
العنكبوت مجموعة قصصية للقاص أكرم الزعبي٠٠ ( صورة جانبية للحياة) ٠
تاريخ النشر : 2025-04-08 - 07:07 pm
العنكبوت مجموعة قصصية للقاص أكرم الزعبي٠٠
( صورة جانبية للحياة) ٠
سليم النجار٠٠
يقدم لنا أكرم الزعبي تجربة جديدة في القص في مسار القصة القصيرة في الاردن، من خلال مجموعته القصصية التي حملت عنوان " العنكبوت" الصادرة عن وزارة الثقافة العام ٢٠١٥ ٠
كشفت قصص العنكبوت للزعبي عن اشتغالاتها في تشكيل الصور والتمثيلات حول الواقع والأنا والآخرين، كما تُضىء مستوى أسهامها في تثبيت الجسور الإنسانية على قاعدة الاختلاف الذي يُؤمنُ بالتعددية، أو تقويضها بما يلغي الأختلاف، ويؤسّسُ للتماثل الذي يحتفي بالشبيه ويُمجُدُهُ، ويكره المختلف ويسعى للتخلص منه٠
فهو تصور ينزّل الاشتغال على الإنتاجات السردية والثقافية في بعديها الفردي والجماعي في حيز التحليل النفسي والأنثربولوجيا لأنهما معنيان بالتفكير في الإنسان ككائن سردي وفي قدرته على إنتاج الذاكرة الإجتماعية في سيرورات من التذويب كما نقرأ في قصة" محبّة" ( أنا بائع الكلمات الذي يقول عنه الكثيرون إنّه مشعوذٌ دجّال يبعُ الوهم والخديعة، لكن الحقيقة غير ذلك ص٢٥)٠
فالقصة هي في الأول والنهاية سرديات كبرى حول نشأة العالم تبلور تمثيلات وبأشكال سردية مختلفة لمختلف ألوان الصراع والمواقف الاجتماعية كما تعكس علاقة معينة بالزمان وبالواقع لذلك فهذا التشعب الذي بات يطبع الكثير من القصص، وفي علاقاتها بسلسلة من الظواهر النفسية والثقافية وبأنماط التملك في الاستبعاد للخطاب القصصي حول الواقع كما هو موجود في قصة" إيناشا" ( أسأسلك طريق التعبيرعن هذه الاشياء بابسط الكلمات وأسهلها لسببين، أولهما أنّ مساحة الكتابة محدودة، وثانيها لظّني أن قبري سيُنبش يوما ما ص٣٣)٠
لعل صورة القبر ما هي إلا صورة تجلت في سؤال الحضارة الذي جاء على شكل ، من نحن ومن الآخر؟ كأنه مسار متعرج لإشكالية متحورة عندما نعمل مقاربة مع الغرب الأكثر تطورًا منّا، فجاءة فكرة النبش في القصة كأنها محاولة لقراءة العقل العربي عند عمل مقاربته ييسشهد بالماضي، كأجابة على الحاضر٠
كما وظف القاص أشكال تعبيرية متعددة في قصته" العنكبوت" السيرة الذاتية للقص، وبلورة خطاب مركب الذي يلامس اليومي العابر، ويغوص في أعماق النفس، مستكشفا تجاربها واحلامها،( دعوتها للخروج فوفقتْ صامته بعد أن تناولت حقيبة يدها، اخذتُ يدها بعيد، ص٤١)، نجد السيرة الذاتية حاضرة بقوة، خاصة من جهة المتلفظ، وواقعية العناصر المكونة للمَحكَي من شخصيتين واحداث وإطار زمكاني٠
وهذا ما يمنح المشروعية للتساؤل عن الأدوار التي يحققها التعالق بين الملفوظينن: الافتراضي والسيرذاتي، في قصة " الناموس" الذي يستوحي التخييل في إعادة بناء بطليها قصة، ذلك أن التأطير السردي لحياة بطل يظل خاضعا للبيئة الأيديولوجية التي تتخذ من الحياة موقفا،( نعم انا اتخيّلُ لسعات الهواء مثل إبرة حادةٍ تدخل أصابعي فأبتسم، لكن الإبر تتكاثر، تمتد إلى أصابع اليدين يبدو أن كتاب القراءة شيء يذكرني بضرورة تغطية الكفين أيضا ص٥٨)٠
إن كتابة القصة التي تسعى على استعادة التاريخ أو إعادة تملكها من حيث يتوارى فيها الكاتب/ السارد لصالح المتلفظ الواقعي الذي يجري ترهيبه من الحياة كشخصية داخل الحياة، حيث ينتج خطابا لا يكون قريبا من أجواء اللحظة القصصية كما فعل الزعبي في قصته" حياة" ،( يا للتعاسة! ثلاثون عاماً بدأتها شابةُ مكتملة) ويواصل سرد القصة بخاتمة كخاتمة الحياة( الآن كعجوز لا جدوى منها ص٧١)٠
ففي قصة" القلم"، هنالك دلالة تؤشر عليها العنوان ويفصح من خلالها عن محتوى المادة السردية في هذه القصة، تسعفنا على قراءة التراسل بين الكتابة القصصية والمتن الواقعي،( - غريزة حالةٌ داخليةٌ لإعادة الترتيب واتخاذ شكل جديد من الاحتجاج٠
-الخوف يدفعُ الاشياء لالتزام حدودها ٠
‐هو طريقُ النجاة٠
-هذه فلسفة جدلية محاولةٌ للهروب من حقيقة أن الخوف أساسُ النظام ص٧٦)٠
هذه الحوارات تفسر حياة القصة للقارئ كما لو انه داخل سياقات القص٠ ولذلك، فهي على الاقل لا تتميز بذلك الماضي الاستعاري- قياسا إلى مرجعيات فكرية بقدر ما يتم تأطير اليوم المعاش للإنسان بشكل حوار٠
قصص أكرم الزعبي ( العنكبوت)، ظلت أسيرة سردية التوتر والصدام، لذا إنها تشق مسارا مغايرا ومخلتفا٠
تابعو جهينة نيوز على

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جهينة نيوز
٠٩-٠٤-٢٠٢٥
- جهينة نيوز
العنكبوت مجموعة قصصية للقاص أكرم الزعبي٠٠ ( صورة جانبية للحياة) ٠
تاريخ النشر : 2025-04-08 - 07:07 pm العنكبوت مجموعة قصصية للقاص أكرم الزعبي٠٠ ( صورة جانبية للحياة) ٠ سليم النجار٠٠ يقدم لنا أكرم الزعبي تجربة جديدة في القص في مسار القصة القصيرة في الاردن، من خلال مجموعته القصصية التي حملت عنوان " العنكبوت" الصادرة عن وزارة الثقافة العام ٢٠١٥ ٠ كشفت قصص العنكبوت للزعبي عن اشتغالاتها في تشكيل الصور والتمثيلات حول الواقع والأنا والآخرين، كما تُضىء مستوى أسهامها في تثبيت الجسور الإنسانية على قاعدة الاختلاف الذي يُؤمنُ بالتعددية، أو تقويضها بما يلغي الأختلاف، ويؤسّسُ للتماثل الذي يحتفي بالشبيه ويُمجُدُهُ، ويكره المختلف ويسعى للتخلص منه٠ فهو تصور ينزّل الاشتغال على الإنتاجات السردية والثقافية في بعديها الفردي والجماعي في حيز التحليل النفسي والأنثربولوجيا لأنهما معنيان بالتفكير في الإنسان ككائن سردي وفي قدرته على إنتاج الذاكرة الإجتماعية في سيرورات من التذويب كما نقرأ في قصة" محبّة" ( أنا بائع الكلمات الذي يقول عنه الكثيرون إنّه مشعوذٌ دجّال يبعُ الوهم والخديعة، لكن الحقيقة غير ذلك ص٢٥)٠ فالقصة هي في الأول والنهاية سرديات كبرى حول نشأة العالم تبلور تمثيلات وبأشكال سردية مختلفة لمختلف ألوان الصراع والمواقف الاجتماعية كما تعكس علاقة معينة بالزمان وبالواقع لذلك فهذا التشعب الذي بات يطبع الكثير من القصص، وفي علاقاتها بسلسلة من الظواهر النفسية والثقافية وبأنماط التملك في الاستبعاد للخطاب القصصي حول الواقع كما هو موجود في قصة" إيناشا" ( أسأسلك طريق التعبيرعن هذه الاشياء بابسط الكلمات وأسهلها لسببين، أولهما أنّ مساحة الكتابة محدودة، وثانيها لظّني أن قبري سيُنبش يوما ما ص٣٣)٠ لعل صورة القبر ما هي إلا صورة تجلت في سؤال الحضارة الذي جاء على شكل ، من نحن ومن الآخر؟ كأنه مسار متعرج لإشكالية متحورة عندما نعمل مقاربة مع الغرب الأكثر تطورًا منّا، فجاءة فكرة النبش في القصة كأنها محاولة لقراءة العقل العربي عند عمل مقاربته ييسشهد بالماضي، كأجابة على الحاضر٠ كما وظف القاص أشكال تعبيرية متعددة في قصته" العنكبوت" السيرة الذاتية للقص، وبلورة خطاب مركب الذي يلامس اليومي العابر، ويغوص في أعماق النفس، مستكشفا تجاربها واحلامها،( دعوتها للخروج فوفقتْ صامته بعد أن تناولت حقيبة يدها، اخذتُ يدها بعيد، ص٤١)، نجد السيرة الذاتية حاضرة بقوة، خاصة من جهة المتلفظ، وواقعية العناصر المكونة للمَحكَي من شخصيتين واحداث وإطار زمكاني٠ وهذا ما يمنح المشروعية للتساؤل عن الأدوار التي يحققها التعالق بين الملفوظينن: الافتراضي والسيرذاتي، في قصة " الناموس" الذي يستوحي التخييل في إعادة بناء بطليها قصة، ذلك أن التأطير السردي لحياة بطل يظل خاضعا للبيئة الأيديولوجية التي تتخذ من الحياة موقفا،( نعم انا اتخيّلُ لسعات الهواء مثل إبرة حادةٍ تدخل أصابعي فأبتسم، لكن الإبر تتكاثر، تمتد إلى أصابع اليدين يبدو أن كتاب القراءة شيء يذكرني بضرورة تغطية الكفين أيضا ص٥٨)٠ إن كتابة القصة التي تسعى على استعادة التاريخ أو إعادة تملكها من حيث يتوارى فيها الكاتب/ السارد لصالح المتلفظ الواقعي الذي يجري ترهيبه من الحياة كشخصية داخل الحياة، حيث ينتج خطابا لا يكون قريبا من أجواء اللحظة القصصية كما فعل الزعبي في قصته" حياة" ،( يا للتعاسة! ثلاثون عاماً بدأتها شابةُ مكتملة) ويواصل سرد القصة بخاتمة كخاتمة الحياة( الآن كعجوز لا جدوى منها ص٧١)٠ ففي قصة" القلم"، هنالك دلالة تؤشر عليها العنوان ويفصح من خلالها عن محتوى المادة السردية في هذه القصة، تسعفنا على قراءة التراسل بين الكتابة القصصية والمتن الواقعي،( - غريزة حالةٌ داخليةٌ لإعادة الترتيب واتخاذ شكل جديد من الاحتجاج٠ -الخوف يدفعُ الاشياء لالتزام حدودها ٠ ‐هو طريقُ النجاة٠ -هذه فلسفة جدلية محاولةٌ للهروب من حقيقة أن الخوف أساسُ النظام ص٧٦)٠ هذه الحوارات تفسر حياة القصة للقارئ كما لو انه داخل سياقات القص٠ ولذلك، فهي على الاقل لا تتميز بذلك الماضي الاستعاري- قياسا إلى مرجعيات فكرية بقدر ما يتم تأطير اليوم المعاش للإنسان بشكل حوار٠ قصص أكرم الزعبي ( العنكبوت)، ظلت أسيرة سردية التوتر والصدام، لذا إنها تشق مسارا مغايرا ومخلتفا٠ تابعو جهينة نيوز على

عمون
٠٨-٠٤-٢٠٢٥
- عمون
العنكبوت مجموعة قصصية للقاص أكرم الزعبي
عمون - قراءة سليم النجار - يقدم لنا أكرم الزعبي تجربة جديدة في القص في مسار القصة القصيرة في الاردن، من خلال مجموعته القصصية التي حملت عنوان " العنكبوت" الصادرة عن وزارة الثقافة العام ٢٠١٥ ٠ كشفت قصص العنكبوت للزعبي عن اشتغالاتها في تشكيل الصور والتمثيلات حول الواقع والأنا والآخرين، كما تُضىء مستوى أسهامها في تثبيت الجسور الإنسانية على قاعدة الاختلاف الذي يُؤمنُ بالتعددية، أو تقويضها بما يلغي الأختلاف، ويؤسّسُ للتماثل الذي يحتفي بالشبيه ويُمجُدُهُ، ويكره المختلف ويسعى للتخلص منه٠ فهو تصور ينزّل الاشتغال على الإنتاجات السردية والثقافية في بعديها الفردي والجماعي في حيز التحليل النفسي والأنثربولوجيا لأنهما معنيان بالتفكير في الإنسان ككائن سردي وفي قدرته على إنتاج الذاكرة الإجتماعية في سيرورات من التذويب كما نقرأ في قصة" محبّة" ( أنا بائع الكلمات الذي يقول عنه الكثيرون إنّه مشعوذٌ دجّال يبعُ الوهم والخديعة، لكن الحقيقة غير ذلك ص٢٥)٠ فالقصة هي في الأول والنهاية سرديات كبرى حول نشأة العالم تبلور تمثيلات وبأشكال سردية مختلفة لمختلف ألوان الصراع والمواقف الاجتماعية كما تعكس علاقة معينة بالزمان وبالواقع لذلك فهذا التشعب الذي بات يطبع الكثير من القصص، وفي علاقاتها بسلسلة من الظواهر النفسية والثقافية وبأنماط التملك في الاستبعاد للخطاب القصصي حول الواقع كما هو موجود في قصة" إيناشا" ( أسأسلك طريق التعبيرعن هذه الاشياء بابسط الكلمات وأسهلها لسببين، أولهما أنّ مساحة الكتابة محدودة، وثانيها لظّني أن قبري سيُنبش يوما ما ص٣٣)٠ لعل صورة القبر ما هي إلا صورة تجلت في سؤال الحضارة الذي جاء على شكل ، من نحن ومن الآخر؟ كأنه مسار متعرج لإشكالية متحورة عندما نعمل مقاربة مع الغرب الأكثر تطورًا منّا، فجاءة فكرة النبش في القصة كأنها محاولة لقراءة العقل العربي عند عمل مقاربته ييسشهد بالماضي، كأجابة على الحاضر٠ كما وظف القاص أشكال تعبيرية متعددة في قصته" العنكبوت" السيرة الذاتية للقص، وبلورة خطاب مركب الذي يلامس اليومي العابر، ويغوص في أعماق النفس، مستكشفا تجاربها واحلامها،( دعوتها للخروج فوفقتْ صامته بعد أن تناولت حقيبة يدها، اخذتُ يدها بعيد، ص٤١)، نجد السيرة الذاتية حاضرة بقوة، خاصة من جهة المتلفظ، وواقعية العناصر المكونة للمَحكَي من شخصيتين واحداث وإطار زمكاني٠ وهذا ما يمنح المشروعية للتساؤل عن الأدوار التي يحققها التعالق بين الملفوظينن: الافتراضي والسيرذاتي، في قصة " الناموس" الذي يستوحي التخييل في إعادة بناء بطليها قصة، ذلك أن التأطير السردي لحياة بطل يظل خاضعا للبيئة الأيديولوجية التي تتخذ من الحياة موقفا،( نعم انا اتخيّلُ لسعات الهواء مثل إبرة حادةٍ تدخل أصابعي فأبتسم، لكن الإبر تتكاثر، تمتد إلى أصابع اليدين يبدو أن كتاب القراءة شيء يذكرني بضرورة تغطية الكفين أيضا ص٥٨)٠ إن كتابة القصة التي تسعى على استعادة التاريخ أو إعادة تملكها من حيث يتوارى فيها الكاتب/ السارد لصالح المتلفظ الواقعي الذي يجري ترهيبه من الحياة كشخصية داخل الحياة، حيث ينتج خطابا لا يكون قريبا من أجواء اللحظة القصصية كما فعل الزعبي في قصته" حياة" ،( يا للتعاسة! ثلاثون عاماً بدأتها شابةُ مكتملة) ويواصل سرد القصة بخاتمة كخاتمة الحياة( الآن كعجوز لا جدوى منها ص٧١)٠ ففي قصة" القلم"، هنالك دلالة تؤشر عليها العنوان ويفصح من خلالها عن محتوى المادة السردية في هذه القصة، تسعفنا على قراءة التراسل بين الكتابة القصصية والمتن الواقعي،( - غريزة حالةٌ داخليةٌ لإعادة الترتيب واتخاذ شكل جديد من الاحتجاج٠ -الخوف يدفعُ الاشياء لالتزام حدودها ٠ ‐هو طريقُ النجاة٠ -هذه فلسفة جدلية محاولةٌ للهروب من حقيقة أن الخوف أساسُ النظام ص٧٦)٠ هذه الحوارات تفسر حياة القصة للقارئ كما لو انه داخل سياقات القص٠ ولذلك، فهي على الاقل لا تتميز بذلك الماضي الاستعاري- قياسا إلى مرجعيات فكرية بقدر ما يتم تأطير اليوم المعاش للإنسان بشكل حوار٠

عمون
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- عمون
"انثى تشبهني" .. مجموعة قصصية للقاصة نهلة الشقران
عمون - من سليم النجار- يشكل الهوى مصدر تفاعلات الإنسان الوجودية، والبوصلة التي تتحكم في أفعاله وسلوكه ومواقفه لهذا العالم، وقد لقى اهتماما خاصا في الفلسفة، وشغل حيزا كبيرا في الفكر الإنساني، إذ قوبل (الهوى) بالعقل والفلسفة القديمة، فكلما ارتبط بسلوكيات إنسانية يعود إلى العقل والتمييز والمنطق وكل ما يحتوي على الانسجام والمعقولية المقبولة للمجتمع أو لنقل التوافق، أما الهوى فشيء آخر ارتبط بكل ما هو مناقض إلى القيم المتعارف عليها مثل: العشق والجنون والموت والتمرد على قيم المجتمع٠ ومنه يتضح أن الهوى كان أسير أحكام وتأويلات أخلاقية لا يمكن ملامسته أو معرفة طبيعته الإنسانية مما يفضي بنا إلى سؤال " الهوى" في القص، واذا ما قُلنا الهوى في الثقافة العربية ينزع للتحريم والذم والتحذير، بينما في الإبداع القصصي اخذ منحى مختلف نوعاً ما كما تناولته القاصة نهلة الشقران في مجموعتها القصصية " انثى تشبهني" الصادرة عن دار الآن ناشرون- عمان- ٢٠١٥. أننا أمام قص يبحث خلف الذات في أثناء السرد، أي تفكيك الهوية داخل السلسة الخطابية، وترجمة للبعد الهووي الذي جاء بمنزلة تركيب وقانون ذاتي لبناء الخطاب القصصي، فما الأسس الإبيستمولوجية التي قامت عليها سيميائيات الأهواء؟ يمكن القول أن الشقران لجات إلى الصورة الدرامية، ذات البعد الشكيلي للوحة سريالية جمعت بين الصورة المتخيلة واللوحة التشكيلية كما نقرأ في قصتها" خفايا صوت"( أنظر إلى فمها، فأجدها كمن اصيب بتخمة منقطعة النظير، تفتحه ببطء شديد كتمساح مثقل بحمل أسرار البحار، اخشاه ويقصدني٠٠ اركض الهث ينقطع صوتي فأصحو ص٦٠). غني عن القول أن السيميائيات منذ نشأتها قامت على التمثيل لشكل المعنى، وهذا ما تم توظيفه في قصة" زيت وزعتر"( ثم أسندت ظهري برفق، بينما بدأت الطالبات بنقل ما في السبورة ص٢١). لقد تميزت نهلة الشقران في قصتها " انثى تشبهني" بدقة التصوير للحالة النفسية والإحاطة الشاملة بها، وقد تنوعت صورها أثناء سردها،( ممنيّة النفس بعودة قريبة أقتنِصُها بصبحة أنثى تشبهني، لكنها من ورق ص٣٦). تختزن فلسفة الصورة الأيديولوجية دلالات ومعاني عديدة، حتى يكاد من الصعب القبض على جميعها مفاهيميَّا، ونظرا لتغير المزاج للشخصية القصصية التي وظفتها الشقران في قصتها" وَجْه كمعطف"، والتي جاءت عبر الشعر، وطرحت إشكالية هامة كيفية ربط الشخصية مع عنوان المجموعة القصصية" انثى تشبنهي" وهي علاقة جدلية اي إنها في أعنف تجلياتها( مزاجية) هنا يبرز سؤال: هل أرادت القول ام الأيديولوجيا مزاجية في رؤيتها وحكمها؟ الإجابة متروكة للمتلقي٠ وفي جميع الأحوال القصة تحمل في طياتها بُعدًا فلسفياً،( أما حمزة فما زال يحلم، ويقتني الداووين، ويُنْشد الشعر، ويرتدي معطفاً خفيفاًص٤٦). يمكن القول ايضاً أن الأيديولوجيا تعمل على توظيف رؤيتها للأشياء المنظورة وغير المنظورة لمنظومة مفاهيمها، وانماط خطابها في سياقات اجتماعية، وعادة يكون المكان عنصرًا هاماً في هذا التوظيف، وهذا ما نلحظه في قصة" وأصبح له غيري" ( غادرت المكان الذي يجمعنا ثلاثتنا، فقد أصبح له غيري ص٦٧). استطاعت الشقران في قصتها " ظل من رماد" توصيل مفهوم للمتلقي صورة جديدة للسلطة على اعتبارها اجتماعية وثقافية، تميل للعنف لفرض دلالات بوصفها مشروعة، من خلال إخفاء علاقات القوة التي تقوم عليها قوتها، قوتها الخاصة : اي قوتها الرمزية الخالصة إلى علاقات القوة تلك، التي زاوجتها بين القصيدة التي شكلت رمزًا والخريف الذي جاء على شكل رمز، وما بينهما تكمن عناصر القوة،( لن تحيا القصيدة ولن يكون خريفي ملاذًكَ من التعب ص٧٣). من أهم ما جاءت به القاصة نهلة الشقران في مجموعتها القصصية " انثى تشبني" إنها تخلصت من السردايات الحداثية الكبرى كالوظيفة البنائية، وتبني تصورًا خاصاً قائما بذاته، أي يقرأ المتلقي تاريخ اليوم كحدث لا زمن بعينه٠ كما وظفت دلالات التلاعب للمشاعر في رسم شخصياتها القصصية، بالفعل " انثى تشبهني" كحدث يشبه فعلها القصصي.