إلى حيثما يريد الله والجمل" صرخة الحكمة في زمن الأحقاد..الفريق السامعي ونداء المصالحة الوطنية
(قراءة تحليلية)
في صبيحة الأحد الرابع من ذي الحجة 1411ه، الموافق 17 يونيو 1991م، كتب الفريق سلطان السامعي مقاله الشهير في صحيفة «صوت اليمن» تحت عنوان:
"إلى حيثما يريد الله والجمل"، راسمًا لوحةً صادقةً لحال الوطن الذي خرج لتوّه من زمن التشطير إلى زمن الوحدة، لكنه وجد نفسه أمام تحدياتٍ جديدة تمثلت في صراعات الأحزاب واشتداد الخصومات، حتى كادت ديمقراطية الولادة تتحول إلى نقمةٍ تزرع الأحقاد.
شهادة مبكرة على خطر التعددية المنفلتة
كتب السامعي، بصدقٍ يليق بجنديٍ يعرف ميدان المعركة، يقول:
"فالشعب اليمني يعيش حالة غليان سياسي في ظل التعددية السياسية التي أقرها دستور الجمهورية اليمنية ، والتي كانت فيما مضى نوعاً من الكفر والخوف والرجس وعمل الشياطين... وفي ظل هذا الغليان ترتكب بعض التنظيمات السياسية بعض الحماقات والشطحات، وتتبادل تلك التنظيمات فيما بينها الاتهامات والسباب، بصورة توحي للمواطن العادي بأن هذه هي مهمة الأحزاب."
كانت تلك شهادةً مبكرةً على خطر أن تتحول التعددية إلى ساحةٍ للسباب والتخوين، بدلًا من أن تكون ميدانًا للمشاركة الوطنية البناءة.
تحذير من إجهاض الديمقراطية
وحذّر السامعي من أن ترك الأمور على هذا النحو لن يؤدي إلا إلى تمزيق النسيج الوطني وإجهاض الديمقراطية في مهدها، إذ قال:
"وأيا كان، فإن النتيجة واحدة، وهي إجهاض الديمقراطية في بداية حملها الأول في اليمن ، مما يعني العودة إلى عصر ما قبل الوحدة، ذلك العصر الذي ذقنا فيه الأمرين."
وشدّد على أن التعددية، إن لم تُضبط بضوابط أخلاقية ووطنية، فلن تكون إلا "نباحًا متبادلاً يزرع الأحقاد ويمزق الأوصال."
بعد ثلاثة عقود... الجمل بلا خطام
واليوم، بعد أكثر من ثلاثة عقود، نقف لنقرأ تلك الكلمات وكأنها كُتبت لنا في حاضرنا، لا في ماضٍ بعيد.
فاليمن يعيش أسوأ مراحله؛ تمزقت وحدته، وتشظت سلطاته، وتناحرت قواه، حتى صار "الجمل" بلا خطام، يسير حيثما تهب الرياح، فيما الوطن يُستنزف بأبنائه وموارده.
وهنا تعود إلينا كلمات السامعي لتذكّرنا بالحقيقة الغائبة:
"إن مهمة الأحزاب هي المشاركة في تنمية وازدهار الوطن عن طريق التفاعل في المجتمع والمشاركة في توجيه الطاقات إلى بناء الوطن والعمل على ترسيخ مفهوم الديمقراطية."
دعوة إلى المصالحة الوطنية
لقد دعا الرجل، يومها، دعوةً واضحة إلى المصالحة الوطنية، حين دعا الأحزاب لأن تسمو فوق الأحقاد والخلافات، وأن تدرك أن الديمقراطية لا تعني "ذلك النباح المتبادل" بل تعني "تداول السلطة بالطرق السلمية" وبناء الوطن لكل اليمنيين.
وهي ذات الدعوة التي نحتاجها اليوم، أكثر من أي وقت مضى.
فلا مفرّ من المصالحة الوطنية الشاملة، التي تُعيد الخطام إلى أيدينا، وتمنح الجمل وجهته الصحيحة.
ولا بد من كلمةٍ سواء تجمع اليمنيين جميعًا، فيصطفوا خلف وطنهم، لا خلف مصالح ضيقة، ولا خلف ولاءاتٍ عابرة.
الكلمة لكم
يا ساسة اليمن ، إن الحكمة التي سطرها الفريق السامعي لم تكن صرخةً في وادٍ، بل كانت وصيةً لأجيالٍ قادمة، وفيها الدواء لعللنا.
بأيديكم دفّة السفينة وخطام الجمل،
تعالوا إلى كلمةٍ سواء، كلمةٍ تُعيد للوطن اعتباره ولليمني كرامته.
استحضروا كلمات الفريق السامعي، الذي عرف أن الحروب مهما طالت، لا تصنع وطنًا، وأن الأحقاد مهما تراكمت، لا تبني بيتًا، ولا تسند جدارًا.
المصالحة قدرُنا
إن المصالحة الوطنية ليست رفاهيةً، بل هي قدرُنا الذي لا مفرّ منه إذا أردنا لوطننا الحياة.
فالأوطان تُبنى بعقول الرجال وضمائرهم، لا بأقدامٍ هائمةٍ في التيه.
دعونا نعيد قراءة كلماته، ونصغي إليها جيدًا، فربما نجد فيها هدايةً:
"إلى حيثما يريد الله والجمل"،
لكننا، نحن اليمنيين ، من يحدد الطريق.
أخيراً
لقد أثبت التاريخ أن لا انتصار يدوم ما لم يكن الوطن هو الغاية والهدف. إن التعددية التي ناضلنا من أجلها، والديمقراطية التي حلمنا بها، لن تتحقق إلا إذا صلحت النوايا وتوحّدت الصفوف.
إن الجمل الذي تركناه بلا خطام لا يقوده إلا وعيكم ومسؤوليتكم، ولا يستقيم طريقه إلا بإدراككم أن اليمن بيتكم جميعًا، ومصيره بأيديكم.
فلنُحكِم الخطام بأيدي الحكمة، ونجعل اليمن غايةً ومقصدًا، بعيدًا عن لغة السباب والفرقة والخصومات.
ولنتذكّر أن الوحدة الوطنية ليست شعارًا يُرفع وقت الحاجة، بل هي أمانةٌ نحملها في قلوبنا وعقولنا، وعلينا أن نصونها بصدق وإخلاص.
تعالوا إلى كلمةٍ سواء، إلى مصالحةٍ وطنيةٍ جامعة، تُعيد للوطن اعتباره، ولليمنيين كرامتهم، ليكون اليمن سعيدًا كما أراده الله.
نقلا عن أجراس اليمن

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

يمرس
منذ 39 دقائق
- يمرس
إصلاح حضرموت ينعى رئيس فرع دوعن إثر وفاته بحادث مروري
وأكد إصلاح حضرموت ، في بيان نعي الذي نشره الإصلاح نت، أن الفقيد كان واحداً من خيرة شباب حضرموت ، وأحد أعلامها ودُعاتُها والعاملين في خدمة أبنائها وإصلاح ذات البين. وأشار إلى أن الفقيد كان داعيةً ومصلحاً اجتماعياً ومعلماً ومفكراً وصاحب رأي سخّر حياته لخدمة مجتمعه وبذل وقته وجهده في سبيل الخير والإصلاح. وقال إن حضرموت عامة ودوعن خاصة، فقدت شخصية بارزة ونموذجاً يُحتذى به في الدعوة والإصلاح والعمل المجتمعي والسياسي النبيل. وتقدم إصلاح حضرموت ، بأصدق التعازي، لأولاد الفقيد وإخوانه وأسرته الكريمة وقبيلة آل بارشيد ولكل محبيه، سائلاً الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهمهم الصبر والسلوان. نص بيان النعي: قال الله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ). بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ينعي التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة حضرموت وفاة الأستاذ عبد الله أحمد بارشيد رئيس التجمع اليمني للإصلاح بمديرية دوعن الذي وافاه الأجل مساء الأربعاء 15 ذو الحجة 1446ه، الموافق 11/6/2025م، إثر حادث مروري مؤسف في منطقة الضليعة. لقد كان رحمه الله من خيرة شباب حضرموت وأحد أعلامها ودُعاتُها والعاملين في خدمة أبنائها وإصلاح ذات البين، فقد كان داعيةً ومصلحاً اجتماعياً ومعلماً ومفكراً وصاحب رأي سخّر حياته لخدمة مجتمعه وبذل وقته وجهده في سبيل الخير والإصلاح. وبرحيل الأستاذ عبد الله بارشيد رحمه الله فقدت حضرموت عامة ودوعن خاصة شخصية بارزة ونموذجاً يُحتذى به في الدعوة والإصلاح والعمل المجتمعي والسياسي النبيل. وبهذا المصاب الجلل فإننا في التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة حضرموت نتقدم بأصدق التعازي لأولاده وإخوانه وأسرته الكريمة وقبيلة آل بارشيد ولكل محبيه، سائلين الله العلي القدير ان يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون. التجمع اليمني للإصلاح - محافظة حضرموت

يمرس
منذ 39 دقائق
- يمرس
السيد القائد : عملية مساء الثلاثاء أربكت العدو وكانت قوية ومؤثرة وناجحة
وقال السيد القائد في كلمته اليوم ..جبهة الإسناد من يمن الإيمان والجهاد في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس مستمرة بالعمليات العسكرية والقصف إلى عمق فلسطين المحتلة وأضاف السيد القائد .. في هذا الأسبوع نفذت العمليات ب11 صاروخا باليستيا وفرط صوتي وطائرة مسيرة على أهداف تابعة للعدو في حيفا ويافا وأسدود وتابع .. من عملياتنا لهذا الأسبوع 5 صواريخ كانت باتجاه مطار اللد الذي يسميه العدو الإسرائيلي باسم المجرم بن غوريون في يافا المحتلة وقال السيد القائد .. كان من أبرز عملياتنا في هذا الأسبوع عملية مساء الثلاثاء كانت عملية قوية ومؤثرة وناجحة بفضل الله سبحانه وتعالى مشيرا الى ان من نتائج عملية مساء الثلاثاء إحداث إرباك وتخبط واضح في المنظومة الدفاعية للعدو الإسرائيلي لافتا الى ان العدو الإسرائيلي أطلق العديد من الصواريخ الاعتراضية مساء الثلاثاء بعضها تزامن مع إقلاع إحدى الطائرات من مطار اللد وقال السيد القائد.. عملية مساء الثلاثاء أجبرت الملايين من المغتصبين والصهاينة اليهود على الهروب إلى الملاجئ وتفعيل صافرات الإنذار في مئات المدن والبلدات المغتصبة واضاف السيد القائد.. عملياتنا لهذا الأسبوع تأتي في إطار العمل المستمر الهادف لفرض حصار جوي على العدو الإسرائيلي واكد السيد القائد.. قواتنا تسعى لتحقيق الحصار الجوي ردا على تصعيد العدو الإسرائيلي وارتكابه جرائم الإبادة مؤكدا ان الحصار البحري في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب هو مستمر والملاحة ممنوعة على العدو الإسرائيلي وهو متوقف عن الملاحة في مسرح العمليات

يمرس
منذ 39 دقائق
- يمرس
السلطة المحلية والتعبئة بالضالع تنظمان ندوة بذكرى يوم الولاية
وقدمت في الندوة التي حضرها وكيل المحافظة حسين المدحجي ومسؤول التعبئة العامة أحمد المراني، عددا من المحاور، اعتبرت يوم الولاية محطة لاستلهام الدروس والعبر من حياة الإمام علي عليه السلام وشجاعته وجهاده. وأكدت أن مبدأ الولاية، يرتقي بالأمة في وعيها ومعنوياتها إلى مستوى التصدي للطاغوت وأدواته من الكافرين والمنافقين والمطبعين مع أمريكا وإسرائيل.. مشيرة إلى أن مبدأ الولاية امتداد للرسالة المحمدية، والتزام بأوامر الله ورسوله الكريم. ودعت إلى تنظيم الفعاليات والأنشطة لإحياء هذه الذكرى، وترسيخ مفهومها في وجدان المجتمع.. مشيرة إلى أهمية إحياء ذكرى يوم الولاية بما يليق بمكانة الإمام علي والتأكيد على أهمية السير على نهجه عليه السلام. إلى ذلك نظمت بمديرية دمت، أمسية إنشادية بذكرى يوم الولاية تضمنت أناشيد ووصلات شعبية وأهازيج عبرت عن المناسبة. وجددت العهد لله ورسوله والإمام علي وأعلام الهدى من بعده باعتبار هذا التولي طريق النجاة من الطاغوت وأعوانه ومن ولاه.