
العراق.. تصريحات السوداني بشأن "حصر السلاح" تثير الجدل
وجاءت هذه الرسائل، التي تبدو في ظاهرها تذكيرا بموقف مبدئي في سياق سياسي وأمني أكثر حساسية مما يوحي به ظاهر التصريح، إذ تزامنت مع احتدام النقاش البرلماني حول مشروع قانون تنظيم الحشد الشعبي ، وهو مشروع ما زال يثير انقساما داخليا، خاصة بعد انسحاب كتل سنية وكردية احتجاجا على إدراجه في جدول الأعمال دون توافق سياسي مسبق.
ويواجه مشروع القانون الذي استكمل البرلمان قراءته الثانية في يوليو الماضي، اعتراضات من أطراف ترى فيه محاولة لتعزيز استقلالية بعض الفصائل المسلحة وزيادة نفوذها، ما قد يخلق ازدواجية في القرار الأمني.
وأعربت اشنطن، التي تتابع المشهد عن كثب، عن تحفظات غير معلنة على المشروع، خشية أن يمنح الغطاء القانوني لفصائل موالية لإيران تعمل خارج نطاق التنسيق مع التحالف الدولي.
وبالنسبة للفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، فإن النقاش البرلماني يتقاطع مباشرة مع التصريحات الحكومية، ويقرأ على أنه جزء من ضغوط أوسع لتقييد نشاطها الميداني، أو على الأقل ضبطه تحت سقف الدولة.
إنذار مبكر من طهران
وفي السياق، كشف مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي عن اتصال هاتفي أجراه مع رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، تناول ما وصفه بـ"المخاوف من انتقال حملة نزع السلاح من حزب الله في لبنان إلى الحشد الشعبي في العراق".
وشدد المالكي وهو أحد أعمدة "الإطار التنسيقي" وحليف استراتيجي لطهران، بحسب ولايتي، على أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستنتقلان بعد لبنان إلى استهداف الحشد الشعبي، مؤكدا اتفاقه مع القيادة الإيرانية على رفض أي تحرك لنزع سلاح الحزب أو الحشد.
ويعكس هذا الاتصال، في توقيته ومضمونه، شعور قوى عراقية نافذة بوجود تحولات في الخطاب الرسمي قد تمهد لسياسات جديدة، وربما لتفاهمات إقليمية تراعي ضغوط الغرب وبعض دول الجوار.
إقالات أمنية: خطوة غير مسبوقة
والتطور الأبرز جاء مع إعلان الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة إقالة قائدي اللواءين 45 و46 في الحشد الشعبي، وإحالة جميع المتورطين في أحداث دائرة الزراعة في الكرخ إلى القضاء، بعد ثبوت قيام كتائب حزب الله العراقية بتحرك مسلح دون موافقات رسمية، واعتدائها على عناصر أمنية.
وهذه الخطوة، غير المسبوقة في التعامل مع فصائل محسوبة على الحرس الثوري الإيراني ، فسرها مراقبون بأنها إشارة واضحة إلى أن السوداني مستعد لترجمة خطابه بشأن حصر السلاح بيد الدولة إلى إجراءات عملية، حتى لو تطلب الأمر مواجهة سياسية وأمنية مع قوى نافذة.
الحشد الشعبي: بين الشرعية المؤسسية والولاءات الخارجية
وتشكل الحشد الشعبي عام 2014 بفتوى المرجع علي السيستاني لصد خطر تنظيم داعش، ومع مرور السنوات، أصبح قوة عسكرية وسياسية ضخمة تضم نحو 238 ألف عنصر موزعين على 68 فصيلا، من أبرزها منظمة بدر، عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله.
وفي 2016، تم دمج الحشد كهيئة رسمية تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، وتمول عبر وزارة المالية، حيث بلغت ميزانيته لعام 2024 نحو 2.7 مليار دولار.
لكن تقارير دولية وأميركية أكدت أن بعض فصائله ما زالت تتلقى دعما مباشرا من الحرس الثوري الإيراني، بما يشمل التمويل والتسليح والتدريب، ما يثير جدلا حول ازدواجية الولاء والقرار.
ثبات في الموقف وتكتيك في التطبيق
وفي حديثه لبرنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، أوضح مستشار رئيس الوزراء، حسن علاوي، أن ما يقوله السوداني ليس جديدا، بل يمثل جوهر موقفه منذ اليوم الأول لتوليه المنصب، بل ومنذ كان وزيرا وسياسيا فاعلا في البرلمان.
وأكد العلوي أن "حصرية السلاح بيد الدولة" ليست مجرد شعار، بل جزء من البرنامج الحكومي الذي أقر في أكتوبر 2022، مشيرا إلى أن السوداني ماض في تطبيق هذا البند بخطوات مدروسة، تحافظ على الاستقرار ولا تدفع البلاد إلى مواجهة داخلية مفتوحة.
وأشار المستشار إلى أن الحكومة تعاملت مع حادثة دائرة الزراعة "في وقت قياسي"، وأن التحقيقات والإقالات والإحالات إلى القضاء جاءت لتؤكد أن سلطة القانون تشمل جميع التشكيلات، دون استثناء، وأن لا خطوط حمراء أمام قرارات الدولة إذا تعلق الأمر بفرض النظام.
وأحد المحاور التي توسع فيها العلوي كان التمييز بين الحالة العراقية واللبنانية، معتبرا أن العراق بعد هزيمة داعش عام 2017 شهد تحولا جذريا نحو الاستقرار، وأن البيئة السياسية والاجتماعية فيه تسمح بإجراءات إصلاحية أكبر مما هو متاح في لبنان ، حيث الانقسام الطائفي أعمق والاصطفافات السياسية أكثر حدة.
كما شدد العلوي على أن المرجعية الدينية في النجف دعمت مسار بناء الدولة، وأن هناك إجماعا وطنيا واسعا على ضرورة تجنب الانجرار إلى صراعات إقليمية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تتطلب بيئة آمنة لجذب الاستثمارات وتنفيذ مشاريع التنمية.
إدارة الأزمات… ورصيد سياسي متنام
وربط العلوي بين قدرة حكومة السوداني على احتواء الأزمات، مثل تداعيات حرب غزة في 2023، وبين قدرتها على إدارة ملف السلاح.
وأوضح أن السوداني قاد حوارا سياسيا مكثفا مع أطراف "الإطار التنسيقي" ومع قوى برلمانية أخرى لتجنيب العراق الانخراط العسكري المباشر في أزمات المنطقة، مع الحفاظ على توازن العلاقات مع طهران وواشنطن في آن واحد.
كما أشار إلى أن العراق نجح، بعد 7 أكتوبر، في تفادي أي توترات أمنية داخلية، واستثمر علاقاته الإقليمية لقيادة القمة العربية بدورتها الـ34، إضافة إلى الدعوة لاجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب أثناء الحرب، في خطوة أبرزت موقع بغداد كلاعب دبلوماسي نشط.
بين ضغط واشنطن وحسابات طهران
وفي المشهد الإقليمي، يجد العراق نفسه أمام معادلة معقدة: واشنطن تدفع باتجاه ضبط نفوذ الفصائل الموالية لإيران، فيما ترى طهران أن هذه الفصائل جزء من منظومة "محور المقاومة" التي لا يمكن المساس بها.
ويدرك السوداني، بحسب العلوي، حساسية هذه المعادلة، ويحاول أن يوازن بين تثبيت سلطة الدولة والحفاظ على شبكة تحالفاته السياسية الداخلية والخارجية.
ومع اقتراب الانتخابات المقبلة، تتحول معركة السلاح في العراق إلى قضية انتخابية بامتياز.
والسوداني على أن فرض القانون سيعزز رصيده الشعبي، بينما تراهن فصائل مسلحة على أن قوتها الميدانية ستبقى ورقة ضغط في أي تفاوض سياسي مستقبلي.
وفي ظل هذا التداخل بين الأمن والسياسة، تبدو المرحلة المقبلة اختبارا حاسما لقدرة الحكومة على إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والحشد الشعبي، وعلى حسم ما إذا كانت هذه القوة العسكرية ستظل ذراعا رسمية للدولة أو كيانا ذا ولاءات متداخلة.
العراق على مفترق طرق
وتكشف التصريحات الأخيرة للسوداني، والقرارات الأمنية المصاحبة، أن العراق يقف على أعتاب مرحلة جديدة في إدارة ملف السلاح، مرحلة تحاول أن تجمع بين الواقعية السياسية وحسم الموقف الميداني.
لكن نجاح هذا المسار يتوقف على عدة عوامل وتتمثل في مدى استعداد القوى السياسية والفصائل المسلحة للتنازل عن مساحات نفوذها وقدرة الحكومة على الحفاظ على الاستقرار الأمني وإمكانية توظيف هذا الاستقرار في تحقيق قفزة اقتصادية تبرر أمام الشارع العراقي جدوى التضحيات السياسية والأمنية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 11 ساعات
- سكاي نيوز عربية
انقطاع كامل للكهرباء في محافظات عراقية
وأكد مصدر لقناة السومرية العراقية أن السبب يعود إلى خلل في خطوط النقل والأحمال الثقيلة، مما أدى إلى إطفاء كامل للمنظومة الكهربائية. وأشار المصدر إلى خروج جميع محطات الكهرباء في محافظات البصرة وميسان وواسط وكركوك، إضافة إلى محافظات أخرى، عن العمل. وقال المصدر إن الجهود مستمرة لإعادة تشغيل المحطات تدريجيا واستعادة التيار الكهربائي في المناطق المتضررة. ويأتي انقطاع التيار الكهربائي الواسع في العراق بعد ساعات قليلة من تصريحات لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني أكد فيها مواصلة تطوير إنتاج الكهرباء والمضي في بناء شراكات لتأمين الغاز للمحطات وكان السوداني افتتح صباحا الوحدة الغازية التوربينية (13) في محطة بسماية الغازية الاستثمارية لإنتاج الطاقة الكهربائية، التي ستضيف 300 ميكاواط إلى إنتاج المحطة. كما افتتح الوحدات التي خضعت لأعمال الصيانة والتجديد، حيث جرى استرجاع قدرة إنتاجية بحدود 210 ميكاواط، ليرتفع مستوى الإنتاج الكلي للمحطة إلى 5000 ميكاواط. وأثنى السوداني على جهود العاملين والشركات المنفذة في القطاع الخاص، ووزارة الكهرباء، وشركة (GE) بما قدموه من خبرات وتكنولوجيا مكنت من سرعة هذا الإنجاز في مدة قياسية، مؤكدا مضي الحكومة في تطوير البنى التحتية للطاقة الوطنية، وبعدة مسارات.


الإمارات اليوم
منذ 11 ساعات
- الإمارات اليوم
انقطاع كامل للكهرباء في أنحاء العراق
قالت مصادر في وزارة الكهرباء العراقية، إن العراق تعرض لانقطاع التيار الكهربائي في المناطق الوسطى والجنوبية اليوم الاثنين بعد توقف محطة لتوليد الكهرباء في محافظة الأنبار. وأضافت المصادر، أن التوقف المفاجئ لمحطة الحميدية أدى إلى عطل في شبكة نقل الكهرباء العراقية. وأكد رئيس لجنة الطاقة في البرلمان العراقي، أن انقطاع الكهرباء لم يؤثر على إقليم كردستان العراق شبه المستقل، وفق وكالة "رويترز". وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية، في بيان اليوم الاثنين، خسارة الشبكة لأكثر من 6 آلاف ميغاواط بشكل مفاجئ وعرضي، مما أدى الى تسارع معدل ترددات الوحدات التوليدية، وبالتالي انفصالها عن العمل والانطفاء التام للمنظومة. وأكدت الوزارة أنها تعمل على إعادة الوحدات المنفصلة والخطوط الناقلة للعمل تدريجياً خلال الساعات القادمة. ويعتمد العراق بشدة على واردات الغاز الطبيعي من إيران لتوليد الطاقة.


البيان
منذ 13 ساعات
- البيان
انقطاع كامل للكهرباء في محافظات عراقية بسبب خلل فني
قالت مصادر في وزارة الكهرباء العراقية إن البلاد تعرضت لانقطاع التيار الكهربائي في المناطق الوسطى والجنوبية اليوم "الاثنين" بعد توقف محطة لتوليد الكهرباء في محافظة الأنبار، حيث شهدت عدة محافظات انقطاعا تاما للتيار الكهربائي. وأكد المصادر أن السبب يعود إلى خلل في خطوط النقل والأحمال الثقيلة، مما أدى إلى إطفاء كامل للمنظومة الكهربائية. وأشارت المصادر إلى خروج جميع محطات الكهرباء في محافظات البصرة وميسان وواسط وكركوك، إضافة إلى محافظات أخرى، عن العمل. وقالت إن الجهود مستمرة لإعادة تشغيل المحطات تدريجيا واستعادة التيار الكهربائي في المناطق المتضررة. ويأتي انقطاع التيار الكهربائي الواسع في العراق بعد ساعات قليلة من تصريحات لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني أكد فيها مواصلة تطوير إنتاج الكهرباء والمضي في بناء شراكات لتأمين الغاز للمحطات