logo
هل تزيد الكوارث البيئية إيمان الناس بالأشباح؟

هل تزيد الكوارث البيئية إيمان الناس بالأشباح؟

الجزيرة٢٥-٠٤-٢٠٢٥

في أعقاب الكوارث الطبيعية المدمرة من حرائق غابات وأعاصير وفيضانات، والتي تزداد وتيرتها نتيجة التغير المناخي ، تشهد ظاهرة قصص الأشباح عودة ملحوظة، وفق مجلة "ناشونال جيوغرافيك".
إذ يبدو أن الصدمة النفسية الناتجة عن هذه الكوارث لا تؤثر فقط على الأجساد والممتلكات، بل تمتد لتغذي إحساسا باللاواقع، يُترجَم أحيانا إلى مشاهدات غريبة وتفسيرات خارقة للطبيعة.
تقول خبيرة الطب النفسي في سياق الكوارث ليزلي هارتلي جيز، والتي عملت مع ناجين من حرائق هاواي عام 2023، إن الحزن العميق يمكن أن يُحدث تغييرات ملموسة في الدماغ.
وتوضح أن "الكثير من الناس يعتقدون أنهم بدؤوا يفقدون صوابهم حين يرون أو يسمعون أحبّاءهم بعد وفاتهم، لكن في الواقع، هذه تجربة شائعة تعكس طريقة العقل في معالجة الفقد".
ويشير علماء النفس إلى أن مثل هذه "الهلوسات الحزينة" هي وسيلة دفاعية لعقل مرهق يحاول التكيف مع الخسارة، وفق المجلة.
وفي لحظات الأزمات، ترتفع معدلات الإيمان بالظواهر الخارقة. ففي المملكة المتحدة، خلال الأشهر الأولى من إغلاق جائحة كوفيد-19، سجل الاتحاد الوطني للروحانيين زيادة بنسبة 325% في طلبات العضوية.
كما أبلغ محققو الخوارق وطاردو الأرواح الشريرة في عدة دول عن قفزات كبيرة في الطلب على خدماتهم بعد كوارث مثل زلزال اليابان عام 2011 أو فيضانات ليبيا وحرائق ماوي عام 2023.
آليات متشابكة
الآليات التي تفسر هذه المشاهدات متشابكة. فعلى المستوى البيولوجي، يؤدي الحزن والقلق إلى إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، التي بدورها تُضعف النوم وتزيد من حساسية الدماغ للمثيرات، مما قد ينتج عنه هلوسات واقعية للغاية.
أما في البيئة المحيطة بالكوارث، فإن الظلال الطويلة، الصمت الغريب، والأماكن المهجورة تضفي جوا شبه سريالي يجعل من السهل إسقاط الخوف على المحيط.
وتشير جيز إلى أن بعض الناجين يشعرون أنهم فقدوا إحساسهم بالواقع تماما، قائلة "يشعر البعض بأنهم ليسوا أنفسهم، أو أنهم مجرد أشباح في عالم لم يعد كما كان".
وفي أحيان أخرى، قد تسهم التلوّثات الكيميائية التي تنتشر بعد الكوارث الطبيعية -كالزئبق أو المبيدات- في تعزيز الإحساس بالهذيان أو "رؤية" أشياء غير موجودة.
أبعاد ثقافية
بعيدا عن التفسيرات البيولوجية، يذهب بعض الباحثين إلى أن قصص الأشباح تحمل بعدا ثقافيا واجتماعيا عميقا.
ويقول عالما الأنثروبولوجيا كريستين وتود فانبول إن الأشباح قد تكون رموزا تحذيرية، تُجسد مخاوف المجتمع من الجشع أو الفقد أو التغيير الجذري. وهي، بذلك، ليست فقط للتسلية أو الترويع، بل وسيلة للتكيف الجماعي وبناء سرديات تعزز التماسك المجتمعي.
في بعض الحالات، ترتبط الأشباح بالمكان أكثر من الإنسان. فقد تحدّث سكان جبال الألب عن "أشباح جليدية" بعد اختفاء الأنهار الجليدية التي رافقتهم لعقود، فيما يرى آخرون أن اختفاء المعالم الطبيعية يُولّد حدادا يشبه الحداد على إنسان.
لكن ما يجعل قصص الأشباح أداة فعالة، هو قدرتها على الحفاظ على الذاكرة. فبعد الزلازل المدمرة في تركيا عام 2023، واجه كثير من الناس صعوبة في دفن أحبائهم بسبب حجم الدمار، وهو ما أفضى إلى "صدمات ثانوية"، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وفي مثل هذه الظروف، تُصبح القصص وسيلة للحفاظ على الروابط العاطفية، واستمرار الحوار مع الماضي رغم غياب الأجساد.
في اليابان، بعد تسونامي عام 2011، انتشرت ظاهرة "الكايدانكاي"، أي سرد قصص الأشباح في جلسات جماعية، كوسيلة للشفاء الجماعي وتكريم الأرواح الغائبة.
وفي هاواي، كما تقول جيز، شعر أفراد من الجالية اليابانية بالصدمة لما حدث في وطنهم، رغم المسافة، في دلالة على الامتداد العاطفي العابر للحدود للكوارث الجماعية.
وفي ظل استمرار الكوارث المناخية والبيئية حول العالم، تشير جيز إلى أن العالم قد يشهد المزيد من هذه الظواهر النفسية الخارقة.
وتربط بين ارتفاع القلق الجماعي والمعلومات المضللة والتدهور العقلي لدى بعض الأفراد، مما قد يدفعهم للعودة إلى تفسير العالم من خلال ما هو غير مرئي، موضحة "حين لا نجد تفسيرا منطقيا لمعاناتنا، نبحث عن أجوبة في أماكن أخرى، حتى لو كانت على شكل أشباح".
وهكذا، في زمن تتسارع فيه الكوارث، قد لا تكون الأشباح مجرّد خرافات، بل انعكاسات نفسية عميقة لجراح لم تندمل، ورسائل معلقة بين عالم فقَد استقراره، وآخر نحاول إعادة بنائه بكل ما أوتينا من ذاكرة وخيال، بحسب مجلة ""ناشونال جيوغرافيك".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

منظمة الصحة العالمية تعتمد الاتفاق بشأن الجوائح
منظمة الصحة العالمية تعتمد الاتفاق بشأن الجوائح

الجزيرة

timeمنذ 17 ساعات

  • الجزيرة

منظمة الصحة العالمية تعتمد الاتفاق بشأن الجوائح

أقرت جمعية الصحة العالمية الثلاثاء في جنيف الاتفاق الدولي بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها، بعد 3 سنوات من المفاوضات الشاقة. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في بيان "هذا الاتفاق انتصار للصحة العامة والعلوم والعمل المتعدد الأطراف. وسيسمح لنا، على نحو جماعي، بحماية العالم بشكل أفضل من تهديدات مقبلة بجوائح". وأقر في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية بأن "اليوم يوم كبير… يوم تاريخي". ويهدف الاتفاق الى التأهب بشكل أفضل للجوائح المقبلة وتعزيز سبل مكافحتها، ويأتي في ضوء الفشل الجماعي في التعامل مع جائحة كوفيد-19 التي أودت بحياة الملايين وقوضت الاقتصاد العالمي. وينص الاتفاق الذي أنجزت النسخة النهائية منه بالتوافق في 16 نيسان/أبريل على آلية تنسيق عالمية على نحو أبكر وأكثر فعالية في آن للوقاية والرصد والاستجابة لأي مخاطر قد تؤدي إلى جائحة. ويهدف أيضا إلى ضمان الإنصاف في الحصول على المنتجات الصحية في حال حدوث جائحة. وقد شكت البلدان الأكثر فقرا منذ هذه المسألة خلال كوفيد-19، عندما احتكرت الدول الثرية اللقاحات وفحوص التشخيص. ويعزز الاتفاق أيضا الترصد المتعدد القطاعات ونهج "صحة واحدة" على صعيد البشر والحيوانات والبيئة. ويقيم خصوصا آلية "لإتاحة مسببات المرض وتشارك المنافع"، من شأنها أن "تتيح تشاركا سريعا جدا ومنهجيا للمعلومات الخاصة ببروز مسببات للمرض قد تؤدي إلى تفشي جائحة"، بحسب ما أوضحت السفيرة الفرنسية للصحة آن-كلير أمبرو التي شاركت في إدارة المفاوضات الخاصة بالاتفاق بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها. وما زال ينبغي التفاوض على التفاصيل الدقيقة للآلية، على أمل اختتام المفاوضات في هذا الخصوص بحلول الجمعية المقبلة في مايو/أيار 2026. واعتمد القرار الخاص بالاتفاق في جلسة مساء الاثنين لإحدى لجنتي الجمعية بـ 124 صوتا مؤيدا. ولم تصوت أي دولة ضده، في حين امتنعت دول مثل إسرائيل وإيران وروسيا وإيطاليا وبولندا عن التصويت. وكانت المفاوضات الآيلة إلى النسخة النهائية من النص شاقة وعلى وشك الانهيار أحيانا، لا سيما في ظل الاقتطاعات المالية الشديدة التي تواجهها المنظمة بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب منها وإحجامها عن دفع اشتراكات العامين 2024 و2025.

‫ وحدة الخدمات الطبية ببعثة الحج القطرية تعلن جاهزيتها الكاملة لتقديم أفضل رعاية صحية للحجاج
‫ وحدة الخدمات الطبية ببعثة الحج القطرية تعلن جاهزيتها الكاملة لتقديم أفضل رعاية صحية للحجاج

العرب القطرية

timeمنذ 2 أيام

  • العرب القطرية

‫ وحدة الخدمات الطبية ببعثة الحج القطرية تعلن جاهزيتها الكاملة لتقديم أفضل رعاية صحية للحجاج

قنا أعلنت وحدة الخدمات الطبية ببعثة الحج القطرية جاهزيتها الكاملة لتقديم أفضل رعاية صحية لحجاج دولة قطر، وذلك في تنسيق بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الصحة العامة ومؤسسة حمد الطبية ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية. وأكد الدكتور خالد عبدالهادي رئيس وحدة الخدمات الطبية ببعثة الحج القطرية، أن الدولة لا تدخر جهدا في سبيل توفير كافة الإمكانيات الطبية والكوادر المؤهلة لضمان صحة وسلامة الحجاج، من لحظة مغادرتهم البلاد وحتى عودتهم سالمين. وأوضح الدكتور عبدالهادي أن سلامة حجاج قطر أولوية قصوى، وأن الوحدة الطبية تعمل على مدار الساعة من خلال طواقم طبية متميزة تضم نخبة من أطباء الأسرة والطوارئ والأوبئة، إلى جانب فرق التمريض والمسعفين والصيادلة، لمرافقة الحجاج وتقديم الخدمات الصحية على أعلى مستوى. وأشار إلى أن العيادات الطبية المخصصة للرجال والنساء تم تجهيزها في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة (منى وعرفة ومزدلفة)، بالإضافة إلى غرف للعزل والتنويم والملاحظة لضمان التدخل السريع في الحالات الطارئة. وفي خطوة لتعزيز المنظومة الطبية، تم التعاقد هذا العام مع المستشفى السعودي الألماني في مكة، وهي أحد المستشفيات المتميزة بخدماتها العلاجية بالمملكة؛ لخدمة حجاج قطر في الحالات الطارئة التي قد يتعرض لها أي حاج، وأن يكون له أولوية كذلك للعلاج في هذا المستشفى، وكذلك لتوفير أمهر الكوادر الطبية المتخصصة ليكونوا ضمن طواقم وحدة الخدمات الطبية بمقر البعثة لهذا العام؛ حرصا على تقديم أفضل رعاية صحية لحجاج قطر. وفي هذا الصدد، شدد الدكتور عبدالهادي على أهمية التزام الحجاج بالاشتراطات الصحية السعودية، والحصول على اللقاحات والتطعيمات اللازمة، وخاصة الحمى الشوكية (صالحة لمدة 5 سنوات)، وشهادة كوفيد-19، مشيرا إلى أهمية الحصول على لقاح الإنفلونزا الموسمية. وبين أن هذه التطعيمات يجب أخذها قبل 14 يوما من السفر، وهي متوفرة في مراكز مؤسسة الرعاية الصحية الأولية بالدولة، منوها بضرورة مراجعة المرضى المزمنين لأطبائهم المعالجين، والتأكد من لياقتهم الصحية لأداء المناسك. وأشار إلى أنه تم استحداث نموذج طبي خاص بالحجاج ممن تجاوزوا الستين عاما، يتضمن تقييما شاملا لضمان قدرتهم على أداء المناسك دون مضاعفات صحية، داعيا أصحاب الأمراض المزمنة، لا سيما مرض السكري أن يصطحبوا معهم حقيبة طبية شخصية، لحفظ الأدوية والإنسولين بطريقة سليمة. كما دعا رئيس الوحدة الطبية الحجاج إلى اتخاذ تدابير وقائية لتجنب ضربات الشمس، مثل شرب كميات كافية من الماء، وارتداء القبعات الواقية أو استخدام المظلات، والمحافظة على النظافة الشخصية وغسل اليدين باستمرار للوقاية من الأمراض المعدية والجلدية. وفيما يخص التنسيق مع حملات الحج، أكد الدكتور عبدالهادي أن وحدة الاتصال التابعة لبعثة الحج القطرية تلعب دورا محوريا في التواصل مع الحملات وتسهيل الربط مع الوحدة الطبية، لضمان التدخل السريع في الحالات الصحية، وذلك عبر خط ساخن يعمل على مدار الساعة وفرق طبية متواجدة في كافة مواقع الحجاج. وذكر أن مقر بعثة الحج القطرية في مكة المكرمة يتضمن طابقا كاملا للعزل الطبي، بالإضافة إلى عيادات الفرز والتشخيص السريع وعيادات علاجية للرجال والنساء، وطابقا خاصا للمعاينة السريعة. ولفت إلى أنه قد تم تجهيز عيادات ميدانية في المشاعر المقدسة بمنى وعرفة، ويرافق الحجاج في مشعر مزدلفة فريق طبي مجهز، مؤكدا أن طواقم الوحدة الطبية تصحب وترافق الحاج أينما يتوجه، وتوفر الخدمات الصحية والرعاية الطبية بأفضل المعايير والإسعافات اللازمة، كما أن الوحدة حرصت أن تكون هناك سيارة إسعاف مصاحبة للوحدة الطبية خلال موسم الحج. وفي ختام تصريحه، أكد الدكتور خالد عبدالهادي أن فرق الخدمات الطبية القطرية ستكون على أهبة الاستعداد لتقديم خدماتها بكفاءة عالية في جميع مواقع البعثة، داعيا جميع الحجاج إلى الالتزام بالإرشادات الصحية، وعدم التهاون في الوقاية واتباع التعليمات، بما يضمن أداء فريضة الحج بأمان وطمأنينة.

منظمة الصحة العالمية: خروج آخر مستشفى لعلاج مرضى السرطان في غزة عن الخدمة
منظمة الصحة العالمية: خروج آخر مستشفى لعلاج مرضى السرطان في غزة عن الخدمة

الراية

timeمنذ 4 أيام

  • الراية

منظمة الصحة العالمية: خروج آخر مستشفى لعلاج مرضى السرطان في غزة عن الخدمة

منظمة الصحة العالمية: خروج آخر مستشفى لعلاج مرضى السرطان في غزة عن الخدمة جنيف - قنا : قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم، إن آخر مستشفى في غزة يوفر الرعاية الطبية لمصابين بأمراض القلب ولمرضى السرطان توقف عن العمل إثر هجوم إسرائيلي. وجاء في منشور تيدروس أدهانوم غبرييسوس المدير العام للمنظمة على منصة "X"، أن الهجوم الذي وقع الثلاثاء أصاب المستشفى الأوروبي في خان يونس بـ"أضرار بالغة" وجعل الوصول إليه متعذرا. وتابع "أصبح خارج الخدمة"، موضحا أن فريقا من منظمة الصحة العالمية أجلى الطواقم الطبية على نحو عاجل خلال الهجوم. ولفت المدير العام للمنظمة بأن "إغلاق المستشفى أدى إلى توقف خدمات حيوية، بما في ذلك جراحة الأعصاب والرعاية القلبية وعلاج السرطان، وهي (خدمات) غير متوفرة في أنحاء أخرى في قطاع غزة". وأكد "أن هذا الإغلاق ينهي أيضا دور المنشأة بصفتها مركزا رئيسيا للإخلاءات الطبية، ما يزيد الضغوط على النظام الصحي المثقل بالفعل". وشدّد تيدروس على "وجوب حماية المستشفيات". وسلّطت منظمة أطباء بلا حدود الضوء على عواقب هذا الإغلاق وقالت في منشور على منصة إكس إن المستشفى كان "واحدا من أواخر أطواق النجاة في النظام الصحي الغزّي المدمّر"، مشيرة إلى أن مستشفى ناصر هو الآن المرفق الطبي الوحيد الذي ما زال يعمل في خان يونس، في جنوب قطاع غزة. وأشارت إلى أن مستشفى ناصر "تعرض هو أيضا لهجوم في اليوم نفسه قبل بضع ساعات من مستشفى غزة الأوروبي وذلك للمرة الثانية في أقل من شهرين". وقالت أطباء بلا حدود إن "المستشفيات المتبقية في القطاع تعمل جزئيا بغالبيتها وهي دوما (تحت ضغوط) تتخطى قدرتها الاستيعابية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store