
دول تتسابق لاستقطاب العلماء الأمريكيين بعد تراجع دعم البحث العلمي في عهد ترامب
مع تواصل الهجمات على المجتمع العلمي في الولايات المتحدة من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب، تكثف دول حول العالم جهودها لاستقطاب الباحثين الأمريكيين الذين بدأوا بالفعل بالتأثر سلبيا بقرارت الادارة الامريكية الاخيرة بشأن وقف تمويل الابحاث العلمية والتدخل بشكل مباشر لاعتبارات وصفوها بأن لها "دوافع سياسية".
وكشفت مقالة نشرتها مجلة "نيتشر" العلمية، أن حكومات ومؤسسات بحثية في أنحاء مختلفة من العالم أطلقت، خلال الأشهر القليلة الماضية، برامج لجذب العلماء من الولايات المتحدة، حيث قامت إدارة ترامب بإجراء تخفيضات كبيرة في ميزانيات البحث العلمي وبدأت في تفكيك وكالات علمية مثل معاهد الصحة الوطنية الامريكية ووكالة حماية البيئة الامريكية وغيرها.
وتتراوح هذه الجهود، التي انطلقت في مناطق مثل أوروبا وكندا وأستراليا والصين، بين توفير فرص تمويل محسّنة إلى برامج جديدة مخصصة لاستقطاب العلماء، وتدعم الكثير منها عشرات الملايين من الدولارات.
وأثار هذا التوجه نقاشًا حول ما إذا كان جذب العلماء الأمريكيين إلى الخارج هو السبيل الأمثل لدعم مجتمع البحث العلمي العالمي، في وقت يعاني فيه الكيان الرائد في هذا المجال من ضغوط كبيرة داخل الولايات المتحدة، وأيضًا حول ما إذا كانت الدول الأخرى قادرة على منافسة مستويات تمويل الأبحاث المرتفعة تاريخيًا في الولايات المتحدة.
وتقول ماريا ليبتين، رئيسة المجلس الأوروبي للبحوث (ERC)، وهو أبرز ممول للبحوث في القارة: "علينا أن نرى هذا كوسيلة لدعم البحث العلمي على المستوى العالمي وليس كنوع من السرقة". وتضيف: "لقد وصفت ذلك بأنه خلق ملاذ آمن". وكجزء من هذه الجهود، ضاعف المجلس الأوروبي للبحوث المبلغ الإضافي الذي يطلق عليه "أموال البداية" إلى مليوني يورو (2.2 مليون دولار أمريكي) للباحثين الذين ينتقلون إلى أوروبا، ويمكنهم استخدامه لتأسيس مختبراتهم. وقد يستخدم هذا المال مثلًا لنقل مختبر أو تأسيس فريق بحثي.
وهذا يعني أن منح المجلس الاوروبى قد تصل الآن إلى 4.5 مليون يورو على مدى خمس سنوات، ما يجعلها منافسة للجوائز البحثية الأمريكية. وتقول ليبتين: "هذا يزيد من حجم المنح بشكل كبير"، مضيفة: "يجب أن يكون ذلك حافزًا جيدًا لجذب الباحثين".
وسيكون التمويل المبدئي متاح للباحثين المنتقلين من أي مكان في العالم إلى مؤسسات في دول الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى المشاركة في برنامج الأبحاث الأوروبي الرائد "هورايزون أوروبا". وتقول ليبتين: "إن التمويل مفتوح للجميع، وهذا أمر صائب في رأيي". وتضيف: "كنا نرغب في فعل المزيد"، مشيرة إلى أن الوضع في الولايات المتحدة "كان القشة التي قصمت ظهر البعير لدفعنا إلى زيادة التمويل لهذه المسألة، في هذا التوقيت من التاريخ".
وتتماشى خطط المجلس الأوروبي للبحوث مع مبادرة أوسع أطلقتها المفوضية الأوروبية هذا الشهر، وهي برنامج "اختاروا أوروبا من أجل العلوم"، الذي أعلنت عنه رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين ويدعم بـ500 مليون يورو، ويعدّ من أبرز المبادرات في جذب المواهب. وقالت فون دير لاين خلال إطلاق البرنامج في باريس: "إن دور العلوم في عالمنا اليوم محل تساؤل"، مضيفة: "علينا أن نوفر الحوافز المناسبة لجعل أوروبا مغناطيسًا للباحثين".
وتشمل المبادرات الأخرى برامج تقودها الحكومات أو تطلقها مؤسسات فردية تسعى إلى استقطاب باحثين في تخصصات محددة.فالمجلس الأوروبي للبحوث يعمل على تطوير منح جديدة أطول وأكبر تعرف بـ"المنح الفائقة"، بهدف جذب "أفضل العلماء" من حول العالم. أما في إسبانيا، فقد ركّز برنامج ATRAE التابع لوكالة الأبحاث الحكومية هذا العام على العلماء الأمريكيين، حيث أعلنت وزيرة العلوم ديانا مورانت لمجلة " نيتشر"عن تقديم تمويل إضافي قدره 200 ألف يورو للباحثين القادمين من الولايات المتحدة. وفي هولندا، أطلق مجلس الأبحاث الهولندي صندوقًا جديدًا يستهدف جذب العلماء الدوليين بغض النظر عن جنسياتهم لمواصلة أبحاثهم هناك.
في النرويج، أطلق مجلس الأبحاث برنامجًا بقيمة 9.5 مليون دولار أمريكي لاستقطاب الباحثين الدوليين في مجالات المناخ والصحة والطاقة والذكاء الاصطناعي. وفي الدنمارك، اقترحت غرفة التجارة برنامجًا سريعًا يهدف إلى استقدام ما يصل إلى 200 باحث أمريكي في مجالات تكنولوجيا الكم والروبوتات وأبحاث المناخ خلال ثلاث سنوات.
وتسعى النمسا أيضا بدورها إلى تسهيل توظيف العلماء الأمريكيين في جامعاتها من خلال تعديل مقترح على قانون تنظيم الجامعات بحيث يسمح، في بعض الحالات، بتجاوز شرط الإعلان العلني عن الوظائف للمرشحين الذين قضوا عامين على الأقل في البحث أو التدريس بالولايات المتحدة. وقالت وزيرة العلوم إيفا-ماريا هولتسلايتنر إن "النمسا تمثل حصنًا للأمان وظروفًا مواتية وبيئة بحثية غير مقيّدة، وهي صفات أصبحت نادرة في الولايات المتحدة".
وفي فرنسا، أطلقت جامعة باريس-ساكلاي عدة مبادرات لدعم الباحثين الأمريكيين، من بينها عقود دكتوراه وزيارات ممولة للعلماء، كما شجّعتهم على التقديم من خلال برامج قائمة مثل كرسي أبحاث ألامبيرت وزمالة شاتوبريان، مع توفر فرص للحصول على مناصب أكاديمية دائمة. أما مرصد باريس، فيقوم بتنظيم "برنامج خاص" مخصص لاستقبال العلماء الأمريكيين الذين فقدوا وظائفهم أو يفضلون العمل في فرنسا. كما أطلقت جامعة إيكس مرسيليا برنامج "مكان آمن للعلم"، الذي يستهدف العلماء الأمريكيين في مجالات المناخ والبيئة والصحة، وتعمل حاليًا على تقييم أول دفعة من المتقدمين.
وخصصت جامعة بروكسل الحرة أموالًا إضافية وأنشأت نقطة تواصل مخصصة للباحثين الأمريكيين الذين يرغبون في مواصلة أبحاثهم في العاصمة البلجيكية. كما أطلقت مبادرة "الابتكار الأوروبي " ومقرها باريس برنامج "زمالة العلوم عبر الأطلسي" لجذب عشرة مديرين لبرامجها المستقبلية، بدءًا من علماء من الأمريكيتين، وذلك "في وقت يشهد تقلبات عالمية". وفي كندا، أطلق مركز مستشفيات جامعة تورنتو برنامج "كندا تقود"، الذي يهدف إلى جذب 100 من كبار العلماء في مراحلهم المبكرة في مجالات مثل الفيروسات والطب التجديدي والمجالات المعرضة لتغيرات التمويل، وقد تلقى البرنامج 300 طلب اهتمام منذ الإعلان عنه في 7 أبريل الماضى.
كما أطلقت جامعة مونتريال حملة لجمع تبرعات بقيمة 25 مليون دولار كندي (18 مليون دولار أمريكي) لاستقطاب كبار الباحثين والباحثين الواعدين، بما فيهم من يواجهون تحديات في الولايات المتحدة. يشمل البرنامج مجالات مثل الصحة، والذكاء الاصطناعي، والتنوع البيولوجي، والسياسات العامة، وقد جمع حتى الآن قرابة نصف المبلغ المستهدف. وفي أستراليا، بدأت الأكاديمية الوطنية للعلوم برنامجًا لجذب المواهب العالمية، يستهدف العلماء الأمريكيين في مجالات حيوية وطنية. وبحسب رئيس الأكاديمية، تشينوباتي جاغاديش، فقد أبدى عدد كبير من الباحثين الأمريكيين وكذلك الأستراليين الراغبين في العودة، اهتمامهم بالمبادرة، رغم أن التمويل ما زال قيد البحث.
وفي الصين، أفادت مجلة "بوليتيكو"بأن إعلانًا نشر على منصة X في فبراير دعا "المواهب العالمية"، ولا سيما المفصولين من المؤسسات الأمريكية، للقدوم إلى مدينة شينزين التقنية. وقد تواصلت مجلة"نيتشر" مع عدة مؤسسات صينية للاستفسار حول ما إذا كانت تستقطب علماء أمريكيين، لكنها لم تتلق ردًا. أما في فرنسا، فقد أطلقت الحكومة برنامج "اختاروا فرنسا من أجل العلوم"، لتشجيع العلماء الدوليين على مواصلة أعمالهم البحثية في المؤسسات الفرنسية. وتدير البرنامج الوكالة الوطنية للبحث العلمي ويقدم تمويلًا حكوميًا لدعم المؤسسات التي تستقبل علماء منتقلين من دول أخرى.
وأطلقت جمعية ماكس بلانك الألمانية، وهي من أبرز شبكات الأبحاث في العالم، برنامجًا عبر الأطلسي يهدف إلى إنشاء مراكز بحثية مشتركة مع مؤسسات أمريكية رائدة، ويوفر أيضًا وظائف إضافية للباحثين الأمريكيين بعد الدكتوراه. وقد خصصت الجمعية ميزانية أولية بقيمة 12 مليون يورو، وتعمل بالتوازي مع مؤسسات أمريكية على توسيع التمويل.
وفي الوقت الذي يصرّح فيه بعض العلماء الأمريكيين برغبتهم في العمل بالخارج، أفادت مؤسسات بحثية بتزايد عدد الاستفسارات الوظيفية من باحثين أمريكيين. وتقول المتحدثة باسم المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان (EPFL) إنهم يتلقون عددًا متزايدًا من الطلبات غير الرسمية من علماء أمريكيين، وهو ما أكدته أيضًا نائبة رئيس الأبحاث في جامعة سيدني، جولي كيرني.
استقطاب العلماء
لكن ليس الجميع مقتنعًا بأن استقطاب العلماء الأمريكيين هو الخيار الصائب. إذ يقول يان لوفي، مدير مختبر البيولوجيا الجزيئية التابع لمجلس البحوث الطبية في كامبريدج، المملكة المتحدة: "محاولة استقطاب الناس بنشاط لن تؤدي سوى إلى تفاقم المشاكل الجدية التي يواجهها بعض زملائنا وأصدقائنا في النظام العلمي الأمريكي".
وفي ظل هذا السباق العالمي المحموم لاستقطاب العقول العلمية من الولايات المتحدة، تتبلور ملامح مشهد جديد في البحث العلمي الدولي، حيث تتحول الأزمات المحلية إلى فرص استراتيجية للدول الأخرى. وبينما تسعى تلك الدول لتوفير بيئات آمنة ومحفزة للعلماء، يبقى مستقبل البحث العلمي الأمريكي على المحك، في انتظار تغييرات جذرية تعيد الثقة وتوقف نزيف المواهب التى اختارت وجهتها الاولى وهى الولايات المتحدة لما كانت تتمتع به من تمويلات ضخمة واستقلالية وحرية فى تناول البحث العلمى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 5 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار التكنولوجيا : الـAi فى قلب الفصل.. طالبة تطالب برد الرسوم بعد كشف استخدام أستاذها لـChatGPT
الثلاثاء 20 مايو 2025 01:30 صباحاً نافذة على العالم - مع إطلاق ChatGPT أواخر عام 2022، بدأ المعلمون حول العالم، من المدارس والجامعات، بالقلق من الغش بمساعدة الذكاء الاصطناعي، كما بدأ المعلمون بتقييد استخدام طلابهم لأدوات الذكاء الاصطناعي، فلا ChatGPT للواجبات المنزلية، ولا مقالات مُولّدة بالذكاء الاصطناعي، حيث طُلب من الطلاب تقديم أعمال أصلية، وإلا فلن تكون النتائج مُرضية. ولكن ماذا لو استخدم المعلمون ChatGPT؟ في تطور مُفاجئ، ضبطت طالبة من جامعة نورث إيسترن في الولايات المتحدة مُعلّمتها تستخدم ChatGPT لتدوين الملاحظات، والآن تُطالب الطالبة باسترداد أموالها الدراسية، نعم، ما قرأته صحيح، فبينما يُعاقب الطلاب على استخدام الذكاء الاصطناعي، يُطبّق الطلاب الآن نفس القواعد على المعلمين ويُلزمونهم بمعايير عدم استخدام الذكاء الاصطناعي. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، سلطت إيلا ستابلتون، طالبة إدارة أعمال في جامعة نورث إيسترن، الضوء على هذه الحالة تحديدًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث ضبطت مُعلّمها يستعين بأدوات الذكاء الاصطناعي لتدوين ملاحظات لطلابه، وفي فبراير من هذا العام، وبينما كانت إيلا ستابلتون تُنقّب في ملاحظات محاضراتها في مادة السلوك التنظيمي، لاحظت شيئًا غريبًا. بين نماذج القيادة في ملاحظات المحاضرات والمصطلحات الأكاديمية المُعتادة، عثرت على AI prompt إلى ChatGPT، نصّ التوجيه: "توسّع في جميع المجالات، كن أكثر تفصيلًا وتحديدًا". قالت ستابلتون لصحيفة نيويورك تايمز: "قلتُ لنفسي: انتظر... هل قام أستاذي بنسخ ولصق ردّ ChatGPT؟". لكنّ اكتشاف هذا المُوجّه المُوجّه من الذكاء الاصطناعي كان مجرد البداية، بعد أن شعرت بوجود شيء مُريب في لغة الملاحظات، ذُكر أن ستابلتون دخلت في حالة تحقيق كاملة، مُنقّبةً في عروض الشرائح والواجبات، لتكتشف المزيد من الأدلة على وجود مساعدة اصطناعية. وجدت صورًا مُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، مُزوّدة بأصابع إضافية، وخطوط مُشوّهة، وحتى أخطاء إملائية. نظرًا لتكلفة التعليم وسمعة الكلية، من الواضح أن ستابلتون لم تُعجبها هذه التصرفات من مُعلّمتها. نظراً لأنه طُلب من الطلاب عدم استخدام مساعدة الذكاء الاصطناعي، قدّمت شكوى رسمية إلى كلية إدارة الأعمال، وطالبت باسترداد رسوم تلك المادة، والتي تجاوزت 8000 دولار. وصرحت لصحيفة نيويورك تايمز: "إنه يطلب منا عدم استخدامها، ثم يستخدمها بنفسه". لكن ستابلتون ليس الطالب الوحيد الذي يُشكك في معلميه ويطالب بتعليم بشري. فعلى مواقع مثل "Rate My Professors"، يُهاجم العديد من الطلاب أعضاء هيئة التدريس بسبب الشرائح المُولّدة بالذكاء الاصطناعي، والملاحظات الآلية، والمحاضرات التي تُشبه المونولوج الداخلي لبرنامج ChatGPT. والآن، بينما يمنع الأساتذة الطلاب من استخدام الذكاء الاصطناعي ليتمكنوا من تعلم مهارات حقيقية والتوقف عن الغش، يُجادلون لصالح استخدامهم الخاص، قائلين إن أدوات الذكاء الاصطناعي تُساعدهم على إدارة أعباء العمل وتبسيط المحتوى. وقد أثار هذا جدلاً حول توسيع نطاق الشفافية في التعليم، حيث يُطالب الطلاب بإلزام معلميهم بالإفصاح عن وقت إعدادهم لملاحظاتهم الصفية بمساعدة ChatGPT وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى.


نافذة على العالم
منذ 9 ساعات
- نافذة على العالم
التعليم العالي تكشف عن جائزة اليونسكو لتعليم النساء 2025.. شروط الترشيح وكيفية التقديم
الاثنين 19 مايو 2025 10:30 مساءً نافذة على العالم - أكد د. أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي ورئيس اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، الدور الحيوي الذي تلعبه اللجنة الوطنية في دعم التعليم العالي وتنفيذ مشروعات وطنية وإقليمية ودولية بالتعاون مع منظمات اليونسكو والألكسو والإيسيسكو. وأوضح أن هذه الجهود تعزز التمثيل المصري في المحافل الدولية المعنية بالتعليم والثقافة والعلوم، وتسهم في تحقيق رؤية مصر 2030، خاصة في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. دعم التعليم العالي المستدام في إطار التعليم العالي، تعلن اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو بالتعاون مع منظمة اليونسكو عن فتح باب التقدم لجائزة "اليونسكو لتعليم النساء والفتيات" لعام 2025، بدعم من حكومة جمهورية الصين الشعبية. تهدف الجائزة إلى تحقيق هدفين من أهداف التنمية المستدامة: ضمان التعليم الجيد الشامل والمنصف، وتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات في التعليم العالي. جائزة اليونسكو لتعليم النساء 2025 جائزة تعليم النساء والفتيات أوضح د. أيمن فريد، مساعد وزير التعليم العالي للتخطيط الاستراتيجي والتدريب لسوق العمل ورئيس قطاع الشئون الثقافية والبعثات، أن الجائزة تستهدف مكافأة الجهود المتميزة في مجال تعليم الفتيات والنساء على مستوى التعليم العالي. وتبلغ قيمة الجائزة 50،000 دولار أمريكي للفائزين الذين قدموا برامج ومشروعات مبتكرة ومستدامة في تعليم النساء والفتيات. شروط الترشيح والتعليم العالي أشارت د. هالة عبدالجواد، مساعد الأمين العام للجنة الوطنية لشؤون اليونسكو، إلى أن منظمة اليونسكو تدعو الدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية التي تعمل في شراكة مع اليونسكو إلى ترشيح ما يصل إلى ثلاثة أفراد أو مؤسسات قدمت مساهمات متميزة ومبتكرة في مجال تعليم النساء والفتيات ضمن منظومة التعليم العالي. ويتم تقديم الترشيحات عبر المنصة الإلكترونية الرسمية باللغة الإنجليزية أو الفرنسية قبل 26 مايو 2025. كيفية التقديم والتواصل لضمان دعم التعليم العالي والتنسيق الوطني، يُطلب من المرشحين إرسال نسخة كاملة من أوراق الترشيح إلى اللجنة الوطنية المصرية على البريد الإلكتروني التالي اضغط هنا واضغط هنا. وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هذه المبادرة تمثل نموذجًا رائدًا في تعزيز التعاون الدولي بين التعليم العالي والتنمية المستدامة، وتمكين المرأة في المجتمع المصري والعربي والأفريقي. جدير بالذكر، استقبل وزير التعليم العالي الدكتور أيمن عاشور، سفير أستراليا بالقاهرة السيد أكسل وابنهورست، في مبنى التعليم الخاص بالقاهرة الجديدة، بحضور كبار المسؤولين من وزارة التعليم العالي مثل الدكتور أيمن فريد والدكتورة نيفين محمد الصغير. تأتي الزيارة لتعزيز العلاقات المصرية الأسترالية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، خاصة في مجالات التبادل الطلابي والشراكات الأكاديمية والبحثية.

مصرس
منذ 16 ساعات
- مصرس
تحافظ على موارد المياه العذبة وتحقق إضافة كبيرة للإنتاج :الزراعة الملحية .. كنز جديد لاستغلال الأراضى الساحلية
فى ظل ما تشهده مصر من تحدياتٍ مائية متصاعدة، وتقلص مستمر فى الرقعة الزراعية، تبرز الزراعة الملحية كخيار استراتيجى يحمل فى طياته ملامح ثورة هادئة فى مستقبل الأمن الغذائي.. لم تعد الملوحة عائقًا، بل تحولت إلى مُحفز للابتكار، بعد أن أثبتت التجارب العلمية إمكانية تحويل الأراضى الهامشية والمياه المالحة إلى موارد مُنتجة، وبينما تتوسع دول مثل: الهند والصين فى تطبيق تقنيات الزراعة الملحية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، بدأت مصر مؤخرًا فى إعادة اكتشاف هذا المسار عبر جهود بحثية وميدانية يقودها علماء ومراكز بحثية طموحة، تسعى لاستغلال ثرواتنا المنسية من المياه الجوفية المالحة وسواحلنا الممتدة، بحثًا عن محاصيل تقاوم التحدى وتزدهر وسط الصعاب، «الأخبار» تسلط الضوء على هذا النوع من الزراعة ومستقبله فى مصر. الزراعة الملحية تُعد نمطًا زراعيًا يعتمد على استغلال أنواع وسلالاتٍ نباتية تمتلك قدرة طبيعية على التكيف مع درجات ملوحة وحرارة مرتفعة، وتعود جذور هذه الفكرة إلى النظم البيئية ذاتها، حيث تنمو نباتات مقاومة للملوحة تلقائيًا فى بيئات شديدة القسوة مثل: الشواطئ الرملية، ومناطق المد والجزر، والمناطق المغمورة بالمياه المالحة.اقرأ أيضًا | الزراعة و«الإيفاد» يستعرضان أنشطة مشروع التكيف في البيئات الصحراويةهذه الظاهرة الطبيعية ألهمت عددًا من الباحثين منذ منتصف القرن العشرين، فبدأت محاولات لاستخدام مياه البحر فى رى نباتات مُختارة يمكن أن تبدى قدرة على التكيف مع الملوحة والاستمرار فى النمو، واستنباط أنواع جديدة من المحاصيل ، سواء من المحاصيل الغذائية الأساسية كالشعير والقمح، أو من النباتات المُستخدمة كأعلافٍ ومراعٍ طبيعية للماشية.مفهوم الزراعة الملحية لا يتوقف عند حدود زراعة محاصيل تتحمل المياه المالحة، بل تطور ليشمل توظيف تلك المياه، ولو بنسب قليلة فى تحسين جودة بعض النباتات، والتحكم فى عملية نضجها.المياه المالحةفى هذا السياق، أكد الأستاذ الدكتور محمد الحجري، رئيس وحدة الرى والصرف بمركز بحوث الصحراء، أن مصر تمتلك ما يقرب من 6 مليارات متر مكعب من المياه المالحة، تتنوع بين مياه محلاة وجوفية عالية الملوحة، مشيرًا إلى أن هذه الموارد يمكن الاستفادة منها فى الزراعة المحلية بدلاً من تركها تتسبب فى تدهور التربة، مضيفًا أن معالجة التربة المالحة تُعد عملية باهظة التكلفة، إذ يصل ثمن المتر المكعب الواحد إلى دولار أمريكي، أى ما يعادل نحو 350 ألف جنيه للفدان الواحد، مما يضع عبئًا ماليًا كبيرًا على كاهل المزارعين والدولة.وأشار إلى أن الحل الأمثل لهذه الإشكالية يمكن أن يُستوحى من تجارب ناجحة فى كل من الأردن والمغرب، حيث تم التوسع فى استخدام تقنيات الزراعة بدون تربة عبر ما يُعرف بالزراعة الهوائية، وهى تقنية تعتمد على بقاء الجذور معلقة فى الهواء دون تلامس مباشر مع التربة، موضحًا أن هذه الطريقة أثبتت فاعلية كبيرة، حيث استطاعت الدولتان التغلب على التكلفة المرتفعة لتحلية المياه من خلال الزراعة داخل بيوت محمية تعتمد على تقنيات الزراعة بدون تربة، بكفاءة تصل إلى أكثر من 95%، نتيجة لانعدام الفاقد من المياه سواء بالبخر أو الرشح العميق، مما يعظم من الاستفادة من كل قطرة مياه مُحلاة مرتفعة التكاليف، ويرفع العائد الاقتصادى للمشروع، الذى تم البدء فيه بالفعل على مستوى قطاع الاستثمار الزراعي، وحقق نجاحًا ملحوظًا.نباتات تتحدى الملوحةوتحدث الحجرى عن الزراعة الملحية قائلاً: إنها تنتج نباتاتٍ تتحمل الملوحة العالية، مثل: نبات المانجروف، الذى يُستخدم كعلف للجِمال، إلى جانب دوره البيئى المهم فى حماية الشواطئ من التآكل، كما أشار إلى نبات البونيكام، الذى يُعد علفًا أخضر ويمتاز عن البرسيم من حيث التحمل والقدرة الإنتاجية، بالإضافة إلى مجموعة من النباتات الملحية الأخرى التى تُعد بدائل واعدة فى مجال الأعلاف.. ومن أبرز هذه النباتات: «الساليكورنيا»، والتى تنمو فى المستنقعات المالحة وتضم أكثر من 30 نوعًا يمكن تناولها، وكذلك «الفربيون المتوازي»، و»عشب الرمل»، و»الطيطان البحري» المعروف أيضًا ب «بصل البر»، فضلًا عن نخيل البلح، والزيتون، والجوجوبا، والأكاسيا، والقطف، التى تصلح جميعها كأعلاف حيوانية وتتميز بتحملها لمستويات مرتفعة من الملوحة، وبعضها ينمو على شواطئ البحر مباشرة، وفقًا للدكتور الحجري.مراكز التميزوأضاف: أن من أبرز المبادرات التى جرى إطلاقها فى هذا المجال هى مبادرة «مراكز التميز للزراعات الملحية»، التى تُعنى بإجراء بحوث متقدمة على النباتات القادرة على تحمل الملوحة، ودراسة أفضل الاستخدامات الصناعية والاقتصادية المُمكنة لها، بما يفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة فى البيئات الصحراوية وشبه المالحة.وأوضح أن الزراعة الملحية لم تعد مجرد فكرة نظرية بمصر، بل أصبحت واقعًا ملموسًا، موضحًا أن هناك بالفعل زراعاتٍ ملحية قائمة حاليًا فى منطقة المغرة بجنوب العلمين، فى تجربة تُعد الأولى من نوعها فى هذا السياق، وتمثل خطوة مهمة نحو توطين هذا النوع من الزراعات.صرف إضافىورغم ما تحمله الزراعة الملحية من مزايا، إلا أن الدكتور الحجرى حذر من بعض التحديات المرتبطة بها، وفى مقدمتها: أن التربة الزراعية قد تتعرض لزيادة فى نسب الملوحة، إذ يمتص النبات حاجته من الأملاح، بينما تُترك البقايا فى التربة، مما يستدعى لاحقًا صرفًا إضافيًا على استصلاح الأرض مرة أخرى، مشددًا على أن الحل الأمثل لمثل هذه المشكلات يكمن فى تطبيق التجربة الأردنية والمغربية بالاعتماد على تحلية المياه واستخدام تقنيات الزراعة بدون تربة، باعتبارها خيارًا مستقبليًا واعدًا لمواجهة ندرة المياه وتحديات الأمن الغذائى فى المنطقة.التغيرات المناخيةفى ظل التغيرات المناخية وندرة المياه العذبة تأتى الحاجة الملحة للزراعة الملحية، وهو ما أكده الدكتور شريف فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء، إذ قال: إن الزراعة الملحية لم تعد مجرد خيار بديل، بل أصبحت ضرورة استراتيجية تفرضها تداعيات التغيرات المناخية التى يمر بها العالم، ومنها: مصر.وأوضح أن من أخطر هذه التغيرات: ارتفاع منسوب سطح البحر، مما يهدد الأراضى الساحلية بالتملح والغمر، إلى جانب ظاهرة الاحتباس الحرارى الناتجة عن تزايد انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، والتى تؤدى بدورها إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات البخر من التربة، وبالتالى ارتفاع نسبة الملوحة، الأمر الذى ينعكس سلبًا على إنتاجية الأراضى الزراعية.سلالات جديدةوشدد فياض على أن التعامل مع هذا الواقع يقتضى استنباط سلالات نباتية جديدة قادرة على تحمل مستويات مرتفعة من الملوحة والحرارة، مشيرًا إلى أن هذه الأصناف يمكنها أن تعوض بشكل جزئى التراجع الحاد فى إنتاجية المحاصيل التقليدية تحت ظروف الملوحة والحرارة.. وذكر أن هناك محاصيل علفية مثل: «الدخن» و»البونيكام» تُظهر قدرة كبيرة على التكيف مع الأراضى الملحية، مقارنة بمحاصيل تقليدية مثل: البرسيم، إلى جانب محاصيل حبوب مثل: «الكينوا» التى تجود فى البيئات المالحة ويمكن استخدامها فى إنتاج المخبوزات، مما يجعلها بديلًا واعدًا فى ظل الأزمة المناخية.خريطة للأراضىوأشار فياض إلى أن الخطوة الأولى نحو الاستفادة القصوى من الزراعة الملحية تتمثل فى إعداد خريطة جغرافية دقيقة للأراضى المتأثرة بالملوحة فى مصر، من خلال مسوحات تربة ميدانية تشمل تحليل الخصائص الكيميائية للتربة، وتحديد نسبة الملوحة ومعدلات تغيرها على مر السنوات، وهذه الخريطة بحسب فياض، ضرورية لفهم طبيعة المشكلة وأسبابها، سواء كانت ناتجة عن تسرب مياه البحر، أو ارتفاع درجات الحرارة، أو الاستخدام غير المستدام للأسمدة والمبيدات الذى يؤدى إلى تراكم بقايا كيميائية فى التربة تزيد من ملوحتها.تحديد المحاصيلوأوضح فياض: أنه بعد تحديد المناطق المتأثرة وأسباب التملح، تأتى مرحلة دراسة التركيب المحصولى المناسب لتلك الأراضي، بما يشمل اختيار المحاصيل القادرة على النمو فى هذه البيئات، وتقييم جدواها الاقتصادية، ومعرفة ما إذا كانت محاصيل تصديرية أو صناعية أو علفية، وإمكانية إدخالها فى أنشطة مرتبطة كالإنتاج الحيوانى أو الصناعات الغذائية، مشددًا على أهمية التفكير فى بدائل حقيقية تعالج الفجوات الغذائية، مثل: استخدام الكينوا بدلًا من القمح، أو إحلال محاصيل مثل: الدخن والبونيكام محل البرسيم لتوفير مساحة أكبر لمحاصيل استراتيجية مثل: القمح والفول.جهود بحثيةوشدد على ضرورة زيادة الدراسات البحثية المتكاملة فى هذا المجال داخل مصر، مشيرًا إلى أن ما يتم حاليًا من جهود بحثية، سواء على مستوى الأفراد أو المراكز يحتاج إلى المزيد، ويحتاج إلى دعم أعمق وارتباط أكبر بين التخصصات المختلفة، موضحًا أن الزراعة الملحية تحتاج إلى تكامل واضح بين دراسات النبات والتربة والإنتاج الحيوانى والدراسات الاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن توظيف تقنيات حديثة مثل: نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بُعد لرصد التغيرات فى التربة وحساب مؤشرات تدهور الأرض، والتى تُعد من المؤشرات الضرورية لفهم تطور الحالة البيئية والزراعية للمناطق المُعرضة للملوحة.ولفت الدكتور فياض إلى أن هناك بعض الجهود الجارية على أرض الواقع فى مجالات الزراعة الملحية، مثل: المشروعات المقامة فى سهل الطينة، وبعض المناطق بالقرب من بورسعيد، وكذلك فى واحات مرسى مطروح وشبه جزيرة سيناء، حيث تتم تجربة محاصيل مثل: الدخن والكينوا، لكنه أوضح أن هذه الجهود ما زالت محدودة، مشددًا على ضرورة زيادة التمويل المُوجه للبحث العلمي.التنمية الزراعيةوتمثل الزراعة أهمية اقتصادية كبيرة، فما أهمية هذا النوع منها؟ يجيب د. عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، بأن ندرة المياه العذبة وزحف المناطق الحضرية وتآكل التربة الزراعية وغيرها يشكل تحديًا كبيرًا أمام خطط التنمية الزراعية والتوسع الحضرى والرؤى المستقبلية، ويتطلب فى الوقت ذاته بذل مزيد من الجهد والبحث عن أفكار خلاقة وحلول غير تقليدية من أجل مجابهتها، وتُعد الزراعة الملحية أحد هذه الحلول غير التقليدية التى يمكن أن تُحدث ثورة فى مجال الزراعة التقليدية، وتحقق فضائل ومزايا كثيرة، منها: الحفاظ على موارد المياه العذبة ومخزون المياه الجوفية واستغلال المناطق الساحلية غير الحضرية والأراضى السبخية فى الزراعة.توجه استراتيجيوأضاف بأن الزراعة الملحية تمثل توجهًا استراتيجيًا واعدًا لمصر فى ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بندرة المياه العذبة وتملّح التربة، وهى تعتمد على زراعة محاصيل تتحمل مستوياتٍ عالية من الملوحة باستخدام مياه مالحة أو شبه مالحة، مثل: مياه الصرف الزراعى بعد معالجتها أو المياه الجوفية المالحة أو حتى مياه البحر بعد معالجتها.وأوضح بأن أهمية ومكاسب الزراعة الملحية لمصر تتمثل فى الحفاظ على المياه العذبة، لأنه باستخدام المياه المالحة، يمكن توفير كميات كبيرة من المياه العذبة لاستخدامها فى الشرب أو الزراعة التقليدية ذات العائد المرتفع، وكذلك استغلال الأراضى المتملحة وغير المُستغلة، إذ تُقدر نسبة كبيرة من الأراضى الزراعية فى مصر بأنها متأثرة بالملوحة، خاصة فى شمال الدلتا وسيناء، ويمكن الاستفادة منها عبر الزراعة الملحية بدلًا من تركها بورًا.تحقيق الأمن الغذائى أيضًا من أبرز المكاسب وفقًا للدكتور السيد، إذ يقول: إن زراعة محاصيل مثل: الكينوا، الشعير الملحي، الساليكورنيا التى تُستخدم فى إنتاج الزيوت والأعلاف، تساعد فى تنويع مصادر الغذاء وتقليل الاعتماد على الاستيراد، فضلاً عن دعم الاقتصاد الريفى وتوفير فرص عمل، فإدخال تقنيات الزراعة الملحية فى كثير من المناطق يمكن أن يوفر فرص عمل ويساهم فى الحد من الهجرة الداخلية.ويتابع بأنه من ضمن مكاسب هذا النوع من الزراعة، إنتاج بدائل صناعية وتصديرية، فبعض النباتات الملحية تدخل فى صناعات الأدوية، الأعلاف الحيوانية، الزيوت، والوقود الحيوي، مما يفتح آفاقًا تصديرية جديدة.استراتيجية وطنيةويرى مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية: أن مصر تحتاج لتفعيل وتشجيع الزراعة الملحية والتوسع فيها، ويمكن ذلك عن طريق وضع استراتيجية وطنية للزراعة الملحية تشمل خريطة بأماكن الزراعة المُحتملة وأنواع المحاصيل المناسبة، وكذلك الاستثمار فى البحث العلمى لتطوير محاصيل مُحسنة تتحمل الملوحة، وتحسين إدارة الملوحة فى التربة.ويشدد على أهمية نقل التكنولوجيا من الدول الرائدة فى هذا المجال مثل: الإمارات وهولندا والمكسيك، وتوفير حوافز للمزارعين والمستثمرين للدخول فى هذا المجال من خلال دعم مالى أو تقني، بالإضافة إلى الربط مع الصناعة عن طريق توجيه الإنتاج لاستخدامه فى الأعلاف، الطاقة الحيوية، أو الزيوت، وغيرها.تجربة مستجيروعند الحديث عن التجارب الناجحة فى هذا المجال، يتبادر إلى الأذهان الدكتور أحمد مستجير، أحد أبرز رواد الهندسة الوراثية فى مصر والعالم العربي، الذى لعب دورًا محوريًا فى تطوير الزراعة الملحية، وقدم تجربة بالاعتماد على أبحاث رائدة فى استنباط سلالات من المحاصيل، مثل: القمح، قادرة على النمو فى بيئات مالحة، مما يفتح آفاقًا جديدة للزراعة فى الأراضى غير الصالحة تقليديًا، وتُعد الهند من أوائل الدول التى استفادت من أبحاث الدكتور مستجير، حيث قامت بتطوير تقنيات الزراعة الملحية لتحقيق اكتفاء ذاتى فى زراعة القمح باستخدام مياه البحر، مما ساعد فى تلبية احتياجات سكانها.كما تبنت الصين هذه التقنيات، حيث نجح علماء صينيون فى تطوير سلالات من الأرز تنمو فى التربة المالحة، مما ساهم فى تحويل أراضٍ غير صالحة للزراعة إلى أراضٍ مُنتجِة، وبالتالى تعزيز الأمن الغذائى فى البلاد، بالإضافة إلى ذلك بدأت بعض دول الخليج فى تطبيق تقنيات الزراعة الملحية لمواجهة تحديات ندرة المياه وتوسيع الرقعة الزراعية.