
هل تسلّم ألمانيا صواريخ ‘تاوروس‘ إلى أوكرانيا؟
تصريحات متضاربة صدرت عن الحكومة الألمانية، إن لم يكن عن المستشار الألماني نفسه فريدريتش ميرتس. بدأ الأمر يوم الاثنين مع قول المستشار: "لم يعد هناك حدود على النطاق بالنسبة إلى الأسلحة المسلّمة إلى أوكرانيا. لا من البريطانيين، لا من الفرنسيين، ولا منّا نحن. وليس من الأميركيين أيضاً".
بدا ذلك إعلاناً ألمانياً ضمنيّاً بأن برلين ستسلم كييف صواريخ "تاوروس" التي طال انتظارها. تحلق تلك الصواريخ على نطاق أوسع من نطاق نظيرتها الغربية الأخرى مثل "ستورم شادو/سكالب" البريطانية/الفرنسية (250 كيلومتراً) و"أتاكمز" الأميركية (300 كيلومتر). سريعاً، نفى نائب ميرتس ووزير ماليته من "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" لارس كرينغبايل وجود سياسة مختلفة عن تلك التي وضعتها حكومة أولاف شولتس السابقة.
يوم الثلاثاء، أوضح ميرتس أن تعليقاته أشارت إلى"أمر كان يحدث طوال أشهر، بشكل محدد، أن تملك أوكرانيا حق استخدام الأسلحة التي تحصل عليها، حتى أبعد من حدودها".
ترافق كلام ميرتس مع استياء الرئيس الأميركي دونالد ترامب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين بسبب الهجمات الأخيرة على أوكرانيا، والتي وُصفت بأنها الأكبر طوال الحرب. لكن الربط بين الحدثين قد يكون متسرعاً، وكذلك توقع موافقة ألمانية سريعة على نقل صواريخهم إلى أوكرانيا.
"فليطلب المغفرة"
من غير المرجح أن تسمح أميركا باستخدام صواريخها البعيدة المدى ضد روسيا، حيث أن واشنطن لا تزال مترددة تجاه مجرد فرض عقوبات اقتصادية على روسيا. كان البريطانيون والفرنسيون هم الأسرع نسبياً في توفير الصواريخ إلى الأوكرانيين، لكن بكميات قليلة على الأرجح، بسبب انخفاض مخزونات الصواريخ الأوروبية بشكل عام. وبدأ رصد استخدام الأوكرانيين لصواريخ "ستورم شادو" و"سكالب" ضد أهداف روسية داخل الأراضي المحتلة منذ أيار/مايو 2023. ومنذ صيف 2024، حين انطلق توغل أوكرانيا في منطقة كورسك الروسية، تم السماح لقواتها باستخدام تلك الصواريخ داخل المنطقة. وهكذا فعل الرئيس السابق جو بايدن بعد الانتخابات الرئاسية الماضية مع صواريخ "أتاكمز".
في ألمانيا، الوضع أصعب. ميرتس في شراكة ائتلافية مع "الديموقراطيين الاجتماعيين" الذين اشتهروا بنفورهم من السياسات التصعيدية. علاوة على ذلك، هناك تردد كبير بين المواطنين الألمان لدعم خطوات كهذه. فمع دمج ناخبي أقصى اليمين وأقصى اليسار في ألمانيا، وهم ناخبون مؤيدون عموماً لاستئناف العلاقات التجارية مع روسيا، ثمة ما لا يقل عن 35 في المئة من المواطنين الذين قد يعارضون بشكل أو بآخر إرسال "تاوروس". من هنا، يمكن فهم التوضيح الذي أطلقه ميرتس في اليوم التالي.
مع ذلك، لم يكن هذا التصريح هو الأول من نوعه لميرتس. هو أطلق الفكرة نفسها الشهر الماضي أيضاً. وبحسب ما نقلته صحيفة "تايمز" البريطانية عن "مصادر قريبة" من ميرتس، لا يزال المستشار الألماني يفضل تسليم الصواريخ الألمانية إلى كييف، لكنه متردد في التصريح عن ذلك لأنه لا يريد خلافاً علنياً مع حلفائه. وأضافت معدة التقرير لاريسا براون: "بهذا المنطق، قد يكون أسهل على ميرتس طلب المغفرة من (طلب) السماح".
مزايا "تاوروس"
توقعت قناة "أسلحة روسية" على تطبيق "تلغرام" أن تكون القوات الجوية الأوكرانية قد حصلت على ما بين 100 إلى 150 صاروخ "تاوروس" بحلول منتصف الصيف المقبل. لكن لدى الأوكرانيين أسباب عدة للتشكيك، ليس أقلها معاناتهم السابقة في إقناع حلفائهم، حتى خلال رئاسة بايدن، بتسليم أسلحتهم الطويلة المدى بسرعة مناسبة. والرقم كبير جداً أيضاً. تمتلك كوريا الجنوبية ما يفوق بقليل 200 صاروخ من هذا النوع بعد شرائها على دفعات.
تتمتع صواريخ "تاوروس"، إضافة إلى المدى الذي يتخطى 500 كيلومتر، برأس يمكن تعديل توقيت انفجاره كي يصبح خارقاً للتحصينات. وقال باحث الدكتوراه في جامعة أوسلو المتخصص في تكنولوجيا الصواريخ فابيان هوفمان إنّ "تاوروس" هو أفضل الصواريخ الغربية لإسقاط الجسور، من بينها جسر القرم. ويُعدّ الجسر، إلى جانب رمزيّته الكبيرة بالنسبة إلى بوتين، شرياناً حيوياً للدعم اللوجستي والعسكري للقوات الروسية في الشرق الأوكراني. كما أنّ مدى الـ 500 كيلومتر قد يكون كافياً لأوكرانيا من أجل استهداف مناطق قريبة من العاصمة الروسية. ويتمتع الصاروخ أيضاً بتقنيات مضادة للتشويش.
طبعاً، ما من حلول سحرية لقلب موازين القوى على الأرض حتى ولو كانت صواريخ متطورة. لو كان الأمر كذلك، لكنت نجحت روسيا بإخضاع أوكرانيا مع كل الصواريخ والمسيّرات التي تطلقها بشكل دوري. كما قال إد سترينغر، مارشال جوي المتقاعد ومدير سابق لقيادة القوات المشتركة البريطانية: "لا يوجد سلاح عجيب".
لكن ضرب بعض القواعد العسكرية ومراكز السيطرة ومنشآت التخزين في عمق الأراضي الروسية قد يساعد أوكرانيا قليلاً في تخفيف بعض الضغط عن الجبهة. يأتي ذلك في وقت يبدو أن الروس يحققون بعض التقدم الملحوظ في وسط دونباس، حيث قد يهددون بتطويق بلدة كوستيانتينيفكا. وتقدم الروس أيضاً في بعض بلدات منطقة سومي الواقعة على الحدود الروسية. وحذّر من هذا التقدم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حين كان في ألمانيا أمس.
في أحيان كثيرة، كان الجنود الأوكرانيون يشتكون من أنهم حين كانوا يملكون الصواريخ بينما كانوا يملكون أيضاً القيود. الآن، هم مُحرَّرون من القيود، لكنهم لا يملكون الصواريخ.
ليس واضحاً ما إذا كان ميرتس سيريحهم من هذه الإشكالية. وقد لا يكون ذلك بالضرورة عبر منحهم "تاوروس". رداً على سؤال في مؤتمر صحافي مع زيلينسكي يوم الأربعاء، قال ميرتس إن البلدين سيوقّعان "مذكرة تفاهم" تساعد أوكرانيا على تطوير صواريخها الجوالة البعيدة المدى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
ميرتس يصدم أوروبا قبل روسيا... أخيراً لحظة ‘تسايتنفنده‘؟
المفاجآت مستمرّة مع المستشار الألماني فريدريتش ميرتس. أو على الأقل، الإعلان عنها. صحيحٌ أن لا معلومات واضحة عن "مذكرة التفاهم" بين ألمانيا وأوكرانيا لتطوير صواريخ بعيدة المدى. هل هي تحجب حقيقة أنّ برلين سترسل صواريخ "تاوروس" إلى كييف إنّما بدون إحداث جلبة حول الموضوع؟ أم أنّها فعلاً محدودة بالدّعم الماليّ وربّما التكنولوجي مع إبقاء نقل الصواريخ البارزة خارج المعادلة؟ حتى لو صحّ التفسير الأضيق نطاقاً، وهو المرجّح حالياً، فالقفزة النوعيّة في السياسة الخارجيّة الألمانيّة لا تخطئها عين. في الواقع، تحدّثت "بيلد" الألمانية عن أنّ برلين ستدعم تطوير أوكرانيا لصواريخ جوّالة تعمل عليها كييف، ويصل مداها إلى 2500 كيلومتر. لكن ثمّة حدث أكثر يقيناً لفت الأنظار أيضاً. إعلان ألمانيا الأسبوع الماضي نشر 5 آلاف جندي بشكل دائم في ليتوانيا. كانت هذه الخطوة الأولى من نوعها لألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية. "هذا يومٌ تاريخي" هو تعبير الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا. كان لدى ألمانيا نحو 250 جندي خلال الخريف الماضي في البلاد، ومن المتوقّع أن يصبح لواء الدبابات الـ 45 بكامل جاهزيته وعديده بحلول 2027. قال ميرتس في 22 أيار/مايو خلال زيارته العاصمة الليتوانيّة: "حماية فيلنيوس من حماية برلين". هكذا أنهى ميرتس، إلى حد كبير، الحاجز النفسيّ بين أوروبا الغربيّة وأوروبا الشرقيّة على مستوى النظرة إلى التهديد الروسيّ. ليس هذا وحسب. أنهى ميرتس أيضاً سياسة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي بذلت كامل جهدها لتحسين العلاقات التجاريّة مع روسيا، بالرغم من اعتراضات أوكرانيا ومعها الجناح الشرقي للناتو. بالرّغم من أنّ ميرتس وميركل ينتميان إلى الحزب نفسه، "الحزب الديموقراطيّ المسيحيّ"، طبعت علاقتهما توترات عدة. لم تكن الخلافات السياسية العامة، مثل الهجرة، موضع التباين وحسب. في مطلع الألفية الحالية، أقالته ميركل من رئاسة نواب الحزب في البوندستاغ بعد الخسارة الانتخابية سنة 2002. ولم يعد إلى الساحة السياسية إلا بعد نهاية حقبة المستشارة السابقة. يبدو أنّ ميرتس يحقّق انتقامه الخاص على مستويات عدّة. النقطة الثانية الجريئة في إعلان ميرتس هي أنّ ليتوانيا تحاذي مقاطعة كالينينغراد الروسيّة وممر سوالكي الذي يربط المقاطعة ببيلاروسيا، الحليفة التاريخية لروسيا. يعدّ هذا الممرّ من أكثر النقاط القابلة للاشتعال بين الناتو وروسيا. بالتالي، تقول ألمانيا إنّها جادّة في تحمّل جزء من مسؤوليّة الدفاع عن الجناح الشرقيّ للحلف. وكانت كالينينغراد، كونيغسبرغ سابقاً، عاصمة للدولة البروسيّة. ضمّها الاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية وهاجر الألمان منها في تلك الحقبة بشكل كبير. لا يعني هذا أنّ برلين تسعى إلى إعادة ترسيم الخرائط والمطالبة بمدينتها القديمة، لكن من غير المرّجح أن تتجاهل عيونُ بعض المؤرّخين هذه الرمزيّة. "نوع مختلف من الألمان" بالتأكيد، لن يكون 5 آلاف جندي قادرين بمفردهم على وقف تقدّم القوّات الروسيّة، لكنّ المؤكّد أيضاً أنّ وجودهم سيكون أكثر من معنوي. فقد يخدم انتشارهم أيضاً كـ "سلك تعثّر"، وهو الترجمة الحرفية لمصطلح (tripwire force) الذي يفيد بإطلاق ردّ على مستوى أوروبي أوسع في حال اصطدمت روسيا بتلك القوات. إذاً، تتحمّس ألمانيا للدفاع عن أمن أوروبا وتحمّس معها سائر الشركاء. ثمة ترتيب أوراق جارٍ في أوروبا مع انسحاب أميركا التدريجي من القارة. يبدو أنّ من يملك المال أكثر يقوم بملء الفراغ. صدرت دراسة تشير إلى أنّ أوروبا ستحتاج إلى تريليون دولار للتعويض عن الغياب العسكريّ الأميركي. ألمانيا جاهزة للمساهمة الماليّة، لكن أيضاً العسكريّة. إذاً ليس من يملك المال فقط، بل الجرأة أيضاً. ميرتس يصدم بعض الأوروبيين المرتابين قليلاً من تاريخ ألمانيا، قبل أن يصدم الروس. ألم تحتلّ ألمانيا ليتوانيا نفسها في الحرب العالميّة الثانية؟ إدموند كوليكوسكاس، 87 عاماً، هرب من ليتوانيا قبيل الاجتياح حين كان في السادسة من عمره. لكنّه عاد إلى بلاده سنة 1994. عندما سألته "نيويورك تايمز" مؤخراً عن خشيته المحتملة من وجود الألمان على أراضيه، أجاب: "هذا نوع مختلف من الألمان". لكنّ الألمان اليوم لا يختلفون عمّا كانوا عليه قبل 80 عاماً فقط، بل حتى عمّا كانوا عليه قبل 8 أعوام. لقد أصبحوا، على مستوى النخبة الحاكمة بالحدّ الأدنى، أكثر تفهّماً لهواجس أوروبا الشرقية، وكذلك، أكثر مراعاة لتلك الهواجس في تحرّكاتهم. وميرتس ينقل وتيرة التحرّك الألمانيّ إلى مستوى مختلف. بشكل كبير، كانت "تسايتنفنده"، أو "نقطة التحول" الألمانيّة، كلاماً لشولتس. مع ميرتس، ينقلب الكلام فعلاً.


بيروت نيوز
منذ يوم واحد
- بيروت نيوز
تحدثت مع ميرتس حول تزويدنا بصواريخ توروس ذات المدى البعيد
ونقلت بوابة الأخبار الأوكرانية 'آر بي كيه' عن زيلينسكي قوله: 'تحدثنا عن موضوع صواريخ تاوروس في لقاء مغلق مع المستشار الألماني'، مشيرا إلى أنه يجري العمل في هذا الاتجاه، لكنه أوضح أن الطرفين اتفقا أيضًا على عدم مناقشة هذا الموضوع علنًا في المستقبل. وأضاف زيلينسكي أنه سيلتزم بهذا الوعد. وتفتقر أوكرانيا بشكل خاص إلى أسلحة بعيدة المدى قادرة على تدمير منشآت عسكرية استراتيجية في العمق الروسي وشلّ لوجستيات الحرب الروسية. وحصلت أوكرانيا حتى الآن على صواريخ 'أتاكمز' من الولايات المتحدة، وصواريخ كروز 'ستورم شادو/سكالب' من بريطانيا وفرنسا. وفي ألمانيا تدور منذ فترة طويلة مناقشات بشأن تزويد كييف بصواريخ كروز من طراز 'توروس' ذات مدى يصل إلى 500 كيلومتر، وهي خطوة تطالب بها أوكرانيا. وكان المستشار السابق أولاف شولتس رفض هذه الخطوة خشية أن يؤدي ذلك إلى اعتبار ألمانيا طرفًا مباشرًا في الحرب. في المقابل، رفض ميرتس استبعاد إمكانية توريد هذه الأسلحة مستقبلا. وخلال زيارة زيلينسكي لبرلين أمس، تم الاتفاق على أن تساعد ألمانيا أوكرانيا في بناء أسلحتها الخاصة بعيدة المدى.


ليبانون 24
منذ 2 أيام
- ليبانون 24
زيلينسكي: تحدثت مع ميرتس حول تزويدنا بصواريخ "توروس" ذات المدى البعيد
كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، الخميس، أنه تحدث مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال زيارته لبرلين أمس الأربعاء حول إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ كروز الألمانية من طراز " توروس". ونقلت بوابة الأخبار الأوكرانية"آر بي كيه" عن زيلينسكي قوله: "تحدثنا عن موضوع صواريخ تاوروس في لقاء مغلق مع المستشار الألماني"، مشيرا إلى أنه يجري العمل في هذا الاتجاه، لكنه أوضح أن الطرفين اتفقا أيضًا على عدم مناقشة هذا الموضوع علنًا في المستقبل. وأضاف زيلينسكي أنه سيلتزم بهذا الوعد. وتفتقر أوكرانيا بشكل خاص إلى أسلحة بعيدة المدى قادرة على تدمير منشآت عسكرية استراتيجية في العمق الروسي وشلّ لوجستيات الحرب الروسية. وحصلت أوكرانيا حتى الآن على صواريخ "أتاكمز" من الولايات المتحدة ، وصواريخ كروز "ستورم شادو/سكالب" من بريطانيا وفرنسا. وفي ألمانيا تدور منذ فترة طويلة مناقشات بشأن تزويد كييف بصواريخ كروز من طراز "توروس" ذات مدى يصل إلى 500 كيلومتر، وهي خطوة تطالب بها أوكرانيا. وكان المستشار السابق أولاف شولتس رفض هذه الخطوة خشية أن يؤدي ذلك إلى اعتبار ألمانيا طرفًا مباشرًا في الحرب. في المقابل، رفض ميرتس استبعاد إمكانية توريد هذه الأسلحة مستقبلا.