن بلدانهم الأصلية رفضت استقبالهم".
وأضافت عبر منصة إكس: "لقد كانوا يُرهبون المجتمعات الأميركية. لكن بفضل ترامب، لم يعودوا على الأراضي الأميركية".
وأوضحت ماكلولين أن الرجال يحملون جنسيات فيتنام، وجامايكا، ولاوس، وكوبا، واليمن، وقد أُدينوا بجرائم تشمل اغتصاب أطفال، وقتلا، وسرقة، وانتماء إلى عصابات، وجرائم عنف أخرى، وتلقى بعضهم أحكاما بالسجن تصل إلى 25 عاما.
ما الاتفاق الذي أبرمته إدارة ترامب مع إسواتيني؟
فاز ترامب في انتخابات العام الماضي مستندا إلى حملة انتخابية ركزت على الترحيل الجماعي. ومنذ ذلك الحين، تفاوضت إدارته مع دول عدة -من بينها إسواتيني- بشأن اتفاق يسمح بترحيل مُدانين رفضت دولهم الأصلية استقبالهم.
وقالت تابييلي مدلولي، المتحدثة باسم حكومة إسواتيني بالوكالة، إن الاتفاق جاء بعد "أشهر من الاتصالات الرفيعة المستوى"، رغم أن بنوده لا تزال سرية.
وأضافت أن المملكة ستتعاون مع البيت الأبيض والمنظمة الدولية للهجرة "لتسهيل ترحيل هؤلاء النزلاء إلى بلدانهم الأصلية"، لكنها أشارت إلى عدم وجود جدول زمني محدد لذلك.
وقال دانيال أكيش، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية بشأن جنوب السودان، للجزيرة، إن بعض الحكومات الأفريقية توافق على استقبال المُرحلين في "بادرة حسن نية لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة"، لكنها -وفق رأيه- "تتغاضى ضمنيًا عن المخاوف الحقوقية وعدم الشفافية بشأن حماية سلامة المُرحلين".
واقترح أكيش أن يتعاون الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة مع الدول المستقبِلة لضمان مراقبة عمليات الترحيل واحترام الحقوق الإنسانية.
ماذا نعرف عن إسواتيني؟
إسواتيني مملكة جبلية صغيرة غير ساحلية في جنوب القارة، تحدها جنوب أفريقيا وموزمبيق، وتُعد من آخر الملكيات المُطلقة في العالم. كانت تُعرف باسم "سوازيلاند" أثناء الاستعمار البريطاني، وتم تغيير اسمها إلى "إسواتيني" عام 2018 بقرار ملكي.
يحكم البلاد الملك مسواتي الثالث منذ عام 1986، ويبلغ من العمر 57 عاما. وقد تعرض لانتقادات بسبب قمع المعارضة السياسية.
ووفقا للبنك الدولي، يعيش أكثر من نصف سكان إسواتيني -البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة- على أقل من 4 دولارات يوميا.
وتُقدر ثروة الملك بين 200 و500 مليون دولار، ويُقال إنه متزوج من 11 امرأة.
يرتكز اقتصاد البلاد على الزراعة، والتصنيع الخفيف، وقطاع السكر الذي يُمثل نحو 23% من صادراتها، أي نحو 477 مليون دولار في عام 2023.
ما موقف السكان من خطة ترامب؟
قال ناشطون وزعماء محليون إن الترحيل أثار غضبا واسعا. ووصف دلودلو الخطوة بأنها "تصرف مُخز ومضلل من قبل الملك وحكومته، في ظل أزمة صحية عامة غير مسبوقة".
وأضاف "الشعب يرى في هذا القرار إهانة لسيادته وسلامته الإقليمية. نطالب بإلغائه باعتباره غير قانوني وغير عقلاني".
كما أشار إلى أن السجون في إسواتيني تُعاني أصلا من الاكتظاظ، إذ تعمل بنسبة تفوق 170% من طاقتها.
وهددت بعض منظمات المجتمع المدني باتخاذ إجراءات قانونية ضد الحكومة بسبب قبولها المُرحلين، معتبرة أن هذا يُخالف القوانين المحلية، بما فيها "قانون خدمات الإصلاح".
ما الأسئلة المطروحة حول الاتفاق؟
قال المحلل كريس أوجونموديدي إن الاتفاق يُثير العديد من التساؤلات: ما الأساس القانوني للترحيل؟ وهل تم إبلاغ المُرحلين ومنحهم حق الاتصال القنصلي؟ ما مدة احتجازهم؟ وما شروط الاتفاق؟ وأضاف أن دولا مثل إسواتيني وجنوب السودان "لا تملك وزنا جيوسياسيا، وذلك يجعلها أكثر قابلية للضغوط الأميركية".
ما رد حكومة إسواتيني؟
قالت مدلولي في بيان رسمي إن الحكومة تؤكد لشعب المملكة أن وصول المُرحلين الخمسة "لا يُشكل تهديدا أمنيا".
وأضافت أنهم سيُحتجزون في وحدات معزولة داخل منشآت إصلاحية، مشيرة إلى أن المشاورات الثنائية مع البيت الأبيض شملت "تقييمات صارمة للمخاطر، واعتبارات دقيقة تتعلق بسلامة المواطنين".
ما الدول الأفريقية الأخرى التي يسعى ترامب للتفاوض معها؟
إضافة إلى إسواتيني وجنوب السودان، أجرى ترامب مناقشات مع قادة ليبيريا، والسنغال، وغينيا-بيساو، وموريتانيا، والغابون خلال قمة عقدت هذا الشهر في البيت الأبيض. تناولت المحادثات قضايا الهجرة، بما فيها ترحيل رعايا دول ثالثة.
إعلان
وصرح توم هومان، مستشار الحدود في إدارة ترامب، بأن الإدارة تسعى إلى عقد اتفاقيات مع "دول عدة" لاستقبال المُرحلين، مضيفًا "إذا كان هناك تهديد للأمن القومي، فلن نسمح لهم بالتجول في شوارعنا".
وأكدت رواندا أنها في محادثات مع إدارة ترامب لعقد اتفاق مماثل، في حين رفضت نيجيريا الضغوط الأميركية بهذا الشأن.
ما الدول الأخرى التي نظرت في سياسة الترحيل إلى "دول ثالثة"؟
درست بريطانيا هذه السياسة ضمن جهودها للحد من الهجرة غير النظامية، وأبرمت اتفاقا مع رواندا عام 2022 لترحيل طالبي اللجوء مقابل 370 مليون جنيه إسترليني. لكن المحكمة العليا البريطانية أبطلت الاتفاق عام 2023 بسبب "انتهاكه لحقوق الإنسان".
وفي محاولة لإعادة إحيائه، أقرت الحكومة "قانون أمان رواندا" عام 2024. وبعد فوز حزب العمال في انتخابات يوليو/تموز 2024، أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر إنهاء الخطة، إلا أنه صرح في مايو/أيار الماضي بأنه يُجري محادثات مع دول عديدة بشأن إنشاء مراكز استقبال للمهاجرين غير النظاميين.
بين 2013 و2018، طبقت إسرائيل سياسة مشابهة لترحيل طالبي لجوء أفارقة إلى دول مثل رواندا وأوغندا، مقابل 3500 دولار لكل من وافق على المغادرة.
لكن المحكمة العليا الإسرائيلية ألغت الخطة عام 2018، معتبرة أن الخطة تنتهك ما سمته التزامات تل أبيب بموجب اتفاقية اللاجئين.
وخلص المحلل أوجونموديدي إلى أن هذه السياسات تُمثل "تفويض مشكلة الهجرة لطرف خارجي"، مضيفا أن الولايات المتحدة اليوم "تستخدم سياسة العصا والجزرة لإجبار الدول على الرضوخ لمطالبها".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 25 دقائق
- الجزيرة
رسوم ترامب.. باكستان وفيتنام تنجوان جزئيًا ولاوس وميانمار بمرمى النيران
تسببت سياسة الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيما يعرف بـ"يوم التحرير" في أبريل/نيسان الماضي بهزة كبيرة في اقتصادات آسيا، حيث تأثرت بشدة الدول المعتمدة على التصدير إلى الأسواق الأميركية، من حلفاء تقليديين كاليابان وكوريا الجنوبية، إلى اقتصادات ناشئة في جنوب شرق آسيا مثل فيتنام وتايلند وكمبوديا. ووفق ما نقلته بي بي سي، كانت دول جنوب شرق آسيا من بين الأكثر تضررًا، بعدما واجهت تعريفات أولية بلغت 49% على بعض الصناعات الحيوية، خصوصًا الإلكترونيات والملابس والرقائق الإلكترونية. وعلى مدى الأشهر الماضية، سعت العديد من هذه الدول إلى التفاوض مع واشنطن قبل المهلة النهائية في 1 أغسطس/آب. اليابان تتفادى الأسوأ ولاوس تدفع الثمن وبحسب بي بي سي فقد نجحت اليابان وكوريا الجنوبية، وكلاهما من الحلفاء العسكريين الرئيسيين لواشنطن، في تقليص الرسوم من 25% إلى 15% عبر إرسال وفود تفاوضية إلى العاصمة الأميركية. وقد وصف ترامب الاتفاق مع اليابان في 22 يوليو/تموز بأنه "أكبر اتفاق تجاري في التاريخ"، في حين أُعلن رسميًا عن اتفاق مماثل مع كوريا الجنوبية في 30 يوليو/تموز. أما تايوان، التي تعد من كبار مصدّري أشباه الموصلات، فقد شهدت خفضًا في الرسوم من 32% إلى 20%. غير أن الرئيس لاي تشينغ-تي قال إن النسبة الحالية "مؤقتة" وإن المفاوضات مع واشنطن لا تزال جارية، وسط غموض بشأن ما إذا كانت ستُفرض تعريفات قطاعية إضافية على صناعتها الإلكترونية. وفي المقابل، لم تنجُ دول أخرى بالقدر نفسه. فقد ارتفعت الرسوم على نيوزيلندا من 10% إلى 15%، الأمر الذي وصفه وزير التجارة النيوزيلندي تود مكلِاي بأنه "عقوبة غير عادلة"، مضيفًا أن بلاده طلبت عقد اجتماع عاجل مع المفاوض الأميركي جيميسون غرير للطعن في القرار. فيتنام تحدد السقف.. ولاوس وميانمار تدفعان الثمن ومن بين دول رابطة آسيان العشر، كانت فيتنام أول من بادر للتفاوض، وتمكنت من تخفيض الرسوم من 46% إلى 20%. ورغم أن بعض التقارير تشير إلى أن هانوي لم توافق تمامًا على الأرقام التي أعلنها ترامب، فإنها عمليًا وضعت معيارًا تفاوضيًا لبقية دول المنطقة. وبحسب القائمة المحدّثة، تواجه كمبوديا، إندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، تايلند، وبنغلاديش وسريلانكا رسومًا تتراوح بين 19% و20%، في حين حُددت نسبة بروناي عند 25%. أما لاوس وميانمار، فقد نالتهما النسبة العليا تقريبًا، عند 40%، من دون تفسير واضح، وإن كانت الخبيرة ديبورا إلمز، مديرة سياسات التجارة في مؤسسة "هينريش"، رجّحت أن ضعف القدرة الشرائية، وقلّة الانفتاح التجاري، والعلاقات الوثيقة مع الصين كانت من بين أسباب رفع النسبة. الصين والهند تحت المراقبة ورغم غيابها عن الإعلان الأخير، لا تزال الصين تمثل العامل الأكبر في معادلة ترامب التجارية. فقد شهدت الأشهر الأخيرة تكثيفًا للمفاوضات بين واشنطن وبكين، بدءًا من لقاءات في جنيف في مايو/أيار، ثم لندن في يونيو/حزيران، وانتهاءً بجولة ستوكهولم الأخيرة هذا الأسبوع. وترى مراسلة بي بي سي في شؤون الأعمال الآسيوية، سورنجانا تيواري، أن بكين تسعى لتمديد تعليق القيود الأميركية على صادرات التكنولوجيا، مقابل ضمان استقرار توريد المعادن النادرة إلى السوق الأميركية. في المقابل، تضغط واشنطن لخفض صادرات الفينتانيل، وتحسين فرص الشركات الأميركية، وزيادة مشتريات الصين من السلع والمنتجات الزراعية الأميركية، وتشجيع الاستثمارات الصينية في الداخل الأميركي. وقد تم الاتفاق على تمديد الهدنة التجارية بين الطرفين لمدة 90 يومًا إضافية، بعد أن كانت ستنتهي في 12 أغسطس/آب. أما الهند، التي لطالما وصفها ترامب بـ"الصديق الجيد"، فقد فُرضت عليها رسوم بنسبة 25%، إلى جانب "عقوبة غير محددة" على خلفية شرائها السلاح والطاقة من روسيا. ويُذكر أن النسبة المقترحة في أبريل/نيسان كانت 27%، قبل أن يتم تجميدها مؤقتًا. وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أوضح أن العلاقة الهندية الروسية لا تزال "نقطة توتر" في علاقات دلهي بواشنطن. باكستان في موقع متقدّم وفي جنوب آسيا، بدت باكستان الرابح الوحيد نسبيًا، حيث حُددت نسبة الرسوم على صادراتها بـ19%، وهي الأدنى في المنطقة. وتُعزى هذه المعاملة التفضيلية – بحسب بي بي سي – إلى تحسن العلاقات الثنائية، والتي وصلت حدّ قيام إسلام آباد بترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام في يونيو/حزيران الماضي. وتتوقع إسلام آباد أن تحقق هذه الرسوم المنخفضة دفعة كبيرة لصناعة النسيج، التي تمثّل 60% من صادرات باكستان ومعظمها يتجه إلى السوق الأميركية. في المقابل، تواجه الهند وبنغلاديش وفيتنام تعريفات أعلى في القطاع ذاته، مما قد يمنح باكستان ميزة نسبية مؤقتة. هوامش رئاسية ومرونة تنفيذية وتشير الخبيرة ديبورا إلمز إلى أن الرسوم التي أُعلنت اليوم "ليست نهائية"، موضحة أن الأمر التنفيذي يمنح ترامب صلاحيات واسعة لتعديلها وفقًا للمستجدات. وقالت: "الرئيس يستطيع تغييرها كما يشاء، كما أعطى لوكالاته هامشًا واسعًا للتعامل مع العوائق التجارية بالأسلوب الذي تراه مناسبًا". ويظهر من سياسة ترامب التجارية الجديدة أن التوجه الأميركي لا يقوم فقط على اعتبارات اقتصادية، بل على استخدام التعريفات الجمركية أداة ضغط لتوجيه علاقات الولايات المتحدة التجارية والجيوسياسية، حتى مع أقرب الحلفاء.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
باكستان تسرّع وتيرة ترحيل الأفغان والآلاف يتجمعون على الحدود
زادت باكستان من وتيرة ترحيل الأفغان المقيمين على أراضيها، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين في البلدين، اليوم الجمعة، في حين قالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين إن نحو 1.2 مليون أفغاني عادوا من باكستان منذ سبتمبر/أيلول 2023. وقال مهر الله، المسؤول الباكستاني رفيع المستوى في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان المتاخم لأفغانستان "تلقينا تعليمات من وزارة الداخلية لبدء عملية جديدة تهدف إلى ترحيل جميع الأفغان، بما في ذلك حاملي تراخيص إقامة وبطاقات لجوء وذلك بطريقة منظمة ومحترمة". وأفاد المسؤول المحلي الباكستاني حبيب بنغال زاي أن "نحو 4 إلى 5 آلاف شخص تجمعوا الجمعة عند معبر شامان الحدودي" لدخول أفغانستان. ومن الجهة المقابلة، في إقليم قندهار بجنوب أفغانستان، أكد المسؤول عبد اللطيف حكيمي أن أعداد العائدين شهدت ارتفاعا ملحوظا في الأيام الأخيرة. من جانبها، حذرت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين من أن كثيرا من العائدين يواجهون ظروف صعبة، وحثت على تقديم معونات عاجلة لمنع تفاقم الأزمة الإنسانية. ووفقا للمفوضية، فقد عاد قرابة مليوني أفغاني إلى بلادهم منذ الأول من يناير/كانون الثاني 2025، من باكستان وإيران التي تنفذ حملة مماثلة. وتهدد الضغوط السياسية والأمنية المتزايدة في باكستان وضع أكثر من مليوني لاجئ أفغاني يعيشون هناك منذ عقود. وأطلقت إسلام آباد حملة الترحيل واسعة النطاق في 2023. وفي الأول من أبريل/نيسان 2025 ألغت السلطات تراخيص إقامة 800 ألف أفغاني بعضهم وُلد على أراضيها. وقالت وكالة خاما برس للأنباء إن أكثر من 315 ألف أفغاني عادوا في عام 2025 وحده، بما في ذلك 51 ألف شخص رحلتهم باكستان قسرا، وفقا لما ذكرته الوكالة الأفغانية. وحذر برنامج الأغذية العالمي مؤخرا من أن واحدا من كل 5 أفغان يعاني من الجوع، داعيا إلى تقديم مساعدات عاجلة حتى لا يتفشى انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء أفغانستان.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
"تذكر.. لدينا نووي" قصة التراشق بين ميدفيديف وترامب
بشكل سريع ومفاجئ، تصاعدت سخونة الأجواء بين الولايات المتحدة وروسيا على وقع تصريحات حادة صدرت عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهة والرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف الذي يتولى حاليا منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي. المثير أن لهجة ترامب منذ عودته للبيت الأبيض مطلع العام الجاري في ولاية جديدة، كانت تصالحية وودودة إلى حد كبير تجاه روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين ، لدرجة أثارت حيرة دول المعسكر الغربي التي تعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تكون على الجانب المضاد لروسيا خصوصا فيما يتعلق بالحرب التي تخوضها الأخيرة ضد أوكرانيا الراغبة في الالتحاق بالركب الغربي بعد أن كانت في السابق جزءا من الاتحاد السوفياتي الذي ورثته روسيا. لكن الحال انقلب في الأسابيع الماضية وبدأ ترامب في استخدام لهجة حادة تجاه موسكو حيث عبّر عما وصفه بـ"خيبة أمل كبيرة" بسبب استمرارها في ضرب أهداف مدنية في أوكرانيا، مضيفا أنه لم يعد مهتما بالحديث إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وسريعا تصاعد التوتر ووصل إلى حد الحديث عن مهلة زمنية، حيث قال ترامب في منتصف يوليو/تموز إنه يمهل روسيا 50 يوما لإيقاف عملياتها العسكرية في أوكرانيا وإلا سيفرض عقوبات اقتصادية قاسية تشمل رسوما جمركية بنسبة 100% على واردات بلاده من روسيا وكذلك على مشتريات النفط منها. وبعد أسبوعين فقط، إذا بترامب يقول إن مهلته لروسيا ستصبح 10 أيام، مشيرا إلى أنه لم يسمع أي رد من نظيره الروسي على إنذاره السابق واصفا ذلك بأنه "أمر معيب". لكن الرد الروسي جاء أخيرا وإن لم يكن على لسان الرئيس بوتين، وإنما على لسان ديمتري ميدفيديف الذي كان رئيسا للبلاد بين عامي 2008 و2012، ولا يزال صاحب تأثير مهم في روسيا حيث يتولى حاليا منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي. ميدفيديف انتقد لهجة الإنذار من جانب ترامب وقال إنها تمثل تهديدا وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع بلاده (الولايات المتحدة)، وأضاف في منشور على منصة إكس أن "روسيا ليست إسرائيل أو حتى إيران"، في إشارة إلى الحرب القصيرة التي اندلعت بين البلدين الشهر الماضي، التي شنت خلالها الولايات المتحدة ضربات على إيران لدعم إسرائيل. إعلان ترامب بدوره لم يتأخر في الرد، وقال أمس الخميس إن ميدفيديف "يدخل منطقة خطرة جدا عبر تصريحاته التي يدلي بها"، مطالبا إياه بأن ينتبه لكلامه. وحسب موقع روسيا اليوم، فقد وجّه الرئيس الأميركي كلاما أشبه بالتهديد إلى الرئيس الروسي السابق مبديا انزعاجه من تصريحاته، وكتب عبر منصة "تروث سوشيال": "أخبروا ميدفيديف، الرئيس السابق الفاشل لروسيا، الذي يعتقد أنه لا يزال رئيسا، أن يراقب كلماته. إنه يدخل منطقة خطيرة جدا!". وبعد ساعات قليلة، عاد ميدفيديف بدوره إلى الرد بشكل ساخر معتبرا أن تعليق ترامب الغاضب يؤكد أن روسيا على حق وأنها تسير على الطريق الصحيح. وطلب ميدفيديف من ترامب أن يتذكر أن موسكو تمتلك قدرات نووية تعود للحقبة السوفياتية والتي تعتبرها كملاذ أخير. حرب النجوم واليد المميتة وحسب موقع "روسيا اليوم" كتب ميدفيديف على "تليغرام": "بصدد التهديدات التي وجهها ترامب إليّ عبر منصته "تروث" التي منعها هو من العمل في بلادنا.. إذا كانت كلمات رئيس روسيا السابق تثير رد فعل عصبيا بهذا الشكل من رئيس الولايات المتحدة "الجبار"، فهذا يعني أن روسيا على حق وتسير على الطريق الصحيح الذي اختارته لنفسها". وأضاف: "أما بالنسبة لاقتصاد روسيا والهند الميتين واقترابي نحو منطقة خطرة، فليتذكر ترامب أفلامه المفضلة عن الموتى الأحياء، وكيف يمكن لليد المميتة غير الموجودة في الطبيعة أن تكون خطيرة". ولكن ما هذه اليد المميتة التي استخدمها المسؤول الروسي الكبير في تحذيره لترامب؟ "اليد المميتة" كانت الاسم الرمزي لمبادرة ردت بها روسيا على مبادرة الدفاع الإستراتيجي الأميركية التي أعلنها الرئيس الأميركي رونالد ريغان في مارس/آذار من عام 1983 لإقامة نظام دفاع صاروخي واسع النطاق على الأرض وفي الفضاء قادر على اعتراض وتدمير الصواريخ السوفياتية الباليستية. وحملت المبادرة اسم "حرب النجوم" على غرار فيلم بهذا الاسم كان قد ظهر على شاشات السينما قبل 6 سنوات من خطاب ريغان الذي أعلن فيه عن المبادرة الجديدة. أما الرد المضاد من جانب روسيا فتمثل في إقامة ما يعرف بمنظومة "اليد الميتة" التي تضمنت إطلاق الصواريخ النووية السوفياتية حتى لو تمكن العدو من تدمير القيادة العليا للبلاد والاتصالات والقيادة العسكرية بأكملها. وجاءت هذه المنظومة ضمن اتجاه عام يركز على تحييد التهديد عبر زيادة قدرة القوات النووية الإستراتيجية السوفياتية على التغلب على نظام الدفاع الصاروخي متعدد الطبقات. كما تضمنت إستراتيجية روسيا للرد على حرب النجوم التخطيط لزيادة أمن منصات إطلاق الصواريخ الباليستية وحاملات الصواريخ النووية الإستراتيجية، علاوة على تعزيز القدرات الشاملة لنظام التحكم في القوات الإستراتيجية السوفياتية. لكن ما يجب الإشارة إليه في النهاية هو أن مبادرة الدفاع الإستراتيجي الأميركية لم تدخل حيز التنفيذ، وتسببت عقبات تقنية وعملية في تقليص البرنامج بعد 10 سنوات من الإعلان عنه. فهل ينتهي الأمر إلى خفض التوتر بين أكبر قوتين في العالم أم نعود مجددا إلى عصر تسود فيه مصطلحات مثل حرب النجوم واليد المميتة وما إلى ذلك؟