
تكتيك «الخنق الثلاثي».. هكذا حققت روسيا انتصارات الحرب الأوكرانية
عبر تكتيك «الخنق الثلاثي» تمكنت روسيا من إحراز تقدم كبير في ساحة الحرب الأوكرانية، وهي الاستراتيجية العسكرية القائمة على دمج ثلاثة محاور قتالية في منظومة واحدة متماسكة، لافتة إلى أنها عملية تقوم على الاستنزاف بشكل كبير قبل التقدم المتواصل بثبات وكسب المزيد من الأراضي.
وبحسب المحللين العسكرين، فإن روسيا تعتمد في استراتيجيتها على إرهاق واستنزاف القوات الأوكرانية، حيث تجد نفسها أمام عدة ضرورات عسكرية دفعة واحدة ما يشتت دفاعاتها ويرهقها ويصيبها بـ«الشلل».
وتقوم الاستراتيجية على ثلاثة عناصر متتالية، تبدأ أولاً بشن هجوم بري مكثف يضع القوات الأوكرانية في موقع دفاعي ويكبدها خسائر، ويلي ذلك المرحلة الثانية والمتعلقة بنشر الطائرات بدون طيار لتقييد حركة الأوكرانيين، وإجراء المراقبة، واستهداف النقاط الضعيفة، ثم تأتي المرحلة الثالثة الأكثر قوة والتي يتم فيها استخدام القنابل الانزلاقية لاستهداف المواقع الدفاعية، ليشكل هذا المثلث الهجومي حالة اختناق للقوات الأوكرانية ويضرها إلى التقهقر.
وتشير المصادر العسكرية إلى أن هناك دلائل على أن روسيا كانت تستخدم هذا التكتيك في وقت سابق من هذا العام، لكن بعد إثبات نجاعته تم تكثيف العمل به على مدار الشهرين الماضيين على طول خط المواجهة.
ويكشف رئيس مركز الأمن والتعاون الأوكراني سيرغي كوزان، عن أن الجيش الروسي بأكمله يستخدم استراتيجية المثلث. نُطلق عليها استراتيجية وحرب الاستنزاف.
وبحسب صحيفة التليغراف، فإن الجيش الأوكراني يخسر أكثر من 1000 جندي يومياً، وتعني الخسائر الفادحة أن روسيا تحاول بشكل متزايد استغلال مزاياها الرئيسية في ساحة المعركة، والمتمثلة في الإمداد الثابت بالجنود والقدرة على إنتاج الطائرات بدون طيار والقنابل الانزلاقية بسرعة.
وأثبتت هذه الجهود فاعليتها؛ إذ استولت القوات الروسية على ما يقرب من 1500 ميل مربع من الأراضي العام الماضي، وهي أكبر مكاسبها منذ اندلاع الحرب في عام 2022.
وأوضح خبر الحرب البرية نيك رينولدز أنه «أسلوب حرب استنزافي للغاية. هذه العناصر الثلاثة تُنشئ ضرورات متضاربة للدفاعات الأوكرانية».
هجوم بري كل ساعتين
وعن المرحلة الأولى من الاستراتيجية الثلاثية، يقول كوزان إنه «باستخدام أعداد هائلة من الجنود وإرسالهم لشن هجمات على المواقع الأوكرانية، يحاولون استنزاف الجنود والموارد الأوكرانية»، لافتاً إلى شدة القتال في أماكن مثل بوكروفسك شديدة للغاية، حيث تُشن هجمات كل ساعتين، وهذا بالطبع مُرهق جداً للجنود الأوكرانيين.
أما المرحلة الثانية، فيتم نشر الطائرات بدون طيار لتقييد حركة الأوكرانيين، وإجراء المراقبة، واستهداف النقاط الضعيفة وتعطيل تحركات القوات من خلال إسقاط الألغام بشكل استراتيجي. وتشمل طائرات بدون طيار من نوع FPV، والتي تسمح للقوات الروسية بتتبع المواقع الأوكرانية بشكل آني والاستجابة بسرعة لأي تحركات، في حين يتم استخدام طائرات بدون طيار لزرع الألغام حتى يتم قطع طريق الهروب.
ويؤكد الخبراء أنه «بسبب هذه المسيّرات تضطر أوكرانيا إلى تزويد خط المواجهة بمواقع دفاعية ثابتة مدعومة بتدابير خداع واسعة النطاق، كحفر كبيرة وعميقة لإخفاء المكان الذي تتركز فيه القوات بالفعل».
وتشهد المرحلة الثالثة من استراتيجية الخنق الثلاثي قيام روسيا بنشر قنابل انزلاقية لاستهداف مواقع هجومية رئيسية من مسافات بعيدة، ما يضعف قدرة أوكرانيا على استدامة العمليات.
وتُصنع القنابل الانزلاقية بإضافة أجنحة قابلة للطي ونظام ملاحة GPS إلى ذخائر قديمة من الحقبة السوفييتية. ثم تُطلق من طائرات عسكرية تحلق على مسافة بعيدة خلف خطوط المواجهة.
وقد سمحت هذه الذخائر بعيدة المدى والموجهة بدقة لروسيا باستخدام مخزوناتها الضخمة من الأسلحة السوفييتية لاستهداف المواقع الأوكرانية الرئيسية، وخاصة المدفعية والمنشآت الدفاعية.
ويؤكد محللون عسكريون أنه «هنا تأتي المعضلة الحقيقية، فالحفر وكل تلك التدابير الوقائية ممتازة لتقليل الاستنزاف الناجم عن المدفعية أو الطائرات بدون طيار، إلا أن القنابل الانزلاقية ستدمر تلك التحصينات ببساطة».
إرباك حقيقي
ويفرض هذا المزيج الهجومي على الجنود الأوكرانيين الاختيار بين التمسك بمواقعهم، مخاطرين بخسارة فادحة واستنفاد الموارد، أو البقاء في وضع الحركة، وهو ما يزيد من تعرضهم لضربات الطائرات بدون طيار.
ويؤكد خبير عسري أن «ما يقيد القوات الأوكرانية في مكانها هو التهديد المشترك للعمليات البرية الروسية والمدفعية والطائرات بدون طيار التكتيكية». كما أصبحت القنابل الانزلاقية العنصر الأكثر أهمية في هذه الاستراتيجية، بفضل قدرة روسيا على إنتاجها بسرعة.
وقال جون هاردي، نائب مدير برنامج روسيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «لقد زادت معدلات الإنتاج الروسي وتوظيف القنابل الانزلاقية والطائرات بدون طيار بشكل كبير مع استمرار الحرب». وتخطط روسيا لإنتاج 75 ألف قنبلة انزلاقية في عام 2025، بمعدل نحو 205 قنابل يومياً، وفقاً لمعهد RUSI، وهو ما يزيد بشكل كبير من قدرتها على نشر هذا التكتيك.
طريقة أوكرانيا للنجاة
ويرى مراقبون أن أوكرانيا تكيفت مع سياسة الخنق الثلاثي من خلال التحول إلى استراتيجية دفاعية ديناميكية، تتمثل في إعادة التمركز بشكل مستمر وعدم القدرة على التنبؤ، بدلاً من الاحتفاظ بمواقع ثابتة. كما قامت بتوسيع وحدات الطائرات بدون طيار الهجومية، وزادت بشكل كبير إنتاج طائرات بدون طيار FPV وغيرها.
ويقول بريتون جوردون، العقيد السابق في الجيش البريطاني وخبير الأسلحة الكيميائية: «لقد أصبح الأوكرانيون ماهرين للغاية ومبتكرين في مواجهة جميع أنواع الهجمات الروسية». وأوضح أن هذه الاستراتيجية دفعت أوكرانيا إلى حرب صمود أعمق.
تصريحات ترامب والمكاسب الروسية
وفي ظل هذه المكاسب الروسية، فقد كشفت تقارير إعلامية عن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال للزعماء الأوروبيين إن بوتين يعتقد أنه يفوز بالحرب وليس مستعداً للسلام، وانتقل من اقتراح فرض عقوبات إلى اقتراح إجراء محادثات مباشرة في الفاتيكان بين روسيا وأوكرانيا، وإن قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه مكان غير مناسب لمثل هذه المفاوضات.
وأصر بعض القادة الأوروبيين المشاركين في مكالمة ترامب، الاثنين الماضي، على أن نتيجة أي محادثات يجب أن تكون وقف إطلاق نار غير مشروط. لكن ترامب اعترض مجدداً، قائلاً إنه لا يُعجبه مصطلح «غير مشروط»، ووافق الأوروبيون في النهاية على التخلي عن هذه الكلمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 17 دقائق
- سكاي نيوز عربية
"موقف حازم" لرئيس الشاباك الجديد بشأن صفقة الرهائن
ونقلت القناة عن مصادر مطلعة، أن زيني عبر في مداولات مغلقة في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية عن "موقف حازم" ضد صفقات الرهائن عندما كانت مطروحة، وكرر ذلك في مناسبات عدة أمام كبار ضباط الجيش الإسرائيلي. كما نقلت القناة عن مسؤولين، أن زيني كرر في مداولات هيئة الأركان جملة: "أنا ضد صفقات الرهائن، هذه حرب أبدية"، لكن هذه الجملة كانت أقل أهمية عندما كان زيني يشغل منصب قائد الفيلق وهيئة التدريب، لكنها أصبحت ذات أهمية في حال تعيينه فعليا رئيسا للشاباك. وأشارت إلى أن تعيين زيني لا يعد خبرا سارا لعائلات الرهائن ، التي تأمل في دفع المفاوضات المكثفة إلى الأمام بهدف إعادة ذويهم، حيث لا يزال 58 رهينة في غزة، مما يثير مخاوف جدية حول فرص إعادتهم. ويعد الشاباك جزءا لا يتجزأ من المفاوضات بشأن صفقات الأسرى، وهو حاضر في جميع اللقاءات، ويقرر بشأن قائمة الرهائن والمعتقلين الذين سيتم إطلاق سراحهم، ومن المفترض أن يقدم رأيا للحكومة في هذا الشأن. وأوضحت القناة أنه "عندما يقول المرشح لرئاسة الشاباك إنه يعارض مبدئيا صفقات الأسرى، وأن الحرب في نظره "حرب أبدية"، فهذا الموقف قد يؤثر على طريقة تعامل الشاباك مع المفاوضات المستقبلية، وعلى مستوى الالتزام بدفعها قدما". وكان نتنياهو قد أعلن، الجمعة، أن زيني سيتولى منصبه الشهر المقبل. وسيتولى زيني مهامه خلفا لرونين بار، الذي قال إنه سيتنحى في 15 يونيو، بعد خلافات حادة مع نتنياهو الذي حاول إقالته في مارس قبل وقف القرار بأمر قضائي مؤقت من المحكمة العليا. وقضت المحكمة العليا في إسرائيل، الشهر الماضي بأن الإقالة غير قانونية، لكن بار قال إنه سيتنحى للسماح بتسليم مهام المنصب على نحو منظم.


سكاي نيوز عربية
منذ 31 دقائق
- سكاي نيوز عربية
عون يعلن "إحراز تقدم ملحوظ" في بناء دولة يرعاها القانون
وقال عون، بحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية: "لقد أحرزنا تقدما ملحوظا، ونسير بخطى ثابتة، على طريق بناء دولة يرعاها القانون ويسهر عليها القضاء". وتابع: "نحن ماضون في سبيل تحقيق كامل قدراتنا، من أجل لبنان حر، مستقل، تكون للدولة فيه وحدها حصرية السلاح، ويمتلك القدرة على حماية نفسه، من التأثيرات الخارجية السلبية". وأضاف: "علينا مواصلة العمل لتعزيز قدرات القوى الأمنية اللبنانية وتطوير استراتيجية شاملة لأمننا الوطني، تشكل أساسا راسخا لضمان الأمن والاستقرار، فيما تواجهنا اليوم تحديات كبرى لا بد من معالجتها مثل أزمتي اللاجئين السوريين والفلسطينيين، إلا أنني على يقين بأننا أصبحنا نسير على مسار التعافي". ورأى الرئيس عون، أن الأزمات المتعددة التي مر بها لبنان ، دفعت "الجاليات اللبنانية-الأميركية إلى تعزيز الدعم المالي، والضغط السياسي الإيجابي، مكرسة بذلك عمق ارتباطِها بوطنها الأم". وقال "إننا نؤمن إيمانا راسخا، بأن العلاقات السليمة مع الولايات المتحدة ، تشكل ركيزة أساسية لمكانتنا الدولية. ونتطلع للمضي قدما، نحو مرحلة جديدة من التعاون المثمر والمتبادل، بين بلدينا العظيمين". وتوجه عون بالشكر إلى المجموعة "على الجهود التي بذلتها لدعم لبنان حيث كانت صوتا داعما للبنان لدى صناع القرار الأميركيين، وكان لها دور أساسي في دعم المساعدات الإنسانية والتعافي الاقتصادي واستمرار المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني".


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
نتنياهو: رئيس «الشاباك» الجديد سيتولى منصبه الشهر المقبل
تل أبيب - رويترز قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة: إن رئيس جهاز الأمن الداخلي (شاباك) الجديد سيتولى منصبه الشهر المقبل وذلك بعد خلافات حادة حول إقالة الرئيس الحالي للجهاز. وقال نتنياهو في بيان عقب تعيين الميجر جنرال ديفيد زيني، رئيس قيادة التدريب والعقيدة العسكرية في الجيش، رئيساً لجهاز الأمن الداخلي «رئيس الوزراء مسؤول عن أمن إسرائيل، وخصوصاً خلال حرب متعددة الجبهات». وسيتولى زيني مهامه خلفاً لرونين بار، الذي قال: إنه سيتنحى في 15 يونيو حزيران، بعد خلافات حادة مع نتنياهو الذي حاول إقالته في مارس آذار قبل وقف القرار بأمر قضائي مؤقت من المحكمة العليا. وقضت المحكمة العليا الشهر الماضي بأن الإقالة غير قانونية، لكن بار قال: إنه سيتنحى للسماح بتسليم مهام المنصب على نحو منظم. وقال نتنياهو عندما أعلن الإقالة في مارس آذار: إنه فقد الثقة في بار بسبب عدم قدرة جهاز الأمن الداخلي على منع هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023. وأقر بار على الدوام بالمسؤولية عن عدم قدرة جهاز الأمن الداخلي على إحباط هجوم السابع من أكتوبر وقال: إنه سيستقيل مبكراً. وقال نتنياهو: إن أي تأخير في تعيين رئيس جديد للجهاز، الذي يجري تحقيقات في مواجهة الإرهاب، هو «مسألة أمنية من الدرجة الأولى وأي تأخير يضر بأمن إسرائيل وأمن جنودنا».