logo
جيل بلا مسؤولية

جيل بلا مسؤولية

جريدة الرؤية٠٧-٠٤-٢٠٢٥

جابر حسين العُماني **
Jaber.alomani14@gmail.com
هل الجيل الذي نواكبه هو الأقل التزامًا بمبادئه وعاداته وتقاليده، أم أنَّ الظروف المحيطة به هي التي فرضت عليه الكثير من التحديات التي جعلته يهمل بعض مسؤولياته الاجتماعية والأسرية؟
سؤال يطرح في الأوساط الاجتماعية والأسرية والثقافية، ويعتقد الكثيرون أن الجيل في زماننا هذا يفتقد الكثير من الإحساس بالمسؤولية، مقارنة بالأجيال السابقة التي كانت تعي مسؤوليتها الأسرية والاجتماعية، ويعود ذلك إلى دخول العديد من العادات والظواهر الاجتماعية المستجدة التي أثرت كثيرا على البنية الاجتماعية والأسرية، ومن أبرز تلك الموارد الإفراط في استخدام التكنولوجيا، التي جعلت من الجيل الحديث مقصرًا في تحمل المسؤوليات الأسرية والمجتمعية، وسيطرة الأوضاع الحياتية الدخيلة على الجميع، والتي كان لها الأثر البالغ في تغيير الكثير من السلوكيات القيمية للشباب، وهو ما جعل الجيل الحديث يواجه الكثير من التحديات المعقدة مثل غلاء المعيشة وصعوبة التوفيق للحصول على الوظائف المناسبة، وانعدام الأمان الوظيفي في كثير من بلداننا العربية والإسلامية.
ويرى آخرون أن الظروف الاقتصادية والسياسية أيضًا لعبت دورًا كبيرًا في تشكيل الكثير من تلك السلوكيات، بحيث أصبح الجيل الحديث يواجه الكثير من التحديات المعقدة، والتي من أهمها صعوبة الدخول إلى أسواق العمل، وامتهان المهن التي تليق بهم وبتخصصاتهم العلمية والاجتماعية، وبالتالي تعطلت الكثير من طموحاتهم في خدمة أوطانهم ومجتمعاتهم وأسرهم، مما جعل البطالة في تزايد ملفت ومستمر في وطننا العربي والإسلامي.
والمتأمل لواقعنا الحديث والواقع المعاش عند الأجيال السابقة، يلاحظ حجم ازدياد تعقيدات ومشاكل الحياة الحديثة بشكل ملحوظ، فالمسؤوليات الاجتماعية في عصرنا هذا تتسم بالكثير من التغيرات المستمرة وهي ليست ثابتة، مما يفرض الكثير من التحديات والعقبات في كل حقبة زمنية تمر على الشباب في مجتمعاتهم.
ينبغي اليوم، وبدلا من إلقاء اللوم على الشباب، أن تبذل الحكومات العربية والإسلامية، بل وجميع الجهات المعنية، جهودًا حثيثة ومدروسة لتوفير بيئة داعمة للشباب، تمكنهم من تحقيق طموحاتهم وآمالهم وأهدافهم، مع مراعاة دورهم الفاعل واحترام مسؤولياتهم ومكانتهم الاجتماعية.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعتمد كثيرًا على قدرات الشباب وإمكانياتهم وطاقاتهم في كثير من المهام الاجتماعية والدينية والرسالية، مما يدل على ثقته الكبيرة بقدراتهم وإمكانياتهم في خدمة المجتمع، وهذا ما فعله عندما نصب أسامة بن زيد قائدا على جيش جرار، وهو شاب لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، وكذلك عندما بعث مصعب بن عمير لنشر الدعوة وهو في عز مراحل شبابه.
ولمساعدة الشباب على الإخلاص والوفاء لأوطانهم ومجتمعاتهم وأسرهم ينبغي منحهم الكثير من الفرص المناسبة، لإيصالهم إلى النجاح والإبداع والتفوق بشكل أفضل، ويمكن ذلك من خلال الموارد التالية:
أولًا
: التشجيع على مزاولة العلم والتدريب وحضور الدورات التدريبية التي من خلالها يتم تأهيلهم لأسواق العمل.
ثانيًا
: إشراكهم في صناعة القرار، وإعطاؤهم المساحة الكافية والمناسبة التي يشعرون من خلالها بقيمتهم الوطنية في خدمة وطنهم ومجتمعهم.
ثالثًا
: تعزيز ريادة الأعمال إلى نفوسهم وذلك من خلال إعانتهم على تفعيل مشاريعهم الخاصة، والعمل الجاد على دعمها وتشجيعها.
رابعًا
: احترام أفكارهم ومقترحاتهم وطاقاتهم الجبارة، وتطبيقها في الميادين الوطنية والاجتماعية المختلفة.
خامسًا
: دعم مبادراتهم وإبداعاتهم وابتكاراتهم وتمويلها وتهيئة الاستشارات لمشاريعهم الخاصة.
سادسًا
: غرس روح المسؤولية والانتماء الوطني في نفوسهم، وتعزيز وعيهم وإدراكهم بأهمية الدور الفاعل الذي يقومون به من أجل بناء أوطانهم ومجتمعاتهم وإسعاد أسرهم.
سابعًا
: التشجيع المستمر على بذل الجهود المتواصلة لصناعة المحتويات الهادفة والتركيز عليها لخدمة المجتمع واجتناب المحتويات الهابطة والعمل على مقاطعتها.
ثامنًا
: تسليط الضوء على إنجازات الشباب ومشاريعهم الخاصة وذلك من خلال تغطيات تلفزيونية وإعلامية شاملة تعكس مكانتهم الاجتماعية والإنسانية في مجتمعاتهم وأوطانهم.
تاسعًا
: تشجيع الحوار المفتوح والمتبادل بين الشباب والمسؤولين لتبادل الكثير من المقترحات بهدف رسم الخطط التي فيها خير البلاد والعباد.
عاشرًا
: تكريم المخلصين منهم والأوفياء لأوطانهم خصوصا النماذج الشبابية الناجحة والمبدعة والمبتكرة ليكونوا أنموذجا واضحا للآخرين.
وأخيرًا.. لا بُد أن يعلم الجميع أن إتاحة الفرص الكاملة والمدروسة للشباب تعد من أهم الاستثمارات الوطنية التي تحتاجها أجيالنا الحديثة؛ وذلك ليكونوا جزءًا لا يتجزأ من عملية التنمية الوطنية بدلاً من أن يكونوا مجرد متفرجين أو جيل بلا مسؤولية.
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حين يعلو صوت الحنين
حين يعلو صوت الحنين

جريدة الرؤية

timeمنذ 15 ساعات

  • جريدة الرؤية

حين يعلو صوت الحنين

سهام بنت أحمد الحارثية harthisa@ الفقد ليس لحظة، بل عمرٌ جديد يبدأ دون من نحب... هو الامتحان الأعظم الذي تواجهه الأرواح، حين تُنتزع قطعة منها لا تُعوّض، ويرحل من كان ظلًا وسندًا ودعاءً لا ينقطع، وفي هذا المقام المهيب، وقفت السيدة الجليلة عهد بنت عبدالله البوسعيدية حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاها-، تكتب بالكلمات ما تعجز عنه الحواس، وتُسطّر من الحزن ما لا تبلغه الدموع، مودّعة والدتها المرحومة السيدة خالصة بنت نصر البوسعيدي، التي ارتقت روحها إلى بارئها، وخلّفت في القلب فراغًا لا يملؤه سوى الرجاء. إنه فقد الأم… ذلك النوع من الرحيل الذي لا يُعلّم، ولا يُدرّب عليه الإنسان؛ بل يسكنه بغتة، كزلزال لا ينذر، ويقلب تفاصيل الحياة رأسًا على عقب، حين تغيب الأم، يغيب الأمان، ويغيب ذاك الحضن الذي وإن طال البعد عنه، يكفي أن نعلم بوجوده.. ويغيب الدعاء الصادق الذي يسبقك في كل صباح ومساء، دون أن تدري. لكن السيدة الجليلة لم تكتب من حطام الحزن؛ بل من نور الإيمان.. كتبت من مقام الرضا، لا الانكسار، ومن قمة الصبر، لا هوة الألم، واجهت الفقد بالكلمة، وسلّحت قلبها بالدعاء، وفتحت دفاتر البرّ، وقرأتها على الله، تسأله أن يُجزل الجزاء، ويعلي المقام، ويرزقها اللقاء. لقد كتبت عن والدتها لا لتُرثيها؛ بل لتشهد لها، لتُخبر الدنيا أن هذه الروح التي مضت، لم تكن كأي روح.. كانت يدًا خفية في الخير، وصوتًا لا يُسمع لكنه يصل، ووجهًا باسمًا في زمنٍ شحيح بالطيبة… كانت من أولئك الذين يمشون على الأرض في هدوء، لكن أثرهم لا يغيب، وسيرتهم لا تُنسى. واجهت السيدة الجليلة فداحة الفقد كما لا يفعل كثيرون؛ لم تتكئ على الحزن؛ بل على الذكرى الطيبة، ولم تنهَر أمام الموت، بل رفعت بصرها نحو السماء، وقالت: " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ". في كلماتها عزاء لكل من فقد، ولكل قلبٍ انفطر على رحيل أم، ولكل نفسٍ تبحث عن عزاء لا يأتي من الناس، بل من الله وفي كلماتها درس أن الفقد لا يُواجه بالبكاء فقط، بل بالتسليم، وأن الوفاء لا يكون بالنداء، بل بالدعاء، وأن الكلمة إذا خُطّت بصدق، صارت دعاءً، وإذا سُكبت من الحنين، صارت صلاةً. وأقول يا سيدة القلوب الراضية.. نسأل الله أن يربط على قلبك، ويجبر كسرك، ويجعل حزن قلبك رفعةً، وصبرك نورًا، وأن يُريك في كل ذكرى من والدتك ما يُبهج، وفي كل دعاء لها ما يُطمئن، اللهم اجعل هذا الفقد شاهدًا على محبتها، وهذا الصبر دليلًا على بِرِّها، واملأ قلبها سكينةً لا تنفد، ورضًا لا ينطفئ، وأجرًا لا ينقطع.

السيدة الجليلة ترثي والدتها: كانت جبلًا من الصبر مُتجردة من زُخرف الترف
السيدة الجليلة ترثي والدتها: كانت جبلًا من الصبر مُتجردة من زُخرف الترف

جريدة الرؤية

timeمنذ 17 ساعات

  • جريدة الرؤية

السيدة الجليلة ترثي والدتها: كانت جبلًا من الصبر مُتجردة من زُخرف الترف

الرؤية- غرفة الأخبار نعت السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاها- والدتها السيدة خالصة بنت نصر بن يعرب البوسعيدي، التي وافتها المنية يوم الإثنين الماضي، وارتقت إلى "جوار بارئها في لحظةٍ امتزج فيها الفقد بالتسليم، والحزن بالرجاء، مستبشرة برحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء"، بحسب بيان رسمي صادر عن السيدة الجليلة- أبقاها الله. وجاء في بيان النعي: "كانت النية البيضاء التي يعلمها رب العباد، ومد يد العون، والخبايا الصالحة، ساعيةً للجود والإحسان، سعي من يرجو فضل الله تعالى، تفيض بعطاءٍ لا يُرى، وبدعوات لا تُسمع، وتتصل حيث يُرجى آثارها، ويُجزى عند الله سعيها". وتابع البيان مُعدِّدًا مآثر الفقيدة: "لقد عاشت في بساطة متجردة من زخرف الترف، كأن أيامها نُسجت من خيوط الفطرة الأولى. لم تعرف روحها التكلف؛ بل مضت بخطى وئيدة يسندها الرضا، عالمها صفاء يعانق الروح واستقرار ينبع من صميم الإنسانية الخالصة. نفسها تأنس إلى البساطة أنس الطيور إلى فضائها. ومضى البيان قائلًا: "كانت جبلًا من الصبر، وركنًا للثبات. لقد اختبرتها الحياة، فكانت الجواب الجميل في كل امتحان، والمثال الرفيع للصبر والجَلد. وفي مرضها الأخير، ظلت روحها كما عاهدناها: معطاءًة، مُطمئنة، متوشحةً بالصبر، قريرةً بالرضا، مؤمنة بما كتب الله، لا تئن ولا تشتكي؛ بل تُسلِّم وتحمد وتشكر". واختتم البيان بالقول: "أقفُ على أعتاب الدعاء، أطرق باب الكريم الذي لا يرد سائلًا، أتضرع إليه بعين الرجاء أن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وأن يفتح لها بابًا من نور لا يُغلق أبدًا، وأن يجعل كل يدٍ أعانتها، وكل معروف أسدته، وكل ابتلاءٍ مرت به، شاهدًا لها لا عليها، وسببًا لرفعة درجتها، وبلاغًا لمقامها عند رب رحيم، وأن ينزلها منزلًا مباركًا؛ حيث لا ألم ولا فقد، ولا فناء، دار القرار، ودار الأبرار، والمقام الآمن، الذي لا يعقبه فزع، ولا يليه وداع". اللهم اجعلها من صفوة أوليائك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، من السابقات إلى الخيرات، ومن الفائزات، المستبشرات بالرضوان. ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمدلله حمد الصابرين، الشاكرين المحتسبين.

سفارتنا في كوريا تحتفي بـ"شجرة اللبان العُمانية"
سفارتنا في كوريا تحتفي بـ"شجرة اللبان العُمانية"

جريدة الرؤية

timeمنذ 2 أيام

  • جريدة الرؤية

سفارتنا في كوريا تحتفي بـ"شجرة اللبان العُمانية"

سول- العُمانية نظمت سفارة سلطنة عُمان في جمهورية كوريا، أمس فعالية مميزة لزراعة شجرة اللبان العُمانية، إضافة إلى زهرة السُّلطان قابوس بن سعيد- طيّبَ اللّٰهُ ثراه- وزهرة جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه اللّٰهُ ورعاه- وزهرة السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاها- في حديقة سول للنباتات؛ وذلك في إطار جهود السفارة المستمرة لتعزيز التبادل الثقافي والبيئي بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا، وتسليط الضوء على الروابط التاريخية العميقة التي تجمع سلطنة عُمان وجمهورية كوريا. وشهدت المناسبة حضور العديد من الشخصيات العامة والمسؤولين الذين شاركوا في زراعة الأشجار وفي مقدمتهم سعادة كيم هيونغ دونغ عضو الجمعية الوطنية ونائب رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الكورية- العُمانية، وسعادة تشونغ كوانغ يونغ المدير العام لمكتب شؤون أفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الشؤون الخارجية الكورية، وسعادة كيم تشانغ مو رئيس الجمعية الكورية- العربية، ومديرة حديقة سيئول للنباتات، وعدد من السفراء المعتمدين في جمهورية كوريا. وأعرب سعادة الشيخ زكريا بن حمد هلال السعدي، سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية كوريا عن شكره للضيوف لحضورهم هذه المناسبة، وأشار إلى أن هذه الفعالية كانت مقررة العام الماضي احتفالاً بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا، ولكن إجراءات الحجر الصحي المتعلقة بالنباتات حالت دون تنفيذ الحدث في وقته. وأعرب عن تقديره لوكالة الحجر الصحي والنباتي في جمهورية كوريا، وحديقة سيئول النباتية وشؤون البلاط السُّلطاني (الحدائق والمزارع السُّلطانية) في سلطنة عُمان على تعاونهم وتفانيهم في تحقيق هذا الحدث. وأكد سعادة السفير على أهمية هذه المناسبة، واصفاً إياها بأنها تجسد قيم التعاون والحوار الحضاري، وقال "إن زراعة هذه الأشجار والزهور ليس مجرد فعل رمزي، بل تعكس التزامنا بالحفاظ على التراث الطبيعي والتاريخي لسلطنة عُمان". وأشاد سعادته بالروابط التاريخية بين البلدين، مؤكداً على امتدادها منذ عهد مملكة شيلا الكورية، مشيراً إلى وجود لبقايا من اللبان العُماني في معبد في مدينة كيونغجو في كوريا والتي تعود إلى أكثر من ألف عام وهذا خير دليل على عمق التبادل التاريخي والتجاري بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا. بدورها، أعربت مديرة حديقة سيئول النباتية، عن امتنانها لجهود سفارة سلطنة عُمان في سيئول، مشيدة بالمبادرة التي تقدم رموزاً متجذرة في التراث العُماني، مؤكدة على أهمية الاستمرار في العناية بهذه النباتات لضمان نموّها الصحي في الحدائق الكورية. ويؤكد هذا الحدث التزام سلطنة عُمان بتعزيز الحوار الحضاري والتعاون البيئي من خلال مبادرات خلاقة تسلط الضوء على كنوزها الطبيعية القيّمة. وتشير إلى عمق التواصل الحضاري والتاريخي بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا منذ ألف عام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store