
«شات جي بي تي» لن يصلي التراويح!
عثمان عادل العباسي
انقضى الأسبوع الماضي رمضان، وأخذ معه لياليه العامرة بصلاة التراويح والقيام، حيث ارتفعت أصوات القرّاء من المآذن لتلامس السماء بخشوعها، وكأنها تذكّرنا أن هناك أشياء في الحياة ستظل بعيدة عن منافسة التكنولوجيا، مهما تقدمت ومهما بلغ ذكاؤها.
وبينما نحن في هذا الجو الروحاني الجميل، كانت أخبار الذكاء الاصطناعي تزاحمنا يومياً وكأنها تحذّرنا من أن وظائفنا جميعاً قد تُسرق قريباً. خصوصاً أنت يا عزيزي المسؤول الذي تعتمد على الواسطة ومهارات موظفيك، ثم تنسب نجاحهم إلى عبقريتك الوهمية؛ قد تجد نفسك يوماً في قوائم البطالة؛ بسبب تطور هذه التقنية «الشريرة».
قبل فترة ليست ببعيدة، ظهر علينا بيل غيتس، مؤسس مايكروسوفت المعروف، ليلقي علينا قنبلة تقنية مخيفة بقوله إن الذكاء الاصطناعي سيجعل المعرفة متاحة مجاناً للجميع، أي ستكون متوافرة مثل التمر في إفطار الصائمين. يا له من خبر سار للجميع، إلا لك طبعاً أيها المسؤول الذي لم يسبق له أن وافق على فكرة إلا إذا وضعتَ توقيعك الشخصي عليها في الاجتماعات (بينما يقوم شاب متدرب خلف الستار بإنجاز العمل الحقيقي!).
بالمناسبة، يقول بيل غيتس أيضاً إن هذا التحول لن يحدث تدريجياً، بل سيكون سريعاً لدرجة قد لا يستطيع المسؤولون الحاليون حتى فهم ما يحدث حولهم، فالتكنولوجيا لا تنتظر من لا يواكبها.
الغريب أنه رغم وضوح هذه الصورة، ما زال كثير منّا يصرّ على دفع أبنائه بقوة نحو مجالات الهندسة والتكنولوجيا باعتبارها «الأمان الوظيفي المطلق». صحيح أن هذا الكلام كان منطقياً قبل عشر سنوات، لكن اليوم حتى الطبيب والمعلم والمبرمج نفسه قد لا يكون في أمان كامل. فها هو الذكاء الاصطناعي يكتب أكواداً تضاهي أو ربما تتفوق على ما يكتبه الكثير من الموظفين، حتى الذين دخلوا الشركات بقوة العلاقات العائلية، وليس بقوة الكفاءة. ورغم أن الذكاء الاصطناعي لن يُنهي دور المبرمج تمامًا، إلا أنه حتمًا سيغير من طبيعة عمله بشكل كبير.
لكن دعونا نتوقف قليلاً: هل يمكن أن نشاهد روبوتاً يؤمّ الناس في صلاة القيام؟ أو برنامجاً يجعل القلوب تدمع خشوعاً وهو يقرأ القرآن في التراويح؟ لو حدث ذلك، لأسرعت هيئات الإفتاء لتحرّم الصلاة خلف «شات جي بي تي» وأخوته!
الإمامة ليست وظيفة حتى ينافس عليها الذكاء الاصطناعي، بل هي أمانة عظيمة ومسؤولية ربانية لا يُمكن للآلة أن تحملها. هي علاقة روحية صادقة، إحساس بالسكينة والخشوع يخرج من قلب حيّ ولسان مخلص، وليس من آلة معدنية بلا روح.
ولعل من الواجب علينا اليوم أن نعيد النظر في طريقة تشجيع أبنائنا على اختيار مسارات حياتهم. فبينما نتزاحم على الوظائف التي قد تسرقها منا الروبوتات، يغيب عن بالنا تشجيعهم على تحمّل مسؤوليات ربانية عظيمة مثل الإمامة؛ ليست لأن الآلة لا تستطيع تهديدها فقط، بل لأنها مسؤولية تمتد بركتها من الدنيا إلى الآخرة.
وفي رمضان القادم، ربما يكون من الجيد أن يُتاح لبعض المسؤولين أن يتفرّغوا للصلاة والقيام بهدوء خلف إمام حقيقي بخشوع، بدلاً من الانشغال في اجتماعاتهم التي تسرق جهود الآخرين وتنسبها لأنفسهم... وربما يكتشفون حينها أين يكمن النجاح الحقيقي الذي لا يُهدّده أي ذكاء اصطناعي!
* خبير تقني

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن
منذ 3 أيام
- الوطن
رئيس مايكروسوفت يغير عادات الاستماع ويسند مهامه اليومية للذكاء الاصطناعي
بينما اعتاد الكثير من قادة التكنولوجيا على متابعة المحتوى الرقمي التقليدي مثل البودكاست، اختار الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا، طريقًا مختلفًا حيث قرر أن يجعل الذكاء الاصطناعي محورًا أساسيًا في تفاصيل يومه، حتى في أبسط عاداته اليومية. من الاستماع إلى التفاعل رغم إعلانه أنه يحب البودكاست أوضح ناديلا أنه لم يعد يقضي وقته في الاستماع إليها بالشكل المعتاد، وبدلًا من ذلك أصبح يحمل النصوص الخاصة بهذه البرامج إلى مساعد Copilot المدعوم بالذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت، ثم يطلب منه تلخيص أو تحليل محتواها أثناء قيادته اليومية إلى المكتب، وهذا التغيير يكشف عن مدى اندماج أدوات الذكاء الاصطناعي في حياته المهنية والشخصية، حيث لم تعد هذه الأدوات مجرد خدمات مساعدة بل تحولت إلى وسيلة للتفاعل مع المعلومات بدلًا من تلقيها فقط. مساعدون رقميون يديرون تفاصيل اليوم ناديلا لم يتوقف عند مجرد استخدام Copilot بشكل اعتيادي بل أصبح يعتمد على شبكة من الوكلاء الرقميين الذين يسهلون عليه إدارة عبء المهام اليومية، وإذ أشار إلى أنه يستخدم أكثر من عشرة وكلاء ذكيين من خلال برنامج Copilot Studio والذين يتكفلون بمراجعة بريده الإلكتروني، تلخيص الرسائل، الإعداد للاجتماعات والقيام بمهام تنظيمية داخل المكتب. ويصف ناديلا عمله مازحًا بأنه أقرب إلى وظيفة "كاتب بريد إلكتروني"، في إشارة إلى حجم الرسائل اليومية التي يديرها عبر أدوات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يبرز كيف أصبحت هذه الأدوات عنصرًا أساسيًا في العمل التنفيذي على أعلى المستويات. الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل الشركة لكن هذا الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا الذكية لا يخلو من آثار جانبية داخل "مايكروسوفت" نفسها، فالتقارير أشارت إلى أن أكبر موجة تسريحات في الشركة مؤخرًا طالت بشكل رئيسي فئة المبرمجين، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على فرص العمل في قطاع التكنولوجيا. ويأتي ذلك بعد تصريحات ناديلا التي أكد فيها أن نحو 30% من الشيفرات البرمجية التي تنتجها مايكروسوفت اليوم تتم بمساعدة الذكاء الاصطناعي، مما يدل على أن التحول نحو الأتمتة في مجالات مثل البرمجة لم يعد مجرد رؤية مستقبلية بل أصبح واقعًا متسارعًا تدفعه أدوات مثل Copilot وغيرها.


البلاد البحرينية
منذ 5 أيام
- البلاد البحرينية
مخاوف أميركية من صفقة "ذكاء اصطناعي" بين أبل وعلي بابا
ذكرت صحفية نيويورك تايمز اليوم السبت أن البيت الأبيض ومسؤولين بالكونغرس يجرون تدقيقا في خطة شركة أبل لإبرام اتفاق مع علي بابا الصينية لجعل برنامج الذكاء الاصطناعي الذي تطوره الشركة الصينية العملاقة متاحا على هواتف آيفون في الصين. وقالت الصحيفة نقلا عن ثلاثة مصادر مطلعة على الأمر إن السلطات الأميركية قلقة من أن تساعد الصفقة الشركة الصينية على تحسين قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي وتوسيع نطاق برامج الدردشة الصينية الخاضعة لقيود الرقابة وزيادة إخضاع أبل لقوانين بكين المتعلقة بالرقابة ومشاركة البيانات. وكانت علي بابا أكدت في فبراير شراكتها مع أبل لدعم خدمات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهواتف آيفون في الصين. والشراكة بالنسبة لعلي بابا مكسب كبير في سوق الذكاء الاصطناعي الشديد التنافسية في الصين حيث يجري تطوير برنامج "ديب سيك" الذي اشتهر هذا العام بنماذج أرخص بكثير من البرامج المنافسة في الغرب. جدير بالذكر أن "ديب سيك" أطلقت في يناير الماضي نموذج لغة جديدا للذكاء الاصطناعي بإمكانيات تفوق النماذج التي تقدمها الشركات الأميركية الكبرى مثل "أوبن إيه آي" وبتكلفة زهيدة للغاية. ويعتمد نموذج "ديب سيك" على 2000 رقاقة فقط بتكلفة بلغت 5.6 مليون دولار ليحقق نفس النتائج التي تحققها نماذج الشركات الأميركية التي تحتاج إلى 16 ألف رقاقة بتكلفة تتراوح بين 100 و200 مليون دولار. وتجري شركة "مايكروسوفت "وشركة "أوبن إيه آي" مالكة تطبيق "تشات جي بي تي" تحقيقا لمعرفة ما إذا كانت مجموعة قرصنة مرتبطة بشركة "ديب سيك" قد حصلت على بيانات خاصة بتقنيات "أوبن إيه آي" بطرق غير قانونية، بحسب مصادر تحدثت لوكالة "بلومبرغ".


البلاد البحرينية
منذ 5 أيام
- البلاد البحرينية
بين 'COPILOT' و 'CHATGPT' ماذا أنجزت وزارة التربية والتعليم؟
في العام الماضي 2024، أعلنت وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين بيانات مستقاة من تقارير 'شركة مايكروسوفت'، وهو العام ذاته الذي حصدت فيه الوزارة المركز الأول عربيًّا والثالث عالميًّا في عدد المدارس الحاصلة على لقب المدارس الحاضنة للتكنولوجيا (SHOWCASE SCHOOL). عودا إلى 2005 وبإمكاننا عدّ هذه المرتبة نتاج عمل مضى على تنفيذه 19 عامًا.. كيف؟ لدينا اليوم 61 مدرسة حاصلة على اللقب، من بينها 7 مدارس تناله لأربع دورات، و16 مدرسة تناله لثلاث دورات، والمعيار المعتمد هنا هو الكفاءة في تفعيل البرامج والتطبيقات الرقمية، والتطور المنجز في كل سنة (دورة)، وحين نقول أن ذلك نتاج عمل 19 سنة؛ كون عاهل البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وجه لتدشين مشروع 'جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل' في أوائل العام 2005، وكان ذلك بمدرسة الهداية الخليفية، ومنها انطلقت التوجيهات ومعها الخطط التي تطبيق المستجدات العلمية والتكنولوجية، وتوفر خدمة التعليم العصري. تنافس خليجي ويحظى مسار تطوير التعليم الرقمي بدعم ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وبالتالي، لدى مملكة البحرين رؤيتها التي تنفذها وزارة التربية والتعليم وتشمل دراسة برامج التطوير الجديدة في التعليم الرقمي، وتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي مثل ميزة مساعد الذكاء الاصطناعي لتطبيقات وخدمات 'مايكروسوفت 365' الـ 'COPILOT'، وروبوت المحادثة الشبيهة بمحادثات البشر وفهم اللغة وتحليل توليدها 'CHATGPT'، واستنادًا إلى مرتبتها المتقدمة بين دول العالم والدول العربية، فالبحرين تنافس بلا شك، لاسيما أن دول مجلس التعاون الخليجي تتسابق لإدخال مناهج الذكاء الاصطناعي بمدارسها، ويحوي هذا الملف رصدا لمسار العمل في كل دول خليجية.