
عازف البيانو الإيطالي بروسيدا يتألّق في المتحف الوطني بدعوة من الكونسرفتوار والمعهد الثقافي الإيطالي
احتضن المتحف الوطني في بيروت أمسية موسيقية أحياها منفردًا عازف البيانو الإيطالي الشهير روبرتو بروسيدا لجمهور الموسيقى الكلاسيكية في لبنان في سياق الحفلات الموسيقية التي ينظمها الكونسرفتوار دوريًا، وبدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى المؤلفة الموسيقية الدكتورة هبة القواس، ومدير المعهد الثقافي الإيطالي في بيروت إنجيلو جيو. حضر الأمسية جمع من السياسيين والدبلوماسيين والإعلاميين وأهل الثقافة والفن والموسيقى، تقدمهم سفيرا إيطاليا وكولومبيا وجيو ووفد دبلوماسي إيطالي.
بداية، كلمة لقواس تنوعت بين العربية والإنكليزية والإيطالية، وقالت: 'نُقيم هذا الحفل كتأكيد أن لبنان باقٍ في روحه، في نغمه، في جوهره الثقافي. مصرّين أن تبقى الموسيقى فعل الحياة، وصوت الإنسان الحر، وتعبيرًا راقيًا يتجاوز من يسعون إلى تقييد وطنٍ لا يُقيّد. في حضرة النغم، تسقط الحواجز وتذوب الأزمنة. في حضرة الموسيقى، نحن لسنا شعوبًا وأوطانًا فحسب، بل نحن كائنات تصغي إلى جوهرها، إلى صداها الأوّل، إلى ما يشبه الحقيقة حين تتجلّى على هيئة صوت. والموسيقى، منذ وجودها، كانت وسيلة الإنسان ليُعيد ترتيب الفوضى، ويمنح الزمن نبضًا قابلاً للعيش. نجتمع اليوم لنحتفل ليس فقط بعزف أو برنامج، بل بلحظة تتقاطع فيها الأزمنة، والثقافات، والقلوب، لحظةٍ يصير فيها الجمال فعل مقاومة، وتصير الموسيقى بيتًا مؤقّتًا نلجأ إليه جميعًا. ومن لبنان، بلد الضوء الخارج من العتمة، إلى إيطاليا، بلد الفنّ والاتّساع الروحي، نفتح بابًا جديدًا للحوار، حيث الكلمة الأولى والأخيرة… للموسيقى.'
أضافت: 'يشرفني ويسعدني أن أرحب بكم في المعهد الوطني العالي للموسيقى، منارة ثقافية تعكس روح لبنان ونفسه وصموده من خلال لغة الموسيقى العالمية. إن هذا المعهد، الذي يرتكز على التراث الموسيقي الغني للبنان، والمستوحى من التزامه الثابت للإبداع، يواصل ازدهاره كمكان للتميز والحوار والاستكشاف الفني. إن لقاءنا شهادة أخرى على الدور الحيوي الذي تلعبه الدبلوماسية الثقافية في تشكيل ورعاية عالم مترابط ومزدهر. أود أن أتوجه بجزيل الشكر إلى سفارة إيطاليا في لبنان على تعاونها المستمر والملهم معنا. لقد جلبت هذه الشراكة على مر السنين حوارًا موسيقيًا بين ثقافتينا، حوار يتجاوز اللغة والحدود.'
تابعت : 'إن هذا الحدث المسائي مميز بشكل خاص بفضل العمق الشخصي والثقافي الذي أضافه صديقنا العزيز، الملحق الثقافي الإيطالي في لبنان، السيد أنجيلو جيو. إن معرفته العميقة بالموسيقى، وحبه للبنان، ورؤيته الثقافية الرفيعة أضافت بعدًا إنسانيًا وفنيًّا فريدا إلى هذه الشراكة. كما يشرفنا أن نرحب بعازف البيانو الذي يجسد فنه أناقة وعمق وتنوع الموسيقى الإيطالية. روبرتو بروسيدا، الذي يتمتع بإتقان شديد في نقل التفاصيل اللحنية والوضوح البارع، يعتلي خشبتنا بعزف يتنقل بين كنوز دالابيكولا الشعرية إلى بوح شوبان، ومن أناقة ميندلسون إلى الابتكار الإيقاعي في بيترسي'.
ختمت: 'هذا البرنامج ليس مجرد أداء، بل هو سرد منسق من الشغف والعقل والتاريخ. وفي يد المايسترو بروسيدا، تصبح كل قطعة قصة حية، تنكشف أمامنا بكل دقة وعاطفة. الموسيقى هي فن اللامرئي، خيط صوتي يعبر الزمن ويصل بين الأرواح عبر اللغات والحدود. إنها شكل من الدبلوماسية الصامتة، تتحدث إلى القلب قبل أن تتحدث إلى العقل، وتبني جسورًا حيث كثيرًا ما تفشل الكلمات'.
جيو
ثم كانت كلمة لـ جيو شكر فيها للمعهد الوطني العالي للموسيقى ممثلاً برئيسته التعاون المثمر بينهما، والمتحف الوطني على احتضان الأمسية في مساحة خلابة للتاريخ، ورحب بعازف البيانو بروسيدا. عرض جيو لبعض مشاريع المعهد الإيطالي مع مؤسسات ثقافية لبنانية، وتابع: 'الموسيقى هي قوة تتخطى الزمن وتجسد الحضارات الإنسانية على امتداد العصور. ونحن في المعهد الثقافي الإيطالي نعتز بالتعاون مع المعهد الوطني اللبناني للموسيقى، الذي لا يقتصر فقط على الحفلات الموسيقية بل يتضمن أيضاً نقل خبراتنا الموسيقية إلى المواهب الموسيقية في لبنان، عبر إقامة أنشطة موسيقية مع الكونسرفتوار، وماستر كلاسز وبرامج تدريب وغيرها من مشاريع التبادل الموسيقي والثقافي. ونحن نؤمن أن التعليم والفن يسيران معاً إلى النهاية، لأن الثقافة ليست ترفاً وإنما ضرورة، وهي فعل صمود ونشر للجمال والأمل'.
أمسية موسيقية ساحرة ضاقت بحضور كبير ملأ المتحف والباحات الجانبية، تألق فيها العازف الإيطالي الشهير روبرتو بروسيدا، وهو أحد أهم العازفين في العالم الذي يتنقل مؤديًا عروضه على أبرز المسارح العالمية. فأمتع جمهور الحاضرين في حفل فني استثنائي، أخذ الحضور في رحلة بين العصور حيث قدم مجموعة من روائع الأعمال الكلاسيكية الخالدة لعدد من أعظم الموسيقيين، تنوعت بين مؤلفين من مدارس موسيقية مختلفة. أظهر بروسيدا خلالها براعته وحرفيته العالية على البيانو، في أداء مذهل امتاز بالدقة الفنية والعمق التعبيري، ونجح في الجمع بين التقنيات الفائقة للبيانو وبين الإحساس الفني العميق، مضيفًا أبعادًا جديدة على المعزوفات، ما جعل الأمسية حدثًا موسيقيًّا لا يُنسى'.
الافتتاح كان مع مقطوعة 'Sonatina Canonica on Paganini's Capricci'، للمؤلف الإيطالي 'Luigi Dallapiccola (1904-1975)' المعروف بتقنياته المعقدة والحديثة التي تدمج التنوع اللحني مع التلاعب بالإيقاعات، فكان عزف هذا العمل بمثابة تحدٍّ تقني، إذ قدم بروسيدا أداءً دقيقًا يعكس الحساسية العميقة للموسيقى المعاصرة.
لينتقل بعدها إلى مؤلفات 'Felix Mendelssohn (1809-1847)' ومجموعة من 'أغانٍ بلا كلمات' '6 Song ohne Worte' التي تتميز باللحن الرومانسي الخفيف والعاطفي. ومنها:
– op. 19 no. 6 و op. 38 n. 2 اللتان جسّدتا الخيال الموسيقي الواسع، حيث أظهر بروسيدا إبداعه في التعامل مع الانسيابية واللحن الرومانسي معبّراً عن التنقلات النفسية.
op. 38 n. 6 'Duet'، أضافت عنصر الحوار الموسيقي بين النغمات المختلفة، متابعًا عزفه مع op. 53 n. 2 وop. 62 n. 6، التي أظهرت عمق المشاعر والطبقات الصوتية التي ميّزت أعمال مندلسون.
لم يقتصر البرنامج على الموسيقى الرومانسية فقط، بل شمل أيضًا 'Rondo Capriccioso op.14' من مندلسون، التي تعكس أسلوبه المفعم بالمرح والابتكار، مؤدّيًا هذا العمل بشغف وأداء راقٍ، مما أبرز التقنيات العميقة التي يتمتع بها هذا المؤلف العظيم. تلى ذلك أداء لقطع من 'Goffredo Petrassi (1904-3003) مع 'Toccata' (1933) التي تتسم بالقدرة على الدمج بين الحداثة والبلاغة الموسيقية، بالإضافة إلى 'Inventions n.1,58' المعروفة كأعمال موسيقية تتضمّن تنقلات سريعة ودقيقة بين النغمات، وتمكن بروسيدا من تأدية هذه الأعمال باحترافية عالية، مستعرضًا التنوع الكبير في الأنماط الموسيقية للمؤلف.
وفي ختام الأمسية، قدّم بروسيدا أعمالًا خلابة من 'Frederic Chopin (1810-1849)' حيث عزف 'Nocturnes op. 62 n. 1 and 2' ، التي تمثل قمة الرومانسية والعاطفة في موسيقى البيانو، وأظهرت تقنيات عزفه العميقة في التأثير والتعبير العاطفي، مع التفاعل المثالي بين الإيقاع واللحظة. كما قدم أيضًا 'Bllad no.4 op.52' ، إحدى أروع إبداعات شوبان، فتمكن بروسيدا من إبراز الجوانب العاطفية العميقة للعمل. وقد أسرت الأمسية الحضور بتنوعها وإبداعها الموسيقي، تمثل ذلك في الإنصات العميق والتفاعل مع اللحظات الموسيقية والعزفية الاستثنائية، حيث كان الأداء بمثابة رحلة بين حقبات موسيقية مختلفة تجمع بين الحداثة والكلاسيكية، مما أضاف طابعًا خاصًا للعزف الذي جسد الابتكار الفني والتقني.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- النهار
نتذكّر أجمل 10 إطلالات من ميت غالا 2024 ... رحلة بين الطبيعة والزمن العابر (صور)
تحت شعار ملهم بعنوان "حديقة الزمن"، مستُوحي من قصة قصيرة للكاتب جي. جي. بالارد نُشرت عام 1962، أُقيم حفل الـMet Gala لعام 2024، وقد جاءت الإطلالات انعكاساً مباشراً للموضوع، فتميّزت بأجواءٍ حالمة، شاعرية، وسينمائية. وقد تنوّعت التصاميم بين ما هو مستوحى من الطبيعة المتحوّلة، وما هو مسكون بروح الزمن، والاندثار، والتجدّد. View this post on Instagram A post shared by Met Gala 2025 (@themetgalaofficial) قواعد لباس النجمات في "ميت غالا" 2024 عموماً، كانت الإطلالات غنية بالتفاصيل الرمزية، فالكثير منها استعان بعناصر مستوحاة من الزهور الذابلة، والأقمشة الشفافة، والقصّات الكلاسيكية المعاد إحياؤها، لتعكس فكرة "الجمال الذي يذبل" أو "الزمن الذي يترك أثره". استخدمت الخامات بعناية لافتة، مثل التول، والشيفون، والدانتيل المخرّم، كما ظهرت لمسات من الدروع المعدنية والهيكليات الزجاجية في بعض التصاميم، لتجسيد فكرة الزمن كعنصرٍ حام ومهلك في آنٍ واحد. View this post on Instagram A post shared by Met Gala 2025 (@themetgalaofficial) ومن حيث الألوان، سيطر الطيف الطبيعي: الدرجات الترابية، الأزرق الضبابي، الأخضر الطحلبي، والذهبي الباهت، مما أضفى على السجادة الحمراء هالة من السكون والتأمل، بدلاً من البريق المبالغ فيه. 10 إطلالات خطفت الانظار في "ميت غالا" 2024 بالإجمال، يمكن القول إن الإطلالات كانت بمثابة رحلة بصرية بين الحلم والواقع، وبين الماضي والمستقبل، حملت في طياتها إحساساً بالحنين والخشوع أمام الزمن، وهو ما جعل هذه النسخة من الحفل إحدى أكثر النسخ شاعريةً وتعبيراً في تاريخ الـ"ميت غالا". 1. زيندايا والإطلالة الأولى في "ميت غالا" 2024 2. زيندايا واللوك الثاني في "ميت غالا" 2024 3. نيكي ميناج في "ميت غالا" 2024 4. إطلالة كيم كارداشيان في "ميت غالا" 2024 5. تايلور راسيل في "ميت غالا" 2024 6. تيلا في "ميت غالا" 2024 7. جيجي حديد في "ميت غالا" 2024 8. لانا ديل راي في "ميت غالا" 2024 9. كيندال جينير في "ميت غالا" 2024 10. أريانا غراندي في "ميت غالا" 2024


LBCI
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- LBCI
القائدة الروسية غوفمان والأوركسترا الفلهارمونية تحييان الذكرى 65 لكاتدرائية القديسين غريغوريوس المنوّر والياس النبي
احتضنت كاتدرائية القديسين غريغوريوس المنوّر والياس النبي للأرمن الكاثوليك، وسط بيروت، حفلة موسيقية استثنائية لمناسبة الذكرى الخامسة والستين لتأسيس الكاتدرائية، بدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي المؤلفة الموسيقية هبة القواس، وأحيتها الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية بقيادة إحدى أبرز القادة الموسيقيين على مستوى العالم المايسترو الروسية دايانا غوفمان، وبحضور كاهن الكاترائية الأب رافي أوهانسيان وجمع من الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية وجمهور الموسيقى الكلاسيكية في لبنان. ساعة من التجلّي الموسيقي تحت عنوان "السلام والعدالة" قدمتها الأوركسترا التي حلّقت في فضاءات الإبداع والرّقي والفن الرفيع مع عازفين في قمة المهارة والاحتراف، بقيادة مبهرة لقائدة الأوركسترا دايانا غوفمان. حضور آسر بقيادة أنثوية تخطف الأنفاس، جمعت الرّقة والقوة، والعذوبة والصلابة، والاحتراف اللافت، لنجمة الحفلة قائدة الأوركسترا الروسية المتميزة والشخصية البارزة في عالم الموسيقى الروسي دايانا غوفمان، التي تتميز بموهبتها الاستثنائية في الغناء الأوبرالي والقيادة الأوركسترالية. وهي الحاصلة على دبلوم مع مرتبة الشرف كقائدة أوركسترا من معهد ريمسكي كورساكوف سانت بطرسبرغ الحكومي للموسيقى، ودراسات عليا في الأداء الأوركسترالي في معهد ديتمولد العالي للموسيقى في ألمانيا. كما تخرجت أيضًا من معهد موسكو الحكومي للموسيقى كعازفة بيانو. وقادت غوفمان العديد من الأوركسترات الروسية البارزة، بما في ذلك أوركسترا موسكو السمفونية، وأوركسترا سانت بطرسبرغ الأكاديمية السمفونية، وأوركسترا تاسكي السيمفونية. وهي الحائزة على العديد من الجوائز والأوسمة المرموقة، بما في ذلك لقب "فنانة روسيا الفخرية". وتشغل أيضًا مناصب قيادية في منظمات ثقافية دولية، كما تشغل منصب المدير الفني والمدير العام لمسرح موسكو الإقليمي "انظر إلى الموسيقى". يُعد هذا الحفل الموسيقي المميز حدث لا ينسى لعشاق الموسيقى الكلاسيكية، حيث اجتمعت كل عناصر الإبداع والمتعة والجمال في اكتمالٍ لمشهدية موسيقية نادرة الحدوث، توّجها البرنامج الموسيقي الخلاب لتحفتَي تشايكوفسكي الخالدتين "روميو وجولييت" و"السمفونية الرابعة". في مستهل الحفل، كانت كلمة معبرة لرئيسة المعهد هبة القواس، خاطبت فيها عمق عنوان الاحتفالية بما يتضمنه من عدالة وسلام وجاء فيها: "أيها السائرون على خيوط هذا الوجود، في البدء، لم تكن الكلمة، ولا الحجر، في البدء، كان ارتجاف الوعي الأول: أنّ هذا الكون، بكل اتساعه، ظالمٌ إن تُرك بلا عدالة، وعقيمٌ إن غاب عنه السلام. السلام والعدالة، كائنان لا يسكنان النصوص ولا الشعارات، بل يتخلّقان في قلب كل من يؤمن أن الإنسان وُجد لا ليُستَعبَد، بل ليحلم .ولا ليُعاقب بالوحدة، بل ليُفتدى بالحبّ. لهذا اجتمعنا اليوم .في هذه الذكرى الخامسة والستين للكاتدرائية، نجدد العهد لا للمكان وحده، بل لما مثّله عبر الزمن: محرابُ من قاوم بالصلاة، ومن صارع بالأمل. ونأتي بالموسيقى، لا كترفٍ ولا تزيين، بل كقوة شافية، قادرة أن تزيح عن أرواحنا صدأ الخوف. نأتي بها عبر الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية الوطنية، هذا الجسد الحي الذي يعبر بنا فوق الجراح دون أن ينكرها، ويُحوّل الألم إلى مقطوعة حبّ خالدة. تحت قيادة دايانا غوفمان، تلك التي لا تقود بالعصا بل بالوعي العميق لإيقاع الروح، سنخوض الليلة رحلة إلى داخلنا، رحلة مع تشايكوفسكي برائعته روميو وجولييت وسمفونيته الرابعة. اصغوا الليلة اليه، إلى تشايكوفسكي، كمن يُعِدُّ نفسه لعبورٍ سرّي نحو حقيقة أعظم. فكل نغمة سهمٌ في فراغ العالم. وكل صمتٍ بين نوتتين... وطنٌ صغير يولد. مرحبًا بكم في موطن الحب والعدالة والسلام." ثم كانت كلمة مرحّبة لكاهن الكاتدرائية الأب رافي أوهانسيان الذي استشهد بمقولة جلال الدين الرومي "الموسيقى هي أزيز أبواب الجنة" للدلالة على رمزية الموسيقى الروحية والإنسانية العميقة، وربطها بعنوان الأمسية "السلام والعدالة"، وما يمثله هذان الشعاران للبشرية. وشكر أوهانسيان الكونسرفتوار ممثلاً برئيسته والأوركسترا والقائدة والموسيقيين على الحفل في مناسبة تأسيس الكاتدرائية الخامسة والستين، مرحّباً بالحضور. وقدّم الأب أوهانسيان إلى القواس هدية رمزية تجسّد الكاتدرائية. وبكل ما حملت من شحنات قيادية، افتتحت غوفمان الحفل بعصاها السحرية المتوهجة، وبحركة يديها الممسكتَين بسلطة القيادة، وبتعبيرات جسدها النحيف المتماهية مع كل حركة ونغمة ونوتة. فكانت انحناءاتها وتعبيراتها الجسدية كجسر عبور تجتازه مقدمة "روميو وجولييت" الشهيرة لتشايكوفسكي التي استهلت بها الحفل. في هذه المعزوفة، نجح العازفون في نقل جو الحب والمأساة عبر النغمات المتناغمة والمعبرة، فعكسوا ببراعة تقاطع المشاعر بين الحنين والرفض، بين العاطفة العميقة والنهاية المأساوية، في طغيان للـPianissimo على العمق الموسيقي للمعزوفة، الذي يُبرز اللمسات الدقيقة للعزف ويشعر الجمهور بأنهم يدخلون عالم روميو وجولييت بأحاسيسهم وأفكارهم، في محاكاة للوجد في قلوب العشاق. وفي أداء جارف للأوركسترا التي تحرّكها شراسة الحركة القيادية لغوفمان، اجتاحت موسيقى السمفونية الرابعة لتشايكوفسكي أنفاس الحضور وفضاء الكاتدرائية وخشوع الأروقة والأيقونات، في انعكاس عميق لنزاع الروح البشرية مع المصير الذي تتضمنه السمفونية. فدخل العازفون في نغمات مليئة بالحزن والوحدة، تُجسد الكوابيس الداخلية التي تصارع العقول والأنفس، وأدارت غوفمان تحولات الأجواء من الحزن إلى التفاؤل، من الكآبة إلى اللحظات المضيئة من الأمل، بأداء رشيق ومؤثر من جميع العازفين، في تداخل انسيابي للآلات الوترية والنفخ والإيقاعات والصنوج التي تردد صداها في الصمت المؤثّر والأسماع المتلهّفة إلى موسيقى تفتح في الروح نوافذ السحر والدهشة، فتحوّلت كل لحظة في الحفل إلى تجربة موسيقية لا تُنسى. وفي الأجزاء اللاحقة، يتبدل المزاج ليظهر الفرح المفاجئ كأنه التوق إلى الأمل، على الرغم من المحن المتتالية. فيبدأ العزف بشكل غامض ويتصاعد إلى مشهد مليء بالقوة والدرامية، ليُظهر تناغمًا ساحرًا بين العازفين الذين شكّلوا فسيفساء لحنيّة متجانسة الأقواس والأنامل، ولكن في ارتقاءٍ مختلف عند كل منهم إلى عالمه العزفي الخاص. روائع الموسيقى والتأليف والقيادة والعزف اجتمعت في هذا الحفل، لتبقى أصداؤها في الروح لوقت طويل بعد نهاية الأمسية. إنها لحظات من التجلي والانخطاف، حيث كانت الموسيقى أكثر من مجرد صوت يستبيح النفس بجلال وهيبة، بل كانت رحلة في أقاصي المطلق.


سيدر نيوز
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- سيدر نيوز
بالصور: جامعة العائلة المقدسة تحتفل بيوبيلها بـ 'غنوا الرجاء': مسابقة جوقات مدارس العائلة المقدسة برعاية القوّاس
احتفلت جامعة العائلة المقدسة -البترون، وبرعاية رئيسةِ المعهدِ الوطنيِّ العالي للموسيقى في لبنان الدكتورة هبة القوّاس، بالذكرى السادسة عشرة لتأسيسها وبالسنة اليوبيلية 2025 ونظمت مباراة بين 6 جوقات لمدارس وثانويات راهبات العائلة المقدسة تحت عنوان 'غنوا الرجاء' في حضور الرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات الأخت ماري انطوانيت سعاده، رئيسة الجامعة الاخت هيلدا شلالا ونوابها وعمداء الكليات، مقامات روحية وزمنية، موسيقيين، مدراء المدارس المشاركة وممثّلين عن TV Charity. وأشرفت على المباراة لجنةِ التّحكيمِ المؤلفة من استاذي الموسيقى في المعهدِ الوطنيِّ العالي للموسيقى فريد رحمه وألان الشيخ وفا. جامعة العائلة المقدسة تحتفل بيوبيلها بـ 'غنوا الرجاء': مسابقة جوقات مدارس العائلة المقدسة برعاية القوّاس April 30, 2025 شلالا بعد النشيد الوطني اللبناني، قدمت للحفل السيدة لارا بو عيد ثم ألقت الاخت شلالا كلمة فقالت: 'بعميق الحُزنِ، ولكنْ برجاءِ القيامةِ، تبلّغنا رَحيلَ الحبرِ الأعظمِ البابا فرنسيس، الذي انتقلَ إلى ديارِ الآبِ السّماويِّ في زمنِ القيامةِ، زمنِ الرجاءِ والحياة. نَلتمِسُ من الربِّ الرَّحومِ أن يمنَحَ راحةً أبديّةً لروحِهِ الطّاهرةِ، وأن تُواصِلَ ثِمارُ خِدمتِهِ بَعْثَ الحياةِ في قلبِ الكنيسةِ والعالَم.' ثم رحبت بالحضور وشكرت الدكتورة القوّاس 'على تكرُّمِها برعايةِ هذا الحدثِ الثقافيِّ المميز' وثمنت ما يحققه المعهد الوطني العالي للموسيقى من نَجاحاتٍ مَحَليّةٍ وعالَميّةٍ، تَشهَدُ على إبداعٍ استثنائيٍّ وتَميُّزٍ لافِتٍ.' ورحبت بالرئيسة العامة وثمنت 'قيادتها الحكيمة للمؤسسات التربوية والاستشفائية في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا لبنان.' وشكرت للراهبات والقيمين على المدارس ولكل من عاونهم في إدارةِ الجوقةِ وتَحضيرِها. وحيت التلاميذ على مشاركتهم وقالت: 'بمُجرَّدِ خَوضِكُم هذا التحدّي، فقد رَبِحْتُم رِهانَ النَّجاحِ، ونِلتُم بَرَكةَ هذه السَّنةِ اليوبيليّةِ، وأَصبحتُم بحَقٍّ 'حُجّاجَ الرّجاءِ' وسفراءَ العائلةِ المقدّسةِ للفنِّ والإبداعِ. يَسُرُّنا أن نَستقبِلَكُم في هذه المُناسَبةِ المُبارَكةِ، وقد جئتم من مُختَلِفِ مدارسِ العائلةِ المُقدَّسةِ، لتجدِّدوا التزامَكُم بتعاليمِ المُكرَّمِ البطريركِ الياس الحويّك، وتمسُّكَكم الرّاسخَ بفضيلةِ الرّجاءِ.' كما حيتَ الهيئة التحكيمية المؤلَّفةِ من نُخبةٍ من أساتذةِ المعهدِ الوطنيِّ للموسيقى والفُنونِ. وختمت بدعوة 'لنَبقى دائمًا شُعلةً منَ الأملِ، نتطَّلعُ إلى مُستقبَلٍ مُشرِقٍ معًا، مُتّحِدينَ بالإيمانِ والمحبّةِ والرجاء، نحوَ غدٍ أفضلَ وأسمى لوطنِنا الحبيبِ لبنانَ ولجمعيّتِنا.' وختمَت قائلةً 'لن أُطيلَ الكلامَ، بَل سأُفسِحُ المجالَ لأصحابِ الحَناجِرِ الذَّهبيّةِ ليُحيكوا ثوبَ الرجاءِ بخُيوطِ النورِ التي لا تنطفئُ ولا تَشيخُ'. القوّاس اما القوّاس فقالت: 'اليوم، تحتفل جامعة العائلة المقدسة بالسنة اليوبيلية، ولا تختار لتحتفل إلا بالغناء الجماعي. هذا الاختيار ليس تفصيلًا. هذا قرارٌ كونيّ، فلسفيّ، يحملُ في جوهره فهمًا عميقًا للزمن، للرسالة، وللحضور في العالم. فالغناء ليس احتفالًا باللحظة، بل هو تثبيتٌ للهوية في الزمن. والجوقة ليست أصواتًا متناغمة، بل هي كائن واحد متعدّد النبضات، يحاكي تعددية الحياة واتّساقها في آن.' وتابعت: 'تحتفل جامعة العائلة المقدسة بستة عشر عامًا من رسالتها، رسالتها التي تنحتُ في الصخر وتغرس الأمل في أرض لبنان – هذا الوطن الذي مهما اشتدّت أزماته، يبقى يُحسن الإصغاء إلى نغمة الجمال، ويعرف كيف يرددها بكرامة. هذه الجامعة – التي جمعت بين العقل والإيمان، بين المعرفة والإنشاد – لا تدرّس فقط، بل تتسلل من خلال تعليم الموسيقي والصوت الكوني الى أسرار الخلق. ' وقالت: 'أقف أمامكم اليوم لا كمجرّد رئيسة للمؤسسة الموسيقية الوطنية، بل كابنة لهذا البلد الذي جعل من الموسيقى فعل بقاء، ومن التعليم فعل مقاومة…. ولبنان، هذا الوطن المجروح، يحتاج منّا اليوم أن نعيد إليه صوته. لا بالصراخ، بل بالغناء. لا بالضجيج، بل بالهارموني. من هنا، أجدني على تلاقٍ وجوديّ معكم.' وتابعت: 'من موقعي في رئاسة المعهد الوطني العالي للموسيقى، أحمل مسؤولية كبرى في بناء جيل موسيقي جديد، جيل يُتقن العلوم والأنغام معًا، ويتعلّم أن الانضباط الموسيقي هو مدخل إلى الانضباط المجتمعي.' أن تُنشد جوقةٌ من الأطفال في البترون، هو حدث ثقافي ووطني وروحي.' وختمت:'لبنان الذي نحمله في أصواتنا لا في شعاراتنا. لبنان الذي نرسم حدوده بأنغامنا، لا بحدوده السياسية. لبنان الذي نعيد خلقه كلّما أنشدنا 'الرجاء'.رجاؤنا ليس وهمًا. رجاؤنا مبنيّ على العقل، على الفنّ، على فلسفة الصوت. وحين يجتمع صوت الروح مع رؤية مؤسسة تعليميةٍ مثل جامعتكم، يصبح الرجاء مشروعًا، لا شعارًا. تحيةً لهذه الجامعة في يوبيلها، على اختيارها المذهل أن تحتفل بالصوت. وتحيةً لأصواتكم التي تتّحد لا لتُشابه، بل لتبتكر. وتحيةً للمستقبل الذي نبنيه معًا، ليس بمفاتيح الصوت، بل بمفاتيح الوعي.' سعاده وكانت كلمة للأخت سعاده قالت فيها:'فَلْنُغَنِّ الرّجاء! دعوةٌ وَصَلَتنا ووَصَلَتكم في سنة الرّجاء من هذا الصّرح التربويّ يجمعُنا تحت اسم العائلة المقدّسة وفي ظلِّها، لبّيتُم الدعوةَ، فجئتُم لتُنْشِدوا الرّجاء، وجِئنا لنستمعَ إليكم، أنتم علاماتُ الرّجاء، طلّابُنا الأحبّاء، حاضرُ الوطن ووعَدُ مستقبلِهِ المُشرق. نَعَم! فلنغنِّ الرّجاء، رغمَ ضبابيّة الواقع وتحديّاتِه، لنُغنِّ الرّجاء في شرقٍ متألّم ولبنان بالكاد يتعافى من جراحِهِ، لنغنِّ الرّجاء في جامعاتنا ومدارسنا وشوارعنا وعند كلِّ مفترقِ طرقٍ، فإنّنا نؤمنُ أنْ خلفَ الغيمات الحالكة تسطعُ شمسٌ أبديّة، نؤمنُ، بما غنّته فيروز، 'نؤمنُ أنْ خلفَ الليلِ العاتي الأمواج يَعلو سِراج'، نؤمنُ، بلبنان وديع الصافي، 'قطعة السّما بالأرض تاني ما إلا'، نؤمنُ، بما وعَدَنا به زكي ناصيف، 'راجع يتعمّر لبنان'، واضافت: 'لنا إيمانُ البطريرك الياس الحويّك، مؤسِّسنا، ونحن كلُّنا بناتُه وأبناؤه، آمَنَ بالرّجاء حيث لا رجاء، آمن بالشبيبة وبالعائلة وبلبنان، نعم، سنغنّي معًا الرّجاء، رغمَ كلِّ الصعوبات، وحيث لا رجاء، فالرجاءُ تنهيدةُ الأرضِ تُعانقُ لحنَ السّماء، ومعًا ننشدُ: إيماني ساطع… ما بيِتكَسَّر إيماني ولا بيِتعَب إيماني.' ثم قدمت الجوقات المشاركة باقات من التراتيل والترانيم والأغاني. وتخلل الحفل وقفاتٌ تأمُّليّةٌ مع الأخت ميشلين فرام، الأخت ريما موسى، الطّالبةِ سافينا حكيم والأخت نور صَهيون. وفي الختام جرى تقديم دِرعُ امتنانٍ وتقديرٍ للدّكتورة هبة القوّاس، ولأعضاءِ لجنةِ التّحكيم، ثم أعلنت النتائج وجرى تسليم الكؤوس للجوقات: كأسُ Best Interpretation نالته ثانويّة مار الياس – البترون، رئيستها الأخت جورج ماري عازار ممثّلةً بالأخت جوسلين شهوان، كأسُ Best Intonation نالته مدرسة سيّدة الشير – إهمج، ممثّلةً برئيسة المدرسة الأخت أمية خوري، كأسُ Best Rythm نالته ثانويّة سيّدة الخلاص – شكّا، ممثّلةً برئيستها الأخت إستير عبد النور، كأسُ Best Presence نالته ثانويّة مار الياس – زحلة، ممثّلةً برئيستها الأخت ريموند الهاشم، كأسُ Best contact with the conductor نالته مدرسة سيّدة البرج – دير الأحمر، ممثّلةً برئيستها الأخت ريما معلوف ونالت مدرسةِ مار يوسف – مزرعة يشوع، ممثّلةً برئيستها الأخت ماري راشيل حويك لقَبَ Voice of Hope Champions. وبعد الاحتفال أقيم حفل غداء على شرف المشاركين والحضور وقطع قالب حلوى بالمناسبة.